Skip to main content

Full text of "شعيب حليفي الرحلة في الأدب العربي"

See other formats


الرحلة في الأدب العربي 





التجنس ء آليات الكتابة. خطاب المتخيّل 


4 


الهسيئة السعامة لفصسور النفسافة 
كستابسات نقدية - شهسرية (121) 


أبريل :.-؟ 


التدقيق اللفوى : ممدوح بدران 





رئيس مجلس الإدارة. 
أنس الفقى 
أمين عام النشر 


محمد السيد عيد 


الإشراف العام 
فكرى النقساش 


كلابائ نقدية 
121 
الرحلة فى الأذب العربى 
د. شعيب حليفىٍ 


رئيس التحرير 
د.مجدى توفيق 

مدير التحرير 
رضاالعربى 

سكرتير التحرير 





اللراسسلات : باسم مدير اتتسحرير على 
1ش أمين سامى - القصسر العينى - رقم بريد :1071 





عرفت البشرية الرحلة باعتبارها فعلا إنسانياء في كل 
المراحل » وبأشكال مختلفة» حاملة لتجارب وخبرات اختلط فيها 
اليومي بالمتخيل بتلوينات وإشارات دالة . 

ويمكن اعتبار القرن التاسع الميلادي حسب ماهو متوفر 
الآنبداية التأريخ للرحلات العسربية المكتوبة مع اتساع دائرة 
الا في التصنيف وفي الرسائل المتصلة بالمسالك والممالك 
وغير ذلك فتعددت الكتابات الرحلية في مجالات ارتبطت 
بتخصصات مؤلفيها في التاريخ والجغرافيا والأدب والخدمات 
السفارية وفي فروع أخرى مع أسماء واضحة وأخرى ملتبسة مازال 
الغموض يكتنفها سواء في شخصيتها أو في رحلتها. 

وقد تميزت هذه البداية بكونها مرحلة أولى ستمتد إلى حدود 


5 


القرن الشامن عشر أو قبله بقليل» يما تضمتته من مستويات 
ونصوص متنوعة ذات منحى تأريخي وجغرافي واثنوغرافي» وما 
صاحب ذلك من آثار ذاتية ملفتة للنظر. 

المرحلة الثانية تشكلت في اتصال مع المرحلة السابتة خلال 
القسرنين الأخسيرين» لكن بخصوصيات أخرى» وفي ظروف 
محددة بعلاقة العرب بالآخر غير العربي عبر نصوص رحلية 
سفارية أساسا وأخرى زيارية. 

من تم فإن الرحلة عموما هي من أولى الأشكال التعبيرية التي 
استعملت فيها الكتابة بضمير الأنا دون تحرج ؛ ومن الأشكال التي 
تطرح فيهاء باستمرار» صورة الآخر» مما يستتتج معه أن الرحلات 
العربية قبل القرن الشامن عشر تهتم في العموم. 
الأراضي المقدسة والأماكن الزيارية» فيما باقي 
السغارية أو السياحية التي زارت أراضي غير عربية شكلت صورا 
حاضرة للآخر الأجنبي» ينظر إليها تودوروف في كتابه 'اكتشاف 
أمريكا سؤال الآخر "7 من خلال نصوص أوربية مشترطا أربع 
مسراحل كبسرى في تلاقي الأورييين بساكنة العالم الجديد : 
الاكتشاف. الغزو الحب ثم التواصل؛ أما الآخر في الرحلات 
العربية» فالمراحل متداخلة باستمرار بين الاعتزاز بالذات والحذر 
والنظرة العجائبية. . . وهي مكونات ستتخذ صورا أخرى في 
الرحلات التي سادت خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشرء» 
وفي كل مرحلة يتحكم المرجع الذاتي بكل مستوياته الشقافية 
والدينية والسياسية . 

















ويتضمن هذا المؤلّف : "الرحلة في الأدب العربي" عدة 
مسارات ومنطلقات للبحث والتمحيص ؛ وقد اخترت بعض 





المتشابكة من جهة ؛ وآليات الكتابة فيها بمكوناتها من جهة ثانية + 


ثم خطاب المتخيل وما يحفل به من معطيات أدبية من جهة 
ثالعة. 


كل ذلك جعل الرحلة نصا مفتوحا على كافة الحقول بأشكال 
مكتملة أو جزئية. وخضع لتحويلات متتالية» والرحلة بتعبير 
فلادمير كريزنسكي © هي بطبيعتها متعايشة ومشاركة للتاريخ 
والميتولوجيا والأدب دون الحديث عن الاثنوغرافيا. . . إنها 
إحدى النماذج التيماتيكية والرمزية من الأدب الأكثر إنتاجا . 
.نفس الناقد أنها ثابت تيماتي يمر عبر سلسلة من 
الخطابات المتحولة”3©: لذلك فربطها بالأدب العربي هو ربط 
للضرورةء بحكم أن الأدب العربي الذي هو نسق عام شهد انصهار 
الخطابات الرحلية وهي نص يتتمي للنسق الثقافي بكافة حقوله» 
لكنه رغم امتداداته يظل مشدودا إلى دائرة الأدب لما يحمله من 
خطاب المتخيل والأسئلة المتجددة معه دوما. 

إن الرحلة || في وجودها ونموها عنصراثم شكلا خالصا 
ضمن دائرة منفشحة على أنواع صغرى وكبرى؛ هي بناء يتناسل 
ويتشكل باستمرار» وتكتسب بعض المميزات التي تلتقي مع 
بعض خصوصيات الرحلات الإنسانية» لذلك فإن الرحلة العربية 




















يمكن النظر إليها بما تتوفر عليه من معطيات مكثفة بالمقارنة مع 
باقي الأشكال التعبيرية في التراث السردي العربي : 

التخييل الذاقي حيث استفاد النص الرحلي من أشكال 
أدبية وتاريخية (الرسائل ‏ التراجم ‏ الأخبار. . . ) وطعم هذا بكل 
ما يجعل منه كتابة تتخذ من ضمير المتكلم وسيلة لإبراز الذات 
والهوية مقابل الآخر والغيرية» فضلا عما لمكون السفر والانتقال 
من تولبدات في الرؤية وزرع لعلامات دالة باستمرار. 

التنوع في الأشكال الرحلية وبالتالي في الأسثلة التي 
تجعل منها موجها إدراكيا ومنتجا لخطابات وميتاخطابات كما هي 
منتجة للمعارف. 

- التنوع في الهوية الثقافية والاجتماعية للرحالة 
المؤلف ما بين أديب ومؤرخ وجغرافي ومصنف وسفير» وغيرها 
من الصفات التي تطبع هويته وبالتالي النص الرحلي . 

لذلك فإن تعالققات الذاء بالشكل بالمرجع ثم بالمستوى 
الادراكي في الرحلة تظل حاضرة ومتن 9 
النص باعتباره محكيا وتقريرا عن سفارة تؤسس لفعل الحكاية 
جوار الخطاب» وكذا الحقيقة جوار الكذب المتخيل» حيث كثير 
من النقاد يبحثون في المحكيات الرحلية عن الحقائق لتقيييمها من 
منظور الكذب والصدقء دون احترام للشكل التعبيري خلال 
مروره عبر قنوات ماقبل الرحلة» وما يتضمنه من تخيلات وصور 
وتفييمات؛ ثم الفعل الرحلي الذي يجيء عكس ما تم تصورهء 
وأخيرا الاختمار ثم الكتابة التي تصهر كل المراحل . 











إن أسئلة النص الرحلي حينما يطرحها ناقد أدبي لا يتوخى منها 
التقييمات ومحاكمة النوايا والتخيلات؛ وإنما يندمج في تحليل 
البناءات الخطابية في امتداداتها الأفقية والعمودية: سواء مع 
أسئلة المرحلة الثقافية والسياسية أو الأسئلة الجديدة التي تحتوي 
على نباهة فريدة من مثل أسئلة الغيرية والهوية والمحمولات 
الشقافية والايديولوجية في النص الرحلي» ثم بلاغة الوصفي 
وقدرته على التعجيب والتقييم الضمني والتكييف. 

هذا التتالي من الأسئلة التي يتضمنها النص الرحلي هو دائما 
مفتتح لمقاربات شتى في مستويات الدلالات وجمالية الشكل؛ 
لكون الرحلة تأوي خطابات وطبقات قولية تنجه لأكثر من متلق 
مما يولد هذا الجدل الرمزي الذي يشري التأويل ويجعل منّ 
-خحصوصية الرحلة العربية مشهدا يتتمي إلى النسق الثقافي العربي 
ويختلف في بلاغة الأهداف المتوخاة في بعض المناحي؛ كما 
يحدد كريزنسكي ذلك وهو يدرس الرحلة والرواية ؛ و تودوروف 
في حديثه عن الرحلة الاستكشافية ومسألة الغيرية والمراحل 
الكبرى في تلاقي الأوربيين بساكنة العالم الجديد» كذلك الأمر 
عند ماري لويس برايت في مؤلفها * العيون الامبريالية' وهي 
تقارب نصوصا رحلية استعمارية خلال القرنين الثامن عشر 
والتاسع عشرء إذ خلصت في استتاجاتها أن كتابة الرحلة تنأسس 
على مبادئ جمالية وإيديولوجية» أما المبادئ الكبرى المتحكمة 
في هذا النوع الرحلي فهي جمالية المشهد وكثافة المعنى ثم العلاقة 





متاذية المسيطرة» وهي عناصر ثلاث تعمل كحامل فني جمالي 
للإيديولوجية الفكتورية . 

الاشك أن العين الامبريالية التي طبعت رحلات غربية شتى 
تحولت إلى تقارير ومذكرات ورسائل ستقرينا كنيرا من العين 
المندهشة الموجودة في النص الرحلي العربي . 

إن هذا الانفتاح على النص الرحلي العربي من خلال مقاربة 
النص والخطاب أو مساءلته من منظور الصورلوجيا تحقيقا في 
صور الهوية والغيرية أو من منظور مقارن أو غير ذلك» لايعفي 
النقد الأدبي من مواصلة التنقيب والتفكيك في هذا الجزء من 
التراث السردي العربي» في التجنيس وفي الأشكال وفي الأنواع 
ثم في البعدالفني للمرجع الديني والسياسي والثقافي والجمالي 
كمحدد أساسي في فهم البعد التاريخي للنص الرحلي . 

وقد سعيت في هذا المؤلف إلى مقاربة نصوص ممتدة خلال 
ثمانية قرون (18-10 م) لكل من أبي دلف» ابن فضلان» 
الغرناطي » ابن جبير» ابن بطوطة» ابن الحاج النميري: العبدري» 
ابن الجيعان» ذء أفوقايء ابن أبي محلي والنابلسي 
وغيرها من النصوص التي وردت لتعزيز الاستشهاد؛ وذلك 
بحليل متدرج بين الطرح النظري والتحليل النصي من خلال 
مستويات كبرى هي : تجنس الرحلة» آليات الكتابة ثم خطاب 
المتخيل . 


في مدخل هذا الكتاب إضاءات حول التنوع في نسق الثقافة 














10 


العربية والتحولات التي رافقت سيرورة السرد العربي في مراحله 
الأولى» ثم المراحل المتفرعة وتأطيراتها ومرجعياتها وأيضا 
الأشكال البارزة المهيمنة ومستوياتها الفنية» وصولا إلى الرحلة 
في شكليها الخالصين : العنصر المدعم والحافز على الحكي ثم 
النص الرحلي "الكامل" . 

وفي القسم الأول : "تجنس الرحلة' ناقشت عبر ثلاثة 
فصول مسألة المفهوم والأسس من خلال بسط الإشكالية 
الأجناسية للرحلة في أربع محطات متصلة : هي الانتتساب 
المنفتح والوعي بالرحلة نصا وخطاباثم دائرة اتتخصيب مع 
مجموعة من الأشكال التعبيرية من مختلف الحقولء وأخيرا 
الخلوص إلى تنسيب مقترح يمفهوم الرحلة. 

ويروم الفصل الثاني استكمال البحث في نفس المحور» 
وذلك بمقاربته لثنائية هامة في الشكل (من العنصر إلى البنية) في 
لحظات نمو الرحلة وتطورها من كونها ظاهرة اجتماعية ثم هدفا 
مشتركا إلى مرحلة النضج داخل بنية الإرث الحكائي . 

أما الفصل الثالث الذي هو بحث في أنواع الرحلات في 
الأدب العربي فينظر إلى مسألة التجنيس من زاوية انفتاحه وتعدديته 
ضمن مسار التنوع وفي إطار علاقة النص بالنوع» وذلك بالوقوف 
عند ثلاثة أنواع كبرى : الحجيةالزيارية» رحلات المثاقفة ثم 
الرحلات السفارية» وجميعها تستقطب أنواعا شتى فضلا عن جزء 
يستجلي الرحلة المتخيلة عبر حضورها الأدبي والفني . 





11 


القسم الشاني : "آليات الكتابة في النص الرحلي ' وهو 
واسطة هذا المؤلف ويتضمن خمسة فصول تقارب العتبات في 
جزء أساسي منها : العنوان» المقدمة ثم البداية» باعتبارها 
علامات ومسارات ومشاهد لتفكيك بنية موازية للنص الرحلي 
تشغل فضاءا مرآيا يوجه المتلقي ويقوده إلى خيالات الواقع . 

الفصل الثاني : يهم السرد ويثية الجملة يدرس سردية الرحلة 
عبووا ووصولائم مميزات وأنماط الجملة السزدية من قبيل الخير 
التاريخي والاجتماعي والأدبي والديني» وأيضا السند الحقيقي 
والخيالي» المباشر وغير المباشر ثم أفعال الانطلاق والتجسير 
ثم المرجع الحقيقي والمتخيل وطبيعة الإدراك. 

هذا إضافة إلى البحث في الاسترات ة السردية وفي أنواع 
السرود والعناصر والأسس وهي خمسة : السقرء العبورء 
المعرفة» الدائرة والمتعة. 

الفصل الثالث البناء والخصوصية ويتضمن ثلاثة نقط رئيسية 
حول الصورة» الراوي ثم الآخرء وتعرض لتحول الرحلة وتحول 
قنوات الواقع والذهن إلى لغة تخييلية تستحضر ما ارتبط بالحنين 
صور ينقلها الراوي في ذهنه كما عاشها أو تخيلها 
بين مبدأي الواقعي والمحتمل؛ واستكشافا لخبايا 
اشستغال الصورة داخل البناء الرحلي وكيفية تمثلها للرؤى 
والمسموعات والمتخيلاتء والراوي والآخر الممثل للغيرية 
بأشكالها كما رسمتها أقلام الرحالة العرب. 

ويعالج الفصل الرابع المبدأ الواقعي في الرحلة بالصورة 


12 








النسبية التي تجعله متراوحا بين التقريرية والاحتمالية» حيث 
ينخرط هذا الفصل في مقاربة بنية الفضاء والزمن من داخل كثافة 
واقعية وأيضا آليات تلقي الأخ 

ويأتي الفصل الخامس *شعرية النص الرحلي ' لاختبار 
نموذج تحليلي لرحلة ابن فضلان للاقتراب من المكونات 
المعروضة آنا . 
القسم الغالث حول خطاب المتخيل من خلال تنوع حضور 
تمظهراته خصوصا في مهيمنين أساسيين هما الحلم والعجائبي في 
تكسيرهما لعلاقة الراوي بواقعية الحكي والأحداث» وعمدهما 
إلى تتضيد الحكي وتفاعلاته بتطعيم الواقعي بالمحتمل لاستيلاد 
نص رحلي سردي مفتو. 

ماهي الجوانب التي تلمسها وقاره هذا الكتاب ؟ 











القراءة النص السردي الترائي وخصوصاما 
تحفل به الرحلة العربية التي يتسم كل نص فيها بمخصوصية وعلامة 
مائزة ؛ وكذلك البحث من منظورات فنية في بنيات هذا الخطاب 
بأبعاده الشكلية والدلالية للاقتراب من هوية النص الرحلي ٠‏ 

كما تم إتمام هذه الجوانب بتحليلات فرعية وموازية لنماذج 
رحلية في كل محطة من المحطات؛ إذ مع كل نهاية إفراد 
جزء متمم للتحليل المفصل والاختباري لرحلة معينة فضلا عن 
التحليلات الجزئية. 

من غير شك أن التحليل الذي شمل الأقسام الثلاثة لم يكن 










يسعى إلى إعطاء تقييمات بقدر ما انكب على تنيع الاجابة عن 
أسئلة من قبيل : كيف تتشيد الرحلة باعتبارها كتابة ضمن الأشكال 
الأخرى» وماعمق انتمائها للأدب أو للتاريخ أو للجغرافيا أولعلم 
الاجتماع ؟ ماهي أسس التحويل في عناصرها ومكوناتها ؟ وما 
مدى تفاعلها مع الأشكال الأخرى القريبة ؟ 

أمام كل هذا فإن ما توصلت إليه من نتائج نسبية هو جزء من 
أحلام كثيرة ماتزال تترآى لي في هذا المجال» وهو أيضا خطوة لا 
تخلو من نقص ضروري يدعسوني إلى المزيد من الحرص على 
البحث والتنقيب والتأمل» والتسلح بطموح ورغبة في الفهم 
والتساؤل. 


إحالات 


1 . عماده عل متعمس هأ : عبسو هقاس عل عاشدهوم ها : 1006109 مم12 
:1982 ,لم3 بكقدم 
2 م" ما قا ففالة! عل عدف ك عهدرمب عل وسممماط : للممتدرم! عتم اقعاللا 
عط دل دمصنه ,1 ١4“‏ عهعروب عل #سسعنارا ما : #دضممعنا هد سعومار 
موعن وعموع لاط" ماع متعلم مأتماا عل مجوممع ددم ,ملاظم 
.236 بم ,1997 ملمههوو! بخرظا بمع كسم 

3 معوطا 
4 . -ووسالاعومها قمة يمتائكد اعنهرة بكعرن لمأتموس! ١‏ عدسما ممالا تاداع 
4 مم ,1992 بعوفهلامم؟ بلع ,ممكممط ,ممت 


14 


مدخل عام 





نهضت الثقافة العربية في نسقها المتنوع والمتشكل باستمرار» 








وعلى امتداد كل العصور السابقة» بتحولاتها البارزة والخفية» 
على تشييدات متنوعة رسمت مسارات تجنسية ضمن تراث أدبي 





ثري ظلت عناصره ومفاهيمه تتبلور وتبحث لها عن معنى يرتق كل 
الفراغات أو التمزقات المحتملة وسط مشاهد وتبدلات متنوعة 
ومتشابكة تتطعمء وَسَّمت التفكير والمنهج؛ ودفعت بمفهوم 
الأدب إلا أن لا يستقر داخل معنى واحد أو ايحاء مسطح» وإئما 
نحت نحو مفهوم جليد يتخصب على الدوام بآثار متشبيعة 
باختلافات فلسفية وكلامية أو معرفية أو سياسية... مما أعطى 
للأدب العربي فرصة الانفتاح أكثر على الانواع #غير المقيّدةة» 
وبلورة معان فرعية تشيد لمنظومة من الاشكال التعبيرية الأدبية 


15 


والفنية» بحيث رمزت الكلمة في القرن العاشر الميلادي إلى 
دلالات منهاء مثلا أنها كانت «تطلق على المؤلفات المكتوبة في 
الشكل الخفيف والمستظرف: والمُعَدَة لتربية الأديب المسلم 
المتعلم من شداة الأدب وأهل المعرفة» وتزويده بما يلزمه وفق 
تصور عرب القرون الوسطى من المعارف ذّات الطابع الدنيوي 
وتلقينه محاسن السلوك والحكمة في القول والعمل06©. 

يُشكل السرد العربي صورة جلية لنمو الاشكال الشفوية 
المتحولة إلى نص مكتوب ينوجد في حقول شتى وسط ككتب 
الأدب المتنوعة» ومؤلفات التراجم والسير والطبقات» ونصوص 
المقامات والأخبار» وكل التقييدات المحسوبة على التاريخ 
والجغرافيا الوصفية والرحلات» وأيضا في مؤلفات الفقه وعلم 
الحديث وعلم الكلام. ذلك أن عملية الاثنقال من الشفوي إلى 
المكتوب سجلت بصمات أساسية في رسم تحول استراتيجي 
البناءات مشتتة تحت معطف الشعر الدافئ وأشكال صغرى لتأريخ 
الزمن» وبعض أحدائه ضمن نسق المكتوب ؛ فدراسة تشكل 
الآداب -بتعبير جان بسي ر©- تتتمي إلى التاريخ» وتطرح مسألة 
التتجانس والاستمرارية والطبيعة المشتركة: أي الانتقال من 
الشفوي إلى المكتوب» ومن المقدس إلى الدنيوي» بحيث إن 
السرد العربي» في تشكلاته الطويلة والمعقدة» والطابع المحايث 
لبراغماتية النثر ووظيفته المتنامية» حقق الانتقال التدريجي؛ ومعه 
تحققت مسارات أخرى من التحول في مستويات شتى أبرزها 








16 


تحويل التجربة الذهنية أو المعيشة من أفعال وتخيلات إلى لغة 
شغوية ومكتدوبة ضسمن نسق تجنسي معين. فالكتابة» مثل 
«التفكير ليست أنعكاسا بسيطا للعالم7!6 وإنمساهي نسق من 
الرموز والعلامات لعناصر واقعية» أو عناصر من التجربة بنوعيهاء 
ومكونات أخرى لا محدودة» متداخلة» تتشكل باعتبارها بنيات أو 
عناصر مفردة» وذلك في إطار متخيل عام» حيث استطاعت 
«المخيلة الصاهرة؛ لكل العناصر « » أن #تكتنز الماضي 
الطويل؛ وأن تُبقي على الرغم من إحداثات الزمن الظرفية على 
الأسس المثبتة لاستمرارية (الأمة) الناقلة لتراثهاة». 

وفي سياق التحولات التي قادت السرد العربي للانتقال من 
الشفاهية إلى المكتوب» كانت هناك عوامل محددة ساهمت في" 
بناء نسق ثقافي مؤطر دينيا بظهور القرآن والإعجاز البلاغي» 
والقصص القرآني؛ وما أفرزته المرحلة؛ في ارتباطها بأيام العرب 
الجاهلية » من انفتاح مجموعة من الرواة والمفسرين على سرد ما 
جاء في القرآن وذكر المغازي؛ وسيرة الرسول يك وسير الانبياء 
والأولين» بالإضافة إلى كتب شروح الشعر المختلفة والامشال 
والتراجم والطبقات» والتاريخ والبلدان» ومهام الرواة في استعادة 
حكي الاياء!© . 

هذه البنية الدينية المؤطرة بأهداف مرسومة ستعرف اتساعا 
ببروز أثشكال محايثة تضفي التنوع على هذا النسق الشقافي الذي 
يحضر فيه السرد جلياء بحيث اتسعت الدائرة لتشمل سير الملوك 











17 
م1- الرحلة فى الأدب العرين 


الأوائل والحروب» وأيضا أدب المسامرات» والعودة إلى تقييد 
تواريخ ماضية حول بدء الخلق والخليقة» ونشوء الإنسان وسط 
صراعه الذي لاينتهي . 

إن السرد الحكائي المدثر بأهداف دينية يتغبى الوعظ والتثبيت 
مُتخذا متعة الحكي سبيلا خرج من معطف الشفويء وأيضا 
التناقل الذي كان «عملية دينامية تؤدي إلى آثار يالغة الأهمية في 
تكوين النص الشعبي شكلا ومضمونا ؛ ذلك أن 
يُحرّر النص الشعبي من الأطر التابثة والمنتهى منها نتيجة التقي 
بالكتابة؛©» ؛ فَجُلَ التدوينات الأدبية في مختاف الانواع 
المسبوقة بالشفوي وآثاره» والحضور القوئ للمتلقي المتشبع 
بالحس الحكائي لن تسلم من تقس الحكي والإخبار عبر التقاط 
اللحظات الماضية في مستويات مختلفة متقاطعة ومرفودة بتأطير 
الحش البطولي» ووسط ملتقى حافل بتقاطعات حيوية؛ فيها 
الثقافي والديني والتاريخي والجغرافي والسياسي . 

ويشوقف بناء هذه النصوص على عمق التحويل والتفاعل 
والشخصيب والتكيّف والحيوية» فالتداخل بين ماهو أدبي 
وتاريخي أتاح للسرد أن ينمو ويتتظم داخل نسق مأهول بتفاعلات 
وبآثا شتى . ويمكن ملاحظة هذه المسألة بجلاء في شكلين 
بارزين هيمنا طويلا وهما : المؤلفات التاريخية» والمؤلفات ذات 
المادة الأدبية المتنوعة» من أجل فهم عملية تفاعل البناءات داخل 
النص : 











1- المؤلفات التاريخية : ارتبط فيها التأريخ العربي 
بنوعين من الوقائع : 

- وقائع التاريخ القريب» وهي عبارة عن سرد بخلفيات 
دينية »سعت إلى تأكيد ما جاء به الإسلام» أو تقييد أخبار الحاكمين 
والاحداث. 

- وقائع التاريخ البعيد المخلوط بالخرافات والأساطير 
الأولى بما فيها الحروب وأخبار الأولين من شعراء وملوك وغيرها 
وذلك بالإعتماد على مصادر شفوية» أو تقييدات مختصرة 

إن فهم التاريخ في هذه المرحلة الأولى لم يكن يستند على 
قواعد علمية» وإنما على جمع المعلومات والأخبار 
حول أحَّداث أو أفراد أو أماكن؛ ويمكن تفسير المضامين في هذه 
المؤلفات؛ باعستبارها نوعبا من الإدراك للواقع » ومحاولة لبناء 
تصور منسجم ‏ حول العالم» وتفسيرا للظواهر الطبيعية وفوق 
الطبيعية, وقد تضمنت هذه المؤلفات أنوامًا سردية من بينها:. 

حكي حول الأشخاص : وفبه يتم تبثير شُخوص واقعية في 
الوجودء حققت أثرا فعليا أو روحيا يعك ساعتبارا معينا. وعبر 
مراحل الحكي الشفوي والمكتوب يتم إلبامن هذه الشسخوص 
أفعالا أخرى. ويختلف الحكي حول هذه النقطة برواة يعمدون 
إلى التركيز على الجانب العلمي أو الإنساني أو الفعل الغريب... 
وهو تنويع ساهم في تناسل الحكي» وإبراز الذات الفردية من 
حيث عصاميتها وقدرتها على اختراق المألوف . 








19 


كما اشتهرت -ضمن كتب التاريخ- مؤلفات وفيات الأعيان 
والطبقات والانساب والتراجم والوقائع ؛ يقول ابن حجر 
العسقلاني (ق 15م) في تقديمه : هذا تعليق جمعت فيه حوادث 
الزمان الذي أدركته منذ مولدي سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة وهلم 
جراء مصلا في كل سنة [أحوال الدول] عن وفيات الاعيان 
مستوعبا لرواة الحديث نصوص من لقيّته أو أجازلي؛ وغالب ما 
آورذ فيه من شاهدته أو تلقفته ممن أرجع إليه أو وجدته بخط من 
أثق به من مشايخي ورفقتي كالتاريخ الكبير»©. 
هناك أيضا حكي يلتقط بعض الظواهر التاريخية 
والطبيعية سواء المفسرة أو غير المفسرة. يروي العسقلاني أنه 
«في سلخ جمادى الآخرة كسرت جرار الخمر بالرميلة» حملت 
من بيوت أسارى الأرمن التي بالكوم قرب الجامع الطولوني . 
وفي رجب جردث العساكر لردع عرب الشرقية الزهيرية 
[لكشرة] فسادهم. وفي أول يوم منه ادعى علي ابن سبع شيخ 
بأشياء تنافي الريعة وشهدت عليه جماعة عند 
ابن خير المالكي» فسعى جماعة إلى أن خلص وثُقل 
ية فحكم بحقن دمه]!9©. 
وقد تشكلت هذه الحكايات حول الظواهر بصياغات متعددة» 
مما أكسبها مسار حكائيا- تأريخيا بشكل أكبر من الحكي الذي 
جاء حول الفضاءات؛ منظورا إليها تاريخيا ورمزيا وأسطوريا أيضا. 
ويروي المسغودي في هذا السياق» عن فضاء الأسكندرية قائلا: 










20 


«ذكر جماعة من أهل العلم أن الأسكندر المقدوني لما استقام 
مُلكه في بلاده سار يختار أرضا صحيحة الهواء والتربة والماء حتى 
انتتهى إلى موضع الاسكندرية فأصاب في موضعها آثار بنيان عظيم 
وعّمدًا كثيرة من الرخام» وفي وسطها عمود عظيم؛ عليه مكتوب 
بالقلم المسند -وهو القلم الأول من أقلام حمير وملوك عاد- «أنا 
شداد بن عاد بن شداد بن عاد شديدت بساعدي البلاد وقطعت 
عظيم العمادء من الجبال والاوطاد. أنا بنيت إرم ذات العماد التي 
لم يخلق مثلها في البلاد» [. . .] ونزل الإسكندر متفكرا يتدبر 
هذا الكلام ويعتبره ثم بعث فحشر الضياع وحط الأساس وجعل 
طولها وعرضها أميّالا”. 

هذه الانواع الشلاثة من السرود في المؤلفات التاريخية 
والاشكال المتفرعة عنهاء تفرز الحدث - الحكاية؛ والتي عادة ما 
تكون قصيرة ومحدودة؛ ولكنها تنسج؛ في مجموعهاء بناء 
تأريخيا حول فترة زمنية أو فضاء (فضاءات) أو ظواهر ووقائع 
مرتبطة فيما بينها . 

وتمرسم طبيعة هذا البناء السردي باعتمادها بنية الخبرء 
وصياغات تقديمية لإدراك صادق عن طريق المشاهدة أو السماع أو 
مطالعة المؤلفات الكبرى في التاريخ. ولأن التاريخ يحفر في 
الماضي أو يؤسس له فهو يقف بالأساس على السند سواء المتعين 
المشهورء أو المجهولء أو بدون سند. وهي المرجعيات التي 
تؤطر الخبر في المؤلفات التاريخية ؛ ذلك أن ارتباط الحكي بالمرجع 


21 


هو دعامة استراتيجية في تشكيل خخبر مسنود يمكنه أن يتحول إلى 
مرجع يسئد خبراً آخر . 

فضلا عن هذاء فالنصوص إلتاريخية وغيرهاء وهي تعيد بناء 
«أبطال» كانوا في «الواقع» المادي ثم الذهني مقابل نصوص 
حكائية» ترسم أبطالا في المتخيل الشعبي ووقائع تصاغ في 
سياقات جديدة تثبترك في سمات تتكرر بنسب متواترة ذات حضور 


- التشويق في الحكيء من حيث تبثير الشيء المراد 
إبرازه» وجعل كل أوعية السرد والخبر تصب فيه مع اتباع خطية 
مقصودة. 

قال الطبّري : «قال : وكانت امرأة شعراء الساقين» فقالت 
الشياطين : ابنوا له بنيانا ليرى ذلك منها فلا يتزوجهاء فتبنوا له 
صرحًّامن قوارير أخضرء وجعلوا له طوابيق من قوارير كأنه الماء 
وجعلوا في باطن الطوابيق كل شيء مكون من الدواب في البحر 
من السمك وغيره ثم أطبقوه. ثم قالو!لسليمان : ادخل 
الصرح: 209 

ب - الجنوح إلى الغرابة» وهي سمة مرتبطة بالأولى» لأن 
يق ينتج إما بتأجيل الإخبار عن مسبب طبيعي أو غير.طبيعي » 
وسط عالم مألوف» وهي خاصية ضرورية في 
المؤلفات التاريخية الأولى» والخي كانت تجمع أخبارا مختلطة 
بالخرافات وبالغيبيات”!'» على أساس أنها حقائق تبت بعض 








22 


المعطيات حول المحكي عنهم لدى القسارئ» ووسيلة لإثارة 
انتباهه . 

ج - عنصر الإرتحال والانتقال : ويدمظهر في الإطار 
العام لهذه النصوص دون أن يشكل تيمة رئيسية. ووجود هذا 
العنصر يضمن التنويع والربط بين التشويق والغرابة» لأن الإنتقال 
من مكان إلى آخر هو تحول من المعلوم إلى المجهول . 

وقد تجذر عنصر الإرتحال في المؤلفات التاريخية عبر 
مستويين رئيسيين : 

: ارتحال ذفني للمؤلف نحو أحداث ماضية يتم استقاؤها 
من الأسفار والتقييدات؛ أو مماهو شفويء ويتجلى في استعادة 
سرد بداية الخلق» وأخسبار الأولين وحرويهم ورحلاتهم ' 
المتنوعة. ” 

- ارتحال فعلي للمؤلف نحو فضاءات متعددة ومتنوعة 
بحشا عن الأحداث من أفواه الرواة» أو عن أماكن بها آثار شاهدة» 
بقصد توثيق الأخبار وتقبيد المشاهدات . 

د - هذه السمات الثلاث وغيرهاء والتي رافقت البناء 
النصي لمؤلفات التاريخ شكلت استراتيجية في كتابة التاريخ داخل 
8 عامة فشدودة إلى عوامل دينية وفكرية وعصبية» بخلفية 
مرازية: تأكدت في البحث عن التطابق والحقيقة أو بنائهماء 
وتشكيل لغتهما السابقة والراهنة من خلال ملء الثقوب الفارغة 
وتأكيد الاحتمالات المنسجمة ... 








23 


2- المؤلفات ذات المادة المتتوعة ؛ وهو النوع الذي 
ساد فترة طويلة مخلفا مؤلفات تُعنى بالحديث في أبواب شتى » 
تفصيلا أو استطرادا كاللغة» وأخبار الشعراء والمجالس الأدبية 
والتراجم؛ وأيضا وقائع حول الملوك والفرسان؛ أو بعض 
الغرائب والطرائف والمسامرات والشروح ؟ إنها نوع من الكتابة 
المتنوعة التي تبرز تعد اهتمامات المؤلف والرغبة في التأريخ 
اللشتات السردي الباحث عن أفق أجناسي يترسسم عبره وينمو. 

ففي مؤلفات أدب الكاتب لابن قتيبة والكامل للمبرد والبيان 

ذ| النوادر لأبي علي الققالي 12" ونشوار 
أخبار المذاكرة للقاضي التنوخي, نقط التقاء حول, 
ات تتمحور حول الأدب» 
وتتضمن الرغبة في الحكي المؤتث بالإنفثاح على استطرادات في 
أنواع أخرى. 1 1 ١‏ 
وإذا كانت مؤلفاتٍ التاريخ والنصوص ذات البناءات المتنوعة 
قد تشربت. بطريقة أو بأخسرى النصوص الدينية ذات الإعجاز 
البلاغي وعلوم الفقه والتفسير ومحكيات المغازي وماتشعّب عن 
كل هذا فإنها جمعت شتانًا حكائيا ثريا يتأرجح بين تأريخ الوقائع 
والأخبار من جهة؛ والتخيّلات الناعمة والقاسية من جهة ثانية . 
محكيان يتتسبان إلى دائرة واحدة تشتخصب وتتوالد في أشكال 
أخرى وبتلاوين مختلفة أن مؤلفات التراجم والسير وغيرهما 
ومع نضج الوعي بالسرد باعتياره كتتابة وسط تشكل الدولة؛ وفي 
















24 


إطار المشاقفة؛ أصبحت الحاجة ضرورية إلى توسيع إضافي في 
دائرة السرد حتى يساير التحولات: ويلتقط الطارئ؛ بحشاعن 
تفسيرات له وأيضا تدوين مالم يكتبه الكلام الموزون المقفى» 
اي يريط الزاتي ينرق الطبيس اللاعن ذي 





وتدقيقاء فابتداءمن القرن الرابع المجري ظههرت أشكال 
الشتات وشذر التحول من القبيلة -بعصبيتها- إلى 
الدولة في شكلها المستعار حيناء والناقص حينا آخر بحثا عن كمال 
مزعوم يضاهي الروم حضارة؛ والاغ والعهد الراشدي 
إنه شكل زمن آخر يحمل تمزقاته المتّخْفّية وسط لجّات 











وقد جاءت الأشكال السردية جسورا لتتواصل فيما بينها رغم 
اخنتلافها من حيث البناء والتيمات في قطبين كبيرين كان لهما 
حضور متبادل ومتواترء هما الشكل الخالص والهجين ٠.‏ 

- تضمنت الأشكال الخالصة : المقامة والسيرة والحكاية 

الشعبية؛ والرحلات .. 

-أمسا الأشكال الهسجينة: دعصي فدثر 
والمحكيات الصغرى المتفرقة: ثم أدب القيّامة والتراجم 
والطبقات وأخبار الشعراء. ولا تنفصل هذه الأشكال الخالصة عن 
الهجيئة إِذهما مما نسبيان يتفاعلان باستمرار مع || : 
المدرجة ضمن ما أخضعه الفكر العربي للتصنيف» فصقت 





25 


«أنماط الناس وكتب عن كل صتف فظهرت كتب في أخبار الظرقاء 
والأذكياء» وفي أخبار الماجنين والمغفّلين والحمقى والطفيليين» 
وعلى هذا النمط ظهرت الكتب في الحيوانات وعجائب 
المخلوقات وكتب في خصائص البلدان» إلى غير ذلك من الكتب 
التي تختص بظواهر الحياة كافة»*3!؛ بحيث تطورت وارتبطت 
بتقاليد المجتمع وعاداته وذاكرته ؛ فالتقطت المقامة مادتها الخام 
من أخبار الشطار والمكدين في علاقتهم بذواتهم وبالمجتمع 
وبالآخرين. كما سعت السير والحكايات الشعبية والرحلات إلى 
رصد تفاصيل حيرات متخيّل متحرك أفقيا وعموديا. 

إن الاشكال الخالصة قائمة بذاتهاء تمكنت من خلال 
النصوص المتوفرة ذات النضج الفني من التعبير عن مرحلتهاء ٠‏ 
وإفراز مجموعة من الخواص المشتركة بيُنهاء فضلاعن 
خخصائصها النوعية المميزة لها ولسماتهاء وحتى بعض أهدافها. 
هذه الخواص يمكن اختزالها في ثلاثة مستويات: 

أ - اللغة والأسلوب : يحفل سرد الحكايات باللغة عبر 
الإتكاء على تخليلات من الشعر والأمثال والآيات القنرآنية» 
وبعض الاستشهادات المتنوعة» ثم أسلوب التشويق والتسلسل 
الخطي المدعوم بالاسترجاعات والاستطرادات» لكن طريقة بناء 
الجملة وتقديمها يبقى في المقامة غيره في السيرة أو الرحلة أو 
المغازي أو التراجم . 

ب - هيمنة الفرد البطل : وذلك من خلال حضور قوي 











26 


العنصر الفرد المهيمن في المقامة باعتباره المحور الذي تتتسج 
حوله الأحداث» وأيضا السير الشعبية التي تُؤسطر الفردء وتجعل 
من رمز وصورة قوق طبيعية» للمرذج المطلوب . أما الحكاية 
الشعبية فهي لا تستقيم إلا عبر تبثير المفرد المتعدد. 

وفي كل الحالات يمكن الحديث عن خلفية هذه الإضاءة 
الموجهة نحو الفرد وذلك بذاتية الكتابة عند جميع الشعوب وفي 
كل المراحل» والرغبة الدفينة للإنسان العربي في التماهي مع 
أحلامه تجاوز لعجزه وتحقيقًا لكماله المفقود. 

إن التتفسيرات تتعدد في تآويل تشبع الحكاية العربية 
يهال الثرة؛ ولكتها تفن خخاضضية سامت قي بنذ الضرص 
السردية. 

ج - المتخيل : وهو خطاب يجد لنفسهٍ قطبا واسعا تتفاعل 
فيه العديد من المتغايرات» ولكنه» في العام يتشكل داخل قطب 
المواجهة والتصادم بيّن وعيين وإرادتين : 

- وعي الساذج # وعي الشاطر : (المقامات) . 

- وعي الكافر *# وعي المؤمن : (السير || 

- وعي الشر #وعي الخير : (الحكايات 

كما يتوزع المتخيل بخطابه في هذه الأشكال وغيرهاء انطلاقا 
من بناء الحكاية على دعامات عجائبية وغرائبية» تخلق لدى 
المتلقي نوعًا من الحيرة والتردد . 

ورغم كل الخواص المشتركة» فقد نما السرد العزبي مومسم 
















27 


الاخمتلافه في البناء وطريقة عرض الاحداث؛ سواء بالنسبة 
للاشكال الكبرى أو الصغرىء الخالصة أو الهجينة؛ كما ترعرع 
ضمن محددات دينية وثقافية مؤطرة متنوعا يتلاقح ويتخصب 
بعناصره المتحركة» فضلا عن كون السرود القديفة الت صيغت 
في أشكال تخيّلية مختلفة» «تفسسر رؤية أو تدعم شعيرة 
دينية»2159: الأمر الذي يقود إلى التقاط خلاصات أولية بالنسبة 
اللسرد العربي في جانبه الحكائي : 
- ترعرع السرد الحكائي العربي في بيئة ثقافية انفتحت على 
أشكال متنوعة تنفصح عن تجذّر الحكي والخبر في الأدب 
العربي19"» ابتسدأت بالمغازي التي تمثل أولى أشكال الإبداع 
الشعبي» منذ بداية عهد الثقافة الإسلامية على أيدي ابن اسحق 
والواقدي وغيرهما(17»: وقصص الأنبياء وأخبار الأولين والسير. 
ثم تَطورت مع الحكايات والمقامات والرحلات ... وهي نصوص 
يتقاطع فيها المرئي المُشاهد بالمسموع والمختّلق والخيالي . وكل 
هذا ينصهر ضمن موروث ثقافي وديني وحضاري عام . 
- حضور السمات التتحويلية في بناء الخبر المرتوي بآثار 
الشفوي. لكن سلطة التحويل تضع التجربة في مسارنسقي 
يُصهرها ويعيد إدراكها ذهنيا مرة أخرى» تهريثا لتدوينها. 
- تموقع السرد بين التاريخ والتقييد» بين التجربة الفعلية 
والروحية» مما مهّد لنرع من الإدراك الخاص للواقع (الماضي 
والحاضر والمستقبل من جهة؛ والدنيا والآخرة من جهة ثانية)» 








28 


ساهم في آلية كتابية تسعى إلى تخييل الحقائق وتحقيق 
الخيالات . 

- تجار خاصية التوالد بشكل كبير في السرد العربي 
باعتبارها النَقّس الذي سيرسم للحكاية رحمها العامر بالتشويق 
والغرابة. 

- مهيمنات كثيرة شكلت خواصا متواترة في النصوص 
السردية المجموعة في مؤلف واحد كالسير والليالي والمقامات» 
أو النصوص الصغيرة الممثلة لحكاية واحدة حول موضوع واجد. 
ومن ضمن هذه المهسيمنات التي تتكرر وتشكل جزءا من البنية 
العامة في الحكاية : «مهيمن الرحلة» سواء أكان رحلة 
المؤلف الباحث عن الحكاية أم شخصيات المحكي» لارتباط هذا 
المهيمن دائما بالمفاجآت والجديد دلاليا. أما شكليًا فمن أجل 
توسيع دائرة الحكي ‏ وخلق نوافذ تنفيسية داخل عنصر آخر هو 
«مهيمن السيرة» الذي تشكل ضمن آداب التراجم والمغازي 
والأخصبار» وهو مادعم #مهيمن الرحلة» ومذه بالقوة باعتبار 
«الإرتحال سمة عربية قديمة»!1» وإنسانية أيضا. 

ويرد مهيمن الرحلة في شكلين خالصين : 

- عنصر مدعما للحكي » وحافرً له» رغم أنه يجيئ رابطا 
في لحظة معينة من السرد للإنتقال» ورفع حرارة التُشويق وإنقاذ 
الحكاية من الإختناق . 

- شكلا خالصاء وهو نص الرحلة بعناصره؛ وتنوعه في 














29 


أشكال متعددة تُبرز خخصوية الرخلة في الإنفتاح والتفاعل؛ وفي 
تراوحها بين كونها عنصرا تّحفيزيا وسطٍ عناصر أخرىء أو «شكلا 
كاملا». فهي «فن من فنون القول العربيء يصف مجالات الحياة 
عند الرحالة الذي سجل رحلته؛ أو حكاها لغيره ثم سجلها»!219. 

وقد تّمتعت الرحلة بحيوات متعددة داخل الأشكال الأخرى» 
وهي تخوض مغامرتهاء فتتوسع إلى أنواع اتسمت «بعدد من 
السمات المشتركة؛ مثل الشمول والتنوع؛0©00 والأسغلة التي 
يكن أن يفرزها نص ذاتي وصهفي» كونه بنية تتضمن تُصيصات 
معاي تلتقط عناصر وأشكال أخرى في بنائها العام .كما 
تخلقت ثقاء: موازية لهاء فوجدت مؤلفات تَهِتَم بمدلول السّفر 
وفوائده ومتعلقاته وأخباره ونوادره!1©. 

ويشههد تاريخ الرحلة في الأدب العربي على مراحل محددة 
من نشوء ونمو وتطور هذه النصوص التي جاءت في ملتقى حقول 
معرفية تبدأ بالتاريخ ولا تتعهي عند الإثنولؤجياء فنص الرحلة 
ومحكيها -بتعبير تودوروف- وجد قبل الرحلات22 ؛ بمعنى أن 
المتخيل الذي شكل النصص الرحلي «عنصرا» أو «نصا»» كان هو 
المادة التي انفتحت على المعطيات الواقعية والإحتمالية . 

ورغم ذلك» يسعى المؤرخون إلى الإشازة إلى الرحلات 
التي قام بها قدماء المصريين عام 1493 قبل الميلاد لغرض التجارة 
والاوصاف. ثم الرحلات الجاهلية في الجزيرة العربية» وبعدها 
المرحلة الأولى والأهم المدونة والممهدة لتجتّس الرحلة والبادئة 

















30 


مذ عصر ما بعد الفتوحات الإسلامية» وأيضا الرغبة في المعرفة» 
وربط العلاقات والحج والسياحة؛ في العالم الاسلامي سانا 
وقد امتدت هذه الفترة لأزيد من سبعة قرون : مابين القرنين الثالث 
والعاشر الهجريين (169م): حيث تداخلت العديد من الرحلات 
ضمن تآليف كتب التاريخ والجغرافياء إضافة إلى وجود نصوص 
أخرى في المرحلة اللاحقة والتي كانت تصب في الرحلات 
السفارية والحجية تَعَرُو الباحثة رن قبّاني ذلك إلى أن «العالم 
0 السابع والرابع عشرء والذي كان يتألف 
متد سلطانها من إسبانيا حتى الصين» 
أرسل الرحالة مبعوثين ومستكشفين ليأنوه بالمعرفة ويثروا مستودع 
المعلومات السياسية لديه» وبازدياد قوة العرب ازدادت كتب 
الرحلات في آدابهم223!6. أما المرحلة الثانية فانطلقت مع بداية 
ملامح النهوض العربي في القرن التاسع عشر حين استمرت بعض 
الكتابات الرحلية الحخية بأساليب ف اقدة لبريق الإبداع . ثم 
نوغ آخر مهيمن» وهو الرحلة المتجهة نحو الآخر «الأجنبي» 
المغاير بحثا عن تفكيك مأزق الذات» ورؤية هذا الآخبرفي 
لحظات فوته وتطلعاته» فتشكلت هذه النصوصء المشاهدات» 
باعتبارها رؤية للفهم خلال تلك المرحلة . ومع بداية القرن» وقبل 
أن يأخصد الشكل الروائي العربي مكانته؛ كان البحث عن شكل 
سردي أكثر رحابة يصهر السجارب الشخبصية في سير ذاتية ' 
تستوعب الرحلة ضمن متخيل أكثر قدرة على الإبداع وتكسير 
التفريرية التي كانت تفرضها المشاهذات والأوصاف المتلاحقة. 











531 


إحالات 





1- فلشتنسكي : نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة للتنوخي» 
نموذج للحكاية العربية في القرون الوسطى (ق 10م) ص 49. [ضمنٌ 
بحوث سوقيتية في الأدب العربي: مجموعة مقالات» الاتحاد 
السوثياتي» دار رادوغاء 1986» ترجمة محمد الطيار. 

2- جان بسيير : تكون الآداب. ص29 [ضمن كتاب جماعي مترجم: 
الآداب والأنواع الأدبية» دار طلاس؛ سورياء ط1ء 1985» ترجمة 
طاهر حجار]. ١‏ 

3- وع«لفمعاالا وسمععلط ك عمطاعع؟ ': مسمطكمالة بشحموا؟ رط - 

,228 ,1989 بكامدظ ,امقطتمهمماي! بلك (متعملم4 ممصم عا عرد مسق 


4 عبند الرحمن أيوب : استمرارية الآداب الشعبية ومواكبتها 






العربي : تعبيره عن الوحدة والتنوع» مركز دراسات الوحدة العربية» 
جامعة الأمم المتحدة» بيروت» ط1ء مارس 1987. 

5- انظر : أبوعبيدة معمر بن مثنى (209 ه) : كتاب أيام العرب قبل 
الإسلام [جمع وتحقيق ودراسة : عادل البي اتي]ء عالم الكتب» 
كتة النهضة للعربيةه 1987-1 وعضوضا صافحات التقديمٍ 21- 

6- عبد الحميد حواس : الأدب الشعبي وقضية الإزاحة والإحلال في 
الثقافة الشعبية. ص 2408 [غسمن مؤلف جماعي : الأدب العربي . 
تعبئره عن الو- والترع» 1987؛ مرجع سايق . 

7- إبن حجر العسقلاني: إنياء الغمر أنباء العمر في التاريخ» , 
دار الكتب العلمية. بيزوت» ط2: 1986: ص2 [تحت مراقبة محمد 
.عبد المفيد خان] . 

احول إحدى الشخصيات: «أحمد بن علي عبد الرحمن 

العسقلاني الأصل» المصري الشهير بالبلييسي الملقب ب: «سمكة». 














32 


كان عارفا بالفقه والعربيه والقراءات» وكان الأسنوي يعظمه وهو من 
أكابر من أ وبرع واحد من علماء عصره؛ وسمع من 
الميدومي وغ :اراق شب خا لعراني في سما الحديت وف 
بالروايات وكان خيرا متواضعا 0 جَ ص 244 

- انظر أيضا : ابن خلكان : وفيات الأعيان وإ: الزمان» تحقيق 
إحسان عباس . 

- ابن منصور السمعاني (ق6ه) : الأنساب. (5 أجزاء)؛ بيروت» دار 
الخبان» ط1ء 1988 [تقديم وتعليق عبد الله عمر البارودي] . 

- الذهبي : تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام (4 

' أجزاء)» بيروت» مؤسسة الرسالة: ط1: 1988» [حققه وضبط 
نصه : بشار عواد معروف - الشيخ شعيب الأرناؤوط؛ صالح مهدي 
عياس]. 

8- - ابن حجر العسقلاني» مرجع سابق؛ ص 329 (ج ج2). 

9-المسعودي : مروج الذهب ومعادن الجوهر. دار تلب 
بيسروت (أربعة أجزاء) ط6: 1984» صص411-410: [تحقيق 
يوسف أسعد داغر] . 

الخطيب البغدادي (483ه) : تاريخ بغداد (14ج). 

المديئة المنورة» المكتبة السلفية 
- البلاذري : فتنوح البلدان. . بيسروت» دار الكتب العلمية 1978 
[راجعه رضوان محمد رضوان] . 
- المقريزي (845ه) : كتاب المواعظ والإعتبار بذكر الخطط 
والآثار (الخطط المتريزية)» القاهرة» مكب بق (دء ت6. 

0- ابو جعفر الطبري (310-224ه) : تاريخ الطبري (تاريخ 
الرسل والملوك) القاهرة» دار المعمارف» ط4؛ (د .2 
(1 اج)؛ سلسلة (ذخائر العرب 30) [تحقيق محمد أبو الفضل 
ابرايم) ص 493 (ج01 

1- انظر : المسعودي» مروج الذهب» ج2: صص 160-139 . 

2- ابن خلدون : المقدمة» بيروت» دار البيان» (د.ت) ص ص ٠‏ 553 
و 554. ذكر هذه المؤلفات باعتبارها أصول فن الأدب. 




























33 


م؟ -الرحلة فى الأدب العريبى .. 





نبيلة ابراجيم : الوعي العربي وتموذج البطل» ص340 [ضمن 

مؤلف جماعي الأدب العربي تعبيره عن الوحدة والتنوع . 

14- يمكن أن توجد هذه المتغايرات كلها وغيرها في شكل واحد. 

5- أحمد كمال زكي . الأساطير : دراسة حضارية مقارئة» دار 
العودة» بيروت» ط2» 1979» ص26. 

16- انظر : وهب بن منبه : كتاب التيجان (سلسلة اللّخائر 10) أكتوبر 
1996 الهيئة العامة لقصور الثقافة: ط3» (صص 321-9) ويتضمن 
فيما تبقى من صفحات (501-323) اخبار عبيد بن شرية الجرهمي في 
أخبار اليمن» والكتاب» عموماء هو من أقدم النصوص المكتوبة بين 
أساطير الخلق والأحلام والسير. 

7]- محمد حافظ دياب : نشوء الآداب الشعبية العربية» ص 307 
اضمن كتاب جماعي : الأدب العربي ت عن الوحدة والتنوع . 
مرجع سابق) َّقَلَ عن : يوسف هورو: المغازي الأوا 
ومؤلفوهاء ترجمة حسين نصارء القاهرة» مكتبة مصطفى الحلبى» 
19 صص10-3. 

18- أسماء أبوبكر محمد : ابن بطوطة؛ الرجل والرحلة» بيروت 
دار الكتب العلمية» ط1ء 1992: ص9. 

19- أسماء أبو بكر محمدء (مرجع سابق) ص 11. 

:رح 














20- سيد حامد النساج التراث العربي [الجزء الخامس : 
مشوار كتب الرحلة» صص : 310-203] مصرء دار المعارف. ط4» 
0 ص206. 0 * 


21- انظر : بدر الدين الزركشي : الغرر السوافر عما يحتاج إليه 
المسافر, بيسروت؛ نشر المكتب الإسلامي؛ دارعمارء الأردث» 
طلء 1989. 


كعلوههاا خما : 6509له]7 


سورياء دار طلاس طا1ء 
1988 صصص 14-13 [ترجمة صباح قباني]. 





34 


القسم الأول 
تجنس الرحلة 


الفصل الأول 
الرحلة : المفهوم والأسس 





١‏ - الانتساب المنضتح ٠‏ تتشيد أشكال التعبير السردية 
العربية الكلاسيكية من حيث بناءاثّها والتيمات التي تُقاريها على 
عناصر لاحمة لبعضها البعض» تنراوح بين المهيمن المحرك 
لعناصر أخرى» والثانوي الذي لابد منه في تفعيل وريط وظائف 
النص » ؤتحقيق وحدة حلقة 

يستطيع كل عنصر الإنتظام داخل بنية لغوية تتتسب إلى مياق 
أفق انتظار الكاتب والقارئ» حتى تسمح بخلق تراكم متجنس . 
هكذا يمكن الحديث عن شكل تعبيري - سردي من رؤية أنه جنس 
يحقق وحادته الداخلية الخاضعة للتنويع والانفتاح» كما يحقق 
نسقًا تشعرك بداخله مسجموعة نصوص تعمل على إبراز نفس 
العناصر بدرجات محكومة ب «التنويع والانفتاح؛ و #المهيمن 





37 


والشانوي»» والتي ترسم إطارها ونسيجها الداخلي. وقد نمت 
الأشكال التعبيرية الكلاسيكية وسط أجواء تتصادى فيها 
الاجتماعي بالديني وبالثقافي . فتَحَتَم أنْ تكتب النصوض السردية 
تلك؛ وهي مشدودة إلى مرجعية وخطاب مبيساهمان في تأظير 
التجنيس» بحيث سعت الرحلة إلى تحصين كل ماراكمته منذ 
القرن الرابع للهجرة تدويئّاء فقطع إشكال تجنيسها شوطا أوليا عن 
طريق تأطيرها ضمن تصنيف عام سيعرف ب «الرحلة' . 

وقد تراوحت نعوت التسمية وتعددت» فتحدث البعض عن . 
«أدب الرحلة»؛ وهو قنصد واضح بانتسابها إلى حقل السردء 
باعتبارها كتابة أدبية تتوفر على مكونات سردية وآليات كتابية د 
للتصنيف أن يأخذ مشروعيته في خحانة الأدبي» فيما هناك نعت آخر ”' 
بالحديث عن هذا الشكل باسم «الرحلة» فقطء بهدف فتح 
إضافية أخرى على التاريخ » واعتبار الرحلة مصدر) غميسّاء 
وسجلا إثنوغرافيا يعبر الرجوع إليه أساسيافي حقل 
الأنترويولوجياء ومادة جغرافية يُجزْم الجغرافيون بأن ولادتها 
كانت من رحم الحقل الجغرافي. وفي خضم هذا التراوح جاء 
نعت «الأدب الجغرافي» باعتبار الأوصاف التي رسمت عمران 
المدن والبلدان... . 

إن هذا الوضع الذي يسمح لكل فريق بالتعامل مع الرحلة من 
منظور حقله الدراسي لم يُطرح لحله أو للبحث عن تدقيق خخانة 
انتسابه» مادام التجئيس العام متفقا عليه تح تّاسم رحلة عدا 











نافذة 


38 


ذلك؛ فإنه مؤشر على انفتاحها على خطابات يتم تنضيدها في إطار 
وعي مؤطر ببنية السفرء وخلفية تغذيها محددات وصياغات 
مشروطة لابد منها : سيرة الأناء وصورة الآخرء باعتبارها كائنا 
وفضاءً» ونتائج اطع والتّماس . 

وقد تَحد صرامة التخديد ورسم خخانة النسب من الثراء الذي 
يمكن للرحلة أن تقدمه. ويبقى تجنيسها قائما من منظور البحث 
في العناصر والمكونات وآليات الكتابة المتسجة للمجخيل ٠‏ فهي 
نص لغوي مُحَوَل قائم بعناصره ورؤاه؛ يقود إلى التعامل معهء 
«نصا مفتوحا على خطابات متعددة؛ مما يجعل مفهوم الرحلة» 
وهوعلامة على نصوص عرفها الأدب العربي؛ يظل بدوره ملتبسا 
وعاماء يضيق أحيانا عن لَمْ تشذر النص واتساعه وتسربه إلى 
العلوم الإنسانية والاجتماعية» مما يدعو بالضرورة» إلى فهمه 
في تعدديته من خلال النصوص ودرجات الوعي به بهدف صياغة 
مفهوم مقترح يتلمس انتشاره المشروع . 

ينتسب النص الرحلي إلى التراث التشري بشكل عام باعتباره 
سردا ووصمًا يسمدان إلى صياغات مشاهد رؤيوية أو مروية أو 

ية تنحدر من ذاكرة -في بعض الحالات- ذات جذور في 

الواقع المادي . 

واتتشاب الرحلة إلى العلوم الإنسانية مسألة معقدة» لأن 
الرحلة هي رحلات بحسب نيماتها وأصناف رحّالاتها . .. تحولت 

من المعيش المادي أو الحُلُمي - الاستيهامي إلى نص تخيّلي 
أساسه» في الحالتين » التتجربة #الخارجية» و «الب : 








39 


هذا التنوع يجعل الرحلة عصية عن أي تأطير أولي . لكن النظر 
إليها من زاوية أخرى» وتخصيصا الجانب البنيوي» يوضح أن 
العناصر المشتركة بين كل هذه الأنواع/الأشكال تظل واحدة في 
تعددهاء تتعدل أسلوبياء وتتخذ أوضاعًا شتى في السياقات 
الموضوعة لها. لهذاء لا تخلو رحلة من سرد ووصف وتعليق من 
*الأنا' المحركة لكل هذه المشاهدات والمرويات والتخيّلات 
والأحلام» ممايجعل نعت نص الرحلة : تسمية مفتوحة على 
احتمالات التنويع . 

ورهم ظللك » فإن البحث عن تحديد دقيق لمفهوم الرّحلة 
مأزق لابد منه لطرح الإشكال بطريقة جذرية . فالتراكم لم يفرز إلا 
تنوعًا في الاشكال والتشكيل الفني والتيمات «المُوجهة») الأمر 
الذي يقود إلى الحديث عن الرحلة باعتبارها جنسًا مؤطرا 
بعناصرها ومكوناتها من خلال الإشتراك بين الرحلات في 
مجموعة من القيود والمتغيرات التي تتلون بحسبب العنصر 
التيماتي المهيمن. وهكذا تتشيد نصية الرحلة لتأكيد نوعين من 
العناصر المؤطرة لهاء سواء أكانت في البناء» أم مساعدة 









ح لايمكنه أن يسيج في + 

بن من تحرره واتساعه والتشاره واهجومه 
الضروري؟ على حول أخرى . لهذاء فإن القول بنصيتها هو انفتاح 
على دينامية الرحلة؛ وعلى خطاباتها المستندة على طرفي الذات 
والآخرء وجسور التعبيرات المختلفة عنهما وحولهما. 





40 


كما تصبح الرحلة» بمختلف أنواعهاء نصوصا قابلة 
لإنتسابات مفتوحة تنطلق من كونها أشكالا تعبيرية استطاعت» من 
خلال التراكم الذي استدعته الضرورات الثقافية والتاريخية - 
الحضارية» أن تؤسس لبناء وصّوغ مستقلين ومتفاعلين داخل 
منظومة النصوصن السردية العربية» استقلالا إيجابيا منفتحًا على 
أشكال أخرى قريبة وبعيدة؛ وتؤسس» أيضاء إدراكا متنوًا للواقع 
والمتخيل؛ فيتسع الإدراك:في النص بين ؤاقع مشاهد وآخر 
متخيل؛ مما يقود إلى توليد واقع ثان» يحمل خطابه ونسقه 
الخاص والعام . 

وتكتب النصوص الرحلية في وضعيتين : إما بشكل مُحايث 
للرحلة؛ وهو أمرقليل» ولايغطي كافة مراحلهاء كما هو الأمر 
بالنسبة لرحلة العبدريء أو أنها تدوّن كتابة» بعد انتهاء الرحلة» 
وحكيها شفويًا. مثال ذلك رحلة ابن بطوطة التي سردها بعد أزيد 
من ربع قرن من الإرتحال. . هذه الوضعية تجعل الإدراك الفني 
اللوقائع موسموما بآثار ومعطيات مترسبة 














اب ممصح عنه في البداية؛ أو مضمر في تضاعيف 
السرد والوصف والتعليقات. 


41 


2-الوعي بالرحلة تصا وخطابا كيف تَشَكَل الرعي 
بالزعلة» لنبلماأم بعدها نينت تصيا؟ هل هلا لوعي تيكتمل؟ 
بكونها نا ذاتيا متخيلا أم تجربة منقولة؟ 

السؤال هنا خلاصة لأسثئلة عدة وسابقة حول طبيعة هذا 
الوعي عند الرحالة/المؤلف أو الناقد اللغوي» لأن كل نص يكون 
مسكونا ومسبوقا بتأمل وإدراك أهميته باعتباره شكلا أقدر على 
استيعاب تجربة معيشة أو متخيلة. فحينما يختار الرحالة سكب 
حصيلة تجربة شخصية في قالب سردي يروي مشاهد الانطلاق 
والوصول فهو يؤكد تشبئّه بأسلوب معين دون غيره . 

1-2 وقد تراوح الوعي بالرحلة عند الرحّالة الذين نقلوا 
تجاربهم الرحلية بشكل فردي أو جماعي» برغبة أم بدونهاء في 
. مهمة الغير أ لحساهم الخاص؛ فحن مؤلقات 5ُستفلة بين 
الوضوح والإلتباس في المعرفة بالشكل والقالب الذي سيسجل 
فيه رحلته ؛ ففيها يصوغ الوقائع الاجتماعية راسما أشكالهاء معينا 
ملامحها. والرحلة -في أشكالها الأولى- واحدة من أبرز تلك 
الوقائع »97 . فابن بطوطة في مقدمته؛ وعلى لسان الكاتب ابن 
جزي» يقول: ..١‏ ..ونقلاتالإشارةالكريم بن يُملي ماشاهده في 
رحلته من الامصار وماعلق بحفظه من نوادر الاخبار» ويذكر من 
لقيه من ملوك الاقطاره وعلماتها الاخيار وأوليائها الابوار ...0 

إنه إدراك يمسر فهمه للرحلة نصّايحمل مُشاهدات 
الرحالة ومالقيه ويعزز هذا الفهم وما أن تضاعيف النص تحتوي 












42 


على استسعمالات متعددة لمفردات الرحلة والارتحال 
ومرادفاتهما. 

أما العبدري (133م)؛ فيعي جيدا عناصر الرحلة» وتقييداته 
تندرج في هذا السياق من خلال استهلاله : ... وبعد» فإني قاصد 
بعد استخارة الله سبحانه إلى تقييد ما أمكن تقبيده؛ ورسم ماتيسر 
رسمه وتسديدهء» ممّاسّما ليه الناظر المطرف في حين من الرحلة 
إلى بلاد المشرق من ذكر بعض أوصاف البلدان؛ وأحوال من بها 
من القطان» حسبما أدركه الحسُ والعيان» وقام عليه بالمشاهدة 
شاهد البرهان من غير تورية ول تلويح» ولأ تقبيح حَسن ولا 
تحسين فببيح 
يدرك العبدري جين أنه يرجه إلى قارئ سيُطالع رحلة 
واقعية» فيحدد تعريفه النظري للرحلة من خلال نصه ونصوص 
أخزى خلفية ؛ فالسّرد هو التقييد والرسم؛ ارتباطًا بأوصاف 
البلدان والأرض والناس» كل هذا عن طريق النظر والمشاهدةء 
دون مبالغة أو تحريف. 

إنه زعي ييسحث عن الرّحلة المطابقة للواقع على غير ما 
يسسجله ابن بطوطة الذي يرتق نسيج رحلته من المشاهدات 
والطرائف والنوادر» وعلى حد تعبير ابن خلدون متحدئًا عن ابن 
بطوطة : «... وكان يحدث في شأن رحلته ومارأى من العجائب 
يممالك الأرض»). 

وقد بقي هذا التفاوت في الوعي حاضرا بتأثيئر من النصوص 

















437 


الاقدم» حيث يتم التأكيد على أن النص المكتوب هو رحلة : صفة 
لفعل وقع. قُصاحب "سلوة الغريب وأسوة الأريب' يشير 
إلى ذلك بعبارة دقيقة : «فأزمعت على أن أجمع ماوقع لي من ذلك 
رحلة تكون لأولي الألباب من ذوي الآداب نحلة أثبت فيها 
ماوقفت عليه وماسأقف إن شاء الله جانحا إليه؛!3: 

تأكيد مبريح على ريط الرحلة بوعي فعلي وفائدة موجهة 
لجمهور خاص . لكن» في مقابل هذا نجد أبا عبد الله القيسي 
يربط نصه بوعي المغامرة والتسجيل التاريخي مرتكزا على عامل 
الأمانة : «صرفت همتي وفكرتي إلى ضبط رحلتي ونقلتي » وذكر 
مباديها ومنتهاها بالنص على عدد المراحل:9. 

إذااكان هذا التوع من الوعي يبدو واضحا بشكل نسبي فياك 
وعي ملتبس على مستوى النعت» بحيث تتراوح تسمية الرحلة بين 
الرسالة والتصنيف والكتاب والتقييد والتذكرة. ذلك» أن رحلة 
1 ان" سميت برسالة ابن فضلان من طرف المحقق الذي 
نعتها في تقديمه بالرسالة7©. فيما أسماها ابن فضلان بالكتاب©. 
ويلجأ محقق «تحفة الألباب ونخبة الإعجاب؛ لأبي حامد 
الأندلسي إلى وصف الرحلة مرة بأنها كتتاب» ومرة أخرى بأنها 
تصنيف ورسالة90©. 8 

وقد ظل هذا التنرع في النعوت شاهدا على وضعيتين اثنتين : 
الالتباس في التسجنيس» وغياب الوعي به؛ ثم التداخل بين 
الاشكال وغلبة بعض التسميات في عصر دون آخر. فابن قتفد 

















44 


(ق5ام) يسمي رحلته الزيارية بالتقييد*!»» فيما يلغي ابن هطال 
مفهوم الرحلة ويعوضه بالكتابة والتأريخ والرسائل©م أما 

أبودلف فيؤكد في تقديمه لرسالته على العنوان والمتن» وهو 
المتأثر بالأساليب والاشكال المقامية حيثما يقول #ورأيت تجريد 





ويبدو اختلاف النظر وتعدده في تحديد نوع الكتابة بين الرحلة 
ومرادفات أخرى» رغم كونها تنتظم نصيا في إطار مكونات النص 
الرحلي . ويكشف هذا إلتتعدد عن وجود أشكال متقاطعة مع 
الرحلة في إطار التفاعل والتخصيب | 

22 عنِيَ اللغويون والنقباد القدامى في إطار ماأنتجوه من 
قواميس وكتب لغوية متنوعة بالحديث عن الأساليب والاشكال 
النشرية إلى جانب اهتمامهم المركزي بالشعر والتنظي له من أجل 
ضبط المعاني وتفسير محمولات تلك الأشكالء اعتناء باللغة 
العربية واكتشافا لقوانينهاء لكن وقوفهم على التعبير النشري لم 
يشمل كافة الأشكال؛ وضمنها الرحلة التي لم نجد لغويا أوناقدا 
ابا يرصد فيه تاريخها وقوانين تشكلها. 
وهكذا فإن النزر القليل والعابر يأني» في الأعمء بشكل غير 
مباشرء كما ورد في مسجم ياقوت177" حينما يستشهد بمقتطفات 
من رحلة ابن فضلانء دون أن يتوقف عند التحديد؛ وإنما 
تضطرب نعوته في وصفها بالكتاب والقصة والرسالة. أماابن عبد 
ربه'214 فيكتتفي بالحديث عن دعاء المسافر من منظور ديني . فيما 









45 


ييخصص المقري الفصل الخامس لمن «رحل من الأندلسيين إلى 
المشرق» في رحلات علمية مؤكدا «أن حصر أهل الإرتحال لا 
يمكن بوجه ولا بحال» ولايعلم ذلك على الإحاطة إلاعلام 
الغيوب»”7')؛ دون أن يقف على هذه الرحلات مثل نصوص أدبية ٠‏ 
حافلة بمعطياتها وخنصوصياتها ؛ وهو نفس الإشكال الذي 
ستعكسه القواميس العربية القديمة التي ظل تحديدها ملتبسا 
وضيقا لم ير قإلى اعتبار الرحلة مفهوما ينهض إلى جانب المفاهيم 
الأدبية الأخرى. وعبر مجموعة من القواميس؟'" قوربت تعريفات 
من قبيل اعتبار الرحلة أعم من السفرء وذلك بالاثتقال من مكان 
لآخرء الاستعانة بمجموعة من اللوازم : منها الراحلة وغيرها, 

إن هذه التعريفات» فضلا عن أخرى في معاجم غيرهاء ترد 
بنفس المعنى أو أقل لم تجنس الرحلة أو تهتم ببنياتها بقدرما 
نظرت إليها مفردة تتحقق فعلا ماديا في الواقع؛ وليست نصا لغويا 
متخيلا ينطلق من التجربة . والأمر نفسه تقف عليه القواميس 
الغربية الكلاسيكية7!» من خلال اعتبارها الرحلة انتقالا من مكان 
إلى آخر بعيد ؛ مع إيراد مجموعة من المقاطع الأدبية المتضمنة 
لكلمة «رحلة؛ في سياقات متعددةٍ وبأقلام كتاب من عصور 

ولم تلتفت القواميس الأدبية المتتخصصة وبدورها إلى 
تصنيف الرحلة ضمن المفاهيم» مما جعل الوعي النقدي» في هذا ' 
المستوىء مغيبا 





46 


3-2 اتضحت مَعَالم الاهتمام بالسرديات الكلاسيكية قصد. 
رصدعناصرها وآليات اشتغالهاء لكن نصيب الرحلة في هذه 
الدراسات كان ضعي فا على عكس نصوص السير واللبالي _ 
والمقامات©0, 

ورغم تلاشي الرحلة في شكلها الفني وتحولها إلى عنصر 
مركزي في القصة والرواية» فإن هذا الجانب لم يحظ أيضا 
بالإهتمام الكافي» إلا في بعض الدراسات القليلة . لكن التقد 
٠‏ الغربي خص الرحلات بالعديد من الدراسات والتحقيقات!19» 
المتنوعة بتنوع النصوص » حيث قاريّها مرة باعتبارها نصوصا أدبية 
ومرات أخرى وثائق وتقارير ذات معطيات اجتماعية وسياسية 
حول فترة معينة. . 

إن الو. عي النقدي الحديث لم يستطع تجذير الوعي بالرحلة: 
فظل عائما ملتبسًا بين نعوت مستلهمة من حقول أخرى» مشدودا , 
إلى مرجعيات الأدب أو التاريخ أو الجغرافيا أو الإثنوغرافيا... 
دون القدرة على النظر إلى الرحلة نصا منفتحاء في كليته؛ على 
أشكال وحقول تتفاعل لمشي د إدراكا ورؤية وتعبيرً. ' 

وقد سعت بعض المنظورات الحديثة إلى رسم صورة 
للرحلة؛ واعتبرتها تسجيلا للاتطباعات والمشاعر» وإحدى 
الرجلانية الممسدةةة الالامة لنب ا عار الود 
المناسب ليتحول إلى إحدى قطاعات الثقافة العربية المحديفة(20 

والوعي نفسه الذي يحصر الرحلة في باب الأذب» يقف على 








47 


.تماّاتها وتقّاطعاتها مع ضروب المعرفة وصلتها بالثقافة العربية 
وبالفكر والعلوم ؛ وباتصالٍ مباشر مع الجغرافيا!'© أو مع حقول 
أخرى» ذلك أن «الرحالة الأوائل القدامى كانوا من أدباء وفنانين 
ومؤرخين وجغرافيين ومكتشفين ومبشرين276©؛ كما أن «أدب 
الرحلة» هو واحد من الأساليب الأدبية القديمة التي برزت في . 
الشرق والغرب على السواء©. وبالمقابل هناك استمرار 
للإلتباس ظل حاضرا عند بعض محققي الرحلات الذين قصروا 
الرحلات في «مشاهدات المسافرين المدونة في الكتب296 إذ * 
ربطوا الرحلة بنوع خاص يعني «تسجيل الحاج للمشباعر 
والحوادث والمشاهدات التي تقع له منذ خحروجه من لدت إل 
عودته إليها»27. أو هو «وسيلة لجمع المعلومات وتسجيلها»©© 
أو محققين آخرين لم يفزقوا بين الرحلة والرسالة والتقييد 
والتًأليف والمذكّرة والتصئيف7©» فيما بحث باحثون كثيرون في 
الرحلة من منظور جغرافي أو تاريخي'5© بقصد إثبات تقريريتها 
مهملين نصيتها وماتحتوي عليه من بنيات 

وتأسيسا على ماسبق» يرى أنه لايمكن الخلوص إلى صيافة 
مقترح تعريف حول نص الرحلة دون فهم علاقاتها وارتباطاتهاء في 
إطار التفاعل الذي اتسمت به مع أشكال أخرى أو ما نصطلح عليه 














التخصيب :ينفتح النص الرحلي ضمن دائرة 
متعددة المنافذ على أشكال أدبية وغير أدبية يتفاعل معها ممتصا 


48 





ونقل السرد من الرتابة إلى التجدد والمفاجأً: ابفضل الأشكال 

المحتضنة وتنوعها وماتشكله من أهمية في مسار البنية السردية» . 

سواء في شكل متخللات أو مكونات. وضمن هذا التفاعل 

وا - المغذي تتصادى البنيات والأشكال داخل دائرة متحركة 
لبع النص بتلوينات منسجمة . 

١‏ كوج لم لحلل مت ترمة ن الاشكال السردية 
الأخرى في لحظة البحث عن خصوصية ثقافية وصوت يعبر عن 
الذات؛» وييحرر خيالاتهاء فتفاعلت المرود وتلاقحت في حُضن 
واحند. وهكذا يمكن رصد مجموعة أشكال© ذات تأثير 
وحضور في النص الرحلي تتتحول إلى عناصر أساسية في نسيج 
البناء النصي والدلالي» وذلك بدرجات متفاوتة من مؤلف لآخر 
بحيث يمكن تسجيل بروز «العنصر المهيمن' أو العناصر المهيمئة 
داخل النص الواحد؛ في إطار هذا الت فاوت الأمر الذي رجح 
احتساب النص الرحلي لفائدة هذه الجهة أو تلك؛ وهو 
تمثيلا- في نصوص رحلية يمنت فيها عناصر جغرافية؛ فسميت 
" رحلات جغرافية * ؛ وصارت معتمدة لدى الباحثين العرب وغير 
العرب00. لكن السؤال الجوهزي الذي يوجه هذا المبحث هو 
رصبد كيفية حضور وتمظهر هذه الأشكال داخل النص الرحلي» 
وتفاعلها بصفتها بنيات صغرى تدعم البئية الرحلية. 

1-3- السيرة : روم السيرة الذاتية تحقيق نوع من إلترجمة 











49 


م - الرحلة فى الأذب العربى 


والتأريخ لحياة الفرد/المؤلف عن طريق حكي استرجاعي يخص 
فترة السفر المحددة. ويتعلق الأمر بتدوين كتابة مذوتة» واوصف 
للنفس المتأججة»!!© بشكل ملفت للإنتباه؛ تتحد فيها شخصية 
'الرحالة بالمؤلف بالراوي» وهو مايشجع على التأكيد بأن السير 
٠‏ الذاتية هي رحلات حياتية وفكرية ف في الوجود المادي والروخي » 
مثلما هي الرحلات» في العمق» سيرةا محدودة» خصوصا 
النصوص الحجازية ورحلات المغامرة:؛ ذلك أن السيرة وهي 
شكل متبلور يتخذ موقعه * المركزي ' في النص الرحلي بشكل 
بارزء كما هو الأمر عند ابن خلدون2©: أو ضمنياء وهو الأعم» 
في الرحلات العربية . لكن الأكيد هو أن النص الرخلي يتضمن 
تَدُويئًا لجمل السرد والوصف والتعليق... حيث تحضر الذات من 
خلال الجهاز المعرفي للرحالة وطريقة فهمه وصياغته 
ومُصادراته» وهي أشياء تدذُوّت عباراته المتعلقة به مباشرة أوبما 
هوغيري خارجي عن الذات ظاهريا فالأناء سواء كانت مباشرة 
بضمير المتكلم (مفردا أ جمعًا) أو مُقنّعة في ضمير الغائب أو 
المخاطب» تتموقع في ملتقى مُحنيات نفسية وتاريخية ومعرفية . 
إن السيرة» بهذا المعنى «نمط في الكتابة لا تخضع لرغبة 
الغرد في الحديث عن نفسه رغم أنها كتابة لتاريخ شخصي بقدر ما 
تخضع لموقف ثقافي عام!”© هو الممارسة الثقافيّة . ويمكن 
ملاحظة الخلط بين السيرة وهي مغهوم وبين التّرجمة التي اقت, نت 
بنوع من السيرة الغيرية ؛ فالترجمة هي خلأصات مركزة لحَيّوات 























50 


وسير فكرية خاصة بأعلام اشتهروا في الفقه والشعر والعلوم 
والنثر. أما١ا‏ عرفت معان شتى متدرجة وَسَّحّت من دلالتها 
عبر مراحل تاريخية» وظلت #مشدودة إلى مبادئ ثقافية عامة» 
تتصل برؤية العربي قديما لنفسه وللكون وللإله: 20 وتنغير 
بحسب العصور وتبدل المفاهيم» والحديث عن الذات -على حد, 
تعبير عبد الفتاح كليطو-05© عرف عدة مظاهر حسب الثقافات 
والأنساق» وهو ما يدعونا إلى التعامل مع مفهوم السيرة من منظور 
نسبي» وعدم قراءته بنفس المقاييس والمفاهيم السائدة. 
في بداية الغصر الإسلامي اقترن مفهوم السيرة بتدوين حياة 
وأفعال الرسول َل حيث كان النص السيري يتشكل انطلاقا من 
, وقائع وأقوال واستشهادات الرواة» ثم امعد المفهوم إلى دائرة 
التراجم بسرد سير بعض الشخصيات المشهورة» وتوسع أكثر 
حينما ارتبط بالخيال مع السير الشعبية التي لها تاريخ طويل ومعقد 
في النشوء والتكون©©. فيما كانت سير أخرى تسمى ذاتية كتبها 
مؤلفوها عن ذواتهم ومسارهم الفكري» فارتبطت بالفقهاء 
والعلماء والفلاسفة والمتصوفة وَعض المؤرخحين. . إِذْ يلج 
مؤلف السيرة إلى رصد مساره الفكري والروحي والكشف الذاتي 
بالتذكر والإنتقاد كما فعل ابن سيناء والغزالي في «المنقذ من 
الضلال» حينما تخيل سائلا يرد عليه بأسلوب استبطاني متضخنا 
انتقادات للذات» فالحياة عنده رحلة طويلة وشاقة للوصول إلى 
المعرفة والحقيقة . 








51 


ويؤكد أحد الباحثين أن «النقطة الرئيسية في التراجم الذاتية 
العربية هي في وصول الشخص إلى الإيمان بمذهب من المذاهب 
من الاديان»!07©. ولايختلف الأمر كثيرً مع ابن خلدون 
الذي يعلن سرده لوقائع وأسفار تضمنت حركية في أحداث صاغت 
«ذات» ابن خلدون وجعلتها «أنا تاريخية»9© مشاركة في 
أحداث» وفاعلة في بعض منهاء وهو ما يزكي التصنيف الذي 
يُمحورالسيرةالذاتيّة» في السردالقديمء في ثلاثة 
أصناف 09 : السيرة الشهادة ومثالها ابن خلدون السيرة 0 ببوية 
(الغزالي في المنقذ من الضلال)؛ والسيرة - المغامرة (كتاب 
الاعتبار لأسامة بن منقذ) . 

إن تاريخ السيزة تاريخ متطور بين سير غيرية عن آخرين فاعلين , 
كان ضروريا تأريخ أفعالهم وأقوالهم للتخليد والتعلم والاعتبار 
وسير ذاتية يكتبها المؤلف عن حياته الفكرية أو الروحية بقصد ٠‏ 
التواصل بينه وبين القارئ ؛ فلا يخلو نص رحلي من حديث عن 
الذات والتأمل في سَّيْرهاء ضمنياء كما عند ابن فضلان وأبي 
دلفء أو صراحة» تطفو خلاله تعايير راشحة بتذكرات تُحوكل 
الحديث عن الذات إلى مُرآة شفافة وحميمية كما في تحفة ابن 
بطوطة : ِ 

«... فأقبل بعضهم على يعض بالسلام والسؤال» ولم يسلم 
علي أحد» لعدم معرفتي بهم فوجدت من ذلك النفس مالم أملك 
معه سوابق العبرة وآشتد بكائي فشعر بحالي بعض الحجاج» فأقبل 














52 


علي بالسلام والإيناسن» ومازال يؤنسني بحديثه حتى دخلت 
المدينة»”49© ؛ وكذلك الأمر مع صاحب ملتقط الرحلة!!*4: الذي 
هاجر من المغرب نحو المشرق للإجتماع بأقطاب الصوفية؛ ثم 





استقر به المقام وتزوج هناك بعد اشتغاله بالتدريس بحضر موت» 
وفي سنة 1627م أملى رحلته المتضمنة لسيرته الذاتية بعد مضي 
أزيد من أربعين عام . 


إن وجود السيري في نسيج الرحلة يظل حاضرا بكافة وجوهه 
داخل البناء العام وبين ثنايا الدلالات في أي نوع من النصوص 
الرحلية؛ تتفاوت تمظهراته وهيمنته باعتباره بئية منتشرة تتحقق 
على مستويات وبدرجات متبايئة من نص لآخر. 

2-3- التراجم : يعزو الباحثون وفرة مؤلفات التراجم إلى 
بواعث دينيسة وفكرية في إطار الالتفاف حول القرآن الكريم 
والحديث والتفسير. ويُؤكد روزنتال2 ذلك حينما يركز على أن 
اهتمامات المسلمين بالحديث والفقه دفعهم إلى شكل التراجم 
والطبقات بقصد الدعم والتقوية» بحيث ارتبطت السراجم 
بالطبقبات”3* ارتباطا غذّته العوامل الثقافية والممارسة الفكرية 
التي ساهمت في رسم معالم سلوك متتجذر في الوعي الثقافي: مما 
دفع بالباحثين في هذا الدراث إلى التحري في مفهوم الترجمة 
(0ن«دوه81) التي هي «تاريخ الحياة الموجز للفرد:)؛ وذلك 
بالإثبات النسب قدر المستّطاع ثم التحدث عن مكان الولادة 
وزمانها وظروف النشأة والتتحصيلء ثم الأعمال التي تولاها 





53 


والوظائف التي شغلها والآثار التي خلفها مع كلمة عن أخلاقه 









وصلاته بأبناء ععصره مختومة بمكان وفاته وزمانها»!5. 
0 احث آخر الفصل بين الترجمة الذاتية ومايُسمى 
بالعرجمة الغيرية» بدعوى أن #الطريقة التي تُرجم بها للغير هي 


الطريقة نفسها التي نجدها في الترجمة الذاتية»©4» وهو في نفس 
الآن يحدد الخطوط التي تتبعها الترجمة عند ابن خلكان 
وياقوت» بحصرها في سبع نقط شبه عامة . 

أمافدوى مالطي فتدرس اثنين وعشرين مؤلفافي التراجم 
وردت فيها ترجمة للخطيب البغدادي؛ لتخلص إلى قسمين من 
التراجم : 

- قسم يتضمن تقديم «المعلومات الجوهرية الإسمية 
مصحوبة ببعض تواريخ الميلاد أو الوفاة» هذا بجانب ماقد يجده 
الإنسان في هذه التراجم من صفات التمجيد والثناءء ربما مع ذكر 
لأعماله؛ أوحتى أين توفي» ومن الذي حمل نعشه. ومن 
السمات العامة التي تميز هذه التراجم انعدام المادة الروائية»7» + 

- وقسم آخرء تقول حوله فدوى إنه يحتوي على «مجموعة 
مسختارة من البسيانات السيرية أكثر دقة ومتضمنة للمادة 
الروائية»420. وعبر هذين القسمين تقارب الباحثة الإختلافات في 
التراجم التي تناولك شخصية الخطيب البغدادي . ١‏ 

وترتبط التسراجم بالنص الرحلي أكشر من أي شيء آخرء 
خسصوصا في بعض الأنواع التي تستجيب لهذا الشكل ؛ ففي 


54 


الرحلات الحجية والزيارية» تصبح بنية الترجمة حاضرة يقوة» 
بحيث يتحول الرحالة - المؤلف الى ترجمان للأعلام والفقهاء 
والمتصوفة والأولياء» والأموا ات الذين زارهم أو الأحياء الذين 
سمع عنهم أو صادقّهم وناقشهم . وفي رحلة العبدري يتأنث النص 
كله بتراجم لشخصيات وأعلام من العلماء والفقهاء والأدباء 
والفضلاء ... في خطة تختلف عن خطط كتب التراجم» وذلك 
بعدم ذكر التفاصيل الكثيرة» وإنما الإهنمام بوصف الصورة 
الفكرية والشقافية والاخلاقية ليمترجم له وهو السبيل الذي 
سلكه؛ بامتياز» أبو سالم العياشي”». كما خص ابن قنفد رحلته 
لترجمة شيخه أبي مدين وبعض الشيوخ المتصوفة : «فحركني 
ذلك إلى ذكر هذا الشيخ والتعريف به وما وصل إلي من خبره 
ونسبه مع مناسبة حَلَيتها هنا بسببه قاصدا في ذلك الإختصار على 
العادة في ذكر الامثال والاخبارء 50 

كما أن أنواعًا من الرحلات اختصت بإيراد صيغة تجمع بين 
السيرة الغيرية والترجمة» وهي النصوص التي يكون فيها الرحالة 
لموكب رسمي لتدوين سير الرحلة!!؟) فتبدو ذات المؤلف 
غائبة ومقصية؛ «حضورها» من أجل خدمة الآخر على عكس 
النصوص الأخرى التي توت فيها التراجم عن طريق أحكام 
وتقنريرات ومواقف تجعل من العبارات الخركبة نجزءا من 
البنية الفكرية للرحالة ؛ فالعبدري الفقيه الباحث عن الحقيقة 
العلمية في ماهو ديني وأخلاقي يلجأ إلى خلفياتة ليقيم أحكامًا 









55 





باجم يؤتث بها نصه الرحلي اضفاء للشرعية على 
وقائع رحلته 1 
«ومارأيت بمدينة تلمسان من ينتمي إلى العلم؛ ولا من يتعلق 
منه بسبب سوى صاحينا ابن عبد الله محمد بن محمد بن خميس 
وهو فتي السن مولده عام خمسين وله عناية بالعلم مع قلة الراغب 
فيه والمعين عليه وحظ وافر من الأدب وطبع فاضل في قرض 
0 . إن ورود أشكال التسراجم في الرحلات بشكل 
متواتر في عدة نصوص يجعل منها مكونا في بنية الرحلة» وعنصر 
لازما لأنواع بذاتها دون أخرى؛ وخطابا محموله حفريات الرحالة 
عن الرجالات المصدرية واللقاء بها بقصد دعم السيرة الفكرية 
للرحالة/المؤلف؛ وتحقيق مدى لقائه وجُلوسه مع/ إلى هؤلاء 
الاعلام والاعيان وزياراته لآخرين. بهذا يبدو حضور التراجم في 
الرحلة تقوية لموقعهاء وإسناتا للجانب السيري 
للرحالة/ المؤلف. 3 

3-3- التاريخ : يفتتح أحمد بن هطال رحلته بالحديث عن 
التاريخ قائلا : «أما بعد فإن علم التاريخ من أجل العلوم قدرا 
وأكملها محاسنا وفيخر):!253 وفي ذلك؛ إعلان صريح لارتباط 
الرحلة بالتاريخ» وارتباط التاريخ بالحكي6#»: بل إن الرحلة 
ولدت في حضن التاريخ والجغرافيا . وحينما صارت قائمة بذاتهاء 
لم تتفصل عن مصدرهاء وإنما حولته إلى عنصر جوهري؛ حتى 
أنه يمكن اعتبار كل ما يكتب تاريخا بشكل ما. فلم تسّلم الرحلات 











56 


من اللجوء إلى التأريخ والإستشهاد بفقرات طويلة منه كما هو 
الحال في “ سلوة الغريب وأسوة الأريب *69©: ورحلة التجاني 
وهو يستشهد بفقرات من تاريخ ابن شداد والبكري 159 أو يلجأ 
إلى رواية أحداث عاصرها بأسلوب المؤرخ : «. . وكتبت عنه في 
ذلك كبا إلي سائر الجهات من كتاب يقول في بعض فصوله : 
«وإن صاحب صقلِية لج في طغيانه فيه واستمر على عدوانه وبغيه 
وحمله سوء تقديره وفساد تديره على اهتضام جانب 
الإسلام057, 

إن تأثير وحضور التاريخ في الرحلة أمر طبيعي» ذلك أن 
المادة التاريخية قد عرفت مناحي عدة في التناول بين الطبيري 
والمسعودي واهتمامهما بالسرد الإخباري المختلط بالاحلام 
والخرافات والتفسيرات الغيبية للوقائع. . من جهة؛ وبين ابن 
.خلدون ومن نحا نحوه والقواعد الدقيقة والمضبوطة لعلم التاريخ 
من جهة ثانية وهوما أفاد السرد العربي.والنص الرحلي ؛ 
خصوصاء حيث يصبح البناء النصي في أخبار ومشاهدات الرحلة 
«بصفة عامة» من أهم المصادر التي يمكن أن يستفيد منها المؤرخ 
والجغرافي والأديب والسياسي والإثنوغرافي وغيرهم 29 
واعتبارها مرآة للحضارة» ومصدرا معتمدا في الكشف عما عرفه 
العالم من حضارات قديمة!”7) مشلاء هذه الرحلات التي يهيمن 
عليها الجائب التاريخي تحفل بمعطيات أخرى ممتزجة بالأخبار 
التأريخية والخرافات والتقاليد والأوعاء بكل أشكالها. وهو شيء 





57 


حاضر في رحلات المؤرخين الإغريق القدامى» كما نجده عند 
الرحالة العرب الأوائل . 

وتتضمن جل النصوص الرحلية بنيات كاملة يؤرخ فيها 
المرتحل للفترة التاريخية التي استغرقتها رحلته فضلا عن 
الاحداث التي عاصرها من منظور يعتمد المعاينة والقراءة والتأويل 
والسماع. . فتحول الرحلات في بعض مقاطعها إلى تاريخ 
خاص» وحوليات© يتم فيها تبثير عين الرحالة» المنطلقة من 
ذاته وأفكاره وتصوراته واستيهاماته. في حول التاريخي إلى 
مشاهدات تلتقط ما يعزز الرحلة ويعطيها الطابع الذي يتوخى 
السارد إيصاله إلى القارئ. 

هكذاء يستقيم البناء الواقعي في الرحلة بوجود المشاهدات 
وتكيفها مع شروط التحول» ونوعية الرحلة؛ واتصهارها مع 
العناصر الأخرى المتداخلة انطلاقا من الخير والحوليات وتتطور 
إلى الأنساب والقراجم والفلسفة والوثائق67 التاريخية 
والجغرافية والسجلات الإجتماعية . 

4-3 الجغرافية : في الثقافة العربية نصوص جغرافية كثيرة 
ومتنوعة اندرج أغلبها في سياق تجاري أو علمي» فدونت نصوص 
رحلية تهتم بالجانب الجغرافي البري أو البحري» وذلك بوصف 
الطرق والمسالك؛ ومعالم البلدان والمراكز والآثارء بالإضافة إلى 
بعض المواقع والنواحي . وتمثل فترة القرن الرابع ألهجري -كما 
يحدد ذلك نيقولا زيادة- دو رالنضج في الجغرافية العربية؛ إذ 
هناك أربعة اتجاهات في التأليف الجغرافي العربي : 








58 


- العناية الشديدة بأقطار العالم الإسلامي (البلخي» 
الاصطخريء ابن حوقل» المقدسي). 

-نوع تبخصص في قطر واحد (البيروني : الهند» ابن 
فضلان: بلغار الفولغا) . 

- الاتجاه الشالث : اهتم بوضع المعاجم الجغرافية 
(الحموي) . 1 

- الاتجاه الرابع ويتعجلى في الموسوعات الكبيرة (النويري في 
نهاية الأرب» صبح الأعشى للقلقشندي)!2. 

كل هذا الغنى والانفتاح فسح المجال أمام تراكم الرحلات 
الجغرافية التي تّم تصنيفها إلى صنفين : «صنف يطوف البلدان 
لهدف علميء [من أجل] تسجيل المعلومات الجغرافية 
والإجتماعية[...] تسجيلا أميناء وينتمي لهذا الصئف 
الجغرافيون الرحالة . وصنف يسوح في الامصار لغرض تجاري أو 
سياسي أو ديني» ثم يدون مشاهداته وملاحظاته في كتاب» وهذا 
الفسرب من كتب الرحسلات يغلب عليه الطابع الوصفي 
الببحث!263, 

ويعتبر عمل كراتشكوفسكي في هذا المجال إضافة «يلم 
[فنِها] بأطراف الجغرافيا الرياضية والوصغية» كماجهد في 
الإحاطة بالجغرافيا العامة والإقليمية وهو لا يهمل فقط الرحلات 

- تحمل طابعا أدبيا صرفاء بل وأسطوريا»)) وقد 

ارتبطت الرحلة بالجغرافيا وتنوعت في إطار منظومة تجمع عدة 





59 


أشكال متنوعة منها اتجاهان أساسيان : الأول يولي وجهه شطر 
العلوم في حين يولي الثاني وجهه جهة الأدب الفني 67 
وبموازاة هذا الاتجاهء اتجاه آخر تشكل معه في وقت واحدء بل 
وربما تشكل قبل هتبعا لبعض المصادر وأعني منهما الجغرافيا 
الوصفية التي يرتبط بها ارتباطا وثيقا بقصص الرحلات:29: مما 
يؤكد التفاعل بين الجغرافية والنص الرحلي ؛ فحضور الجغرافي 
في الرحلي يتجلى من خلال اهتمام الرحالة/المؤلف بالوصف لما 
يرى ولمختلف الظواهر الطبيعية. 

وقد اتفق عديد من الباحثين على متانة هذا الارتباط» بل هناك 
من يعتبر أن الرحلات تفرعت عن الجغرافية الإسلامية467 
مقابل رأي آخ ريؤكد على أن الرحلات كانت منذ بداية التفكير 
الجغرافي من أهم وسائل المعرفة الجخرافية!68), هذه الجغرافية 
التي سيشير شوقي ضيف إلى نقيضها مُلَمّحا إلى أن ماتضمنته 
الكتب الجغرافية من أساطير وخرافات -ويقصد الرحلات 
الجغرافية- هو الذي جعلها أدبية””» ؛ ورغم ذلك فقد أجمع أكثر 
من دارس على أن الرحلات الجغرافية عرفت ولادتها مع الرحالة 
ابن عربي المعافري” في كتابه ترتيب الرحلة للترغيب في 
الملة؛» والذي يقول عنه حسين مؤنس إنه #رسالة كتبها ابن عربي 
الغرض معين هو الحديث عن رحلته المشرقية»!!7. فيما جعل 
غيرهم ابن جبير الأب الشرعي لهذا النمط2©. لكن المؤكد هو أن 
الذين تناولوا مسألة الرحلة والنص الجغرافي احتسبوا الرحلة 








6 


وسيلة لبناء الجغرافية» أما التمييز الضروري فهو وجود تصوص 

اجغرافية محضة عبارة عن رحلات إلى أمكنة بقصد معايتتها 

ووصفهامن كافة نواحيها””. فيما هناك رحجلات استشمرت 

الجانب الجغرافي الوصفي لصوغ النص باعتبار الرحلة كانت 

«مجالا رحبا ومشبعا يشحذ الاجتهاد الجغرافي وينشطه ويُسعفه 

برؤية كاشفة»*7©» تقود إلى تحقيق,التفاعل والتخصيب الذي 

استطاع جعل الوصف والسرد وسيلتين إلى جانب فعل الرحلة , 
لاستقطاب مشاهد متقاطعة بين الجغرافي والتاريخي لخدمة 
التنويع في الرحلة . 

5-3- السجلات الاجتمناعية : تشكل السجلات 
الاجتماعية في النصوص الرحلية رافدا أساسيا لإغناء النص 
وتوسيع أبعاده وتنويغهاء خنصوصا وأن جل الرحلات لا تخلو من 
وصف طبائع الناس وعاداتهم وتقاليدهم وبعض خصوصيات 
ثقافتهم . . والأمر هنا ليس بالدقة التي يتصف بها علماء الاجتنماع 
والأتدروبولوجيون حيث «الدراسة الوصفية لأسلوب الحياة 
والتقاليد والعادات والقيم والأدوات والفنون والمأثورات الشعبية 
لدى جماعة معينة أو مجتمع معين خلال فترة محددة»!275, وإنما 
يجيء الجانب الاجتماعي في النصوص الرحلية سجلا يرصد 
بعض أخبار السكان وطبائعهم وتقاليدهم وثقافتهم ومذاهيهم وكل 
مايثير انتباه الرحالة في إطار المقارنة مع مايختزنه ممايسهل 
الاصطدام بمشاهد غير مألوفة» وأساليب جياتية لم يتعود عليهاء 








61 


ويتضح ذلك على الخصوص في الرحلات المتجهة لغير العالم 
الإسلامي كرحلة ابن بطوطة الحافلة بسجلات مرجعية» ورسالة 
أبي دلف في وسط آسياء وابن فضلان عند الصقالبة» يقول هذا 
الأخير : #وأكلنأكل واحد من مائدته لايشركه فيها أحدء ولا 
يتناول من مائدة غيره شيثاء فإذا فرغ من الطعام حمل كل واحد 
منهم مابقي على مائدته إلى منزله . فلما أكلنادعا بشراب العسل 
وهم يسمونه «السجو» ليومه وليلته فشرب قدحاء ثم قام قائما 
فقال : «هذا سروري بمولاي أمير المؤمنين -أطال الله بقاءه-» 
وقام الملوك الأربعة وأولاده لقيامه» وقمنا نحن أيضا حتى إذا فعل 
ذلك ثلاث مرات» ثم انصرفنا من عندهة 6 

أما الرحلات التي جابت العالم الإسلامي فقد اهتمت بهذا 
الجائب من مختلف مناحسيه» حيث وقف الرحالة بن 
حمادوش776 في رحلته على تسجيل الآثار الاجتماعية والدينية 
والتقاليد وأيضا نوعيات التطبيب (الطب الشعبي) والاوعاء. 
والخرافات. 

وتّحسم ثقافة وخلفيات الرحالة في عمق أو سطحية ملامسته 
للسجلات الاجتماعية للمناطق المُرتحل إليها ؛ كما أن وجود هذا 
العنصسر داخل الرحلة شكّل بؤرة اشتهرت بها العديد من 
النصوصء ولفتت انتباه الاتتربولوجيين والاثنوغرافيين وأيضا 
المهتمين إلى صفحات ثرية ومغرية في آ: 

6-3- الخانة الفارغة : الخانة الفارغة شكل مفتوح يضم 











62 


مجموعة من العناصر المتخللة والمتغايرات التي تحضر بدرجات 
متفاوتة» أو تختفي وقد تتحول بعض العناصر فيها إلى مكونات 
ذات حضور قوي أو متخفية فلا تؤثر في البناء العام . 

1-6-3 الحكي والخبر : يتمظهر الحكي الإخباري في 
النص الرحلي ضمن وحدات مهيمنة تستعين بالوصف والمقارنة 







والتعليق في جمل سرد .يمها عبر مراحل الرحلة» وقد 
يغلب طابع الحكي الذاتي فتتراجع الأخبار لصالح الذات» مثلما 


يمكن للحكي أن يترك مكانه للإخبار الذي يضيء الاشياء والآخر, 
وفي الحالتين يتجلى التأثير الذي مارسته الحقول الأخرى 
(التاريخ» الجغرافياء الحكايات) على الرحلة في استدعاء الحكي 
والخبر وتوظيفهما يتنس قريب من أنفاس الاُتعمال في التاريخ» 
إن طبيعة النص الرحلي تتطلبء بالضرؤرة» هذين المكونين 
في بناء النص ككل » وإعطائه الطابع الرحلي المنسجم مع التصور 
العام» ومع الاشكال والحقول الأخرى. 

26-3- الشعر : ويحضر تعبيرا عن ثقافة الرحالة» وسعة 
علمه أو مقدرته على النظمء فهو يتجلى عبر مسثوبين : إما أن يكون 
من نظم الرحالة نفسه» أو مستشهدا به من محفوظات الرحالة. 

وإذا كان الشعر يعتبر عنصرا ضمن بنية الرحلة فإنه لا يحضر 
في بعض الرحلات مثل رحلة ابن فقسلان أو رحلة أفوقاي أو 
بعض الرحُلات الجغرافية والسفارية... ولكنه يبحضر في 





63 


الرحلات الحجية الزيارية» والعلمية وغيرهما. ففي نص العبدري 
نوعأن من التضمين الشعري : نوع من الأشعار التي ينقلها ويعلق 
عليها؛ وارتباط ذلك بشخصية قائل الشعرء حتى إن النص الرحلي 
يبدو بكامله مرصعا بنصوص شعرية ترتق نثره بأبيات متفرقة؛ أو 
قصائد طويلة . وهناك نصوص شعرية من تأليفه تتزاوح بين القصر 
والطول79©: إضافة إلى الاجتهاد والتنويع في استشمار النص 
الشعري لخدمة أهداف الرحلة» وذلك على سبيل مافعلة أبو سالم 
العياشي في إيراده لقصائد ومراسلات شعرية تتضمن أسثلة 
وأجوبة”©؛ وهوالأسلوب نفسه الذي انتتحاهء عبد الله 
التجاني '80 بصيغة أخرى تضمينية للحوار . 

إن حضور الشعر بهذا الشكل أو ذاك في النص الرحلي يبدو 
مجرد حأية في أحواض النثر لتأكيد معرفة الرحالة بالنظم» وأيضا 
لاستيضاح بعض القضايا التي يصعب التعبير عنها نثراء كما يلجأ 
إليه الرحالة للتنفيس عن غربته ومناجاة ذاته وأحبابه. 

36-3 الرسالة : وُسمّت نصوص رحلية وأدبية عامة 
بكونها رسائل مثلما برّع أدباء -ومنهم رحالة- في الأساليب 
الرسائلية باعتبارها صنعة محددة المعالم مارسها أدباء في 
الدواوين؟'» ومن خسلالهها كستبوا في مواضيع الإخوانييات 
والمفاكهات والمناظرات والاوصاف والحكايات ... 

وتَطرح مسألة علاقة الرحلة بالرسالة نقطتين للنقاش تتعلقان 
بإشكال تفاعل الأشكال وتداخلها : 


















64 





- النقطة الأولى وتخص التداخل في التسمية بين 
والرسالةء فرحلات «أبي دلف؛ ودابن ذ: 
باسم رسالة» كما في الرحلتين الخيا ي 
لاتدشار وازدهار هذا اللون في الأدب العسربي» كما أن مفردة 
«رسالة» من جملة معانيها #الكتاب»» أي أن اختيار عنوان باسم 
رسالة يثوي رغبة تواصلية حوارية ذات مدلول ثقافي واجتماعي . 
- النقطة الثانية وتتعلق بكون العديد من افتتاحيات النصوص 
الرحلية يشبه بدايات الرسائل لتضمُنها لصيغة «أمابعد»؛ وأسلوب 
الخطاب المتوجه إلى قارئ محتمل» فضلا عما تتضمنه الرحلات 
من رسائل ومراسلات ؛ فالتجاني يدرج بعض مكاتباته ورسائله 
الإخوانية في رحلته؛ وكلها محررة على النمط المسجع. مثلما 
نجد ذلك عند أبي سالم الذي يورد مراسلاته مع شيوخ مكة. . 
الشيء الذي أعطى للرحلات فرصةتنوع خطاباتهاء وتعدد 
أساليبهاء وتجليات صور اذوات» مؤلفيها. وفي هذا السنياق» 
يمكن الحديث عن التأثيرات التي يبصم بها كل رحالة نصه سواء 
الأسلوب الرسائلي كما عند ابن الحاج النميري؛ أو الأسلوب ' 
المقامي في «الرسالة | نية» لأبي دلف 200 . 

4-6-3- اليوميّات : الرحلة في عمقهاهي مذكرات 
ويوميات يدونها الرحالة حول رحلة قام بها في الواقع » وتكون 
ذات أسلوب متقاطع ومندمج مع أساليب اليوميات والمذكرات 
والاعترافات, 






6 
م - الرحلة فى الأذب العريى 


يدون عبد الغني النابلسي (ق7ام) رحلته كلها بالتواريخ 
المفصلة في شكل يوميات تصل إلى تسعة وتسعين يوماء أما 
العبدري فهو يقد ماجرى له في شكل مذكرات عن الاشخاص 
والآمكنة مثلما فعل ابن بطوطة وهو يتذكر الاحداث التي عايشها 
منذ أزيد من ربع قرن. هكذا يمكن الحديث عن بنية تنفاعل 
داخلها اليوميات مع المذكرات بالبوح؛ ففي رحلة التجاني 
يحضر أسلوب اليوميات ممزوجا بالخبر التاريخي واستصدار 
الاحكام والتأملات : «فلما كان اليوم الشالث تمكن النصارى من 
القصر المعروف بقصر الديماس وحصل به زهاء ماثة منهم بإعانة 
بعض الأعراب لهم أقلما كان اليوم الراب ابع اجتمع المسلمون 














وخرجوا من المد .| تكبيرة راعت من ف في الجزيرة» !0 , 
وإذاكانت الرحلة» في بعض أوجههاء بونحًا وتنفيساء فإن 
شكل اليوميات المتسلسلة اعتراف مقن ومزدوجء إذ يعرف 





الرحالة با رأى عند الآخر وييوح بتعليقاته ومقارناته» حيث نجد عند ابن 
اجبير» في رحلته 86 شكل مذكرات يومية تقل فيها الإنطباعات 
الذاتية إذا قورنت برخلات أخرى 77 حيث يعتبر بعض الدارسين 
«أن أبادلف كتب ذكرياته عن رحلته بعد عودته من الرحلة) !89 , 
من ثمة» فإن لجوء السارد إلى استعمال اليوميات ضرورة 0 
وبنيسوية تكمسر رتابة الحكي الكرونولوجي العادي من جهة؛ 
وتعطي للذات فرصة تتبع أثرها الملموس من جهة أخرى . 
5-6-3- تخليسلات أخرى : تتعزز» باستمرار» الخانة 





66 


القارغة بعناصر أخرى ومستويات ترز وتتجدد أو تَتلاشى وتختفي 
وتتحول بحسب الشكل الذي يحكم نوع الرحلة ؛ فبالإضافة إلى 
العناصر والاشكال السابقة تظل هذه الخانة مفتوحة على أشكال 
محتملة كالخطبة والاحلام والاستيهامات والتخيلات والحكي 
الاستبطاني والمقامة... وكلها تعتمل» ظاهرة أو خفيةء» في البنية 
العميقة للنص الرحلي : 





م 


إن هذه الدائرة التي يتبأر فيها النص الرحلي تتخصب بنيتها 
وتتشكل بالعناصر الأولية الرئيسية» بالإضافة إلى أشكال أخرى 
تندمج في بنية النص وتنصهر فيه ثم تسم المخطاب وترسم حدوده 
وآفاقه» وتؤسس لدلالات مفتوحة تلق نوافذ أخرى تكسرما 





67 





يجعل الدائرة منغلقة أوذات تفاعل أحادي أو ثنائي» فيت 
مستوى التلاقح والتخصيب» وهو ما سمخ بصعوبة القبغ 
تعريف يجمع» في حده» زخم الخصوصيات والتنويعات في 
النصوص الرحلية العريية . 

4- مقترح مفهوم للرحلة 

«الرحلة هي إحدى الأشكال الكبرء ى الأم للأدب» بن 

لاشك أن خصوصيات شتى تتضح بخصوص مقاربة النص 
الرحلي79: ومن أبرزها النسب المنفتح الذي يرتبط مع عناصر 
وبنيات أخرى تندمج وتتفاعل معه ثم تلونه وتعطيه إمكان توسيع 
صور الشكل والدلالة» واستمرار التلاقح مع العناصر الأخرى» 
وتخصيب البنية الرحلية العامة لتطويرهاء باعتبار أن النص الرحلي 
داخل علاقات وفي حوار مع الاجناس التي تبحث عن حل 
للمشاكل التي تطرحها نتاجات المؤرخين المتجددة©؛ وكل 
الاشكال السردية المتداولة بسماتها وخصائصها داخل النسق 
الثقافي العام . 

وتأني صعوبة تحديد وصياغة مفهوم للرحلة من عدة اعتبارات 
أساسية مئها : 

- غياب تعاريف دقيقة» فقد خلصنا أثناء الحديث عن الوعي 
بالرحلة إلى غياب تقعيد واضح للمفهوم؛ سواء عند الرحالة أو 
عند اللغويين العرب. 


- وجود نصوص رحلية كثيرة ثرية ومتنوعة؛ الأمر الذي 





68 


يصعب معه تحديد مفهوم جامع تلشقي حوله كل الانواع 
الرحلية. 5 

- انفتاح النص الرحلي على عناصر أخرى متحركة تحضر أو 
تختفي بدرجات متفاوتة بين النصوص . 

لكن الصعوبات النابعة من غنى الرحلة» والتي هي جزء من 
تراث سردي متفاعل وغني ٠‏ تُغري دوما بالبحث عن آفاق للقبض 
على تحديد يلم كل النسيج المكون لتلك النصوص» ويصهر 
هجانتها وكليتها بعناصرها المركبة في إطار دينامية الدائرة/ملتقى 
العلامات المتفاعلة . 

من هذا المنظور تتحدد الرحلة عند ' أنور لوقا' بكونها #تمزج 
التسجيلات الوصفية والإنشائية التعليمية بالحكائية 
والتسجيلية»2*؟؛ لتحقق إدراكًا بالعالم ومقارنته ؛ فالرّحلة هي 
«النوع الأدبي الذي يفسح المجال أمام ترسيخ تقليد الموازنة يين 
فضاءين وقيمتين وصورتين» حتى في الحالات التي تقتتصر فيها 
الرحلة على مجرد الوصف للعالم الجديد. لأن هذا الوصف 
يخضع» عن وعي أو لاوعي» لمنظور وثقافة الواصف الذي يعمل 
“على تحويل لغوي ومفهومي للمنظورات77!6: فتحقق الرحلة 
نصا سرديا يتراوح بين قطبي الواقعي والخيالي بأسلوب يسجل 
ويصف رحلة اتقال السارد/المؤلف من فضاء لآخر داخلي أو 
خارجي على المستوى الفعلي» أو انتقال ذهني متخيل في الماضي 
أو المستقبل» دنيويا أو أخرويا. وهي في كل الحالات تجربة 





69 


يخياها الرحالة من أجل هدف فردي أو جمعي لغاية تحقيق منفعة 
مادية أو روحية. 
ويتم السرد في الرخلة بضمير المتكلم بتنويعات متفاوتة 
الحركة؛ :إلى جانب عناصر الوصف والإخبار والتعليق» إضافة» 
الى التذكر والحلم» واستعمالات أسلوبية تختلف من رحالة 
لآخرء وأيضا بحسب التيمة المهيمنة في إطار التعدد النوعي الذي 
يرصد التسجربة ويحول الرحلة إلى شكل نصي يعكس تجربة 
وجودية”” وفي سياق يركز تعريف شعرية الرحلة على وصف 
ظاهراتي للتجربة9”: أو بتعبير دانييل هنري باجو هي إحدى 
التجارب المباشرة والمعقدة(7©. 
تأطرت الرحلة©©: مثلها مثل النصوص السردية الطويلة» 
التي شكلت الإرث الترائي الممتلئ بالخيال ويبصمات الواقع » 
. ويشقافة العين» ووجهات نظر حول الآخرء وبإضاءات 
للأنا/ الذات والنحن. ونسجت وشائج متعالقة مع أشكال دينامية 
تُلمّع سرود التجرية وتحفزها وتطعمها من أجل " معرفة 
. الذات *”.” باعتبارها وسيلة للمعرفة والاتفتاح على العالم990. 
إن أسئلة الرحلة» نصا و 















70 


إحالات 


1- وهب رومية : الرحلة في القصيدة الجاهلية: بييروت» لبنان» 
مؤسسة الرسالة» ط 3 1982» ص20. 

2-ابن بطوطة : تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب 
الأسفارء بيروت» لبنان» ط2» 1992 ص32. (تحقيق وتقديم : 
الشيخ محمد عبد المنعم العريان] . 

3- العبدري.: رحلة العبدري المسماة الرحلة المغربية. الرباط» 
المغرب» جامعة محمد الخامسء سْلسلة الرحلات 4؛ حجازية1» 
8 ص1 ؛,[حققه وقدم له وعلق عليه محمد الفاسي]. 

4- ابن بطوطة : مرجم سابق» ص 25 (من التقديم) . 

5-ابن معصوم المدني : سلوة الغريب وأسوة الأريب؛ بيبروث» 

بنان» مكتبة النهضة العربية عالم الكتب: 1988 ص19 . 

أبو عبد الله محمد القيسي : أنس الساري والسارب من أقطار , 

المغارب إلى منتهى الآمال والمآرب سيد الاعا. 

والأعّارب؛ فاس» المغربء سلسلة الرحلات 5» حجازية2» 

8 ص . (صءل) ؛ [حققه وقدم له محمد الفاسي]. 

فضلان : رحلة ابن فضلان: بيروت»ء لبنان؛ مكتبة 

مية ط 2 1987» ص . ص 34-25 [تحقيق سامي الدهان]. 

. : «هذا كتاب أحمد بن فضلان بن العباس بن راشد بن حماد 
مولى محمد بن سليمان رسول المقتدر إلى للك الصقالبة يذكر فيه 
ماشاهد في بلد الترك والخزر والروس والصقالبة والبلغار وغيرهم ؛ 
من اختلاف مذاهبهم وأخبار ملوكهم وأحوالهم في كتتير من أمورهم؟ 
ص65. 

9- أبو حامد الأندلسي : تحفة الألباب ونخبة الاعجاب. . الدار 





-6 








271 


متشورات المركز الجامعي للبحث العلمي, 1965: ص2 [اعتنى 
بنشره ونصحيحه محمد الفاسي وأدولف فور] 

11- أحمد بن هطال : رحلة محمد الكبير (باي الغرب الجزائري)» 
القاهرة» مصرء عالم الكتب. ط1ء 1969: ص35 [تحقيق وتقديم : 
محمد بن عبد الكريم) . 

.الخلط يقع فيه المحقق حيتما يقدم الرحلة على أنها رسالة حيناء 

ثم تأليفا ومذكرة حينا آخر : #ومهما يكن من الآمر فإن هذه الرسالة 

كبرى من ناحية الحقاتق التاريخية .) وقد أحببنا أن نقدم 

وبالأسرى هذه المذكرة إلى جمهور المتقفين ولاميما منهم 
13 






12 0 بسالة الثانية: القاهرة» مصرء عالم الكتب» 
0. ص30 [نشر وتحقينى بطرس بولغاكوف. أنس خالدوف» 
ترجمة وتعليق محمد مثير مرصي]: 
الاينف مفهوم الرحلة عند المحققين على أسس متيثة فهما يخلطان بين 
اعتبارها رسالة مرة» ورحلة مرة أخرى» لكنهما يستدركان ذلك في 
الهامش رقم 1» الصفحة 29 بقولهما : «كائت كلمة الرسالة في تلك 
الفترة (ق10م) تعني أيضا لو: اخاصا من فنوت الأدبية , 

13- أغناطيوس كراتشكوفسكي : تاريخ الأدب 8 

بيسروت» دار الشرب الإسلامي» :21 17 28 نقلءمُن 
الروسية صلاح الدين عثمان هاشم] + : 

14- ابن عبد ربه : العقد الفريد. بيروت» لبنان. دار الكنب العلمية» 
طاء 1983» ص صر179-178»: [المجلد 111]: [تحقيق : عبد 
الحميد الترحيني]. 

15- أحمد ن محمد المقري . نفح الطيب في غصن الأندلس 
الرطيب؛ بيروت: لبناندار الفكرء ط[ء 1986 » ص217 














[المجلد2] [تحقيق : يوسف الشيخ البقاعي]. 
16- ابن منظور : لسان العرب» بيسروت؛ لبناثء قار صادره د 0-6 
ص .ص :280-274 


- أبو بكر بن دريد . جمهرة اللغة العربية؛ بيروتء لينان» 


72 


دار العلم للملايين» ط1ء 1987» ص521: [تحسقسيق رمزي 
بعلبكي]. 
- مجمع اللغة العربية : معجم ألفاظ القرآن الكريم؛ القاهرة*' 
مصرء دار الشروق» د تء ص242, 
-الشيخ أحمدرضا اللغة» بيروت» لبنان» دار مكتبة 
,الحياق 1958 صفحات : 2562 2563 564. 
7--7وها بعم ,985ا اتعسها) بعلاعطمما لت يممصم مكفدم ,6مائنا - 
1000 
يننا ,(0.2) ممتسعمما؟ عسومها هل عل بافللادو #تمممةتاءاه - 
.1975 مع الأول بععممع 
0# عسهمها ها عل وعممعانا ععة عمتحمدم عتم "- 
!582503-25 1984 ,كقلءه8 لك ,عممم" ,كتمدط (02). 
له ممسوعدا عل مممميل ذا كنمو) وعمغع! عمل علتمممدتاءام - 
.(809 20ط) 5:1764 ,1986 ,عككسممها نن بعممم"! ,كمدط (منوممم 
18- يبر زهذا أيضافي المؤلفات والمقررات التعليمية التي تعمد 
. الى الشعريف بالأساليب الثشرية القديمة» غل الحدينث عن 
الرحلات» ونادرا ما تذكر على سبيل المثال و«الترف» ابن بطوطة وابن 








19- تنقسم هذه الدراسات -في تقدير عام- إلى ثلاثة أقسام : الأول يتعلق 
بالنصوص الرحلية المتجهة إلى الشرق أو افريقيا في إطار ثقافي أو 
البعثات التي سادت في القرون الثلاثة الأخيرة 
القسم الثاني» » عني فييه الدارسون الأجا: بدراسة وتحقيق الرحلات 
العربية التي توجهت الى البلاد غير الإسلامية ؛ أما القسم الثالث فهو 
الدراسات التي تخص نصوصا رحلية غير عربية أو اسلامية. 

0- الفكر العربي' : (مجلة) العددالء السنة : يوني 21988 معهد الاثماء 
العربي» بيروت لبنان؛ ص5 [عدد خاص : الرحلات العربية 
والرحالات : الأتواعء الأغراض والتأثيرات]. 

1- نفس المرجع السابق» صن 7. 











73 


22- عالم الفكر : الكويت؛ عدد4؛ يناير» فبراير» مارس 1983 ص10 
(من التمهيد) [عدد خاص حول "أدب الرحلات"]. 

3- جرير أبي حيدر : رحّالات اندلسيون ثلاثة ؛ في (الفكر العربي) 
مرجع سابق» ص :102 

4- أبو العباس أحمد بن محمد الكردودي : التحفة السنية للحضرة 
الحسنية بالمملكة الإصبنيولية» الرباطء 'المغرب» المطبعة 
الملكية» 1963 ص5 [من التصدير]. 

5- أبو القاسم سعد الله : تجارب في الأدب والرحلة؛ الجزائر» 
المؤسسة الوطنية للكتاب» 1983: ص 268. 

26- رنا قسباني : أساطير أوربا عن الشرق» دمشقء سورياء دار 
طالاس» ط1» 1988و ص :13 [ترجمة صباح قباني] . 

7- انظر : رحلة محمد الكبير لأحمد بن هطالء (م. س.)ء 

بيم)ء ص13 و33. 

28- انظر : - شاكر خنصباك : في الجغرافية العربية؛ بيروت» لبنان» 
دار الحداثة» 1 1988. 
- حسين مؤنس : تاريخ الجغرافية والجغرافيين في 
كتلس ريده النظينة البرية لقداقة والعلوم٠‏ ط2: 
- محمد محمود مسحملين (تصنيف) : التراث الجغرافي 
الإسلامي؛ الرياضء دار العلوم للطباعة والنشرء 2 1984. 

9- السيرة» التراجمء التاريخ» الجغرافياء السجل الاجتماعي؛ الخانة 
الفارغة . (الحكي والخبرء الشعرء الرسالة» اليوميات» تخليلات 
أخرى ...)- 5 

0- انظر مشلا : أبودلفء الرسالة الثائية (م. سن.) ؛ وقد صنف 
المحققان الرحلة فسمن الأدب الجغرافيء رغم ماتحتوي عليه من 
معلومات تاريخية وما تتضمنه من عناصير أدزية وتناص مع الشكل 
المقامي . 














74 





1- ليون إدال : فن السيرة الأدبية» بيروتء لبانء دار العودة» 
18 ص17 [ترجمة صدقي حطات]. 
32- ابن خلدون التتريفياء اب ادق وشا خرا وبرقاة 






4- شكرم ئي المبخوت مرجع مناق). ص26. 

5- عبد الفتاح كليطو : الحكاية والتأويل؛ دراسات في السرده 
العربي الدار البيضاء؛ دار توبقال للنشرء ط1ء 1988: ص 69. 
36 جديدة في الأدب العربي : مجموعة 
مقالات» موسكوء دار رادوغاء 1986 [ترجمة محمد الطيار» جمع 
المقالات فالبرياكير بتشنكوء الكساندر كوديلين] ص96 
7- عبد الله ابراهيم : السردية العربية» بحث في البنية السردية 
للموروث الحكائي العربي» بيروت» المركز الثقافي العربي» 

طلء 1992 ص133. 

38- عبد الفتاح كليطو نفس المرجع السابق) ص75 

39- شكري المبخوت : (نفس المرجع السابق) ص25. 

40- ابن بطوطة : (نفس المرجع السابق) ص35. 

41-يوسف الفاسي الحسني : ملتقط الرحلة من المغرب 
إلى حضر موت. الدار البيضاء الجر شركة النشر 
والتوزيع» 1988 (تحقيق وتقديم وتعليق أمين توفيق الطيي). 

2- عبد الله ابراهيم : (مرجع سابق) ص130 [استشهاد عن روزئتال': 
مناهج العلماء؛ ص15 1] 

43- مصطفى الشكعة : مناهج التأليف عند العلماء العرب» 
بيروت؛ لبنان؛ دار العلم للملايين» ط3» 1979: ص539. يتحدث 
الباحث عن هذا الارتباط موضحا أن : 

- كتب التراجم : لا تختص بفثة واحدة معينة متفقة المشارب» مشتركة 




















75 





أسباب المعرفة» وإنما تترجم لكل الآعيان من ملوك وسلاطين ووزراء 
وقواد وعلماء وفلاسفة وشعراء وأدباء وفقهاء وظرفاء. 
-كتب الطبقات : تترجم لجماعات من الأعيان اتحدت في الغالب 
مشاربهم وتلاقت ثقافتهم وتوحدت لخصصاتهم . 

44- يحيى ابراهيم عبد الدايم : الترجمة الذاتية في الأدب العربي 
الحد؛ روت» دار إحياء التراث العربي» 1975: ص31 

5 كمال اليازجي : الأساليب الأدبية في النثر العربي القديمء 
لبنائب دار الجيلء ط1ء 1986 ص 100 . 

46 عبد الفتاح كليطو : 1988 ص76 ١‏ . 

7- فدوى مالطى دوجلاس : بناء النص الترائي» دراسات في الأدب 
والتراجمء القاهرة؛ الهيئة المصرية العامة للكتاب؛ 1985 

17 


48- نفس المرجع والصفحة. 

49- أبو سالم العياشي : الرحلة العياشية» ماء الموائد (في 
جرلين)؛ الرباطء المغرب» مطبوعات دار المغرب للتأليف والترجمة 
والنشر (سلسلة الرحلات -1-) ط2 (مصورة بالأوفيسط). 1977 
ص2 [وضع فهارسها محمد حجي]. 

0- ابن قنفد : (مرجع سابق) ص2 كما يبدو أيضاء حمل الرحلة 
العلاماتها في عنواتها الفرعي المكمل : «في رجال أهل التصوف أبي 
مدين وأصبحابه». 

1- انظر : ابن الحاج النميري : فيض العباب وإفاضة قداح الآداب 
في الحركة السعيدة إلى قسسنطيئة والزاب. دون معلومات 

٠‏ مرجعية؛ الإيداع القاتوني رقم 1984-85 [إعداد : محمدابن 
شقرون]. 0. 

ابن الجيعان : القول المستظرف فني سفر مولانا الملك 

الأشرف أو رحلة قايتباي إلى بلاد الشامء 1477م؛ ليبياء 
منشسورات جروس - برس» ط1» 1984 » [تحقسيق عبد السلام 
تدمري]. 

2- العبدري (مرجع سابق) ص 13. 














76 


3- أحمد بن هطال : (مرجع سابق) ص35. 

54- أحمد محمد الشحاذ : الملامح السياسية في حكايات ألف 
ليلة وليلة» بغدادء العراق؛ دار الشؤون الثقافية العامةء ط2» 
6 صفحات : 15 16 17 5 

5- ابن معصوم المدني : سلوة الغريب وأسوة الأريب» بيروت» 
عالم الكتب» مكتبة ال بية» 1988 » [تحقيق شاكر هادي]. 
56- عبد الله النجاني ٠‏ رحلة التجاني» ليبياء تونس» الدار العربية 

للكتاب» 1981 » صص 347-346 وأيضا صص90-89. 

7- عبد الله التجاني : (مرجع سابق) ص337. 

58- عمر علوى لمرائي : الرخلة كوثيقة من أقدم الوثائق 
المكتوبة في تاريخ المغرب القديم. مؤلف جماعي: أدب 
الرحلة والتواصل الحضاري» 1993» سلسلة الندوات؛ 5» مطبعة 
فضالة» جامعة المولى إسماعيل» مكناسء ص14 . 

9- علي العشاق : دور الرحلات في الكشف عن حضارة الشرق 
القديم والعراق» (ضمن مؤلف جماعي) أدب الرحلة والتواصل 
الحضاري (مرجع سابق) ص24. 

60- دائرة المعارف الإسلامية: المجلد الرابع؛ دار الفكرء يروت 
(د.ت) ص 469» تُعرف التأريخ العام بأنه تسجيل لآهم حوادث الأمم 
؛ أما الحوليات فتدون الحوادت عاما بعام. 

1- محمد أحمند ترحيني المؤرغخون والتأريخ عند العرب» 
بيروت» لبنان» دار الكتب العلمية؛ ط1ء 1991» صفحات: 131» 
61 . . وأيضا 165 180. 

2- نيقولا زيادة : الجغرافية والرحلات عند العرب» بيسروت» 

نء الشركة العالمية للكتاب. 1987ء صص13-12 . 

3- شاكر خمصباك : ابن بطوطة ورحلاته» بيسروت» لبئان» دار 
الآداب» (د.ت) ص5. . 

64- كراتشكوفسكي (مرجع سابق) ص6» [من المقدمة] 

















77 


5- نفس المرجع السابق» ص 20. 











7- حسين مؤنس : تاريخ والجغرافيين؛ (مرجع سابق») 
ص 9: نفس الرأي يقول به محقق رحلة #فيض العباب لابن الحاج 
النسيري» (م. س.) حيث يرجع أصل الرحلة إلى الإطار الجغرافي 

6 





ص6. 
68- شاكر خصباك : في الجغرافية العربية (مرجع سابق) ص181. 
69- شوقي ضيف : الرحلات. القاهرة؛ دار المعارف» دءت»: ص12 . 
0 انظر : حسين مؤنش» ص395: شاكر خصباك؛ ص182» 
كراتشكوفسكي » ص 298: محمود محمد محمدين؛ ص 147 . 
408 





اق في اختراق الآفاق للإدريسي ؛ كتاب البلدان 

لي 1 الفقيه ؟ تقويم البلدان لأبي الفداء ... 

4- صلاح الدين الشامي : الرحلة العربية في المحيط الهندي 
ودورهافي خدمة المعرفة الجغرافية [ضمن مجلة] : عالم, 
الفكرء الكويت» المجلد الثالث عشرء العدد الرابع» مارس 1983 
ضركاد 

5- حسين فهيم : أدب الرحملات؛ دزاسة من منظور اثنوغرافي» 
الكويت: سلسلة عالم المعرفة؛ مطابع الرسالة؛ عد 138؛ يونيو 
9 ص49 [انظر . الفصل الثاني]. . 

6- زحلة ابن فضلان : (مرجع سابق) صص117-116. 

7- عبد الرزاق بن حمادوش الجزائري : رحلة ابن حمادوش 
المسماة : لسان المقال في النبإ عن إلنسب والحسب والحال» 
الجزائر» اصدارات المكتبة الوطنية» (رحلات ومذكرات -1-): 
3.. [تقديم وتحقيق وتعليق : أبو القاسم سعد الله]. 





78 


8- انظر : رحلة العبدري (مرجع سابق)» انظر صفحات : 45 49- 
280-9: 284 

9- أبو سالم العياشي : الرحلة» مرجع سابق) صص 131-129 

0- عبد الله التجاني : (رحلة» مرجع سابق) صص153-147. 

81- مارس ابن الحاج النميري صاحب رحلة فيض العياب العمل في _ 
البلاط السلطاني» وكانت مهمته هي إنشاء الرسائل . 

2- أنيس المقدسي : تطور الأساليب النثرية في الأدب العربي» 
بيروت» لبنان» دار العلم للملايين: ط8؛ 1989 صص222, 224 
صص324-323. 

83- انظر - علي عبد المنعم عبد الحميد : النموذج الإنساني في أدب 
المقامة؛ بيروت» لونجمان» ط1ء 1994 ص55-54 , 58 و61. 
-يوسف الشيخاني : أصحاب الكدية الساسانيون» دمشق» 
سورياء دار البصائرء ط1ء 1984 صص: 85-32. 

84- عبد الغني النابلسي : الحقيقة والمجاز في رحلة بلاد الشام 
ومصر والحجاز. دمشق» سورياء دار المعرفة» 1 1989. 

5- رحلة التجاني : (مرجع سابق) ص336. 

86- ابن جبير : رحلة ابن جبيرء بيروت» لبنان» دار صادر» دءت. 

7- نوال محمد عبد الله : العمران في المشرق العربي في القرن 
السادس الهجري» قسراءة في رحلة ابر ٠‏ [ضمن مؤلف 
جماعي] بحوث المؤتمر الجغرافي الإسلامي الأول [المجلد الثالث]؛ 
الرياض» تحت إشراف إدار والنشر بجامعة الإمام محمد بن 
سعود؛ 1984؛ ص375. 

88- محمد السيد غلاب : الجغرافيون المسلمون ودورهم في 
تطور الفكر الجغرافي [نفس المرجع السابق]» ص139. 

9- :لاط بكقدع روعمستممعنانا كع اعد «لمه عمتممممتاءلط 

.(ستععدماة.*) 2.4070 (2م) ,1994 ,له 1 


90- الرحلة خطاب يتضمن محكيا شخصياء من ثمة نسميها-درءا 
















79 


للإشباس مع نسوت أخرى نصا رحليا يحقق يحقق تواصله مع عدة 





1 9-نل ممتتمكفه عمه عوه) ععهمرهم عق أعوانا : مممردظ للممممملة - 
كمد" ,منوتيعمه : عسعة مز : ز#موعحدك عمودمة! ذ عيدزه؟ عل اتعكر 
587 ,1988بيام ,073ير 

92- سعيد علوش : الصورة الغربية في الذاكرة' الشرقية» 
الصورة الشرقية في الذاكرة الغريية شمن ن مجلة] الثقافة 
الأجنبية (محور : أدب الرحلات] يغداد العراق» السنة التاسعة» 
العدد الثالث, 1989 : ص15 . 

93- المرجع السابق» ص19 . 

4 ار : بطرس البستائي : دائرة المعارف» بيروت» دار المعرقة» 
يقسول عن كلمة #سفر» : المسافر من فارق وخرج من بيوت بلده 
وعماراته. . وعند الصوفية : السغر هو توجه القلب الى الحق؟ 
ص626. 

5 54074 يكعمسمعنانا عمل أمدمع بن عمتمممماعره 

96 588 جنوه مكملع 


7- هرسف علدمكم)6 عمسدعنانا هل . سممهده أفمعك؟ اعتموط 
:530 ,1994 ,قناقك فممصمم ودع 


98- مازال الخلط قائما عند عدد من الباحثين المعاصرين» فنازك شابايارد 

:- تنعت النص الرحلي بأدب الرحلة دون الإستناد إلى أسس صلبة 

التدعيم هذا الربط» كما تعتبر الرحلة فنا أدبيا جديدا ظهر في القرن 

التاسع عشر!! 

انظرب نازك سابايارد : الرحالون العرب وحضارة الغرب 

النهضة العربية الحديثة» بيروت؛ مؤسسة نوفل» ط1ء 21979 
9 








اص9. 
9 يله ,ععممة .كمد بمستماعلا"! ع0 علديملة كمة : بوروله 
.595 61 ممد ك عهدره؟ عا : الابوسا (أولا) 8102 ,1991 امتعون 
108 

0 .534 بسعودط أبمعاط! اعتموه - 


58 


الفصل الثاني 





من العنصر إلى البنية , 


1- حركة الفعل والإنجاز : يصُوغ نص الرحلة أسئلته 
التي تستولد دائما آفاقا أخرى خخاصة وعامة ضمن إشكال الكتابة 
في الدراث السردي العربي وماتطرحه من مآزق في التتصنيف 
والتجنيس . ولاشك أن فرضية تَشْكَل الرحلة في إطار نص له 
بداية ونهاية» أوعنصر مكون ضمن مكونات النصوص السردية 
الأخرى التي كانت ضمن البنية الثقافية» تعيد للإنفتاح النصي 
القدرة على التفاعل والتلاقح» ويضمن بنية متماسكة ذات نسيج 
متلون أفرز» في العموم؛ قطبين ظلا يتسجاذبان النص الرحلي 
بأشكال متفاوتة ضمن دائرة مركبة : 

قطب الحكي » وما يتضمنه من أساليب تهم تقديم خبر 
المشاهدات؛ وقطب التأريخ» المتصل بأوردة عناصر 


81 
م -الرحلة فى الأدب العربى 


الجغرافيا والإثنوغرافيا وغيرهما وسط مُعامل القصد التخيلي أو 
القصد التدويني. 

إن تكوّن النص يستلزم حركتين : حركة الفعل المنتهية» 
وحركة.التحويل والإنجاز المغتوحة في مجال الإبداع . 

وتتجسد حركة الفعل المنتتهية في الاحداث التي تقع 
ويتشكل عبرها نسيج علائق متعددة» فيها المختلف والمؤتلف» 
تتأطر بالواقعي والمحتمل» فتشكل فعلا لامستقلا عن أفعال 
الذات بكل أطرافها العقلية المنطقية» واللاشعورية» ثم العاطفية» 
وكذا المنظورات المختلفة التي تتدخل لترسم لهذا الفعل سؤاله . 
ويمكن للفعل أن يتمظهر في التخيّل المحض»ء كما هو الشأن في 
النص الرحلي للمعري (رسالة الغفران)؛ والذي يتضمن حركتين 

: حركة الفعل وتجلياتها في التفكير والتهبي»؛ وإنجاز التتخميل 








ويتحقق الفعل في الواقع المألوف العيانيء كمايمكن أن 
يتحقق في الواقع المحتمل اللامرئي؛ وهو فعل مُننه في حلقة 
تولد تفاعلات تخلق دوائر أخرى وبتعبير آخر نقول إن الفعل هنا 
أو داخليالمشهدماء لأنهاء 
الإشارة والتحدي والإفتتان 








أساساء تجربة ذاتية تبحث عن ا 
اللامحدود بالمجهول:2. 

أما الحركة الثانية فهي حركة الإنجاز المفتوحة حينما . 
يتحول الفعل إلى تذكرات وانفعالات شعورية ولاشعورية» تصير 


82 





إنجازا في شكل قد يمر من الشغوي إلى المكتوبء أو العكس 
وهو تحويل للتجربة.إلى نوع من المعرفة والمتعة» وتخضع هذه 
الحركة الانجازية اتتحويلية لسمة الانفتاح الذي يطال دائرة 
التذكرات فيوسعهًا مهملاء أو مضمرا منها جزءا أو أجزاء على 
اتفتاحات أخرى في التأويل والمنظور مؤسسا وظائفهٌ المختزلة في 
إدراك الذات المنجزة» وإدراك الذات المتلقية؛ وأيضا الوظيفة 
التنفيسية التي من خلالها يتم التبخلص من توليدات التذكرات أو 
تلاشيها أو ما تنتجه؛ وهي في الذهن» من مضاعفات . 
بين هاتين الحركتين تتأطر الرحلة ؛ فرسالة الغفران -تمثيلا- 

تخترق الواقع والزمن والألوف؛ وتتسحول من فسعل ذهني 
استيهامي تخيلي إلى حركة إنجازية في نص خيالي يديرك العالم 
ويستشرفه بطريقته . كما يجري الحكي في 'الامتاع والمؤائسة ' 
عند أبي حيان التوحيدي©© شفويا ثم يتحول إلى الندوين مشكلا 
حركةواحدة تنقسم إلى الحكي ثم الإنجياز : «هذا 

وأنا أفعل ماطلبتني به من سرد جميع ذلك إلا أن الخوض فيه 
على البديهة في هذه الساعة يشق ويصعب بعقب ماجرى من 
التفاوض» فإن أذنت جمعته كله في رسالة تشمل على الدقيق 
والجليل» والحلو والمرء والطري والعساسي والمسحبوب 
والمكروه ؛ فإن كان جوابك لي : افعل؛ ونعُم ما قلت وهو أحب 
إلى وأقرب إلى إرادتي ... »!© ؛ كذلك الأمر في 'تحفة النظار' , 
لابن بطوطة حبيث حركة الفعل التي دامت حوالي ثلاثة عقود 








83 


تتحول إلى حركة منجزة عبر مراحل الحكي الشفويء ثم التدوين 
الأول والتدوين الثاني النهائي ؛ لحظتها تنفنتح حركات إنجازية 
أخرى للقارئ والمحقق والمترجم الذي يعيد إنجاز النص مرة 
أخرى . 

فبالإضافة إلى الأقطاب والحركات التي ترتبط بنص الرحلة» 
وما تفرزه من أسئلة محايثة أثناء امتحان ذلك على النصوص فإن 
عوامل عديدة ومعقدة تتحكم في تكون النص الرحلي : منها 
التاريخي والسياسي والثقافي وكانت النصوص النثرية خلالها تسئد 
بعضها البعض»'فتنمو وسط التفاعل والخطابات المحيطة . 

بالنسبة للعامل التاري يخي والسياسي» فإن سياق الانفتاح على 
الذات في المحيط العربي والإسلامي وعلى الآخر في المحيطات 
المجاورة جغرافيا أو سياسيا كان ضرورة لترتيب هذه الذات في 
اتظافر مع العامل الديني الذي هو عنصر بؤري. أما العامل الثقافي . 
فتأثيره مرتبط بالاشكال التعبيرية الأخرى التي تشكل ملتقى لغويا 
يرفد الكتابة النشرية» عموماء بحسيث استطاع النص الرحلي أن 
يجسد نقطة الشّماس ودائرة الانصهار التي تلتقي فيها عناصر 
تخبيلية» وأخرى واقعية تتبلور بصوغ مغاير في أشكال أخرى . 

إن حركة إنجاز نص رحلي تبقى معتمة» بالضرورة» عن تبرير 
انبشاقه» لكن رؤية المسألة من زاوية لا تجزيئية بإمكانها إضاءة 
المشهد» ذلك أن محور الصراع في تشعباته الفردية والجمعية كان 
عاملا حاسما في الرحلة باعتبارها فعلا نّم انجازه بفضل العوامل ' 


84 


النفسية » والثقافية والسياسية والتاريخية حيث سيتخذ هذا الصراع 
أشكالا متداخلة لحفز الرحلة من خلال: 

- الصراع العام : الحضاري المؤسس على معرفة الآخر 
بحضارته (الدين والعلم) في ظرفية الإحساس العربي خلال لحظة 
تحول عالية بضرورة تركيز النفوذ والوعي بالذات المتحولة عن 
طريق الآخر ؛ فاب فضلان في رسالته يؤكد أن رحلته هي نتيجة 
لوصول كتاب ألمش بن يلطوار ملك الصقالبة إلى الخليفة المقتدر 
بالله» يسأله فيه أن يبعث إليه بمن يفقهه في الدين ويعرفه شرائع 
الإسلام'”. وهو إحساس بمصدرية العرب في المجال الديني 
والمعرفي. يعطي للرحالة شعورا بالعزة في هذا الصراع الحضاري 
العاه©؟ , 

أ الصراع الداخلي- الذاتي لدى الرحالة بحثا عن التطهير 
من خلال التوجه إلى الحج وزيارة الأمكنة المباركة والمقدسة من 
جهة أو المغامرة من جهة أخرى للتنفيس عن الذات والروح . 

في هذين النوعين من الصراع الجمعي والفردي تلتقي دائما 
ثنائية ثمثل التقابل الذي يخفي عدم التوازن» وهو صراع الأنا 
مقنابل الآخر . وبعد انتهاء حركة الرحلة - الفعل يتوضح الصراع» 
وتختزل الأنا في وعي وحمولة فكرية ودينية وتاريخية» كما يتحدد 
الآخر في صورة ترتسم بدون حياد» وتتأسس سبل البحث عن 
التوازن الروحي والفكري . 

إن التاريخ بنسييجه الحضاري والديني والنفسي يحضر عاملا 


85 


قويافي التكوين استطاعت اللغة أن تعيد تدوين المشاهد المرئية 
بالتتخيلات في إطار الرحلة» ملتقطة تشذرات الأنا والآخر بصّوغ 
يوهم بالإثبات ويؤكد الخبر. 55 

هذاء فضلا عن عوامل التفاعل الثقافي الممثلة في التأثيرات 
المتبادلة بين الاشكال التعبيرية المفتوحة على أدب التراجم» 
والنصوص الحكائية المبثوتة في كتب التاريخ واللغة والأدب وأيام 
العرب وغيرهاء مما يشكل المشهد الحكائي العربي المشدود إلى 
أنفاس المتخيل بوجوهه وتجلياته وآفاقه الجانحة نحو أبعاد 
طبعت الفكر العربي . 

يبدو عنصر التفاعل في الرحلة مزدوجا ومتباينا ؟ فهناك ثقافة 
ما قبل الرحلة الفعلية وهي الثقافة الموجّهة» المهيثة للإستقبال» 
تتحوط بمجنموعة من للإنطاباعات المرفودة بصور وأحلام 
وتخيلات؛: أوبمعارف سماعية أو مستقاة من رحلات سابقة 
تخضع للتحويل والتأويل. . إنها ثقافة ماقبل الرحلة الموجّهة» 
مقابل ثقافة مابعد الرحلة حيث تصطدم الانطباعات والمعارف 
القبلية/المسبقة مع المشاهدات التي تكونت إدراكا جديدا ينضاف 
إلى الانطباعات؛ أو يمتصها ويهضمهاء أو تخضع: دائماء للمرور 
عبر قناة المعطيات الأولى فتؤسس تجربة بأبعادهاء قُطبها البؤري 
هو الرحالة لأنه يروي ماشهد وسمع» ومااكتسب من معلومات 
وتجارب تعمل على بلورة وتضحيح وتعديل وخلخلة الفسبقات» 
أو تفعيلها وتطعيمها في إطار تحديد وضعيات الأنا والآخر. 





86 


إن نص الرحلة» ضمن كل حركاته وتفاعلاته» يظل عصيا 
على القبض ؛ إذالمسألة ليست بالتّبسيط المغري؛ وإنما يأتي 
فهمها في شروط استيعاب العلاقات الأفقية والعمودية للاشكال 
السردية القديمة -وضمنها الرحلة- مع النصوص التاريخية 
والمعاجم والاخبار والتدوينات من ناحية؛ ثم مع بنامات 
ومكونات هذه الاشكال ومتخيلها من ناحية أخرى مع حضور 
التأطير الديني 

ويمكن في هذا السياق الوقوف عند ثلاث لحظات تضبى نص 
الرحلة في الأدب العربي من حيث نشوؤه وتجنسه ومراحل تكون 
البناء المتراوح بين العنصر والبنية . 

2 - اللحظة الأولى : الرحلة ظاهرة اجتماعية : وهي 
اللحظة التي تتجلت فيها الرحلة الفعلية وقد استدعتها الظروف 
والحاجة دون اللجوء إلى الدوين أو إيداع النجرية في قالب 
«حكائي»» لككن الأكيد أن الفترة التي سبقت الإسلام عرفت 
رحلات متعددة فرضها طابع الحياة المجتمعية المعتمدة على 
التنقل بين أمكنة متعددة بحثا عن الكل والماء والاستقرار. 

أولى اللحظات التي تشكلت فيها الرحلة» فعلياء كانت 
ضرورة للاستمرار في الحياة؛ وفي نمط عيش معين . وهذا الفعل 
المتولد هو ردّة فعل لخلق التوازي بين الإنسان والطبيعة» ويصبح 
الصراع قاعدة هذه العلاقة التي شكلت» دائماء هاجسا سيكون 
حاضرا بشكل ملفت في الموروث الثقافي الذي كان يستجيب 
لمؤثرات الصراع النموجه للحياة. 








837 


إن الصراع» منْ هذا المنظور. صراع مألوف» وركن حياتي 
طبيعي» سيخاق بالضرورة ثقافته المعبرة عنه في الأراجيز 
والقصائد والاحاديث والمسامرات الشفوية» ومايطيع سرد هذه 
الرحلات من إضافات وتحويرات تعمل على توسيع المتخيل 
وإخصابه والتمهيد بتراث رحلي شفوي لمرحلة تدوين الرحلات. 

وقد أفرزت هذه المرحلة صيغتين مشهورتين من الرحلات 
ارتبطتا بالزمن» ونأحدائه» والفضاء بكل عناصره» والمتخيل 
الذي يلحم هذين المكونين» والإمتدادات الذاتية والكلية للغرد 
والجماعة؛ وعنصر العصبية» المحرك العام للصراع . كما كانت 
حافزا لإخضاع المحكي الشفوي إلى تحوير وتوسيع في الدلالات 
النصية؛ بحيث يتم تشكيل المتخيل باعتباره بناء يضحي بعناصره 
لصالح مقول الخطاب . 
أ- رحلات مرتبطة بالصراع مع الطبيعة والآخرء جسدت 
فعليا الانتقال من مكان إلى آخر بحثا عن الحياةء وعن هوية جديدة 
أكثر قوة؛ كرحلات هجرة” ونزوح عرب الجنوب إلى الشمال» 
ورحلات انتقال الغساسنة إلى شمال ابجزيرة في الشام» وارتحال 
العمالقة إلى مصرء ورحلتي قريش إلى الشام صيفا وإلى اليمن 
شتاء. 

1-1-2 الإنتشقسال من مكان جدب إلى آخر خصب ضمانا 
للوستمرارية. وفي هذا النوع من الرحلات يتحقق بناء النص 
الشفوي على'تذكرات ووقائع وأحداث في علاقة ثلاثية بالفضاء 




















88 


المنتقل منه (الذكرئ:- الجدب)» وبالطريق نح و المجهول 
(الصراع الداخلي بين الأمل في إيجاد الخصب ومايتولد عنه من 
حديث عن الجن والغيلان والسنعالى؛ والحروب مع قطّا 
» ثم المكان المنتقل إليه المشدود إلى الغربة والألفة . 

٠‏ هذه الرحلات ذات شكلين : بناءدائري تتم خلاله العودة إلى 
نقطة الانطلاق» ولو بعد مدة» وهو ماتجلى في الرحلات التجارية 
وبعض رحلات البحث عن الكل والحروب. في حين هناك شكل 
آخر لرحلات مفتوخة لاترجع إلى نقطة الإنطلاق» وهي هجرات 
ونزوح. وفي هذا الشكل تُشكَل التذكرات المترابطة نصا حنينيا 
وتأريخيا لمنعطف في حياة الإنسان. أما الرحلات التجارية التي 
كانت تمنتد لشنهور عدة فتخضع بدورها لمنطق المغامرة»؛ كما 
تتضمن بناء حكانيا يروي الاحداث والوقائع في أسلوب علاقة 
الأنا بالآخرء وتختلط معه التخيلات والاستيهامات» وماتولده من 
خوارق وأعاجيب. . 

2-1-2 رحلات الحروب : وهي الأكثر تداولا لقيامها 
على || في إبراز الهوية والإخمتلاف في القيم والخصال 
المرتبطة بالقوة والحكمة في استعمال الحيلة . كل هذا يشكل 
رحلة مليئة بالاحداث التي تتوسع» وتتحور نحو تبثير الفرد أولا 
ثم الجماعة" . 

إنها رحلات لتأريخ البطولات إلى جانب تراث متفاعل غني 
بالإدراك والافعال الواقعية المجسدة في ما يحرك النص من 











89 


حكايات وأخداث وسرود محمولة على مبدأ الصراع والتشويق 
,تأثيغات من الشعر والخطب والذكريات وكل العناصر الناسجة 








إن الرحلة في هذه المرحلة؛ وكما تجسدت في الواقع» 
وخضعت لاستنبات في المتخيل» كانت عنصرا حياتيا باعتبارها 
جزءا من النمط وعنصرا ثقنافيا لأنها الموازي الذي به يتم إعادة 
إدراك العالم بوقائعه وأحداثه وتذكراته؛ والتطهّر الداخلي من 
الفسراغ ا لذي لم يكن ليولّد غير الخوف الدائم من المجهول 
والمعلوم والاستيهامات. فكان ضرورة ملء الظلام بالمسامرات» 
واستعادة نثر الحياة الممزوج بالإخختلال إلى نثر حكائي ينزع إلى 
تأريخ هذا الاختلال والتوازن . 

2-2- رحلات الشاعر العربي في الجاهلية وهي ذات طبيعة 
خاصة تختلف عن الرحلات الأخرى» لأنها نص شعري ذو نظام 
خاص ويناء يخضع لمواضعات استنبطها النقاد من القصائد. وقد 


90 


قسمها أحد الباحثين إلى ضربين : رحلة الشاعر على ناقته» ورحلة 
الظعائن©» فالشاعر المرتحل من فضائه 19 على راحلته في 
طريق الرحلة الشاقة والصراع مع الطبييعة يوجد بين الوحش 
والصياد والكلاب وغير ذلك من المتغيرات التي ينوّح بها الشعراء؛ 
وأخيرا الوصول إلى المكان - الهدف. 
إن تصوير الرحلة هووصف للصراع والمعاناة من أجل 
قارئ/ مستمع» وهدف محدد جعل الارتباط حميميا بين الأدب 
والواقع» وفي ضوثه #يمكن للمرء أنيعلل أمورا كثيرة أحدها 
اتتشار الرحلة بلونيها (... ) في أدبنا العربي القديم اتنشارا 
واسعا»!!» مما يفضي إلى الحديث عن الرحلة في تلك الفترة قبل 
الإسلامية» وحضور الفضاء بوجهين : وجه الجدب الطبيعي 
والعاطفي/الرؤحي وهو ممثل في الأمكنة التي أصابها الجفاف 
فارتحل كل من فيهاء أو في الفضاءات التي لا تستطيع شد الإنسان 
إليها فتنتفي تلك الآصرة التي تربط الإنسان بالأرض. وعلاقة 
الرحالة بهذا... علاقة متوترة» تجعل المكان المرتحل إليه» 
٠‏ دائماء ملاذًا لتجديد العهد مع الامكثة» ورسم هوية أخرى وذلك 
. بترك خيوط مستمرة وحنينية مع الفضاء المنتقل منه. 
في هذا الؤجه خط العودة مقطوع على المستوى المادي» 
ولكنه مستمر من الناحية الخيالية» حتى أصبحت «الرحلة تقليدا 
شعريا أمدهم بغروة عريضة من معاني القرقة والبعد؛ فجمعوها بإحساس 
البخيل وأتفقرها بعقله226. 












51 


الوجه الآخر للخصب الطبيعي والروحي والعطاء المادي 
والتفسي |تمثله الرحلات الحجية والتجارية» وأيضا رحلات 
الشعراء إلى الممدوحين» وفي هذا الوجه يكون الفضاء المرتحل 
إليهء بدورهء ملاذًا للغنى والتطهر الرو 

3 إن الفضاء بمظهريه؛ وهو فضاء متلون بوجهي الجدب/ 
الخصبء والصراع الذي يشد هذين الوجهين إلى بعضهماء هو 
القطب في الرحلة مله مل حركات نعطية أخرى تشكل قطبا في 
النصوص الشعرية أو النثرية الحكائية» وخصوصيات تختلف عن 
النص الرحلي وهو ما عرفه الأدب العربي منذ القرن الرابع للهجرة 
“(العاشر الميلادي). 

ونسجل بخصوص الرحلات الجاهلية المبئوتة فسمن أيام 
العرب!13) مايلي : 

أ- لم يتم تدوينها في أوانهاء.وإنما تم ذلك في عصر التدوين. 

ب- الرحلة الجاهلية لاتتحدث عن رحلة الفردء وإنما عن 
رحلة الجماعة. 

ج- الراويي غير المشاركء ذلك أن الرحلات المدونة في 
مؤلفات اللغة والأدي والجغرافيا والتاريخ... خلال فمرة 
الشدوين» تروى باسبم مؤلف لم يعاصر الأحداث؛ وإنما ينقل 
الشغوي الذي تناقلته ألسنة مُختلفة بتعديلات وتحويرات تطرأ 
من لسان لآخر ومن وعي لغيرم؛ وعبر رواة مشهورين214. 

د- كل الرحلات التي وصلتنا قصيرة في صفحات معدودة» 








52 


وتغيبعنها التفاصيل» وتكتفي بذككر الحدث ضمن بنيات 


محد 





٠‏ من ثمة» يمكن الحديث عن عنصر الرحلة وتراكماته والذي 
سيضمن امتدادا متجذرا في السرد العربي . 
ذكر هذه المؤلفات باعتبارها 1 إل فن الأدب . 


3- اللحظة الثانية ؛ الرحلة هدف مشترك : اتخذ 
النص الرحلي في العصر الإسلامي حركة أخرى مميزة على 
مستوى الانتقال من الشفوي إلى التدوين»؛ حيث جسد القرآن 
الكريم مجموعة من الرحلات التاريخية المستعادة؛ وسجلها 
تحت إسم القنصص القرآني» إضافة إلى نوع آخر متزامن تجسد 
في الواقع» وهورحلات الرسول وو مما ألهم العديد من 
الباحثين إلى ريط الرحلة بالدين. 

وينسحب هذا النوع من الرحلات المستعادة على النصوص 
الرحلية المدونة ضسمن كتب الاخباريين المعروفة بأيام العرب 
باستعادتها من الزمن الماضي عن طريق الرواية والإسناد بتضارب 
متفاوت حول بعض التفاصيل الجزئية . 

1-3- تتشكل هذه الرحلات ضمن بنيتين عامتين . 
هي النص القرآني: وبنية القصص القرآني الصغيرى» وفي 
هذه الأخيرة تتأطر تنميطات وعناصر وخلاصات؛ بحيث أن 
صياغة السؤال !157 تقود إلى أن أسباب نزول القصص القرآني هي 
من أجل هدف «يخلص إلى العظة من الخبر الذي يقصة؛ وإلى 





93 





العلم الذي يستخلصه من الخبر»9'» للإعتيار وتّسلية الرسول في 
محنته» كما استعيدت كل القصص بقصد إبراز حدود العلاقة بين 
الإنسان والله بين المرني والغيبي. وهي علاقة تتفاوت في إظهار 
الإختلال والانسجام؛ إذ انصبّت على تبشيبر عتصر الفرد أو 
الجماعة ومن هذه الزاوية انتّطرت التيمات إلى شطرين: 

- قصص حول الفرد في علاقته بالجماعة : بالله 

- قصص حول الجماعة في علاقتها بالفرد ؛ بالله 
بيعة هذه العلاقات تُلمع صورة الإشكال» وتحدد مستوى 
القص في القرآن باعتباره تتبعا للخبر #والحدث على وجه الحق 
والصدق فيه؛ وهو تتبع لا مجال فيه للخيال أو المبالغة» كما أنه 
تشبع لاتقصر حكمنته على الصدق البياني للخبر والصدق 
التارييخي »07 

تصبح الرحلة عنصرا مركزيا في أء 
. لحظة الضعف إلى لحظة القوة» من النفي إلى الإثبات» من السثر 
إلى الكشف والجهر بها ؛ إنها الجسر الذي عبره يتم الانتقال2180 
والتطورء حتى أصبحت الهجرة مفهوما دينيا بديلا عن الرحلة 
والسفر9!» خخصوصا ماتعلق بالرحلات النبوية واقترانها بالمعاناة 
والفرج مما يجعل عنصر الرحلة بؤريا لأنه يجسد التحول؛ أو 
تأكيديا لإبراز الخارق عبر اخبغراق الغيبي لما يثيره ذلك من 
انفعالات قوية تملك على الإنسان أحاسيسه ووجدانه0©, 

إن تكو الرحلة/ الهسجرة في النص القرآني شكّل عنصر 












نبوة» ومنعطفا تحوليا من 





94 


ضمن بنية عامة تستحكمها عناصر أخرى توجهها نحو أهداف 
بالتحول والبنا. 
عامل الدين في توسيع مبادرات الاسفار».كما 
أصبح الإرتحال في طلب العلم منذ القرن الأول للهجرة ضرورة 
لازمة لاستكمال «دورة الدراسة» وهي رحلات فعلية يقوم بها 
رحالة مهيأ لذلك انطلاقا من أداء مهمة تتمثل في : جمع الحديث 
من أفواه الثتقات» وجمع اللغة والأشعار وأيام العرب من البوادي 
والمراكز العلمية؛ بالإضافة إلى التجارة. 

هذه الرحلات تبقى قليلة التأثيرء لاترّى إلى التدوين» لأن 
أهدافها مرسومة ونقطها محددة سلفاء وعنصر الإحتمال فيها 
ممحسوب» والرنحالة فيها محدّث أو محارب أوعالم أوتاجر. 
وهكذا فإن طلب الحديث كان مبكرا(!2». وهناك خبر عن رحلتين 
مبكرتين في هذا الصدد : الأولى لجابر عبد الله الأنصاري من 
الحجاز إلى الشام والثانية» رحلة أبو أيوب الأنصاري من الحجاز 
إلى مصر. وقد اهتم الدارسون بهذا النوع من الرحلات 
المقئنة !22 وذات الشروط الخاصة بالذين يطلبونهاء ومن 
المعلوم أنه طوال القرون الأولى للهجرة كان اكتساب العلم مرادفا 
للسفر» وضمن حمى تنافسية كان يتم الانطلاق واختراق الفلوات 
اللجمع أحاديث الرسول والشعر الجاهلي ولغة البدو!3©. 

إن النض الرحلي في القرآن الكريم سواء منه النصوص 
المستعادة» أو المتزامنة خلال'تلك الفترة... شكلت لها امتدادات 





95 


خارج النص» بتكون نصوص أخرى في كتب الاخبار ومرويات 
أيام العرب والسير والمغازي ؛ ذلك أن نص الرحلة يصبح نصين : 
نص مقدسء مطبوع بالتلميح والإشارة والتكثيف والإيجاز» دون 
الخوض في التفاصيل التي لا تخدم الهدف» ونص ثان شارح - 
مواز يعنيد تفصيل الإشارات والامتداد في التفاصيل والمقارنة . 
كل هذا شكل تراكما آخر عضّد الحقل السردي القديم» وساهم 
في رسم المعالم العامة للرحلات العربية . 

4- اللحظة الثالثة:الارث الحكائي والرحلة :بدأ 
تشكل هذه اللحظة الشالثة من تراث اللحظتين المتعفا 
والانفتاح على أشكال أخرى للتعبير السردي بمظاهر جديدة على 
مستوى البناء أو صيغة عرض الاحداث . وقد ظهرت عدة أشكال 
متفاعلة أفرزت وجوها رئيسية©© ذات قيمة أدبية وفنية عالية : 
المقامات» ونص كليلة ودمئة» والسير الشعبية (عنترة» سيف بن 
ذي يزن» الأميرةذات الهمة؛ حمزة البهلوان» الظاهر 
بيبرس ... )» ثم الحكاية الشعبية (ألف ليلة وليلة)... وتقوم هذه 
الأشكال السابقة على بناء تحكمه سلطتان سرديتان : سلطة 
الحكي» وسلطة المئعة التخييلية. وضمنهما يشكل #عنصر 
الرحلة» حافزا متحركا في بنية الكتابة ذات الحضور المكثف نظرا 
الوظيفته التي تعمل على توسيع حقول المعنى» وإضفاء طابع 
الحركية على الأحداث من أجل تجديد أنفاس الحكي وإمكان 
خلق إغرابية تطبع هذه النصوص. " 





96 


وقد اتخذ عنصر الرحلة وضعيته داخل بنية الكتابة السردية 
العربية القديمة ابتداء من التدوين بطابعين ي 
بة رحلية في الزمان والمكان تتعين بالأنتقال الفيزيقي من 
مكان إلى آخرء تتخللها أحداث هي امتداد للفضاء الأول» أو 
أحداث عارضة دخيلة تصبح هي الحافز والمهيمن في الحكي . 









ب- بنية رحلية في الذاكر: تجنح نحو الخيالي» فيرتبط 
الزمان والمكان والاحداث بأبعاد فوق طبيعية خارقة تكسر مألوفية 
تلك المكونات. 


أ1-4- الرحلة عنصر في بنية حكائية الرحلة في 
النصوص السردية الكلاسيكية عنصرا يعمل على تحقيق الحكاية» 
فيندمج بنائيا ليصير جزءا ملتحما في النص ضمن المكونات 
الأخرى التي طبعت هذه النصوص ؛ والحديث عن الرحلة 
باعتبارهلمكونا مجاورا لعناصر أخرى في بنيات كبرى هو استجلاء 
لطبيعة هذا العنصرء وكيفية حضوره واشتغاله. 

1-1-4- حركة الرحلة في المقامة: تقوم الحكاية في 
المقامات على بناء لغوي مقولب وفق مجموعة من القوانين 
والقواعد التي تم استكناهها من النصوص المقامية ؛ نظرا لوجود 
عناصر مشتركة بين الزحلة والمقامة ؛ فالرحالة «أبودلف» (ق 4 
ه) صاحب رحلتين» كان أديبا متمكنا في فن المقامة» تأثر بديع 
الزمان الهمذاني'25»» حتى أن هناك من أقر بأن شخصية أبي الفتح 
الاسكندري.هي نفسها شخصية أبي دلف !226 وهو مايفيد أن 




















57 
م -الرحلة فى الأذب العربى 


الارتباط ليس على مستوى الأدباء في ما بينهم من مختلف 
الحقولء بل أيضا لوجود عنصر التفاعل بين المقامة وأشكال 
تعبيرية أخرى 277 مثل التلاقح بين المقامة والرسائل من جهة. ثم 
المقامة والرحلات المتخيلة80© من جهة أخرى» والتقارب بين 
المقامة ومؤلفات الجغرافيين العرب في القرن الرابع للهجرة مع 
الأصطخري والمقدسي وابن حوقل 9©. 

وإذا كانت هذه المقامات تلجأ إلى تيمات تعتمد الإستجداء 
والكدية» فإن ذلك؛ بالإضافة إلى التأثيرات الأخرى يحم نوعا 
من الإرتحال والتنقل00©: فيتحول مكون السفر في كل مقامة إلى 
مصير مشترك ينفتح على باقي المكونات» ووسيلة -بتعبير كليطو- 
اللحفر عن كنوز الماضي ولملاحظة حاضر العالم0!!6 بتعبير عبد 
الفتاح كليطو . 

في مقنامات الهمذاني يعكس حضور الكدية والتنكر والحيلة 
الوجه الرمزي للاحلام المجتمعية والثقافية المنحسرة في أفق 9 
محدد» ويغذي الماضي الحكي بالحيلة والتدكرء وهو زمن قريب 
ينخرط في الحاضرء ومن خصلاله يتم رسم الحكاية بالحوار 
وبالخطبة وبالدعاء؛ وبالتأثيت الشعري. كماان حضور الثقافة 
والإستعمالات البديعية واللعب اللغوي هو وسيلة لبناء الحيلة» 
وإبراز الإلمام العميق والذكي باللغة من طرف البطل . 

لكن الذي يمكن تلمسه في البحث عن عنصر الرحلة في 
النص المقامي هو حضورالسفرء بكل أشكاله» في مقامات 





الهمذاني2©: وارتباط كل مقامة برحلة/سفر من المكان الأم إلى 
أمكنة للتجارة» أو الحج؛ أو الهروب,.. أو رجوعا من أمكنة 
أخرى إلى المكان الأصلي . فجل المقامات الهمذانية تبدأ بوصف 
الذهاب أوالإياب» فرديا أوجماعيا. بحيث يبرز عنصر المفاجأة 
المشدود إلى قطبي الغموض والظهور. وإذا كان عيسى بن هشام 
هو الراوي الذي يفتتتح كل المقامات» ويشكل طرفا لازما فيها فإن 
الطرف الآخر المحرك للمفاجآت هو أبو الفتح الاسكندري!83. 
وهكذا يصبح عنصر الرحلة في النص المقامي مُولدا للمفاجأة» 
الأنالإنتقال يخلق إمكان المصادفة؛ ويجعل الإرتباط بين 
الارتحال والصدفة المولدة للمُفاجئ والعجيب ارتباطا ضروريا 
البناء المقامة وهو مايمكن ملاحظته في كل جمل البداية من 
مقامات بديع الزمان الهمذاني : ١‏ 





طرحتني النوى مطارحها ... 
كنت ببغداد وقت الآزاد... 
نهضت بي إلى يلخ تجار 
حدابي سحيستان أرب ... 
كنت وأنا فتي السن أشد رحلي لكل عماية... 
كان يبلغني من مقامات الإسكندري ... 

0 جان ... 











99 

















تال باه يعن لزارة رتسل تي 
أثارتني إليمة» فأجبت !| 












أحلتني دمشق بعض أسفاري ... 
بيئما أنا بمديئة السلام ... 
لما قفلنامن الموصلء وهممنا بالمنزل.:. 


كنت إتهمبماأصبته فهمت على وجهي هاريا... 
طفتالآفاق حتى يلغت العراق .. . 
حضرنا مجلس سيف الدولة .. 
خرجت من الرصافة» أريد دار الخلا: 








100 

















آضللت إبلا لي فخرجت في طلبها ... 
الما قفلنا من تجارة أرمي' 








لماوليت أحكم البصرة.. 

كنت ويسايور... 

كنت في بعض مطارح الغربة مجتازا ... 
لماجهز أبو الفتح الاسكندري ولده م 
قال محمد [ ...] : إن مما نزل بي من إخواني ... 
اتفق لي نذر نذرته ... 
كنت ببلاد الشام ... 

كنت في منصرفي من اليمن ... 
لما أردت القفول من الحج ... 














كان بشر بن عوانة صعلوكا فأغار على ركب ... 


101 











انطلاقا من هذه الخطاطة يمكن القول إن عنصر الرحلة في 
بئية المقامة يتأسس على الارتحال #رجوعا من» أو اذهابا إلى 
وذلك من أجل أداء فريضة الحج أو التجارة» أو الهربء أو 
البحث عن شيء آخر !84 , 
نص المقامه الشيرازية35) على حركتين 1 








و بسفر 

الحركة الأولى تتأطر بالغموضء وذلك حين يصف 
الراوي عودته من اليسمن إلى وطنه» فينضم إلى ركبهم رفيق 
يفارقهم بعد ثلاثة أيام» يترك في نفس الراوي حسرة بليغة . 

- الحركة الثانية وهي التي ستفسر غموض الحركة الأولى 
والثانيةأيضاء بحيث أن الراوي حينما كان بشيراز (فارس) التقى 
بكهل فاكتشف أنه نفسه الشاب اليافع الذي انضم إليهم في طريق 
اليمن» وقد تحول من حال إلى حال لأنه تزوج من خضراء الدمن 
التي حرم الإسلام الاتصال بها . 

إن الجامع بين حركتي الرحلتين هو أبو الفتح الإسكندري 
المتتحول من شاب في كامل قوته ويناعته إلى سقيمء وأيضا قانون 





الثاني نحو شيرازء وهو الصدفة والتحول والمفاجأة والخموض ثم 

الظهور» بالإضافة إلى العناصر الأخرى الملْحمة لبعضها البعض . 
فعنصر الرخلة داخل بنية النص المقامي حافز على الحكي 

وجسر لتوليد الحكاية وتشكلها في رحم ماسمي بأدب 








102 


الكدية. وهو أمرلم يقتصر على المقامة فقط وإنما كانت له 
امتدادات ضرورية سواء في النصوص القسصيرة ذات البنييات 
المتشابهة والشكل الدائري» أو النصوص الطويلة ببنائها 
الحلقي المتوالد. 

2-1-4- السفر والحكاية المتجددة : ماذا لو اختار رواة 
ألف ليلة وليلة الاستغناء عن توظيف السنفر في حكاياتهم؟ هذا 
السؤال كاف لمعرفة مدى تجذر السفر في نص الليالي» باعتباره 
موضوعة ووّسيلة لتوليد الحكايات ؛ فمنذ البداية تشكل الرحلة 
' عنصرا إطاريا ضمن الوحدات القصصية التي تفتتح بها الليالي 
المحكي 206, لأنها تؤسس لبناء واستيلاد وتقوية عناصر استراتيجية 
أخرى في الحكايات» وهي المفاجأة والتحول والعجائبي ... 

وهكذا تضمن تكتاب الليالي رحلات عادية وه في 
ظاهرهاء ولكن ننائجها على الحكي أساسية . ورحلات خارقة 
فوق طبيعية وغير عادية تخلق الإدهاش وتشكل نقلة أخرى على 
.مستوى الكتابة والقراءة» وهو ما دعا أحد الباحثين”07 إلى محاولة 
اتحديد أسباب ودواعي سفر الشخصيات في ألف ليلة وليلة» 
متحدثا عن الجوانب الاختيارية والاضطرارية. ولعل التشكيل 
الذي يطبع مكون الرحلة في ألف ليلة وليلة يتسجلى أيضا في تنو 
أشكال الرحلات البرية والبحرية والجوية الخارقة؛ وازتباطهاء 
دائماء بالمفاجأة والعجائبي» سواء في المكان المتنقل إليه 
(البحرء مدينة النحاس» فضاءات مسحورة. .) أوبواسطة 















103 


الأفعال المتولدة وماسيترتب عن ذلك الانتقال من مصادفات 
غريبة . 

إن عنصر الرحلة في *الليالي ' ليش حلية أو شكلا ثانويا وإنما 
هو نسيج بؤري تتنظم عبره ومن خلاله جل حكايات النص في 
إطار من الديناسية التي يخلقهاء والحركية ي تو 








السفر: الأولى 68 للستدباد بقوله «اعلموا 
ويحتل فعل الأمر «اعلم» موقعا ماكرا 
لأنهيتضمن حكايات ممتاثة بالتعجيب ستستغرق سبعا وعشرين 
في أول السغرات يقلدم تبريرا دينيا وشعريا 
والجساهيا لاطا فنا زهرلى جزل 5 بأنها ليست 
بجزيرة «وإنما سمكة كبيرة رست وسط البحر فبنى عليها الرمل 
فصارت مثل الجزيرة وقد بنيت عليها الأشجار من قديم الزمان» 
فلما أوقدتم النار عليها أحست بالسخونة فتحركت». السئدباد هنا 
يروي خبرته حتى يعلّمها ل«السادة الكرام»؛ ويتمثلونها ؛ فالمعرفة 
تتكون من تقديم المجهول والعجيب والمفاجئ والرحلة إلى 
المجاهيل في سفرات «ليست وقفا على الإغريق» فقد سبقهم 
المصريون القدماء؛ مثل رحلة سنوحي وغيرها»!9©. وقد قارن 
بعض الباحثين بين رحلتي السندباد وأوديس» أحد أبطال اسبارطة 
اللذين لاق اكثيرامن العجائب والمصائب في سفرتيهما 
البحريتين40»» وهذا ما يؤكد تجنر عنصر السفر في الحكي 








104 


القديم» وتوظيفه المركزي في البنية الحكائية» حافرًا على 
استخراج العجيب والمدهشٍ» بحيث يصبح البناء السردي في 1 
سفرات السندباد كما في حكايات أخرى وسيلة للوصول إلى نقطة 
الإرتحال. فلم يعد عنصر السفر هو الذي يخدم الحكاية 
والخطاب بل صار مخدوماء تتضافر باقي المكونات الأخرى 
لإبرازه وتنضيده حتى تتمكن الحكاية من مفاجأة القارئا 
وإدهاشه. 

تشكل جدلية الخبر السردي التقديمي والرحلة ثم المفاجأة» 
ثلاث بنيات متفاعلة في رحلات السندباد» السفر فيها يشكل 
عنصرا استراتيجيا في تفعيل الأحداث» وحفز الحكاية واستيلاد 
التشويق. 

2-4 الرحلات مكوّنا رئيسيا : تأتي أهمية اللحظة 
الثالثة أثناء الحديث عن الرحلة بناء وتشكيلا بكونها مرفودة بالتنوع 
والدراكم الذي يعطي للرحلة أبعادا كثيرة» سواء أكانت عنصرا 
ضمن مجموعة من العناصر النصية التي تعمل على توسيع حقل 
المسعنى» وخلق امتدادات له في الحكي والخطاب ؛ أم بناء 
مستقلا بذاته» الرحلة فيه هي النص المتجنسء والذي يتشذر إلى 
متخيلين اثنين» يتكاملان ويتداخلان في رسم صورة الرحلة في 
الأدب العربي كما رسمتها أيضا في الآداب الأجنبية الكلاسيكية» 
فيما يتعلق بالنتصوص الرحلية الواقعية بأحدائها الدنيوية» 











1-2-4- المتخيل الدنيوي : إن مرحلة وجود نصوص 
رحلية تمتد لفترة طويلة منذ حواثي القرن التاسع الميلادي حتى 
القر التاسع عشر يبين أهمية المتخيل الدذيوي فيهاء وارتباطه 
ات تم صوغها إلى جانب تذكرات وتقييدات تتماس 
والتصوص الإخبارية» والتاريخية والجغرافية والإثنوغرافية لهذا 
شكلت الرحلة في لحظات طويلة -قديما وحديثا- مرجمًا لابد منه 
لاستيفاء أو تصحيح بعض المعلومات عن أمكنة ومسالك وحول 
أحداث ووقائع . 

يستند النص الرحلي ذو المشخيل الدنيوي إلى هدف يسرر 
الرحلة.التي تجسّدت تجربة فعلية محمولة على قدرات وعناصرء 
فتعمل الكتابة على نقل وتحويل التجربة إلى تشخيص أدبي تسقط 
منه النفاصيل والتكرا ارات وكل ماينافي الأعراف والأخلاق 
المحلية» وتسجل فيها ما يُلحم عناصرها ويجدد دماءها لرسم 
الأنا والآخر بالشكل الذي يعطي للنص طابعا سيريا وترجمة غيرية 
برؤى وأحكام وتعليقات وأوصاف معيئنة . 

2.2-4- المتخيل الأخروي : رسم التأثير السائد من جراء 
الثقافة الجانحة إلى الخيال وإلى تصوير فوق الطبيعي؛ من جهة» 
وإلى التقسيمات الثنائية التي حكمت المنطق الشقافي طويلا 









(دنيا/ آخرة) (جنة/لجحيم) من جهة أخرىء رَسَمَ الطريق مهد 
لتدوين رحلات ذهنية متخيلة تجري وقائعها في العالم الأخروي 


بصوغ غ أدبي يشيد عوالمه كما هو الشأن في الحكايات الخرافية 


106 


حيث البحث عن العوالم الأخرى #فيواجه الأشخاص الذين 
يجدون في البحث فيما وراء عالمنا[ ... ] كثيرا من التجارب» 
ويصل الإنسان إلى السماء[ ... ] عن طريق حيلة أو عن طريق تبات 
ينمو إلى أعلى في سرعة»!!4». وهكذا فإن الرحلات ذات المشاهد فوق 
الطبيعية والمتنوعة ترتبط بالغيبي ويفوق الطبيعي استنادا إلى خلفية 
فلسفية؛ يستند إليها المؤلف تتمحور حول الرغبة في التعبير عن 
أحلام فردية أو كلية لتغيير الحاضر بواقع محلوم به يكون مدينة 
عجائبية2» أو عالما علويا أو أخخرويا يهب في الدنيا ؛ ذلك أن 
«الأسفار إلى عالم آخر يتتتمي إلى أقدم الأجزاء الرئيسية في 
الحكاية الخرافية وقد تغنى بها هوميروس كما تغنت بها ملحمة 
جلجامش البابلية وقد حكت عنها تجارب الأسكندر العجيبة؛ بل 
حكى عنها كذلك الأدب الجرماني القديم وملاحم الفروسية في 
العصور الوسطى» تلك التي تدين بالكثير إلى الخيال الكلتي» وقد 
احتفظت بهذا الملمح كذلك حكاية الشسخص الذي رحل لكي 
يعرف ما الخوفء إذ كثيرا ماتتحول الأسفار إلى العالم السفلي أو 
إلى ماوراء عالمنا من الحصون المهجورة!3. 

إن أشكال تناول المتخيل الأخروي في صوغ رحلي تتعدد في 
البناء وأيضا في الأهداف والخلفيات» وهو ما يعطي لهذا الشكل 
وجودا متفردا في الأدب العربي» وفي الدراث السردي على 
الخصوص . 

5-آضاق أخرى : تَغدت الرحلة في الأدب العربي؛ في 















107 


لمحظاتها الشلاث؛ من بعضها البعض» في مسيرة أدبية منفتحة على 
النثر الآدبي والفني بنصوصه التخيلية التي كان عنصر السفر داخلها 
رثة تنسج متنفسات أخرى لتمديد وتوليد الحكاية ورسم حلقات 
جديدة لهاء وذلك بالخفز على خلق المتعة من خلال المساهمة 
في إفراز عناصر مثل الصدفة» والمفاجأة» والعجائئي. . وهي 
عناصر ترتبط -ضرورة- بالسفر. وقد شكل نص الرحلة هاجسا 
حاضرا في النصوص السردية القديمة التي مرت من مرحلتين 


أساسيتين : 

- الرحلة باعتبارها فعلا متجسدا في الزمان» عبر الإنتقال من 
مكان لآخر مع حدوث أفعال ووقائع . 

- الرحلة باعتبارها محكيا يختزل تجربة الفعل السابق ويدونها 
في شكل سرود بضمير المتكلم . 


وداخل هاتين المرحلتين سعت نصوص أخرى إلى قلب 
المعادلة» فقد كتبت رحلات لا تستند إلى تجربة فعلية؛ الذات 
مرجعية مادية في الزمان والمكان بقدر ماتستند إلى المتخيل الديني 
والأدبي والفلسفي والصوفي لبناء عالم آخخر بقوانينه ومكوناته 





وأحلامه. 

إن الرّحلة في الأدب العربي زاوجت بين بنية صغرى وأخرى 
كبرى تجلتا في المرور من العنصر إلى البنية ثم التلاقح ألذي كان 
حاضرا باستمرار في التراث السردي العربي بشكل عامء وبين 
العنصر والبئية بشكل خاص . 


108 


1-5- النص الرّحلي عنصر في البنية الثقافية : 
تؤسس تيمة السفر عنصرا حلقيا في الملاحم في أشكالها 
الكلاسيكية الأولى : الإلياذة والأوديسة وملحمة جلجامش والإنيادة 
والشاهنامة... والملاحم التي جاءت في العصور الوسطى قُبيل 
إفساح المجال للراوية . وهكذا تكون الميثولوجيا قد حفلت 
بحكايات تتموضع فيها تيمة السفر بشكل أساسي داخل الخارق 
والعجيب 44 كما وجدت الرحلة عند لوكيوس أبوليوس 59 
“ذريعة لسرد الحكايات المختلفة؛ أما في الإلياذة49) فإن البطل 
يخوض مغامرات الإرتحال في البحر ليحقق استمراريته 
واستمرارية البطولة» فيما تعني "الأوديسة ' في اللغات الأوربية 
الآن : «سلسلة طويلة من الرحلات أو رحلة يمتدبهاالأمد 
وتنخللها المخاطرات والأهوال»7): كما تحكي إنيادة فرجيل 
سفرا ملحميامرتبطا بملحمتي هوميروس» حيث يروي ماوقع 
للأمير الطروادي «إيناس» وماجرى له بعد سقوط طروادة وإبحاره 
مع طرواديين آخرين» وبعد سفر ومعاناة دامت سنين طويلة 
سيستقرون في غربي ايطاليا!): أما ملحمة جلجامش فتنبني» 
بدورهاء على سفر جلجامش بحثا عن نبتة الخلود» مما يموضع 
عنصر الرحلة» ضمن إطار عام ومركزي في بناء الملحمة وتسلسل 
أحداثها'4»؛ وهو أمريمكن تعميمه على النص الملحمي الذي له 
نفس المستوى في تقييدات 'أيام العرب' والليالي والسير 
الشعبية» حيث يمكن استكناه ملمحين وظيفيين لعنصر الرحلة في 


109 


السرود القديمة» سواء في التراث الإغريقي والأوروبي أو التراث 
العربي والتفاعل المتقاطع باستمرار250: مما يُعطي لوظيفة الرحلة 
أسسا تعمل على : 

- توسيع الحكاية بخلق مغامرات ومفاجآت» وحياة أخرى 
للنص الحكائي باتباع شكل دائري انتقالي - دينامي ٠‏ 

- زرع التق التعجيبي والاغرابية وتمزير ما هو فوق الطبيبي . 

وحينما تلاشت الملحمة لصالح الرواية في القرن السادس 
عشر بقي عنصر الرحلة من العناصر والملامح الرئيسية في دون 
كيشوتء وتيل» ولازاريو وروبنسون كروزوي!!؟... لكن؛ مع 
تطهير هذا العنصر من فوق الطبيعي واحتفاظه بالوظيفتين في حدود 
تخبيلة لابذخ فيها . 

وقد استمر عنصر الرحلة أيضا في السرود الروائية الحديثة 
بأشكال مختلفة وطرائق مغايرة للتعبير والتنويع في التشكيل» 
باعتبار هذا العنصر رئة يتنفس منها المتخيل ويجدد في الصوغ 
ماأمكن. 

2-5- النص المضتوح : تشكلت الرحلة؛ باعتبارها نصا 
كاملا بمقوماته ومكوناته» عبر كل المراحل التاريخية» وخصوصا 
في لحظات البناء» والاتتقال من مجتمع القبيلة إلى مجتمع 
الدولة» والذي عرف إرهاصاته الأولى مع الأمويين» وتوطد مع 
الدولة العباسية في المشرق» والدولة المرابطية في المغرب ... 

وارتبط السرد تاريخيا بالتحولات البثيوية في 





110 


خلال لحظات حاسمة من التاريخ» فترعرع في حضنه متبادلا 
التأثير والتفاعل وسط المتغيرات» الأمر الذي جعل النص 
الرحلي؛ بدوره» يؤكد وجوده ويحقق أدبيته التي تمتح من 
مختلف الاشكال الموجودة آنذاك» فعرف تشكله انطلاقا من: 
تأثيرات أدب التراجم» والتقييد التاريخي والحكائي» والسرود 
المشبعة بإبراز العجائبي» والتوصيف التفصيلي المصاحب» 
فصارت الرحلة نصا مستقلا في شكله؛ له مرجعيتان تحكمان 
بناءه : المرجعية التيماتية المرتبطة بتجرية واقعية أو ذهنية ٠‏ 
متحولة من تذكرات إلى موضوع للرحلة. والمرجعية النصية 
المتصلة بالسرد الأدبي القريب من نفس الحكاية الشعبية» 
والصياغات التاريخية والتوصيفات الجغرافية . 


إحالات 


1- جان جوليس فورتيش : الشغف بالترحال [ترجمة : سمير عبد 
الرحيم] ص69 [ضمن مجلة] الشقافة الأجنبية» محور : أدب 
الرحلات» بغداد» السئة 9: العدد3 1989. 

2- أبو حيان التوحيدي : كتاب الإمتاع والمؤانسة. (المجموعة 
الكاملة)» بيروت» لبنان ١‏ (دءت) [صححه وضبطه 

إغروبه : عمد أمين :امد الزين]. يقول عمد آمين 
حت ا ل 0 
المهندس كان صديقا لأبي حيان وللوزير ابن عبد الله العارض فقرب 
أبو الوفاء أيا حيان من الوزير ووصله به ومدحه عنده حتى جعل الوزير 
أبا حيان من سماره ا كان يحادث 

ليه أسئلة في : عنها أبو حيان. 
كراب أبوالوفا لخ أي حباة .يقص عليه كل ماداربينه وبين 
الوزير من حديث وذكره بنعمه عليه من وصله بالوزير [...] فأجاب أبو 
حيان طلب أبي الوفاء و: إل على حكمه وفضل أن يدون ذلك في كتاب. 
يشتمل على كل مادار بينه وبين الوزير » ص : د ه. 

3- أبو حيان التوحيدي : : (المرجع السابق) ص8 . 

4- إن تجنس النص في إطار جنس مسعسين لا يتحكم في ذلك التسراكم» 
والعناصر المكونة لهذه التصوص» والبناء الصا بل هناك عصواتل 
أخسرى أعقد من أي استتشاج تبسيطي كما يقع في تحديد جذور 
المصطلحات وتحولاتها المعقدة من الاعشباطي الشوافقي إلى 
المصطلح. 

5- ابن فضلان : رسالة ابن فضلان؛ بيروت؛ لبنان» مكتبة الثقافة 

العالمية» 2» 1987 [تحقيق تحقيق وتعليق وتقديم . سامي الدهان] انظر 

فاتحة الكتاب صص 69-67. 

















112 


6- انظر : نازك سابايارد : الرحالون العرب وحضارة الغرب في 
النهضة العربية الحديتة» بيروت» مؤسسة نوفل» ط1ء 1979 . 

: محمود عبد الحميد أحمد : الهجرات العربية القديمة» 
دمشق» سورياء دار طالاس» طاء 1988 [الفصل الثالث]. 
- عبد الرحمن زكي : الجغرافيون والرحالة العرب [الجزء 
الخاص بالهجرات العربية؛ صص: 361-359] (ضمن مؤلف 
جماعي) : بحوث المؤتمر الجغرافي الاسلامي الاول» 
المجلد الثالث» تحت اشراف دار الثقافة والنشر بجامعة الامام محمد بن 
سعودء 21984 

8- انظر : محمد أحمد جادا لمولى وآخرون : أيام العرب في 
الجاهلية» بيروت» لنان» دار إحياء التراث العربيء (دءت) 
9- وهب رومية : الرحلة في القصِيْدة الجاهلية. بيروت؛ لبنان» 

مؤسسة الرسالة» ط3ء 1982, ص18 . 
0- كيفن كروسلي هولاند : مقدمة في شعر الرحلات (ترجمة شاكز 
/ عدد1989-3 (مرجع 


-7 











: كتاب أيام العرب قبل الإسلام» 
عالمالكتبب مكدبة التهضة المربية: 11 ؛ 1987 [جمع وتحقيق 
ة : عادل جاسم البياتي]. وقد حدد المحقق حمئسة أنواع من 





- كتب شروح الشعر : شرح المفضليات لابن الأنباري وشرحديوان 
الحماسة للمرزوقي 

-كتب الأدب : المقد الفريد لابن عبد ربه» الأغاني لأبي الفرج 
الإصبهاني» والأمالي للقالي ونهاية الأرب للنويري. 


213 
جه - الرحلة فى الادب العريى 


- كتب الأمشال . أمثال العرب للمفضل الضبي» جمع الأمشال 






- كتب التراجم : الموشح للمزربانق» المؤتلف والمختلف للآمديء 

ومعجم الأدباء لياقوت. 

كب ريخ والسير والبلدان : تاريخ الطبري» الكامل لابن الأثير», 

, ب » ومعجم ما استعجم 
بكري 0 صص . 25-24. 

14- أبوعمرو بن العلاء» ت154ه» المفضل الضبي 168 هء يونس بن 

183 هء ابن الكلبي 204هء أبو عبيدة 209ه» الأصمعي 

16م 

.هذا السؤال أسئلة أخرى نناقش هذه القصص القراً 

يي وصوغ أدبي بغض النظر عما قد يطرحه النص الد, 
نصا منزلا له خسصائص وشروط لا يمكنه معسها أن يتسساوى -في 
التحليل- مع النصوص الوضعية . 

16- أحمد موسى سالم : قصص القرآن في مواجهة أدب الرواية 
والمسرحء بيروتء لبنان» دار الجيل؛ 1978» ص : 235. 

7- أحمدا فوسى سالم : (مرجع سابق)ء ص 211. 

أيضا : محمود زهران : قصص من القرآن؛ مصرء دار 
الكتاب العربيء ط1ء 1956: ص 3. 
- الشيخ أحمد عساف : قصص من التنزيل بيروت» بنان» دان, 
لبنان للطباعة والنشرء ط1ء 1981؛ صص7. 

18- بالنسبة للرسول الكريم؛ فإن الرحلات شكلت محطات تجول أساسية 
في حياته وفي حياة المسلمين» على سبيل المنثال» رحلات التجارة في 
شبابه» رحلاته الى الغارء رحلة الإسراء والمعراج؛ ثم الهجرة. 

19- أحمد الشرباصي : من أدب القرآن: مصرء دار المعارف» ط2» 
' (دءت) [انظر الفصل الخاص بالهجرة بين القزآن والسنة صص 56- 
به 




















114 





0- عبد الحافظ عبد ريه - بحوث في قصص القرآن» بيروت» لبنان» 
دار الكتاب اللبناني» 1972 ص 178 

1- محمد صقلي حسيني : الرحلة عند المحدثين ودورها في 
توثيق السنة» [ضمن مؤلف جماعيء ندوة] محور : أدب الرحلة 
والتواصل الحضاريء منشورات جامعة المولى إسماعيل» كلية الآداب 
والعلوم الإنسانية:» مكناس؛ سلسلة الندوات؛ 5- سئة 1993 
صص307-287. 

2- في الشروط انظر : المرجع السابق»؛ صص306-295 
للمزيد من التفصيل انظر أيضا : الخطيب البغدادي : الرحلة في 
طلب الحديث» بيروت؛ دار الكتب العلمية: لبنان» ص 118 
[تحقيق نور الدين عنتر]. 

23- عيد الفتاح كليطو: المقامات» السرد والأنساق الثقافية» 
. الدار البيضاءء المغرب: دار توبقال للنشرء ط1ء 1983؛ ص15 
[ترجمة عبد الكبير الشرقاوي]. 

إبراز عنصر الرحلة في هذه الأشكال» سئقتصر على نماذج 

من المقامة وألف ليلة وليلة للتمثيل فقط . 

5- علي عبد المنعم عبد الحميد النسوذج الإنساني في أدب 
المقامةك القاهرة» مكتبة لبنان» لونجمان؛ ط1ء 1994» ص58. 
26- نفس المرجع السابق» ص 61. [وهو رأي مثبت لعبد المنعم خفاجي 

ومحمود الزهيري]. ' 

7- إبراهيم السعافسين : أصول المقامات؛ بيروت. لبنان» دار 
المناهل» ط1ء 1987» ص» ص77 112 . ويقول أيضا (إن سطوة 
الموروث الشعبي كانت واضحة جدا سواء في الأصول أو المقامات. إذ 
استمدت هذه كلها من تعبيرات العامة ومن القصص الشعبية والحكايات 
الذائعة» من قصص الشطار وحكايات المكدين والبخلاء والعيارين 
والطفضيليين والمسمرورين واللصوصن والظرفاء والمجان والحمقى 























115 


8- انظر للمقا, المقامة الإبيسية للهمذاتي ورسالةالتواع والزواع 
لابن شهيد. 
اللمزيد من التفصيلات : عبد الفتاح كليطو ٠‏ المقامات. 1983 
ص . ص 92-91 ؛ شوقي ضيف ص ص31-30. 

29-عيد الفتاح كليطوء, المقامات (مرجع سابق) ص1 1 

0- أحمد الحسين : أدب الكدية في العصر العياسي» اللاذيقية» 
سورياء دار الحوارء ط1ء 1986. 

31- عبد الفتاح كليطو : المقامات [مرجع سابق) ص15 . 

2- عبد الفتاح كليطو : المرجع السابق» ص 11 . 

33- - إن بناء السقامة على مستوى الشخصيات؛ بشكل عام» ينبني كالتالي”: 







210 29 و 

١42 41‏ 51 فإنه لم يشارك فيهاء لهذا جاءت 
بضمير الغائب ؛ أما الفضاءات المتطرق إليها فهي : جرجان» 
بلخ» سسجستان» الكوفة» حمصء اذربيجان» اصفهان» الأهواز 

5- بديع الزمان الهمذاني : شرح مقامات بديع الزمآن الهمذان 
بيروت» دار الكتب العلمية» ط2» دءت» [تحقيق [تحقيق محمد محي الدين 
عبد الحميد] المقامة الشيرازية صص : 231-227. 

36- فريال جبوري غزوا ة والدلالة في ألف ليلة وليلة 





ناد 








116 











[ضمن مجلة :] فصولء محور آلف ليلة وليلة» الجزء]» الهيئة 
المصرية العامة للكتاب؛ القاهرة» المجلد الثاتي عشرء العدد4» 
1994 ص79. 








2 1994 0 
صض. ص 197-191]. 

9- فاروق خورشيد . الليالي والحضارة العربية. مناقشة 
ورؤية» ضمن مجلة فصول» خاص عن ألف ليلة وليلة» الجزء11 ربيع 
1994 » المجلد الثالت عشرء العدد الأول. ص16 . 

0- عبد الغني الملاح : رحلة في ألف ليلة وليلة» بيروت؛ لبنان» 
المؤسسة العربية للدرسات والنشرء طاء 1981 ص14. 

41- فريد ريش فون ديرلاين : الحكاية والخرافة؛ بيروت» 








لبنان» دار القلمء ط1ء 1973» ص104» [ترجمة : نبيلة ابراهيمء 
مراجعة عز الدين اسماعيل]. 0 . 
لهذا النمط من المدن العجائبية» انظر': مديئة النحاس في ألف 






ليلة وليلة : 

- أندرياس حاموري : مديئة النحاس؛ قنصة رمزية من ألف ليلة 
وليلة [ترجمة رفعت سلام] ص .ص 270.261 (فسمن مجلة) 
فصولء الجزء الثاني (مرجع سابق). 

- أندرياس حاموري : موسيقى الأفلاك» الحمال والبنات الثلاث 
في بغداد. ص . ص 122 . 131 [ضمن مجلة فصول الجزءآ1] مرجع 
سا 








3- فريدريش فون ديرلالين : (مرجع السابق)؛ ص105.. 
44- إديث هاملتون : الميثولوجياء دمشق» سورياء منشورات اتحاد 
تكتاب العرب» ط1ء 1990 [ترجمة: حنا عيود]. 





7 


5- لوكيوس أبوليوس : تحولات الجحش الذهبي؛ طرابلس» 
المنشأة العامة للنشر والتوزيع والإعلان» 2 4 [ترجمة 








: علي فهمي 
46- هوميروس : الإلياذة: القاهرة» مصر دار الفكر العربي» ط2» 
1 [ترجمة : أمين سلامة]. 
7- هوميروس : الأوديسة؛ بيروت» لبنان» دار العلم للملايين» ط2» 
سلام الخالدي] . 
اإنيا ف كت 1980٠‏ 





49- فراس السواح : كنوز ١‏ 0 
دمشق» العرم وا ٠‏ 197 ص87 , 
مال راك كل شيء إلى تخسوم انب الهو الذي موف كلد 

4 /. . معا/ سيد الحكمة الذي بكل ش ق/ رأى 
وكشف أمورا.ء 





وجاءنا بأخبار ساقيل 


الطوفان/ مضى في سفر طويل وحل به الضنى والعياء/ وحفر في لوح 
من الحجر كل أسفاره» . 
0- إحسان سركيس : الآداب القديمة وعلاقتها بتطور 
المجتمعات؛ بيروت: 





ان؛ دار الطبيعةء ط1ء 1988. 

السوقييت : نظرية الأدب؛ بغدادء العراق» 
والإعلام (سلسلة 92): 1980 » القسم الثاني» 
ف. ف كوزينوق : الرواية ملحمة العصر الحديث؛ [ترجمة : نصيف 
جميل التكريتي]. 





118 


الفصل الثالث 





الأنواع والمرجع 


1- الرحلة: مسار التنوع ؛ تتمتع النصوص السردية 
الكلاسيكية بخاصية قدرتها على تمثل عسصرها بشكل من 
الأشكال . وقد مد هذا التمثل النص الرجلي بالتنوع الذي حفظ له 
تعدده في أفق بناء رؤية شخصية للمؤلف. ثم لفئات تشترك معهء 
نسبياء في نفس التصور. فالنص الأدبي عموماء حينما لايفتح 
كوئ أخرى أنواعية من صميم حقله بقصد فسح المجال أمام 
التعديل والتحويل والتخصيبء يتعرض للانكماش واليباس 
والتلاشي؛ لهذاكانت ضرورة المرونة والانفتاح للاستمرار 
والبحث عن صيغ متعددة للتعبير من داخل الجنس الواحد» نظرا 
لاختلاف الرؤى والتجارب» وحتى التعبيرات والآفاق 
المجسدة لها. 


119 


كل هذا دفع النص ألرحلي في الأدب العسربي إلى الانفشاح 
على التنوع» انطلاقامن الجانب التيماتي؛ حيث إن اختلاف 
المرجع وبناءاته الذهنية نيلية جعل طابع التنوع هو المجسد 
الأسمى لوحدة النص الرحلي» ثم الجانب الرؤيوي لهذا 
المرجع» وطريقة الإسناد. مما جعل الرحلة في الأدب العربي 
تنقسمء في إطار النوع» وعلى مستوى كل الآداب» إلى نوعبين 
عامين هما النواة الكبرى المنشطرة إلى نواتين ستحتضنان أنوية 
نوعية صغرىء ذلك أن تفصيل الحديث عن أنواع الرحلات لا 
يستقيم إلا بتناول المسألة من منظور التقسيم المعطى أساسا : 

| - نصوص رحلية في الوجود الفيزيقي تستند إلى 
مرجعية ملموسة في الزمان والمكان» وأحداث في الواقع 
مصبوغة بخصوصيات تشترك فيهاء بالإضافة إلى أنها تفرز أنواعا 
تتحدد انطلاقا من الحافز الذي وجّه أحداث النص قبل تدوينها . 

ب - نصوص رحلية متخيلة واستيهامية ذات مرجع 
أخصروي أو دنيسوي- يوتوبي» وهي بهذا تخلق تعددها الأنواعي' 
الذي يستقي دلالاته من التخييل» في شروطه المحكومة بالديني 
والتصوفي والفلسفي والاجتماعي . 

وضمن هذين النوعين الكبيبرين يسجل المتخيل 
حضوره المتحرك كونه محطة ضرورية لتقاطع الاجئاس الأدبية 
والفنية : شكل جلي في النوع الثاني» وخفي بتلويناته الفاضحة 
في الأول. 





120 


لكن المشترك الذي يمكن التمهيد به لهذين التوعين هو أن 
مكوناتهما تبقى واحدة في التشكيل تنفتح على التنوع الذي يفرز 
أنماطا من الكتابة تشكل المدخل لرصد النص وخطابه ؛ فالنمط 
يتحدد انطلافا من وضعيات متشابكة يشترك فيها الرحالة والهدف 
الموجه للرحلة وكذلك المتلقي بشكل أساسي . ٠‏ 

يكتب النص الرحلي نشراء كما ينكتب شعراء فقد تضمنت 
القصائد الجاهلية؛ وماتلاها في العنصرين الأموي والعباسي 
رحلات قائمة في السياق الشعري. وعمد مؤلفو يعض 
الرحلات إلى سردها شعراء شأن العبدري الذي ختم رحلته 
المدونة نشراء بكتابتها شعرا مستعرضا فيهاء بتكثيف؛ أهم مراحل 
رلته . 

كما عرف التراث الرحلي رحلات شعرية خالصة التفطت 
موضوعة السفر والتعبير عنه شعرء فق د دون أحد الملاحين 
المعروف بماجد #تجاربه البحرية في مصنف ضخم سماه 
'الأرجوزة الحجازية * وقد ضم أكثر من ألف بيت وصف فيها 
الملاحة على سواحل البحر في القرن التاسع الهجري. 

أما ابئه أحمد بن ماجد فقد صنف ألفية أخرى » ومجموعة من 
المنظومات غيرها. دعاها بالأراجيز»©». وهناك أيضا قصيدة في 
وصف الحج مدونة باللغة الإسبانية بحروف عربية لأحد 
الموريسكيين عُثر عليها مخطوطة باسبانيا (أواخر القرن 6ام) وهي 
بعنوان «قصيدة الحاج القادم من بُويْ منشون»©. 





121 


أما الرّحلات النثرية» وهي الأعمء فإنها تجيء مُدوئة 
بأسلوب يغلب عليه الطابع المحدد للرحلة وتتخذ صغة الرحلة 
انطلاقا من اعتمادها على مجموعة من المكونات والعناصرء وفق 
,صسياغات أدبية وفنية وجمالية . وهذا النوع من الرحلات هو 
الغالب» فيما توجد أنماط أخرى تستلهم شكل الرسائل» كأن يقيد 
الرحالة رحلبّه في شكل رسالة موجهة إلى مخاطب محدد يتغيى 
من خخلالها إخباره بنفاصيل معينة وطمأتته؛ أو يلجأ إلى نظام 
اليوميات» أو أي شكل أدبي آخر. 

وإذا كان أسلوب الرحلة المكتوبة في شكل رسالة لم يشع» 
فلأنه يقصي أحد أهم مكونات البنص الرحلي : الوصف والتدقيق 
في التفاصيل» وإيرادها بصيغ مختلفة» رؤية وسماعاء أو تَوهّما 
وحلما. . وغير ذلك مما تحفل به الرحلة. لكن الاستثناءات في 
هذا المجال تشكل محطة خصبة للتحليل» تشهد على ذلك 
رسالتان لهما حضور خاص : رسالة التوابع والزوابع لابن شهيد» 
ورسالة الغفران لأبي العلاء المعري . 

وسواء في الرحلات الرسائلية» ذات الطابع الأدبي أو غير 
ذلك من الرسائل الأدبية» فإن أهم عنصر يحضر أثناء استعراض 
النص وبنياته الخطابية هو الطبيعة الجوابية الظاهرة أو المضمرة 
عن سؤال حقيقي أو محتمل ؛ فرسالة الغفران تأتي جوابا من 
المعري عن رسالة ابن القارح . ويتتخيل أبو حامد الغزالي في 
*المنقذ من الضلال'» وهويدون سيرته الفكرية ورحلته 








122 


افشاك بلزين البنت عن لذت ايفين لذ يخاطي 
شخصا وهميا يجيب عن أسئلته . 

نمط آخر قريب هو الرحلات المدونة في شكل تقرير رسمي 
أو شبه رسمي ؛ حتى أنه يمكن النظر إلى كل الرحلات من منظور 
أنها تقارير رسمية أو ذاتية كتبت ودُونت بناءً على أمر أو رغبة ذاتية» 
رغم أن كلمة التفرير تضيق عن استيعاب رحلة يتقاطع فيها الذاتي 
بالوصفي مع المعلومات الإثنوغرافية والجغرافية وغيرها. لكن , 
القول بالرحلة - التقرير مسألة واردة اخبتلاف في صوغ الوقائع . 

وإذاكان أبودلف في رسالته الشانية يتوجه بالخطاب إلى 
* عاهليه' فإن رسالة ابن فضلان هي بأمر من الخليفة؛ فكتبت 
أشبه ما تكتب «التقارير الرسمية التي يكتبها السفراء؛ اليوم؛ عن 
بلادعجيبة غريبة»)» كمايتحدث عنها المستشرق 
كرانشكوفسكيء باعتبارها تقريراعن سفارة شارك فيها ابن 
فضلان . . الذي #يقدم لنا صورة حية للظروف السياسية في العالم 
الإسلامي والعلاقات بين بلاد الإسلام والبلاد المتاخمة لها في 
آسيا الوسطى أوالاصقاع النائية التي كانت تمثل أطراف العالم 
المتّمدن:9, 

وتعتبر رحلة سلام إلترجمان (ق 3 ه) إلى الاصقاع الشمالية 
توجيهامن حلم إيهامي للخليفة الوائق» حول سد 
وماججوج؛ فعجاءت رحلة - تقريراء يقول عنها ابن خرداذبة بأنه 
«سمعها في بداية الأمر من سلام ثم أمليت عليه من التقرير الذي 











123 


رفعه سلام إلى الخليفة»©» ؛ حيث تتفق باقي الدراسات التي 
قاربت الموضوع إذ #يرى عالم البزنطيات 'فاسيلييف أنه من 
الممكن القول إن سلاما قدنقل إلى الخليفة الروايات المحلية 
التي سمعها في الأماكن التي زارها 7 . 

إن الرحلة - التقرير شكل لا ينفي عن النصوص الرحلية 
أدبيتهاء وإنمايؤكد مرونتهافي الانفتاح على تنوع الاشكال 
وقابليتها للجمع بين التقرير والرسالة والترجمة والسير: 

2 - النص والنوع :من هذا المنظور يمكن النظر إلى أنواع 
الرحلات من حيث رصدها للفضاء المرتحل إليه؛ لأن 
ي تقدمها الملاحظة حول المكان في فترة زمنية ذات 
دلالات قد تفسر بعضامن طبيعة الرحلة في الأدب العربي» 
ويمكن تحديد خمسة أشكال بحسب اتجاهاتها إلى المكان 
المرتحل إليه : 

- رحلات داخلية في نفس بلد الرحالة . 

- رحلات خارجية في المحيط الإسلامي. 

-رحسلات خارجية في المحيط غير الإسلامي 
(المسيحي...) 

- رحلات استيهامية دنيوية . 

- رحلات استيهامية أخروية . 

وتبقى النصوص الرحلية الداخلية: محدودة جداء رغم 
أهميتها واختلافيتها. وقد تم العثور على مخطوطة بقيين! دض 











124 


مذكرات أحمد بن حسن المتيوي (ق171م) عن رحلة داخلية 
بالمغرب من فاس إلى تيفلت استغرقت أحد عشر يوما كما تشكل 
رحلة ابن قنفد جولة داخلية بحثا عن حقائق صوفية. 

أما الرحلات الخارجية إلى المحيط الإسلامي (دار الإسلام) 
فهي النوع الأكثر شيوعاء وذلك لعوامل عدة منها : الإرتباط بكل 
ماهو ديني من أماكن مقسدسة» ومزارات؛ وشيوخ وعلماء» 
بالاضافة إلى الحس والرابطة الدينية» وازدهار التجارة والإستقرار 
ويمكن إدراج النصوص الحجية والزيارية في هذا السياق . 

الرحلات الخارجية للبلدان غير الإسلامية قليلة ومحددة 
الأهداف» إما في التيجارة أو السفارة أو المعرفة؛ كما هو الشأن في 
رحلات ابن فضلان» وأبو دلف» وسلام الترجمان» وغيرهم من 
الرحالة العرب الذين «وصلوا أوربا ليس من الشرق» فقط؛ بل من 
الغرب أيضا. وقد حفظ لنا البكري اللجغرافي الأندلسي والقزويني 
كسشيرا من مشاهدات الرحالة إبراهيم يعسقوب الإسرائيلي 
الطرطوسي» وكان عالما أندلسيا يهوديا بتجارة الرقيق» وقد 
أخذته رحلاته إلى جنوب ألمانيا في القرن الرابع الهجري»©. 

وسيعرف هذا النوع من الرحلات توسعا كبيرا ابتداء من القرن 
التاسع عشرء وذلك في إطار العلاقة الجديدة التي ربطت 
المجتمعات العربية - الإسلامية بالمجتمعات المسيحية. 

أما بخصوص الرحلات الإستيهامية الدنيوية فهي النصوص 
التمخيلية التي تنبني ذهنياء وترسم عالما يوتوبيا بديلا عن الواقع . 

















125 


أما الرحلات الإستيهامية الأخروية فهي الشكل الذي تكتب به 
رحلة تحكي عن عالم الآخرة. , 

وفي هذا السياق يتشعب النص الرحلي إلى أنواع صغرى 
متفاعلة . لكن اتتقسيم المركزي يظل متراوحًا يين نص ذي 
: وقائغه إلى حقائق أخرى ٠‏ دكل 






الحافزة على استمراره وتطور فعلا وإنجازاء مكتويا أو مرويا 
شفويا ويتضح وجود أربعة عوامل أساسية تجدب الرحلة إليهاء 
وتدور في فضاء محورين اثنين : داخلي وخارجي ؛ بمنعنى 
ارتباط الإرتحال بالجانب النفسي والديني والاجتماعي 
والسياسي . أما العوامل فهي الحج وطلب العلم والتجارة والرغبة 
في معرفة الآخر. 

هذه العوامل قد يتداخل» بعضها أو جلهاء في رحلة واحدة» 
ممايُسهم فعلياافي تعدد المحفزات والنصوصء وأيضا في تعدد 
الرحالين من حيث اللتصنيف إلى فئات ترتبط بعواملها. وهكذا 
يمكن اعتبار فئة الرحالين التجار أو الباحثين عن الرزق» سواء من 
خلال التجارة أو الرعي وتربية المواشي هي الفئة الأقدم تاريخياء 
يليها الرحالون الحجاج إلى مكة والمديئة أوبيت المقدس أو 
الأماكن المقدسة؛ وهم فئة كبيرة تضاف إليهافئة المتصوفة . 
وبعض أصحاب الطرق والزوايا المعنيين بزيارات متعددة 
للمزارات والأماكن الرمزية» ثم الرحالة المكتشفون» وطلاب 





126 


العلم» ومنهم الباحثون في المسالك والممالك؛ وهم قئة قديمة 
مهدت للنص الرحلي المكتوب. كما هناك السفراء؛ ممن ذهبوا 
في مهمة رسمية معلومة؛ أو من ذهب بطرق متسترة لأداء مهمة 
سفارية- تكليفية من أجل جمع المعلومات ورسم الخرائط . 
فضلاعن فشات أخرى قليلة من الرحالين الهساريين من وضع 
سياسي واجتماعي ونفسي متأزم؛ أو من المحاربين المنتقلين من 
مكان لآخرء أو من الباحثين عن الشفاء من مرض ما. 

وقد اختلف الباحثون في : أنواع الرحالة من منظورات 
حقول اشتغالهم ؛ فهناك من ميز بين نوعين : الرحالة الأدبي» 
والرحالة الجغرافي 219 فيما توقف باحث آخرا!!» عند صنفين : 
الأول يطوف لغرض علمي» والآخر لأغراض سياسية وتجارية 
ودينية وهناك من يرى في الرحالة ثلاثة أصناف12) : 

- صنف يجتهد في الحصول على أكثر ما يمكن من الإجازات 
والتعريف برجال العلم والدين. 

- صنف انصر فت عنايته إلى الأدب والتراجم . 

















وهذا ماشسجع البعض على المزيد من التندقبيق في أصناف , 
الرحالة حيث قسمهم حسين مؤنس7!) إلى : الرسول» وصاحب 
البريد» والجاسوسء والراغب؛ والمغامر» والسفيرء والملاح» 
والتاجرء والعسالم. مما يوضح أن تنوع الرحالة يفضي» 
بالضرورة» إلى تنوع في الرحلات. 


127 


ويستمد النض الرحلي مادته التتخيلية من استذكارات أو 
تفييدات لوقائع وتجارب عاشها السارد» أو الذي تروى الرحلة 
على لسانه» فتجيء نصا شخصيايكتب للذات وللآخر 
تأريخا/ حكيا عن سفر معين . 
والسجربة التي تتحول إلى صوغ معرفي تحكمهالأنا 
وانعكاساتها الفنية في مقارنات ضمنية أو صريحة مع الآخر هي 
نفسها المخدد لمحفزات الرحلة التي تكون انتقالا من مكان لآخر . 
والكتابة السردية القديمة تَجْد لها مبرراتهاء كما ترسم أسباب 
تدوينهاء مع الخضوع لحجم التطور الذي يلزمه الجدل والتراكم» 
ومدى مطواعية عناصر النص وقدرتها على الصمود والإخصاب ؟ 
فالنض الرحلي هو من النصوص الأكثر قابلية لوجود عنصري 
العوامل الحافزة - المحفزة الداعية إلى قيام الرحلة باعتبارها فعلا 
من جهة؛ ثم تدوينها نصا من جهة 
رحلة تحمل حكاياتها الموازية القبا 
ويجعلها قربية من نصوص سردية عديلة ‏ 
ارتبط مسار تكوّن النص الرحلي بمسألة التعددء مما أفرز 
. سمات وخصوصيات ضمن كم هائل من النصوص تنوعت حسب 
أسباب قيامها وأهدافها المرسومة؛ وهو الشيء الذي انتحاه محمد 
الفاسي حينما قسم الرحلات إلى خمسة عشر نؤعا#!" يمكن النظر 
إليها من زاوية أخمرى وحصرها في نوعين كبيرين : هما الرحلة 
الفعلية والرحلة الخيالية . 





128 


وتتضمن الرحلة الفعلية المتجسدة في الواقع ثلاث خانات ِ 
-الرحلة الدينية والرحلات القريبة منها : (الزيارية» 





الفهرسية ...) ؟ 

- الرحلة العلمية أو الأدبية أو النصوص القريبة منها: 
(الإستكشافية» الدراسية» المقامية» الأثرية...) ؟ 

- الرحلة السفارية والسياسية . 

أما الرحلة الخياا 
وقائعها في العالم الدن 

1 الرحلة الفعلية 


1 - الرحلات الحجية: الزيارية : تحفل النصوص 
الرحلية الحجية بوفرة في التنويع» تأتي كما لو أنها سير ذاتية أو 
مذكرات شخصية محدودة في الزمان والمكان» تكتب في 
وضعيات مختلفة بأساليب تتأرجح بين التقرير الجاف» 
والإنسياب الرومانسي المتدثر بالمعاناة وغلالات من المحنة 
والبعد عن الوطن والاصحاب . 

هذا النوع من الرحلة الموسومة بالحجية أو بالزيارية المدونة 
صورة عن نشاط إنساني مكثف عرف تناميا لارتباطه بالدين الذي 
حث على السفر والحج للتطهر من الآثام؛ والشعور بالإرتياح لبدء 
حياة جديدة تكون عتبة للحياة الأخرى أو لتزكية الحياة السابقة 
وتنويجهاء والتبرك بالأماكن المقدسة» وإتمام فرض ديني وهو 
حتمية تلزمها الأخلاق والتعاليم الدينية. كما أن التعالق بين 


129 
م - الرحلة فى الأدب العربى. 


الرحلي والديني دفع بالعديد ممن يمتكلون حسا أدبيا إلى تدوين 
رحلاتهم باعتبارها هجرة ومرحلة حاسمة في حياتهم . 

وتتشذر هذه الرحلات الحجية إلى أنواع أخرى من جنسها 
نفسهء يوجهها العنصر المهيمن الموازي للقصد الحجيء وكلهنا 
تتداخل وتندرج في إطار التنوع الذي يسخَصبها. وما يميزها عن باقي 
الرحلات هو التعدد» لكونهاذات خصائص محددة» وعناصر 

' تحكم بنيتها على المستؤيين الشكلي والدلالي. وهكذا يمكن 
مقاربة الرحلة الحجية من خلال ثلاث محطات تتحول إلى مشاهد 
لفهم عملية اشتغال النص الحجي وتفكيكه . 

هذه المشاهد هي : مشهد الخروجء مشهد المسير ثم 
مشهد الوصول19). وهي محطات متماسكة تحكمهاعدة 
وشائج وتتخللها تفاصيل ومفاجآت. 

1 مشهد الخروج : إن السفر في الرحلة الحجية لا 
يكون فرديا وإنما ضمن ركب منظم يرأسه شخص عارف بالطريق 
يوصف بالتقوى والأمانة والحنكة في التفاوض وحسم الأمور ... 
وكلها تفاصيل تبرز في مشهد الخروج الذي يقترن بلحظتين 
أساسيتين بلحظة كتابة هذا المشهد ؛ هل دون أثناء أو بعيد 
الخروج أم بعد انتهاء الرحلة؟ . وهي أسئلة ر: في فهم العديد 

ن المعطيات» لأن هذا المشهد تتأتى أهميته من تضمنه لعناصر 
إفدها رؤية الرحالة/الراوي التي تسبق مشهد الوصول . 
من هنا تأني أهمية النص الذي ينكتب أثناء الإرتحال» فهو 














150 


يسجل انطباعات حول المعلوم متوغلا لحظة لحظة في 
المجهول» حال النصوص العديدة التي كان الرحالة فيها يستشمر 
فرصة استراحته لتدوبن التفاصيل قبل امتداد المسافة بين لحظة 
الحدث وبين فعل التدوين. 

وتُعبّر اللحظة الموالية خافز الرحلة» ففيها يعمد الراوي إلى 
ترصيع نصه بسرد الحافز الذي دفعه للخروج إلى الحج والزيارة 
من أجل إتمام الفرائض الدينية والتطهر والتكفير عن الأخطاء 
والبحث عن الخلاص من الضيق والأزمات260. 

وتأتي الاحلام حافزا وسبيلا آخر للإرتحال من منظور أنها 
نداء باطني للتحول من طريق العبث واللامبالاة إلى الرشد» كما 
هو الأسر بالنسبة لناصر خسرو (ق 5ه) الذي ظهرت له زؤيا شيخ 
يأمره بالكف عن حياة اللهو والشرب217» آنذاك جهز نفسه للقيام 
برحلات طويلة زار فيها الحج أربع مرات بعدما «اعتراه تحول 
نفساني عميق دفعه إلى التجوال سبع سنوات» وأنهى أيامه داعية 
للإسماعيلية بمنطقة بدخشان الجبلية»!9! حيث دون رحلته 
الوصفية في كتاب باللغة الفارسية أسماه #سفر نامة». 

وكان الحلم أيضا سبيلا للإيهام» فهذا الخليفة المقتدر يدعي 
رؤيا رآها في المنام بانفتاح السد الذي بناه الإسكندر ذو القرنين 
حول يأجوج وماجوجء فبعث سلام الترجمان في رحلة طويلة 
غرضها هو الاستكشاف والاستخبار219, * 

تؤسس كل رحلة مشهدها الإقناغي بين أداء الفريضة والشوق 





2131 


والتطهر والحلم... في ارتباط بمشهد الخروج الذي يجيء حافلا 
بعدة معطيات» كما أنه يحفل يعناصر أخرى تأتي في شكل حكاية 
أو خبر افتتاحي لابد للقارئ من استحضاره . 
يعلن العبدري؛ في رحلته» خلال التقديم أنه بدأ في تقييد 
الرحلة وهو بتلمسان (ص 6). أما بداية مشهد الخروج 
بالفعل الماضي «كان»؛ وبفعل جاء على صيغة الجمع» ثم يؤرخ 
للزمن ولمكان الخروج (الإنطلاق) مع تغييب العديد من الأشياء 
الأخرى كالاستعلادات القبلية التي تسبق الخروج» وذلك رغبة 
منه في تبثير عناصر أخرى أساسية» وهي بعض التجهيزات النفسية 
المُرتبطة بالفأل الحسن الذي بيسر للرحلة انطلاقتها وهو التبرك 
بولي صالح قوي الرجاء في نيل بركته ... «وفي أول سفرنا دخلنا 
مسجدا لصلاة الظهر فوجدنا به ألواح صبيان المكتب فنظرنا فيها 
. تبركابها فوجدنافي أول لوح منها (ومن يتوكل على الله فهر 
حسبه) وفي الثاني : (ومننيتق الله يجعل له مخرجا) وفي الثالث 
(فلولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين) وفي الرابع 
(قل لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا هو مولانا) فسررنا باتفاقاتها على 
الإشارات إلى البشارات وحمدنا الله علىذلك06©. والعلامة , 
الشالئة في هذا المشهد؛ هي أنه بعد ليلتين أو ثلاث؛ رأيت في 
المنام الفقيه القاضي الإمام أبا الوليد الباجي رحمه الله فخطر لي 
أن أقرأ عليه شيئا من كلامه»(1©. 
إنها ثلاثة عناصر (التّبرك بالولي الصالحء الألواح» المنام) 





152 


تبشيرية تحفيزية على غرار القدماء الذين كانوا يتفاءلون من ظهور 
علامات معينة أثناه خروجهم للسفرء أويتطيرون من رؤية 
علامات أخرى. 

ومشهد الخروج بعناصره الثلاثة الأولية» فضلا عن التطمين 
النفسي يفصح عن انشغال عميق بالرحلة . وهو موقف يؤطر النص 
الرحلي؛ ويعدد رؤاه وآفاقه خصوصا في المشاهد الأخرى. 

مشهد آخر يفصح عن أن كل رحلة يمكن أن تنفرد بنوعية 
مشهد خروجهاء نجد عند ابن قنفذ : «فكان مبدأ الإنفصال عن 
حضرة مراكش أقصى حواجز المغرب أدامها الله للإسلام»2©, 
إن حضور فعل " انفصل " في المصدر يتموضع نفسيا في موقع 
حنيني يعبر عن مشاعر دفينة أعمق من النفي وأقرب إلى الإجتثات » 
تفصح عن بوح» وتحتفظ به في الغالب مشاهد الخروج باعتبارها 
الحظة مزدوجة مشدودة إلى رغبات متناقضة بين الرغبة في 
الخروج لتحقيق أهداف مادية أو معنوية» والضيم الذي يلحق 
النفس جراء فراقها للأحباب و " انفصالها” عن الأرض الأم . 

2-1- مشهد المسير : ويتضمن وجهين للسفرء ذهابا 
وإياباء مع اتمتلاف يُميزهما ؛ فالأول يكون مُسهبا وتفصيلياء 
والشاني مسختصرا وسريمّاء درءً) لأي تكرار ؛ لايروي فيه إلا 
مايكمل الأول. 

ويشكل مشهد المسير بؤرة النص الرحلي» ونسيج الحكي 
وجامعة» لأن السارد يصف ويروي انطلاقا من عين متحركة تسير 





133 


من نقطة إلى أخرى؛ من المعلوم إلى المجهول. وعادة مايتضمن 
هذا المشهد معظم أحداث الرحلة بمافيها معاناة الرحيل 
والمشاهدات؛ والمروي عن طريق السماع والحوار. ذلك أنه 
يمكن وصف هذه اللحظة بأنها مشهد العين المتحركة المرفودة 
برؤى وتخيلات ترسم فضاءات الوصولء تُسئَد بالدهشة» فتتجيء 
سرود وأو اف هذا المشهد مبطنة بالاحلام وبالاحكام التي تتكئ 
على المقارنة بين معطيات الراوي والواقع المرئي والمسموع» 
فتتبدى مجموعة من العناصر التي تتحكم في رؤية الراوي 
للاشياء كلها . 
7 في رحلة العبدري» داخل مشهد المسيرء هناك مشهدان : 
الأول افتتاحي داخلي ينطلق من آخر بلاد السوس» فيحكم عليها 
بعد وصف طبيعتها بموت العلم فيهاء كماايصف ماضيها الموسوم 
بالخطوب والرهبة» وحاضزها المليء بالحروب. 

المشهد الثاني وينمثل في لحظة المسير الخارجي بدءا 
بوصول الرحالة إلى تلمسان» فيصف تيهه وتعبه في المفازة 
الخطيرة» لأنتلمسان هي أول نقط مسيره؛ والفضاء الذي 
سيدون فيه بدإية رحلته . لكن شيثين غريبين سيشدان انتباهه 
هما : مشهد الحجاج الذين يطلبون العطاء؛ وبعض خصوصيات 
تلمسان يتسم أهلها بالبخل وعدم إقراء الضيف» وضعف 
العلم والقضاءء وتحايل الناس وتدليسهم. إنها أحكام يبحث عن 
تدعيمها بإيراد الإستثناء الذي يؤكدها من خلال لقائه يبعض 
الشعراء والعلماء. 








134 


ويتواصل رحيله عبر الجزائر» ثم بجاية وقسنطينة وباجة 
وتونس والقيروان وقابس» ثم طرابلس والإسكندرية والقاهرة قبل 
أن يغادرها نحو الحجاز (مكة) . وعبر هذه المشاهد تتبدى عناصر 
رؤية الرحالة أوالأسس التي يرسم وفقها أحكامه ويضبط 
مقارناته » وهي خمس نقط : 

أ- التاريخ : يعود إلى تاريخ الأمكنة بذكر ماضيها المشرق أو 
الشوائب التي حلت بها قديما . 

ب - الحضارة : من خلال إبرازه للعمران والطبخ بالإضافة 
إلى وصف الطبيعة وجمالها . 
- العلم : وهو نقطة أساسية يركز عليها الرحالة في كل 
لحظة توقف ؛ بحيث يستنتج غياب العلم أو وجوده واصفا 
القاءاته مع أدباء وعلماء تلك النقطة وثمرة ذلك اللقء 

- الدين ‏ يحكم على نقطة الوصول بفُّعف التدين 
أو شدته. 

ه- طبسائع الناس : يصسفسههم من زاوية الأخسلاق 
والإستقامة» أو الفساد والإنحراف» ومايستتبع ذلك من ذم لهم 
بالبغض والبخل . 

وتتراوح أهمية هذه الاحكام وتنوعها بين ماهو روحي ومادي 
ومعرفي » تكشف عن حمولة الرحالة وؤعيه الفقهي الإسلامي 
الذي يؤطر كل مشاهداته» دون أن يبحث عن تبريرات؛ أو يلج 
إلى مقارنات صريحة ؛ فمشهد المسير مليء بسرود وأوصاف 




















155 


عن أمكنة بأهاليهاء تتخللها أحكام قاسية حيئاء كأن يصف الطبيعة 
بالجدبء والناس بالجهل والعجفاء والطباع الغليظة والبخل 
والبغض والهجر. وحيئا آخر يصدر أحكاما مدحية قليلة تمجد ' 
ناسها وطبيعتها وعمرانها. 

أحكام وتقريرات لو جُمعت لتبين أن الرحالة/ الراوي يسعى 
إلى ترميم السرد بأخبار تاريخية وانطباعات وتأملات ترتبط بأول 
نقطة مسيره من «آخر بلاد السوس؟ إلى القاهرة متوقفا من حين 
لآخمر لوصف متاعب الطريق ورهبة قطاع الطرق وتدليس بعض 
الناس وخداعهم . 

إن مشهد المسير هو لوحات مَذَوَنَة ملآى بأوصاف بلغت حل 
التجريح» تعبر عن رؤية عالم وفقيه يرى في البلاد الإسلامية 
تقهقرا سببه ترك الدين ومقوماته وهجر الإنسان العربي للاخلاق 
النبيلة» وكل القيم الأساسية. لهذا كان يجد العزاء والمتنفس في 
لقاءاته بالشيوخ والعلماء والشعراء وزيارة قبور الأولياء. 

أما مشهد المسير إيابا فينطلق من القاهرة» ويتمم ما كان قد 
ابتدأه في الذهاب» لكن ما أضافه في الإياب الداخلي هو أن 
'دخصوله إلى المغرب عن طريق تازة وفاس ثم مكناس فأزمور... 
ارتبط بلقاءات أخرى مع الفقهاء وزيارة قبور الصالحين. 

وتذويت الكتابة في هذا المشهد المتضمن لبنيات مشهدية 
صغرى متنالية هو عمق الكتابة» لاحتوائه على عناصر أولية تلتبس 
وتتضارب أحياناء تكشف عن المعاناة والدهشة والتهيؤ 








156 


للوصول. . إنها مرحلة أساسية في استكمال تكوين الصورة عن 
المكان المرتحل إليه وإدخال بعض التعديلات عنه . من ثمة يظل 
مشهد المسير الأكثر غنى والأهم باعتباره يأخخذ الحيّز الأوفر في 
النص الرحلي» ويتوفر على دينامية سردية تهبيثية للمشهد القادم . 
31- مشهد الوصول يشل مشهذ الوجتول اللجظة التي 
تصطدم فيها عين الرّحالة المحملة بمشاهد ت 
الفضاء بالوات اقع المرئي» فمّعاد تأسيس رؤية 






النقاد بمشاهد الوصول؛ وعلى الخصوص "ماري 
برايت " التي اعتبرتها ذات دلالات في النص الرحلي عامة» بحيث 
يبرز اصطدام المجرد بالملموس» كما أن الصور الذهنية -حَسّبّ 
هئري جيمس- تنمو في عقل المسافر «طبقا لمنطقها الخاص بهاء 
وأ الأفكار المسبقة كثيرا ما يجد المرء أنها تخالف الواقع إلى حد 
كبير ”7 فيتجابه خيال الرحالة واحتمالاته السابقة مع معطيات 
العالم الواقعي ليبحث عن التعديل والمقارنة والفهم . 
وانطلاقا من هذه الإعتبارات» ومن اعتبار أن نشهد الوصول 
المتضمن لخيالات واحتمالات وحدوس من جهة؛ 'ومن واقع 
يبوح بانطباعات أولية» من جهة أخرىء هو نقطة تماس بين شيئين 
سينفي أحدهما الآخر أو يؤكدهما أويصهرهما ليفرز عنصرا ثلا 
خليطاء فإنه يمكن افتراض أن مشاهد المسير هي حلقات من 
مشاهد صغرى للوصول أوالعبور ؛ ذلك أن كل نص رحلي 





137 


يضمن كرونولوجية تؤرخ لمحطاته الزمنية» وفضاءات العبور 
التى تستولد سرودا مفتوحة كما «يمكن أن تكون الإنطباعات 
الأولى مهمة وأحيانا ذات قيمة أكثر منها في أي ميدان آخر» 28 

بالنسبة للعبدري» في الرحلة المغربية» فإن وصوله إلى مكة 
ادي ميات عور كي ةاتطدها إلى شري ؛ كنا اللو 
في توصيف معاناته والمشاق التي تحملها. لكن مشهد الوصول 
سيزيل عنه كل مارأت عينه وتّحمّل قلبه لأن الاصطدام مؤطر 
دينيا بالشوق والإيمان الروحاني العميق وهو يعبر عن كل هذا 
بالتمجيد وتعداد مفاخر ومعالم مكة مفصلا الحديث عنها وعن 
الكعبة والمسجد الحرام والمديئة وكل المآثر الدينية» كما 
يستعرض معلوماته التاريخية عن بناء مسجد الرسول الكريم . 

إن هذا المشهد لا ينحصر في الوصول الأول» بل يتشذر 
ويتوسع فيصبح كل وصول إلى أي مكان مقدس أو أثري جزءا من 
الوصول العام سواء تعلق الأمر بمكة والمدينة» أو بالخليل وقبور 
الأنبياء» أو بالمسجد الأقصى وكل الأماكن المقدسة. 

وهذه المحطة هي نقطة ال ماس التي تفسنر العديد من 
الدلالات الواردة في مشهد المسيرء والمتّعلقة برؤية الراوي 
. المقدمة في شكل اخمتيار لكل نقط العبور حول الدين والعلم 
والعمران والأخلاق» وهي نفسها العناصر -أثناء دخوله مكة- الت 
ستشكل الجزء الخكمل لمشاهذاته || : 
والشكر وبامتلاء ديني مُطمْئن . إن المحطات الثلاث باعتبارها 








138 


مشاهد تؤطر النص الرحلي الحجي هي نفسها الإطارات الكبرى 
لأي نص رحلي كيفما كان وهي إطارات قابلة لتحويلات داخلية 
تتعلق برؤية الراوي ومدى أسلبته لنتقط العبور والوصول . 

وفي إطار هذا النوع من الرحلات الحجية تندرج النصوص 
الزيارية سواء الداخلية أو الخارجية؛ وتتركز حول الرحلات 
الصوفية التي يقوم بها فقي رحالة سواء أكان طرقيا أم لاهذا النوع 
من الرحلات الزيارية التي يقصد صاحبها من سفره زيارة أضرحة 
الانبياء والأولياء ومشاهدهم وذكر قضائلهم وكراماتهم» 
والرحلات المؤلنبة في هذا الموضوع من أهم المصادر عن الحياة 
الدينية والحركة الصوفية:9©, وتنقسمٌ هذه الأشكال من 
النصوص إلى رحلات زيارية لمكان واحد (عند شيخ الطريقة)ء 
وأيضا رحلات زيارية إلى أمكنة عدة تضم قبور أولياء وصلحاء» أو 
أمكنة زيارية للتبرك. 

بوفي كلتا الحالتين تتم زيارات أخرى للتزود بالعلم في هذا 
المجال على يد شيوخ وعلماء وفقهاء؛ وتكون مشاهد المسير 
وحلقات الوصول مغايرة للرحلة الحجية» لأن هذه الرحلات 
الزيارية والتتصوفية المتجهة نحو القبور والزوايا والمزارات تتخذ 
من الفضاء الواحد والمحدود هدفهاء ومن الطقوس والعادات 
وبعض الخصوصيات: بالإضافة إلى ترجمة سير الأولياء» وسرد 
كرامتهم وخخوارقهم» والأحاديث المتصلة بهم» مادة للكتابة 
وعصبا للرحلة0©. 





139 


2- رحلات المثاقفة :انصرفت جهود العديد من الرحالة 
إلى تدوين نصوص رحلية تندرج ضمن خانة الرحلات الوصفية 
التي يدونها الرحالة عقب رحلة سافر فيها إلى مكان آخر بقصد 
التتحصيل العلميء» وتلاقح التجارب الشقافية» والإحتكاك 
بمكونات معرفية وثقافية أخرى. , 

ولعل الرحلة الموسومة بالعلمية والأدبية نص استكشافي 
يسسجل ويؤرخ للحظة تحول المعرفة الفردية للرحالة الذي 
يكتشف ويصطدم ويعرف ثم يقارن ويركب ؛ فعلى مر تاريخ كامل 
اللرحلة فعلا ثم نصا كانت الرحلات الإستكشافية حاضرة على 
مستويات مترابطة يصب فيما هو علمي وأدبي دون حدود توضع 
بين ضفة العلمي والأدبي ؛ ذلك أن الرحلات العلمية إلى أوربا 
زاوجت بين ماهو أدبي وعلمي من خلال دراسات» ارتبط فضاؤها 
بإفريقيا أو بالشرق العربي أو بالدول العربية والإسلامية عامة . وقد 
تَمركزت النصوص العلمية - الأدبية حول مجال العلوم الإنسانية 
دون العلوم الحقة كالطب والهندسة ... فقد غلبت إلى حدود 
القسرن التناسع مشر الرحلات الأدبية التي تسعى إلى استكمال 
المعرفة» عن طريق التصحيح والتوثيق والإجازة؛ خصوصا في 
مجال الفقه والحديث» وقد تجلى ذلك في البحث عن أمهات 
الكتب» والتقعرب من العلساء والقهاء؛ والجلوس إليهم في 
المجالس العلمية حيث تتسع دائرة الحوار . 

إن هذا الجانب ذا الأسس الدينية يستحضرء بالضرورة» عند 








140 


الرحالة ثقافة أدبية مُمارَسَّةَء ويتعلق الأمر بالشعر والتثر الفني 
والنقد... عما يستدعي محفزات وثوابت مركزية تشكل السمة 
لنصوص عددة في الأدب العربي أساسها دعوة المسلمين 
وأتباع الديانات الأخسرى إلى ضرورة التسلح بالعلم إرتحالاء 
وتملك الثقافة الصحيحة ؛ كما أن المغامرة الفردية اذ 


في ظروف اجتماعية وسياسية 
مستقرون نفسياء إلى البحث عن نوافذ أخرى للإطلال على الذات 
والآخر... وهذا النوع يتيح للرحالة تطريز نصه بأسماء شيوخ 
وعلماء حادثهم واستمع إليهم . 

هذه المعطيات التحفيزية تجعل الرحالة في خانتين : إماأن"' 
يكون ذا ثقافة موسوعية» ويسعى إلى إغناء الآخر بهاء وصقلها 
عبر التثاقف والاحتكاك والتلاقح» وجمع مؤلفات أخرى. 

وإمنا أن الرحالة (وهو النوع النقيض) يفتقر إلى ثقافة مكتّملة 
ويطمح. بالتالي؛ إلى تطويرها وضبط معلوماته؛ لمّاللتتلمذ 
ومصاحبة العلماء من فضل في إكسابه المعرفة الصحيّحة وأساليب 
النقاش ومنهجية الحوار والإقناع . 

إنها مسحفزات عامة كانت وراء الرحلة في الأدب العربي» 
فضلا عن محفزات أخرى ترتبط بالظرف السياسي والإجتماعي 
والثقافي الذي ينطبع بالإنفتاح. وهذه العناصر الشلاثة تتعكس» 
بالتأكيد» على اتجاه ونوعية وطبيعة الرحلات العلمية والأدبية . 

وهناك أيضا دوافع ذاتية - موضوعية ترسم الرغبة الفردية في 








141 


تحقيق هدف مادي أو نفسي» وهوما ينطبع» حتماء في العمق 
الأدبني والعلمي للنص الرحلي . 

وهكذاء يتضح أن هناك أربع نقط محورية لاستكمال فهم 
طبيعة هذه النوعية من النصوصء نوردها في الاستنتاج التالي : 

آٌ - طابع الاخختلاف والتعدد الذي يغذّي النص الرحلي - 
العلمي والأدبي انطلاقا من حمله لصفة مر يتكاملان 
ويؤسسان لثنائية طالما ظلت محظ نقاش في التراث النقدي القديم 
والحديث. كما أن هذا النص يتحقق» عملياء على مستوى 
داخلي (في إطار بلد الرحالة) وهو النادر؛ وأيضا على المستوى 
المخارجي - كما جرت العادة. وفي الحالتين هو استكشاف يتوقة 
على طبيعة وعي ومعرفة الرحالة الذي يخضع إلى صدمات تتتهي 
بالدهشة والإستيعاب المحقق للتلاقح أو التأثير المتبادل؛ أو من 
طرف وأحد» أو التكوص والإننقاء ابتعادا عن كل معرفة غيرية 
تخلخل البديهيات. 

ب - غنى هذا النوع» يكمن في تشذره إلى مسجالات غير 
محصورة أو مقيدة كالجغرافيا والاجتماع وعلوم الطبيعة والأدب» 
في كونه يأني طافحا بالطرائف والشعر والمحكيات والرسائل 
والخطب....وكلها عناصر تضفي على التص الرحلي سمة 
الانفتاح وطابع المتعة والمعرفة وهما صفتان للرحلات عامة . 

ج - انشداد هذا النوع وارتياطه بطبيعة المعطيات 

الشقسافية والسياسية والاجتماعية للفضائين (الممرسل 








142 


والمستقبل)» وأيضا طبيعة الرغبة الحافزة والاستعدادات النفسية 
والفكرية للرحالة . 

'د- يوجند شكل الرحلة العلمية - الأدبية في كل النصوص 
الرحلية عبر مستويين : 

مستوى بنية صغرى داخل الرحلات باعتبار أن كل رحلة 
تؤرخ أيضا للافكار والشقافات عن طريق الحوار والحديث , 
والإنصات والتأمل. 

- مستوى بنية كبرى» وهي النصوص الرحلية الإستكشافية» 
والتي تعلن عن قطمدها الاستكشافي منذ البداية . 

3- رحلات النحن إلى الآخر: تبرز الأنا/النحن في 
علاقتها المباشرة بالغي ر/الآخر في هذا النوع الهسجين؛ والذي 
يلخص وجود نص رحلي يتوفر على مقومات الرحلة بعناضرها 
الأدبية مع اخمتلافات يفرضها الموضوع. والأمر يتعلق بحمل 
خطاب النحن الرسمي» إلى جسانب آراء ومعطيات الأناعن 
الآخرء إلى الغير . وبالتالي فإن النصوص المدونة في هذا المجال 
تكشف عن جزثها المكتوب - الأساسي في هذه العملية» وهو 
خطاب النحن» وحمولة الأناء أي ماهو ظاهر وباطن؛ ثابت 
ومتحرك في أفق تعديل المتحرك وتلقي الجواب عن الثابت : 

وقد ارتبطت هذه النصوصء بدورهاء بالوضع السياسي للبلد 
المرسل والبلد المستقبل» في حَالتي الإستقرار أو الإختلال. لهذا 
كثيرا مايتم اختيار العلماء والأدباء والاعيان المتمرسين لمهمة 


14 


السفارة» وماتقتضيه من حنكة في التفاوض والدقة في الملاحظة 
والبديهة. لأنالأمرء غالبا ما يتعلق بتحسين العلاقات» وإقناع 
الآخر بما يخدم مصالح النحن» وجمع معلومات كافية عن الغير . 
إنها مهام متفرعة الأبعاد تختلف أحيانا عن المهمات المحدودة 
بإيصال خطاب أو رسالة» أو التفاوض حول مسألة معيئة . 

والنصوص الرحلية العربية» في هذا السياقء قليلة لأن 
العديد من السفارات» نظرا لما تحتوي عليه من أسرار» لم يؤمر 
بكتابتهاء أو أنهااكتبت في شكل تقارير جافة تعكسها بعض 
النصوص المنشورة كرحلات ابن فضلان وأفوقاي وأبي دلف. 
وهي نصوص تطرح أسئلة عن طبيعة موقع الذات في مثل هذه 
النصوص باعتبارها وثائق تتعلق بسفارة حول علاقات بين بلدين» 
أوأخداث تجمعهاء أي لامكان للذات» ولكن الأمر في 
النصوص الرحلية الموجودة يختلفء إذ تحضر فيه الذات كما لو 
أن الأمر يتعلق بسفارة الأنا لحسابها الخاص . 

في عموم التفاصيل الموجودة عادة؛ لا يمكن الجزم بوجود 
معلومات سرية» ولكن الاعتقاد» في هذه الحالة» هوأن تدوين 
الرحلة السفارية هو اختيار الرحالة المؤهل أدبيا لإنجاز مهمتهء أو 
بتوكيل ما يمليه عليه» تقييدا مياشرا أو صوغا. كما أن 
أمر الحاكم يجيء حالة مشجعة على 8 

وفي كل الحالات المرتبطة بالدوافع» وهو أمر قليل الأهمية» 
يبقى العنصر الملفت للإنتباه هو تذويت النص السفاري يشكل 








144 


كبير» وتحويل البنى التقريرية إلى تخييلات مفتوحة على سجلات 
أخرى وأوعاء الغير وأصواتهم وملامح تفكيرهم ؛ ففي 'رسالة 
ابن فضلان* يقف الرحالة طويلا على هذه العناصر من منظور 
ذاتي بالتقاطه جوانب الاختلاف واللا مألوف باعتبارها بدعا 
وعناصر سلبية في هذا الآخر. 

ويمكن -بالتأكيد- تَكَمّس مثل هذه المنظورات أو نقيضها في 
رحلات سفارية أخرى تشي بمعطيات جديدة تبعا لوعي الذاتي 
عند الرحالة وصرح مقارناته» ولعل نص أفوقاي : ناصر الذين 
على القوم الكافرين" حافل بسجلات لغوية هامة ؛ ذلك أن 
الرحالة لم يتأخر في إيراد ألفاظ عامية أو مترجمة أو أخرى أخضعها 
للنظام الصوتي والصرفي الإسباني على الطريقة الموريسكية . 

في كل رحلة من هذا النوع السفاري يتقاطع خطان يتماسّان 
ويتفاعلان» هما الذاتي والموضوعي على محور الأنا والآخر» 
وضمنهما تعتمل حركات الثقافي بالسياسي بالرسمي وتختلف 
ممارسة وتدوينا ؛ ففي ناصر الدين... " يصور أفوقاي لغة 
وعادات المسلمين المورسكيين بالأندلس ومحتتهم؛ كما يعرض 
لمناظراته مع المسيحيين واليهود بشيء من الحرية والإنفتاح ؛ 
فهو يجادل الآخر انطلاقا من خلفية ديئية واعتبارات ذاتية يؤطرها 
السياسي والسوء افي» فيحاكم السلوك عن طريق القرآن 
والإنجيل والتوراة. أماابن فضلان الذي يحتاج إلى ترجمان 
للتحاور فتتجيء انتقاداته ومحاكمته للواقع عن طريق مشاهداته . 











145 
م:1- الرحلة فى الأذب العرين 


وفي هذا السياق تندرج نصوص أخرى قربية من النص 
السفاري؛ وهي تلك التي يصاحب فيها الرحالة أميرا أو قائدا أو 
شخصية بارزة إلى مكان آخر لغرض من الأغراض» فيدوّن 
مشاهداته أثناء رحلة لم يختر توقيتها أو مكانها أو طريق سيرهاء 
كماهو الشأن مع أحمد بن هطالء وابن الحاج التتميري» وابن 
الجيعان”27. إذيتضح مع كل هؤلاء كتابة نص سفاري بصيغة غير 
تلك التي قيّد بها ابن فضلان أو أبو دلف رحلتيهما. 

11 - الرحلة المتخيلة 

يقترب الفيلسوف العربي * الكندي ' من التخييل عبر مفردة 
أخرى اصطلح عليها بالتّوهم؛ وعرفه بأنه "الفانطاسيا' وهو 
قوة نفسانية ومدركة للصور الحسية مع غيبة طيتتهاء ويقال 
الفانطاسيا هي التخيل وهو حضور صور الأشياء المحسوسة مع 
كه 





غيبة طينتهاا 
هذا التعريف يُقود إلى الحديث عن الرحلة المتخيلة التي لا 
تتأسس فعليا في الوجود الفيزيقي» أو تتطلب تجربة معيشة على 
المستوى الواقعي؛ وأخرى ذهنية تؤسس لعالم متتخيل يجنح إلى ' 
صوغ أفكار وتأملات معينة تتماس مع المشالية والعديد من 
المقولات والتصورات الصوفية والفلسفية والدينية التي ترسم 
رحلة النفس في بحشهاعن عالم آخر يكون بديلا عن الواقع » 
وصولا إلى المطلق واليقين والحقيقة والمعرفة الخالصة للتطهر . 
لهذا تعتبر النصوص التخبيلية رحلات استكشافية تقف فيها 








146 


الأنامقابل صورتها (الباطن)عن طريق إسقاط ماهومادي 
والالنفات نحو ماهو روحي» فارتبط هذا النوع من التوهم 
المدون في شكل رحلات بحقول الفلسفة والتصوف والأدب. 
وقد تخصبت عن طريق التفاعل الثلاثي من جهة» ثم التفاعل» من 
جهة ثانية » مع النقاشات الدينية والمساجلات التي أفرزت مفاهيم 
وتصورات ذات قدرة على التحاور والتصادم والنمو. وأخيرا 
المشهد الثقافي - الفكري والسياسي الذي كان له دور مشهود في 
نوجيه وتلوين التصورات التي ستتحول -إبداعيا- إلى أشكال أدبية 
وفنية» من بينها شكل الرحلة المتخيلة التي عرفت تراكما مهما في 
الأدب العربي وثراء في التنوع داخل الشكل الواحد؛ بأساليبٍ 
تراوحت بين فنية مرهفة وشبكة رمزية متماسكة وعميقة . 

لم يكن هذا النوع طارثاء في فترة يئة» أو حكرا على بيئة أو 
شعب معينين» وإنما وجد منذ القديم بدءا من جمهورية افلاطون 
إلى ابن طفيل والوهراني وابن شهيد والمُحاسبي وابن عربي 
والمعري ؛ كما عرفت في الآداب الأوربية وغيرها انتشارا سمي 
بأسماء مختلفة . فبعد الكوميديا الإلهية لدائتي جاءت نصوص”" 
' اليوتوبياء ثم القصص الفلسفي» والخيال العلمي ... 

بوتبقى الستّرود الرحلية التخيلية في الأدب العربي إرثا متعدد 
المنطلقات والابعاد» غنيا بالمعطيات التي تفسح للتآويل 
والقراءات منافذ عدة» الشيء الذي يلزم» بدءا» بتحديد وتصنيف 
هذا النوع حتى تتبين آفاقه. 





147 


في مستوى أول هناك نوعان من الرحلات المتخيلة وجدا في 
الأدب العربي ويُستندان في تغايرهما إلى مكون الفضاء اء أساسّاء ثم 
مكون الزمن إضافة إلى عناصنر أخرى حيث توجد رحلات دنيوية 
0 منام/حلم أو حكاية للإتعاظ» أو 





الرسلية اي يم رس أحداتها واه في الي عاض فضاء يكو 
معروفا أو مرموزا إليه في العالم الواقعي الأرضي في الأزمنة الثلاثة 
؛ بحيث ينص ب التركيز في الرحلات الدنيوية الزمنية (في الماضي 
والحاضر) على مكون الزمن باعتباره البؤرة التي تحرك النص 
الرحلي في إطار تقابل المتناقضات» وإضاءة منطقة الحلم/المشال 
الذي تتحقق فيه القيم المفتوحة؛ وتسمو الأخلاق وتسود 
العدالة . . وكلها تقديرات نابعة من الحلم المثالي بواقع آخر يُطهر 
الحاضر الفاسد. أما الرحلات الدنيوية ذات الزمن المستقبلي 
فإنها تقوم على تخيّل الأحداث في المستقتبل داخخل إطار إبراز 
عناصر معينة من الحياة المغايرة لحياة الراهن على مستوى التقدم , 
الحضاري أو الإنتكا. ؛ وفي الحالتين يصبح هذا النوع من 
النصوص الرحلية المرْبئَ في الاستقبال ناقوس خطرء وقد سميت 
بشكل عام بالخيال العلمي . ولا يمكن -بأي حال- المجازفة ونعت 
النص الرحلي في الأدب العربي بهذه التسمية» لأن الرحلات 
الدنيوية التي تعاملت مع الزمن الأستقبالي بهذا الوعي غير موجودة 





148 


إلا على مستوى التعخيل بالنسبة للعالم الأخروي. لكن هذا الوعي 
الذي له شروطه المركبة عرف بوادره الأولى في بعض النصوص 
السردية العربية مع توفيق الحكيم» موسى صبري؛ طالب عمران» 
فتحي غانم» نهاد شريف» أحمد رائف» طالب الخفاجي» يوسف 
عز الدين عيسى . . . 

إن النص الرحلي الدنيوي في التراث العربي - السردي وجد 
داخل حقول متقاربة» لم تكن ثابقة بل متفاعلة في إطار صراع 
الافكار والتصورات. لهذا فقد جاء مستندا على خلفيات دينية 
واجتماعية وسياسية» وأخرى صوفية - فلسفية أو فنية. فصدمات 
الحاضر والوعي به أفرزت ثنائيات تتحكم في الطبيعة والإنسان : 
الخير والشرء الفنساد والصلاح ... فكان لابد من رسم الأحلام» 
وانتقاد الحاضر مع التركيز على القيم والحكمة والعدل. 

وتحديد فضاء متعين أو لا متعين هو لغاية التعميم» مع التنويع 
في شخصية الرحالة الانسان؛ عارفا أو جاهلاء فكلاهما يبحث 
للكشف والوصول إلى اليقين. 

كما تجيء شخصية الرحالة حيوانا أو طائرا أو ما شابه ذلك في 
رحلات يُدونها الفلاسفة أو الشعراء أو المتصوفة: للرمز إلى 
مسعادلات في الواقع وفي دواخلهم الروحية ؛ فإذاكانت 
*الرحلات الواقعية ' تهدف إلى استكشاف الواقع العياني بعاداته 
وتقاليده فإن الرحلة المتخيلة تسعى: بدورهاء إلى استكشاف 
وضعية الروح والباطن الإنساني عبر تأملات عميقة . 


149 


ففي منطق الطير لفريد الدين العطار”© ليست هناك بداية أو 
نهاية للزمن. . لأنها تحكي عن مائة ألف قرن هي زمن رحلة 
جماعة الطير إلى ملكها السيمرغ بحثا عن الخلاص واليقين 
والإطمئنان. وهناك رحلات أخرى في نفس السياق للإمام الغزالي 
وابن سينا حول * رسالة الطير * من منظور فلسفي - ديني تصوفي . 

2- رحلات أخروية :تضم الرحلات إلى الآخرة عوالم 
تخييلية مرتبطة بجنوح نحو رسم عوالم الغيب» وتخيل وقائع يوم 
القيامة وتصوير مايحدث في الجنة والجحيم بأسلوب ترهيبي 
وترغيبي» وهذا ما قام به العديد من الفقهاء في إطار ماسمي بأد 
القيامة . ولعل "كتاب التوهم * للمحاسبي يبقى النص الذي يمكن 
اعستباره أنضج من غيره من النصوص التي تناولت الآخرة. أما 
الجانب الآخمر من النصوص التي تناولت الآخرة ارتحالا تخيّليا 
إليها فقد اختارت تيمة مغايرة تميزها عن كل ماكتب » وهي تخيل 
مايقع يوم الآخرة من محاكمات للشعراء والأدباء» وهذا ما نجده 
عند أبي العلاء المعري في رده على رسالة ابن القارح!00. 

إن خلفية المحاسبي !201 ومن سار على دربه تحكمها نوازع 
دينية مسحضة مشدودة إلى فكر إصلاحي يبغي تقويم الناس 
وهدايتهم عن طريق ترهيبهم بتصوير يوم الآخرة. 

أما خلفية المعري في رسالته فهي أدبية تتوخى تتخيل قسم من 
الأدباء في الجنة والقسم الآخر في النار مع إيراد شواهد وحكايات 
تبرر وجودهم. 


150 


يشيد المحاسبي نص التّوهم على محاسبة النفس» فيقوم 
بشخيل المراحل التي تأتي بعد الموت : وهي القبر والحشر ثم 
الصراط فالمرور إلى الجنة ونعيمهاء أوإلى جهنم وعنابها. 
والمحاسبي في نصه هذاء كما يقول أحمد أمين : «لم يقتصر على 
ماورد من الأخبار في الخوف والرجاء كما فعل غيره» بل استعمل 
توهمه» ويعبارة أخرى خياله في وصف شعور أهل الجنة وأهل 
النار وما يلقون من سعادة وشقاء وعذاب» وقد أسلس لخياله 
القياد فتخيل ما تخيل)!2©, 

والحقيقة أن المحاسبي لم يلجأ إلى أسلوب الإيهام والكتابة 
بطريقة يقة وثوقية نجعل كل الاخبار الواردة وكأنها حقائق ثابتة لاريب 
في مسجيئهاء بل يؤسس لكتابة منهجية مُغايرة لماكتب في هذا 
المضمار من طر: الفقهاء والمتصوفة» وذلك لأنهبيني كل نصه 
على التوهم» فلا تخلو بداية جملة تجدد المعنى -في الأعم- من 
)؛ مع عرض كافة الإحتمالات والإختيارات التي 
يمكن أن تكون» وهوما يدعو إلى الحديث عن خطاب الشوهم 
والمحتمل » وعن رحلات متخيلة متعددة في آن واحد. 
. فتوهم جوابك باليقين أو بالتحير أو بالتلذيذ والشك. 
وتوهم إقبالها عليك إن ثبتك الله عز وجل بالسرور وضريهما 
بأرجلهما جوانب قبرك بانفراج القبر عن النار بضعفك . ثم توهم 
وهي تتأجج بحريقها. . (3©. 
- وويستامر الم اشن ينفش الأسازت لدو مت بدا بلك 
صورة مشدودة إلى خطابي الترهيب والترغيب» |١‏ 




















151 


إشباعا بالإحتمال في التوهم الذي يعطي للخطابين فرصة التناوب 
على وصف عالمين ن كل التناقض . 

أما ' رسالة الغفرا فهي نص تخيلي يتأسس على مراسلة 
بين المعري وابن القارح» وهو نص يجنح إلى أسلوب طريف في 
تخيل الأدباء والشعراء في الآخرة. وبقدر ما تزخر رسالة الغفران 
بهذا التوهم فإنها نص أدبي يحمل العديد من المعارف التي يؤكدها 
أو يدحضهاء » فتعجيء * رسالته ' نصايرتحل بالقارئ ئ -كما في كتاب 
التوهم- إلى عوالم أخروية يستعيد خلالها وقائع وأحلامًا تستند 
إلى نصوص شعرية مفسرة» أو تخيلات حكائية موثقة بالإبداع . 

تبني النصوص الرحلية المتخيلة عالما خصبا ومتنوعا يقوم 
على نسيج نصي ذي تلاوين تمهد لبناء أفكار» أو تشكيل تأملات 
تتخذ أشكالا متعددة للك » منها الحلم وألجنوح إلى الماضي أو 
المستقبل من منطلقات مذهبية عقائدية (المتصوفة أو الفلاسفة) 
أو فنية أدبية (الأدباء أو الشعراء) . 

ويتم التركيز في هذه الرحلات على عنصرين مكونين لصياغة 
الأفكار هما الفضاء والزمن مع التنويع في أساليب التناول الفني 
للمعالجة» وأيضا في طرق السرد وزواياه»؛ ومدونات الحفز 
التعجيبي عند كل كاتب على حدة . 

وتبقى كل رحلة متخيلة جزءا من نصوص الرحلة عموماء 
يُسمُها طابع البحث عن الأنا في الآخر والغير» والبحث عن التطهر 
والخلاص للوصول الى بديل هو يقسين ما استسحال وجوده في 
الواقع العيني. فتم طلبه واللجوء إليه في الحلم والتوهم . 











152 


إحالات 


1- العبدري : رحلة العبدري المسماة "الرحلة المغربية"» 
الرباط» جامعة محمد الخامسء سلسلة الرحلات 4؛ حجازية 1 
168 ص280 [حققه وقدم له وعلق عليه محمد الفاسي]: 
«... وهذه قصيدة نظمتها في الرحلة» رأيت؛ أن أختم بها هذا التقييد 
مستعينا بالله على ذلك» . 

2- حسين نصار : أدب الرحلة» القاهرة» مكتبة لبنان ؛ لونجمان» 
ط1ء 1991 ص .ص102-101. 

3- كرانشكوفسكي : تاريخ الأدب الجغرافي العربي؛ بيروت» 
البنان» دار الغرب الإسلامي, ط2, 1987 [نقله عن الروسية صلاح 
الدين عشمان هاشم] للمزيد من التفصيل |: .ص 505 506. 

4-ابن فضلان : رسالة ابن فضلان. بيروت» لبنان» مكتبة الثقافة 
العالمية» 2 1987؛ [تحقيق 
ص40 [من كلام المحقق]. 

5- كراتشكوفسكي ٠»‏ ص202. 

6- نفس المرجع السابق» ص157. 

7- كراتشكوضكي» ص 157. 

8- كراتشكوفشكي مرجع سابق : ص 846. 

9- محمد السيد غلاب : الجغرافيون المسلمون ودورهم في 
تطوير الفكر الجغرافي؛ ص39 [مقال ضمن].مؤلف جماعي : 
بحوث المؤتمر الجغرافي الإسلامي الأول؛ المجلد الشالث؛ تحت 
إشراف ادارة الثقافة والنشر بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية؛ 
84 . 2 

10- شاكر خصياك : في الجغرافية العربية؛ بيروت» لبنان؛ دار 
الحداثةء طاء 1988 ص182. 

11- محمد رشيد الفيل : أثر التجارة في تطوير المعرفة 















153 


الجغرافية عند العرب [مقال ضمن] (م.س) ص .ص 443- 
ج44 

2- عبد الله التجاني : رحلة التجاني: ليبياء تونسء الدار العربية 
اللكتاب» 1981 ص . ص (ح-ط)ء م : حسني عبد الوهاب] . 

13- حسين مؤنس : تاريخ الجغرافية والجغرافيين في الأندلس» 
مدريدء اسبانياء المنظمة العربية للثقافة والعلوم؛ ط2: 1986 
ص . ص11-10 

14- ابن عثمان المكناسي : الإكسير في فكاك الأسيرء الرباط» 
المغرب» المركز الجامعي للبحث العلمي» سلسلة الرحلات 1 
سفارية1» 1965 : 
- يورد محمد الفاسي ثلاثة احتمالات أولية عن" تقسيم الرحلة» 
سواء بالتدرتيب جسب الععصور أو النوا. بوم كد 
الرحلات البرية والبحرية» أما الأنواع كما حصرها فهي : «الحجازية» 
السياحية؛ الرسمية» الدراسية» الأثرية؛ الاستكشافية» الزيارية» 
السياسية» العلمية» المقامية» الدليلية» الخيالية؛ الفهرسية؛ العامة» 
السفارية؟ ص . ص: ح.د. ذ. 
ومن جهة أخرى سنجد من يورد أربعين نوعا -تقريبا- : انظر تقديم 
محمد ابن شقرون في تحقيقه: ابن الحاج النميري (ق8ه) : فيض 
العباب وإفاضة قدح الآداب في الحركة السعيدة إلى نة والزاب : 
(دون معلومات مرجعية) دراسة وإعداد : محمد ابن شقرون . 
فيما تحول غيرهما من الباحثين إلى تصنيفات عامة ومعروفة . انظر : 
- أحبمد الكردودي : التحفة السنية للحضرة الحسنية 
بالمملكة الاصبنيولية» الرباط المطبعة الملكية 1963 [في 
التصديرء ص5: الحجازيء السياحي» العلمي» السفاري] 
- إسماعيل العربي : تاريخ الرحلة والإستكشاف في البر 
والبحر ؛ الجزائر»'المؤسسة الوطنية للكتاب» 1986 ص . ص :6- 
7 [الرحلات الاستكشافية» المغامرة» الحجية]. 











154 


- محمد محمدين (تصنيف) : التراث الجغرافي الإسلامي» 
الرباط» دار العلوم للطباعة والتشرء ط2: 1984: ص . ص141- 
146 [الحجية» العلمية» الإدارية والسياسية» التجارية]. 

- شوقي ضيف : الرحلات؛ القاهرة: دار المعرف» ط1979-3» 
[رحلات جغرافية» بحرية» برية» رحلات الأمم والبلدان]. 

- المؤتمر الجغرافي الإسلامي الأول [م.س] انظر المقال ضمنه 
محمد رشيد الفيل : آثر التجارة والرحلة في تطوير المعر: 
الجغرافية عند العرب ص 441؛ [الحجية؛ العلمية؛ التجارية: 
الرسولية» المغامرة]. 

15- استفدنا في هذا الصدد من كتاب : 
كمه لمة ومتاماوم اعبرم ععره لمامععمسة . انمه عواراما" رمماية - 
: 1992 ,ممقوما بعوله ناته ,ومتنممطانت ‏ 

16- حسين نصار : مرجع سابق» ص 20. 

نفس المرجع والصفحة. 

فسكيء ص 284. 

المرجع الساب» ص158: حسين مؤنس» ص10 . 

20- رحلة العبدري» ص7. 
والصفحة. 

2- ابن نفد :“أنس الفقير وعز الحقير» الرباط» منشورات المركز 
الاجتماعي للبحث العلمي» سلسلة الرحلات2» زيارية]» 1965 
[اعتتى بنشره وتصحيحه : محمد الفاسي » ادولف فور] ص 2. 

3- كارل سميت : أدب السفر عند هري جيمس وأئره في فنه 
[ضمن مجلة) الثقافة الأجنبية» محور أدب الرحلات؛ بغداد» العراق» 
السنة 9 العدد 3 1989 » ص90؛ [ترجمة يؤثيل يوسف عزيز] . 

4- جان جوليس نورتيش : الشغف بالترحال [ترجمة سمير عبد الربحيم] 
ص69 نفس المرجع السابق . 

5- ابن عشمان المكناسي : الإكسير؛ (م.س)» الصفحة "دال' من 
التقديم . 

26- انظر 























17 


























ابن قنفد : مرجع سابق . 


155 


وأيضا : الهروي (ت1 6ه 1214م) الملقب بالسائح الهروي» له 

الإشارات في معرفة الزيارات: عنيت 

جانيت سورديل طومين؛ منشورات المعهد الفرنسي 
.مشق للدراسات العربية» 1953 [ضمن : شاكر خصباك : في 

الجقراقية العربية» مرجع سابق» يرد فيه نقلا عن الهروي] : 

«أما بعد فإنه سالثي بعض الإخوان الصالحين والخلان الناصحين أن 

أذكر له مازّرته من الزيارات وماشاهدته من العجائب» ص 228 . 

7- انظر : -أحمد بن هطال التلمساني : رحلة محمد الكبير (باي 
الغرب الجزائري) إلى الجنوب الصحرواي الجزائري» عادر 
مصرء عالم الكتب» ط1ء 1969 [تحقيق : محمد بن عبد الكريم] 
- ابن الحاج النميري : فيض العياب وإقاضة قداح الأداب في الحركة 
السعيد: ل مكاباتي رحطارنةه برجب ابا بدا 
محمد بن شقرو 

الجيعان + : القول المستظرف في سفر مولانا الملك الأشرف أو 

رحلة قايتباي إلى بلاد الشام 1477م؛ ليبياء منشورات جروس» طلا 

1984ء [تحقيق عبد السلام تدمري]. 

28- انظر': عاطف جودة نصر : الخيال : مفهوماته ووظائفه. 
مصرء الهيثة المصرية العامة للكتاب» طاء 1984 . 

29- فريد الدين العطار النيسابور الطيرء بيروت» لبنان» دار 
الأندلس للطباعة والنشر والموزيع» ط3؛ 1984 [دراسة وترجمة : 
بديع محمد جمعة]. 

0- أبو العلاء المغري : رسالة الغفران» بيروت» الشركة اللبنانية 
للكتاب؛ د.ت» [تحقيق فوزي عطوي] . 

1- الحارث المحاسبي (ق3ه) : كتاب التَوهمء حلب؛ دار الوعي. 

2- نفس المرجع السابق [ورد الاستشهاد في التقديمء صص: واو]. 

3- المحاسبي : التوهم» م.س. ص 3. 





















156 


القسم الثاني 
آليات الكتابة في 
النص الرحلي 


الفصل الأول 





عتبات النص الرحلي 


تستمد الرحلة سرديتها من عناصرها التكوينية ومن تلاقيها مع 
نصوص أخخرى؛ بالإضافة إلى أنها تتضمن النص» وخارج النص 
أوالنص الرئيسي (المتن)» ثم النص الموازي ©:«مسسد© الذي 
يتمم ويضيء ويفسر ويوجه ؛ بحيث يستلهم النص الرحلي عتباته 
من خلال تقاطعه مع شكلين في آن واحد : التقاطع الأول مع 
النص السردي (السيرء المقامات» الحكاية الشعنبية ...) وذلك 
حين اخختيار العنوان ويداية الحكي ؛ أما التقاطع 
التاريخ والجغرافيا في تأطير النص فيحدث حين يتم تا يم الدوافع 
والأسباب» وهو ما تفتقر إليه بعض النصوص السردي 5 

وضمن هذا 1 تبرز مسألة تأريخ الرحلة بين 
قطبي الانتماء للتخييل للتخييل وللقاعدة المرجعية الواقعية؛ باعتبار أن 









159 


النص الموازي هو عتبة لفهم آليات أخرى في الكتابة له جسور 
وشرايين متصلة بالئص/المتن» وبالوعي النقدي عند القدماء كما 
يحدد ذلك المقريزي وهو يتحدث عن الرؤوس الثمانية الضرورية 
لكل كتابة : «اعلم أن عادة القدماء من المعلمين قد جرت أن يأتوا 
بالرؤوس الشمانية قبل افتتتتاح كلل كتتاب وهي الغرض والعنوان 
والمتفعة والمرتبة وصحة الكتاب ومن أي صناعة هو وكم فيه من 
إجراء وأي أنحاء التعاليم المستعملة فيه»7”©. 

عناصر ثلاثة في سياق العتبات إذن؛ هي العنوان والمقدمة 
والبداية. وباعتبارها علاماث ومسارات ومشاهد لتفكيك بنية 
موازية للنص الرحلي وتشغل فضاءً مرآتيا. وإذاكانت العتبة 
الأولى هي علامة تختزل دلالات النص» وتحيل على جنسهء فإن 
المقدمة تكون أشد ارتباطا بالنص باعتبارها بيانا يوضح خلفيات 
الرحلة» وبعض الاشياء التي لا يبوح بها النص . 

أما البداية» وهي الجملة الأولى في النص الرحلي» فرغم 
ارتباطها العضوي بالنص» يمكن المجازفة بالقول إنها عتبة لكونها 
مدخل ونقطة بدء الحكي وذات تأثير كبير على السرد في 
باقي النص . 

إن عتبات النص الرحلي كونها علامات ومفاتيح... فهي 
جمل سردية متعلقة أساسا بالبنية الدلالية للمتن» تؤسس لمعانيه 
وتبحث فيهاء وهي أيضا مرآة أو مرايا ثلاث متسجاورة توجه 
المتلقي وتقوده إلى خيالات الواقع . 





160 


1 - العنوان 17 في السرد : يتخذ 'العنوان' في أي 
وضعية أولى ضمن النص الموازي مُشَكّلا ضرورة أساسية 
و«ضرورة كتابية»2: انطلاقا من أهمية تسمية المؤلف وتمييزه 
بعلامة لغوية عن غيره من المؤلفات» حتى أن كل نص -بتعبير ليو 
هوك- يحمل علامته التي لا تمحي ”© ضمن استطيقا الشكل الذي 
يندمي إليه» وقوانين العصرء فيتشرب آثار نصوص أخرى (من 
نفس جنسه وغير جنسه) كما يؤسس مظهرا ووضعية خاصة به . 

وإذاكانت مسألة العنوان تزداد أهميتها في الدراسات التي . 
تنطلق من تحليلات النص الموازي فإن البحث في العنوان من 
خلال المحور التساريخي يشيّد رؤية مكملة؛ لأن كل نص 
مكتوب» كان يحمل عنوانه» سواء في القصائد الشعرية والمقتطفة 
من جملة شعرية أو مقطع معين عنوانا لهاء أو في النصوص التثرية 
أوآيات القرآن الكريم» بمعنى أن الوعي بالكتابة كان مقترنا بحركة 
أخرى يمكن تسميتها بالوعي التنظيمي (حركة تنظيمية). وقد 
تجلى في وضع علامة مسميمزة رما لكل التبساس مع نصسوص 
أخرى. ويندرج العنوان في النص الرحلي ضمن عناوين 
السرود القديمة ؛ فكل دراسة للمتن الرحلي أو غيره لابد أن 
تنطلق من العنوان» لمالهمن أولوية على كافة العناصر 
المكونة الأخرى”» وباعتباره العتبة الأولى التي تحاور المتلقي 
وتشير إلى جنس المؤلف7», خصوصا وأن عنونة كل شكل 
تعسبيري تشكل مدونة تضمر بوحابجنس ذلك الشكل؛ كما 











161 
م!1- الرحلة فى الأذب العربى 


تؤسس عينا ذات شبكة مرتبطة بكل أسرار النص وعلاماته, 
تختزن مقصدية المؤلف ونواياه ثم وعيه الأجناسي» ومدى 
إدراكه للكتابة التي حررهاء كما تضمر نداء للقارئ”© ومرشدا له 
في آن. 

في «رسالة ابن فضلان» تتحدد مقصدية المؤلف الذي سجل 
مجموع التفاصيل الكبرى لرحلته عند الصقالبة تسجيلا ينبئ بأنها 
وسالة وتقرير رسمي لمهمة رسمية. والأكيد أن مفهوم الرسالة 
الذي كان قريبا من التعبير عن الرحلة وتقييداتها يرسم في ذهن 
المؤلف إطارا وشكلا أدبيين يتضمنان الحديث عن قضايا ومعارف 
من مرسل إلى مرسل إليه . 

يشكل العنوان» إذن» شبكة متجذرة في قطبين : الأول لغوي 
يجسده النص ودلالاته» والشاني نفسي تأويلي للمؤلف. كما 
يشكل خطابا مكثفا في جملة سردية مؤطرة للنص السردي» هي 
نقطة البدء بالنسبة لمسار السرد. ٠‏ 

ومن خلال هذه الأهمية يؤسس العنوان الرحلي خصوصياته 
وقوائينه عبر مكوناته البنيوية الكاشفة عن طبيعة بنائه» مثل علامة 
سردية» وتمظهراته ضمن سياقات ومستويات غير قارة. 

2- أشكال وأنواع : ينفتح العنوان الرحلي على مجموعة من 
الخصائص الضابطة التي تسم هويته وتؤكد احستكام النص 
وموازياته لقوانين ومكونات ساهمت في تشكله؛ وقدساهم 
السرد العربي القديم في توجيه التفكير إلى أسلوب خاص في 


162 


العنونة”» يخضع إلى الثابت والمتغير» حيث يقود البحث في 
الخصوصيات إلى رصد أربع حركات تحكم العنوان الرحلي : 

2-- الحركة الأولى؛ وتسثلها نصوص عنونت باسم 
«رحلة» مضائًا إليها اسم صاحبهاء أو الجهة المتجه نحوهاء أو 
نوعية تلك الرحلة وصفتها. 

وفي هذا السياق يلجأ الناشر والباحث إلى هذه العناوين نظرا 
لمباشرتها وخفتها في النطق والتداول» فعنوان مثل «تتحفة النظار 
في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار» لابن بطوطة يتحول إلى 
«رحلة ابن بطوطة» على سبيل الإنجتصار والتواصل. أما ماتعلق 
من نصوص وضعت عناوينها أصلا بهذا الشكل فذلك بقصد تبثير 
المؤلف» وتخصيص رحلته؛ حتى لا تلتبس مع نصوص أخرى 
ذات المنطلق نفسه وأيضا لأن إحدى وظائف العنوان هي «تسهيل 
القراءة وتهيئ القارئ للنص الذي 9 
الناشر إلى مثل هذه العناوين المختزلة والمب 
الأصلي المعقذ» وذلك بنسبة الرحلة إلى أصحابها الذين سافروا 
'ودونوا زيارتهم الحجية المفردة والوحيدة أو رحلاتهم المتعددة. 

هناك أيضا اسم الرحلة والصغة المحددة لهاء والمشكّلة 
لمقول يتغيى الرحالة من خلاله وسم مؤلفه به وتوجيه القارئ 
إليهء وتحقيق معنى قببل القراءة. وتفترن هذه العناوين عادة 
برحلات زيارية إلى أماكن مقدسة أو أضرحة أولياء بقصد التبرك أو 
الإستشفاء . كما تكون أيضا إلى الحجء شأن عناوين الرحلات 







163 


التسالية : الرحلة المقلئسة لمحمدين محمد الدلائي الفاسي 
(1099ه) والرحلة الشافية لابي العياشي الدرعي (1144ه) 
والرحلة الكبرى لمحمد بن عبد السلام الناصري (1196ه) 
والرحلة المباركة لأحمد بن الحسن (310اه). . وغيرها من 
النصوص التي تحتوي على الإغراء؛ والتطمين النفسي . 
ومن العناوين المتداولة ارتباط اسم الرحلة بالمكان» سواء , 

المتتقلة منه أو المشوجهة نحوه؛ وهوعنوان مكاني» فرحلة 
العبدري توحي بأنها رحلة داخل المغربء والتأويل أنها رحلة 
مغربي إلى الحج» مرورا بعدة مناطق إسلامية؛ فأسماها «بالرحلة 
المغربية»» وكأنه يتتوجه بخطابها -عبر العنوان- إلى غير أهل 
المغرب ؛ أمارحلة عبد الغني النابلسي : «الحقيقة والمجاز في 
رحلة بلاد الشام ومصر والحجاز» فإنها واضحة» لكونها تؤطر 
' اتجاه السفرء شأن رحلات على غرار : رخلة إلى انججلتسرا 
(1320ه) لمحمد الغسال والرحلة إلى باريس (1262ه) لمحمد بن 
عبد الله الصفار» ورحلة إلى المشرق لأحمد الشيخ الهلالي 
(175له). 

هذا النوع من الرحلات يقترن بنوع آخر من نصوص رحلية 
تشير إلى النوع مباشنرة» كالعديد من النصوص المعنونة بالرحلة 
الحجازية» أو الرحلة السفارية» أورحلات تجمع بين الصفة 
والمكان مثل رحلة أبي الجمّال محمد الطاهر : الرزْحلة الإبريزية 
إلى الديار الباريسية (1276) . 


164 


عموماء في هذه الحركة الأولى من العناوين»“والتي تحمل 
تجنسها من اقتران العنوان بكلمة «الرحلة» تشكل جزء كبير من 
عناوين النصوص سواء الموضوعة من طرف الرحالة أو الناسخ 
من جهة أو من طرف الناشر والقراء من جهة أخرى . 

كما تعددت في هذا الضدد» التراكيب التي تدل على غنى 









التبثئيرات المقصودة: 
اللازمة التجنسية الشيء المبار 
اسم المؤلف/ الرحالة 
رحلة 
التو 


بالإضافة إلى متغيراتٍ أخرى تجليها نصوص مفردة. 
وتداخُل كل هذه العناصر المبأرة في النص الواحد وتفاعلهاء 
بصفتها عناصر أساسية ضمن مكونات الرحلة باعتبار العنوان؛ 
يشكل معرفة أولية ُوجه وترشد نحو معرفة قائمة في النص . 

2-2- الحركة الثانية؛ وتسم عناوين بعض الرحلات التي 
تصدرتها مفردة «الرسالة». خصوصا في النصوص الأولى مثل : 
«الرسالة الثانية» لأبي دلف «ورسالة ابن فضلان؛ لأحمد ابن 


165 











فضلان..ولعل ذلك راجع إلى عدم اتتشار جنس الرحلة 
وقتذاك» وأيضا نتداخل الأشكال الأدبية» وذيوع أدب الرسائل 
الذي يتفسمن أخبارا بوقائع بين متكلم وقارئ تباعدا في 
المكان. بالإضافة إلى أن الرسالة تتضمن خطابا انتقاليا من 
مرسل إلى مرسل إليهء بمعنى أن العنوان هو أصلا رسالة وجسر بين عالمي 
الحقيقة والنصر©0. 

يحيل مفهوم الرسالة أيضا على التقرير» كما تكشف عن ذلك 
«رسالة ابن فضلان»؛ فهي تصف رحلة رسمية في شكل تقربر 
وخطاب؛ تتناول خطوات المهمة التي تكلف بها الرحالة - 
الراوي. وإذا كان هذا هو المعنى الذي يمكن استشفافه من خلال 
نصين مشهورين نقيضه» في مستوى آخر تبوح به رحلات 
متخيلة» كرسالة ابن القارح ورسالة الغفران للمئعري حيث تنبن 
عوالم الرحلة في الغيب الذي يبدو مألوفا في العملية السردية» كما 
تقدم تقريرا عن مدى مقدرة المخيلة في إنجاز وقائع عجيبة . 

3-2- الحركة الثالثة» وهي صفة «التحفة» المتداولة في 
عناوين رحلية شتى تعكس جنس النص» كما تحيل على دلالات 
متعددة يحبل بها هذا النصٍ ؛ فمفردة «التحفة» ترد في عناوين 
مؤلفات غير رحلية» لكنها ضمن الرحلات بشكل كبير. ومرةٌ 
هذا أن فاعلية العنوان الذي وضعه ابن بطوطة لنصه كان تأثيره 
فاعلا في حقول ومعارف أخرى وامتدت في الرحلة كما توضح 
ذلك العناوين المسسرودة تحت اسم #تحفة في (كشف 





166 


الظنون)!!!2: وتجليها في الأدب والرحلة والفقه والاسماء 
والحساب والحكم والامشال والنحو والتفسير والقسراءات 
والتاريخ والتصوف... 

وفي كل العناوين البادئة باسم ' التحفة*» سواء المدرجة في 
كشف الظنون أو في المعاجم الأخرى, تظل المرجعية محيلة على 
المعنى العام للإتحاف والإمتاع. من تم» فإن المفردة تحمل 
معناها الأولي» وكلما اقترن هذا المعنى بلفظة أخرى في سياق 
التركيب إلا وتضاعف المعنى وتجدد ؛ فالإتحاف في عنوان نص 
ابن بطوطة يرتبط بالمُشاهد باعتباره فاعلاء وبالمشاهدات التي 
ستتحفه بالغريب والعجيب وغيرهما. وهذه الملاحظة الأخيرة» 
تتبعمم على جل النصوص ذات العنوان المحيل على مايفيد 
الإتحاف بشكل صريح كما هو الأمر عند ابن بطوطة» أو بشكل 
ضسمني كما هو الأمر عند العمراوي والكردودي. 

إن الإتحاف وهو تسلية للنفس لابد له من الاقتران بحكي 
يجاوز التقرير والإخبار الجافين إلى الامتاع والتعجيب إغراء 
للمتلقي وإلغاءً للحدود الوهمية بين الخيالي والواقعي. 

4-2 الحركة الرابعة» وتتمثل في اختيار المؤلفين لعناوين 
بعيدة عن الاخمتيارات الشلاثة المشهورة (الرحلة؛ الرسإلة» 
التحفة)؛ وذلك باللجوء إلى مفردات قريبة من معنى الرحلة» 
أو مرادفات يفهم منها -عبر القرائن- ما يفيد السفر» كعنوان نص 
ابن جيبر «تذكزة بالأخبار عن اتفاقات الأسفار»: حيث ترد كل 





167 


الكلمات تقريبا لتحيل على جنس الرحلة . أما عنوان ابن رَشمّيد 
الفهري «ملء العيبة بما جُمع بطول الغيبة في الوجهة الوجيهة إلى 
مكة وطيبة»: أو رحلة ابن مليح السراج «أنس الساري والسارب 
من أقطار المغارب»» فإن مفرداتها تشكل قرائن بيئة تفيد الرحلة 

وقريبامن هذه النوعية وجدت عناوين أخرى من قبيل : 
«ناصر الدين على القوم الكافرين؟ لأفوقاي» وهي لا تحمل إشارة 
صريحة إلى كون الكتاب نص رحلي» وإنما يلتقي مع عناوين عامة 
تتحدث عن الموضوع الذي يلمح إليه العنوان مباشرة . 

وهكذاء فإن خسنصوصية عناوين الرحلات.؛ في الأعم» 
يتجلى في اعتمادها على العناوين الحاملة لقرائن جنس النص» 
وهو مايحيل على مرجعية العنوان الرحلي المؤطرة في مرجعيتين 
اثنتسين : الأولى يستمدها من جنس الرحلة والتناص بين 
على مستوى الشكل الفني. ومن 
مرجعية انية في النسق الشقافي العام الذي ساهم في توجيه 
العناوين إلى ما كانت عليه 

3- الخصائص والقوانين : تندرج هذه العناوين بخصائصها 
غسمن أقسام ذات مستويين؛ وذلك على غرار العنوان العربي 
القديم . 

يهن 

عناوين صغرى وبسيطة وهي ما تَكَوَّنمن كلمتين» كالرحلة 
المغربية للعبدري أو «ترتيب الرحلة؛ للمعافري . وهي مرحلة تعبر 
عن الوعي بأهمية العنوان البسيط؛ على عكس ما قررهم . عويس 








168 


في ققوله : «إن العنوان في مراحل النشأة الأولى كان يسيطاء ثم 
أخذ في تجاوز البساطة الإجتماعية بعد انتشار المدونات والإتساع 
في التصتيف في العلوم والقنون والآداب»212. 

ففي كل مرحلة كانت العناوين تتراوح بين البسيط والمركب» 
وليس التطور هو الذي دعا إلى التركيب؛ وإنما الرغبة في إعطاء 
عنوان مضموني مسجع ومكتمل على غرار العناوين الأدبية . ثم 
إن العناوين البسيطة والصغرى كانت أكثر ذيوعاء بل إن العديد من 
النصوص ذات العنوانين الكبير والمركب لجأ أصحابهاء أو 
القراء؛ إلى اختصارهاء مثلم وقع مع نص ابن بطوطة الذي يُشار 





والشتجي» ري خا كانت م روطي ارين افاي 
ذلك أن خضور المضمون والسجع في العنوان يستدعي -ضرورة- 
عنصر الطول؛ من أجل الوضوح والإغراء» واستيعابا لانساع 
مضمون الكتاب وقد «أصبح يدور في أكثر من مضمون في عنوان 
واحد حتى يكون العنوان دالا على ماعنون»137». ففي عنوان نص 
ابن بطوطة : «تحفة النظار في غرائب الامصار وعجائب 
الاسفار»» والمتكون من ست كلمات؛ تشكل فيها الكلمة البداية 
النول الذي يقف على دعامتين هما : الغرائب والعجائب؛ ثم 
الشخص "الناظر' المتوجه إليه بهذا النسيج السردي» فضلا عن 
جرس الجمل الثلاث المسجعة على حرف الراء. والشيء نفسه 


169 


في جُملتي عنوان رحلة ابن جبير : «تذكرة بالإخبار عن اتفاقات 
الأسفار»» حيث المضمون هو التذكير بمعلومات إخبارية معلومة 
ومجهولة (تاريخ وجغرافيا) تتمثل في مشاهدات السارد أما الشطر 
الثاني فهو يمائل كلمة الاخبار في الجمع ومزج مضمونها الذي هو 
حول اتفاقات الاسفار » أي أن النص هو عبارة عن مجموعة من 
الاسفاريقع التذكير بأخبارها. على أن مثل هذا العنوان يمتح 
مفرداته بدقة شديدة» حتى أن كل مفردة لها مدلولها المرجعي في 
الفقه أو الإجتماع أو الأدب (تذكرة. الخبر. اتفاقات. السفر) . 

وترد للعنوان» أيضاء بنية معقدة نتيجة إيراد مجموعة من 
المفردات في سياق تركيبي طويل واختياري كما هو الشأن في نص 
رحلة ابن أبي محلي : «الإصليت الخريت؛ إِذْ يشير إلى عنوان 
رحلته قائلا : «قد سميتها عذراء الوسائل» وهودج الرسائل؛ في 
مرج الأرج» ونفحة الفرج؛ إلى سادة مصر وقادة العصر أو 
اصليت الخريت في قطع بلعوم العفريت النفريت»0140: 

إن العنوان في الرحلة هو علامة إخبارية تقدم تلمسيحا 
لمضمون المؤلف في جملة أو جمل متعددة مرتبطة فيما بينهاء وقد 
تتضمن صيغة أخرى غير الصيغ المألوفة» وذلك بوجود عنوان 
رئيسي وآخر فرعي شارح» مثلما هو الأمر بالنسبة لعدد كبير من 
النصوص السردية القديمة التي تستعين بعنوان فرعي في شكل 
فقرة مفسرة تعمل على إتمام وتدقيق أو تصحيح المعلومة» 29 
ويمكن حصر انتظام هذه العناوين في أربعة أنواع مهيمنة : 











170 


أ- العنوان الذي يحيل على اسم المؤلف». ومن خصائصه 
أن يكون جملة واحدة تتكون من كلمتين : رحلة +اسم المؤلف : 
رحلة العبدري» الرحلة العياشية» رحلة ابن جبير ... 

.ب- العنوان الذي يحيل على اسم المكان. وهو شائع في 
تعيسين أماكن الانطلاق أو أماكن التوجه؛ والني غالبا ما تقترن 
بالرحلات الحجية» فيما يلاحظ غياب عناوين ذات البنية الزمنية . 

ج- العنوان الذي يحيل على الحدث؛ وفي هذا الجانب 
يتم التركيز على ماسيقدمه النص من متعة وتخييل (تحفة 
النظار... )» وه وإذ يحسيل على الحدث يمارس نوع امن 
التلخيص والإغراء. 

د- نوع آخسر من العناوين التي لا تنتظم في الخانات الشلاث 
السابقة وتّمارس نوعا من الغموض : 'إصليت الخريت"؛ أو 
التعقيد الذي يقصد من ورائه دلالة معينة كامنة في النص . وهناك 
عناوين أخمرى عادية؛ وفي هذا السياق يمكن التعليق على عناوين 
هذه الخانة بأنها غير متأثرة بعناوين الرحلات؛ ولا تحمل؛ في أول 
قسراءة» الإيحاء بأن النص رحلة» ويمكن أن تكون متناصة مع 
عناوين المرحلة مثل رحلة : «ناضر الدين على القوم الكافرين؟ 
التي تحيل» في البدء على مؤلف ديني يحث على الجهاد؛ على 
غرار عناوين أخرى تحيل على حقول كانت مهيمئة لحظتها: 

تتحقق» إذن» ثلاث وظائف يحددها شارل كريفل في 19 : 
التسمياتية والتعيينية والإشهارية» بنهذه الصورة أو تلك وتحقق 
بالدرجة الأول الوظيفة الإخبارية رغم كون أغلب العناوين اسمية 
وذات تركيب متراوح بين البساطة والتصنع . 


171 





والعنوان الرحلي بحمولاته المرتبطة بالنسق الثقافي محكوم 
بوظيفة توجيهية وتأطيرية: ومخاصيات متقاطعة مع بنية العنوان في 
السرد الكلاسيكي عامة » فهو «ضمئيا يستدعي منجموعة معارف 
يفترض أن يمتلكها القارئ»17) من خلال تعايشه الثقافي المتنوع . 

1 . خطاب التقديم وتأطير النص 

1- المقدمة والنص : يشكل خطاب التقديم داخل النص 
الرحلي عنصرا بنائياء لما يتضمنه من أسس وعناصر تمهيدية لتأطير 
النص» إضافة إلى أسئلته الخاصة المتعلقة بالجنس»؛ وبعض 
قضايا الكتابة عند المؤلف» بما فيها رؤيته وطبيعة فهمه للعديد من 
آليات الإبداع. 

إن التقديم» بهذا المعنى» جهاز ووثيقة حول الجنس 218 
مرتبطة بالنص» لاتوجد إلا بعد الإنتهاء منه» وتتضمن عناصر قبل 
تدوين النص» وأخرئ:بعد كتابته ؛ أي مايتعلق بالشكل التعبيري 
عامة» ونصه الذي يندرج ضمن نفس الإطار والتصنيف . 
وقد اعتبر التقديم في النصوص الرحلية ضرورة واجبة أكثر 
منها في أشكال أخمرى 1 نظرا لطبيعة النص الذي يحتاج إلى 
تقديم بعض المعلومات والايتضاحات حول الرحلة وأحيانا 
لتبريرات معيئة. ومن زاوية ثانية» التفاعل بين الرحلة بوصفها 
شكلا ضمن حقول متعددة: أقربهاإليها : المدونات الجغرافية 
والتاريخية التي لايمكن أن توجد دون تقديم . من ثمةء ف|: 
وجود نص رحلي دون تقاديم أو تمهيد؛ لأنه قطعة أساسية من 
النص السردي-الرحلي؛ يقرب طبيعة الجنس من المتلقي. وقد 











172 


بندمج التقديم في الصفحات الأولى من التص كما هو الشأن في 
الإلياذة والأوديسة0©» وفي رحلات أخرى على غرار نص ابن 
جبير الذي تندمج فيه المقدمة بالنص» بحيث يشير إلى تاريخ 
التقييد والمكان والقصدء ثم إلى الرحلة بشكل مباشر وكل ذلك 
متصل ومختزل يجعل عنصر الاختزال والتدقيق في التواريخ عبر 
المراحل مهيمنا على مجموع النص . 

إن القديم خطاب حول نص ”© يتشكل من عناصر 
تتوجه إلى المتلقي لتهييئه و«توجيهه؛ سواء بتمهيد أو مقدمة 
تخبره بجوهر المؤلف وظروف تحريره ومراحل تكونه!2». كما 
تقدم طريقة عمل الكتاب بتعبير نوقاليس. وفي كل الحالات 
لايمكن العشور على أكشر من ثلاثة أشكال مقدماتية تصوغ 
خطابها : 

أ- مقدمات مرتبطة بالنص الرحلي تذكر أسباب ودواعي 
الرحلة؛ بعض المواضيع أو الموضوع المهيمن؛ وهو نوع مرتبط 
بخارج النص؛ وظروف تكونه أكشر من ارتباطه بداخل الخص . 
وفي هذا الإطار تجيء رحلات العبدري وابن بطوطة وافوقاي 
للتعبير عن مثل هذه المقدمات . ويتحدث ابن معصوم المدني عن 
هذه الاسباب قائلا «فأزمعت على أن أجبمع ماوق لي من ذلك 
ا 
ماوقفت إليه إلى أن يمن الله سبحانه بالعود إلى الوطن والأوب 
إلى العطن وأورد خلال ذلك من الطرائف المستطرفة والظرائف 
المستظرفة ومايروق النواظرء ويجلو صدأ الخواطر وتقرط به 





173 


المسامع ويطرب له الناظر والسامع فإذا أشرق من أفق الكمال 
بدرها المنير وتفتق عن حجب الكمام زهرها النضير سميتها سلوة 
الغريب وأسوة الأريب»'3©. 

ب- مقدمات تقدم ملخصا للرحلة» بالإضافة إلى أقسامها 
على غرار ما فعله عبد الغني النابلسي في رحلته #الحقيقة والمجاز 
في رحلة بلاد الشام ومصر والحجار 

وترتبط هذه المقدمات بالنص بشكل مباشر من حيث عرض 
مضامينه وفصوله . يقول صاحب * ملتقط الرحلة من المغرب إلى 
حضر موت ' » بعد عرضه لمقدمة من سبع وعشرين صفحة عن 
سيرة الإمام إدريس الأكبر وخروجه إلى المغرب أيام هارون الرشيد 
ام الأدارسة في المغرب وانتسابه إليهم : #وهذه المقدمة ذكرتها 
' توطئة لما بعدها من أسباب نقلتي من بلاد المغرب إلى الجهات 
اليمانية والجهات الحضرمية وذلك لطول سفري» وخفت فجأة 
الموت بغتة فأردت أن أذكر في سبب مسيري من بلاد المغرب إلى 
بلاد المشرق:09©ر 

ج- مقدمات تبسط لموضوعها بالبسملة» وتترك المقدمة 
للجواب عن سؤال أو الدفاع عن فكرة يتوخى المقدم من ورائها 
توجيه المتلقي إلى قراءة معيئة باعتقاد معين» كما فعل ابن جبير في 
بسملته التي جعلها جزءا ملتخما مع النص بتكيف العديد من 
الاحداث المرتبطة بصلب الرحلة؛ دون ماحاجة منه إلى مقدمة. 
أما أبوحامد الغرناطي فيجعل البسملة تمهيدا أوليا للرحلة التي 
تضم مقدمة اعتبرها ضرورية للنص حيث سيعرض في بسملته ٠‏ 

















174 


أسباب التأليف ومضامين مؤلفه وترتيب كل ذلك» «على مقدمة 
وأربعة أبواب» المقدمة للبيان والتمهيدء والأبواب لتتمة 
المقصودء»9©, 

فضلا عن كل هذاء فإن خطاب التقديم ومايتضمنه من عناصر 
يمكنها تأطير النصء وإضاءة بيض جوانبه ومساراته لفهم قضايا 
مرتبطة بالكتابة والتخييل في الرحلة يحبل بأسئلة لا منتهية من قبيل 





المسافة بين التقديم والنص» ووظيفة الخطاب» ثم حدود اشتغال 
المتخيل. 


2-تمظهرات الوعي بالكتابة الرحلية : باسئناء 
الخطاب المقدماتي الذي اشترك في كتابته المؤلف الرحالة ابن 
بطوطة والكاتب ابن جزي في «تحفة النظار» فإن كل المقدمات 
الأخرى تكون على لسان المؤلف - الرحالة الذي يحتاجها تمهيدا 
للأحداث» وتأطيرا للقارئ المفترض» وسيرا على سنة ضرورية 
في الكتابة النثرية . والمسافة بين المقدمة والنص الرحلي مسألة 
بالغة الع قيد لأن تواجدها بين دفتي كتاب يشكل جزءا كليا 
ومتكاملاء لكنه» رغم ذلك» تبقى بعض الفروقات الدقيقة التي 
تؤسس للمسافة بينهما : فالمؤلف في النص يتخذ وضعية الراوي 
والفاعل : أي ذاكرة تستعيد ما التقطته من مشاهدات وسماع 
وتخيلات. أما المؤلف في المقدمة فإنه يتحول إلى «ناقلب؟ 
وعارض يتحدث عن صنعة الكتابة والفعل المحقق لها (الرحلة)؛ 
وأسباب كل ذلك . : 

والمؤلف في النص الرحلي يقدم رؤيته ويبني صرحهاء أمافي 


175 


المقدمة فهويغري بها ويدافع عنها لإقناع المتلقي. وفي 
الوضعيتين معا يتحدث المؤلف عن فعل وعن خطاب حول حكي 
الفعل» مما يحقق مسافة بين الخطاب والنص يكون التفاعل 
بينهما قويا ومستمرا. 

وإذاكانت وظيفة الخطاب المقدماتي هي إضاءة النص 
الرخملي فإن فسعل الإضاءة يتسجلى في البسحث عن إغراء وإقناع 
المتلقي بالنص من خلال البيان والتوضيح . 

في خطاب الغرناطي» يؤكد على أن «المقدمة للبيان 
والتمهيد»29؛ أما جانب الإغراء فيتحقق بأسلوب إقناعي عبر 
التركيز على عجائب المخلوقات محور أسفاره وموضوع مؤلفه 
من منظور ديني «وأظهر في الآفاق من عجائب المخلوقات ما 
ل 
وتسديدهة”” آيات قرآنية وأبيات شعرية في 












رن ب ل لساب يل عي إنكاره و : 
«فالماقل إذا سمع عجبا جائزا استتحسنه ولم يكذب قائله ولا 
هجنه» والجاهل إذا مالم يشاهدء قطع بتكذيب وتزييف ناقله 
وذلك لقلة بضاعة عقله؛ وضيق باع فضبله!8©, 

وتأسيسا على هذا البناء الخطابي الذي يعمل على رسم مسار 
الإغراء والإقناع فإن مسألة الدفاع عن بنيات النص وخطابه تبقى 
حقيقة بالفحص. خصوصا حينما تؤسس جل الخطابات 
المقدماتية لواقعية الرحلة» والدفاع عن العسجائبي وكل 


176 


المشاهدات الغريبة. فإذا كان أبوحامد الغرناطي يكتب خطابا من 
جزأين يرد فيه على غير المُصدقين بالعجائب التي يوردها فإن ابن 





بطوطة وعبد الغني النابلسي ققد سعيا إلى تثبيت ذلك في العنوان 
بالإعلان عن قصدهما منذ أول جملة سردية . 

هل يعي المؤلف/الرحالة في خطابه المققدماتي النوع الأدبي 
الذي يكتب فيه؟ . 


إنها مسألة بالغة التعقيد» مرتبطة بالوعي النقدي للمؤلف. 
ولكن الواضح أن جل الرحلات تستلهم أهم مكونات الرحلة 
بوعي أو بدون وعي» وهو استثناء في أشكال التعبيرء لأن " الرحلة " 
هي مفهوم يجد تحققه في الواقع؛ أي أن الرحلة توجدء نسبياء 
ولو بدون تدوين. لأنها فعل وتجربة؛ إضافة إلى الاحتمالات 
عكس اليوتوبياء أو أي نص تخييلي حيث الفعل كامن يتخلق من 
الإحتمال» وهي تقديرات نسبية تتفاوت من نص لآخر. ٠‏ 

من هذه الزاوية فإن مسألة إدراك الجنس الذي يكتب فيه 
النص أمر بديهي » لأن المؤلف يلجأ إلى تدوين رحلة قام بها (أو 
سمع عنها) في تقييد كرونولوجي يسرد المشاهدات بطرق وصيغ معينة 

لهذا فإن ورود كلمة (رحلة) أو(سفر) أو (مشاهدات) في 
المقدمات من الأشياء المسلّمة ضمن البناء العام للخطاب حيث 
تخضع المقدمة في أنواعها المرتبطة بالنص الرحلي إلى مجموعة 
من القنوانين الداخخلية التي تؤطرهاء شأنها شأن المؤلفات الأخرى 
حيث تبدأ معظم الكتب الإسلامية بافتتاحية تأني بعد البسملة 
والحمدلة» وفي بعض الأحيان بدون عنوان كما هو الشأن بالنسبة 








17 
ام11- الرحلة فى الأذب العربى 


اللطبري . وأحيانا يعنون لها المؤلف كما فعل المسعودي : #باب 
ذكر جوامع أغراض الكتاب». أما ابن خلدون فلم يعنون لها بعد 
البسملة . 

«وقد عرفت هذه الافتتاحية بخطبة الكتاب» والخطبة كما جاء 
في التهذيب؛ مثل الرسالة التي لها أول وآخرء فهي في صدر 
الكتاب رسالة يوجهها المتكلم إلى المخاطبء ليقدم لها ويشرح 
الغرض من تأليفه الكتاب والسبب في وضعه2076؛ في حين تلجأ 
الرحلة في ب انها إلى البسملة والتركيز على الحمد لله وإيراز 
عظمته0 في صنع الكون وإبداعه؛ وكشف أسراره الكشيرة» 
وذلك لإرتباط المؤلف الرحالة برحلة سيكتشف من خلالها بعض 
خفايا الكون. 

- «الحمد الله الذي أبدع العالم علما على توحيده» فشهد كل 
موجود بوجوده؛ ودلت كل نعمة على كرمه وجوده» وسخر 
السماوات بأصناف جنوده وأمرهم تسبيحه وتقبيسه وتمجيده» 
وأسكن الأرض من شاء من عباده!1©, 

- «الحمد الله الذي ذلل الأرض لعباده ليسلكوا منها سبلا 
فجاجاء وجعل منها وإليها قاراتهم الثلاث نباتا وإعادة وإخراجا. 
دحاها بقدرته فكانت مهادا للعباد» وأرساها بالأعلام الراسيات 
والأطواد2©, 
وتتنوع هذه التقديمات بشكل آخر عند عبد الغني النابلسي 
الذي يقف بعد البسملة والحمدلة ثم الصلاة على النبي» فيورد 
مجموعة من الآيات والأحاديث الشريفة حول السفر والسير في 





178 


الأرض» وهو شكل من أشكال تبشير الأرضء والإهتمام الإلهي 
بها . وبالتالي فالسير فيها سفرا تلبية لنداء مقدس وتطهير للنفس 
والذاكرة. 

نوع آخر يتمثل في الدعاء الذي يفتتح به قبل مباشرة الحديث 
عن الذات والرحلة» وذلك بتقديم الأسباب لة بحسب تعادد 
الرحلات» أو تقديم تلمخيص عنهاء أو أفكار أولية عن محاورها 

. إن الأسباب الداعية إشهاد «يؤطر القارئ للتصديق على النص 
والإشارة إلى نوعيته ؛ فالرحلة السفارية الرسمية -من أسبابها - أنها 
انتداب وأمرء كما الامر عند ابن فضلان وأفوقا ي : 

- «وكان السفير له نذير الحرمي فندبت أنا لقراءة الكتاب عليه 
وتسليم ما أهدي إليهء والإشراف على الفقهاء والمعلمين»(00©. 

-3... وأسفر نظرهم أن نمشي بأصحابهم وأعطانا للسلطان 
كتابه وذهبنا إلى آسف : هي مديئة على البحر المحيط وفيها ركبناء 
وبلغنا الى بلاد الفرنج» ووقع لي كثير مع علمائهم من القسيسين 
والرهيان وال شأن الأديان» 60 , 

أما الرحلات الأخرى الحجية أو الزيارية أو السياحية فإنها 
تجيء هرباء أوتصديقا لرؤية» أوحلم من جهة؛ أورغبة في 
التطهر والتنفيس من جهة أخرى . 

وإذاكان العبدري ممن لم يورذ سببا واضحا في ذهنه غير 
الرغبة في حج بيت الله الحرام فإن ابن بطوطة يتحدث عن سببه 
على لسان ابن جزي موضحا : «وهو الذي طاف الأرض معتبراء 
وطوى الأمصار مختبراء وياحث فرق الأمم وسبر سير العرب 











179 


والعجم:5©, وواضح أن هذا الكلام لايدقق في استعسراض 
الدوافع التي يمكن استشفافها عند افوقاي أو عند العبدري بشكل 
صريح من النمط الرحلي . 

وقد عرض الرحالة عبد الغني التابلسي» لدوافعه بوضوح 
تام» قائلا : القد كنت فيماتقدممن الزمان» مع جملة من 
الأصحاب والإخوان» أتمنى الإستيعاب في زيارة الصالحين من 
الأحياء والأموات؛ والتبرك بنفحات مجالسهم وهاتيك 
الحضرات ويكون ختم ذلك بالحج الشريف وزيارة النبي [» في 
ذلك البلد المثية إلى أن هيأ الله تععالى لنا الأسباب وقطع عنا 
العوائق وفتتح علينا الباب»60©, 

يضمن خطاب التقديم مستوى الدوافع التي تتنوع بتنوع 
المقدمّات» وأنواع الرحلات؛ بين سبب خارجي» وعادة مايكون 
سفارياء وسبب ذاتي-ديني كما هو الحال في زيارة الأولياء 
والصالحين؛ ثم سبب خارجي وذاتي هو الهروب من مكان إلى 
آخر نتيجة أوضاع سياسية محددة أو غيرسياسية . 

وتشمل المقدمات. فضلاعن كل ماسبقء تأثيمًا بلاغياء 
واعتناء بالأسلوب الذي قد لا يشبه أسلوب كتابة النصوص باعتبار 
أن المقدمة فاتحة الكتاب . من ثمة جاء الاعتناء بإيراد مجموعة 
من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة» وبعض الاشعار 
المدعمة للموقف. كما أن بعض الرحالة يعمدون إلى التقديم 
المسجع على غرار مقدمة ابن بطوطة؛ وعبد الغني النايلسي» 
والعبدري. فيما خلت رحلة أفوقاي من السجع والأشعار. 

















1860 


3- هوية الخطاب المضمرة : تتشكل هوية الخطاب 
المقدماتي من عناصر أخرى» من بينها ثلائة مستويات مضمرة يرى 
هنري متران في دراسته للخطاب المقدماتي”* أنها تترابط في 
حلقة واحدة. 

1-3- المستوى الأول : بنية الضمير : ترسم بنية 
الضمائر في الخطاب المققدماتي الرحلي مرآة 0 
اشتغال الذات/ الأنا في النص» خصوصا حينما 
شخصي ينبني على فعل وسلوك واستيهامات ذاتية . 
لة وغير معقدة» تحكمها بعض الثوابت» 
يختفي منها ضمير المتكلم متواريا لصالح ضمير 
7 نه رفي مناه لتقت دا لوح دون لخر 
لة ابن فضلان) لم يرد ضمير المتكلم إلا في فقرتين 














تْ"أنا لقسراءة الكتاب عليه وتسليم ما أهدي إليه 
والإشراف على الفقهاء والمعلمين»(ص66). 

-... وأنا معهم -على ماذكرت- فسلمت إليه الهداياء له ولا 
مرأته ولأولاده وإخسوته وقوادهء وأدوية كان كتب إلى 'نذير' 
يَطليّهاه (ص 60) . 

بينما يشغل ضمير الأنافي خطاب 'ناصر الدين ' جل 
الفقرات . لكن المسألة في مقدمة (التحفة) لإبن بطوطة مختلفة » 
لأن الحديث عن ذات المؤلف/الرحالة 
ريما للالتباس الذي جعل العديد يعتقاد أن ابن ج ي هو الذي قام 





181 


بصياغة التقديم والنص» فسجاء الحديث عن الذات من منظور 

ويمكن تّمحيص بنية الضمائر في خطاب النابلسي بشكل 
مدقق» لأن المخاطب الذي يتوجه إليه الخطاب ليس واحدا 
متجانساء بل متعدد الأطراف» وفي كل لحظة تتخذ الأنا تموضعها 
مع شكل التلقي . 

بالنسبة للبسملة والحمدلة والدعاء فإن الخطاب 
إلى اللهء وتكون الأنا فيه غائبة نهائياء متخفية وبعيدة» إنه 
تقليدي للإستغفار» عبرهيتم تنبيه الذات إما بالدعاء أو بالآيات 
القرآنية التي تتوجه إلى الإنسان لوعظه وتقويمه. 

ويتضمن هذا الخطاب التقليدي الموروث بنية عميقة تثوي 
الذات فيها متكلمة ومستقبلة» ويكون الله فيها قطبا عاما. كما يتم 
اللجوء إلى صيغة مشهورة في المقدمات الكلاسيكية وهي أن 
تتحدث الذات بضمير الغائب لتقديم نفسها وصفاتها العلمية وبعد 
ذلك يتابع بضمير المتكلم . 

- (وبعد فيقول العبد الفقير الى الله تعالى - الراجي عفوه 
وغفرانه ورحمته بشفاعة نبيه المذكور في كتبه» وأفضلها كلامه 
العزيز في قرآنه : من نعم الله تعالى أن جعلني مسلما في بلد 
الكفار7 , 

- «يقول العبد المذنب المستغفر الفقير إلى الله تعالى 
محمد بن محمد بن علي بن أحمد بن مسعود العبدري عفا 
الله عنه. 











اب 





182 


أحمد الله حمد معترف بالتقصير عائذ بوجهه الأكرم وجلا 
الأعظم من سوء المصير 

- «أما بعد فيقول شيخنا وأستاذن بركةالآنام وعمده الخاص 
والعام [... ] لققد كنت فيما تقدم من الزمان من جملة الأصحاب 
والإخوان أتهف الإستيعاب في زيارة الصالحين من الأحياء 
والأموات» !40 

هذه الصيغة - الطريقة» والتي قد تأتي في بداية المقدمة أو في 
وسطها تكشف عن تهيؤ الذات للخروج من تخفيها والتعبير عن 
وجودهاثم أسبابها. 

عند النابلسي يدو الفرق واض حا بين الذات من خلال 
تعبيرين: تعبسير 'النحن؟ الممثلة للآخرين عن الأناء ثم 
تعبير المتكلم ؛ ففي الأول يتم الإفصاج عن رصيد الذات من 
الإكبار والإجماع والعلم» وذكر أصول الذات الممتدة في 
جذور مشهورة. 1 

لكن» مع تحول الخطاب من صيغة ' النحن' التي تعبر عن 
الأنا إلى المتكلم تتقلص الإضاءة حول الذات لتتشتت نحو فضايا 
أخرى» مع العلم أن الفقرة الأولى هي جذر ماسيأني من كلام . 

في ' الحقيقة والمجاز في رحلة الحجاز... ' تصير بنية 
الضمائر معقدة لأنها لا تتضمن غير فعلين بضمير المتكلم المفرد : 
«لقد كنت فيما تقدم من الزمان» (ص37). أما الضمائر الأخرى 
فجاءت بنفس الضمير الجمعي تعبيرا عن «نحن؟ معينة في أفعال 
كثيرة ومختلفة تعبر عن وضعيات شتى . وهي مسألة تؤشر على 





183 


التناوب بين الأنا والنحن ؛ ذلك أن المتكلم الجمعي الذي 
يتحدث عن ذات المؤلف متقمصا أصواتا أخرى لتبثير هوية 

المؤلف/ذاته هو من حول الخطاب إلى الصو 
المفرد في حركتي الكينونة والتمني (كنتء أتمنى) ؛ ثم تحول 
ثالث إلى المتكلم الجمعي في صورة مهيمنة ذات خطاب يتجاوز 
التقديم والإخبار كما يحدث في الضمير الأول. ويتخطى الكينونة 
والتمني» كما يحدث في الضمير الثاني» وذلك للخلوص إلى 
متكلم جامع للإثنين (النحن والأنا) يعبر عن الفعل من خلال سرد 
الاسباب وخلاصة الرحلة . 

يتفاعل التناوب الثلاثي دائريا بيين ضمائر بمتكلم واحد في 
وضعيات مختلفة؛ ومخاطب متعدد يتحول إلى مرآة بثلاث زوايا 
تضيء الذات وفعلهاء وتعمل بالتالي على تشكيل رؤية خلفية 
تتوجه إلى متلقي النص . ويبقى السؤال مطروحا بخصوص مدى 
انعكاس هذه التحولات في الأنا داخل النص؟ 

بديهي أن المتكلم في المقدمة الرحلية هو نفسه الذي يتحكم 
في السرد بنفس الضمير وينفس التناوب كما في رحلة ابن بطوطة» 
أو بالإقتصار على ضميري المتكلم والغائب على غرار ما في #ناصر 
الدين على القوم الكافرين؟؛ أو الجنوح إلى ضمير المخاطب في 
الأعم في (تحفة الألباب) للغرناطي . 

هذا التنويع في الضمائر تستتبعه ضرورات النوع والكتابة . 
لكن الأمر في (الحقيقة والمجاز) أن الضمير في النص الرحلي 
يبدأ ويتهي بالمتكلم الجمع؛ ممايفيد أنه يقصد ذاته 











184 


بأسلوب الإحترام» ثم الابتعاد عن حرج الأنا المفرد» مما يفسر 
أن "النحن* التي استعملها في خطاب التقديم هي 'الأنا" 
المقنعة في الجمع 3 

الاتخلق بنية الفسمير الزمني في الخطاب المقدماتي أجوبة 
بخنصوص النص الرحلي بقدر ما تؤسس لتأويلات حول طبيعة 
المتلقي والسارد وما يفرزه من تئاوب بين الضمائر وامتتدادها في 
النص» لكن تقس آخر متحول إلى وضعية أولى بعد أن احتل 
الضمير في المقدمةٌ وضعية ثانية» لأنه خطاب حول النص. 

ويكشف هذا التحول أن ضمير التقديم هو ضمير «وعي 

نقدي» يحقق بينه وبين «أنا» السارد الذي هو «وعي ابداعي؟ 

مسافة متحركة تبتعد وتتداخل» إنها مثل مسافة المرآة التي تقف 
عن بعد من الشيء الذي تعكسه؛ ؤلكنها في الآن ذاته تتضمنه . 

2-3- المستوى الثاني : بنية الزمن : يصعب وجود 
زمن خالص»؛ كما يصعب تحديده والنفاذ إليه؛ ذلك أن الماضي 
ليس ماضيا كلياء والحاضر نسبي» وأيضا المستقبل ؛ فكل واحد 
يحتوي الآخر بنسب متفاوتة . 

وفي النص الرحلي ييسدوء ظاهراء أن الزمن المساضي الذي 
«انتهت» أفعاله هو المهيمن ... ولكن المسألة في العمق أبعد من 
هذاء لأن تأثير فعل السفر لم دينته»» وإنما دينامية الفعل هي التي 
جعلته يخلق ويحقق رصيدا متحولا إلى الحاضر والمستقبل. من 
ثمة» فإن الحكي عن الماضي في رحلة حجية هو نفسه حكي عن 
الحاضر في ذات الوقت؛ لأن هذا الماضي أعاد تشكيل وصوغ 
تفكير ورؤية المؤلف الرحالة . 





185 





'تحكم بنية في الرحلة ثلاث لحظات أساسية : 

- وقوع الر- في زمن معين (الزمن الأول) . 

- التفكير في تقييدها أو روايتها (الزمن الثاني) . 

-كتابتهاء أورؤايتها عبر عمليتي التذكر والتخيل (الزمن 
الثالث). 

بعد ذلك يأتي الخطاب المقدماتي» وهو آخر ما يكتب» 
فيجمع هذه الأزمئة الثلاثة في زمن واحد هو الماضي الذي يحتوي 
ثلاث طبقات زمنية متداخلة تشكل طرسا"!* مرآويا تقرأ فيه ومن 
خيلاله كل الأزمنة والأفعال. 

وإذاكان هنري متران قد أكد على أن الزمن الحاضر هو 
المهيمن في المقدمة بخصوص النصوص الحديثة فإن هذا الحكم 

٠‏ لاينطبق على مقدمة النص الرحلي» أو النصوص السردية 

الكلاسيكية لأن بنية الماضي تبقى متجذرة في الوعي والوجدان» 
حتى يبدو أن كل رحيل معين هو سفر إلى ماض ما مفتقد يراد 
التواصل معه والدخول فيه . 

في نص «ناصر الدين على القوم الكافرين» ينسج الماضي في 
الخطاب المقدماتي لوحة إيهامية سرعان ماتتبدل إلى تحيين 
للراهن؛ فيبدو الماضي جزءا من اللوحة : 

«وهنا أشرع بعون الله أكتب في هذه الورقات ما وقع لي من 
المناظرات وكل مسألة ألهمني الله تعالى بالجواب عليها في الحين 
على البديهة» وأذكر نصوصا من الكتب426, 

يعمل أفوقاي على الجمع بين حاضر التدوين (الكتابة) لوقائع 





186 


مضتء بحيث يصبح الحاضر متضمنا لماض متحكم فيه عن 
طريق التذكرء وهي خخاصية في جل مققدمات النص الرحلي مع 
تفاوت قليل في 'الرحلة المغربية * للعبدري» حيث ترد عنده 
جملة تكسر القاعدة : #وبعد» فإني قاصد بعد استخارة الله 
سيحانه إلى تقيبد -ما أمكن تقييد ورسم ماتيسر رسمه 
وتسديده»”». إنه يشير إلى أنه لم يكتب رحلته بعد وإنما 
سيباشر تدوينها بعد إنهاء تقديمه» وهي إشارة لن تصمد أمام قوة 
زمن خاص يعتقده ويدافع عنه في المقدمة والنص» لأنه بالإضافة 
إلى تلميحه إلى الحاضر في إشارة عابرة يؤسس لزمنين مركزيين 
متناقضين»؛ من جهة هناك الزمن الماضي:المضيء الذي تجسده 
العسهود الأولى من الإأسلام حيث شد رخاله للدخول فيه وفي 
آثاره والإلنقاء بمن يجسدونه؛ ومن جهة ثانية هناك الزمن 
الحاضر المذموم في رأيه وعلى حدت «وقد تعطل من هذا 
الععصر موسم الأفاضل وتبدد في كل قطر نظام الأفاضل»» #9 أو 
قوله شعرا في موقع آخر : 3 
قل لأهل الزمان حاشاك أصبحوافيه من مساو وسواء!45» 
إنه تعبير عن الارتباط بالماضي الذي يحتوي المستقبل» 
ويدفع بالحاضر إلى أحد الطرفين» وكأن الرحلة هي بحث ٠‏ 
'أسطوري * عن الزمن الآخر المفتقد في الراهن» وهو مايؤكد 
مطلقة» أو غيبية في الخطاب المقدماتي تتمثل في 
أثناء البسملة والدعاء-عن ققدرة الله» وبديع صنع 
الكون”»؟ في زمن سحيق غير محدد في الماضي؛ مقابل زمن 








187 


سحيق آخر غير مخدد في المستقبل لحظة الحديث عن القيامة 
والعاقية خصوصا في النصوص الخيالية. 
ليع بنية الماضي أن تستولد أشكالا زمنية مرتبطة لهاما 
يفسرها ويدعمها في النص الرحلي ؛ فعند ابن بطوطة يحضر 
الزمن التتاريخي في الماضي القريب والحاضرء ويربطهما من 
خلال استعراضه لقوة زمن أبي عنان (ص30)؛ كما يحضر ماض 
آخر يتضمن حاضره الشخصي والمجتمعي» ممانيجعل الاستنتاج 
قائما على أن بنية الزمن قي الخطاب المقدماتي الرحلي متنوعة 
ومختلفة تتخذ شكلا ظاهريا عاما هو الماضي المتضمن لأكثر من 
ماض واحد وأكثر من حاضر أو مستقبل» وذلك بين أزمنة سياسية 
وثقافية واجتماعية وتاريخية وأسطورية وغيبية وشخصية ... 
1-2-3- الزمن المرآوي في "الحقيقة والمجاز': 
كّميز مقدمة رحلة “الحقيقة والمجاز. . ' لعبد الغني النابلسي 
إمنية متنوعة مفتوحة» تتيح التمييز بين مستويين : 
مستوى لازمني وآخر زمني في الصيغة الأولى يخفت الزمن 
ويتبدد في اللامحدد واللامتعين : ماضيا أو مستقبلا. وهو ماتجلى 
في الفقرات الخاصة بالدعاء واستعراض ما قيل.عن السفر فاعتباره 
توجيها دينياء من خلال الآيات القرآنية أو الأحاديث النبوية» 
وأيضا في خاتمة المقدمة من دعاء يفيد المستقبل (ص40) . 
هذه الفقئرات اللازمنية هي التي تُؤطر 
والمتراوحة بين الإشارة إلى الماضي والحاضر : 
القسد كنت فيما تقدم من الزمن مع جملة من الأصحاب 























188 


والإخوان1... ] إلى أن هيأ الله تعالنى لنا الأسياب[... ] ولمعت 
بيننا بوارق التيسيرء وصفت عندنا نمارق التسيير» (ص37). 

في هذه الفقرة البادئة بافتتتاح الحديث عن الرحلة؛ ينجلي 
التعميم في الزمن» على عكس الزمن في النصء والذي جاء في 
صيغة يوميات بالايام والشهور والسنوات . 





«كنت فيما تقدم من الزمان»؛ ثم الماضي القريب : 
الله تعالى لنا الأسباب»» وأخيرا الماضي الحاضر : دوا المت بينتاً 
بوارق التيسير» . ثلاثة أنواع من اشتغال الماضي الذي يصبح خطابا 
مرجعيا للنص الرحلي يتضمن الإحالات التالية : 

- ماض يحيل على فترة لا محددة من الماضي أو المستقبل . 

- ماض يحيل على وقائع مسترجعة (هي الرحلة الكبرى) . 

-ماض تضميني يحيل بالإشارة على رحلتين سابقتين هما 
الرحلة الصغرى والرحلة الوسطى . وح 

- ماض يعد بالإحالة على قيم ومعتقدات وأشخاص . 

وفي كل الحالات حيث الماضي يتبأر بعيدا وقريبا ومتحدا مع 
الحاضز فإنه يهيء لزمن النص الرحلي الذي هو ماض مشبغ بأزمئة 
مختلفة ومتفاعلة . 

3-3- المستوى الثالث : الإشاريات: مسار الرغبة : 
من هذا المستوى الثالث تتبدى هوية البناء في الخطاب 
المققدماتي الرحلي لارتباط بنية الإشاريات بأهم مكونات الرحلة' 
وهو الفضاءء وتحديدا المكان المنتقل منه والمنتقل عبره وإليه. 





189 


فالنظام الإشاري الذي يحكم الجهاز المقدماتي يتكون من 
ظروف المكان والزمان والمعرفات» وتكمن أهميته أيضنا في 
احتوائه على شحنة وجدانية قوية تجعل الذات تتماس مع هذه ٠‏ 
الإشاريات فتبصمها. 

ويشكل هذا النظام» من منظور آخرء جينات أولية لرؤية 
حاملة لذات المؤلف ست خصب داخل النص بشكل أكثشر 
وضوحا. لهذاء فالإشاريات لا تتحدد في الخطاب المقدماتي إلا 
حين يتم عرض أسباب السفرء وتقديم تلخيص عن الرحلة ؟ فمع 
العبدري -مثلا- نجد أن شبكة الإشاريات تتضمن في مقدمته ألفاظا 
تقنية متعارفا عليها (بلاد المشرق» البلدان؛ العصرء موسمء» 
الدنياء الأرض...)؛ مقابل/ أسماء محددة تعيينية (الديار 
المصرية» فاس» الإسكندرية» مصرء تلمسا افة إلى 
ندرة المعرفات وأسماء الإشارة وظروف الزمان: إذ تبقى الأسماء 
والتعيينية علامات حية ذات مرجعية وجودية» وهي مسألة 
مرتبطة بطبيعة شكل الرحلة عموماء وبعلاقتها بالمراجع”7 
والمسافة الإبداعية التي تحققهاء فتحقق بذلك نصية النص 
الرحلي. لكن المسألة في نص مثل 'رسالة الغفران' تتخذ 
وضعية أخرىء لأن النص الرحلي هو رسالة جوا ة على رسالة 
رحلية أخرى لابن القارح» وهذه الأخيرة هي خبطاب 
خطاب المعري والذي قدم لرحلته بمدخل متصل لا: 
الخطاب والنص ولكن مسار الرغبة في التواصل يتحقق ويتوضح 
في التقديم الذي ينسج منذ البداية ملامح الحكي في الرسالة4, 











190 


تندر في مقدمة * الحقيقة والمجاز في رحلة بلاد الشام ومصر 
والحجاز" ظروف المكان والزمان» وتحضر مكانها الإشارة إلى 
أسماء الأماكن» وكأنما جاءت المقدمة توسيعا للعنوان المتضمن 
لأسماء ثلاثة بلدان؛ فقد وردت الإشارة إلى اسم الأرض بشكل 
عام أربع مرات مرتبطة بالدعوة إلى السير فيها وذلك من خلال أربع 
آيات قرآنية»؛ ووردت أيضا في آيتين كريمتين مفردتا 'البحر والبر” 
بنفس المسعنى » مع ورود تكرار م فردات عامة تدل على كل 
المكان» من أجل تبرير الرغبة في زيارة *البلاد الحجازية' . 

وقد تعرض عبد الغني النابلسي إلى ذكر أسماء الاماكن 
المعروفة تاريخيا : (البلاد الشامية؛ البلاد المصرية؛ البلاد 
الحجازية » بلادنا دمشق والشام)؛ وهي إشارات ارتبطت بنوعين 
من الامكنة المتفرعة عن هذه البلدان : 








- أمكنة مقدسة للتبرك والزيارة : حج قبر النبي وقبور الأولياء. 
- أمكنة للتنزه والتسرويح عن || : النزهات والغيطان 


وسواحل القصبات والفلوات الأنيقة. 

وجميع هذه الإشارات هي علامات ذات مرجعيات في 
الوجود وفي وجدان المؤلف» مما يؤكد أن الخطاب المقدماتي 
جاء توسيعا للعنوان وإضاءة له؛ وهما منعاء يعملان على تأطير 
النص» وتمكين المتلقي من بعض المفاتيح في الفهم والتأويل . 

يتأطر الخطاب المقدماتي الرحلي بمجموعة من العناصر التي 
تكتمل وتنتقص من نص لآخرء في أفق تشكيل خطاب متماسك 
في الإقناع والإغراء والتهيئ لقراءة النص الرحلي» إذ اعتبرت 


2151 


المقدمة بناء قادرا على إبراز هوية الجنس الأدبي لما تتضمنه من 
ملامح وعي نقدي وتعليقي للمؤلف» ثم خصائصها وهوية خطابها 
المضمر حيث تتفاعل ثلاث بنيات للضمائر والزمن والإشاريات. ٠‏ 

1 . البداية والمشهد الجذري 

1- «البداية» في السرد تحدث الثقاد العرب القدامى عن 
«براعة الإستهلال» وضرورة #كون ابتداء الكلام مناسبا 
المقصود»9»: وأهميته في خلق الإنطباع الأولي العام عن النص 
وشد انتباه القارئ إلى الدلالات. 

وإذاكانت جهود القدامى قد تركزت بشكل خاصء في 
تحليلاتها وأبحائهاء على جنس الشعر”" فإن الشروط نفسهاء 
وكل مايتعلق بتخيز اللفظ تصلح للحديث عن التشرء وإن كان 
إغفاله أمرا محققا بة الجملة - البداية في السرد العربي غنية 
وذات دلالة»؛ خصوصا ونحن نتحدث عن المقامة وعن كليلة 
ودمنة وعن ألف ليلة وليلة'!"» وغيرها من النصوص التي جاءت 
بداياتها متميزة بخصوصيات وقواعد. 

أما النص الرحلي فإنه لا يشذ عن القاعدة» بخصوصياته» لأن 
"كل بداية نصية تختلف بلاغيا عن بدايات أخمرى»520), حيث 
البداية - المّعْبّر إلى النص» انطلاقا من تحققاتها 
البلاغية» وقدرتها على ربط حوار تواصلي مع 
وتأتي أهمية البداية باعتبارها جسرا بين النص 
والقارئ ؛ فقد تعددت الأسئلة المطروحة حولها لفهم بنيتها 
وآليات تركييها واشتغالها. 
















192 





تتجسد أولى الإشكالات ١‏ 
البداية : هل هو الراوي أم الرحاا 
من طبيعة المتكلم يستلزم التتحقق في شكل الرغبة ومسار 
الحكي . إضافة إلى بعض الاختلافات التقنية حول تحديد جمل 
البداية . هل هي الجملة الأولى شكلا أم دلالة؟ 
تحاول أ. د . لونكو حل هذا الإشكال57؟ عن طريق اقتراح 
ثماني نقط تحديدية 





نهاية السرد الأولى والانتقال إلى سرد آخر. 
- الانتقال من السرد إلى الوصف أو العكس . 
- الانتقال من الخطاب إلى السرد والعكس. 
في الصوتء أو على مستوى السرد. 

- تغبير في التبثير. 

- نهاية الحوار أو المونولوج؛ أو الانتقال إليهما . 

- تغيير في زمنية النص وفضائه . 

كل هذه التحديدات تصب في تحذير البناحث حتى يأخمذ 
بالجملة الدالة ذات السياق المرتبط بباقي الجمل» لأن دور البداية 
هو البحث عن افتتاح السردء وعقد مياق القراءة مع المتلفي . 
وإذا كان النص السردي الحديث يسعى من خلال بدايته إلى طرح 
الأسثلة مع زوع الإيهام في المتلقي» فإن بداية النص الكلاسيكي ' 
على عكس ذلك» تؤسس لأسئلة سيتم الجواب عنها ؛ ففي (كليلة 
ودمنة) تخصص البداية الأولى في سؤال دبشليم؛ أما البداية 





193 
م17- الرحلة فى الآذب العرين 


الثانية فتتضمن جواب بيدبا. بالإضافة إلى بداية الرحلة التي تتغيى 
الإجابة في بدايتها عن أربعة أسئلة جوهرية : من؟ لماذا؟ متى 
وأين؟ يقول عبد الغني النابلسي : «لما تحركت فينا دواعي الغرام» 
وتوجهت الهمة إلى المسير في جهات بلاد الشامء وكان ذلك في 
أواخر ذي الحجة الشهر الحرام ونحن إذ ذاك في بلادنا دمشق 
المحروسة ذات الربوع المأنوسة»(ص41). : 
يجمع إلسارد في بدايته التي جاءت بصمير المتكلم الجمعي 
أسباب الارتحال للجهة المقصودة؛ والزمان؛ ثم الجهة المنطلق 
منهاء وهي بداية تدفع بكل هذه المعلومات دفعة واحدة إلى 
المتلقي قبل التفصيل فيها داخل النص . 
والبداية في الرحلة عتبة تربط بين مشهد سردي مكثف وبين 
تفاصيل مشهدية أخرى» وهي أيضا عتبة لربط مخزون الذاكرة 
بعضه ببعض بصيغة ذات مصداقية تأكيدا لمرجعية واقعية موجهة 
عن طريق الانتقال والتواصل ؛ ذلك «أن تطور البدايات السردية 
٠‏ عبر التاريخ والمجموعات الإنسانية يبدو دالا على التبدلات 
العميقة؛ ليس فقط في علاقة القراء والمستمعين مع الأدب أو 
النصنوص» ولكن» بعمق» في علاقة الإنسان مع العالم . التصور 
المفتاح من هذا المنظور هو بدون شك الانتقال»59. من هذا 
الأساسء تعبر البداية انطلاق تشكل الحكي» وتأسيس جسر 
التواصل بين النص والقارئ أو المستمع» لأن النصء منذ بذايته» 
يتموقع بالنسبة لجنسه وشكله”»؛ كما يعمل على توليد شعور 
مسعين من خلال تبليغ المعلومة والتكثيف الذي هو بوابة 






194 


التفاصيل . وتعمل البداية على تأطير النص والدخول إلى عالم 
التتخبيل©") في ربطها بين معطيات الخارج وعملية التحويل إلى 
نص لغوي» لأن البداية هي الفاصل بين عالم الخيال وعالم الحياة 
اليومية”5». وتشكل هذه النتقطة حورا جوهريا لفهم البداية 
باعتبارها العتبة-الجسرء والعتبة-المسافة بين عالمين. وكأن 
البداية هي بناء جسر الانتقال من «تجربة معيشة؛ إلى تحويلات 
هذه التجربة في لغة تحتفظ بمسافتها الضرورية . وإذا كان جان 
يدرس البداية السردية في أكثر من موقع؛ والإنتقال 
من الواقع المعيش» الماديء إلى الخيال» فإن المسألة 
7 ية النص الرحلي تتخذ وضعية مغابرة؛ نسبياء وتطرح مسألة 

من أفكار شفوية 








يفترض كونه يصهر الافكار والتجربة في صوغ 
2 - وهوالمؤلف الرحالة عمادة بشغل في الجا 





الانتقال بالقارئ بين عالمين مفترتن؟ إذ شف الراوي الوسيط 
دور المرشد خطوة خطوة بالسرد» ليحقق وساطة بين ذاته 
ورحلته أولاء ثم بينه وبين العوالم التي رآها والقارئ ثانيا.. 

وتعبر بعض مميزات البداية الرحلية» في إطار اندراجها ضبمن 
سياق التفاعل مع السرود الأخرى» بداية إحالية محددة للمرسل 





الراوي» وذلك بذكر اسمه : (قال الشيخ أبوعبد الله) وتشير 
البداية في (التحفة) إلى ابن بطوطة» أوضمير المتكلم المرتبط 
بفعل السفر والإرتحال (فرحلنا من مدينة السلام) (ابن فضلان. 
ص73) ؛ (كان سفرنا) (العبدري. ص7)» أو بصياغة أخرى غير 
بعيدة عن السابقتين. وفي كل الحالات يكون حضور المرسل إليه 
ضمنيا عند العبدري» وابن بطوطة؛ وابن جبير وابن ابي محلي» 
أو صريحاعند أبي حامد الغرناطي : «اعلم وفقنك الله أن 
الدنيا... » ص73 ؛ أو عند أفوقاي «اعلم - رحمك الله أن في عام 
ست وتسعين. .» ص23. وهو أسلوب فقهي كان تأثيره جليا على 
العنديد من الكتابات في حقول شتى . 

ولايمكن السمييز في البدايات الرحلية بين بداية مكانية 
خالصة» وأخرى زمنية أو شخصية خالصة أيضاء لأن المهيمن هو 
حفوركل العناصر الزمئية والمكانية» بالإضافة إلى شسخص 
السارد؛ وهي ضرورة بة لتحقيق المشهد الأولي الجامع كما 
في بداية رحلة النابلسي وغيرها9», 

هذا الأسلوب التوثيقي الإخباري هو:: 
وواقعيتها على حد تعبير جان رايمون : 
والناريخي هي بدايات زمنية بامتياز 















*60) يُجذّر واقعية النص/ 
الرحلة باعتبارها فعلا جرت أحداثه في الواقع» وسيتم تحويلها إلى 
عملية سردية ؛ فالتأسيس لسياق مرجعي معين هو إرساء لقواعد 
التواصل والتوجيه؛ وإنتاج خطاب يعمل على توجيه الإدراك. 
وإذا كان خطاب البداية في ألف ليلة وليلة أو كليلة ودمنة يفصح 


196 


عن مرجعيته التخيلية فهو يوجه إدراك المرسل إليه لشكل هذا 
التلقي. أما النص الرحلي فإن خطاب بدايته يعلن عن مقصدية 
سياقه المزجعي الواقعي باعتباره خطابا من الذاكرة/العين إلى 
الأذن/الخيال ؛ من عين مشاهدة إلى أذن تتخيل . 

2- دينامية البداية : إحدى علامات دينامية البداية في 
النص الرحلي تتحدد في أنواعها ووظائفهاء ذلك أن بدايات النص 
الرحلي لا تتفصد الإشارة» أو تجنح نحو الغموض»ء امار ترنر 
إلى الوضوح لأداء وظيفة دلالية عادية ومباشرة 
شحنة معلوماتية بكافة عناصرها الأولية ٠‏ لهذا فإن نوعية 
إخبارية, :ا تفتح السرد للحكي عن وقائع وتأملات. 7 
التركيبي والجمالي يتحقق الانشغال بالتحفيز الواقعي الذي يثري 












الله تعالى؛ في الخامس والعشرين من ذي 
وستماثة» مبدؤه من حاحة صانها الله؛ 
وكان طريقنا على بلاد القسبلة فزرنا بموضع انسا من أعلى بلاد 
السوس الأقصى قبر الشيخ الصالح أبي حفص عمر بن هارون» 
وهو من كبار الأولياء ومن عظماء الصالحين نفعنا الله بهم» ذكره 
صاحب التشوف وبالغ في الثناء عليهة!!6. 

تحيل هذه البداية على تحفيز واقعي» انطلاقا من علامات 
ير إلى التراوح بين بداية اسمية تتضاءل فيها الحركة 
السردية وتنجه نحو الوصفء وبداية فعلية ذات وظيفة إخبارية 
حركية. ففي نص الرحلة المغربية للعبدري تنجه البداية نحو 





197 


الحركة الفعلية» شأن جل البدايات الرحلية التي هي بدايات فعلية 
ي يبني بدايته على ثلاث 





متطرادية : (تقبله» صانهاء نفعناء ذكرهء بالغ) . أفعال متعلقة 
بالجمل الثلاث الدالة» تضيء خبرها وتدعمه؛ وتضفي على 
البداية مسحة أسلوبية قريبة من أسلوب الكتابات الفقهية» وبعض 
كتب تواريخ البلدان وأدب التراجم والمناقب. 

3- الوظائف: بداية النص الرحلي» عنصر وفي" 
لكرونولوجية الحكي في إطار البناء العام ؟ فالسرد يبتدئ مع ابتداء 
فعل السفر لهذا فهي بداية متزامنة غير بعدية أو قبلية» وهو الشكل 
الأعم في الرحلات» فيما اتجهت بوابات أخرى إلى التمهيد 
للبداية الرئيسية» كما لجأ إلى ذلك صاحب "رحلة السودان "67 
الذي مهد بالحديث عن تلقيه العلم وحبه للسفر. 

ويقدم تنوع البداية ودلالاتها إمكانات أخرى للحديث عن 
بدايات سردية تدعنجل إدماج القارئ في الحكي؛ فيما تجيء 
بدايات أخرى وصفية تمهيدية بما سيأتي من سرود تبسط أوصافا 
للفضاء الانتقالي ولوازمه. أما النوع الحواري للبداية فيمكن 
تلمسه ضمنيا في كل الأنواع الأخرى التي تفترض مخاطبا تفتتح 
الحكي لأجله؛ وتحاوره. أما الجانب الصريح في البسداية 
الحوارية» والتي تفتتح بحوار» فذلك نادرء لأن وظيفة 





198 


البداية تتغبى الإخبار والتأسيس لجسور وروابط في الجمل 
الأولى. 

قدمت أ.د. لونكو”” في بحشها أربعة مقترحات تلخص 
وظائف البداية» صاغتها وفق نصوص حديثة؛ وهي معطيات 
بإمكانها أن تنسجم مع أي نص سردي » مع تعديلات ترومها 
تحقيقا لفائدة في التحليل. هذه الوظائف الأربعء هي رهانات 
واعية وخير واعية ححقق بأشكال متفاوتة من سارد لآخر . 

أ- الوظيفة ١‏ (#امدةنهمه «مناعومع) : في هذه البداية 
تجسد نقطة الانطلاق في فضاء لساني جديد يدخل في ' مواجهة" 
مع المتلقي من أجل إبلاغه. وهذه الوظيفة الأولى تحول البداية 
إلى خطاب يعمل خلاله السارد على ضمان صدق وحقيقة النص» 
وبالتتالي توجيه الإدراك وتأطير أفق الانتظار» بل تساهم -على حد 
تعبير أ. د . لونكو- في خلق أفق جديد بالنسبة للراوي والقارئ 
معاء خصوصاإإذا أدرجنا عنصر 'البداية الإدماجية' ٠ط‏ 
واكك التي تدمج القارئ» على الفورء وسط حدث كان 
قد ابتدأء سواء من بدايته أو من الوسط أو من نهايته» ويتحقق 
الادماج في البداية الرحلية بشكل آلي؛ بحيث تكون الرحلة 
مشهية:؛ يلتقطها الراوي من بدايتها ليدمج خطابه في سيرورة 
تتخقيقا بط سيلا يكسر فق لنظاز الفارعة : 








رأسي في يوم الخميس الثاني من شهر الله رجب الفرد عام خمسة 
وعشرون وسبعماثة؛ معتمدا حج بيت الله الحرام» وزيارة قبر 


199 


الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام؛ منفردا عن رفسيق آنس 
بصحبته؛ وركب أكون في جملته؛ الباعث على النفس شديد 
العزائم؛ وشق إلى تلك المعاهد الشريفة كامن في الحيازم» 
فحزمت أمري على هجرة الأحباب من الإناث والذكورء وفارقت 











وطني مفارقة الطيور للوكور 99 , 

ينفتح خطاب البداية في "نحفة النظار " على فضاء التصديق 
عبر الجملة الأولى التي تخبر عن الفناعل ونقطة انطلاقه وتاريخ 
ذلك. ويتم ضمان هذا التتصديق وتأكيده في الجملة الثانية التي 
تفضي إلى نوعية النص (رحلة . لكن ماتبقى من جمل 
يكسر أي أفق منتظر» ويخلق أفق انتظار آخرء ونوعية إدراك مُغاير 





سيصاحب المتلقي خلال قراءاته للنص وذلك بالحديث عن 
ارتحاله وحيدا بعدما هجر أحبابه وفارق وطنه» فأضفت الاوصاف 
والتشبيهات على هذه الفقرة طابعا تأثيريا يَعد بالكثير من المغامرة 
والعجائب نظرا لعادة الرحلات الحجية التي تكون جماعية» فهو 
بول : «فحزمت أمري على هجر الأحباب» وفارقت وطني 
الطيور للوكور» . صورتان التوجيه والتأثير تقودان 
إلى تأسيس إدراك آخر» وخلق تسنين ضمني»؛ بتقديمه علامات 
ومرجعيات كامنة -على حد تعبير يوس- 67) توجه المتلقي» كما أن 
الإدماج يتحقق ابتداء من لحظة الفعل دون أن يحضر المتلقي في 
التفكير الذي سبق فعل الخروج؛ وهو بذلك يبدأ بداية إدماجية 
تعكس رغبته في سرد كرونولوجي . 

ب- الوظيفة الإغرائية #«ناءن44ة «دناهه0) : وهي رهان 





200 


يعمد إليه كل مؤلف لتسحقيق التواصل الواسع» وخلق رغبة 
القراءة» حتى أن استراتيجيات الإغراء تتعدد وتتنوع 69 وتعمل 
كلها على إنتاج متعة الاستماع والتخيل» وهو ميثاق يعلن عن نفسه 
منذ البدا اعلم رحمك الله - أن في عام ست وتسعين وتسع 
وماثة من الهجرة ومن حساب النصارى عام ثمان وثمانين وخمس 
وماثة وألف أمر القسيس الكبير بمدينة غرناطة بهدم صومعة قديمة 
كانت في الجامع الكبير» وكانت تسمى من قديم الزمان تربا: 
الإسلام وذلك بعد أن بنوا صومعة قريبا منهاء عالية جداء ولما أن 
هدموا القديمة وجدوا في حيطها صندوقا من حجر وفي داخله 
صندوقا من رصاص وفيه وجدوا رقا كبيرا مكتوب بالعربية 
والعجمية المتصرفة في بلاد الأندلس» ونصف مار الصالحة 
مريم عليها السلام -أم سيدنا عيسى عليه السلام- وعظما من جسد 
أشطبان الصالح عندهم99», 0 

يسعى أفوقاي» في بداية حكيه إلى حفر نفق الإغراء والمتعة 
من خلال فعل الأمر " اعلم ' الذي يفيد تأكيد حقيقة معينة» ثم أمر 
القسيس الكبير بهدم الصومعة القديمة؛ والإخبار عن وجود 
صئدوق رصاصي. 

إن عناصر الإغراء في هذه البداية موجودة من خلال الإيهام 
بالحقيقة؛ ثم الصفات المعطاة للأشياء ؛ فالقسيس 'كبير "في 
مرتبته» والصومعة * قديمة * (قبل الإسلام)؛ والجامع * 
والصومعة “الجديدة" *عالية جدا* والرق أيضا *كبير' ... إنها 
صفات للتضخيم والمبالغة؛ بقصد توليد الشعور بالغرابة 














201 


والتعجب يغنيها أيضا حضور الغموض الناتج عن البياض 
الدلالي» ولا مقول الجمل السردية المتتابعة» قوجود صندوق 
وبداخله رق مكتوب بلغتين دون الإفصاح عن مضمون هذه 
الرسالة يقود نحو إغواء غامض يتكثف مع الإخبار بوجود نصف 
خمار لمريم وعظم من جسد أشطبان إغراء يعد بالكشف عن 
حقيقة معينة لهاعلاقة بماهو ديني-إسلامي» مسيحي : (لغة 
الرق» الصومعة: الجامع» نصف الخمار والعظم) لكن الساره 
فيما يبدو لجأ إلى تأطير غموضه بتقنيتين 

الأولى هي إيراد اللامتوقع الذي يملك وظيفة استباقية 
وتوجيهية للنص والقارئ9؛ وذلك من خلال التأكيد على أن 
نصف الخمار هو لمريمء والعظم لأشطبان» ففي هذا اللامتوقع 
توجيه القارئ نحو خطاب ديني . 

وتتمثل التقنية الثانية في لجوء السارد إلى حجز مجموعة 
من المعلومات تفسر المعطيات لتمديد خط الطعم الإغرائي» 
وتوليد شحنة خيالية لدى المتلقى قبل تقديمه التفسيرات. 

ج- الوظيفة الإخبارية #ضنمهمماها «مناه00) : وتدعو 
إلى التمييز بين نوعين من البدايات : الأولى معلوماتية» والثانية 
لاتقدم معلومات ؛ فكل البدايات الرحلية تتضمن إخبارات تتركز 
أسناسا حول معلومات عن السارد المتكلم والزمن والمكان» 
ومعلومات أخرى مدعمة . 

ووظيفة تقديم الأخبارهي شكل من انبناء التخييل عبر تلك 
المعلومات» ونقط موجهة واستدلالية للقارئ الذي يطأ المجهول 








202 


ويرتبط به. يقول ابن جُبير في بداية رحلته : «نذكرة بالأخبار عن 
اتفاقات الأسفار» 

ابشّدئ يتقييدها يوم الجمعة الموفي ثلاثين لشهر شوال سنة 
ثمان وسبعين وخمس ماثة على متن البحر بمقابلة جبل شلير» 
عرفتا الله السلامة بمنه . 

وكان انفصال أحمد بن حسان ومحمد بن جبير من غرناطة» 
حرسها الله؛ للنية الحجازية: المباركة» قرنها الله بالتيسير 
والتسهيل وتعزيف الصنع الجميل» أول ساعة من يوم الخميس 
الشامن لشوال المذكورء وبموافقة اليوم الشالث لشهر فبراير 
الأعجمي» وكان الإختيار على جيان لقضاء بعض الأسباب» ثم 
كان الخروج منها أول ساعة من يوم الإثنين التاسع عشر لشهر 
شوال المذكور وبموافقة اليوم الرابع عشر لشهر فبراير المذكور 
أيضاء2710, 

يقدم ابن جبير في بدايته الرحلية معلومات حول عناصر 
ثلاثة: 

- مغلومات حول النص : وفيها يتحدث عن بداية كتابة 
الرحلة؛ ومكان هذه البداية» مع نية تدوين الرحلة الموازية لنية 
الحج . كما أنه يحيل على جنس الرحلة في العنوان الفرعي والذي 
هو العنوان الرئيسي» وأيضا الفعل المبني للمجهول وهو يُحيل 
إلى الرحلة والفضمير الغائب المرتبط بتقييدهاء إضافة إلى أسلوب 
. النص الذي ينبني على دقة وضبطٍ في تقديم الخبر . 

- معلومات حؤل المرجع : وهي الاخبار المقدمة حول 











208 


العالم» للإحالة على معرفة خخارج النص وعلى تجلياته في ذكره 
لأربع فضاءات مرجعية : 

فضاء متحرك : مكان تدوين الرحلة (البحر مقابل جبل شلير 
بالأندلس). 

فضاء الانطلاق : غرناطة» مع الإشارة إلى الانفنصال عن 
رفيق رحلته أحمد بْن حسان. 

فضاء الهدف : الحجاز للحج . 

فضاء المرور : مديئة جيان بالأندلس لقضاء بعض حاجياته ثم 
الخروج منها. 

3 تقديم هذه المعلومات متضمنا لتفصيل في الإشارة إلى 
المكان والزمان» وبعض الغموض في عدم ذكر سبب الاتفصال 
عن رفيقه الذي لم تَردْله ترجمة» وأيضا سبب مروره بجيان ٠‏ 

- معلومات حول التخييل : وذلك بتنظيم السرد وبناء 
العالم التخييلي (الوظيفة الميتاسردية والوظيفة البنائية) . 

د- الوظيفة الدرامية (#دونندسمط «مناءمده”) : إذا كسان 
اخختيار بداية الحكي مسألة معقدة في النصوص التسخييلية لأن 
المؤلف فيها يضطر إلى التسدقيق في اخستيار لحظة وشكل 
الدخول72©: وتحديد بداية الإخبار بالحدث أو وصف مايرتبط 
بالفغل السردي... فإن المسألة في النص الرحلي تختلف, لأن 
كل سارد رحالة يلجأ إلى بداية الحكي» ابتداء من انطلاق رحلته؛ 
لحظة خحروجه؛ أو استعداده للخروج. فابن جبير يخبر عن تاريخ 
ومكان بداية تدؤينه لرحلته؛ ثم يسرد انطلاق القصة بانطلاق 





204 


خروجه (شأنها عند ابن بطوطة؛ العبدري وابن فضلان 
والنابلسي)» فيما هناك بدايات رحلية أخرى تختار بداية القيصة 
بالإخبار عن شيء من صميم الرحلة للإغراء كما في نص *ناصر 
الدين على القوم الكافرين" : أو للاختيار إثبات استرجاعات 
تمهيدية سابقة عن الرحلة» وقد لجأ إلئ ذلك محمد بن زين 
العابدين في (رحلة السودان) وهو يصف مشهدا عن طفولته» 
وغير ذلك من الاختيارات التي سرعان ماتندمج في السياق وفي 
التمنلسل الكرونولوجي . 
ويلجأ كل سارد في نصه الرحلي إلى تحقيق تواصل موقّق مع 
متلقيهء لأن البداية بالنسبة للرحالة في نص رحلته هي رهان عبره 
1 ستتأسس مصداقية النص» ويتحقق الإغواء» وش المتلقي ١‏ 






اء لاستعجماع سلسلة من العلاقات الموجهة إلى متلقي 
السرد في | لنص . 

إن البداية في هذا السياق تكون مرشدا للقراءة والقارئ/7© 
وتشكل وظيفة استراتيجية؛ لأنها مرآة ذات أنواع ووظائف تولد 
انفعالات وشعورا وأفق انتظار . كما أن جملة البداية؛ وهي نموذج 
للجمل السردية في النص الرحلي» تبختلف بكونها جملة مرتوية 
بالإخبار والرغبة في التتصديق على عقد القراءة. لهذا فهي مكثفة 
ؤمرآؤية: إضافة إلى أنها تشكل وترسم أسئلة يجيء النص متكفلا 
ب«الجواب» عنها أو بتوليدها. 





إحالات 


*- المقزيزي (ت845ه) : كتاب المواعظ والإعتبار بذكر الخطط 

والكثار (المعروف بالخطط المقريزية)؛ القاهرة مؤسسة || 
الدينية (دءت)؛ ج1؛ ص3. 

1- تمت الإستفادة في التأطير النظري لهذا الفصل من المؤلفات !| 

أساساء ومن مقالات أخرى - تجيء في السياق لا تقل عنها أ. 

.1982 ومادها/! ,عمانا دل عموعهد سك : ئلء15! .11 .مما - 

بعمومعممسهظه اعمعلدأ"! عق مملاعسهمم" : اعلايت وماك - 

.1973 مماسمالا 

.1987 اأبعد لت ,كائمه5 : عناعوع0 لم0 + 

2- محمد فكري الجزار : العنوان وسيميوطيقا الاتصال الأدبي. 

القاهرة. سلسلة دراسات أدبية» الهيئة المصرية العامة للكتاب» مصر 














8 ص 45. 
3- ام عما! مما 
4 - ف بعدمم" بوعملد الآ مععؤذ عمق عؤلس6 : عموء8 أمممظظ - 
ممما 
1-5 ظ عه مما 
6-6« عملا مما 


7- بعنوتعوط مسعه : مأ بككعصمم )أمعمة : عوممطمما/ا كلما ممعر - 
.394م ,اأنعد لت ,1995 برولة 104 *ل( ,ععممم. 

8- حول العنوان في السرد الأوربي الكلاسيكيء انظر : هوك ص7. 
جينيت» ص54. بيناك» ص505. 

9- 5394 رمعل! عوممف مالا كتناما مممل - 

10- عاط 5 

1- حاجي * كشف الظنون عن أسامي الكُب والقنون 
(مج1)؛ دار الفكرء بيروت 1982 انظر ص» صر377-360. 





206 





انظر أيضا : معجم الدريعة لأقابزرك الطهراني» (مج3): 

دار الأضواء؛ بيروت (د.ت)» ص . ص 479-399. 

12- محمد عويس : العنوان في الأدب العربي : النشأة والتطورء» 
القاهرة » مكتبة الانجلو المصرية» الطبعة الأولى 1988 ص41. 

13- محمد عويس» مرحع سابق» ص 108: 109. 

14- - ابن أبي محلي الفقيه الثائر ورحلته الإصليت الخريت» الرباط» 
منشورات عكاظ؛ ط1 »1991 [تحقيق عبد المجيد القدوري] انظر : 
ص101 هامش رقم 101. 

15-.506 ,2 برعا بعدع8 امن - 

16 دل بعسوكعمهصه2 عغمفكس"! عل ممتاعمهممه : أعبامت ومامملت - 

.513 ,1973 عبرهظها بمماسمكة 

7- 2395 رسعلا بعهممط يمالا عنندما مممل 

8 -8ثنا ه لك بععمم؟ ,معصمه سل ومسمعفلة عل . لممعارلة أتمعير 

,1986 ,260 (عمسامع6) 

19- المقسصود» على الخصوصء الحكايات الشعبية: والسير 
الشعبية؛ كتخييل يباشره المتلقي دون تقديمات عدا الميثاق العرفي 
التداولي . 

20- 0 ,النه5 نت ,كللد»5 : عشعوع0 ذممع 0 

850-21 ,معنا ,كائم»35 : عمعمهت .© 

22- كوا م دعا 

3- رحلة ابن معصوم المدني أو سلوة الغريب وأسوة الأريب» 
بيروت» عالم الكتب؛ مكتبة النهضة العربية» 1988: ص19 [تحقيق 
شاكر هادي]. 

4- يوسف الحسني : ملتقط الرحلة من المغرب إلى حضر موثت» 
الدار لبيضاء شرك نش والتونع؛ 8 ص17 [تحقيق وتقديم 
وتعليق أمين توفي 

5- أبو حامد الغرنا. 2 

6- أب وحامد الغر: نكي : تحفة الألياب ونخبة الاعجابء الدار 












207 


البيضاءء منشورات دار الآفاق الجديدة» ط1ء 1993 » ص31 [تحقيق 
أسماعيل العربي]” 

7- الغرناطي» مرجع سابق» ص 29. 

8- أبو حامد الغرناطي» مرجع سابق» ص 33. 

29- سيزا قاسم : الخطاب التاريخي من التقبيد إلى الإرسال. قراءة في 
الطبري والمسعودي وابن خلدون [ضسمن كتاب جماعي] الأدب 
العربي : تعبيره عن الوحدة والتتوع. بحوث تمهيدية» مركز دراسات 
الوحدة العربية» جامعة الأمم المتحدة؛ بيروت» ط1» مارس 1987 

132, 

0 هناك مقدمات تقتصر. على البسملة والحمدلة ثم الاستغفار إلى الله 
مثلما في رحلة العبدري أو الشكر لله كما في رحلة «ناصر الدين على 
القوم الكافرين». 

1- أبو حامد الغرناطي» ص 29. 

رطةء ص 99. 

.فضلان» مرجع سابق» ص68» (بناء على أمرأمير المؤمنين 

إلى ملك الصقالية). 

14- ناصر الدين على القوم الكافرين» مرجع سابقء ص18 

(بناء على أمر من السلطان الحولى زيدان إلى بلاد آلا إنج). 

ن بطوطة» ص 31. 

الغني النابلسي» مرجع سابق» ص 27. 

انظر ؛ ,8ا.نا: ,مهميو1 عل وسسمعولق عنة . لمسعنانالا معط - 

أمولة : كنها ممه ا ععهلغهم هنآ .مهذع) ,1986 .له عدع2 ععممم 


.(21-34 ؛ مه بكعنو تاممصم كممهمم 
38- أفوقاي» ص17 


39- العبدري: ص1 . 

0- التابلسي: صن37. 

41- الطرس 660ةم*:الة5 أو الطلس كما يعرفه (معجم المصطلحات 
العربية) هو الرق الذي طمست فيه الكتابة الأصلية وإن كانت لا تزال 
آثارها ظاهرة ظهورا ضعيفا وذلك ليكتب عليه مرة أخرى» مثال ذلك 


















208 


نسخة الأناجيل التي عُثر عليها بدير (سانت كاترين) بطور سيناءء فقد 
2 متها شوس لابجل وكرت قوتها فعض وجعيات لها 






عا 0 : معجم المصطلحات 
العربية في اللغة والأدب. بيروت» مكتبة لبنانء 2 1984 
ص. ص 238-237. 

42- ناصر الدين على القوم الكافرين» ص19 . 

43- رحلة العبدري» ص1 . 

44- رحلة العبدري؛ ص 3. 

45- نفس المرجع والصفحة. 

6- يقرل ابن بطوطة : «الحمد الله الذي ذلل الارض لعباده ليسلكوا منها 
سبلا فجاجا» ص 29» التحفة . 

47- في “ناصر الدين على القسوم الكافسرين' 
الأندلسء بلاد المسلمين, بلاد الإفرنج» غرناطة» مراكش ... محورا 
استراتيجيا سيتحكم في 


د الإفرنج (الكفار) . 

8- أبو العلاء ا المعري : رسالة الغة 
للكتاب (دءت) [تحقيق وتقديم فوزي عطوي] ص 57. 

49- الجرجاني : كتاب التعريفات: بيروت؛ مكتبة لبنان: 1988 
غي26. 

0- انظر : حسين عطوان : مقدمة القصيدة العربية في العصر 
العباسي الثاني» بييروت داز الجيل» ط1ء 1982 . حيث يدرس 
آعنية الموقمات في الغغر المي ومااززة بن اتملقات بامتبار 
المقدمة هي الو الذي يتأثر ويؤثر . 














- انظر ايضا : الفن ومذافيه في الشعر العربي ٠‏ 
ص227 وعكوف الشعراء في الفترة العباسية على المقدمات الموروثة 
مختارين ما يلاثم حياتهم 


209 
جا - الرحلة فى الأذب المريس. 


51- تنشكل البداية في نصوص المقامة بنفس اللازمة المفتتح بها «حدثنا 
عيسى بن هشام قال»» عند بديع الزمان الهمداني» تالص اح ثان في 








٠‏ زمن الماضي بفعل حركي يؤشر على الذهاب والإياب أو حركة قام بها 

السارد. 
ع 0 ن خلال بداية 
كل النصوص : «قال دبشليم الملك لبيدبا الفليسوف». 


مع ارا امه 0 بدايتان» 
الأولى تبتدئ ب : «قال دبشليم؛ وهي البداية الفكرة لأنها تتضمن 
تصورا حول الحكاية وأيضا بداء محفزة ومائحة للسرد فرصة الحكي . 
أما الثانية فهي بداية الحكاية التي تبتدئ بالشكل التالي : 
زعموا أنف» وهي بداية تؤسس للإحتمال وترسم مسار التخبيل مستعادا 
من الماضي . 
في «ألف ليلة وليلة» هناك البداية الكبرى التي تفتتح بها الحكايات» 
وهناك البدايات الصغرى لكل حكاية أو ليلة ‏ 
جاء في البداية الكبرى : «(حكي) والله أعلم أنه كان فيما مضى من 
قديم الزمان وسالف العصر والآوان أن ملكا من ملوك ساسان بجزائر 
الهند والصين...» 
حضور البناء للمجهول وفعل الحكي والإحالة على الماضي السحيق 
اللامتعين من أجل رسم أفق واضح والإتحاف» وقاعدته أن 
البداية في السرد القديم تؤسس للإحتمال أكثر من الحقيقة؛ وتبني 
قاعدة إخبارية تتوجه إلى القارئ منذ البداية بكم معلوماتي حكائي . 
2ك نل عكعاد'!) ملتتمصها؟ تممه ٠‏ عومدطه1ة كلامآ مممل - 
,819104 ,منونام0" : منارع مذ ر(دمناءك ها عل دتع«تسا"! كمدل مامه 
.5387 بكتمدظ ,افع لع ,1995 .31017 
26-3 مذ باتصعما"! عن عسوتافمم عمت عوط : مهمسا امك معقمم - 
.135-136 انعد لك ,1993 لأتبحة ,3/94 منوتاعمه : عبر 
54- 5387 ,معنا ,عوممطبملة كتنها مل 
5- 8131 ,1993 عله بمععقمم 























210 


56- 37اه بوعقا 

57- 2387 هذا ,عوممطهه1ة كسما مول 

58- 4600م سعفز 

59- في "الإصليت الخريت"» أو ' تحفة الألباب*؛ يجري في الأولى 
تبثير شخصية الشيخ سالم السنهوري» الذي أخذ عنه ابن ابي محلي ؟ 
وفي الثانية يعمد أبو حامد الغرناطي الى تبثير التعجيب الذي سيتحدث 
عنه بقوله : «اعلم وفقك الله أن الدنيا عبارة كما في فلك القمر من 
الهواء» والبحار والأرض وماعليها وماتحتها ومايحيط بها والمعمور 
من الأرض فيما يقال مسيرة ماثة عام من ناحية الشمال مع ما يقاربه من 
المشرق والمغرب» ص 37. 

60- ماعاعة) بكعسوكعمفسم مامعسععمعسسف : لممسرمه ممول - 


اء كعاعة ,لأهموم عناوم مقدود؟. عا )ناد كوم طاكدممه اء ومناتلومه لمر 
.532 ,1979 علعأماعم ألما لت ,عمبمطعمد 8"ل! كعدوولامه. 

61- العبدري؛ ص7. 

2- يمكن تعميم هذا الاستنتاج على الكثير من النصوص السردية 
الكلاسيكية في بداياتها الكبرى؛ لكن بداياتها الصغرى تتعرض 
لتكسير استرجاعي كما هو الأمر بالنسبة لحكايات ألف ليلة وليلة أو 
كليلة ودمئة» عبر تقنية التوليد الحكائي: الذي يضطر السارد خلاله 








الحدث باسترجاع ما يمثل به. 
3- الشيخ محمد بن علي زين العابدين : رحلة السودان تونس» بيت 
لحكمة» قرطاج» ط1» 1993» [نقلها الى العربية عبد الله معاوية] 


«تفرغت حتى سن اليفاعة لقراءة القرآن المجيد في الكتاب مع صبية 
آخرين» وعملا بتوصيات والدي عليه رحمة الله بدراسة العلوم فإني. 
أخذت أتعلم مبادءها بتونس» مما جعلني ارتم 
قادمين من البلدان المجاورة كنت أراقبهم 
قصارى الجهد ويتفانى في دراسة الخيجياء والسحر وفن البحث عن 
الكنوز واكتشافهاء دافعهم في ذلك الفقر والحاجة» ص25. 








211 


64- انظر :.سمفا مهمسا اعل ممم 

5- ورد المفهوم عند 082هة:11.900 في مقالته المذكورة سابقاء وهو 
يحلل بداي واي الطريق الملكي) لأدري مالرو 1930 0 دن 
قبله عند عدا و م6.60 . 

66- ابن بطوطة» ص 33. 

67- فسمن : أ.د. لوتكوء مرجع سابقء ص 139 

8139140-68 ,سعة اله مع قمة 

69-رحلة ناصر الدين على القوم الكافرين» ص 23. 

5140-70 معنا :عله مفمة 

1 ابن جبيرء ص 7. 

144-2ط معنا ملك ممم 

3 5394 بعوممطهاطل1 ,147ه بفمة 


22 


الفصل الثاني 





السرد وبنية الجملة 


1- سرديية الرحلة : لايختلف السرد الرحلي عن باقي 
السرود باعتباره معجموعة من المتواليات الجملية المؤسسة لتيمات 
ذات وظائف وأهداف تشغيى توظيف تقنيات وأساليب لضمان 
تواصل مسحقق مع الجنس الذي يكتب فيه؛ ومع الذات الفاعلة 
التي تصوغ الأحداث والأفكارء ثم مع المتلقي . 

إن السرد في النص الرحلي «لغة وسيطة وليست مبا: 
وهو قريب جدا من السرود المعاصرة له التي ترعرع في حضنهاء 
وارتوى مععها من نفس المعين» وخصوصا التاريخ؛ وأيام العرب 
والوقائع» ذلك أن «الخلفية النظرية' التي يكتب بها كل من 
المؤرخ والراوي والرحالة تعتمد إثبات يقين مرتبط بالأحداث 
والآخر والذات» كما ترتبط بطبيعة الإدراك والتسجيل والتقرير 
والإخبار وعلاقة «السارد» ووسيطه اللغوي : السرد بالواقع . 

وإذاكان السرد في التاريخ يتمد البحث عن الوقائع 





بلك 





213 


والأحداث من الماضي والحاضر وتسجيلهما بتقريرية مضمنا 
بعض الحكايات المنغلقة بأحداث وأشخاص فإن أيام العرب 
والوقائع والتراجم» وكل الأشكال القرية؛ بدورها تسجل حيوات 
الآخرين» وأفعال السالفين باعتبارها حقائق في الأولى » أما الثانية 
فاق للعبرة واستخلاص الدروسء وبناء الحاضر والمستقبل. 

وقد أصبح نص الرحلة «نصا متعدد الأنظمة» لغة ولهجة 
وأصواتا ومحكيات متعددة المصادر والرواة وهذا التعدد تحكمه 
بنية السفر (... ) والتي تفرز خصائص عديدة ساهمت في تشكيل 
بناء النص6©©» كما تؤكد ذلك بعض خصوصيات السرود الأخرى 
في باقي الأشكال» خصوصا المحولة من الشفوي إلى المكتوب. 

ويفرز السرد الرحلي خصائص وروابط مشتركة تتحول 
حسب الاستعمال؛ منها : الإيجاز والحقيقة والخصوصية 
وبساطة الأسلوب©؛ إلى بنية متفاعلة تتخذ لها منطلقا محددا 
ونهاية واضحة تبدأ بالحركة وتنتهي بالسكون الذي يجسده السرد 
نفسه. ويذلك فالحركة السردية في النص الرحلي دائرية» تتضمن 
طبقتين مختلفتي الألوان والوتيرة ومرتبطتين بالحركة : 

- سردية العبور ويمثلها الانطلاق والمسير في رحلة فعلية 
- مادية أو متنخيلة؛ ذهابا وإياباء متضمئة المتواليات والتمهيد؛ 
والعامدة إلى التقديم والتعريف» وإلى الأحداث العارضة» بحيث 
يحتوي كل نص -في العموم- سردية العبور إلى الحكاية والفعل 
والأحداثء أفقيا أوعموديا. 

فسرود العبور في *كليلة ودمنة ' تدخآق وضعية مشتركة 




















214 


لافنتاح الحكي وبلورته في سياق المثل والحكمة؛ وتخزينه بطاقة 
من الدينامية التي تولد ات عبور أخرى ؛ كما أن سرود 
العبور في "ألف ليا تشكل جسرا لآفاق المغامرة 
والعجيب» وبالتالي الحكاية وامتداداتها. 

يرسم العبور المادي في النص الرحلي للسرد وتيرة متوسطة 
الْرعة تشرئب نحو الحركة المدورة محور الرحلة . وهوما 
يعكس نفسية الرحالة-الراوي المتطلعة إلى الوصول للهدف. ففي 
الرحلة الححجية ينبني السرد متوسط الحركة بين البطء والسرعة» 
بأعتبار أن الرحالة يتعجل الوصول إلى 2 فيحيا عبورا مضاعفا 
على المستويين المادي والنفسي» شأن العبدري في عبور 
الذهاب» إذ يلجأ إلى الوصف والتعليق للتعبير عن توتر عميق مما 
يرى ويسمع؛ وهو مايعكس الحضور النفسي وتغذيته للنص 














الرحلي الحجي في كل مراحله . 
أما سرد العبور إيابا فغالبا ما يأني بوتيرة سريعة مختزلة ومكثفة 
تكمل بعض المعطيات التي لم يتم الإنتباه إليها في مسير الذهاب. 





ففي نص العبدري يشغل الجزء الخاص بعبور الإياب ثلث 
الصفحات المخصصة لعبور الذهاب متبعا سبيل الإختزال على 
غرار قوله : «ثم سافرنا من مديئة تونس أسنها الله تعالى فمررنا على 
باجة ثم على خولان فتياسرنا منها على طريق بونة وأخذنا على 
طريق القلاع فدخلناها قا وهي ذوات عدد وليس بها مايذكر 
ولا مسا يؤرخ ثم على قسسنطينة على الطريق الأولى ثم على 
بجاية ...43 . 





215 


وفي تمثيلات أخرى هناك نصوص تختفي منها سردية العبور 
فيلجأ الراوي إلى «القفز» على كل تلك المرحلة والابتداء بسرد 
الحلقة بعد اتقديم» لابد منه لافتتاح الرحلة. وفي رحلة ابن 
فضلان يتم الدخول مباشرة إلى «دائرة الهدف؛ مثل العديد من 
النصوص السغارية التي يتم فيها «تحبيد» الذات» وبالتالي «[خفاء 
وعزل؟ سردية العبور» لأنه ل يشكل أهمية بالنسبة للآخر صاحب 
الرحلة الحقيْقي «المرسل»» أو لأنالراوي لايهمه حكيما 
عرض له بالطريق قبل وصوله للهدف ذهابا أو إياباء وهو مايمكن 
الحظه في النصوص السفارية (أبو دلف وابن فضلان) إذ يتم إقصاء 
"الذات' نسبيا وسفرهامع الاحتفاظ فقط بوقائع المهمة- 
الهدف» رغم أن أهمية سرود الطريق تتضمن بنيات حكائية هامة 
تستعرض ضمن مشاهد مسلسلة رابطها عين الراوي ولغته وذاكرته 
وأفقه المليء بآفاق انتظارأخرى وأحلام واستيهامات؛ هي وغيرها 
قرائن مرجعية وعلامة لفهم وتفكيك ”الذات" .. لأن فهم ابن 
فضلان ورحلته في مستويات وعيه وأوعاء الآخرين سيتحقق 
بالشكل الواضح -شأن رحلتي ابن بطوطة والعبدري مشلا- لو 
تضمنت سردية العبور بوجهيه . 

في الرحلات المتخيلة يتمحور العبور في (منطق الطير) 
باعتباره استراتيجية لبناء الرحلة في كل مراحلها : 

- (مرحبا بك أيها الهدهد؛, يامن للطريق هادء وفي الحقيقة 
مرشد كل وادة. ص180. 

- اما أن سمعت الطيور جميعا الكلام؛ حتى أدرك الكل 








216 


الأسرار القديمة ووجد الجمع نسبا يربطهم بالسيمرغ فلا جرم أن 
تولدت لديهم الرغبة في السيرء ولذاعادوااجميعاالى 
الطريق؟. ص217. 

- «ويعد سماع هذا الكلام كله؛ سارعت جميع طيور الوادي 
بتتكيس الرؤوس في دماء الأكبادء وعلمت جميعها أن هذه القوبسن 
الصعبة لاتقوى عليها سواعد حفنة من العجز: 
أرواحهم الإستقرار بسبب هذا القول وما أكثر | 
العسجز في ذلك المنزل» وأما الطيور الأخمرى التي اندفعت إلى 
المسير» فبفعل ماسيطر عليها من تحير» قضت سنوات متنقلة بين 
مرتفع ومتخفض». ص415. 

هذا الحضور المكثف لرمزية العبور مدعما بالقائد (الهدهد 
الهادي) والهدف المخلص (السيمرغ) يوسع دائرة مفهوم السفر 
الروحي ومستوياته» فيما غاب العبور في (رسالة الغفران) لأن بناء 
الرحلة إلى العوالم الأخرى ينتظم ضمن شبكة معقدة من الترميز 
والإيحاء حيث السفر الروحي-الباطني هو العماد المتحكم . 

- سردية الوصول؛ وفيها يتكثف السردي مشبعا بآفاق 
أخرى؛ وبحرصه على التشخيص الدقيق» سواء تعلق الأمربما 
هر روحي ديني» أو تقريري وتبليغي وسفاريء أو علمي وأدبي 

7 هذا المستوى يصبح السرد متوازنا ومتضمنا أشكال 
الوصف والتعليق والتأمل والمقارنة والتمثل. 

والسرد الرحلي خلال هذه المرحلة يكون في لحظة حاسمة 
تلي سردية العبور إلى سردية الوصول الذي يمثل وجهي عملة 








2177 


عبورين» مادي ونفسي» ونقطة بداية عبور آخخر داخلي لإرواء 
الرغبات المقيدة بتلك اللحظة . 
حركتان تطبعان السرد هما الإنغلاق والانفتاح ضمن هذه 





بشرايه لمُيلة على خارج وداخل النص انطلاق من الدائزة التي 
تفسيق أو تنسع وهي تنفستح على أساليب ومكونات تجعل من 
حركتي العبور والوصول إطارا وجسرا لبناء أعم وأعمق . 

إن السردء بهذا المعنى في النص الرحلي هو خخمطاب يتضمن 
بنى أساسية ومستويات» ويشكل نسقا متماسكا يختزن بداخله 
طبقات قولية دلالية متلونة ومتدرجة في سرعتها وبُطئهاء وفي 
حركتها وسكونها . 

11- مميزات وأنماط الجملة السردية في الر 
ترسم الجملة في الرحلة سفرها الخاص انطلاقا من سرود تتولد 
عنها جمل وصفية: لبناء أحداث تنتسح وتتنامى بموازا م خط 

سير الرحلة بحيث 9إن السفر يمكن أن يُحكى باعتباره تنابعا 
زمنيا"9». وتأني أهمية الجملة في البناء السردي لتطرح 
فرضيتين : 

. نسق الخطاب وفسيفساء التنوع‎ - ٠ 

- الجملة السردية وعلاقتها بالخبر والسند والمرجع . 

إن الجملة السردية في النص الرحلي خطاب بؤري» ومحرك 
دينامي للأحداث رغم قصر الجملة وكثافتهاء فهيمثقلة 








218 


بالأوصاف وتتالي الأحدث. لكن أهم مايميزها هو تشكلها من 
أربعة عناصر نحام : الخبر» والسندء والفعل» والمرجع . وهي 
مكونات مسيزت الجملة في مؤلفات التاريخ واللغة والأدب 
باخستلاف يخصص كل شكل في علاقة الجملة مع عناصرها 
المهيمنة والأخرى الشكلية التي هي إطار لخلق وتوليد الإنفعال 
والمتتعة والإدراك المحقق لتلق منسجمء بما يوازي الإنسجام 
الذي كان يبحث عنه الراوي-الرحالة في رحلته . 

1 - الخبر: الجملة السردية في الرحلة هي جملة (ُُصيص) 
إخبارية بامتياز لارتباطها الحميمي بالأحداث بشكل متسلسل 
ومتنوع في النشر عامة من زاوية حمولته الدلالية ويبحسب 
التيمات . وهو ماينطبق على الرحلة المتضمنة للخبر» والذي شهد 
ات ومراجعات باعتباره الوعاء الذي يحمل المعنى ويصوغ ” 

اللفظ» فبحثوا في تعريفه» شأن السكاكي الذي عالجه من منظور 
بلاغي في علاقته بأربعة فنون!8©. وهو ما يعني ترعرع مفهوم الخبر ' 
في الحضن البلاغي . فيعني الخبر النبأ أي مايحتمل الصدق 
والكذب لذاته؛ يقابله الإنشاء الذي لايحتمل الصدق 
والكذب97©: ونفس المعنى نلمسه عند الجرجائي0109. 

ومن رؤية أخمرى فإن الخبر هو العلم بالأشياء المعلومة من 
جهة الخبر وخبرته(... ) وقيل الخبر هو المعرفة بسواطن 
الأمر!1). وفي سياق آخرء يعرض أبو هلال العسكري للمفهوم 
(الخبر) بالمقارنة مع مفاهيم قريبة منه» ففي حديثه عن الفرق بين 
الخبر والجديث يقول : «الخبر هو القول الذي يصح وصفه 





219 


بالصدق والكذبء ويكون الإخبار به عن نفسك ؤعن غيرك... 
والحديث في الأصل هو ما تخبر به عن نفسك من غير أن تسنده 
إلى غيرك» ويسمى حفيثا لأنه ل تقدم له وإنما هو شيء حدث لك 
فحدثت بهء ثم كثر استعمال اللفظين حتى سمي كل واحد منهما 
باسم الآخر فقيل للحديث خبر وللخبر حديث... ويجوز أن يقال 
إن الحديث ما كان خبرين فصاعدا إذا كان كل واحد منهما متعلقا 
بالآخر فقولنا رأيت زيدا : خبر» ورأيت زيدا منطلقا : حديث126». 
وفي موقع آخر يسمى الخبر الطويل قصصا لأن بعضه يتبع 
بعضا كما أنه العلم بكنه المعلومات على حقائقها!3». وهذا 
الاهتمام البلاغي والمعجمي بمفهوم الخبر هو بالتأكيد اهتمام 
فقهي. حيث تعرفه (دائرة المعارف الإسلامية) بوروده في 
الأحاديث مرتبطا بالإسناد «ويسمي الغزالي الأحاديث التي ترقى 
إلى النبي باسم الأخسبارء وأقوال الصحابة بالآثار»2!4: لكن 
المحصلة:؛ ترجح تبني السياق البلاغي القسريب من السرود 
المعتمدة على الأخبار والحكايات» وهي تنماس مع الأثباء 
والأحاديث ولكنها تحتفظ بالخبر مفهوما حاملا لفنية سردية» 
ومشكلا حكاية جامعة لأخبار متعددة ومتنوعة يمكن حصرها في 
أربعة أنواع مهيمنة : الخبر التاريخيء والاجتماعي» والأدبي» 
والديني» لاتحضر كاملة في نصوص الرحلة أو بعضهاء بشكل 
متفاوت بحسب شكل النص وأسسهء يتداخل معها نوع حاضر بل 
تظهر بشكل مستمر وهو الخبر الذاتي» أوعن الذات باعتبار 
الرحلة» برمتهاء وإن كانت تسجيلا لأحداث ووقائع من طرف 


220 


الراوي-الرحالة فهي تعكس رؤيته للأشياء وعلاقته معها واختياراته 
واهتماماته إنها حكي مباشر أوغير مباشر عن ذات الرحالة 
وذهنيته وتصوراته» بحيث يحضر هذا العنصر في الأشكال 
الخبرية خلفية موجهة . 

1-1 الخبر التاريخي : لا يمكن لنص رحلي أن يخلو من 
أخبار تاريخية بالمعنى الذي يعظي للمؤرخ والجغرافي الإعتماد 
على الرحلةمثل مصدر معتمة يمد بمعاومات حول أحداث 

' وتواريخ وعمران وطرق. 

إن عمق بنية الخبر التاريخي ليس هو التأريخ المحض في ذاته 
وإنماهو تسججميل مراحل الرحلة: وماتلتقطه عين الرحالة» 
ومايسمعه في ارثباط بالزمن» أو مايحيل على الماضي ؛ ذلك أن 
مستويات الخبر التاريخي تقف على سرود تتعلق ب : 

1-1-أ- الماضي الذي يحيل على فضاءات حافلة بمؤشرات 
لاسترجاعه حتى يكتمل قهم الحاضر. ويعتمد الراوي-الرحالة 
على مصدرين في بناء هذا التوع من الأخبار التاريخية : المؤلفات 
التاريخية والسماع المتصل بالأخبار الماضية (التاريخية)» فهناك 
استوجاع للفضاءات والأمكنة بعمرانهاء وأيضا للقادة والحكام 
وبعضى المخصوصيات والأحداث المشهورة. 

يقول أبودلف : «والخبر في بناء هذه المديثة أن هرمز. ملك 
الفرسء يله أن مولودا مباركا يولد في بيت المقدس في قرية يقال 
لها بيت لحم وأن قربانه يكون ذهبا وزيتا ولبانا فأنفذ بعض ثقاته 
بمسال عظيم وأمره أن يشتري من بيت المقدس ألف قنطار زيتا 





221 


وحمل معه لباناكثيرا وأمره أن يمضي من بيت المقدس ويسأل عن 
أمر هذا المولود» فإذا وقف عليه دفع الهدية إلى أمه وبشرها بما 
يكون لولدها من الشرف والذكر وفعل الخير ويسألها أن تدعوله 
ولأهل مملكته ففعل الرجل منا أمر وصار إلى مريم قدفع إليها ما 
وجه به معه وعرفها بركة ولدها فلما أراد الإنصراف عنها دفعت إليه 
جراب تراب وقالت له عَرّفْ صاحبك أنه سيكون لهذا التراب بناء 
فأخذه وانصرف196). يمكن الإشارة هنا إلى أن الخبر التاريخي 
عند أبي دلف قد أصبح مرجعا يقتبس منه المؤرخون (الحموي ' 
والقزويني) أخبارهم التي وقف عليها أوسمعهامن 
مصادرها القريبة. 

11ب سرود تهتم بالحاضر وتعتمد رؤية العين الممزوجة 
بقراءات سابقة لرحلات مرت من نفس المكان» على غرار مافعل 
ابن بطوطة مع ابن جبير» والنابلسي في رحلات سابقة له. 

أما مميزات الخبر التاريخي في النص الرحلي فهو هجين من 
الجغرافيا والتاريخ الواقعي والمتخيل؛ المسموع والمرئي» 
يتموضع بين الاختصار الكثيف أحياناء خصوصا فيما يتعلق بوقائع 
تتعلق بأشسخاص وأحداث؛» وبين الإفاضة في الوصف الجغرافي 

' والتحديد المكاني ؛ ففي نص «تحفة الألباب ونخبة الإعجاب»» 

يلتقط الراوي الخبر التاريخي الهسجين من الرؤية والسماع دون 
إطناب» فيورده بوضوح في عدد أقل من الجمل التواصلية. أما 
العبدري فإن أخباره التاريخية -على قلتها- تأني تفصيلية مفتقدة 
السلاسة أخبارأبي حامد الغرناطي أو ابن بطوطة . 





222 


ويحقق الخبر التاريخي وجوده في النص كلما كان عينيا 
يستجيب لفضول الراوي» فيشكل في بعض الأحيان اندماجا 
يدوت الخبرء وفي أحيان أخرى خروجا ذا مسافة محسوبة عن 
ذات السارد قبل أن يعود إليهاء تأكيدا لواقعية الرحلة وأهمية 
معلومات الرحالة وقراءاته . 

1 الخبر الاجتماعي : ويفيد هذا الجانب مبحث 
الإثنوغرافيا والأنتروبولوجياء لأن الخبر الاجتماعي هو سجل 
ثري بالتقاط الظواهر والعادات وبعض التقاليد التي ينظر إليها 
الرحالة الراوي من منظور مقارن ويرصد من خلالها كل ما هو غير 
مألوف من سلوكات ومعاملات؛ كما يجنح إلى التصوير بنبرة 
استحسانية أو اتتقادية مع مايصحب ذلك من سخرية وتعليق 
ووعظ وتمثيل. 

هذا النوع من الإخبار هو فسيفساء من أخبار وحكايات ؛ ففي 
(الرحلة المغربية) يتركب الخبر الاجتماعي؛ في بعده الواقعي 
«الحاد» المصفى»ء من الإختلافات» ويقشتصرهء غالباء على 
الأخبار الاجتماعية المرتبطة بالآخر والحجاح والدين : 

«ومن الأمر المستغرب والحال الذي أفصح عن قلة دينهم 
وأعرب أنهم يعرضون الحسجاج ويجرعونهم من بحر الإهانة 
لذ اجام ويأخذون على وفدهم الطرق والفجاج يبحثون 
عما بأيديهم من مُال ويأمرون بتفتيش النساء والرجال ...4©6. , 

الخبر الاجتماعي عند ابن فضلان وابن بطوطة مرفود 
بالعسجائبي؛ يلتقط اللا مألوف والغريب» سواء جاء رؤية أو 














223 


سماعاء ويعتتمد التضخيم والمبالغة. وفي هذا السياق يتحقق 
اختلاف هذا النوع الخبري من رحالة لآخر بحسب رغبته كل واحد 
وقدرته على صوغ مايراه ويؤوله» انطلاقا من خلفياته ومواضعاته 
ثم من الشكل التعبيري الذي يكتب فيه» لأن أخبار الرحلة الحجية 
تختلف عن أخبار الأنواع الأخرى» سفارية أو علمية... وكأن 
هدف النص الرحلي أن يساهم في بلورة بناء الخبر بكاا 5 

3-1 الخبر الأدبي : وتزخر به الرحلات الحجية والزيارية 
والعملية على الخصوصء فتشمل تراجم الفنقهاء والشيوخ 
والعلماء وبعض الأسماء المؤثرة في حياة الرحالة أو الآخرين من 














مختصرة تضيء سيرهم الثقافية والاجتما: 
على ذكر بعض الفضائل وما وقع للرحالة أو ماسمع . 

4-1- الخبر الديني : ويتمثل بكثافة في الرحلات الحجية 
الإرتباط الرحالة بهدف معين يعقد له فقرات وفصولا تسم الرحلة» 
وذلك من خلال سرود مترابطة حول فضا مكة والمديئة 
والمزارات» وأخبار حول الأنبياء والمعجزات» وإيراد بعض 
القصص المدعمة التي تتقاطع والخبر التاريخي . 

ويتتظم الخبر الديني في أفق إيراد معلومات حؤل الأنبياء 
ومعجزاتهم؛ وكل مايتعلق بالجانب الديني خصوصا ؛ فالخبر 
الذيني في " الحقيقة والمجاز في رحلة بلاد الشام ومصر 
والحجاز' يقوم على اسنتدعاء ملاحم ويطولات الأنبياء 
والصحابة عن طريق الوقوف على معالم قبورهم أو بعض المعالم 


224 


الأخر ل أو المدن أوالفضاءات» أوذكر أسمائهم ني 
السياق» والاستطراد في الترجمة والإخبار”"2 

وعموماء فإن صيغة الخبر الديني تأتي لإضفاء الطابع 
التجنسي على الرحلة» وتحقيق التوازن النفسي والروحي للراوي. 

تتكامل بننية الخبرء نواة الجملة السردية في الرحلة في 
تنوعها وتكون هي الممؤشر على نوعسية الرحلة إذ تنطلق من 
عنصرين محفزين يتخلقان في كل خبر : وهما الرغبة والق 
يوحدهما البحث عن المعرفة وأشكالها ؛ فحضور الرغبة دافع 
للحفر والسؤال والتتبع» أما القدرة فإنها ملكة الرحالة في التقفاط 
مايشكل معرفة وتصورا ورؤية . 

كما ان بناء الخبر لايكتفيء في النص الرحلي؛ بعرض 
المشاهدات بشكل محايد وإنما يلجأ إلى إرواء الجملة الخبرية في 
غناها المتكامل برؤية الرحالة عبر توافقات أو تعارضات مستعملا 
في ذلك الذوق المسرتبط بالرؤية والسماع والقراءة والتخيل 
والاستيهام ؛ فأسلوب ابن جبير هيختلف باختلاف البلدان إذ أنه 
عندما يذكر المعاملة السيثة التي لقيها من موظفي ميناء الإسكندرية 
يستخام أسلوبا خبريا بح تا يخلو من الصور الجمالية» 
والمحسنات البديعية . وفي لحظة وصوله للأراضي الحجازية» 
وقدارتاح ضمسيره ووصل الحرمٌ المكي» نجد أسلوبا 
جميلا!219» وهو ما يعطي للرحلة بنية خبرية متنوعة ذات طابع 
احتمالي» خصوصا في الجانب التاريخي والاجتماعي» وذات 
طابع نسبي في الخبر الأدبي . 











225 
م٠‏ الرحلة فى الأذب العريى 


ويتكون الخبر في الرحلة من «المكان" أولاء ثم 'نوعية 
الرحلة' الموجهة للمهيمنات والقواعد» وهكذا فإن طبيعة 
الأخبارء بدورهاء تتشكل وفق النوع الذي تتشرب سماته»ء حيث 
يأتي الخبر التاريخي في الغالب وصفيا تقريرياء لكن تقريريته 
تنكسر بالجنوح نحو إيراد العجائب فيه . أما الخبر الاجتماعي فهو 









تصويري يلتقط الصورة في حركيتها وسكونيتها... وعموماء 
فالخبر في النص الرحلي يؤدي وظيفة التلقين والتعلم والاعتبار 
والإمتاع» باعتبارهارهانات للتحقق»: ورؤى تعكس رغبات الراوي 
ورؤيته للأشياء والعالم . 


2- السند :ارتوت الجملة السردية في العراث العربي 
القديم بخصوصيات تواترت في أشكال تعبيرية مختلفة؛ من 
ضمنها السند الذي شكل مفتاح الجملة وسمة التصديق ؛ ذلك أن 
السند ارتبط بالخبر ومرادفاته في حضن «حتارة الفقه» والرغبة 
في التأسيس لليقين . لذلك» فإن الإسناد هو «نسبة الشيء أو الخبر 
أو الرأي أو الحقنيقة إلى أصلها أو مصدرها وهو بمعناه الإجرائي 
الجواب عن السؤال الذي كثيرا ما يرد على الألسن والأقلام»2199. 

ويُعرف الجرجاني» الإسناد بأنه نسبة أحد الجزئين إلى 
الآخمرء أعم من أن يفيد المخاطب فائدة يصح السكوت عليها. 
وهو عند النحاة ضم إحدى الكلمتين إلى الأخرى على وجه الإفادة 
السامة . وفي اللغة هو إضافة الشيء إلى الشيء؛ أما الإسناد في ' 
الحديث فيعني أن يقول المحدث حدثنا فلان عن فلان عن رسول 
الله20». وفي تعريفات أخرى أبعد عن الفقهء وأقرب إلى التاريخ 





226 


الذي هو قريب من الرحلات يصبح الإسناد «إثبات فعل القول ورد 
النص إلى منتدجه وليس إثبات الفعل إلى فاعله!1©: فالطبري 
يصل من خصلال الإسناد إلى النص وليس إلى الفعل . وطريقته 
تعتمد جملا إسنادية قبيل «ذكرني بعض أصحابي» «ذكر لي 
جماعة من أصحابنا؛ أو «ذكر من رآه وشاهده»؛ فيصبح الشاهد 
والراوي شخصية واحدة» فيما يختلف الأمر عند المسعودي الذي 
يحول «ملكية النص من الشاهد الراوي إلى المؤرخ الراوي»!2©. 
وهكذا اقترن السند في جانبه الشكلي بالرواية والافتتاجح 
لبداية خبر جديد أولي أو متمم لما سبق من أخبارء وأيضا التصديق 
على المستوى الدلالي» وإضفاء الشرعية والصحة على الخبر. 
© بن ئمةة اتدل الس ياي غلئ الكل الي 
> سح خطاب مؤمس ليأني من كلا 
المسند إليه + ل وعدن ليل مو تييع 
والسند هو فعل إنتاجي للخبر والتصديق على الكلام؛ لهذا 
فهو في المؤلفات الد: خطابا دينيا يبثر التوجيه والوعظ في 
القضايا الحياتية والأخروية؛ كما أنه في خطاب التاريخ يسعى إلى 
إضفاء الحجة والأمانة على التدوين . والسند في الخطاب الديني 
والداريخي له شروط ومواصفات ومحددات تُسّوَغْ الملفوظ 
المنتج. ولأن النصوص السردية ولدت في حضن الشقافة 
الإسلامية والتاريخ مستلهمة بعض مكوناتهماء ومستثمرة إياها في 
نصوص معيئة ويتوظيف مختلفء فأن الإسناد في المقامات وفي 









227 


كليلة ودمنة وألف ليلة وليلة والسير الشعبية إيهامي يسعى لتحقيق 
: الإيهام الفني» والسخرية من صرامة الواقعي ومن 
جزة والتصديقات التي يفرزها خطاب الإسناد . لكن 
الرحلة وبعض الأشكال القريبة منها تلجأ إلى توظيف الإسناد 
بصيغة التصديق وإيلاء الأهمية لحديث واقعي مسنود يكشف عن 
عمق معرفة الرحالة بالرجال والأمكنة والتواريخ» لذلك اتخذ 
السند في السرد العربي وجهين : 
: - سند حقيقي » وفيه مستويات ؛ بحيث لايخ 
للمقياس العف ولصحة؛ كم هر الشان في الصلاب ال 
لأن كافة المرويات في الرحلة والتاريخ وغيرهما من التعبيرات 
القريبة منهما تسعى إلى البحث عن سير حياتية وفكرية وأديية 
وبعض الاخبار والاقوال والحكايات. 

لهذا لايدقق النقد في الاسنادات؛ إذ يكفي أن يكون 
المسند معروفا أو وضعت له ترجمة ذاتية. 

- سند خيالي في النصوص الحكائية بأشكال متفاوتة تميز 
كل شكل حكائي عن الآخر !23 , 

ويرتبط السند في النص الرحلي بمسندين واقعيين معروفين 
أو مغمورين في مجالات الأدب والفقه والاجتماع .. ... رغم أنه لا 
يتحقق في كافة النصوص الرحلية؛ وإنما في بعضها وبشكل 








ويخستلف السند في الرحلة عن الإسنادات في حقول 


أخرى» على الرغم من كونه يقتصد إلى تأكيد واقعية الملفوظ 
باعتباره خبرا حقيقياء ويلاحظ في بنائه العام المتواتر سندان : 

- سند مباشر تؤطره أفعال واضحة تفيد أن الإسناد سمعه 
الراوي الرحالة مباشرة من الأصول» ويتنظم داخل حوار يقصر أو 
يطول» لكنه يعبر عن إيراد خبر معين يسمعه الراري من مُعاين 

رآه : #ودخلت مدينة أبهر سئة أربع وعشرين وخمسمائة» 
ونزلت عند القاضي الإمام أبي اليسر عطاء بن نبهان وكان من 
أصحاب الشيخ الإمام ابن اسحاق الشيرازي» وكان؛ رحمه الله 
عالما فاضلا صالحا كريماء فتذاكرنا يوما عجائب الدنيا فقال : في 
أرضنا عجب لم يشاهد مثله؛ عندنا قلعة تسمى أروشان» فيها جبل 
يققال له «كوة رستم»» فيه «غار رستم؛ وفي أعلى الغار ثقب,كفم 
كوز إذا دخل الإنسان الى الغار يجد في ذلك الشقب حزمة من 
قضبان عددها خمسة عشر قضيبا لايدري من أي خشب هي» 
مشدودة بخيط لا يدري من أي شيء هو [...] فقلت ليس الخبر 
كالمعاينة. فلمارأيت ذلك العجبء قلت ...»9©, 

- سند غير مباشر متعلق بخبر يُروى عبر آخرين شاهدوا 
أو سمعوا الخبر» فيعيد الراوي صياغة الخبر بلغته وتوجيهه. وقد 
يذكر صاحبه أويبنيه للمجهولء وفي هذا الإطار تدخل أيضا 
الأخبار المقروءة من كتب ذات إحالة واضحة؛ وهو مايوجد في 
جل النصوض الرحلية كما هو الشأن عند ابن جبير : «وأ* 
واحد من الشقات؛ ممن يعرف حال خاتون هله؛ أنها موصوفة 
بالعبادة والخير» مؤثرة لأفعال البر» فمنها أنها أنفقت في طريقها 














229 


هذا إلى الحجاز صدقات ونفقات في السبيل» مالا عظيما وهي 
تحب الصالحين والصالحات وتزورهم متنكرة رغبة في دعائهم . 
وشأنها عجيب كله على شبابها وانغماسها في نعيم الملك؛ والله 
يهدي من يشاء من عباده!25©. 

وفي كلا السندين ومايمكن أن يتفرع عنهما يصبح الراوي 
بنصه الرحلي شفويا ومقيداء سندا مزدوجا في مايرويه من 
مشاهدات وسماع؛ بحيث ستصبح رحلة ابن جبير أو ابن بطوطة 








أو رحلات غيرهما سندا لرحلات أخرى. 
وبشكل عام فإن صيغة الإسناد في الرحلة تشكل قطبا في 
توليد الحكي وإمداده بأخبار تشكل لحمة بئيته . وكلما كان السند 


متنوعا أفرز تعددا في المعطيات وزوايا النظرء, بحيث إن الصيغتين 
البارزتين يمكن تحديدهما م سئلاعام يُحال على الغياب 
بالسماع أو لقول غير المباشر؛ وسند خاص مباشر عن طريق 
السماع من الشيوخ وغيرهم . 0 

وتختلف صيغ ورود الإسناد بحسب الخبر» فتحققه في 
الخبر التاريخي أنه يزاوج بين المباشر وغير المباشر معتمدا على 
السماع والقراءات التاريخية؛ وأيضا إلى المشاهدة العيانية. أما 
الخبر الإجتماعي فجملته لا تحتاج إلى سند لأنه يكتفي بتسجيل 
مايراه» في الأعم» ونادرا مايعززه بمرويات يسمعها في هذا 
الجانب تكون قليلة جدا. فيما يعمد الخبر الأدبي والديني 
على الإسناد بشكل كبير كماهو الأمر في رحلات العبدري 

' والنابلني. 





230 


3- القعل : الجملة السردية في النص الرحلي هي خطاب 
إخباري يتشذر عبر سفر وكرونوتوب وتيمات متوالدة في شكل 
إخبارات متنوعة محورها الهدف أو الذات أو المكان أو الآخر. 
لهذاء فإن هذه الجملة تستند على بنيةالخبر والسند والمرجع 

ضمن عناصر كثيرة . ولعل مايقوي الصيغة الإخبارية 
الرحالة هو الراوي الذي يحكي خبر رحلته في 
فترة محدودة وأمكنة معيئة؛ وأيضا طبيعة بنية الأفعال المحركة 
للجمل» ذلك أن الأفعال المصاحبة للسفر هي -بالضرورة- أفعال 
دينامية » تشكل مُدونة تتوزع إلى بنيتين اثنتين * 

1-3- بنية أفعال الإنطلاق : وهي مجموع الأفعال التي 
ترد في بداية الرحلة وانطلاق المسير من جهة؛ ثم الأفعال الواردة 
من جهة أخرى» فع كل انطلاقة صغرى داخخل الفضاءات الوا 
بين نقطة الإنطلاق ونقطة الوصول . وأفعال الانطلاق عندابن ”' 
بطوطة وابن فضلان وابن جبير مُبئرة للخروج والارتحال والسير 
والانفصال والعبور ؛ أفعال ترد فيّ صيغة الفعل بضمير المتكلم 
المفرد أو الجمع أو في صيغة المصدر مسبوقا بالفعل الماضي 
* كان * الذي يحتل عند ابن بطوطة -أساسا- موقعما ملفتادون 
غيره» لإدراك هذا الراوي أنه يروي أحداثا مرت عليها قرابة ثلاثة 
عقودء لهذا فاستعمال فعل 'كان"*؛ عنده يتموقع متجذرا» 
ويختلف عن استعمالاته عند لبن جبير والعبدري | 























الفعل "كان ” مثلما هو الأمر في المقطعين الافتتاحيين 


231 


يخفيان حضور فعل السفر في الماضي القريب والمحددء 
ويضمران الفعل "كان" بداخله : 

- #فرحلنا من مديئة السلام [...] وسرنا منها إلى قره 
فأقمنا بها يومين. ثم رحلنا فسرنا حتى وصلنا إلى *همذان" فأقمنا 
بها ثلاثة أيام:6© , 








م 
-«ثم أصبحنا في يوم الخميس المبارك عدة المحرم أول 
شهور سنة خمس وماثة وألف من الهجرة النبوية»!27©. 

ويأني الفعل عند ابن جبير والعبدري وابن بطوطة ليشغل 
موقع المولد الاب ائي فقط : . 
- «وكان انفصال أحمد بن حسان ومحمد بن جبير من 
غرناطة [...] وكانت رحلتنا»80©. 








- «كان سفرنا تقبّله الله تعالى في الخامس والعشرين من ذي 
القعدة عام ثمانية وثمانين وستمائة من حاحة صانها الله وكان 
اطر و29 , 





- «كان خحروجي من طنجة مسقط رأسي في يوم الخميس 
الشاني من شهر الله رجب الفرد عام خمسة وعشرين وسبعمائة 
[...] وكان ارتحالي »000 

هكذا وفضلا عن الشحنة التي يفتتح بها الحكي قبل التتخلي 
عنه نسبيا ويصير الحكي كله في الماضي مألوفا ومحدها . 

إن أفعال الإنطلاق بنواسخها هي السكة التي يتتحدد بها 
الزمن الماضي؛ وتترسم بها كرونولوجية الرحلة» وكل هذا يؤكد 
اخختيار الراوي لأفعال محركة تساعد الجملة والدلالة على التوالد 


232 


والسهولة في الحركة والحفز على المسير والدقة في التحديد 
والارتباط به مما يجعل هذه الأفعال خطابا إخباريا مليئا باليقين 
والتأكد؛ وجلا سي ا 0 النص 
الأفعال أكثر حسية» 














3-- بنية أفعال التجسير : وهي البنية التي تحتوي 
أفعنالا للبناء داخل النص الرحلي تسعى إلى الريط بين المسرد 
والوصف, وبين الأحداث بعضها ببعض . وخاصية هذه الأفعال 
أنها متنوعة للتواصل» وذلك على غرار : قصدناء وصلتاء 
أخبرني» رأيت» سمعت» قاللي» حدثي» ثم سافرناء ثم 
زرنا... وغيرها من الأفعال التي ترسم.دلالات غير موحدة تنضمن 
الحركة والغبات » والتأكيد والشك» ولكنها تهدف إلى تحقيق 
الربط والإنسجام والتواصل والحفاظ على العناصر التأسيسية في 
بناء الرحلة من كرونولوجية وتوالي الأحداث؛ وهو المستوى 
الأول الذي تحققه أفعال التجسيرء (مستوى الربط)» ثم المستوى 
الكاقي؛ (الحفز) الذي يضمى للحفاظ على منصر الدشويق» 
والإيهام بالأخبار باعتبارها حقائق ذات مرجعيات تعكسها بعض 
أفعال التجسير الإسنادية نفسها : ذكر لي'رأيت» سمعت... 

ولهاتين البنيتين من أفعال الانطلاق والأفعال التجسيرية - 
إضافة إلى بيات صغرى متحققة بأشكال ونسب متفاوثة- قدرة 
على التوجيه والتفعيل السرديين؛ وعلى التواصل الذي يراهن 


253 





على خلق انسجام نصي» وانسجام بين القارئ ونص الرحلة . من 
ثمة» فإن الحركة المهيمنة للأفعال في الرحلة تتراوح بين أفعال 
اليقين المتضمنة للأحكام والرؤية والمشاهدة في صياغات تأكيدية 
وتقريرية (أفعال البصر + أفعال الانتقال واللقاء)؛ وبين الأفعال 
الاحتمالية التي يتوخاها الراوي حتى يتسنى له الحديث بشكل 
افتراضي يقول من خلاله ما يعجز عن تأكيده فيتركه في منطقة 
الإحتمال والافتراض والشك. وعادة ماتأتي هذه الجمل ذات 
حمولة أدبية رقيقة غير جافة : (أفعال السماع» والإحالة على البناء 
للمجهول والحوار) . 

ويتحقق هذا التنوع الذي يتبناه النص الرحلي باعتباره حكيا 
عن سفر يلتقط المشاهدات بالإدراك الحسي» وأيضا بالمتخيل. 
ولابد لكل جملة من محور يجسد موضوع الحركة والعلائق 
الممتدة في أبعاد الفعل وامتداداته الفضائية والزمائية» بحيث يؤكد 
المعجم في الرحلة على أهمية الأفعال» وخصوصا أفعال البصر 
التي تندرج ضمن أفعال الإدراك الحسي المؤطرة للمشاهدات 
والسجلآت» فيحتل فعل الرؤية موقعا بؤريا يؤسس للأاحداث 
المدركة والمدثرة بالإحتمال» كما ترتبط بالدهشة والإعجاب أو 
الإنكار والشك. 

- #وأول مارأيت الديك الصيني بمدينة كولم فظننته نعامة 
وعجبت منهء فقال لي صاحبه : إن ببلاد الصين ما هو أعظم منه» 
فلما وصلت الصين رأيث مصداق ما أخبرني به من ذلك6106©, 

ويشفاوت حضور أفعال الإدراك الحسي في الرحلات 











234 


العربية بين التمظهر خافتا أو الظهور بكثافة كما في (رسالة ابن 
فضلان) ؛ إذيصبح فعل رأى جسرا لأهداف هي نسيج الرحلة . 
ولاتتحقق حيوية الفعل إلا بوجود أفعال أخرى إدراكية من قبيل 
السمع «والرؤية عبر». وتتوزع هذه الأفعال في نص ابن فضلان 
إلى تكرار ملحوظ لفعل #رأى»: وهو لرؤية أشخاص وأمكن 
فعل «سمع»لأخبار وأحداث» وبينهما ترد أفعال أخرى قري 
هذا السياق تكون أفعال النص أفعالاذات طبي . 
وتكمن أهمية فعل الرؤية في الإدراك وفي الذات المدركة الي 
تنقل الشيء المرئي (أو المسموع) وأيضا في لا محدودية الفعل 
بصفة متأصلة(37 لأنه يتسع ويمتد إلى عدة مفعولات. 

ويمكن ملاحظة ندرة أفعال الرؤية في سياق التفاوت من 
خلال نص ابن بطوطة الذي يدغم الفعل ويثويه أثناء حكيه متخليا 
عن وساطته» وراويا رحلته وكأنه يخشى الإفراط في استعمال فعل 
«رأى»؛ فلا يوظفه في حالات قليلة؛ ولكنه يبدو حاضرا ضمنيا 
في سروده وأوصافه؛ وهو أسلوب أقرب إلى الحكي والإمتاع منه 
إلى البحث عن تأكيدات وتقريرات لإيهام المتلقي بحقائق مرئية 

بعين الراو: 

0 أن هذه المدة الطويلة الفاصلة بين التسجربة 
وتقييدها يعجعل فعل الرؤية منصهرا في الذاكرة التي تستدعي أفعالا. 
أخرى أقدر على إرواء الحكي . وكذلك تشنيةالجملة الرحلية 
باعتبارها بنية قائمة بذاتها ويكل المكونات الأخرى مما يكسبها قوة 
إخبارية تحقق أهداف تقييد الرجلةء خصوصا وأن وظيفة كل من 









285 


الجملة الفعلية والإسمية وشبه الجملة تقوم بصوغ الخبر بشكل 
تناوبي: وتضيء جانب الحكي فيه؛ إضافة إلى حضور التزمين 
والتوصيف والتدذويت في الجملة السردية الشيء الذي يشريها 
بحمولات وخلفيات وحقائق واحتمالات. 

4-المرجع السرد على صياغات إحالية تشكل 
برنامجا ينتج نصا ينحاز إلى نسق ومعمار معينين. ويتخلق المرجع 
في النص منصهرا ومستجيبا لانسجام نصي ظاهرياء ومؤسسا 
القنوات تمتد وتتوسع لجذير المتتخيل ومسار الجنسء مادام 
المرجع هو الشيء المسمى الذي تحيل عليه العلامة اللسانية سواء 
في الواقع أو الخيال34 في إطار علاقته بالدال والمدلول» وهو ما 
أكدت عليه تصورات سيميائية أخرى جعلت المرجع يتضمن أيضا 
المتخيل والرمزي حيث الواقعي ليس معطى خالصا ولكنه 
بناء'05. فسهل يمكن الول إن السرد الرحلي -وهو نص يحكي 
تجربة «معيشة»-يحيل على واقع حقيقي؟ وإن النص مرتبط 
بمرجع واقعي يحيل عليه؟ إنها مسألة معقدة تتمتلك أكثر من واجهة 
وزاوية لا جزم ف لأن كل تجربة مستعادة في نص شفوي أو 
الغزي تصبح ؛ فالواقع يوجلا مستقلا عن النص 89 
هذا الأعير ا الذي ليس جاهزة وإنما علامات متشكلة تتفاعل 
بداخلها عناصر ونسائج تؤسس لرؤية مفتوحة تعتمد على الذاكرة 
والّلاقحات وعلى إعادة إنتاج إدراكات وتشربات ضمن قنوات 
تستقطب ما يخدمها جماليا وفنيا ومعرفيا. 

ويعمل النص الرحلي على فرضية تأكيدية بصدق المرجع» 














236 


وذلك بتوجيه ملازم وجمل ذات مرجعية لها قيمة الحقيقة7© 
تصبح سلطة تؤسس لكيان يشتغل وفق هذا التصورء ثم يهدمه في 
سياق تسلل وتسرب بنيات الإحتمال والشك والإحالات على 
العالم الممكن» نصا مفتوحا بانفعال مضاعف لايستند 
على يقين المطلق والحقيقة المطابقة» ولكنه يخلق (واقعا 
ثانيا»» ورحلة ثانية» وإحالة أخرى رغم الإدراك الخاص للتجرية 
المؤكدة بواسطة استعمالات مرجعية لعناصر نصية هي الخلفية 
التي يقف ليها السرد الرحلي في علاقاته العمودية والأفقية مع 
ألراوي والأحداث وصيغ التواصل . لأن السرد الرحلى يحتوي 
على مرجعيات إحالية خارجية على نصوص أخرى9©) وعلى 
تجارب متعددة تطعم التجربة الشخصية للراوي؛ فتتحول 
المرجعيات إلى سجلات متنوعة ومتفاعلة تتشكل من الرؤية 
والسماع والقراءات والنصوص وطبقات المعارف المتنوعة . وهو 
مايختزله المقدسي في سياق ارتحال جغرافي وتاريخي في قوله : 
«اعلم أن جماعة من أهل العلم ومن الوزراء قد صنفوا في هذا 
الباب» وإن كانت مصنفاتهم مختلفة» غير أن أكثرها بل كلها سماع 
لهم . ونحن فلم يبق إقليم إلا وقد دخلناه. وأقل سيب إلا 
وقدعرفناه. وماتركنا - مع ذلك- الببحث والسؤال والنظر في 
الغيب. فانتظم كتابنا هذا ثلاثة أقسام. أحدها ماعايناه والثاني ما 
سمعناه من الثقات» والثالث ماوجدناه في الكتب المصنفة في هذا 
الباب وغيره ...(9©. لكن المرجع ينفتح أكثر على العالم» ذلك 
أنه يدل على كل مايمكن التفكير فيه أو التلميح إليه ؛ فإوالية 











237 


الإرجا خامة تتم وانتزارة ينوا كل مي إل مني 
لاء خياليا آم لا. ثم إن مصطلح الإرجاع ينطوي على مزية تضمن 
الخارجية ؛ فالمرجع هوالغياب الذي يسوض عند جضور 
الدلائل. كما أنه يفترض حسجة خارجية أو بداهة فعلية تُمكن 
. القارئ من إثبات صحة الكلمات. أما وجود واقع غير لفظي 
خارج كون الكلمات فمسألة أكيدة» غير أن الإعتقاد الساذج 
بوجود-صلة مباشرة بين الكلمات والمراجع فإنها وهم وذلك 
لسببين : أحدهما عام وصالح لكل وقائع اللسان ؛ والآخر خاص 
بالأدب:40, 

من ثمة» فليس هناك يُُدّمِن الحديث عن انصهار تفاعلي 
لمرجعيات ثقافية ودينية وزيارية وسياسية وغيرها تؤثر فيها مدة 
الرحلة التي تؤطر التجرية ؛ فقد أمضى الهروي (ق7ه) معظم 
حياته في الترحال سائحا وزائرا بلاد الشام ومصر والعراق 









والهند وييزنطة وصشقلية ... ودوّن كل مشاهدا: 
"الإشارات إلى معرفة الزيارات "* ؛ شأنه شأن ابن 


الجيعان وغيرهما. 
وتتحدد المرجعية بشكل غير موحد تبعا لنوعية الرحلة 
والإتجاه المهيمن فيها ؛ فالمرجع عند المقدسي ينبني على مراحل 
ومستويات علهية تتفق وطبيعة مؤلفه الجغرافي الرحلي : 
«فاتتظم كخابنا هذا ثلاثة أقسام : أحدها ماغايناه والشاني 
ماسمعناه من الثقات والثالث ماوجدناه في الكتب المصنفة في هذا 
الباب وغيره... فكم بين من قاسى هذه الأسباب وبين من صنف 


238 


كتابه في الرفاهية ووضعه على السماع» ولققد ذهب لي من هذه 
الأسفار فؤق عشرة الآلاف درهم»!'» ويمكن النظر إلى المرجع 
في النص الرحلي من زاوية أخرى تكمن في تضمنه لمرجعين 
أساسيين هما : مرجع الحقيقي ومرجع المتخيل يعقدهما 
الاحتمال والتخييل : 

1-4- مرجع الحقيقي : في هذا القطبيتم تسجيل 
الزمان والمكان والإحالات المتعددة عليهما في حركية متسلسلة . 
لكن هذا الحقيقي ذاتي مرتبط يرؤية وصياغة نقلتاه من مرجع 

معيش إلى تفييد مكتوب مذوت خضع للإختيار والإسقناط 

والتشذيب والإضافة؛ مما يجعل «الحقيقي؛ غير مكتمل حينما 
دخل وعاء اللغة عبر التحويل» بل إن الحقيقي لايصير شفافا إلا 
بعفاعله مع المحتمل والخيالي؛ ومع النسبي والبديهي ؟ 
فالتخليلات التي يلجا ليها الرادي من حقرل التاريخ والجخرافيا 
' والحديث والتراجم ... مراجع تندمج ضمن بنية سردية وظيفتها 
التأكيد والمعرفة» لكنها تذوب ضمن استراتيجية التفاعل والتوجيه' 
الذي يمارسه الراوي على كل الملفوظات بقصد تدعيم «الملفوظ 
الواحد» والتأكيد على المرجع بصفته #علامة للإحالة على ماهر 
واقعي26 مرتبط بالنص باعتبار أن المرجع لاينفصل أبداعن 
النص الذي يؤسسه30, 

4-- مرجع المتخيل؛ ويتمظهر من خلال الحوارات 
والأحلام والتعليقات وبعض الأحكام والمقارنات والتخمينات 
والتلوينات والاستعمالات الأسلوبية ؛ إنه مرجع ثري؛ يجعل 











239 


النص الرحلي يشخذ من مرجع الحقيقي وعاءًإطاريا لمرجع 
المحتمل» مع حضور خاص للإدراك الذي يخلق الفوازن بين 
الراوي والرحلة والمتلقي ؛ فالعلاقة بين المدلول والممرجع 
موسطة بالدال9* في تشعباته» بحيث يشيد بناء المرجع -وهو من 
أهم العناصر المشكلة للخطاب- في النص الرحلي صوته وفق 
قاعدة تتيح للتفاعل فرصة تحقيق المتعة والمعرفة اللتين يتوخاهما 





1 3 مر 
الحقيقي الإدراك المحتمل 
الحقيقي المحتمل | 
الإحرنك المتخيل 
إن حضور المرجع بهذه المصيغ في السرد الرحلي يشيع 


الجملة بدلالات مرتبطة بالذات وبالرؤية» وقد عبر ابن قنفذ في 
منجموع نصه «أنس الفقير وعز الحقير»”4 عن تلاقح المرجعيات 
-المتعارضة أحيانا- لإضاءة مرجعية الراوي؛ لأن تمظهرات هذه 
المرجعيات «الغيرية»» والتي سيتم تذويتها حيناء والوقوف موقفا 
حياديا منها حينا آخر» تشكل نسقا موازيا يفرز الحقيقي ويقوم 
قنوات الإدراك والتسواصل مع المستلقي الأول (الراوي) والثاني 
(القارئ) . 

يشكل السند والاستشهاد8» مرجعا موازيا يحمل 
«الحقيقة»» ويرادبه الانسجام والتوازن”»» وبالتالي يقف 








240 


المرجع البؤري علامة متجذرة تدمج وتبلور وتنسق في أفق إتتاج 
مسار مرجعي معتّمد في الإدراك والتواصل والإستشهاد ؟ 
فمرجعية ابن قنفذ القاعدية الضوفية والمتنوعة في سجلات 
اجتماعية غير متساوية يعكسها نصه الرحلي» وتتلخص في رغبته 
الباحثة عن اليقين والانسجام الروحيين وكذلك عن الطهارة عبر 
تحقيق بعض الأشياء الرمزية والفعلية التي تغذي روحه وتعطية 
الثقة والإرتياح» وهو ما شكله التوجه الصوفي والاعتقاد الذي 
طبع ورسم حيواتبعض *الصلحاء والأولياء" الذين ساروا في 
نفس الطريق» فَهُم يتبع خطاهم عبر تذكرهم واسترجاع 
مساعيهم وكراماتهم في الدنياء على غرار النابلسي في رحلاته 
الحجية 





تتأكد قيمة الإدراك الرئيسية في العلاقة مع المرجع . وأهميته 
تكمن في التراوح الذي يبصم المرجع بين الحقيقي والمتخيل 
والمحتمل» استعانة بالمرجعيات المساعدة الموازية؛ والتي 
حصرها ابن قنفذ في سجلات الهروي والنووي وياقوت الحموي , 
والحنبلي وغيرهم من الرحالة والمؤرخمين والعلماء الذين أغنوا 
مرجعيته في بنائها العام . 

إن بناء الجملة هو تنظيم للمسرجع المذوّت المسحكوم 
بمرجعيات دينية واجتماعية وتاريخية وأسطورية وبأشكال أخرى 
هي مفاعلات تتصادى ضمن دائرة أو دوائر تشكل مرجعية 
مشتركة» واستراتيجية تحكم وتشيّد الرحلة ورؤاها للأنا وللآخر 
في استقلالية وخمصوصية ؛ اذ لا يمكن للرحلة أو لأي نص أدبي 


241 
م - الرحلة فى الأدب العرين 


أن يكون نسخة وإعادة لإنتاج العالم © عبر أصوات المرجع 
والإجراءات الداخلية 
1- الإسترا 
1- أتواع السرود : تتحقق السرود في الرحلة من خلال 
تشكلات متلونة تبحث عن انسجام للتواصل» ذلك أن البنية , 
العامة المجسدة في النوع المنتتحى ترسم شكل تأثيرها على بنية 
السرود» بحيث يصبح كل نص رحلي بناء تركيبيا تتفاعل بداخله 
بنيتان أساسيتان : سرود كبرى وأخرى صغرى : 
في السرود الكبرى الموسعة تتحدد الرحلة في 
كليتها وأهدافهاء كما تتشكل التيمات الإطارية التي هي عماد 
الرحلة ووجه معالمها التي تنسجم وبناء النص الرحلي » ثم تحدد 
أفقه ومعماره؛ لأن الكرونولوجية التي طبعت شكل الرحلة جعلت 
٠‏ البرنامج السردي في وحنداته واضحا ومحدداء ذلك أن بنيات 
السرود الكبرى تتأطر في ثلاث حركات عامة هي : 
- الخروج والمسير ذهابا وإيابا. 
- المشاهدات» والحواروالتعليق والمقارنات.٠‏ 
- الحئين والتذكرات . 
وتتحول كل هذه الحركات وغيرها هن أحداث ووقائع خخام 
إلى سرود تخييلية إطارية هي البنيات التي تقوم عليها الرحلة. 
.وتشراوح هذه السرود بين البانورامية والمشهدية تحقيقا للتنوع 
والتواصل . ويتأكد التنوع بشكل جلي في تعدد الأشكال الرحلية 
حيث يشتغل الحذف والتلخيص على بعض حركات السنرود 



















242 


الكبرى : (حركة الانطلاق والمسير في الرحلات السفارية)» 
والتخليلات والاستشهادات والاستطراد في الرحلات الأدبية 
والحجية» فيما يغلب الاسترجاع والتراجم المختصرة على 
الرحلات الزيارية» أساساء والحجية والأدبية بدرجة أقل . 
وقد تتداخل كل هذه العناضر وتتخذ مستوى موحدا يعمد إلى 
التلخيص الذي يطبع مسجمل الرحلة (ابن جبير)ء فتشكل 
الاستطرادات والتخليلات والاسترجاعات النسبة الأكبر في النص 
(النابلسي) . 
2-1 في المقابل تتكفل السرود الصغرى بمحكيات في 
يع نصيصات متواليةٍ تتضمن »يتؤزهاء وقائع ألرذتها من 
مصادفات ومفاجآت أو مغامرات» أوحوارات» أورؤيات» أو 
سماع» أو استرجاع مقروءات يستدعيها الفضاء؛ أو سياق حوار 
معين . وتعمل هذه التصيصات على تفعيل السرود الكبرى» وبعث 
الدينامية في الحكي عن طريق ماتقدمه من تعجيب ومعارف» 
تسعى كلها إلى إبراز تنوع الخطابات والرؤى ومواقف الراوي. 








وتعليقاته. 

إن هذه النصيصات هي بمشابة ' الخيط الذهبي " الذي يرتق به 
الراوي سروده متفاعلا مع كل البثيات الأخرى. ويمكن في هذا 
السياق ملاخظة ثلاثة أشكال مهيمنة في هذا النوع : 


1-21 محكيات سردية ذاء تضيء “أنا" الراوي- 
الرحالة» وهي نصيصات مقظعية مبثو: في كل النص» تتمظهر 
عبر شكلي الصريح والفسمني» سواء في إطار النحوارات أو في 





2438 


إطار المشاهدات وماتفرزه من تعليقات ومقارنات تتموضع قيها 
«الأناء المركزية جلية أم خفية. وهذا مايتحقق بكثرة في نص ابن 
بطوطة الذي رسم مسار الوحلة على محور الذات تصب في 
القطب السيري الشذري. 

221- محكيات سردية عن الآخر المتعدد من خلال أوعاء 
تنسجم مع وعي وقناعات الراوي أو تختلف معه. لهنافهذه 
السرود تحمل أحكاما وتعليقات وأوصافا وهي نصيصات تراجمية 
تنحو منحى تصوير الآخر لفهمه ؛ فابن فضلان قاد سروده بنيّة 
رواية مارآه بالأساس في هذا "الآخر" من لامألوفية واختلافية. 
فيما كانت النصيصات التراجمية تتماس مع الهاجيوغرافيا!9» 
وتمتح منها كما هو الأمر في الرحلات الزيارية مثل رحلة ابن قنفدٍ 
الذي يروي سيرة أحد الأولياء انطلاقا من رؤيته ورؤى المريدين 
له والنابلسي من خلال استعراضه الاسترجاعي لنصيصات 
متوالية فيها القصير الحختزل والطويل المستطرد من سير الصحابة 
والصلحاء ومناقبهم» فتكون الرحلة بذلك فضاء لسرود عن الغير» 
متراوحة بين التراجم والهاجيوغرافيا والمناقب تبعا لنوعية 
الرحلة. 

31 مسحكيسات تخص سرد اليسومي من خلال بعض 
الأحداث والتواريخ الخاصة بالفضاءات التي يمر منها الراوي أو 
يتوقف عندهاء مما يلزمه حكي الطريق. وفي هذه المرحلة يعمل 
السرد متناويا مع الوصف» خصوصا حينما يتعلق الأمر بالانطلاق 
من المرئي إلى استرجاعات توسع من الإدراك» وتكمل ماقصرت 





244 


العين عن التقاطه . كما ظهرت في الرحلات نصوص تتكئ غلى 
التاريخ والجغرافيا لتوليد نصيصات استرجاعية مدعمة تتموضع 
إلى جانب السرود الأخرى لبناء الرحلة وأفقها على الخصوص. 
وتكون نصيصات الأنا والآخر واليومي التاريخي شذرية متفاوتة 
الحضورء تحقق نوعسية الرحلة وهيمئة سرود على أخبرى» 
بالإضافة إلى هيمنة التلخيص والمشهدية. 

وعبر تفكيك السرود الرحلية البسيطة أو المركبة يتضح ارتباط 
السبرد بالزمن باعتبارها نصوصا زمنية تنطلق وتنتهي في 
أخرى» ذلك أن خمصوصية تزمين السرد تتحقق في النتصوص 
الرحلية ديناميا من أجل الموضوعية المزعومة وإيهام المتلقي 
بحقيقة ومصداقية خطاب الرحلة؛ والأمر سيان في الرحلات 
الخيالية حيث يتم استشمار مكون الزمن ضمن سردية العجائبي 
لتشكيل تحولات في صور وأحلام غير مألوفة. 

2- العناصر والأسس ٠‏ يتحدد السرد في الرحلة وفق 
استراتيجيات عامة وخاصة:؛ أساسها خطية الرحلة المرسومة 
بنقطة انطلاق ونقط التوقف» ومايصحبها من مشاهدات وتأمل 
وحوار وأزمات وآمالء ثم نقطة الوصول؛ ومايستتبعها من نقط 
أخرى قد تحقق العودة أو البحث عن أهداف خطوط سير أخرى . 
إنها استراتيجية تحصر الزمن» وتجدد الفضاء والأحداث 
المشاهدة المروية والمتخيلة» ومايخضع له السرد أثناء تحويل 
الأحداث والوقائع من تجربة معيشة إلى سرد مكتوب من 
تحريفات وإضافات وإهمال وتقريرية ... عبر النفاذ إلى 











245 


الإستراتيجية السردية وما تتضمنه من عناصر وتشكلات ترسخ 
نسيج السرد الرحلي . 

كل نص رحلي هو نسق سرود متراكبة ومتلاحمة تفضي إلى 
بناء ذي دلالات» متسجنس ضمن قواعد الرحلة بشكل خاص» 
وفي إطار النشر الفني بشكل عام. لكن تحقق بناء السردية -وهو 
يخضع لقسوانين الجنس والكتابة- يسعى إلى ترسيم مكونات 
وعناصر مهيمئة ذات حضور جذري في توجيه السرد ووسمه . 

خمسة عناصر وأسس وتيمات تتواتر وتحضر بأشكال متفاوتة 
في هذا البناء وهي : السفرء والعبورء والمعرفة» والدائرة» والمتعة. 

1-2- السفر : :تيمة السفر هي البؤرة الأم التي تنمو حولها 
تيمات أخرى باعتبارها الموّلد والحافز الداعي للحركة والقدرة 
على التفعيل والحيوية» لأن السفر هو التحقق الفعلي أو الذهني 
للإرتحال في الأزمنة الثلاثة وأبعادها في الوجود أو الخيال؛ بحثا 
عن يقسين ما ؛ ذلك أن عنصر السفر يصبح ذا وضعية مزدوجة 
الحضورء فهو شكل وتيمة في آن من خلال الشكل الإطاري الذي 
يسم النص ب«ارحلة»؛ ثم ماتنتجه هذه الأخيرة من أفعال وأحداث 
تفيد الانتقال وتتجليات السفر موضوعا وشكلاء بحيث تبدأ محركا 
فاعلا للسرد في المنطلق» ثم تتراجع لصالح تيمات أخرى» مع 
حضورها الفسمني في لحظات الاتتقال» ثم تحضر في بعض 
النصوص بصيغة تناوبية بين الشكل والتيمة» لأنه حينما يهيمن 
السفر تكود ات الأخرى #خافتة» وتابعة له؛ وحينما يهيمن 
الشكل تبرز تلك التيمات . 








246 


يشتغل السفر في النص الرحلي عنصرا يغذي الرحلة» فتنطلق 
الأحداث» ثم ينسحب تاركا الفرصة لتيمات أنجرى خلال محطات 
الوقوف والوصول. وكلما بدا خفوت تلك التيمات» أو اختنقت» 
أو أدت وظيفتهاء يتم اللجوء مرة ث: إلى مكون السفر لفتح آفاق 
أخمرى على تيمات جديدة؛ وهكذا يكون السفر مولدا وجسراء 
كماهو حافز ووعاء. 
في "تحفة النظار' يفتتح السفر السرد ولكنه يتراجع لصالح 
تيمات مغايرة في اللحظة التي يتوقف فيها الراوي في مكان جديد»ء 
فتتخلق أحداث ووقائع» ويتم استندعاء السفر على المستوى 
الذهني -الاسترجاعي لدعم مشاهداته وتمكينه من التفاعل مع 
باقي الأحداث ثم يعود إلى السفر والانتقال إلى فضاء آخر 
وأحبداث أخرى للتجسير والربط والتوازن داخل النص الرحلي 
فيحرر الخبر لتمتيع الحكي بالانتقال والتنويع . 

تُحرك عنصر السفرء في كل مراحله» حوافز الرغبة والببحث 
عن تغذية دوافع ذاتية ومشتركة؛ مما يجعله محورا بؤريا يفرز 
تيمات محدودة في الزمان والمكان» وهي وقائع صغيرة تتنهي 
ببروز السفر» بتيمات لصيقة بفعله تتشكل من خلال معان وقرائن 
ونصيصات . 

ولا يتوضح السفر الذي هو عنصر وشكلء إلا انطلاقا من 
فهم كونه تستولد تيمات أخرى تساهم في بناء السرد من خلال تنو: 

















الأحداث التي يمكن النظر إليها من زوايا : أحداث ماضية 
تروى بالتواتر يتم توثيقها بالسندء ثم أحداث ماضية قريبة. أما 





27 


الأحداث اليومية فإن الرؤية والحوار والتأمل عناصر كفيلة 
بتشكيلها وصوغها. 

2-2- العبور : يتشكل العبور خلال لحظة حاسمة في البحث 
عن يقين غير محدد في واحد من الأزمنة الثلاثة . ولكنه يتغاير 
ويختلف من نوع رحلي لآخر ؛ ففي الرحلات الحجية والزيارية» 
الزمن مقسم إلى دنيا وآخصرة» وفي الرحلات السفارية يصبح 
الراهن والمستقبل معادلة أساسية» ولإنجاز كل هذا لابد من 
اللجوء إلى تقنية العبور لتحقيق شيء ما. 

حينما يحيا الرحالة رحلته فهو يعيشها في راهنيتهاء لكنه في 
الآن نفسه لايمكن أن يسيش ويفهم أو يتعايش مع لحظته دون 
استحضار الماض اضي الذي منه قرر وفكر » فمن خلاله يقارن ويتطلع 
إلى المستقبل التثيوي والأخروي؛ وذلك بالعبور باعتبا لقنية 
سردية للاستدعاء والاسترجاع على مستوى النصء فيعبئر 
المكتوب إلى الماضي (الفعلي والمتخيل) للحديك عن أحداث 
وخيالات سابقة اتتهت باعتبارها بنية دائرية تتصل بالحاضر وتنفتح 
على المستقبل عبر مصل مغلاً. 

في الرحلة الفعلية التي تصبح لخظة ماضية أثناء تحولها إلى 
رحلة سلونة يحضر الماضي حلي بور إلى النص” بأشكال 
متعددة» فيتمظهر موجها التيمات والمعرفة وكل العناصر الأخرى 
نحو صورة للمستقبل الذي يتخذ صورا متغيرة في تمثلات نوعية 
مختلفة دنيوية» ليس بالإنفصال الحاد والمتنافر» وإنما 
بالاختلاف والمغايرة المرنة» والمتداخلة الحدود ؛ فالمستقبل 











248 


في رسالة ابن فضلان مضبب غير واضحء وكأن الراوي يستهدف 
إنجاز فهم للحاضر فقط وقد استغرقته معطياته اللامألوفة . فيما 
يعلن العبدري والنابلسي عن صورة المستقبل الأخروي الذي 
يطمحان إليه ؛ فما الدنيا بأزمنتها إلاعبور نحو الزمن الخالد 
(الآخرة) . 


نية الزمن والتحولات التي يتتجها العبورء وهو تقنية 
ق البناء السردي في الرحلة دينامية في التقاطع 
يحقق فعلا تقس بالعبور الأفقي والمموي » وإن 
كان يبدو في النص عبورا كرونولوجيا يطعم بتنويع من عبورات ٠‏ 
مستدعاة وهي شحنات ومولدات» لأن النص الرحلي وهو أثر 
لرحلة فعلية أو بل لا يتحقق إلا في هذا العبور. 

2-- المعرة 













تنبني الرحلة على تقديم معرفة متنوعة 
مباشرة من المعلومات الأدبية والتاريجية والجغرافية 
والاثنوغرافية؛ وغير مباشرة تتشكل من آراء ومواقف الراوي عن 


ذاته وعن الآخرين. 

ويكمن خطاب المعرفة ونوعيته فيمايقدمه الراوي عبر 
أوصافه وتعليقاته وتعبيراته؛ فخلالها تبرز «معرفة القيم» و#معرفة 
السائد»» بأسلوب المقارنة والحوار والتركيب» فتتبأر معرفة 
الذات والآخرء فضلا عن معرفة موازية متحولة يساهم فيها أفق 
انتظار القارئ وثقافته» والعصر الذي يتداول فيه النص. 

المعرفة في النص الرحلي تنبني على أسس وخلفيات الذاكرة 
والعين في مستوى أول» ثم القراءة والسماع في مستوى ثان. 


249 


وبالدالي تصبن عبارة عن تلقيّات وتقديمات ترتقها تحويلات 
وتفاعلات ؛ فحضورعينالراوي هو المهاد الذي يستدعي 
معطيات تخص التلقيات الأخرى بصيغ تختلف من نص لآخر» إذ 
و ا 0 
التاريخية والجغرافية والدينية والأدبية . أما ابن فضلان فإنه يقيدم 
معرفة . تعلق بما يراه وبما يسمعه فقط. 

تتألف معرفة العين من طبقات معارف؛ ومستويات على قدرة 
الاستبطان والتوغل» وتطعيم كل ذلك بالاستدعاءات والاسترجاع 
من مقروءات وسماع و: نء ثم من تأملات وتعليقات وأسئلة 
محايثة ومقارنات» ذلك أن المعرفة في النص الرحلي من صنفين 
يتفاعلان ويمضدان بعضهما : معرفة جاهزة توحي بالموضوعية» 
هي معرفة منتقاة وموجهة ارها الراوي من قراءاته حتى تُركي 
ريته وتُصدقهاء ونعزقة متشكلة 3 الركنة والمخيلات الماع : 























والاحتمالية للراوي. 

إن نوعية المعرفة المقدمة في الرحلة ليست واحدة» كما أنها 
تقدم للقارئ على أساس كونها حقائق حينا (ابن بطوطة» 
العبدري)» واحتمالات حينا آخر (أبو دلف) . 

وزو السنعزفة في الزتعلات بن التاق وال رايت 
وبين المطلق والنسبي» لأن مرجعيتها -في سياق سفر محدود- 
تمتح من العين والذاكرة» وبالتالي فإن تنسيبها واردء وزوايا النظر 


250 


إليها وتقويمها يختلفان من حقل لآخر. لكن قارئ الرحلة؛ 
باعتبارها نصا تخييليا سيدرج هذه المعرفة ضمن أي معرفة فى 

في النص السردي» تضيء "الأنا' الراوية في مرخلة ماء وكيا 
تتكيرها وصسارات وعيها وأوعاء الآخرين وأدوات هذا الفهم الذي 
يفسح المجال لشحذ الأسئلة الموجهة للأدب العربي وإشكالاته 
التعبيرية. 

4-2 الدائرة : تساهم الداثرة في بناء السرد الرحلي انطلاقا 

من ابتعادها عن المفهوم الهندسي المبسطء واقترابها من الدائرة 
وهي مفهوم فلسفي يلحم النص ببناءاته الداخلية والخارجية ؟ 
فالرحلة تنجز سفرا خطيا على المستوى الظاهري حينما يقرر 
الرحالة إنهاء رحلته عند نقطة النهاية - الهدف وقطع خط العودة» 
على عكس النصوص التي تحقق سفرا دائريا يتضمن نقط البداية 
والنهاية والعودة. 

والنص الرحلي؛ في الأعم؛ دائرة تضم مسعارف وأحداثا 
وسروداء حيث هناك دائما #تلحيم بين البداية والنهاية» !60 
: وربط جدلي بين العناصر البنائية» ويينها وبين ماهو خسارجي»ء 
وحضور للدائرة التي تشكل انغلاقا عن الخارج وانفتاحا على 
انال لك أن الننصة في لنص الرحلي أو الأحدات السحكية 
والمجردة في تواليها تُشَكَلْ حلقة ذائرية متصل؛ بعضها بالبعض 
الآخرء وعناصرها هي البناء والنسيج الإطاري الذي يشكل الرحلة 
من تواليات أخبار تساعد على الانفتاح والانغلاق!!5) ؛ بحيث إن 
كل حبر يمكن عزله لوحده؛ كما يمكن قراءت مع مجموع 











251 


الحلقات الخبرية ضمن دائرة تجسد المسير عبر الذهاب 
والإياب. 

داخل بنية المسير تتشكل الدوائر من المشاهدات والأحداث 
المتولدة» وفي دوائر صغرى مكفية بذاتهاء تنمي الدائرة الكبرى 





ار وا اتصوضية والرقى والخلفيات . 
الدائرة؛ وتصبح بُعدا في بناء الرحلة وتخصيبهاء فخاصية تعدد 
الأمكنة هي انفتاح على التوالد والسجلات» وعلى دوائر متفاعلة 
ومنتجة . 

من هذا المنظور تنتج الدائرة بانغلاقها وانفتاحها وعيا 
دائريا عمعمدهاعهدم برمسممهام”53) يتشكل من المغلومات والآراء 
المجمعة والتعليقات والخلفيات والمسبقات والسجلات 
المؤطرة للرؤية الرحالة للعالم تصوغ أو تعدل» وتوجه رؤية 
القارئ. كما يتمظهر هذا الوعي الدائري عبر الحسم في قضايا 
تتعلق بالتاريخ والقيم والزمن (الدنيا. الآخرة)؛ وهو ماينعكس في 
لاوعي النص ويوجه النوع الرحلي والصوغ العام . 

5-2 المتعة: إن عملية التحويل التي تخضع لها تجربة 
قعل أوذعنيتروسية أنصيرتصالموياقم عبرال ارسة 





252 


لتحققات المتعة في مستويات: ووضعية مضاعفة ف يمراحل 
متعددةعاشها الراوي - الرحالة قبل الفعل؛ وذلك بالتفكير 
والشهبيء لهاء ثم فعليا أثنامهاء وساصاحب ذلك من تعمديل 
وانكسار وتقويم» وبعدها من تذكر ثم حكي شفويء وأخيرا من 

تقييد ومراجعة» ممايضاعف من تشكل التشويق وانبنائه» 
خمصوصاء وأن تحقق المسافة بين الفعل والتدوين يعطي نصا 
تخييليامليثا بالتذكيا ات ت والانتعانات 6 وأيضا بالاحتمالء لأن 





والتخيلات . وإذا ضاقت المسافة إن الشخييل يل يبدو جافا قريبا من 
لتقريرية (العبدريء النابلسي)»» وكلما كان الراوي متحكما في 
أداته الحكائية بمعاودة الحياة في الرحلة مرة أخرى» وليس البحث 
عن نقلها تحقق التشويق وتحققت المتعة من خلال وجود ظلال 
وثغرات وقطع وتناوب يقود نحو الإمتاع والنحكم في تقنياته عبر 
التسريع والابطاء. 

يقول ابن بطوطة في تحفته : 
في جماعة من أصحابي» ودخلنا بستا: 
القيظء فسمعنا الصياحء فركبناو! 
قرى الجلالي . فاتبعناهم فتفرقواء وتفرق أصحابنافي طلبهمء 
وانفردت في خمسة من أصحابناء فتخرج علينا جملة من الفرسان 
الرجال من غيضة هنالك» ففررنا منهم لكثرتهم» واتبعني نحو 
عشرة منهم' (ص544). 














بعض تلك الأيام ركبت 





258 


وينفس الأسلوب يواصل الحكاية تسلسلا وتشويقا على 
الشكل التالي : 
- بقاؤه لوحده مطاردا من طرف ثلاثة فرسان. 
- دخوله فرارا منهم في خندق عظيم . 
- خروجه تائها. 
غاجأة أربعين رجلا من الكفار له؛ سلبوه وأسروه. 
- اكتشا: وجود مسلمين مع الكفار, " كلموه بالفارسية وأكدوا 
له أنهم سيقتلونه . 
"كل ب تلق نهم : جرخ ريه رع لخبي أ 
- مرض الثالث الأسود الخبيث. 
- سجيء آخرين وضمنهم شاب خلص الراوي الرحالة من 
القتل . 
ويواصل ابن بطوطة حكيه عن مغامراته المليئة بالتشويق 
المعتمد على الهروب؛ ومايلأيه من جوع وعطش ومعاناة دفعت 








به إلى حافة الموت» ثم مسجيء المنقذ في كل مرة . 
لانتل النشوين والإنتاع يرف لتقا عقا 4 يفعل فيه 
الحكي والمسافة والأداة وياقي المستلزمات التي 






يلجأ إليها 
الراوي المتشرب للتراث الحكائي السردي وصياغاته الفنية . 
يجعل النص الرحلي بنية للإمتاع» وملتقى علامات 
تنجذر المتعة في الحدث والحوار والمشاهدات؛ وذلك عبر كل 
مفاصل النص ومستوياته. 


254 





توماشفسكي : نظرية الأغراض] ترجمة إبراهيم الخطيب» بيروت» 
مؤسسة الأبحاث العربية» ط1ء 1982و ص 179 . 

7- انظر : محمد سيد محمد : بين القصة الأدبية والقصة الخبرية 
ص . ص : 132-85 [مققالة في المجلة العربية للعلوم الإنسانية» جامعة 
الكويت؛ العدد الثاني عشرء المجلد الثالث. خريف 1983]. يدرس 
الخبر من منظور إعلامي تواصلي ويعالج نشأة الفن الققصصي والقصة 
الخبرية والققصص الخبرية والأدبية وتطورها في الحضارات الانسانية 
قديما وحديثا. 

8- ابو يعقوب السكاكي (622ه) : مفتاح العلوم (ضبطه وشرحه : 
نعيم زرزور) بيروت» دار الكتب العلمية» ط1ء 1983» انظر القسم 
الثالث» الفصل الأول ومابعده ص 163 . 

9- الموسوعة الفقهية» ج]آ» وزارة الأوقاف الإسلامية؛ الكويت» 
ط1ء 1983 مادة إخيار ص 253. 

10- الجرجاني : كتاب التعريفات؛ لبنان» بيروت مكتبة لبئان» 
8 ص101. 

11- ابراهيم الابياري (جمع وتصنيف) : الموسوعة الفقهية» مؤسسة 
سجل العرب؛ المجلدقاء 1984 : ص . ص 160-159 . 

12- ابو هلال العسكري : الفروق اللغوية؛ [حققه وضبطه حسام 
الدين المقدسي]ء بيسروت:» دار الكتب العلمية؛ لبئان 1981 
ص. ص 29-28 , 8 
«ويعمل العسكري على تمحيصات أكثر من خلال بحثه في الفروق بين 

هذا الأخير الذي لايكون إلا للإخبار يما لايعلمه 









14- دائرة المعارف الإسلامية» بيروت» دار الفكرء المجلد 8 ص1 21. 

5- أبو دلف : الرسالة الثانية» الناشر عنالم الكتبء القاهرة 1970 
نشر وتحقيق بطرس بولغا كوفء أنس خالدوف. ترجمة وتعليق 
محمد مثير موسي » ص 38. 





256 


16- العبدري » ص83 

7- يقول النابلسي : ثم لما قربت صلاة الجمعة ذهبنا إلى خارج البلدة 
إلى الجامع الذي دفن فيه الصحابي الجليل سيدي خالد بن الوليد ...» 
ص 125 ؟ ثم يستطرد في استرجاع حياة خالد بن الوليد وبعض 
الأحداث التي استقاها من النووي (تهذيب الأسماء واللغات) والهروي 
في كتاب الزيارات: ثم يختم بقصبيدة مدحية من نظمه. 
(ص . ص: 132-125). 

18- سيد حامد النساج : رحلة التراث العربي : الفصل الخاص ب : 
مشوار كتب الرحلة» دار المعارفء القاهرة؛ ط5: 1994: ص 226 

19- منير بشور : في منهجية الإسناد والتقدم عند العرب [مقال 
فى مجلة] مواقف. بيسروت» خسريف 1981 عدد43: ص48 
59-47 

0- الجرجاني : كتاب التعريفات» بيروت» مكتبة لبنان؛ 21978 
ص. ص : 23-22. 

21- سيزا قاسم : الخطاب التاريخي من ١‏ 
في الطبري » المسعودي وابن خلدون؛ الفصل الخاء 
جمساعي (الأدب العسربي : تعبيره عن الوحدة والتنوع؛ ب 
تمهيدية)» مركز دراسات الوحدة العربية؛ جامعة الأمم المتحدة؛ 
بيروت» ط1ء مارس 1978» ص134. 

22- نفس المرجع السابق؛ صن 136 . ٠‏ 5 

3- يأني الإسناد في * كليلة ودمنة' ثابتاوواحدا لايتغير مع تنوع 
الحكايات» لكن في ألف ليلة وليلة يتنوع باطراد الحكايات ويتتسلل 

تراتبيا من حكاية لأخرى .. 

24- أبو حامد الغرناطي » ص صن 108-107 . 

5- ابن جبير» ص 213. 


























257 


م1 الرحلة فى الأذب العربى 





بطوطة» ص 33 

1- ابن بطوطة» ص 640 

2- عبد اللطيف شوطا : نظر ورأي [ضمن مؤلف جماعي : أبحاث في 
اللسانيات العربية» منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك» 
الدار البيضاء مطبعة النجاح» 1996 ص.ص25-11] ص13 . 

3- المرجع السابق» ص20 * 








34 - عورلممه'! ف «مناعسومماسة : بعلاتمعم عمل - 
6 ,1988 بلا ف كتمع يعسو ت جام روطم عمس 

5 له ,كمد" ,مواق هل عق عموته1 : روي" وبعه - لمعه - 
51 ,1991 ,5لا 


6-له بععمم ,كناء5 1 #متسفومظ : سعارو8 - «دمده امعسمز - 
.532 ,1982 ,اعنماعم لاما 
0-7 ب#قدمكة نه مساعة ومدمعماة مآ : مسجوالا تموممو9 - 
5 ,1988 ,كلزناميه. 
38- ميكائيل ريفاتير : الوهم المرجعي [ضمن مؤلف جماعي: 
مترجم] الأدب والواقع» ترجمة : عبد الجليل الأزدي» محمد معتصمء 
مراكش» نشر تنسفت ط1 -1992» ص67. 
19- المقدسي : أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم: ليدن» مطبعة 
بريل 1906 ص45 نشر مكتبة مدبولي» القاهرةء 'ط 3 1991. 
. ريفاتير : الوهم المرجعي » مرجع سابق» ص 46 
1 المقدسي مد يت 778 
1-2 عنى تقح بكعمولء عق وسماعممة : لماكمويري) عستماللة - 
.819,31 ,1981 سعاشة ممادهل8 بعتزهذها ,عمععومل8 ممصمع 
43 34" ممهمن| بست ان00-86مه0ا - امامل 
44-دها كتمع اععامز ؛ عمسمعنانا كك عدونامتمعو . علممك] مما - 
كتقاة «ممل 201*ل! ,ااانا ععجوها بكعمتقسس! ععمماعة عمل ممم 
.الم ,1986 
5- ابن قنفد (ق15م) : أنس الفقير وعز الحقيرء الرباط» منشورات 
المركز الجامعي للبحث العلمي» 1965 [اعتنى بنشره وتصحيحه : 
محمد الفاسي وأدولف فور]. 











258 


46- تتحدث كلوديت سارتيليو عن وظيفة الاستشهاد والمقتيس» و 
تناولها له قائلة بآن التعريف 
الكلاسيكية يحدد هدف الاستشهاد - الاقتباس في التصوير والزخرف. 
ا 
ل مامه : والسلماة للد ملسف : لمالمدة ميوت - 
.1993 ككع" بمدمطمااه أن بواتدع قم بممصمماة باطعمم8 لمق 
7- 8 ,1992 ,بلاط لك بوععمعلاتسمعامة : ع0 أممعل! ‏ 








48 533 بصعلا ,ممموه امعمنما - 
49- الهاجيوغرافيا ©28108000<نا شكل تعبيري يعمل على تفييد وذكر 
وات وسير الأولياء والصلحاء وذلك بنشر أخبارهم وكراماتهم 


حيوا 
وبعض أفعالهم ٠‏ 

.208 ك 5207 .1:8 بوزاممع لمن #العوهلعرمم8 . ,ولا - 
وأيضا : ميخائيل باختين : شعرية دوستوفسكيء البيضاءء دار 
قا اط 0 . 198 حيث يتحدث باخنين عن «الإصناف 
الأدبية الققصصية الأساسية داخخل !| المسسحي القديم”! 'نجيلء 
ومآثر الحواريين وسفر الرؤيا وحياة القدسين والشهداء 

0- مذ ("ءمتملعمك" علدا مانو ين غوعام0 5 مول - 
مالع له .1993 اليم 0094 ممومطوم 

















'ضمن ثنائية الحكي والخطاب وخصوصيات النص. 
- انظر : : هذ .ععسهمععائا أ عموناشسوملة : بلعم اعطعنهة - 
19817 عتاعطعما؟ له يكأيده لممتله مط ملام مع) بكاتدط عل مامكا 
52 5 بتعلا بكمعاعة8 مول -. 
53- تعالج ماري لويس برايت (ص5و29) تعسريف "الوعي الدائري" 
بكوثه نظرة مركزة للكون وتفسيرء وفق معطيات جاهزة حيث يصبح 

الوعي الدائري جهازا للمعرفة والحكم : 

4 للها 706 بمعرة. لمالموسة : سم ملام مقاط - 
.1992 مولع لادمة له بممقدما ,ومتاساتعكمسر 








259 


الفصل الثالث 





البناء والخصوصية 


ينهض النص الرحلي على عناصر تشيّد معماره الفني وتصقل 
خطابه من آثار الشغوي وبصمات التجربة ومسافة إدراكها وإدراك 
التقاطعات المتنوعة التي أكسبت النص تلوينات شتى تحولت 
وانتقلت ساخنة إلى دفء المكتوب وسط أشكال غنية . 

ولعل الرحلة من الأشكال التي تحفل بالفراء والتنوع 
باعتمادها على السرد استكشافا لخبايا عوالم الحكي المشدوذ إلى 
تجارب وخيالات تنبني وترتسم سردياء باعتبار السرد هو الصيغة 
الطبيعية في التشر الفني» والحامل لكافة المكونات الأخرى» 
والمرآة التي تكنز رصيدا يتنامى من الور والرؤى والتعليقات 
والقناعات والاحتمالات وصيغ الكتابة والتواصل» والأساليب 
المتنوعة أو المحدودة للشعبير» لأن الرحلة تقف في ملتقى 
علامات فارقة في الأدب في تماس بين نصوص سردية تعنى 
بعوالم فوق طبيعية وأخروية شديدة الصلة بيقين حالم ومفتقد يتم 





261 


تلمسه في ضوء المرآة بين التجربة والحقيقة والمرجع والمتخيل» 
وتجذير كل ذلك في الواقع والذاكرة والمكتوب مما يجعل النص 
الرحلي «حياء وسط تصادي نصوص مختلفة» الشيء الذي يؤكد 
تحول الرحلة من فعل مادي وتجربة معيشة إلى تجربة ذهنية 
محولة واحتمالية تورط الفعل المادي في «حوض التخيل؟. 

يقدم تحول الرحلة وتحول قنوات الواقع والذهن إلى لغة 
تخييلية تستحضر ما ارتبط بالحنين والتذكر» يقذم صورا ينقلها 
الراوي من ذهنه كما عاشها أو تخيّلها إلى اللغة بين مبدأي الواقعي ٠‏ 
والمحتمل» واستكشافا لخبايا اشتغال الصورة داخل البناء الرحلي 
وكيفية تشكلها وتمثلاتها المختلفة للرؤى والمسموعات 
والمتخيلات؛ وخضوعها لتآويل متباينة في النصوص الرحلية 
بأنواعهاء واختلااف رحالاتها باعتبار الصورة قناة متعددة داخل 
نص وخخطاب ينتعجان صوراذات سمات وطبائع معينة» وبالتالي 
فهي من هذا المنظور قطب التخيل ومسار الأثر اللامنمحي ؛ إنها 
رداء ونسيج لكل مكونات النص ومنطوقه ؛ في مقابل هذا تحضر 
ذات الراوي -في كل تجلياتهاء وبمختلف أصواتها المعبرة عن 
وعيها وتحولاته- باعتبارها استلهاما لأحداث وتأويلات 
واحتمالات وتخيلات. والذات الخالقة للتذويت هي الجسر 
والقناة التي تمر عبرها العناصر والمكونات. وتتشكل في ضوثها 
صورة الآخر» في اختلافيته وانسجامه من خلال صياغات مختلفة 
تقدمه في النص الرحلي وتشكل:منه صورة وموقفايعمم على 
العالم الذي ينتمي إليه هذا الآخر . 











262 


1- علم الصورة : تندرج الصورة وتمثيل الآخر ضمن مبحث 
علم الصورة 1016مع»1 الذي مافتى يتوسع ويخترق عدة حقول» 
مكتشفاقدرته على خلق أشكال من التواصل» مادامت هناك 
أشكال عدة لتّحويلات لا متناهية من الملموس إلى المجردء ومن 
الواقعي إلى المتخيل . وتصطدم كل محاولة لضبط وظيفة الصور 
في مؤلف أدبي بحواجز منها التحديد!؟». 

وتشكل الصورة اة في علم الصورة الذي يندرج في فرع 
الأدب المقارن©»؛ ويجد له في النصوص الرحلية مرتعا حقيقيا 
لإستنبات وإنتناج الصورء بحيث تشكل الصورة موضوعة في 
تمثيل الأنا والآخرء وكذلك بمعطيات مسبقة؛ وإسقاطات 
ومشاهدات» واحتكاك بثقافة وتقاليد هذا الآخر ؛ ذلك أن الصورة 
تحضر في كل خطاب مكتوب أو شفوي لتنسج عوالم تخيلية 
وقنوات جمالية للتواصل مع المتلقي؛ لهذا كان علم الصورة 
(الصورولوجيا) حقلا موسعا للبحث وتفكيك الخطابات للوقوف 
على «دراسة صورة مجتمع في الوعي أو في العمل الأدبي لشعب 
ما306». من خلال التوغل في بلاغتهاء أو اتخاذها قطبا في مواجهة 
قطب آخر» بالمقارنة بين صورتين» وبين وعبيين وصوتين وق 
عالمين» سواء من منظور واحد (الراوي) أو عبر منظورات منقولة 
ومحولة (أصوات الغير) حيث يتم تنضيدها ضمن قنوات الرصيد 
الثقافي والمعرفي للراوي؛ أو بتعبير ريفيردي (رنمعهة)© : لا 
يمكن أن تولد الصورة من المقارنة» وإنما من واقعين متباعدين. 

ويخضع تشكل الصورة لاعتبارات تجعل منها نصا تخييليا 















268 


لامتزاجنها بالذاتي والخيالي والمزاعم'9» وخضوعها لأسلوب 
المؤلف ونواياه وتأويلاته» ثم لأشكال التلقيات . والصورة» كما 
هي في النص الرحلي» بالمعنى الأسلوبي غير العام» تعبييرية» 
تسترد التجربة وتكشفهها ضمن مشهد لغوي تتضافر لأجله 
البلاغة والصيغ الأخرى التي تحقق بناء يترك في الذهن تجسيدا 
. معينا وأثرا واضحا. 
ويحفل النص بتشكلات صور ذات مسارات تنتج ' الآخر' 

وضمنها يتموقع موقف أو لاموقف الراوي؛ فضلا عن صور 
رة يمكن ترصّدها في أوصاف الثقافة والعادات 
يقيمها مع العامة والخاصة» ويمكن القول بأن 
الراوي-الرحالة يرسم صورة بتلاوينه الخاصة ؛ فصورة الآخر في 
الرحلات الحجية ليست» بالضرورة» صورة الآخر في الرحلات 
السفارية أو غيرها. وبالتأكيد فإن الصورة كما تشكلت في رحلة ابن 
فضلان تبدو مغايرة للصورة عند العبدري أوابن جبير أوابن 
بطوطة» إنها جزء من مادة الأسلوب © وأثر لغوي يرسم مسار 
الحكي والوعي» لا يتشكل إلا بتلاقحه مع آثار وصور أرى 
لاحب يتما وال لزه والرصكت» وكات 01 0 
للدلالة» تبلور أهم القضايا في النص باعتبار الصور مرتبطة 
ومتفاعلة مع كافة العناصر الأخرى البؤرية» فتصبح قادرة؛ بشكل 
عمليء على أن ُدثْر أي موضوع7: وتعمل على التوجيه والتأثير 
وهي تتسع وتتوغل في ثنايا الموصوفات والتمثيلات» فتشمل كل 
المكونات النصية لتصبح الرحلة نرصدا لإنتاج الصور المتجانسة 












264 


وغير المتجانسة» الحية والدينامية والأخرى الجامدة غير المؤثرة 
أوذات الفاعلية» لأن مسألة ترابط النص ككل يفضي إلى تنوع هذه 
الصمور ووضوحها باعتبارها خلاصات لتجارب ذاتية 
وغيرية» روحية أوفعلية» .من السماع والمشاهدات والتخيل 
والاحتمال والتخمينات» يعاد إنتاجها وصوغها ذهنيا باعتبارها أثرا 
وطروسا تخضع للميش » من جديد» في الخيال ثم في اللغة 











تنفتح السرود في الرحلة على صور مولدة ذات استجابة 
زدوجة للدلالة المجازية والحرفية؛ ثم على التحويلات التي 
يخلقها بُعد التأويل ضمن البرنامج السردي عامة . 

وتستقطب الصورة مسارا في كل نص باعتبارها منزوعة من 
حقلين يتكاملان : الواقع والخيال؛ فيتم تنضيدها مرتوية 
بالإختمال لتضطلع بدور دينامي متجذر يعمل على التشكل اللغوي 
باعتبار أن كل صورة هي طريقة في الكلام#©: وأثر غير أحادي بل 
منفستح على نسائج وطبقات وأصوات وتداعيات وسجلات 
وقنوات» يبني خحزانا اختياريا يعكس معرفة الراوي وقدرته على 
الدمثيل وفق مرتكزات أسلوبية معيئة» ثم تصبح الصورة حاملة 
الوعي بالذات وبالعالم» مؤطرة ة بمعطيات ذاتية ورؤى محكومة 
بمواضعات وخلفيات د 

ترتبط الصورة في الرحلات الواقعية بالذات وبالآخرء غير 
متورطة في البلاغة أو الإيحاء والترميزء وهو مايمكن تلمسه عند 
ابن الجيعان!©» حين يعمد إلى صور إحالية أكثر منها ابحائية يغذي 














265 


بها تشخيصات المرجع» ويستجيب لتأطيرات خلفية تعمل على 
التبليغ والإعتبار. 

2 - تمظهرات الصورة في الرحلة : إن الصورة في النص 
الرحلي هي اكتشاف الأثر ومماودةالنجرية فيه وسط المسافة 
المنجزة بين الفعل ولحظة الصوغ والتدوين» ويمكن تمثل 
الصورة التي هي تشكيل لمتخيل تجربة حققت نسقاصوريا 
بعناصره ومكوناته وخطابه باعتبارها استردادا للعجربة 
الماضية©21؛ وؤعيا بهاء فيتم التشكل بنسب متفاوتة في الوضوح 

> 3الإلتبناس نيّاتتظابقسة والتتخريف. لكن التنوع في الصور 
يعكس الموقف المعرفي والخلفيات التي سندت الصورة خاصة 
والرحلة عامة ؛ فهناك نصوص رحلية عدة؛ إضافة إلى ماتفرع 
عنهامن نماذج أخرى» ترشح بمعطيات وعلامات ذات زوايا نامية 

















ومفتوحة على آفاق وبرامج يمكن رصدها في ثلاث صور تأطيرية 
مهيمنة تتلاقح فيما بين وهي صوز التقديم وصور التجسيرء ثم 
0 


الانطلاق الطريق 


أ صور مم || ديز مجم 5-5-6 الموتف 








في كل المراحل وكذلك صور الموقف . يرز هذه الصوره!!؟ 
حالات لصيقة بهاء وهي حالات انفعالية» وإدراكية» واحتمالية . 


266 








لأن الصورة هي إحدى أدوات الخطاب الانفعالي الأكثر قوة2!12 
لور وعيا يكشف عن مشاعر وأحاسيس ضمن سلسلة من 
المتواليات المتداخلة بين الإطارات الثلاث والتي تندرج ضمن 





الصور الوظيفية المنفتحة على الصور الثقافية ذات القدرة على 
تكثيف التجربة في نسق مجاور لتجارب الغير ومعطياته المرئية 


والمسموعة والمتخيلة. 

1-2 صورالتقديم والريط : يعمد الراوي» تبعا 
لكرونولوجية الرحلة وخط سيرها الذي يفتستح الحكي 
والانطلاق» إلى التجريب وتشكيل صور تقديمية كبرى عن 
الخروج وعن ذاته وأحاسيسه» لهذا تجيء هذه الصور انفعالية 
مرتبطة بالوجدان» تستحضر الإغترا الإنكماش والتمدد» 
وتكون ذات وظائف استراتيجية» منها التقديم والربط والتنسيق» 
ففي ' الرحلة المغربية' للعبدري توصف الصورة التقديمية للذات 
وسط سياق سردي بأنها إشارية لكنها مثقلة بالأحاسيس؛ فتتحول 
إلى صور نفسية تُفهم من صياغات سياقية في وصف الأنا 
والفضاءات» ترتبط بالإنشراح أو التوجس . 

وتختلفء نوعياء الصور التقديمية في النصوص الرحلية. 
فمن صور اللمحة القصيرة عند ابن جبير إلى الصور العميقة 
الإنفعالية المرتوية بالوجدان» كما عند ابن بطوطة. وكلها في 
المحصلة صور تمثَّيّة تقدم الذات بصيغ ماء ولكنها تضمن 
التقديم وترسم أفق التواصل ؛ ففي نص (أبودلف)؛ مشلاء 
يلتمس الراوي صوراتعي وظيفتهاء وأيضا قوتها وقدرتهاعلى 








267 


إرواء باقي صور النص . ومن جهة أخرى. تغيب من نصوص ثانية 
هذه الصور التقديمية الكبرى (ابن فضلان)؛ خصوصافي 
الرحلات القريبة من التقارير السفارية. لكن صور التقديم تحضر 
في أشكال صغرى تتحول إلى مرايا مضيئة لتلك الصورء وإلى أداة 
ربط أيضا ؛ ذلك أن ابن بطوطة كان يستدعي في نصه الرحلي 
' الدلالي العام للنص وبالتلقيات 
لتقديمية الرحلية -ملقحة بآثار الإحساس 
تبة بين الغياب والحضور لخبرات وتجارب مكثفة 
تبحث عن توازن وقدرة لتوليد الصور وتطريز الدلالات. 

ومن أهداف الصورة التقاط عناصر عدة من العاا 
الخارجي 13 وأخرى حول الذات وتفاعلاتها. لأنها تمتلك 
خصوصياتها وتختزن وعيا بذات الراوي ضمن نسق جمالي لا 
تفصح إلا عن الضروري المرتبط بالسفر. فهي محدودةفي 
عطائهاء تدقدم بصيغتين اثنتين : الصورة المباشرة؛ أو غير 
المباشرة» وهي الممثلة في تقديم صورة أخرى عن موقف يعكس 
رغبات وبواطن الراوي. وفي كل الحالات يعتمد هذا التقديم على 
ال والتكتم أحيانا ويتراوح بين الإتكاء على الو. 
تحقيقا لنص فني » أو استبعادا لكل ذلك لحساب " التقرير" . 

إن تشكل الصورة التقديمية لذات الراوي يسُتبعد اللخ 
البلاغي والتفصيل» ويكتفي بالإيحاء دون النصريح» وهو تقتير 
يعمل على الربط ومد القنوات مع المرجع والمتلقي. 

2 . صورالتجسير ؛ وتبدأ في التشكل لغويا مع بداية 






















268 


وصف الآخر ؛ وهي تأتي لتجسير الفجوة بين صورة الأنا وبين 
الرحلة وأهداقهاء وأيضالجمع الأخبار المروية بصور 
تستوضحهاء فترتبط بالادراك في سياق مبدأ نسقي ينبني على 
دعامة البناء العام والكلي للتخييل» بحيث يتحقق الانفتاح في كافة 
الاتجاهات من جانبي الراوي والمروي له؛ وتدرسم مسارات 
تأويلية مولدة لسيرورات تواصلية - معرفية تُطوّر من الإستراتيجية 
الكتابية. فقدرة الصورة على الإنفتاح والتواصل رهينة بقدرتها 
على تخلقها إدراكا موسعا لا يقيّد الدلالة في حدود مسطحة» 
بل يؤهلهًا لتذويتات تستولد تُسغا مرآنيا يرفد الخطاب الرحلي 
ويمده بمبدأ التمثل الذي يرسم مسار الصورة التي هي مقدرة 
«تُولد من القصة4*6' والإدراك؛ فتتؤسس لنسا علائقية تنفضي 
إلى صورة ذات أثر لفاعليتها ومرتكزاتها التخييلية ؛ قهي بناء 
تواصلي مُحفز للمخيلة» يعمل على تفعيل السرد بالتفريعات التي 
يخلقها داخله. 90 

وحينما يتعلق الأمر بصورة التجسير فإن كل صورة هي بناء 
1 وول معطيات منجينة لمبالح نهم 
























والمرجعي المحتمل في أفق رؤية مشيدة لصور شم 

وتعني صورة الجسير الإنفنتاح من كل الزوليا على سجلات 
ومراجع بين التكون السا؛ في ذهن الراوي للصورة؛ وهي شكل 
مادي خام مباشرء وطاقة لغوية احتمالية مرتبطة داخل نسق كلي 
من التمثلات وعبر تقاطعات ملفوظية وعلامات تستجيب لآلية 








269 





خاصة وعامة» وأيضا لآليات التلقي المحكوم بمرجعيات 
وأفق انتظار ومبادئ. إنها إدراك مباشر ومادي في الرحلات 
الفعلية تتموقع بين إدراكين : إدراك قبلي تخيلي عن هذا الآخرء 
وإدراك يعدي تتم خلاله موضعة الصورة المنبنية ضمن صور 
لاحقة وفترة تنضيد وتوضيب وتركيب ٠‏ 

وترسم الصورة في الرحلة» فضلا عن الإدراك والتجسيرء 
إحساسا بالإنسجام يختلف من رحلة إلى أخرى ؛ بحيث يتشكل 
تلق مختلف من قارئ لآخرء وذلك ياخمتلاف النوع الرحلي 
وطبيعة تكوين الراوي وخلفياته المعرفية ؛ فالصورة عند ابن جبير 
هي غير الصورة عند أفوقاي» كما أن إدراك الصورة عند أبي دلف 
يختلف عن إدراكها عند ابن قنفد. إن الوعي الثقاني واللغوي 
للراوي هو السند المباشر,لقيام الصورة ؛ إضافة إلى الرعي 
السردي ؛ فابن بطوطة يعي منذ البداية أن نصه الرحلي يتخذ 
منحى حكائياء فيما يقرر العبدري إيراد سروده لبالمشاهدة شاهد 
البرهان» من غير تورية ولا تلويح ولا تقبيح حسن» ولا تحسين 
قبيح» بلفظ قاصد لا يحجم معرد ولا يجمح نيتعدى المدى2150. 

وفي ضوء هذا يتخذ التجسير مواقع اتحديد الآخر 
بصور غير موحلبة» وبالتالي غير منسجمة ؛ إذ يختلف تمثيل الآخر 
في الرحلات الداخلية (النصوص الزيارية) عند الرحلات خارج 
الوطن» بحيث تتحول الصورة إلى جسر يربط الذات بالآخرء 
وجسر للصورة المتخيلة القبلية نحو الصورة #الموجهة» أو جزءا 
منهاء لأن الصورة القبلية كلية» فيما الصورة الحقيقية جزئية . 











20 


ومن مستلزمات صورة الآخر تقديمات لصور تخص حضارته 
وثقافته وتاريخه من منظور رحالة عابر» ثم من منظور راو يحول 
المشاهدات إلى قدرة تذكرية ومشاهد غنية بخلفيات تبشر 
اللا مألوف والعسجائبي» وأيضا عناصر الإختلاف والتلاقي» 
فتصبح الصورة مسحولة إلى نص لغوي «حاملة لآثارعادات 
وسلوك:1©9©؛ وتمثيلات لغوية وذهنية للأنا والآخر. هذا الأخير 
انظل صوره في الرحلات العربية ذات سمات أساسية تنبني ضمن 
نسقية الشقافي والإجتماعي والتاريخي؛ فتبدو انطباعية غير 
حاسمة» وأحيانا تستند إلى معابير دينية أوأخلاقية تلتقط 
اللامألوف وتهمل بعض التفاصيل وتكتفي بمصدرية إلرؤية 
والإنطباع » مما يجعل أهمية الصور التجسيرية في ارتباطها باندسق 
الثقافي» وسطحيتها في انعزالها عن هذا النسق. 

3-2 صورا لموقف (التجسير عكسي الإتجاه) : 
يتحقق التجسير في مستوى عكسي الاتجاه» بحيث ينقل صورة 
الأنا - النحن كما هي ف وتصور الآخر عبر الحوار أو عبر نقل 
رأيهء أي الأناكآخر عند الغير وهي صورة مزجية : تجسيرية- 
تقديمية» واحتمالية. 

تتحقق تمظهرات هذه الصوز في تشكلها على مستويات 
0 الأول في الصورة المتضمنة للموقف ولشحنة 
اللارامات: وتات المكان» فعبره تفرز مواقف 
صغرى لأمكنة العبور» ومواقف كبرى تتعلق بالمكان الهدف 
المقصود. وتختلف هذه الصور بين مشاهد صذامية (العبدري)» 














271 


وأخرى متساكنة (ابن جبير)» وداخل هذا الإطار تتجسد صورة 
الآخر في ارتباطها بمعطياتها ومحيطها. 

المستوى الثاني صورة التحن كما هي في ذهن الآخرء 
والمتشكلة في موقف يعبر حن رأي الأخر في الأنا. و برأي الأنا في 
الآخر كمايفهم ذاته من خلال موقف الآخرء دون أن يستطيع ٠‏ 
النص الرحلي استكمال زاوية المرجع بايراد كيف يفهم الآخر ذاته 
عبر موقف الأناء بحيث تصبح صورة الموقف بدلالتها صورة 
للعبور» مرة ثانية» إلى الصور التقديمية (النابلسي) ‏ 

تعمل هذه الصيغة التبادلية» المحمولة عبر صوت الراوي 
لقنواته الخطابية» على تعديد صوره والاضطلاع بإنتتاج مصادر 
أخرى للصورة» بصفئها معلومة في شكل أحكام وانطباعات تتعلق 
بالفضاء الذي ارتحل منه» أو بذاته؛ مثل مانجده عند العبدري 
وهو ينقل سرودا بصوته عن ألسنة الفقهاء والشيوخ» في شكل 
صيغة تذويت الصورة الت تفضي إلى صياغات سردية ممكنة ؟ 
وبهذا الشكل تثوي تعقيدا يجعل منها شبكة مكثفة من الرموزء 
واللامقول» والمنمحي؛ واالمحرفء والموهم به والحقيقي» 
والخيالي والمختمل» فيصعب القبض على الصورةافي كليتها لأن 
الرحلة هي فسيفساء من جزئيات مبنينة» يتخذها الراوي تمثلا 








اقب وتداخخل أشكال الصور الثلاث وهي ترفد بعضها 
البعض» في تقاطعات وتفاعل» تخلق دينامية نصيةٍ في الرحلة» 
بحيث إن تشكلها ضمن المكونات السردية الأخرى يجعل النص 





272 







تشخيصيا واحتمالياء يكسر الو 
كمايولد مشاهد متراكبة وو: 
الإشتغال السردي عند الراوي؛ وأيضا صيغة التعالقات داخل 
الصورة مع الذات والآخر والفضاء واللغة وهي نسائج تحفيزية 
للحكي وأنويته. والصورة في هذا المسعوى تشسخيص للوعي 
بالذات وبالعالم» تعمد إلى تحديد سمات أسلوبية ودلالية» 
تساهم في توجيه الإدراك العام بخلق انطباعات متعددة . 

كما تقوم الصورة ف 
البسيط أو المعقد؛ فتجي: ب قصي 
والثعبير القريب» حتى تؤسس للتواصل وتكوا 
أن الصورة» وهي تحقق مبتغاهاء تختزن في لاوعيها النصي الرؤى 
والأحلام» عبر حضور متعدد بين صور حنينية» تصبح «طريقة في 
الوجود»17) والحياة؛ ‏ وأخرى مد. مقابل صور في الذم. 
لكن المهيمن هو صورة التمثل : تمثل الذات والآخر وما تفرزه 
هذه الصيغة من تنوع . حيث في النصوص السفارية تُهيمن الصورة 
المقارنة على الصورة الوصفية في الرحلات الحجية والزيارية . 

ويتسيح هذا التنوع إمكانات لملاحظة صور تدعم بتعضها 
البعض من صور مشهدية؛ ولمْحية محايدة؛ وايحائية» 
ومرجعية» وتأسيسية بحضور يتفاوت في جل النصوصء لأن 
المشترك بينها هو طموحها في «ترجمة فكرة أو خيال:219: أو 
أحلام واستيهامات. إن كل صورة حيوية هي انعكاس لآثار 
وأحاسيس ساخنة اغتملت وتعتمل في ذهن الراوي. وتستقطب 


إقية التي قد يحيل إليها الجنس» 









278 


مها - الرحلة فى الأدب العريى 


الصورة في إطار تشكلها أدوات أسلوبية وبلاغية إضافة إلى عنصر 
«محرك ومولد هو الوصفء باعتياره اطارا:: 
بعدما يكون السرد قد هيأ المهاد حكياء 
لترجمة الصورة وشبكتها إلى صور لغوية ثم إلى جهاز قائم ؟ 

كان الوصف متحررا من التقريرية كان الجهاز الرمزي متجذرا 
ومرنا وقادرا على ربط علاقات * ماكرة' مع المتلقي ٠.‏ 

3- مبدأ الوصف : يغني النص الرحلي مكون الوصف من 
حيث السبد العام الذي وجد لأجله؛ في مستون» وإ كان 
الوصف يشتغل حينما يتوقف الزمن» ففي الرحلة يتتعش الوصف 
عندما يشحرك الزمن» فيبدو في الظاهر متوقفاء ولكنه في هذا 
المستوى؛ بطيء يتأهب للإنطلاق حتى يُهيئ الفرصة للوصف. 

أما المسئوى الثاني » فلا يوجد وصف مباشر في الرحلة 
وهي تعاش من طرف الرحالة؛ لكنها وهي تصير كتابة» تتحول * 
معها الأحداث المنضدة وأيضا الأوصاف الفارزة للصور باعتبار 
الوصف أساس الرحلات29. 

ويجيء كل وصف مذونًا وطموحا لإظهار الموضوعية 
والإلتزام بهاء خخصوصا حينما يتعلق الأمر بسرد #رحلة» ذات 
مرجع واقنعي» وسيت حول إلى شرود وصور يؤطرها النجار 
والإستعارة بخيوط المقارنة. 

تتطلق العناصر الأساسية التي يعتمدها الوصف في ناد النسق 
الجمالي للصور في الرحلة من العين واللغة؛ تجمعهما شبكة 
عمليات يترتب فيها المرجع الواقعي والذاتي والغيري والثقافي... 















274 


إلى جوار الخلفيات والتأثيرات المستحكمة في النسق اللغوي. 
من ثمة فكلما كانت الأوصاف ثرية بحمولتها المعرفية وأسئلتها 
القادرة على التفاذ إلى كنه الصور والموصوفاتء استطاعت أن 
تغذي مخيلة المتلقي وتجعل التواصل مستمرا. 

وتندرج المشاهدات التي يراها الرحالة ويسمع بهاء ضمن 
الذاكرة» فهي المادة الأولية التي تختزن في الذهن وتتفاعل مع 
استيهامات وخيالات و«صور مسبقة» عن الأشياء؛ فتتشكل 
الصورة التي تجيء مخصبة وثرية حيناء وجافة تقريرية وبإهتة 
حينا آخر الأولى تكون الصورة احتمالية مهما تجذرت في 
اليقين » وفي الثانية تظل علاقتها سافرة وواهية. 

من الذي يرى ويصفء هل هو الرحالة أم الراوي؟ فالراوي 
يتموقع بصفته قناة للوستحضار بفعل ارتجاعي يستعيد وقائع 
وأحداث يراها هامة في يناء نص رحلي» وهو بذلك يمارس التذكر 
من خلال السرد والوصف؛ مستثمرا ‏ 1 














الرحالة وذات الراوي والسجلات التي تطوّرت بينهما ‏ 
وينهض الوصف من الذاكرة المنتجة استنادا إلى الماضي 
الذي يوحي بتطمسينالقارئ» لإدراكه أن الأحداث منتهسية 


ومحسومة التنائج» فيلجأ في وصف الصورة إلى بنيين : بن 
الصورة التي يكون طرفا فيهاء يصف حالته أوواقعة مشهدية» 
يقول ابن بطوطة في هذا السياق : 

«فلما كان الليل دخلت القرية ووجدت دارا في بيت من بيوتها 








275 


شبه خابية كبيرة» يصنعونها لإختزان الزرع» وفي أسفلها تقب يسع 
منه الرجل» فدخلتها ووجدت داخلها مفروشا بالتبن» وفيه حجر 
جعلت رأسي عليه ونمت» وكان فوقها طائر يرفرف بجناحيه أكثر 
الليل وأظنه كان يخاف فاجتمعنا خائفين»00©, 

ثم هناك أيضا بنية الصورة الوصقية التي يكون فيها 
الراوي طرفاغير مشارك ولكته ليس محايدا باعتبار حضوره 
ومشاهداته ثم روايته للخبر : 

«وفي بعض تلك الجزائرء رأيت امرأة لها ثدي واحد في 
منترفا: لها ايان إخدقهها كبالها ذات الي واحداء والأخرى 








الوصف هنا مذوّت» ترتوي فيه الصورة من آراء وانطباعات 
الراوي الذي يروي عن إعجاب وتأثير اللامألوف ؟ فالصورة 






الفنية داخل نسق وصفي وجمالي» وفي سياق انتقالي من تجربة 
إلى أخري لغوية هي شيء له معنى2206؛ يجعلها مذّوتة تمتح من 
المرجع الخارجي والذاتي» لهذا ينتفي الحياد في الوصف 
ويحضر صوت الراوي ورؤيته المزدوجة في الصورة حضورا 
يبرز تعليقه ووجهة نظره الضمنية أو الصريحة» بحيث 
تختلف طبيعة هذه الرؤية من المرونة إلى الحدة. فالعبدري 
5 كل صورة يُشهر أحكامه صرّاحة» على عكس 
ابن فضلا وبنجاء بي الفيليء » إلى الوصف وإيداء 
الإعجاب أو النفور فقط 








276 


يقول العبدري واصفا إحدى المدن : «وهي للجهل مأتم وما 
للعلم بهاعرس. أقفرت ظاهرا وباطناء وذمّها التعبير يها سائرا 
وقاطناء تلمع لقاصدها لمعان البرق الحلب وريه ظاهرا مشرقا 
والباطن قد قطب» اكتنفها البحر والقفر واستولى عليها من عربان 
البر ونصارى البحر النفاق والكفر وتفرقت عنها الفضائل تفرق 
الحجيج يوم النرء لاترى بها شجرا ولا تمرا ولا تتخوض في 
أرجائها حوضا ولا نهرا ولا تجتلي روضا يحوي نورا ولازهراء بل 
هي أقفر من جوف حمار وأهلها سواسية كأسنان الحمار»!3©. 

لتقف مساهمة الوصف في بناء الصورة عند ماهو ظاهر» 
وإنما تعكس الترسبات النفسية بحيث يت 
بطوطة في بعض مراحل رحلته نتيجة أزمة طوقته فكانت الصورة 
هي المتنفس الذي يفتح الدائرة للإنتقال» فالوصف الذي يتحرك - 
ظاهريا- في زمن مجمد هو عتبة الدينامية السردية والتخلص من 
نقطة ثابتة نحو أخرى حركية . 

وتولد الصورة أيضا مع الدهشة التي تستأ الرحالة؛ فيعمد 
إلى رسمها تأكيدا لها ؛ ويثبت“ ابن بطوطة في تحفته صورا تخلّقت 
إثر َمَشه مما رأى أو سمعء شأن ابن فضلان وأبي دلف . 

.سام شبكة الوصف مكل صورعه في تتميل السرة 












»فيصبح الوصف نوا للصورة نم المشهد 
مما يفضي إلى تكون مبداً تأث لع سك علا لراسلن 
المتلقي» وفي التضاعل الإتناجي للصور وللدلالات ذات الوق 


27 


الفني والجمالي» مُحققا مجموعة من القيم الوصفية20©, 
يتمظهر بعضها في النص الرحلي كالتالي :. 

- القيمة الديكورية : وعبرها يكون الشبات واضحا من 
الأسلوب والزخرفة فيه» حتى 
تنحول الصورة إلى جزء من ديكور عام للمشهد؛ وهي قيمة 
الاتتحقق كثيرا ف في النص . 

- القيمة الشفسيرية : وتكون في مستوى أعلى من تقديم 
معلومات حول الفيزيقي والسمات الخاصة» وذلك لأن الصورة 
توضع للمقارنة أو لاستكمال تو في سياق الرحلة . 

- القيمة الرمزية : ويمكن تلمّسها في غنى الأوصاف 
المتنوعة حول ماهو اجتماعي وتاريخي وثقافي؛ مما يعطي 
للمتلقي -المتنوع- مجالا ثريًا لفك شفرات تلك الصور واستنتاج 
مايفيد الحقل المشتغل في 

- القيمة الدينامية : وتعمل على تفعيل السرد وتوجيههء 
لوجود فُعْلي الاتنقال والتشوع» مما يكسب الوصف أداة إجرائية 
هي الممّارنة» فضلا عن القيم الأخسرى» ويصببح الوصف 
خلفية لتفعيل السرد ؛ فالسفر يقود إلى المشاهدة ثم إلى 
الوصفء, وبعد ذلك التعليق أو التحول إلى السرود بحثا عن 
مشاهدات أخرى أو استرجاعات وصفية مستدعاة من المؤلفات 
اللجغرافية الوصفية ذات التأثير البيّن تاريخيا على النَص الرحلي أو 
النصوص التاريخية. 

يمتلك النص الرحلي مدّونة وصفية تمثل الجهاز الذي يحرك 

















278 


الصورة ويرسم أفقهاء ويتخصص الأمر أكثر على مستوى الشكل 
التعبيري؛ ببحيث إن مدونة الرحلات الحجية-الزيارية ليست هي 
مدونات الرحلة السفارية» مثلاء إضافة إلى الاختلافات الأخرى 
' في السمات الخصوصية لكل رحالة على حده» وتمظهراتها بين 
التبسيط والتعقيد بين الإسراف والتقتير ؛ وهو مايبدو تجسيديا 
في طبيعة الأوصاف والصورء فلا يحيد الوصف في النص الرحلي 
عن الأنا والآخر ومايصاحبهما في الزمان والمكان ؛ وا الكل يندرج 
في إطارين كبيرين هما المادي والمجرد الروحي : 
- الأوصاف الخاصة بالمجرد وتنصب على الذات والحنين 
والتذكر والأهداف الدينيية» والعلمء والعلاقات؛ والأفكار» 
والقيم ؛ فالعبدري في رحلته يؤثت خط سيره بصور من هذا 
القبيل » يلتقطها مجردة من حمأة شعوره الساخن» فتأتي مقتصدة 
خوفا من الإسهاب وابتراد الصورة . 
- الأوصاف التي تخص الملموس وتتعلق بكل الصور 
الأخرى الواردة؛ سواء كانت خخارجية أم داخلية» وتقترب في 
العموم من الطريق والعمران والأشخاص ومن تقديم الآخر. 
وقد أصبح الوصف وتقديماته من المكونات الأساسية في 
النص الرحلي؛ وأساسا في مجال تشكيل الصورة التي تساعد على 
فهم آليات رسم صورة الآخر والأناوتمظهرهما وسط ثقافة وفي 
مجتمع له قيمه وأعرافه. 
1- مسار التذويت : الرحلة نص مذوت وخطاب يضيء عدة 
بؤر من ضصمنها “أنا' الراوي» باعتبار السرد الرحلي «سيرة ذاتية؟ 





279 


شذرية» محدودة في الزمان والمكان. إنها مشهد سيري وذاتي 
وبيوغرافي يخص لحظة زمنية مؤطرة بسفر «ذات» تحمل أحلامها 
وتطلعاتها ومعارقها وقيمها . 

يستخدم الراوي السرد بتنويعاته من أجل السيطرة على القارئ 
عبر استراتيجيات من التشويق وبناء الحكاية الموازي لبناء الذات» 
وتذويت الكتابة التي هي فاعلية التشكل والحكي الداخلي من 
الذاكرة وقنواتها مع اللغة والخطاب. 

والتذويت بهذا المعنى هوذات منتجة لملفوظها وخطابهاء إذ 
يطال جميع المستويات بما فيها الكلام الواقعي والاستيهام 
والأحلام29 وفي النص الرحلي يتنج فعل الكتابة حوارا مع 
العناصر الثقافية والفكرية والاجتماعية واليومية» مع التشكيلات 
التخييلية من خلال الحضور الملح للذاكرة وأصواتهاء ومن خلال 
تحققات التحويل والتماس بين الشفوي والمكتوب» وبين 
المرجعيات الحاضرة في النص وانصهارها في التاريخي 
والايديولوجي واللاشعوري ضمن متخيل كلي يعطي مرجعيات 
مذوتة20» تلتقي مع علامات غافية وأخرى بارزة في شكل لغة 
الكلام وستجلات الرصف والتأمل والنحوار” 

إن فعل تّذويت الكتابة يشتحقق من خلال فعلي الإنصهار 
والحوار بين طبقات قولية ومدونات ومعاجم وآثار وصور تؤسس 
لمتخيل ومسار كتابي» من أجل إقتاع المتلقي بالمكتوب المقدم 
إليه بذلك الشكل وضمن نسق متضمن لمعرفة؛ ولقيم حاملة 
مسار صوت مهيمن وتمثيلات مرجعية . فالحديث عن الذات عند 


2620 





وراء سروده» شاهدا وساردا ومعلقا مراوحًا بين الذاتي والغيري 
عبر الذاكرة والتوثيق . 
إن بُعد الذات في النص الرحلي يتمثل بصفته كينونة 





لتشخيص الغياب (الماضي) داخل نسق سردي» هو سيرورة 
تواصلية بين ذات الرحالة وذات الراوي» فيقدم النص الذات من 
منظور هذه الأخيرة؛ من خلال بنيات سردية وقاعدة تخاطبية 
وإحالية تقوم على التواصل والإقناع . 

والرحلة؛ من هذا المنظور 








علاقتها بذاتها وبالآخرء باعتبارها 
0 وتشكيلا لمرايا تعكس الأحلام 
والرغبات والأصوات الثاوية للذات» حيث 
التمثل كوى على عوالم الاحتمال والتخيل . : 
النص الرحلي عبر حضور الراوي في كل حركات النص وسرده 
الوقائع وأخبار وأوصاف من خلال رؤيته وخلفياته» والتي تبصم 
السرد وتطبعه في مستويات التحقق؛ وأيضا حضور النوع الذي 
يقوي أو يضعف حضور التذويت. 

ولعل وجود الراوي بارزا في الرحلة يجيء من كونه صوت 
المؤلف-الرحالة الذي يحكي تجربة التحم بهاء وتشكلت لديه في 
صور ذهنية تحولت إلى نص لغوي يفرز خطابا يحمل «فلسفة 
وقناعات» الرحالة-الراوي وسجلاته. فكل كتابة سيرية -كما 





281 


النص الرحلي في بعض الوجوه- تتطلب مسافة بين الراوي السارد 
والمؤلف الفاعل» حتى يتحقق الوعي السردي وتتمكن الكتابة من 
تحرير كلماتها ومرجعياتهاء لتوليد مرجعية جديدة احتمالية مقطرة 
تلتقط الأثر وتذّخره في بناء رمزي» استعاري . 

تتطلب المسافة بين الراوي والتجربة اختمارا وفترة زمنية 
ونفسية يتخلص فيها الراوي من الأثر المباشر للتجربة» وينفصلٍ 
عن الرحالةالفاعل والمنفعل حتى لا يصبح النص وعاء 
التفريغات» أكثر منه بئية جمالية وفنية . وفي هذا الموقع» تصبح 
أهمية المسافة ضرورية كي يصبح الراوي هو المتحكم في صياغة 
التجربة وفي المؤلف وليس العكسء أي أن «أنا» الراوي ليست 
جامدة وإنما هي فعل دينامي يفرز إدراكا باستقلاليته عن المؤلف . 

إذن» فالمسافة بين الرحالة والرأوي ليست ملتحمة بشكل 
مطلق وإنما هناك تراوح في بعد ضروري يتخلّق ويجعل الرحالة 
متملكا لمسافة بته التي تُسعفه في توليد إدراك متحول 
عن إدراك الشجرب إليها باعتبارها كلا متتهيافي الزمان 
والمكان» ولكن فعلها يستطيع أن يغير -بتفاوت نسبي- في رؤى 
وقناعات الرحالة» كما كانت لديه إيَان انطلاقه. فشخصية الرحالة 
تجعلنا نفهم النص» ومن ثمة ضرورة وأهمية مسعرفة من 
يرحل29©. ذلك أن الرحالة في بدايته» ليس هو في نهايته» كما أنه 
ليس هو أثناء تدوينه للرحلة والتي هي تجربة بآثارهاء شخصية 
كانت أم متناوية بين الذات والآخر من خلال الرؤى والمشاهدات 
والقراءات» حيث حصيلة التفاعل مؤكدة في كل المراحل ؛ 









282 


فالمسافة غير ثابتة» تتحرك بشكل تتقلص فيه حينا وتتمدد حينا آخر 
تبعا للنوع الرحلي وقدرة تحكم الراوي في أدواته ووسائطه . 

ففي حالة تمد المسافة بين الراوي والرحالة» يصبح ضمير 
المتكلم جزءا من بنية» يتبادل مواقعه مراوحا بين ضمائر أخرى 
مذوبة في ضمير الغائب وفي ضمير الجمع فيبدو كما لو أنه يروي 
حكاية عن ذوات متعددة» ضمنها ذاته. 

يحيل ضمير المتكلم الجمع الذي يحضر في العديد من 
النصوص الرحلية على حس جمعي مشترك؛ وعلى تحقق 
الانفصال بين أنا المؤلف وأنا الراوي؛ ومن نتائج هذاء الحركية 
التي تبصم التراوح داخل المسافة» فيتحول الراوي من شخصية 
(رحالة) إلى شخصية ات وظائف» تمارس وسائط 
متعددة أهمها تذويت الخطابات وا والسجلات التي ينقلها. 

ويتحقق الإيهام كلما تمددت المسافة وبدا التذويت شفافا 
وشاعرياء والعكس نسبي ؛ وهو مايتضح بجلاء ف في الفقرات 
السردية» إذ تسير الحركة نحو التقلص و«الارت 9 
المسافة ضيقة بين الراوي والرحالة» لأن التذويت لاب 
جيدء كما أن السرد والوصف ينحوان نحو التقريرية وعدم التعمق 
في رسم الصورة؛ بينما تتجيء حركات التمدد في المسافة الواسعة 
بين الرحالة والراوي؛ فتبدو السرود #ناعمة» قريبة من المشاعر 
والوجدان وكل متعلقات الحنين والتتذكر ؛ وتندرج رحلة ابن 
بطوطة في هذا النمط تحقيقا ساميا لعلاقة الراوي بالرحالةٍ» ذلك 
أن موقع الراوي في النص ينتج علامة لكيان مرجعي متعدد 














283 


الحضورء فهوعموما رحالة وليس كاتبا مهنيا محترفاء يمنحه 
السفر ربط كافة المواقف مع إبقاء البطل الواحد 29 الحامل 
للرسالة الإستثنائية التي تدفعه لاحتراف الكتابة في موضوع 
يخصه» ويرتبط به من جانب نوعيته» بحيث يمكن أن يكون فقيها 
واعظاء أو سفيراء أوحاجاء أو زائرا أورحالة؛ متجولا وأديباء 
وقد يجمع بين أكثر من صفة. 

2- الراوي في الرحلة وفي السرود العربية : يختلف 
الراوي في الرحلة عن الراوي في السرود الحكائية الكلاسيكية» 
حيث هو اناقل لتراثه وتجاربه وتجارب الجماعة؛ ينقل هذا إلى 
مستمع أو قارئ بوصفه مشاركا أساسيا في عملية القص»60 ؛ 
وتستعمل الرحلة أيضا راويا متخيلا يتماس مع الواقعي في بعض 
الوظائف التقنية . 

إن الراوي في كل نص هو أداة وسيطة يظل جامدا ومحايدا أى 
حيويا وفاعلاء يُسهم في خلق التخييل» وكلما كان حرا ومتحررا 
من التوجيه أبدع» حتى ان ميزات الراوي في السرود القديمة تكاد 
تكون متقاربة رغم الخلاف الذي يمكن حصره في نقط محددة ؛ 
وهي أن الراوي في الرحلة واحد» فاعل ومشارك بالضرورة» 
ومنتج للنص وهمنظم للحكي ومخرجه؛ إنه راو وممثل مجرب» 
وموضوع التجربة» يسجل مذكرات أفعاله وحركاته بطل قصته 
الحقيقية»!!©» يسير وفق خطة رحلية تتحكم في النص كله 
يطغى عليها التأريخ وبعض التقرير» فيما الراوي في السرود 
القديمة متعدد وغير مشارك في الغالب؛ يروي في شكل غير محدد 


284 


مسبقاء حيث الحكي يغلب على التأريخ» لكن مواقع الالتقاء 
تكمن في بحثهما المستمر عن المتعة والمعرفة والاعتبار والقيم» 
وكلاهما عالم بكل شيء تقريباء ينهج التسلسل الحكائي وتركيز 
رؤية مهيمنة متساوقة مع تخفيت الأصوات الأخرى . 

ونلمس بعض التسقارب بين راوي الرحلة والراوي في 
المؤلفات التأريخية» فكلاهما يحمل صفة ناقل أخبار وأحداث 
مؤرخ لها مع هيمنة الأخبار في زمن أوسع في التاريخ» 
هذه الأخبار التي يلاحظ تقلصها في فترة محددة دون الاهتمام 
بتفاصيل أكثر ؛ وكلاهما أيضا يزاوج بين الحكي والتأريخ» فراوي 
الرحلة يعزز الحكي بالتاريخ» بينما يلجأ راوي التاريخ إلى تعضيد 
أخباره بالحكي . 

إن راوي الرحلة بحّاثة عن حقائق ويقين وهوية لن يجدها في 
رؤيته التي تضيق مع القرب؛ وتتسع في مسافة البعدء فيلجأ إلى 
التأريخ من خلال مستويين : الأول باعتماده على التواريخ 
المكتوبة والشفوية للحفر عن اليقين والهوية؛ والثاني ممارسته 
للتأريخ عن ذاته والآخر ومشاهداته» أماراوي التاريخ فهو باحث 
عن هويات وحكايات يخفي بداخله رحالة كما يخفي الرحالة 
بداخله مؤرخاء وهما معا يتقاطعان في الوظيفة السردية» بحيث 
تكون العلاقة بينهما متصلة ومتفاعلة6©. 

يحكي الراوي نصه الرحلي بضمير المتكلم المفرد أو 
الجمع؛ فيحقق نوعا من الارتباط بالجنس الرحلي وبالأحداث 
وبذاته كراو مؤلف ورحالة» فتصير الظروف الاجتماعية للرحالة 








285 


وتحركاته العملية وجذوره الجغرافية ذات تأثير ملموس على 
خطابه'233: مما يفرز صورتين للراوي من خلال الضمير : 

الأولى يتمظهر فيهامن خلال الفمائر المرتبطة 

بالجمل الفعلية هي حركة تحكي عن انتقال في الزمان 

والمكان؛ ويكون مقرونا بأخبار طارثة تزند الحدث وتمهد 
لأحداث أخرى. 

«ثم سرناحتى قدمنا #ساوة» فأقمنا بها يومين» ومنهنا إلى 
"الري' فأقمنا بها أحد عشريوماء نتنظر أحمد بن علي أخا 
صعلوك لأنه كان ' بخوار الري' . 

ثم رحلنا إلى 'خوار الري" فأقمنابها ثلاثة أيام ثم رحلنا إلى 
'سمنان ' ثم منه إلي 'الدامغان" وصادفنا بها "ابن قارن' من 
قيل الداعي» فتنكرنا في القافلة» وسرنا مجدين حتى قدمنا 
'نيسابور" وقد قتل "ليلى بن نعمان" فأصبنابها 'حمويه كوسا" 
صاحب جيش خخرسان . 

ثم رحلنا إلى *"سرخس " ثم منها إلى "مرو" ثم منها إلى 
'قشمهان" وهي طرف مفازة "آمل" فأقمنابها ثلاثة أيام» نريح 
الجمال لدخول المفازة»64: 

تبوح كل الأفعال الواردة في هذا النص بالحركة التي تحفز 
الفعل لأن الراوي يربط الحركة بإنجاز أو بحدوث شيء»؛ فالسير 
تلاه القيام والانتظارء ويرتبط الرحيل بالقيام وبالمصادفة وبالتتكر 
وبالاستخبار عن مقتل ليلى بن نعمان» مما يعطي للجمل الفعلية 
المتصلة بالراوي رغبة وقدرة تتحققان بالقوة والفعل. 


286 


الثانية حيث يبرز الراوي في أفعال خفية» محركا للأحداث 
أوشاهدا عليها غير معني بهاء ويتعلق الأمر بأفعال المشاهدة 
والتعليق والتتخيل» مثلما عند ابن جبير وهو يرصد مايرى : 

«ومن أعجب ماشهدناه في يوم الإثنين المذكور أن صعد 

بعض الشيبيين أثناء ذلك الزحام يرومون الدخول إلى البيت الكريم 
فلم يقدروا على التخلص فتعلقوا بأستار حافتي عضادتي الباب» 
ثم أن أحدهم تمسك بإحدى الشرائط القنبية الممسكة للأستار إلى 
أن علا الرؤوس والأعناق فوطتها ودخل البيت»50©. 

يؤكد الراوي وجوده في النص الرحلي عبر ثلاثة مظاهر 
أساسية : فهو راو شارك فعلي لوحده أو مع الجماعة ؛ أوراو 
غير مشارك» ولكنه شاهد بالرؤية أو السماع . 

وتكون الأنافي التمظهر الأول متحركة وفاعلة ؛ وفي الثانية 
ساكنة ومنفعلة ؛ و«الأناتان» تنفاعلان في ما بينهماء بحيث إن 
الحركة الأولى قد تدفع للحركة الثانية؛ كما قد تؤسس الحركة 
الثانئة لبروز الحركة الفاعلة . 

يسرز التسمظهر هذا في كل النصوص الرحلية بمستويات 
مختلفة» ففي الرحلات الحجية والزيارية يكون التوازن أصلا 
'ومرجتحا تسيا للصورة الأول خصوصا إثاما تمددت المساقة 
بين الرحالة والراوي باع بار أن هذه النصؤص ء إضافة إلى 
الرحلات الأدبية-العلمية هي رحلات شخصية تنجز لحساب 
الذات والرغبة في إنتاج فكرة أو رغبة . 

أما النصوص السفارية» فإن الصورة الثانية هي المهيمئة» في 


27 


جلهاء مع حضور عناصر لاتوجد في النصوص الأخرى بإبراز 
الإغتراب في #بلاد الآخر»» وأيضا نوع جديد من المشاهدات غير 
المألوفة التي تضع الراوي بين الاستحسان والاستنكار ؛ كما أن 
الرحلة السفارية تنجز فعلا لحساب الغير» وكتابة للأنا والغير في 
آنء بينما تطفو الصورة الأولى في الرحلات 
الراوي بصفته قطب يبحث عن المعرفة و!| 
أهام اختيارات مستمرة. 

وتتعلد المستويات وتختلف مع الأشكال الرحلية ومدى 
انسجامها أو لا انسجامها في المسافة الممكنة بين الرحالة والراوي 
من جهةء وبين الراوي والنص ثم الخطاب من جهة ثانية» ذلك أن 
«كل ملفوظ يبحمل في ذاته آثار تلفظه وفعل إتداجه الدقيق 
والفردي36© ضمن سسجلات ذاتية تتجلى في المعرفة الذاتية 
للراوي وأقواله» ثم صيغ تقديماته لذاته ومعارفه عبر ضمير واضح 
أو من خلال تقديمات خارجية عن حضور الكتابة باعتبارها 
موضوعا لفعل الرحلة» حيث «تنجز بالتدخل في المُعطى» تغييره 
وتحويره وإعادة تركيبه لفائدة المستكشف» 2377 ويمكن تمحيص 
'أنا* الراوي من زاوية أخرى» ذلك أن النصوص الرحلية تأتي في 
صيغتين كبيرتين : 

* راو عاش التجربة ثم دونها بنفسه . 
* راو عاش التجربة ثم رواها وكتبها غيره. 

تندرج في الصيغة الأولى أغلب الرحلات» دون أن يفقد 

التحويل نسغ الارتباط في تلك المسافة ؛ أما الصيغة إلثانية والتي 


















288 


يمثلها نص التحفة لابن بطوطة» فإن صياغات | جزي أو عمله 
التركيبي أو التنقيحي يفقد النص توهجه الفني ؛ في حين يُمكن 
الحديث عن ارسمية» وتتعلق بتدوين رحلات الملوك 
والنسلاطين من طرفب مرافق في الرحلة؛ من كتاب الدواوين» 
يكون نخاصا لذلك وتسمى رحلة أو حركة68. ٠‏ ويُساهم الشكل 
الفني في توجيه "الأنا' وتحديد مواقعها ومدى تدخلاتهاء 
خصوصا وأنها تتلون بآثار التجربة التي تخوضها ؛ ذلك أن 
النصوص الحجية والزيارية أساسها تجزية روحية» مقابل التجربة 
المادية في الرحلات التجارية» فيما يخوض الرحالة تجرية النقل 
والتواصل في النصوص السفارية ... ويبقى الراوي يبقى واحدا 
لأنه عاش تجربة كان لابد من التفاعل معهاء والمهيمن فيهاإما 
الروحي أو المادي أوهما معا ؛ أوتجربة أخرى ت 
هدف محلد. 

3- وظائف الراوي : يضطلع الراوي في السرد الرحلي 
بوظائف تمليها طبيعة الجنس الذي يكتب فيه؛ ومواضعات النثر 
السردي الكلاسيكي» خصوصا وأن الراوي في الرحلة» وظيفياء 
يلتفي مع الراوي في الحكاية الكلامنيكية لأن الوظيفة بشكل عام 
هي أداة إجرائية تعمل على : 
نشر الحيوية في شرايين السرد. 
- تنمية مسارات الحكي » وتخصيب السرود. 
تنظيم الحكي وتخليق التوازن بين الآنا والآخر. 

٠‏ - تذويت المحكي.. 





























289 


م -الرحلة فى الأذب العريى 


- تجذير الرؤية والوعي . 

- الربط والتنسيق بين الخطابات وتنضيدها. 

والراوي الذي يقوم بهذه المهام أو يبعضها وغيرها ويتقاطع 
مع رواة آخرين في حقول سردية؛ يحمل معرفة منهجية ويبحث 
عن أخرى فتشكل وظائف قبلية موجهة ومؤسسة (وظيفة 
تحويلية) ؛ وثانية داخلية هي البناء المشكل للنص (وظيفة 
سردية) ؛ أما الوظيفة الثالئة فهي تيماتيكية ترسم أفق الخطاب 
(وظيفة البحث) . 

1-3- وظيفة التحويل : وهي مستويات تتحول الرحلة 
فيها من فعل مستمر إلى فعل منته : 

- تحول الرحالة من شخص واقعي إلى راو متخيل 
يوهم بالواقعي . 

- تحول التجربة المعيشة إلى أفكار ونص شفوي ثم نص 
لغوي مكتوب. ويتمظهر التحويل وظيفيا بمعناه العميق والإبداعي 
في ثلاثة مستويات بارز: 

أولا : تحول الرحلة من فعل مادي مستمر إلى منتهء الراوي 
فيها يتحكم ظاهريا في النهاية داخل النص بعدما لم يكن يعرف 
بالتحاديد مسارها على مستوى الواقع ؛ وهو في النص يحكي 
بضمير المتكلم مسيرة ذاته ومالقيته المفرد أو الجمع؛ في الماضي 
القريب : (رحلة العبدري)» أو الماضي البعيد : (تحفة النظار) . 
انيا : تحول الرحالة من شخص واقعي إلى راو متخيل 
تخلق داخل المسافة بين الفعل واللغة فصار فاعلا لغوياء ووسيطا 














290 


ينقل آثار التعجربة ؛ ويكون التحويل في هذا المستوى حرا ومرنا 
كلما كانت المسافة ممتدة» ومحتفظا بوظيغة الإيهام وبصوت 
الرحالة أو بالصوت المضاعف له. 

ثالثا : تحويل التجرية إلى أثر فني يتضمن كل عناصر المتعة 
والتشويق والمعرفة . 

2-3- وظيفة السرد : وهي وظيفة خطية استرجاعية تحيل 
في السياق العام على الماضي» تستخدم سرودا مستحضرة في 
الحاضر» والرحالة يتحول من فاعل في الملموس إلى فاعل لغوي 
اللرواية» يعيد صياغة التأريخات الأخبار وآثارها ؛ تتحقق عبر 
توظيفات أساسية ممثلة في التسلسل من جهة. ثم التشويق 
والحكي المستمر والمتنقل تبعا للمشاهدات والانتقالات من جهة 
أخرى » داخل فضاءات متعددة . كما أن هذه الوظيفة التي يقوم بها 
الراوي في النص الرحلي هي وعاء استراتيجي عام؛ تتم بداخله 
عدة عمليات لتنظيم البرنامج السردي وتوجيهه؛ والنهرض بوظيفة 
السرد والعسرض» وبالتالي التقديمات التي يقومبها لأناه 
وللآخرين» والتلقيات التي يعيد صوغها وتقديمها من جديد 
0 ءا من المراقبة والتحكم بقصد التوجيه» 
ات وطرائق لعرض الرحلة : منها التراوح بين 
الرؤى من خلف» ومع» ومن الخارجء ذلك أنه في ما يتسعلق 
ببعض المعلومات التي يقدمها الراوي متعجبا منهاء أو مستنكرا 
. لهاء تكون رؤيته من الخارج ذات معلومات أقل» ويكون ذلك في 
كل الرحلات» وخخصوصا حينما يتعلق الأمر بالأخبار الإثنوغرافية 








201 


وبعض المغلومات التاريخية للأمكنة التي يمر منهاء أو خلال 
اللقاء مع العلماء والشيوخ الذِين يريدون إجازة الرحالة ؛ أما 
حضور *الرؤية مع " فتتحقق حينما يكون الحوار في قضايا دينية 
أو مقروءات تتساوى فيها المعلومات بين الراوي ومتحاوريه . 

وفي مرحلة ثالشة؛ تتشيد الرؤية من خلف في الأخبار التي 
يتحدث الراوي فيها أو يتحاور حول ذاته والفضاء المنطلق منه أو 
حول بعض معلوماته الثقافية والدينية؛ فتجيء معارفه أكثر من 
معلومات محاوريه والمستمعين إليه؛ وفي هذا السياق؛ : 
الراوي إلى سجلات لغوية فيها الوثوة, 

من الجمل المتراوحة بين جمل خبرية وت : 
تندرج وتعضد بناء الجملة السردية» كما أن لجوءه إلى تقنيات 
الرؤية والإسناد وغيرهماء هو بمثابة توظيفات لمراكز التوجيه 
وصيغ التواصل بشكل سليم . 

وتنقاطع هذه الوظيفة» ضمن البرنامج السردي للراوي مع 
الوظيفة السردية عند المؤرخ بالتحديد؛ وإن كان هذا الأخير يسعى 
إلى استبعاد ذاته ماأمكن وتحييدها عن الأخبار التي يجب أن يظل 
شاهدا عليهبا بالسماع والمشاهدة والقراءة؛ لكن حضور 
الإبلاغ والتواصل ومايستتبعانه... يتمظهر -عاليا- في الوظيفة 
السردية . 

إن هذه الوظيفة هي مثل كل الوظائف» موجودة في كل 
السرود» لكن خصوصيتها تختلف من شكل تعبيري إلى آخرء 
بحيث إنها في الرحلة أداة مركزية للتفعيل والتحفيز: وخلق 









292 


الانفعال والتأثير عبر سرد كرونولوجي مشهديء يستثمر العديد من 
التقنيات لتمحقيق فعل الكتابة والتواصل . 
يرسم الراوي في ' الرسالة الثانية ' لأبي دلف برنامجا سرديا 
اللبرنامج الرحلي؛ وذلك بسعيه إلى المزاوجة بين 
» الأولى حاضرة» وهي الرؤية من الخارج التي يتخذها 
وسيلة لتأسيس رؤية داخلية» تخص ذاته ؛ وفي الآن نفسه يحمل 
رؤية خيارجية هي الثانية وتتمثل في المعلومات التي يمتلكها 
وهو نفس الشأن يجري مع ابن فضلان الذي استدعي لتعليم الدين 
للآخرء بصفته حاملا لمعارف لا يعُرفها الطرف الداعي؛ وفي 
الوقت نفسه» يبدو أن الراوي بدا عديم المعرفة يبعض العادات 
5 التي ألفها ٠‏ إنها ازدواجية تتحقق في النصوص السفارية كما في 
بئي الأنواع الرحلية: فالراوي في رسال ان ) يرز 
مشاركا قريبامن كل شيء؛ يستعمل لغة إبلاغية 
القراءق» تخلق الانفعال والتأثير من خخلال الأحداث وتواليها عبر 
التسلسل ومايتضمنه من إمتاع يقُود القارئ إلى عوالم؛ يمسك 
الراوي بزمامها لتحقيق فعل الكتابة والتواصل . 

0 لئي تتشكل حولها العناصر 
والوظائف الأخرى» وتستجيب لأفق انتظار القارئ أو تصدمه» 
وبالتالي فإنها تنهض - في النص الرحلي؛ بموقع أساسي إلى 
جانب القواعد الأخرى المكوئة للرحلة . 

. البحث : وخلالها يقوم الراوي بالبحث عن 
أشياء متعددة؛ منها التأكيد على حقيقة الرحلة واستعمال خطاب 




















298 


المدعمة لها . لكن التدقيق في هذه الوظيفة يجعل النصوص 
الرحلية لا تكتفي بتحقيق البحث في نوع واحد من المعرفة وإنما 
تتشعب إلى معارف مساعدة توضح مدى اتشاع علوم الرحالة- 
الراوي» فهو في رحلة العبدري يصوغ سروده بناء على طبقات من 
البحث المتعدد» ؛ إذ يبحث عن التطهر والاطمئنان» وهو مايصبغ 
خط الرحلة منذ الإنطلاق إلى الوصول» فيبرز بحث آخر عن 
المعرفة الشعرية والفقهية واللغوية والإجازات التي كان يحظى 
بهاء وأخخيرا ببحث الرجوع والحكي . 

ويقف الراوي بهذه الوظائف وغيرها متبثرافي النص 
الرحلي» حاضرا وممسكا بالحكي وبخيوط البحثء متتجا 
لسرود يتواصل بها مع القارئ الذي يفترضه كما يفترض تبليغه 
«حقائق» ومرويات» مما يفضي إلى نص مُذوّت من كافة النواحي 
؛ فالراوي صورة لذاته قبل أن يكون الرحالة الفاعل؛ يبجسد 
وضعية المرآة التي تنضد وتخلق المسافة» فتنتج صوتا مضاعفا هو 
قناةتُمرْر عسيرها أصوات وقنوات أخرى تحقق التفاعل 
والإدراك. 

إن الراوي في النص الرحلي مبدعٌ صور وأصوات تفرز 
أشكال تُصيصات وسّر ضمن نسق ثقافي حدد الإطار والنوع» كما 
عيّن وظائف الراوي القسريبة من وظائف روأة السنرود العربية 
والتتاريخ أيضا في الأفق والخطاب الموجه على أنه إدراكات بين 
الحفائق والاختلاقات. وهكذا يتحقق تذويت الكتابة الرحلية 
انطلاقا من الوظائف والمكونات وياقي العناصر المشكلة للبناء. 








295 


1 الآخر 

يضمن كل نص بالضرورة رؤية وخطاباء ويعكس بشكل 
واضح الأنا التي لاتوجد بدون ال«أنت096 والآخر. وحينما 
يكون هذا النص رحلة فإنه يرتبط بفضائين متعددين وزمن ممتد 
يجعل النص حافلا يأبعاد سيرية - بيوغرافية؛ تراجمية وه 
يتفاعل لبناء صورة الأنااوصورة الآخرء حيث الرحالة #أحد 
المفاتيح التأويلية للعالم والتاريخ»400) والذات . 

وإذاكانت النصوص التعبيرية لا تخلو من حضور الذات 
بصيغة ماء فإن الرحلة تستحضرها بشكل خطي وعمودي بجانب 
الآخرء هذا الأخير الذي هو أفكار وقيم وعادات وثقافة يتمظهر 
من خلال صورتين : 

- الصورة الأولى قسبلية في ذهن الراوي قبل انطلاق 
الرحلة» تتشكل من السماع الذي يضفي على الآخر صورة 
احتمالية» تركز على جوانب اللامألوف والغرائبي وبعض التقاليد 
المغايرة» وتترسّخ انطلاقا من الحكي الشفوي ومن الرحلات 
1ت التاريخية والجغرافية» ومن 








ري 0 بتفاوت- في جل الرحلات العربية حتى 

القرن التاسع عشن» واستحكم في رؤى الرحالة وصياغة الآخر. 
- الصورة الثانية وهي صورة بعدية معدلة بعد انتهاء الرحلة 

فعلياء تحافظ على آثار من الصورة الأولى» ثرى من منظور آخر 





296 


يورطها في يقين الإحتمال؛ ووهم تّرسيخ «الآخر» كماهو وليس 
كما كان أوماسيكون عليه» ولعل المرحلة الحاسمة هي لحظة 
تحويل (الآخر؟ من التجربة المعيشة إلى الكتابة التخييلية» فيصير 
مجرد قسيم وأفكار وأحكام عند أبي دلف» وعجائب وخوارق 
وعادات غريبة عند ابن بطوطة وابن فضلان» كما يصبح مجسدا 
للاختلاف عند افوقاي: لأن الراوي ينظر إلى هذا الآخر من وجهة 
نظر تمييزية مقارنة تعتمد كفتي الانسجام والاختلاف باعتبارهما 
سؤالا خلفيا يقف وراء كل صورة للآخر... هل تنسجم أم تختلف 
مع "الأنا"؟. 

1- الآخر والأتواثتوغرافي ؛ لا يوجد الآخر بشكل مطلق 
وإنما بصورة نسبية باعتباره هوية مغايرة» تتبدى من خخلال الأنا 
والتفاعلات الممكن حدوثهاء ومن التأثيرات والقيم الثقافية 
والاجتماعية السائدة وما تفرزه من مهيمنات موجهة؛ لأن كل نص 
رحلي يحكي اكتشاف الآخرين!!4)» عبر تيمات يعتمدها الرحالة 
موضوعا له؛ انطلاقا من رؤية إسلامية قاد تصطبغ بلون صوفي أو 
سياسي أو غيرهما من المؤثرات التي تعدل من تشكيل تلك 
الرؤية» بحيث يسحدد الآخر من المحدد الديني : إمّا الآخر 
المشابه أو الآخر النقيض. 

وتتضمن كل رحلة صيغة للتقديم وعرض للآخر»ء فتقدم 
صورة الآخر من خلال ملامح وبعض سمات العنصر الثقافي 
بالمفهوم الذي يحمله الراوي» ذلك أن الرحلات الحجية-٠‏ 
ورحلات المشاقفة تجعل من هذا العنصر دعامة مركزية في بناء 
رؤية الرحلة . 





277 


كماانٍ حضور الاجتماعي ومايتضمنه من تأثيتات مكملة 
لصورة الآخر من سلوك وعلاقات ... ينظر إليها الراوي متراكبة غير 
مفصولة» رغم ماقد تفرزه من تعدد يقود» بدوره» إلى التنوع في 
التقديمات بين القبول والرفض» بين الإنسجام والاختلاف» 
فيصبح منظور التقديم قيْميًا يطرح إلى جانبه أسئلة محايثة عن 
جوهر الآخر وطبيعته ؛ فهو عند ابن فضلان وأبي دلف يشمل 
الآخر المغاير لأن قوام دين غير الإسلام يبيح ما حظرته الشرائع 
الإسلامية؛ كانكباب الآخر -ممن زارهم ابن فضلان (ص 
ص 157:156)- على شرب النبيذ» وطرائق اخشيار الموت مع 
الميت» إضافة إلى العديد من الممارسات التي تؤطر صورة الآخر 
ماديا وروحيا في الأخلاق والعلم والجهل والصدق والقيم ... 

ويتبأر الآخر عند العبدري وابن بطوطة في الأنا الثاني داخل 
الإسلام باطلاق أحكام وانتقادات على عنصر حضور أوغياب 
القيم الإسلامية» أما العبدري فيرسم الآخر يشكل تركيبي» 
ويتحدث عنه من وجهة نظر رحالة مسلم متشدد في لهجته ينتقد 
صورة الآخر باعتباره كلا واحدا. 

وهذا الآخر الذي يتم تقديمه من طرف الراوي» وفق شبكة 
خلفية موجهة؛ يؤثر ويدأثربما يرى ويسمع ثم يتتقل إلى فعل 
الإنجازء إذ المهم بالنسبة إلى الرحالات: هو «أشكال التفاعل 
التي يتداخل من خلالها مع الآخر طيلة رحلتهم42)؛ ويعمد هذا 
الراوي إلى مدونة قيمية» تتعامل مع الآخر من ثلاث زوايا : 
الاختلاف والرفض» الانسجام والتوافق ثم موقف الحياد» 











298 


مستعملا مفردات وأساليب تعبرعن الموقف بتوظيفات معجمية 
ودلالية تعبّرعن الاختلاف» وتنص ب على جوانب الأخلاق 
والروح (العبدريء» ابن فضلان)» أما التوظيفات الخاصة بمدونة 
الانسجام والتوافق مع الآخر؛ فاستعمالاتها صريحة وضمنية في 
جمل إخبارية تبدو محايدة ظاهريا ؛ أو إعمال ألفاظ قطعية تأكيدية 
(ابن بطوطة» العبدري) تُمرز الانسجام مع موقف الآخر في قيمة ٠‏ 
بق وقسيم الأناء أو مع تلك التي تبدو ضرورتها أساسية 
وتفتقدها الأنا . 

ومن زاوية أخرى» يسجل الراوي موقفا حياديا يدفع به إلى 
نقطة يعبر فيها عن رأيه صراحة» فيكتفي بعرض الآخر في مرحلة 
أولى» كما فعل ابن بطوطة في مواقف كثيرة؛ أوفي مرحلة موالية 
تعزز الحياد من خنلال التعبير بالاندهاش والمفاجأة من كون 
تفاصيل الآخر غير مألوفة (ابن فضلان؛ ابن بطوطة) . 











ومن كل هذه رايا التي تدم المواقف تجاه الآخر من طرف 
الرحالة الراوي مقارنة وممثلة» تتشكل مواقف موازية عن الذات 


في قوتها أوفي ضعفها. 

وإذا كانت صورة الآخر تنبني في أغلب النصوص الرحلية من 
منظور رؤية الرحالة-الراوي؛ فهناك شذرات أخرى يتحقق فيها 
ماأسمته ماري لويس برايت 04.1.8 الأوتو|ثنوغرافي!43) حيث 
يتم تقديم صورة الآخر الإثنوغرافية» من طرف هذا الآخر نفسه» 
وباستحضار صوته عبر الحوار أونقلا في السياق على لسان 
الرحالة الراوي . 0 


299 


الليلة انصرف الوزير» ومضيت معه فمررنا ببستان 
: ال لي الوزير : هذا البستان لك. وسأعمر لك فيه دار 
لسكناك. فشكرت فعله ودعوت له ثم بعث لي من الغذ بجارية 
وقال لي خديمه : يقول لك الوزير : إن أعجبتك هذه فهي لك وإلا 
بعثت لك جارية مرهتية» وكانت الجواري المرهتيات تعجبني» 
٠‏ فقلت له : إنما أريد المرهتية فبعثها لي 44 
يورد ابن بطوطة؛ في سياق الإخبار والحكي عن مشهد من 
رحلاته صوت الآخر مبرزا قيم الكرم وتجلياته وأنواعه» وهو 
ماسيتكرر كثيرا في مراحل الرحلة للكشف عن القيم المتصلة 
بالعلاقات التي تربط بين الأنا والآخر. 
أماا ان فيقول : «ووقفنا في بلد قوم من الأتراك يقال 
لهم #الباشغرد»؛ فحذرناهم أشد الحذر. وذلك أنهم أشر الأثراك 
وأقذرهم وأشدهم إقداما على القتل؛ يلقى الرج ل الرجل فيفرز 
هامته ويأخذها ويتركه» وهم يحلقون لحاهم» ويأكلون القمل» 
يتتبع الواحد منهم ذرز قرطقه» فيقرض القمل بأسنانه» ولقد كان 
معنا منهم واحد قد أسلمء وكان يخدمنا إأيته وجد قملة في ثوبه 
فقصعها بظفره» ثم لحسهاء وقال لما رآني : ٠‏ 
وكل واحد منهم ينحت خبشبة على قدر الإحليل ويعلقها 
عليه» فإذا أراد سفرا أو لقاء عدو قيّلها وسجد لهاء وقال «يارب 
افعل بي كذا وكذا» فقلت للترجمان : «سل بعضهم ماحجتهم في 
هذاء ولمّجعله ربه؟!» قال : «لأني خجرجت من مثله فلست 
أعرف لنفسي خالقا غيرء:49, 














300 


لا يتتحقق الأوتوإثنوغرافي إلا برغبة الراوي وعلى عهدته» 
فيورد هذا النوع من التقديمات الذاتية للآخر بقصد تعزيز الخبر 
والتنويع في السردء فضلا عن الأسلوب العام الذي يحكم سردية 
الرحلة» فابن فضلان يلجأ بكثرة إلى هذا الشكل من السرد الذي 
يعرض للآخر'من زاويتين : زاوية تقديمه ؛ وأخرى بتقديم الآخر 
لنفسه عن طريق الحوارات» فيما هناك رحلات أخرى تعود إلى 
هذا النوع بشكل قليل ومتناثر» كما عند ابن بطوطة» أو غائب نسبيا 
عند النابلسي والعبدري على سبيل المثال. 

2- أبعاد الاخر: يشكل الآخر بالنسبة للراوي جزءا أساسيا 
في بناء الرحلة من كافة المستويات؛ باعتبار أن السفر هو امرآة 
الأعاجيب»» ومرأآة النفس التي لاترى تفاصيلها إلا بالاتتقال 
والإغتراب والإحتكاك مع آراء وسلوكات وتقاليد الغيرء 
والإصطدام ببعضها والتوافق مع البعض الآخرء حيث رؤية الذات 
صافية عبر المقارنات المتعددة والقاسية أحياناء فيصبح «اكتشاف 
الآخرء هو في نفس الآن اكتشافا للذات ؛ إنه تعديل يمس الخارج 
كما الداخل :46 فضرورة الآخر تأتي من كونه يشوي الخير 
والشرء الانسجام والإخختلاف وهي حالات يجسد فيها القيم 
المجتمعية والثقافية الأكثر بروزاء فيتخذ النص الرحلي من ضمن 
عمدة مكوناته : الآخر في صيغته العميقة المجردة؛ أو الآخر 
الحامل لهذه المجردات والتي تتحول إلى أفعال ملموسة . 

والشخصية في الرحلة الفعلية هي الآخر الفعلي» والصورة 
التي تحمل من الإحتمال أكثر من حملها للحقيقي؛ من ثمة 











301 


فالراوي يتخذ صيغتين للتعامل مع هذا الآخر : الصيغة 
التعميمية وفيها تتم الإشارة إليه بصيغة الجمع الغائب دون تعيين 
اسم معين عدا الانتماء إلى فضاء ماء وهو أسلوب نهجه بكثرة ابن 
فضلان الذي كان يصور الآخر من زاوية الاجتماعي ومايطبعه من 
سلوك وعادات. 
أما الصيغة الثانية» وهي التخصيصية العادية أو القريبة من 
شكل التراجم المضمنة» فَيَلوذ بها ابن بطوطة والنابلسي بشكل 
.خاص» كما أن موضعة الآخر والتعامل معه؛ يجيء من اعتبارات 
قبلية مميزة للآخر المسلم وغير المسلمء وهو مابدا واضحا عند 
ابن فضلان وأبي دلف وأفوقاي ؛ بيئما أنواع هذا الآخر وتجلياته 
في النصوص الرحلية كثيرة تستجيب لرؤى ومنظورات الرحالة- 
الراويء ثم لنوع الرْحلة. فنص العبدري» يروم استقصاء الآخر 
الثقافي للبحث عن العلماء والفقهاء والأدباء؛ كما يعكس الديني 
والإجتماعي في اختبارهما للذات وتدعيمها وتحصينها . 
أما الآخر التاريخي والرمزي فيتم استدعاؤه في جل الأنواع 
الرحلية» مثل الآخر الاجتماعي المهيمن على الرحلة السفارية 
والحجية وفي باقي الأشكال بتفاوت . ويحضر الآخر في الرحلة 
متعددا ومتنوعا بتنوع النماذج البشرية في المجتمعات والعصورء 
وهنا رخلات إ اتشجل لا سفتروهائع لآير ' المتحكم في 
اسي أو في الاقتصادي أو في الثقافي» دون استحضار 
1 * البسيط والعادي؛ وهذه ثغرة واضحة في النص الرحلي 
الذي أغفل التركيز على الأصوات الهامشية والمنسية واقتصر على 


302 


الأصوات الحاملة لسلطة معينة؛ فالرحالة-الراوي يحاول أن 
يختزل المجتمع الذي يزوره في ذلك الآخر» وحينما يتخذ منه 
موقفا ينعكس على رؤيته للمجتمع أو الفئة» لأن مواقف العبدري 
المتطرفة من بعض العلماء والفقهاء والأدباء هي نفسها مواقفه من, 
الثقافي والعلمي في ذلك المجتمع» وبالتحديد الفئة الممثلة له في 
تلك الفترة. 

أما الآخر عند أفوقاي فيمثل صورة ممقوتة ومرفوضة تعكس 
مواقفه من المجتمع المسيحي. دينيا وسياسياء فيما يطبع | 
والتنوع موقف ابن فضلان من العجائب وبعض العادات الغريبة 
لمجتمع غير اسلامي ؛ موقف يبدو منسجما يبسط مشاهداته عن 
الآخر بعين المتعجب والمتلذذ ؛ وبين الانسجام والتناقض تصبح 
الرؤى والأحكام نفسية» في جزء كبير منها مبنية على مقارنات 
ذاتية تعمل على تذويت الكتابة ويساهم عنصر الوصف في تحقيق 
شفافية صورة الآخر» لكنه لا يحضر إلا نادرا في أوصاف فكرية 
استثنائية لبعض الشخصيات» فيما نظل صورة الآخر في الأغلب» 
شاحبة بدون ملامح. 

3 - الآخر- الشخنصية : تنفاعل أبعاد الآخر في النص 
الرحلي في تعدديته» بحيث تتنوع ت اته من خلال استيعاب رؤية 
الراوي-الرحالة لللآخرء شواء الذي يحتك به تحاورا وتعاملاء أو 
الذي يسمع عنه بصفته جزءا من الماضي أو الحاضر. 

إن فهم تشكل الآخر في وعي الرحالة-الراوي هو رين بمدى 
استدعائه لهذا الآخر» باعتباره شخصيات تؤثت النص وتساهم في 


















3208 


بنائه وتخليق الحيوية في الحكي عبر تخييل الأحداث وتأطير 
الآخر في شخصيات تساهم في بناء الرحلة والتي لايمكن رصدها 
إلاعبر شبكة العلاقات التي تربطهاء وداخل تقاطع حركتي الدال 
«والمدلول7©. 

وإذاسلمنا بتمظهر الآخر بصفته شخصية في الرحلة فإن تعدد 
أنواعهاء ضمن الأشكال الرحلية يفضي إلى شخصيات مرجعية 
(تاريخية» وأسطورية» وكراماتية؛ واجتماعية: ودينية ...) 
وإشارية واستذكارية 48 تترسم الأثر الواقعي إلى جانب لمسات 
فنية تخيلية» وهو مايُغني صورة الآخر في علاقاته بالرغبة 
والتواصل والمشاركة» وتحقق ذلك في النص الرحلي عنسر 
مستويين : 

- الآخر المنتمي إلى نفس الأمة دينيا (بلاد الإسلام)ء 

ظرة ليه تظل مزدوجة عند ابن ججُبير وهو يرى في المسلم آخرا 
معدا بين المسلم الممائل له والمسلم الذي يذل الحجّاج 
ويهينهم وهم في طريقهم إلى الحجاز (ص6665) ؛ثم المسلم 
الآخر في بلاد الغير» كالمسلمين في صقلية» ومايعانونه من مذلة 
من طرف أهلها : 

«وفي مدة مقامنا بهذه البلدة تعرفنا مايؤلم» النفوس تعرفه» 
من سوء أحوال أهل هذه الجزيرة مع عبّاد الصليب بهاء دمرهم 
الله» وما عليه معهم من الذل والمسكنة»9». 

- أما الآخر المنتمي لبلاد العجم فإن الرؤية إليه غير ٠‏ 
موّحدة عند الرحالة. وإذا كان موقف العبدري قاطعاء باعتبار الآخر 








304 


ينتمي إلى «بلاد الكفر»» فإن ابن جبير وابن بطوطة وابن فضلان 
لهم مواقف تتدثر بالموضوعية؛ وفي رحلة ابن جبير يصادف 
الآخر العجمي : الطيب» التقي (ص366)» كما يصادف الأآخر 3 
النصراني- الذي يدخل معه في صراع (صص378): ف في كل 
مرق ناعتا إياهم بأقبح الأوصاف : 2... وصاحبته 0 
بالملكة» وهي أم الملك الختزير صاحب عكاء دمرها الله1 2 
موضوع الملك الملعون»50, 

إن المصالحة عند ابن جبير وعي ديني - اسلامي ٠‏ تجري مع 
أوعاء الآخر الديئية» وتَتصادم مع وعي الآخر السياسي الذي 
لايطبق حدود الله ؛ على عكس الآخر عند أفوقاي المتمثل في 
اليهود والمسيحيين؛ من ملوك وأمراء وقساوسة ورهبان وهو 









يصورهم انطلاقا من منظومة دينية؛ يجادلهم بها ويحاكمهم أيضا. 
أما ابن فضللان وابن بطو ران إلى الآخر المنتمي لبلاد الكفر 
أولطرق مذهبية معينة؛ من منظور اختلافيته عن الأنامن جانب 


العادات والحياة الاجتماعية. 

وقد عمد الرحَالون إلى استعمال مفردات من قبيل : الكفار 
والنصارى ومرادفات أخرى مقابل المسلمين» تمييزاء وتأكيدا 
للرؤية التي ينظرون منها للآخر. 

من خلال هذين الاطارين المتتشكلين في أغلب النصوص 
الرحلية تنفرز أنواع من الشخوص :8008 المتحولة إلى 
شخصيات :70:00 مشاركة وأخرى مستحضرة . 

- بالنسبة للشسخصيات المشاركة في النص الرحلي» فإنها ' 


3205 


ام::- الرحلة فى الأدب العربى 


تحضر عبر الآخر الممائل (المسلم)ء الذي يحضر ياسمه 
«موجها» وفاعلا وحَافزا وجسرا للحكي» وتتخذ صفة المشاركة 
وماتستتبعه من توجيه وتحفيز من جانب حُضورها في أحداث 
عاشها الراوي بالرؤية» أوساهم فيها بالفعل» وتتمثل هذه 
الشخصيات عند ابن بطوطة في الملوك والأمراء والعلماء 
والفقهاء والصلحاء والأولياء وأصحاب الكرامات ؛ الشأن نفسه 
عند النابلسي وابن قنفد» في البحث عن أهل الكرامات والفقهاء 
الذين يمارسون توجيها وفعلا على الراوي» ماديا أوروحيا 
(حكايات ابن بطوطة مع أصحاب الكرامات وعطاياهم ثم 
خوارقهم في المسخ والتحول والإختفاء). 
- الآخر المشارك السمائل: ويتجلى في اندظامه في ١‏ 

الدالة على الجماعة» والتي تجمع بين أنا الراوي والرحالةة؛ وبين 
فرد أو أكثر من مرافقيه طوال الرحلة» أو في مرحلة من مراحلها . 
وقد ينعتهم الراوي بأسمائهم» كما فعل ابن جبير وابن بطوطة في 
بعض مراحل سيرهماء وكثيراما لايلج أ الراوي إلى تسمية 
مرافقيه؛ الأمر نفسه عند النابلسي والعبدري . 

ودورهذا الآخر المشارك -الممائل سلبي» خخافت الحضور 
أمام كل أنواع الشخوص الأخرى لا يمارس أي فعل لأنه ذائب في 
ذات الراوي ومغيب في أفعاله . 

- نوع آخخر من الشخصيات المشاركة؛ هو الآخر المغاير 
الذي يحتك به الراوي؛ فيخبره ويتعامل معه وي رصد عاداته 
وسلوكه. ويتمظهر هذا الآخر المشارك من خبلال حضور أوصافه 





306 


كمارآها الراوي وأدمجها في مخيلته وصارت جزءا من صورة 
الآخر ضمن نسيج رحلته : 

«وهم نصارى شقر الشعور» زرق العيون» قباح الصورء أهل 
غدرء وعندهم معادن الفضة» ومن بلادهم يؤتى بالصوم وهي 
سبائك الفضة التي تباع وتشترى في هذه البلاد5!(6. 

كما يبرز أيضا من خلال حضوره واشتراكه في الأحداث» عثل 
أفوقاي وهو يعايش الآخر في الأندلس أو بالبريجة» حيث سيكلف 
بمهمة لدى الإفرنج» أو خلال معاشرة ته لهم وهو ينقل السجالات 
الطويلة معهم 

سرف بلاط لق بدوره» وهو يحكي عن المنحن 
التي لاقاها(52» ؛ لكن ابن فضلان يرسم صورة الآخر المشارك في 
نماذجعدة بشكل قريب وواضح» خصوصا في وقوفه عند العُزية 
على سبيل المثال : 

«وقال آخرمنهم : «لاء بل نأخذ مامعهم ونتركهم عراة 
يرجعون من حيث جاءوا»؛ وقال آخر : «لاء ولكن لناعند ملك 
الخزر أسراء فنبعث بهؤلاء ادي بهم أولائك»؛ فمازالوا 
















يتراجعون بينهم الأشياء سبعة أيام» ونحن في حالة الموت 
حتى أجمع رأيهم أن يخلوا سبيلنا»!53 . 
إن العلاقة بين شخصيات الآخر المشاركة والراوي» هي 


علاقة تواصلية متوترة حيناء ومنسجمة حينا آخرء (ابن جبير» ابن 
فضلان. ابن بطوطة)؛ عملت على خخلق شكل من الد 


الحكي عبر التشويق» وأيضا ابداع التنوع في صيغ ت ايم هذه 





307 


الشخصيات»؛ بحسب شكل تواصلهاء إذتبقى في النهاية ذات 
تأثير على رؤى وخخطابات الراوي؛ وذات سلطة مادية أو روحية 
عليه» عكس الشخصيات المشاركة والعابرةء فهي ليست سوى 
وسائط للربطء لا سلطة لها في الأحداث أو في رؤى الراوي . وقد 
شكّل انفتاح السرد الرحلي على أصوات شخصيات الآخر 
المتنوعة نسقا مرجعيا ينهض بسيرورة سردية وتفريعات داخل 
المتخيل الرحلي؛ تعتمد الآخر صورة ومرجعا وتنظر في كيفيا: 
حضوره وتمظهره ثم التقديمات التي يعرض بها. 

- شخصيات الآخر المستحضرة» وهي التي يت 
استدعاؤها دون وجودهاء إما عن طريق السماع أوا لقراءة عنها 
شخصيات تاريخية وردت بكثرة عند ابن جبير» وابن فضلات وابن 
بطوطة والنابلسي وأفوقاي... في سياقات سردية ووصفية 
مرجعيتهاء من خلال استحضار الفاعل والفعل بشكل ضيق أو 
موسع . 

يبني الراوي نسيجه الوصفي على مايراه من معمار وجغرافيا» 

ويُعضد ذلك بالرجوع إلى التواريخ لاستحضار الفاعلين في تلك 
الموصوفات والأحداث التي وقعت؛ ويتسرب الحكي أثناء 
ممارسة العبة؛ الاستحضار إلى الحكي للإمتاع وإبراز قدرة الراوي 
على اخمتزان ثقافة موسوعية في القص والإخبار تشهذ له 
بالمقدرة؛ ويشمل بعد الإستحضار» فضلا عن شخصيات الآخر 
التاريخية» الآخر المرجعي والديني والسياسي والثقافي والخرافي 
والرمزيء» والذي يؤدى وظائف تخدم البناء السردي والحكائي 








308 


كمالو أن هذا الآخر المستدعى هو شكل لوسائط سردية تنسج نصا 
رحليا منفتحا على دائرة تفاعلية من الأبعاد المستحضرة للآخر» 
والتي تتخسصب داخل قناة "أنا' الراوي لترسم بدورهاء أثرها 
عليه» وتنظم بعض القواعد الداخلية لخلق التحفيز الواقعي» 
ومن داخله يتولد المتخيل لأن كل مشروع #واق ي 
متران - يبدأمن الشخصيات» حيث تتجه بنية ' المحكي الواقعي " 
نحو الاستناد على نموذج بيوغرافي50) فتتنوع أبعاد حضور 
الآخر في الأشكال البيوغرافية والسيرية والتراجمية والمناقبية 
والأوتوإثنوغرافية ... بتنوع الأشكال الرحلية المتفاعلة بين قطبي 
الأنا والآخرء كما توضح الترسيمة ذلك : 

















إضافة إلى ما يميز النص الرحلي من خصوصية تثوي صورة 
الآخر بكافة تمظهراتهاء وتعكس أسلوبافي الكتابة لما يُشكله 
الآخر من حضور منتظم داخل الرحلة؛ فهو شخصية محولة عبر 
قناة وعي وفهم الراوي» يصبح محركا داخل النص» وأداة لالتقاط 
أهم النمفصلات والحركات المكونة للرحلة؛ خصوصا وان 
حضور الآخر لا يأني بصيغة واحدة؛ وإنمايتمظهر مشاركا أو 
مُستحضرا بصفته فاعلا موججّها أو وسيطا عابرا . 


إحالات 


1 -تعومسة تعلق ؛معسعمدملاعمه! عة : عءت«مصداطة بعلممعلم - 
: ما #اعلرية) 8193 بممهدهم كناما عل "وليده عل ممدردم عا" كممك 
قاع« امل ب#جفامه8 مدل عدم كعاميفة مماسدة ديعن بن علرطيا 
.8:1988.لا: ب#المممرم عل 

2- انظر : «موصى اه علمكو66 عمسمعنانا ها : عسمعودم نام - 
.1994 ,قنامت فممصمم مكاتدط يعفر 


الفصل الرابع الخاص بالصورء صصص : 76-59. 
3- -وععاتا ها عمق عمعمكة سل عومطمانة : مسمزاما اللدرافوطم - 
.59 ,1973 طقلاة : لك كعواة ,عمتمومهم؟ عمس 

4 8193 دوعلا مقعم ةممعاعلة - 

5- محمد غنيمي هلال : الأدب المقارنء دار الشقافة؛ دار العودة؛ 
بيروت ط5 (د.ت) الفصل السابع» صن 422 

6- ستيفان أولمان الصورة في الرواية. طنجة؛ منشورات مدرسة 
الملك فهد العليا للشرجمة بطنجة» 1995 ص294 [ترجمة رضوان 
العيادي ومحمد مشبال]. 

7- ستيفان أولمان» مرجع سابق» ص 196. 

8- فرانسوا مورو : البلاغة» مدخل لدراسة الصور 
البيضاء؛ ط! منشورات الحوار الأكاديمي» ط1ء 





30 


[ترجمة محمد الولي» جسرير عائشة عن كتاب : 
عمتمعتنا عهممنا : سععماا داموممم]. 

9-ابن الجيعان (ق15م) : القول المستظرف في سغر مولانا الملك 
الأشرفء أو رحلة ق إلى بلاد الشام 1477مء ليبياء منشورات 
عزوس رين تقل 21944 

10- س . أولمان» مرجع سابق ص 107. 

1- استيضاحا لهذه الاتطاب وهريتهاء فإن الصورة الي للأنا والآخر 
أو الموصوفات الأخرى من عناصر حضارية وثقافية تحضر كلية» ومن 
0 نخص 
الصورة التقديمية بالذات الراوية» والصورة التجسيرية بالآخر فيما 
ندرج قطب الصورة الموقف خاصا بهما معا. 

2 أولتاده ص217. 

3 اه ,1980 كتتوط ة منعانلك يععممة بكالفومع لمن وتلفمم رمس + 

.531 (مومسل 8 

4-: مسعه مد فكقنع بعنها عل عمقل عهمسا"! . طوبه معام - 

.095ل! ,10*82 ,اأنادتا! ل بعممدم" بعوتجات. 

5- العبدري : الرحلة المغربية: مرجع سابق» ص1 . 

16- .5731 ,معنا ,والمد تمن عالعمماء روم - 

7- :5206 بسعفا شل ممع امل - 

18- -طعمل! لك بععمم" ,وعمتدمعلانا كمنفا عمق عفته6 : عمعظ8 ممعاز - 

.242 5 ,1988 ,عه 

19- حسين محمد فهيم . أدب الرحلاث. سلسلة عالم المعرفة؛ عدد 

8 الكويث» يونيو 1989 . ص 193. 

0- ابن بطوطة : تحفة التُظار غرائب الأمصار وعجااب الاسفار 
يررك دارإحياء العلدم؛ ط3 1992 من 547 دم له حفقة رحققه الشيخ 
محمد عبد المنعم العريان] . 

21- ابن بطوطة» ص 603. 

2 -مطعمعمرة'! ,عسوا ,تعصولة بتعهمسة : طعما8.ا3ل - 
بعاععد عالع«نامل! ,عدونعطاكقال عبعظ مذ بعؤمصسة"! عل عسونامتسفه 

:512 :1987 ,347 لسقاه يلت 




















311 





3- العبدري؛ ص ص : 77-76 
4- 5137 ,يمنا معدم ١‏ 
5- انظر للتوسع : هل عق همنادعمهممة'ة : ع1 ,ال(0اللعع088 - 
.1980 .وامده بملاقك لممسية .انا .عمومهط هآ كسم 6ألاناءةزطيو 
نذا 

6- انظر : عمت عناوم بعممعلاة راملا بعامعد" : أعبيهاز م8 مولا - 
.560 ,1985 قاممت 6قول بانا ,مهاداعمممة'! عل عسوتاعمم 

7 لطع ممتامكى هل ع0 عمولفظعه : عمتافدة اتمكتير 
.211,278 كك 55م ,1984 ,لمعو ةالة0 مكأمدط 

8- م24 عن عموتوهامقشعة «متامافبمعلما .لماعتم صما - 
لوسرم : منامم] (248-لجتعع) عمتمسما م عوسرم؟ عق 
عه عصمه وا عق اع عمغي0 ها عل مممعمالها . (ممم مقالية) ##الميمرت 
5 يوفيدط (0661975 بعنوداافء بل كععة) عمعلوال! اممو عور 
:[(1977 معمنها كعلاغ8 همل ل ,قكنه0] 

9-,1965 .ائنه5 ععممظ بعمشمغنانا هل عق عأممغط؟ : مهم - 
20 

0- نسيلة ابراهيم : لغة القص في التراث العربي القديم [في ] 
أمجلة فصول؛ المجلد الثاني العدد الثاني» القاهرة» 1982» ص 14 . 
1د كه ملمعمم© #بضمعنانا سك : عسعوده أبمعاا اوأمدم - 
1 .535 ,1994 ,قلاف لممدهم بكامده بع فعسم 
2- ب ,73ل( ممولاعمم مذ بعهمرود عل اموا : مماوط للممومملة - 
.587 ,انه3 له ,1988 














3- 2243 يلها بامماعية 6بمعاة- 








م ارج شكري يخوت ردي سل 5 
7- يوسف ناوري : صورة 
ص 65-64 [مقال فسمن كعاب جماعي] : ابن بطرلة : مد 
مدرسة الملك فهد العليا بطنجة طلء 1996 . 
38- انظر : رحلة قايتباي سنة 1477م والتي دونها ابن الجيعان (ق15م) 





312 


- ابن الجيعان : القول المستظرف في سفر مولانا الأشرف أو رحلة 
قايتباي إلى بلاد الشام 1477» منشورات جروس برس» ليبياء طلا 
4 [تحقيق عبد السلام تدمري] . 
ونفس الأمر يمكن ملاحظته ايضا في الرحلات الإستعمارية التي 
كان يكلف فيها ضابط بتسجيل كل أحداث الغزو العسكري 
والعلمي . 
9- ل بععممة بعمتماعلط'! عل ععلممماةا عمل : 700609 1 - 
8102 ,1991 ب#تقمم 
40- ممه بعممممسم كك علدقدة6 عمستمعانا ها : «سعوده .للدم - 
.232 ,1994 وتام لمقصعم ,كا 
8105-41 ,صعل! ,عمتماعتط"! عل معلمجمم وآ ,09هله17 - 
2- تزفتان تودوروف : الرحالة الحديثون. [مقال] مجلة الكرمل» 
قبرص عدد 35: 1990 ص191. 
3- تستعمل ماري لويس برايت لفظة التعبير الاوتو|ثنوغرافي 
"مونقمعمم»ه عأنامدوهمطءواده" بمعنى التعبير الإثتوغرافي 
الذاتي للإشارة إلى اللحظات التي يقدم فيها الآخرون أنفسهم بطرق 
تندمج مع ألفاظ الغير. انظر : 
لقمها نمه وملامة/ل! اعبيم؟ يمعرظ لمتمعمسة : غنمم عوأدما ممالا - 
7 ,1992 عولع لانم لع ,دمقدما ,ومتتمسانت 
ابن بطوطة» ص 595. 
فضلان.: رسالة ابن فضلان؛ بيروت» مكتبة الك 
ط2» 1987 ص 108-107 [تحقيق سامي الدهان]. 
6 ,هدرف دف معتودام هوش علة عمة : معفتاماموم عأيماة ممعل - 
ممم" معنم عل قاتدع رأمنا! لذ علتمامع سمدم . 


ورد هذا الاستشهاد ضمن دراسة يوسف ناوري : صورة الآخر في 











نة العالمية. 








منشورات مدرسة الملك الفهد للترجمة بطنجة؛ 1996. 

47- سعط بك عدوتعهامتسعة أسماى من عسو" : ممسمكط عممثائام - 
.58124-125 ,1977 ,امعد ,العم عل عدوناعمم مأ يعوقهدمو 

8 انظر التقسيم الذي قدمه فيليب هامرن : «علا , «مسده! 5٠‏ 


33 


49- ابن جبير: رحلة ابن جبير. مصر مكتبة مصر 1992 ص 434 
التحقيق حسين نصار]. 

0- ابن جبير» م. س . ص 382 

51- ابن بطوطة» ص351. 

ابن بطوطةء صفحات : 276, 319 521: 539 344 
7 596 2620 

3 ابن فضلان» ص 104 . 

8-4 عملدظ ع3 عاعتلمام «ملوسلائة : لمسعيلاة ايز - 

.84 ,1994 بتمطامعة ب5.ناء2 لت ,ممم بمموؤميق 









314 


الفصل الرابع 





المبداً الواقعي 


يتشيد المبدأ الواقعي في النص الر. بالصورة النسبية التي 
تجعله متراوحًا بين التقريرية والاحتمالية» أي بين المشاهدات من 
زاوية اتسقاط اللا ألوف في الزمان والمكان والانسان وبين 
المسموعات والتهيؤات؛ مما أعطى للرحلة مسار حافلا بالتأويل 
والقراءات» وأيضا بتنوع المتلقين من حقول متباينة داخل سلاسل 
مكانية وزمانية متدرجة تمثل إطارا مفتوحا على الأحداث التي 
تكسر باحتماليتها الكثافة الواقعية» وذلك عبر وسائط 
ومؤشرات وتقنيات أوصافء وكذلك كل الرؤى والتأملات 
الواردة بتسواز مع الحكي عن أحداث عاشها الراوي-الرحالة 
خلال رحلته أو رحلاته بين أمكنة مختلفة وجديدة وفي 
زمن متحرك ودائري يصاغ ضمن هذا الكلي المنصهر في صور , 
لغوية اندماجية مع السجلات الخفية والصريحة المولدة 
اللاحتمالي والواقعي . 





315 


إن حضور بنية المكان وتفرعها إلى أمكنة للعبور داخل ذات 
الراوي والرحالة في آنْء ووسط أ ة مختلفة معيشة ومستدعاة» 
ثابتة ومحولة» يجعلها مجسد: الرحلة فعلا منجزا ومبلورا 
لمبدأ الاحتمالات الحية ومظاهرها فيّ النص الرحلي . 

انطلاقا من كل هذاء فكل رحلة تخلق عالمين متقابلين يجسر 
واحد : الأول للراوي الرحالة المتسحرك في اطار مكاني وزماني 
معين. بينما الثاني للمتلقي الذي يختزن أسراره وآفاق انتظاره 
العامرة بالغرائبي والبحث عن العجيب واللامألوف» فينشطر في 
مرآة الرحلة إلى صورتين 

- متلق متعين: حقيقي»؛ يكون دافعا للرحلة أو آمرابها 
فعلياء أو مشيرا بتدوينها بعد سماعهاء كما قديقتصر على 
الاستمتاع والإعجاب 

- المتلقي الثاني هو صورة من الأول قريبة أو بعيدة يحددها 
الهدف المسطرء كأن يخاطب الراوي عامة الناس أو الفقهاء 
والأدباء والعلماء أو نخبة من المؤرخين والجغرافيين. 

إن علاقة التلقي لا تستقيم إلا بتماسك البناء النصي وقدرته 
على بناء مواز للقارئ المفترض ضمن أسثلة تتشكل انطلاقا من 
الإطار الواقعي المتجسد في الرحالة-المرسل» المتعين في الرحلة 
باسمه» والمرسل إليه في الرحلات السفارية أوحتى في غيرهاء 
والتي يأمر شخص معين بكتابتها له باعتبار سلطته السياسية أو 
الدينية أو الفكرية على الرحالة-الراوي. 

ومن جانب آخرء يصبح الراو: ي متلقيالمشاهداته وتخيلاته 

























316 


لكون الرحلة تجربة محولة داخل نسق التلقي الذي يجعل من أفق 
الانتظار منظارا تقييميا يعتبر -في إحساس مزدوج- المكتوب نصا 
واقعيا وخطابا يتضمن العجيب واللامألوف» ثم المكتوب في 
الرحلات الخيالية حلما يتشبت به المؤلف للتعبير عن «أزمة؟ 
عميقة بالنفس وبالواقع . 

. بنية الفضاء والزمن 

1- العبور إلى الذات :في التعريف العام للرحلة» فعلية أو 
متخيلة؛ يكون الانتقال من مكان لآخرء هو العنصر الأساسي 
والدعامة التي تؤطر الأحداث والأفعال؛ فالرحلة هي الانتقال في 
الفضاء -بتعبير تودوروف-7» والذي يؤكد ان هذه القيمة تكمن في 
الانتقال الداخلي بحيث يتغذى النص الرحلي من هذا العنصر. 

وقد ارتبط المكان في الأدب العربي الكلاسيكي كشيرا 
بالحكي؛ سواء في المتون الشعرية الجاهلية وغيرهاء أو في 
النصوص الحكائية2؛ كما ارتبط بالخيال والكتابة والمرجع ؛ أي 
بالتذكر في مسدتوياته || والمؤلمة حتى أصبح مرجعا 
للنذكرات وسجلا لاسترجاعات تزاوج بين التقريرية والشاعرية» 
وهي الإحالة التي تجمع بين المرجع والسجل» فيصبح المكان 
مرجعا مُلُوثًا حيئمايتم تناوله في سرود مباشرة من خلال 
مشاهدات الراويء أثناء الإتسقال والتوقف في زمن الرحلة» 
وتتراوح هذه العلاقة بين مرجع ذاتي أثناء الحديث عن مكان الأنا 
والانطلاق والأمكنة المقدسةء وبين مرجع غيري ويتعلق بالأمكئة 
التي يعبرها الراوي وتكون أجنبية عن "ذاته' لأنها أمكنة الآخر. 














37 


أما المكان - السجل فهو الاسترجاعات المستدعاة من طرف 
الراوي» من مؤلفات تاريخية وجغرافية» ومن مقروءات خاصة 
الأمكنة معينة تاريخية أو مقدسة ؛ وبين الموجع والسجل تتوضح 
رؤية الراوي للمكان وعلاقاته التي تجيء طبيعية حيناء ومتوترة 
حينا آخر لأنه يتحول من فضاء مادي إلى وعاء روحي حامل لرموز 
هي نقط ضوء موجهة ؛ فالآخر تتحدد وضعيته انطلاقامن 
المكان؛ وذلك لأنه ينوي بداخله تذويتا فاضحاء يكشف علاقة 
الراوي بالمكان وتعدديته وبالمستويات النفسية المتجسدة في هذه 
العلائق فالمكان من منظور الرحالة-الراوي دائري يتكون من 
طبقنات في الرؤية والتذكرء كما أنه خطي فعلياء وعمودي من 
حيث التصور خبصوصا في الرحلات الحجية-الزيارية . 
يشكل مكون المكان في الرحلة إلى جانب الراوي مبدأ فاعلا 
في بناء النص» ويؤسس لشبكة تنطلق منها الأحداث تبرز نسائج 
اية» من أجل بلورة المتخيل . وقد اتخذ التقسيم الكلاسيكي 
للرحلات «مظهرين أساسيين تمثلا في رحلات الخيال ومنها 
انتسقلى الرحالة إلى أماكن أو أزمنة غير أماكنهم وغير أزمتتهم 
ليلتمسوا فيها الملجأ والخلاص من محنة واقعهم» أما المظهر 
الثاني فققد أتى في رحلات خرج فيها أصحابها من بلادهم باحثين 
عن «المكان الآخر؛ الذي يمكن للإنسان أ 9 
. مخاطر*3»» فنضلا عن كل الشفريعات الأخرى التي تنبني على 
جوهرية المكان (الدنيا > الآخرة)» (بلاد الإسلام > بلاد الكفر) 
كما ارتبط المكان بمسارات زمنية متنوعة بين الماضي والراهن 












538 


يمختلف تلويناتهما الإحالية (التاريخي؛ المقدس» الإجتماعي» 
الحضاري .. ..) وأيضا المستقبل» والإرتباط باليوتوبيا والحلم . 

وللمكان في ذهن الراوي الذي يتتخذ من الرحلة موضوعا 
للحكي وض هندسية " خاصة تختلف من نص لآخر» لكن 
القاعدة المشتركة عموماء ترسم ثلاثة أمكنة إطارية كبرى» 
تتوسع أو تنقلص» وتعكس حياة السفر والمسافر ؛ فالمكان في 
الرحلة هو " خشبة مسرح' من ثلاث طبقات متتالية الظهور» 
بأحداثها المتسلسلة والمتداخلة» وبفضائها الهندسي والعلاقات 
التي تسج معه وتشكله في الذهن والذاكرة. لأن المكان وهو 
يتحول من بناء في الواقع إلى معمار نصي» يعيد تشكيل "ذاته" 
مرة أخرى» ضمن التشكيل العام للرحلة؛ ؤيطرح أسثلة مغايرة 
تستبعد كل تبسيط في المنظور الذي يقاربه من زاوية انعكاسات 
واقعية» وتستحضر المكان كأثر في النفس ورسوم تذكرية تؤسس 
لمصفاة لا تحتفظ إلا بالمذوت والإطارات الكبرى والتي يمكن 
الإفتراب منهاء إجرائياء لفهم بعض آليات اشتغال المكان في 
النص الرحلي . 

أ- مكان الانطلاق هو الأساس الذي يكون نقطة البداية 
والرجوع النهائي وعتبة الانتقال إلى أمكنة أخرى» يجيء مفتوحا 
ومترسبا في النفس لأنه يمثل لحظة ضيق في حياة الرحالة» حينما 
يضطر للهجرة؛ أو البحث عن علوم أخرى» أو عن لحظة تطهيرية 

في الحج أو الزيارات. 
إن علاقة الرحالة بالمكان هي علاقة مركزية ُسقط إلتباسها 





319 


بعد مغادرته» فيصبح مرجعا للمقارنة» وأفقا للتذكر والحنين ؛ وما 
العودة إليه مسلحا بالعلم أو مطهرا نفسيا إلا رغبة في بداية علاقة 
جديدة أكثر انفتاحا وشفافية. 

وتحكم الإنطلاق من المكان-الأم للراوي حميمية تعكسها 
مقارناته واعتزازه» أو تحسره وحنيته للأرض والأهل . فالمكان 
هو الإطار والوعاء والجسرء من ثمة» تغدو العلاقة معه نفسية 
وجدانية معقدة داخل بؤرة حنينية تروي الأحداث وتلونها. ففي 
"تحفة النظار* يذوب المكان في غمرة الحكي عن رحلة امتدت 
أزيد من ربع قرن» لكنه يتمظهر في وصف أحاسيسه بغربته» في 
أول فراقه من ' طننجة مسقط رأسه ' حيث يصاب بالحُمى (ص35) 
ثم حينما لم يسلم عليه أحد» وشعر بالاغتراب والفسيم : 
«فوجدت من ذلك النفس مالم أملك معه سوابق الغيرة واشتد 
بكائي» (ص35)» بعد ذلك سيستأنس ويتحاشى استرجاع مكان 
الانطلاق» لأن رحلة الراوي (ابن بطوطة) ستّتخذ من كل مكان 
نقطة انطلاق جديدة ومكانا خاصاء خصوصا حينما كان يتزوج 
ويلد له أبناء. 

ويظل تمثل فضاء الإنطلاق غافيا حاضرا في الرحلة قبل 
تدوينهاء ولكنه يسقط أثناء التقيبد لكون دواع الحنين وتحرقاته 
لم تعد لها ضرورة» بحجة أن النص يكتب بعد نهايته . 

وإذاكان حضور مكان الانطلاق في العديد من النضوص 
مسألة تدعوها آليات الكتابة في الرحلة» وخصوصا النصوص 
العلمية-الأدبية» والحجية-الزيارية» فإن الرحلات الخيالية تعيب 








520 


فضاء الانطلاق وكذلك فضاء العبور» فيما تركز على الفضاء 
الهدف» وأيضا النصوص السفارية المميزة بإغفال شبه كلي 
لأمكنة الانطلاق» والإكتفاء بالإشارة إليها استكمالا للتقرير بشكل 
محايد (ابن فضلان» أبو دلف). 

بح المكان الجسر هو فضاء السير والعبور والمواجهة مع 
الآخرء لأنه بداية السفر خارج مكان الألفة» بحيث يمثل جسرا 
للعبور من نقطة الانطلاق إلى نقطة الهدف» خلاله يصبح المكان 
أمكنة ليس:فقط للعبوزء وإنما للتزود بالزاد والمعلومات 
والحكايات والتجارب» مما يجعل 'العبور ' أخصب مرحلة في 
الرحلة؛ نظرا لتعدد الأمكنة وتنوع التجارب من جراء اللقاءات 
والصدامات والمفٍاجآت ... وكلما كانت نقط العبور كشيرة 
حققت للنص ثراءً) في الحكايات والصورء فيجيء الحديث عن 
وقائع العبور أغنى وأكبر حجما من وقائع المكان-الهدف. ويقف 
العبدري في رحلته على أزيد من ثلائماثة مكان متنوع من مدن 
وقرىء وقلاع؛ وجبال؛ ووديان» ومغارات؛ وأبواب؛ وقبب» 
وبطون» ومعالم» وبحار» ومساجدء وقبور... شكلت جسورا ' 
داخلية لخلق حلقة من المعرفة الأدبية والعلمية والتاريخية 
والجغرافية. وقد شكل مكان العبور لديه فرصة لتكوين وتدعيم 
وتقوية معلوماته» وفرصة للقارئ كي يعرف مواقف الراوي من 
الأمكنة التي هي جزء من الآخر. 

وينقسم مكان العبور» كما ارتسم في ذهن العبدري الراوي» 
إلى قسمين كبيرين ': 











221 


م - الرحلة فى الدب العربيٍ 


- مكان إيجابي يجيء طيبا أو مقدسا معطاء يرتبط بأناس 
من ذوي المكانة العلمية والفكرية : 

«ثم وصلنا إلى مدينة تونس مطمح الآمال ومصاب كل برق 
ومحط الرجال من الغرب والشرق» ملتقى الركاب والفلك» 
وناظمة فضائل البرين في سلك» فإن شئت أصحرت في موكب 
وإن شئت أبحرت في مركب كأنها ملك والأرباط لها إكليل» 
وأرجاؤها روضة باككرتها ريح بليل» إن وردت مواردها نقعت 
غليلاء وإن ردت فرائدها شفبت حشا عليلاء جليت بها عروس 
الغروس» وحلّت بها على ممر الحروس الطروسء لاتنشدبها 
ضالة من العلم إلا وجدتها ولا تلدمس فيها بغيْة معوزة إلا 
استفدتها»©», 

يتفرع المديح في المكان بذكر فضائله وقيمه والرجوع إلى 
تاريخه وماضيه؛ أو إيراد بعض الأشعار عنه وذكر بعض الأعلام 
الذين أقاموا به أو مروا منه؛ ويذلك يصبح المكان رمزا ومركبا 
حاملا لسمات وخصوصيات تميزه عن غيره» وترفعه من صفة 
العادية إلى فضاء مميز . 

- مكان 'نحس " وجاف يربطه الراوي-الرحالة بساكتتهء 
فيلصق به أقبح الصفات والنعوت : 

«ثم وصلنا إلى مدينة القيروان فدخلتّها مُجدا في البحث غير 
وان» فلم أرّإلا رسوما مَحَنها يد الزمان؛ وآثارا يقال عنها كان وكان 
والآحياء من أهلها جفا: الطباع » مإلهم في رقة الحضارة باع» ولا 
في معنى من معاني الإنسانية انطياع ... :250 





322 


إنها انطباعات ومشاهدات حول أمكنة أثناء العبور تتحول إلى 
أنحكام قطعية أوشبه قطعية اتسمت بها العديد من أحكام راوي 
الرحلة المغربية (العبدري)؛ وهو يربط في عبوره» ذهابا وإياباء 
بين العمران ومايطاله من خراب أو تجديد» وبين سكان ذلك المكان . 





ية للراوي من خلال قراءاته لنصوص 
رحلية سابقة» أومشاهدته المباشرة وملاحظاته حيث يجدما 
يتوقعه أو ما يحْيّب أفق انتظاره» وقد يتخلى عن أحكامه وانطباعاته 





تجاه الأمكنة» فيعمد إلى ايراد مشاهدات وصفية محضة تبدو 
محايدة» وه وأمر مألوف في النصوص الرحلية التي تسجل 
المشاهدات وتفرز مواقف الراوي-الرحالة» وكأنما يريد أن يكون 
.حكما و'عيئًا' بين ذاته الرحالة والراوية» وبين المستمع 
والقارئ. ويتم الانتقاء في ذكر أمكنة العبور وبعض النصوص 
(السفارية على الخصوص) فلا تذكر سوى بعض الأمكنة 
المعروفة دون سرد ما اتصل بهاء شأن ابن فضلان الذي عمد إلى 
ذكر أسماء " المدن ' بشكل سريع؛ وصولا إلى بخارى (ص76) 
التي تستوقفه فيها بعض الأحداث. لكن ذكر باقي الأمكنة لم يكن 
-في سياق الرحلة- إلا ذريعة مرتبطة بأهلها وأحدائها. 

ج- المكان الهدف الذي يحدد نوعية الرحلة ويشير إلى 
المكان الذي انطلقت نحوه منذ خروجهاء سواء للهجرة؛ أو 
النفي » أو التعجارة» أو الحجء أو الز, أو السياحة» أو التعلم» 
أو السفارة... إنه الإطار العام الذي تتتحقق فيه الرغبات؛ فيتم 









323 


٠‏ اللجوء إليه عن رغبة وشوق (الحجء الزيارة» السياسة)» أو بأمر 
(السقارة)؛ أوعن ضرورة وحاجة (التجارة» العلم)ء أوعن 
اضطرار (الهتجرة» النفي)» وبين هذه الرغائب أو نقائضها يرتبط 
المكان المتجه إليه بمسألة الانفصال عن "مكان الأنا'» والتوجه 
نحو "مكان الآخر "» مع تشكل رؤى وتحديكات لهذا المكان 
ذهنيا ووجدانيا. 

ويرتبط المكان-الهدف بمدى تحقيق الإنجاز الذي حدده 
الراوي الرحالة أو عدم التوفق فيهء وفي كثير من النصوص يصبح 
المكان -الهدف فضاء للعبور والانتقال إلى أهداف أخرى» مثل 
ابن بطوطة الذي حدد هدف وجهة رحلته إلى الحج؛ ثم ارتحل 
بعذ ذلك إلى أهداف شتى » وهو الأمر الذي يتحقق في النصوص 
الزيارية والعلمية والسياحية؛ بينما يبفى النص السفاري ملتزما 
بالأمكنة التي يرسمها منذ البداية . 

وتظل العلاقة بين الراوي والأمكنة المقصودة ملتبسة أو 
صريحة لارتباطها بنوعية الرحلة؛ ثم الإسقاطات الممكئة؛ حيث 
ترتبط في النصوص السفارية بالسياسة وبالأمراء والحكام 
وأتباعهم» وفي النصوص الحجية-الزيارية ترتبط بالمقدسات 
والتاريخ؛ بينما تستدرج الرحلات العلمية الحديث عن العلماء 
والفقهاء؛ وفي هذا الارتباط تَوَحَدٌبين المكان وأهله؛ وهي الرؤية 
التي يمكن استخلاصها باعتبارها معطى في ذهن تفاءَآت بداخله 
المقروءات بالمسموعات مع المشاهدة والمقارنة؛ ثم الإحتكاك 
بأهل القضاء . 


324 


والنص الرحلي عموما هو الذي هيكشف إمكانية ورغبة 
الرحالة في رؤية فضاء وزمن الآخرين من أجل استيعاب وحدة 
الفكر البشري وتنوع المجتمعات»9. 

2- المكان الرحلي : البعد والنوع ؛ تتنوع الأمكنة ضمن 
أبعاد تغْني النص الرحلي بكل أشكاله» وتفتحه على شحنة واقعية 
ومرجعية تنتج معطلقات واسترجاعات تستقطب عناصر أخرى 
تلونها وتُساهم في تكوين أفقهاء لأن المكان في بُعض النصوص 
هو أنوية لتوليد الحكي وتذويب الأصوات. 

ويتحقق التنوع مع كل رحلة بحيث يبني فضاءاتها ؛ ففي 
رحلة ابن جبير يبرز العنوان بتحديد مسار الرحلة * في مصر وبلاد 
العرب والعراق والشام وصقلية عصر الحروب الأهلية' ؛ كما أن 
تعدد الأمكنة يتوزع في النص زمنيا وقد شغلت الرحلة عامين 
وثلاثة أشهر ونصف. عبر خلالها تسعة أمكنة هي كالتالي : 5 

«الأندلس : ثلاثة أيام . 

*على ابحو الأييضالمتوسط: شهر واحدء وفي الأياب 
ثلاثة أشهر. 

* في مصر نحو أربعة أشهر. 

* في البحر الأحمر : تسعة أيام . 

* في شبه الجزيرة العربية نحو عشرة أشهر 

* في العراق نحو شهر ونصف. 
* في الشام نحو ثلاثة أشهر ونصف. 
.* في صقلية نحو ثلاثة أشهر ونصف. 





325 


وينعكس هذا التفاوت الزمني وأيضا على التنوع المكاني بين 
البر والبحرء الأمر الذي ساهم في إفراز صورتين قويتين للمكان : 

- المكان المتحرك في البحر الأبيض المتوسط والبحر 
الأحمر» وسيرتبط بالمحن العنيفة التي جعلت الراوي يبدع م 
وضف الصراع وهو يواجه الرياح والعواضف على 
فوق بحر متقلب . 1 

ويستدعي الراوئي -ابن جبير- هذا النوع من الأمكنة ذريعة 
لوصف معاناته مع البحرء مقابل البر المجسد للأمان 
والسلامة : 

«فتمادى سيرنا في البحرء يوم الإلاثاء السادس والعشرين 
لربيع الأول المذكور ويوم الأربعاء بعده بريح فاترة المهب. فلما 
كان إثر العشاء الآخرة من ليلة الخميس -ونحن قد استبشرنا برؤية 
الطير المحلقة من بر الحجاز- لمع برق من جهة البر المذكورء 
وهي جهة الشرق» ثم نشأ نوء أظلم له الأفق إلى أن كسا الآفاق 
كلها عصوف الريح واشتدت حلكة الظلمة وعميت الآفاق» فلم 
تدر الجهة المقصودة منها إلى أن ظهر بعض النجوم واستدل بها 
بعض الاستدلال»206. : 

وقد جاءت أمكنة البحر محددة بأمكنة البرء وأيضا وسيلة 
للوصول إلى «اليابسة» المتعينة وخالية من أوصاف غير الجغرافية 
التحديدية والتعيينية» هادفة تسجيل المعاناة التي لقيها وهو على 
ظهر السفيئة 

- المكان الشابت في البرء وقد وقف الراوي خلاله على 





ارية 








326 


إبراز أمكنة مندينية سعى إلى ضبطهاء واصفا إياها وصفا بلاغيا 
دقيقاء حتى إن العديد من الرحالة اللاحقين عليه لم يجدوا أوصافا 
للمدن التي مروا بها أو زاروها خيرا إثبات أوصاف ابن جبيرء» 
فاقتبس العبدري منه أوصاف مكة والمدينة» فيما أخذ ابن بطوطة 
منه أوصاف حلب» ودمشق خاصة©, 

إن صورة المدينة وهي مكان للوصول وجسر للانتققال» 
التقطها الراوي-ابن جبير من ثلاث نواح أساسية : 

- المسرافق : وضمنها يتحدث عن الأسوار والحصون 
والمساجد والمدارس والحمامات والمياه والأسواق 
والمارستانات والمنازل والشوارع والأبواب. 

- المشاهد : وتضم المقابر والموالد وآثار الأنبياء والعلماء 
والأولياء والمواقع الإسلامية؛ والمعابد والكنائس والآثار غير 
الإسلامية. 

- الأرباض : وفيها تطرق إلى الأحياء والنواحي . 

وقد عالج الراوي هذه الأمكنة بحسب حضورها ومواقعها. 
التارييخية والحضارية والإجتماعية؛ مما حدا به؛ إلى رؤية المكان 
من زاوية معينة قد لا تحضر في نظره إلى مكان آخرء لأن الأمكنة 
في النص الرحلي هي بؤرة استتدعائية» فغلب الحديث عن الآثار 
والمشاهدات -خلال تواجد ابن جبير- بفضاءاتها : «وفي الحجاز 
الشعائر والسواسم والاحبفالات الدينية» وفي العراق الوعظ 
والوعاظ؛ وفي الشام المسجد الأموي والجوانب السئياسية 
والحزبية والاقتصادية من الحياة بين المسلمين والصليبيين وحياة 














327 


الدمشقبين الاجتماعية» وفئ صقلية أحوال المسلمين ومشاعرهم 
تحت حكم الملك غليوم»©. 

ورغم الارتباط المتعدد الأطراف بين المكان والتاريخ 
والاجتماع فإن الراوي مثل غيره من الرحالة يسجل موقفه الواضح 
من تلك الأمكنة» ففضاء المزارات هو فضاء مقدس لارتباطه 
بالديني» من زاوية رؤية : الأنبياء؛ الصلحاء والأولياء... أما 
المدن فموقفه منها جاء» مرة» مدحاء مستعملا عبارات : 
اذكْر مديئة بانياس حماها الله (ص(38): ومرة أخرىء قذفا وسبا 
كما هو الشأن في ذكره لمديئة حران التي ينعتها ب : «بلد لاحسن 
لديه ولاظل تتوسد أبرديه» (ص305). 

إن المكان في وعي راوي رحلة ابن جبير ليس واحداء كما انه 
ليس مستقلا عن مكونات وعوامل أخرى؛ تنظل مشكلة 
لهء وأهمهافي هذا الوعي -الذي يستحكم بنية التوجيه عند 
الراوي- العلائق الدينية والتاريخنية والاجتماعية المشدود 
إلى المكان. 

أما المكان في رحلة أفوقاي فيتخذ أبعادا نفسية قريبة من 
«مكان البحر» عند ابن جبير ففي نص «ناصر الدين على القوم 
الكافرين» سيشغل أربع محطات رئيسية ارتبطت بالصراع وأ سك 
وهي : الأندلس» البريجة» أزمور ثم الإفرنج» وقد وسمت هذه 
الفضاءات الرحلة بتذويت ماص جعل السفر من الأندلس إلى 
البريجة يتحول إلى فرار بحيلة» ثم السفر-الفرار من البريجة إلى 
أزمور بحيلة ومغامرة» إذ سيكلف من أزمور إلى الإفرنج» بمهمة 











328 


أشبه بالسفارة» حيث سيدخل في سجالات دينية وسياسية 
واسعة» متخذا من الغيب والسحر والعجيب مادة لتقوية الأنا/ 
الذات» وسبيلا لتحفيز الحكي وتفعيله . 

المكان في الرحلة نسيج قاعدي ومتحرك يستقطب مولدات 
أخرى من دأخله وذرائع لإسترجاع المقدس أو المدنس في البعد 
التاريخي والحضاري وفي الممارسات الأخلاقية» كما يستقطب 
الحكي عن المشاهدات والإنطباعات» فيصبح المكان متشكلا 
ومسعادا في تشكله من الرؤية والرؤيا ومن السماع والمقسروء 
والإستيهامي» لإحتواء النص الرحلي على مواضع لا وجود لهاء 
وعلى رؤية وهمية الأماكن موجودة فعلاء وعلى أحداث وهمية في 







المكان في النص الرحلي مشتوحة على 
ات بين الأمكنة والأشخاص» وماتفرز «من 


اعات» وجنو. ح الراوي » في أحايين كثيرة» 
إلى تقمص دور الجغرافي. 
3-الزمن الرحلي ٠:‏ : يتحكم المبدأ الواقعي في النص 
الرحلي بشكل جلي انطلاقا من.مؤشرات ترسم متخيلا واقعياء 
وتؤسس لبنيات متداخلة وتأطيرية؛ ضمنها بنية الزمن التي تتموقع 
ضمن كل الأحداث والأفعال. 
وإذا كان حضرز الزمن وتوظيفه في الرحلة يختلف من نص 





لآخرء وعند الرحالة غموماء فإن الرحلة هي نص زمني با 


329 


سواء كانت هذه البنية من أجل التأريخ أم بقصد إبراز الحرص على 
إمداد القارئ بوقائع حة ات مرجعيات مضبوطة لا متخيلة» 
فيماهناك نصوص أخخرى تغيب عنها المؤشرات الزمنية لعدة 
اعتبارات تتعلق بأسلوب وطريقة الرحالة في الكتابة والتدوين. 

مقابل هذا تخلق النصوص الرحلية المتخيلة أزمئة خارقة 
تستسجيب للبناء العام للرحلة» سواء بالايهام في الواقع أ بتشبيت " 
زمن الآخرة . 

ويتمظهر الزمن في كل بنيات النص الرحلي بشكل واضح أو 
ضمني» وبأشكال متنوعة بتنوع الرحلاث وخصوصيات الأسلوب 
عند المؤلفء بينما تبقى العلاقة مع الزمن ذات أبعاد تتوضح من 
خلال النصوص المتوفرة حيث يمكن رصد أشكاله فيما يلي : 

أ- نصوص تحتوي على إشارات صريحة حيناء وضمنية 
حينا آخر» تفيد ببعض التواريخ الخاصة بالرحلة» وفي هذا الشكل 
يكون الحدث هو مفتتح الحكي » بينما الزمن عنصر داعم يرد في 
لحظات متباعدة للتذكير» لأن التركيز على الأمكنة يأخذ بزمام 
الحكي وتغدو الاشارات الزمنية جزءا تابعا للفضاءات. ففي 
الرحلة المغربية للعبدري تجيء الاشارة إلى زمن بداية السفر 
مفتحا تأريخيا للرحلة بعد ذلك ستصبح الأمكنة والمزارات هي 
البديل الكرونولوجي عند العبدري» بينما يتتحقق حضور الزمن في 
تحفة النظار بشكل مزدوج سواء 
: في قول ابن فضلان اف رحلنا من 
مديئة السلام يوم الخميس لاحدى عشرة ليلة خلت من صفر.سنة 















350 





. فأقمنا بالتهروان يوما واحدا ورحلنا مجدين حتى 
1 ة فأقمنا بها ثلاثة أيامغ110. 

ويسير على نفس المنوال؛ ثم يلجا إلى التعسميم من خلال 
ايراد فقرات من قبيل : 

«ولقد أصابنا في بعض الأيام برد شديد» ص 89. 

أوما يرد عند ابن بطوطة : 

«واتفق في ليلة من ليالي إقامتنا بمرساهم .. 126ل 

وهذا أمر وارد في أغلب النصوص الرحلية مهما كانت مؤطرة 
زمنياء فإن الرحالة يستند إلى جملة زمنية تعميمية» وهي فنيا وسيلة 
لعدم الاغراق في التحديدات الزمنية المثقلة للنص . 








وفي كل هذه الحالات: فإذ الححدث الرحلي بمفاصله 





السرد إلا تقوية لتلك الأفعال والسرودء وتغطية للاحتمالات 
والخيالات المبثوتة. 

ب- نصوص رحلية تلجأ إلى اتخاذ التواريخ مفتتحا للحكي 
حيث يطغى الطابع الكرونولوجي الذي يحول الرحلة التي رسمها 
- في شكل شذرات مؤطرة بتواريخ وقوعهاء وإن كان في أحايين 
كثيرة يلجأ عبر استعادات تفرضها الأمكنة المتوقف عندها -إلى 
تواريخ مستعادة من الماضي لاضاءة تلك اللحظة . 

وفي هلين النوعين من الحضور الزمني بهذا الشكل يتم 
التنويع من رحالة لآخر ؛ وبين نص مثقل بالتأريخ لكل الحركات 





331 


والأفعال» وبين آخر يشير -في تباعد- يلمح ويصهر النص كله في 





ات الزمن تختلف وتتعدد مع الرحلات السفارية 
والحجية والثقافية وغيرهاء فإن الزمن الرحلي المخطي والمتعلق 
بلحظات السفرء يحضر فني كل الأنواع والأشكال بصياغات 
مختلفة من أجل تحقيق وظائف شتى تظهر مع كل نص ورحالة ؛ 
فتتحغل هذه البنييات بأزمنة أصبحت في الرحلة جمزءا من البناء 
العام» وهي غير الأزمنة التي يحياها الرحالة في الواقع ويدونها بعد 
ذلك» وإنما أزمنة مستدعاة من الماضي القريب أو البعيد تخص 
تواريخ خاصة بالأمكنة وبالشخصيات أو بالأحداث من جهة» 
وتصب في ما هو ديني وسياسي وثقافي واجتماعي من جهة ثانيا 

1 . آليات تلقي الأخيلة 

1- في ققضايا التلقي ٠‏ يحقق النص الأدبي علاقات متعددة 
الأقطاب» متفاعلة بين عناصر أساسية في انبنائه وتأكيد خصائصه» 
والتي تتحول إلى سلطة تضمر متعة تخيلية جاذبة» مؤطرة بقطبين 
متفاعلين» حددهما الدارسون -في هذا المجال- في القطب 
الفني» الذي يمسثله نص المؤلفء والقطب الجمالي؛ وهو 
الإدراك الذي يحققه القارئ في تفاعله مع النص المقروء. 

إنها عملية معقدة لما يتعلق الأمر بعملية التلقي وماطرحته من 
إشكالات وامتدادات بتشابكة؛ سواء في مهدها وقاعدتها الكبرى 
بألمانياء أوتواصل ذا مدارس أوربية وأنجلو امريكية» 
وسعت من زوايا النظرء وانفتحت -مثل المدرسة الألمانية 

















332 


بتنوعها- على تصورات معرفية متقاطعة وتشييدات فلسفية ذات 
أبعاد وبصادر متنوعة» تتكئ على المنهج التجريبي في التعامل مع 
القارئ الفعلي» ومع التصورات الفلسفية الأرسطية؛ ومثالية 
باركلي» والكانطية» والتحليل النفسيء وظاهراتية رومان 
انكاردن #عنتسهه1؛ وبصمات ادموند هوسرل في رده على 
التجريبية والمثالية» وإيلاء الأهمية للوعي والموضوع الخارجي . 
أما البعد الهيرمينو طيقي» وملاحظات هانس جورج كادامير 
الأساسية فإن تأثيره كان ذا أهمية ومايزال . 

إنها مشاريع» مثلما يلخصها إلرود ابش 17" ويؤطر بها قراءته 
لنظرية التلقي . لكن الأسئلة التي انصبّت في كل هذه اتتصورات 
والسقاريات على المفاهيم ومن الزواياالمتعددة» مازال 
الببحث فيها بكراء رغم الجراءات المؤطرة والمستويات النظرية 

في الموضوع. 

وقد قاربت المفاهيم القائمة» ذاتية القارئ المتلقي» ثم النص 
- الإرسالية» مع تغييب أو إغفال لذات الراوي الذي هو في نفس 
مستوى المتلقي حسب جاب لتنفلت14 أو كلاهما يسهم في 
خلق العالم الي للخطاب السردي . ٠‏ فالتركيز على أفق الإنتظار أو 
التوقع. والذي يعول عليه ياوس كثيرا بية التلفي» صار جزءا 
أساسيا في بناء أي تصور حول التلقي» وأ في نظرية الأدبخ 
أثناء مقاربة مسألة التجنيس» دون الوصول إلى التدقيق في طبيعة 
هذا الأفق» الذي هو عنصر دينامي متحرك» غير ثابت» لا يخضع 
التزعات سيكولوجية» وإنما لنسق ثقافي وفكري مرتبط بخلفيات 


















333 


تاريخية مرحلية» ويتشيد ضمن سيرورة غير ثابتة» تتغير بحسب 
تغيير هذا الأفق أو اندماجهء انطلاقا من البنيات النصية الموجهة 
للقراءة وخصوصيات التفاعل والتحقق ومستويات التأويل» 
لأن «النص هو إنتساج يجب أن يكون مسصصسير تأويله جزءا من 
إواليته التوليدية الخاصة» فتوليد النص هو تحريك استراتيجية 
تشترك فيهاتوقعات أفعال الآخر كماهوالشأن في كل . 
1 

وفي ضوء هذه السيرورة يتخلق المعنى» ثم الإفتراضات 
التي تحتويه وفْقَ خطاطات إحالية لمرجعيات محددة» ولطبيعة 
الإدراك والمسافة» كما «الذخيرة المشستركة بين الباث 
والمتلقي هي الأساس في اشتغال نظام الفعل ورد الفعل ضمن 
نص فني مطين09, 

ويشكل مفهوم المعنى» وما ينتجه من وقع عند ايزز »#ه9/.1 
سبيلا لرسم معالم جمالية التلقي وتفاعلهاء مما يستولد جهازا 
مفاهيميا مؤسعاء يعطي للصورة حضورا استراتيجياء باعتبارها 
قطبامركزيافي 'تجسيد' و 
المتلقي» وعلاقة كل ذلك ب 1 :. 
تتغذى من طبيعة النص وخصوصياته؛ ضمن سلم الجنس الذي 
ينتمي إليه» وقدرته على تمثل عناصره وتنسيبهاء وبالتالي جعلها 
انتهاكية لأفق انتظار المتلقي» هذا الأخير الذي يحقق 'العبور' أو 
'اللاعبور' إلى مستويات المعنى والدلالة» من خلال قدرته 
على توسيع ديئامية القراءة ومسارات التواصل والتمصادي 











استرا 









334 


الإيجابي ليقوض المقصديات الخفية أو يهملهاء من أجل تحقيق 
قاعدة تأويلية . 

إن تعدد مستويات التلقي» والوضعية المشتركة217 
بخصوص النص والمتلقي» يحيلان على التنوع الممكن في ضبط 
تمؤضع القارئ وانبنائه . . فداخل كل نص؛ يتحقق شرط القارئخ 
الضمني» وكل نص يتشكل ضمن تفاعلات ؤجود فاعل حقيقي 
وآخر متخيل (المؤلف والسارد)؛ مقابل قارئ حقيقي» 2 
متخيل . وهو نسق يتشعب بحسب أبعاد النص» الذي هو تجربة 








بدورها إضافة وتحويراء تحقق تذاوتا وانبناء لأن «النص يفترض 
قارءه كشرط حتمي لقدرته التواصلية الملموسة الخاصة» و(...) 
أيضا بقوته الدلالية» 219 ؛ فالقارئ الضمني في ذهن المؤلف 
الحقيقي يتسج ضمن المكونات الأخرى ويتوجه إليه الخطاب 
في أكشر من موقع؛ بشكل ضمني أو صريح أحياناء لأن النص 
الأدبي بتعبير ايزر الا يُخفي معناه الوحيد في داخله ولكنه يقوم 
بمسجموعة من التوجيهات نحو تجميعه للمعنى من أجل 
نفسه»19». وهو ما يطرح وظيفة التلقي» فهناك تلقيات للنص 
الواحد وللمتلقي الواحد؛ وفي كل مرحلة تنضج خصوصياتها 
وشروطهاء يصبح التلقي نسق ا لمواضعات يمكنها أن تتحفق» 
وهذا أمر ل يغيب عن المشتغلين في هذا الحقل» من ثمة كانت 
الوظيفة البديهية للمتلقي -بكافة وجوهه واحتمالاته- هي الفهم 


335 


والتواصل ثم التأويل» وعبر هذه المستويات يتم ملء الفراغات 
البيضاء» باعتبار النص -كما يحدد ذلك امبرطو ايكونسيجا من 
الفضاءات والفنجوات التي يجب ملؤها20» في مرحلة العبور 
للتوسيع من دينامية القاعدة التخاطبية بين المؤلف والنص 
والقارئ» والبحث عن ايجاد وضعية ن خلال التركيبات 
العلوعية؛ وهو سايقرز بالفسرورة-خضوية الرسالةواللقي 











التلقي النظرية» باعتبارها استراتيجية جديدة لتعزيز 
نظرية الأدب وتحديثهاء هي أعقد بكثير من اختزالها في مدخل 
تركيبي» لكن الرغبة في مساءلة النص الرحلي انطلاقا من هذا 
المكون والمستوى؛ تستولد أسئلة أخرى تقارب النسيج النصي 
للرحلة ولآليات الكتابة فيها. 

2- التلقي والنقد :في إطار سياق تَشَكَل النص الرحلي 
العربي زانبنائه» كانت قضايا شاغلة في النقد العربي القديم تصوغ 
أسئلتها حول التلقي في حقل الشعر بالأساسء بخلفية تستند 
إلى التراث البلاغي النقدي وتقاطعاته مع الفلسفي » حتى أن أهم 
من قعل أسئلة التلقي هم الفلاسفة المسلمون (الكندي» 
الفارابي ابن سيناء ابن رشد... ) والنقاد المشتغلون بقضايا 
منطقية وفلسفية» وبلاغية أدبية (عبد القاهر الجرجاني» 
حازم القرطاجني ...) 

وقد ارتبط هذا المبحث بالشعر باعتباره حقلا لتنمحيص 
المعطيات والمفاهيم-وا ,التي يمكن اخمتبار النص السره دي في 


356 


اضوئها انطلاقا من قضية اللفظ والمعنى عند التقاد العرب- 
والقائمة على الغرابة؛ إضافة إلى مجموعة مفاهيم أخخرى مؤطرة 





ا 0 
مشل : اللطفء والإبداع؛ والبلاغة؛ والبيان» وعناصر أخرى 
تتضافر في سبيل بناء صورة أو تصوير معنى وخلق شروط إدراكه؛ 
عن طريق تفعيل التخييل والمحاكاة (الفارابي)؛ لأن معالم 
«الإستجابة التي يحدثها التخييل في المتلقي؛ في ضوء حقيقة 
مؤكدة في علم النفس الأرسطي» مؤداها أن الإنسان كثيرا مايتبع 
انفعالاته وتخيلاته أكثر مما يتبع ظنه أو علمه)!21©. 

إن الصوغ الأدبي بالبناء الفني للجملة؛ في إطار متواليات 
تشكل معنى عامّاء يجيئان لهدف قصدي هو التأثير وخلق تلق 
عام وآخر خاص ؛ النص الرحلي -تمثيلا- فيه؛ يهدف إلى خلق 
متعة ومعرفة» عبرهما يتشيد خطاب تعليمي تربوي وأخلاقي» 
ولاشك ان التصوير بأشكاله وبعث صور متعددة المستويات يهدف 
-حسب الفارابي- إلى الفائدة والراحة» أو التعجيب واللذة. 

3- الرحلة والتواصل «تختزن السرود القديمة أكثر من 
متلق في النص» ففي نص " ألف ليلة وليلة' يتمظهر المتلقي في 
النوع المتضمن لشكلين أولين في البناء الحكائي : 
المتلقي الرئيسي : شهريار» ثم المتلقون الفرعيون والمتناسلون . 

النوع الشاني هو المتلقي الضمني - الواقعي الذي سيقرأ 








337 
م1 - الرحلة فى الأذب العريى 


الكتاب» وهو القارئ الشعبي المغرم بالعجائب والخارق 
وفوق الطبيعي. 

أما الإرسالية في * كليلة ودمنة ' فتتوجه إلى دبشليم» وإلى 
متلقين متخيلين أيضاء ثم المتلقي الضمني وهو القارئ الحكيم 
الذي يفك الرموز ويستنتج العبر . . بينما تلجأ المقامات إلى المتلقي 
- المؤلف في بناء النص» والمتلقي الضمني الباحث عن اكتساب 
اللغة والمتعة ؛ أما السير الشعبية فالمتلقي فيها ضمني يرمز إلى 
القارئ الشعبي المتطلع إلى التغذي بالحس البطولي والقيم 


المنافحة عن العروية والدين. 








التواصل والمسارات العجائ لتي تجسر قطبي الفني والجمالي 
(النص والتلقي)» وإذا كان الأمر كذلك» فكيف يتمظهر التلقي في 
النص الرحلي » بافتراض أن المتلقي ليس واحدا؟ . 


338 














سؤال سيكون مُضللاء لوتم البحث مباشرة عن جواب 
الل وضصيح قطبي الإشكالية» لكن المسألة أعسمق من ذلك؛ 
بحثت في المتلقي لم تهتم للمسألة في النص 
الرحلي» وبالتالي أغفلت أ يكون الرسال المؤلفالراوي» هو : 
نفسه المتلقي الأول الذي تلقى الرحلة -قبل تدوينها- فعلا 
ملموساء ثم قام بتتحويلها إلى صور تخييلية عبر قناة التذكر. 
آنذاك» يتحول الرحالة إلى راو وقارئ لتجربة معيشة؛ ساهمت 
المشاهدة والتخيل في بناء صورهاء وأسست لمرجعية. 3 
وقاعدة أولى بين الرحالة والمؤلف الراوي» الذي يحقق 
ووفائع» تتحول -وهي خليط من حوارات وإرساليات وتلقيات 
وفعل تجسيدي- إلى 
خاضع للإختزال والتكثيف بناء صور» تتموقع فيها الذات راوية 
مشاركة» ومتلقية مشاركة . 

فالرؤية هي مستوى أول من التلقي» والسمع مستوى ثان 
يتشكلان وينموان إلى جانب مستويات أخرى ضمنها التذكرات» 
والتخيلات» والتخمينات والتأويلات... فتحقق استراتيجية 
التلقي عند الرحالة الراوي نفسه في مرحلة التلقي الأول 
المباشرء الذي هو تج ة ستشحول في مرحلة التلقي الثاني 
المكتوب إلى إرسالية إدماجية للقارئ. وإذاكان بعض المتلقين 

في الخص الرحلي ييسحثون» بموازاة الوقع 
الإرسالية» فإن الأجدر بالبحث هو اعتبار الإرسالية تخبيلا ومقدرة 
لغوية» فضلا عن نسق من آفاق الإنتظار المتراكبة بدءا بأفق الراوي 

















5339 


ثم أفق القراءكمايتخيلهم المؤلف الحقيقي؛ أوكما 
تفرزهم القراءة . 

فكل نص منجز هو ناقص بالضرورة. وسلظة المؤلف أو 
النض هي سلطة لا مكتملة بالتأكيد» لأن قطب المتلقي ينتج آليات 
ومكونات لتلقي الأخيلة ولتوليد الإحتمالات المنسية » غفلاء في 1 
الحذوف المترتبة عن السرد الكرونولوجي . 

يققدم أفوقاي في نصه الرحلي » فعل (اعلم) في صيغة الأمرء 
مخاطبا متلقيا عبر إخبارية يضطر من خحلالها إلى الربط في البناء 
السردي لمعرفة اسم المدينة (برضيوش)» والبحث عن الجغرافية 
للحصول على اسم النهر (نهر لاكارون) . فهو يدفع القارئ كي 
يكون متلقيا إيجابيا : يتلقى الخبرء ويبحث عن ملء فراغاته» 
ويدفعه إلى التعلم ومعرفة طبيعة السجال ونوعية الآراء المتداولة . 
وفي كل مرة» تُشكل الحذوف فضاء أثيريا للراوي والمتلقي» 









1 يث الفعل والكتابة؛ في 
ارتباطها بخصوصية النص الرحلي دون باقي النصوص السردية أو 
الشعرية» لكونه نصا مفتوحا يتضمن عناصر من حقول مختلفة : 

جغرافياء وتاريخ» وأنساب» وتراجم؛ وسيرء وحكي 
:شخصي... وهو في مستوى آخرء إعادة إنتاج لنصوص أخرى» 
مثلما يشكل قالبا لنص/ نصوص سابقة أو معاصرة له. وبالتالي فإن 
القراءة بدورها ستكون مفتوحة ومؤطرة بنضوص أخرىء لأن 





5340 


المتلقي يقرأ النص بخلفية انتمائه إلى جنس الرحلة» وما يخلقه 
من فراغات» يبحث عن ملثهاء فخاصية النص الرحلي أنه يكتب 
وفق إطارء هو نف سه الذي يؤطر القسارئ ويج عله «أسيرة 
الجن س/الإطار والحدود» فلا يحقق أفق الانتظار الباحث عن 
الاندماج . 1 

والقراءة من هذا المنظور هي -بتعبير ستانلي فيش-/22) نشاط 
تذاوتي» خسصوصا حينما يتعلق الأمر بنص رحلي يتتدمي إلى 
النصوص الشخصية» التي تحكي عن مسيرة الذات والروح في 
أمكنة وأزمنة محدودة» والمتلقي كلما يق رأمثل هذه النصوص» 
يدخل في علاقة تفاعلية مع تجربة ستحقق له «متعة وفائدة» . 

يحفق النص الرحلي سياقات وعلائق تواصلية مع الذات 
الساردة وسخاطب مباشرء تتم الإشارة إليه في بعض الأحيان 
بشكل صريح أو عبر أدوات الخطاب. 

يصر أحبد بن قاسم لحني لافوقاو) في فذهيف لراية 
«ناصر الدين على القوم الكافرين؛ بالمتلقي الذي يقصده قائلا :1 
«وطَلّب مني غير واححد من علماء المسلمين أن أعمل تأليفا بذلك» 
ولم يتفق العمل» إلى أن أمرني شيخنا وبركتنا بمصر المحروسة 
, بالل.ء وهو العلامة الشهير علمه وثناؤه في الأقطار والبلدان : 
الشيخ على بن محمد المدعو زين الدين العلامة الشيخ عبد 
الرحمن الأجهوري المالكي ... 20 كما يقول في فقرة أخرى : 
«قرأت الرحلة المذكورة على الشيخ الفاضل المذكوز» (ص19)» 
وير فعل «أمرني» ثلاث مرات في هذا التقديم؛ مما يفضي إلى أن 








341 


متلقي الرحلة هو قارئ حقيقي» ذو مستوى علمي عال» حيث يتم 
افتراض قارئ شبيه (مضاعف) مجردء من نفس المستوى . 
ويسعى أفوقاي إلى تأكيد ماجاء في خطابه المقدماتي وفي 
الصف حات الأخيرة من نص الرحلة» حيث يذكره الشيخ علي 
الأجهوري من خلال تدخخله في بنية النص : «وطلبت منه أن كل 
مايظهر له أنه غير لائق أن يأمرني باسقاطه ونصحني» وتفعني 
بعمله ونيته الصالحة» (ص135) . وفي كل الحالات يتكرر فعل 
الأمر ويتدخل القارئ الذي يصبح مشاركا وموجها للنص في 
مراحل الرواية الشفوية والتدوين الكامل ثم التلخيص. ويعرض 
أفوقاي لمسألة التناص والتقاطع بكون نصه ليس سوى علامة 
' تلتقي مع علامات أخخرى تكشف عن وجه المتلقي في المؤلف» 
وذلك باندماج قراءاته-من كتب دينية وفقهية- في نصه 
الرحلي 90 
وعبر تضاعيف النص تتحدد مرجعيات السارد ووعيه المؤطر 
بنصوص أخرىء كما يتوضح حضور المتلقي متوهجا في مفتتح 
العديد من أبواب الرحلة بفعل «اعلم في صيغة الأمر : 
«اعلم أن بين باب الكعبة شرفها الله؛ وبين الركن العراقي 
موضعا طوله اثنا عشر شبرا وعرضه نحو النصف من ذلك:!5©, 
فسالراوي الرحالة يخاطب قارثا يرغب في العلم بأسرار 
المواضع التي ارتحل إليها ابن بطوطة؛ والذي يتخول إلى 00 
وجغرافي؛ في إطار دينامية الفعل المستحكمة في 
الأبواب وفي بنية السرد عامة» لأ لبعةالإخبار توش أن نص 











342 


هو اخختصار لرحلة بتفاصيلهاء جاء بناء على طلب متلق شخص 
متعين وملموس . 

أما العبدري» فإن قراء رحلته -حيث يعلن عن ذلك في 
تقديمه- هم شيوخه بمصر وغيرها : #وكان شيخنا زين الدين بن 
المنير حفظه الله؛ يستحسن مايقف عليه منها وقد 
أكملتها ... “اص 6) . بالإضافة إلى حضور المتلقي الضمني الذي 
قيد العبدري رحلته من أجله. وهذه خاصية في الرحلات 
الحجية: التي يكون متلقوها من صنف القارئ الفقنيه المتعلم؛ 
والقارئ العادي» فيما يتوجه خطاب الرحلات السفارية إلى 
الآخر» ويمكن أن يكون تقييدها على غير صيغة التقرير» مثلما 
الأمر في رحلة ابن فضلان والتي تُفرز ملاحظتين أساء 

- حضور المتلقي الضمني والعام مع غياب إشارا. 
مخاطيا معينا بالإسم أو الضمير (أنت + الكاف) . 

- بروز فعل «قال» في لحظات تجكد الحكي»: وهو الفعل 
الذي يشير إلى أن راويا (ياقوت) ينقل كلام السارد (ابن فضلان)» 
بمعنى أنه كان متلقيامثقفاء مؤرخا وجغرافياء وعالمافي 
الأنساب. 

تكمن خمصوصية التلقي في النص الرحلي في البئيات النصية 
الموجهة إلى جمهور خاص من الفقهاء أو الأمراء أو الأشخاص 
المعنيين من جهة» والقارئ العام الباحث من جهة أخرى عن فائدة 
أو متعة في الرحلة باعتبارها مشاهدات ومغامرات للتصادي بين 
الأحداث في سيرورتهاء وأحداث السرود العربية الكلاسيكية 











تفيد 


343 


الأخرى الحافلة بالأخيلة. فرغم الإضناءة الخلفية التي تحتمل 
النص بصفته مقصديات وحقائق» فإن مسار القراءة يتتجه للحفر 
عن الأخيلة؛ ويسقد الراوي بعض سروده لتدوين العجائبي 
واللامألوف. من ثمة فإن السؤالين اللذين طرحهما «ايزر» حول 
كيفية استيعاب النصوصء وحول البنيات التي توجه القارئ في 
معالجة النص 06 يجدان في تحليل مسألة التلقي من خلال 
الرحلة انفتاحا عن تلقي الأخميلة والبنيات النصية الإخبارية التي 
تخاطب وجذان المتلقي بتوظيف مشاهدات واستيهامات تشحذ 
العواطف وتستميل النفس . 

يشهد أحمد بن جزي أن السلطان المريني أبو عنان هو الذي 
أمر ابن بطوطة ب الرحلة بعدما رواها عليه شفاهياء وهو 
مايؤكده ابن بطوطة في مقدمته للتحفة» الأمر الذي يفيد ان بناء 
هذا النص مثله مثل العديد من الرحلات الأخرى التي انكتبت»» 
بناء على رغبة مستمع» يريد أن يحفظ الإرسالية في مكتوب 
يستفيد منه قراء آخرون» يحتملهم الآمر والرحالة والراوي. إنه 
المتلقي الخاص الحقيقي» وبعده يجيء متلقون مفترضون 
ومجردون. فالخاص يتدخل -أحيانا- في النص» كما يفترض 
تدخل ابن .جزي في نص رحلة ابن بطوطة؛ وتدخل علي 
الأجهوري في رحلة ناصر الدين. بل يمكن الوغل أعسمق من 
منطلق أن الرحالة والراوي هما المتلقي الأول الذي يستسعيد 
الأحداث؛ وفق خطاطة وتصور مسعسينين» تتحكم فيها 
خصوصية الجنس ونوعية الرحلة؛ وأيضا ثقافة ووضعية 











344 


الرحالة؛ مما يمكنه من إنجاز نص تحويلي خاضع لتفسيرات 
وتأويلات وحذف وتنظيم؛ دون إغفال مسألة الحكي الشفوي 
الأولي» ثم كتابة ذلك الحكي من طرف الرحالة نفسهء أو من 
طرف راوية يتكفل بالتحرير. 

هذاء بالإضافة إلى عوامل أخرى؛ قبل أن يصل الى المتلقي 
المتعين والمفترض» والذي ليس واحدا منسجماء أمام نص لام 
يقود بالضرورة إلى نضصورة واحدة. ذلك أن «تلقي النص (كنسيج 
من الرموز) يختلف من متلق لآخر بل إن تلقيات النص الواحد 
تختلف عن بعضهاء ولو كانت الذات المتلقية واحدةء وذلك 
باعتبار أن فعل التلقي يخضع لشروط خارجية (المكان والزمان» 
ووضعية فعل التواصل)؛ كما يخضع لشروط أخرى داخلية 
ة وسيكولوجية؛ وأخرى تتعلق بمعطيات وضعية 
الاجتماعية)»!7©, 

عبر هذه الأفعال» تتأسس الوظيفة التواصلية والتفاعلية يين 
الموضوع والذات» مما يكسب القراءة بعذا تذاوتياء لأن الذخيرة 
المشتركة تفرز مرجعا ووضعية مشتركتين؛ بتنسيب ضروري يجعل 
التواصل تفاعليا يبنين الإستجاباء ت؛ ويولد مسارا تحققيا 














لية التلقي» وعيبا 
بثنائية اللفظ والمعنى» وأهميتها في نسج صورة أدبية متخيلة» 
تشكك في التعدد ؛ إدراك واقع ثان "سحتمل» ينهض من 
الواقع المتخيل . 








345 


إن الأحداث والإخباراتوهي تتراوح بين عمليتي السرد 
والوصف- تخلق ويعسسبت ندا نات وق بسح تسجي جا رلا 
وفائدة . 

«"فركبت معهم حتى صرت إلى النهرء فإذا أنا بالرجل وإذا هو 

بذراعي إثنا عشر فراعا. وإذاله رأس كأكبر مايكون من القدورء 

اه يا 1 ا 2 

كي فزاس أبرء وتاج ماذخل الوم من لزع وافلا كلنيه 
ولايكلمنا » بل ينظر إليناء”” 

يستشعر المتلقي حركية السرد والتدقيق في الوصف القريب 

يي ل ن 










ا 
آخر مكيف ومحول» 0 إيزر١29-‏ تعكس 
أنظمة دلالية تضيء مستوى معينا وتأويل خاصة؛ كما تؤكد 
التركيب المعقد لعلاقة النص الرحلي ب«الواقع» عبر التجربة» 


وتحويلها ثم تلقيها. : 
يتشكل الواقع المدرك في الدخييل من متواليات بناءات 
صورء تتضمن فراغا يشكل بنيات نموذجية في النصء تفرزها 





العبة الزمن ومايرافقه من حذوف واختزال: لأن النص الرحلي - 


346 


ككل النصوص- يخضع لاستراتيجية تحقق عبر الأفعال الكلامية 
وياقي المكونات تواصلا وتفاعلا . 

ويندمج المتلقي وهويق رأ رحلة تغذيها ذخيرة من اليقين 
الواقعي والإحتمالات وأيضا من الحركة والمفاجأة والعجائب» 
في نسيج البناء ويصبح متجا لصور ذهنية بواسطة التمشيل 
والتخييل» تتحول إلى تركيبات طوعية نه«نععد! كموغطامرر5 بموازاة 
الصور المنجزة في النص ‏ 

فحافز الواقعي يتمثل على نفس درجة الإحتمالي إضافة إلى 
تأثيرات الزمن والتحويلات الممكنة؛ وصياغة الحكي وجنس 
الرحلة والطبيعة النفسية للذات الراوية» وغيرها من العوامل 
المتشكلة في اللحظة والسيرورة. 








إحالات 


1- نعكقم© بات بععمم؟ يعمتماعتط'! عل معلدموك! فعنة ١‏ مم15 1 - 
.595 ,1992 


2- يحضر المكان» بشكل لافت» في كل التصوص الحكائية القديمة» 
منذ اليداية. رقد يجيء واقعيا بأحداث واقعية أو 
محضا. 






3- - حسين محمد فهيم أدب الرحلات. الكويت؛ سلسلة عالم 
المعرفة » عدد 138» يونيو 1989 ص43 

4- العبدريء ص 39. 

5- العبدري» ص 64. 

6 832 ,معلا ,سمعهده .از 

7- ابن جييرء ص 80. 


347 


8- الاقتباسات من رحلة ابن جمير في وصف المدن لم تقف عند الرحالة 
الذين جاءوا بعده وإنما من طرف المؤرخين كالمقريزي في خططه» 
ومن طرف الأدباء كالمقري والشريشي . 

حسين نصارء ص13 
غرافيا الوهم. لندن؛ رياض الريسء ط1 







بطوطة : تحفة النظار. ص 629. 
3 انظر : عاءنهة عمتسمعانآ «منامععقء ه1 : طعوطا .«اناعبلع - 
دام هآ بمعطلدكة اعتمده عمم لمممعالت! مك هه ,00249-271 ,كعبر 
ادقن : ع#مطعما.8 ,مع امع.0 عبتعوع8 .ل اممعومفلة : العم 
.1989 لماوع سملمة" ,لا لله يعافر 


14-عل اسمم ما يع«تمصصهم عتومامجور عق تممعظ : العبامنا مهول - 
1981 65 0 غوول عمنهطة! ,عولزلمهة ا علمممط ,عبد 

15- امبرطو إيكو :: القارئ النموذجي [ضمن كتاب جماعي : دراسات 
طرائق تحليل السرد الأدبي» منشورات اتحاد كتاب المغرب» الرياط 
ط1ء 1992 [ترجمة أحمد أبو حسن]؛ء ضص160. 

16- ادريس بلمليح : استعارة الباث واستعارة المتلقي [دراسة 
ضمن مؤلف جماعي] نظرية التلقي : إشكالات وتطبيقات» منشورات 
جامعة محمد الخامس» كلية الآداب والعلوم الإنسائيةء ص 109 . 

7-ثله عسوتاعطى مالعا عل عصمكطا ز عمسعها عق علعة : جعوا للا 

.5295 ,985! بدههلمداا معام 

18- امبرطو إيكوء مرجع سابق» ص 159. 

19- فولفكانك ايزر : أفاق استجابة القارئ [غسمن مؤلف جماعي] 
من قض والتأويل» جامعة محمد الخامس كلية الآداب والعلوم 
الانسانية. الرباط» 1995 ص 223. 

20- امبرطو ايكوء مرجع سابقء ص 158. 

21- جابر عصفور : الصورة الفنية في التراث النقدي والبلاغي 
ممند العرب. الدار البيضاءء المركز الثقافي العربي ط 3 1992 . 












348 


22- ورد الاستشهاد ضمن ملف (جمائية التلقي) : مجلة دراسات سميائية» 
أدبية» لسانية؛ العدد6: خريفء شتاء 1992 . (مقالة] : عبد العزيز 
طليمات : الوقع الجمالي وآليات إنتاج الوقع عند : 
و.ايزر» صن54. 

3- رحلة (ناصر الدين علئ القوم الكافرين) : ص 18 من التق 

4- نفس المرجعء الصفحات 58 59: 60 و 143.137 . 

25- ابن بطوطة؛ ص 150 وعند أفوقاي «اعلم -رحدمك الله- أن'في عام 

ست وتسعين مائة» ص 23. 


«اعلم انها من أعظم مدن فرنجة على حاشية البحر من بلاد الأندلس» 
ص371. 









رقصدنا تلك البلاد» ص105 . 

اق نقد استجابة القارئ» مرجع سابق» ص216. 

7- كونتر جريم : التأثير والتلقي "امسلل والموفييع» 
[دراسة في مجلة] دراسات سميائية؛ أدبية لسانية؛ عدد 7- 
المغرب [ترجمة أحمد المامون] ص18 . 

28- رسالة ابن فضلان ص 137 . 

9 - عسوةعطاى غعلله'! عل عأعمنطا عمساعها عل ماعل : بعواءللا - 

١985, 32‏ ,مهدلعماا معام .لك 


349 


خطية كلاسيكية تخبر بكل ما يتعلق بالمهمة والأخداث المصاحبة 
لها أو التي كاتت قبلها وترتبط بها . 

فالطابع السفاري الذي هيمن على الرحلة» جعل السرد يفقد 
بعض خمصوصياته فلا يجئ سردا اعترافيا يبوح بالحنين ويؤطر 
التذكرات بالذات ويحرر السرد» وإنما هو سرد تقريري ببعض 
العموميات والخصوصيات البعيدة عن الذات والمتجهة ‏ جلها 
نحو الآخر. 

وقد كان بإمكان السرد أن يكسر || جه في خطوط هي ٠‏ 
نسيج متواز من التقاطعات السردية المشكلة لسلاسل كاملة من 
الحكي في تجربة رحلية استغرقت أحد عشر شهرا ذهابا . 

وتعتمد الاستراتيجية السردية في رحلة ابن فضلان على 
' الخطية لخلق سياق استقطب قطبي الحكي والتأريخ؛ عبرهما 
توجد المتتعة الفنية من خلال الحوارات المتولدة عن السرود 
والأوصاف. 1 

وهكذاء فإن هذه الاستراتيجية جاءت مقطرة لم تعتمد العديد 
من الأساليب الرحلية وإنما تضمنت سردا للمشاهدات وبعض 
المسموعات من حوارات مع حذوف وتلخيصات ملازمة أعطت 
للسرد طابع الانتقائية . وأيضا في البحوارات عبر الترجمان. وكلها 
تضيء سرودا تخخص الآخر والبُعد الاجتماعي . 

3-1 نهج ابن فضلان سبيلا مزدوجا في الوصف لم يلجأ 
إليه إلا في حالات قليلة حينما أصبح السرد منتتشرا يلتقط 
مشاهداته؛ بينم كان حريصا باستمرار على استبعاد الأوصاف 





5355 





وقدقام الوصف بدوز حيوي في تنشيط السرد وتحفيق 
الانتتقالات المهمة في الرحلة»؛ خضوصا في لحظة العبور الأولى 
المتسمة بشح في المعلومات» لم يبدأ الحكي بشكل منتج إلا 





حينما بدأ تشغيل الؤصف بموازاة وتناوب مع السرد. 
وتمثلت الأوصاف الواردة في ما رآه الراويالرحالة» بشكل 
محدود؛ سواء في تصوره المزدوج للشخصيات التي التقاها 
وتعرف عليها بحكم مروره عليها؛ أو شخصيات توجه إليها مباشرة 
ضمن سفارته. وقد كان تصويره لها مرتبطا بالاجتماعي من خلال 
مظاهر الحياة الاجتماعية أو من خلال السلوك الدائحلي ‏ النفسي . 
وإذاكان حضور الوصف متواترا ببعض المشاهدات المتعلقة 
مية» العامة والخاصة لساكنة تلك المناطق» العابر منها 
0 المنعقل إليهاً -من عوام وملوك وجئود- حول النقودء 
. والألبسة. والأكل» والعنفء والمعاملة؛ والموت» وتحول 
الليل والنهارء وتقاليد أخرى» فإن ابن فضلان لم يلجأ إلى 
. الأسلوب الجغرافي ليصف المسالك والعمران وإنما اكتفى 
بالاشارة والتصريح بالمحن التي لاقاها جراء أحد عشر شهرا من 
المسير والمعاناة من الطبيعة والأنهار أو من بعض ممن لقيهم . 
كما يؤدي الوصف في الرسالة وظيفة محلدة باعتماده 
على فعل الرؤية بالعين والحوار المباشر والمنقول» فنجاءت 








356 


الصور يقينية أكثر منها احتمالية» ومتجذرة في المشاهدات» 
فتتحول الأوصاف من انطباعات وتأملات إلى إخبار بحقائق 
وعجيبة وغير مألوفة . 
ارابن فضلان طريقة في تق 
ايراد ما رآه وسمعه بنفسه لصياغة الخبراليقي 
الكاتب”3)بعيدا عن الشك والاحتمال. 

فما ينقله الراوي. -الرحالة هو عبارة عن تجارب الغير -وقائع 
وقعت له وللجماعة أثناء الاتنقالات- والمتمثلة في حكايات 
صغرى تتفرع عن العبور أو الوصول. وهكذا يصبح الخبر أنواعا 
ضسمن النسيج العام لرسالة ابن فضلان بالإضافة إلى الأخبار 
الخاصة والأخرى العامة ؟ فهناك حبر التحذير الذي يتكرر ليفيد 
الحيلة والانجاز : 

«فلما سمعت كلام عبد الله بن باشتو وكلام غيره يحذرونني 
من هجوم الشتاء رحلنا من بخارا را. إلى النهر» (ص 0 

أو يرد للتحذير فعليا من قساء يجيء في 
سياقات تالية على لسان ابن فضلان تجاه الآخرء خصوصا ما تعلق 
بالدين . وهذا النوع من الأخبار دينامي يصف الصدام ويقدم 
المعرفة» وقد تضمن الحوارات» كما عاش الحكايات المتعلقة 
بالمحن التي لاقاها أثناء العبور وأداء المهمة في الوصول» وهو 
الخبر ‏ الدرس المتضمن للتحذير بقصد إنجاز طقوس ومراسيم 
خخماصة أثناء قراءته للرسالة وتعليم ملك البلغار كيفية الدعناء من 
المنبر أثناء الخطبة©» . 

















357 


نوع آخر من الأخبار المتعلقة بماهوثابت من مشاهدات 
رآها فأوردها مع غياب أخبار التراجم والأخبار المستقاة من 
مؤلفات الجغرافية والتاريخ والاكتفاء بالرؤية والسماع 
المباشرين : - 
«ولقد بلغني أن رجلين ساقا اثني عشر جملا لتحملا عليها 
حطيا من بهض الغياض فنسيا أن يأخذا معهما قداحة وحراقة 
وأنهما ياتا بغير نار» فأصبحا والجمال موتى لشدة البرد . 
ولقد رأيت لهواء بردها بأن السوق بها والشوارع لتخلو حتى 
يطوف الانسان أكثر الشوارع والاسواق فلا يجد أحدا ولا يستقبله 
إنسان» ولقد كنت أخرج من الحمام» فإذا دخلت إلى البيت نظرت 
إلى لحيتي وهي قطعة واحدة من الثلج حتى كنت أدنيها إلى النارة 
(ص . 85.84 . 
يرد الخبر بهذا النوع للإخبار بأساس الحكاية في هذه الرحلة» 
. وهي المعاناة من الثلج والتقلبات الجوية والنهرية؛ بحسب ما بلغه 
من خبر مسموع لم يعشه وإنما سيروي ما يماثله ويزكيه . 
لذلك فإن الخبر هو الادراك والتجرية بالاع تماد على 
السند باعتباره فلا إنتاجيا للأخبار بصيغة ماء ولم يرد لديه مرجعا 
يستئد إليه من المؤرخين أو من الجغرافيين أو ممن لقيهم. وإنما 
كلما أورد سماعا معينا أو ما يوازيه أحاله على الغائب والنكرة من 
قبيل : (ولقد بلغني . وأمرنا من كنا نأنس من أهل البلدء وسمعتهم 
يقولون. وقال بعضهم. . .) وبهذه الطريقة يتحول الخبر عند ابن 
فضلان إلى مصدر ويقين وسند يعتمده المؤرخون لوصف أحُوال 





558 


تلك البلدان باعتباره المصدر الوحيد الذي زار وقيد مشاهداته في 
تلك البلدان وفي تلك الفترة. 

ويمكن اعتبار الفعل الابتدائي المحرك للخبر هو الستد 
الوسيط في تقوية حضور الخبر وإعطائه نكهة مميزة؛ فبنية 
المحركة للجمل تتألف من أفعال الانطلاق وأفعال التجسير وجلها 
يقوم بوظيفة الربط وتحقيق الادراك واليقين ذ نّ 
الأفعال الحسية ‏ الديناء ذات البعد التفعيلي للحكي والمتحكم 
في المعجم العام وما يحفل به من مفردات أعجمية مدمجة طبيعيا 
كما هي ضمن المعجم العربي تتفاعل وتؤدي وظيفة هذا «التعدد 
اللغوي» المكتسب لخلق تواصل ممكنء ذلك أن «قدرة الكلمة 
الواحدة على التعبير عن مدلولات متعددة؛ إنماهي خاصية من 
الخواص الأساسية للكلام الانساني6!»: وقد استعمل ابن 
فضلان في معجمه سجلات متفاعلة ومتكاملة فيما بينها لتحقيق 
القصد الغام . 
٠‏ إن مجيء الأفعال بصيغة *النحن" حيناء وبصيغة المفرد 
حينا آخرء يخلق توازنا في السرد الرحلي السفاري الذي يحكي 
مراحل الرحلة السفارة أساساء فلا يحتاج الراوي أن يعبر عن 
بعض رؤاه وتأملاتة واستيهاماته أحيانا إلا حين يجنح بالسرد إلى 
الإخبار عن الآخر وعن بعض محن السفرء أو حين يوظف أفعالا 
من قبيل رأيت ؛ أو ينخرط في حوارات مع الآخر عبر الوسيط بلغة 
تلعب دورها الاستراتيجي في كل تجلياتها. ورغم ذلك؛ فاليناء 
اللغوي عند ابن فضلان هو عالم هندسي لايجاد حقائق وتأكيدهاء 

















359 


من تم #تعتبر اللغة أداة صلبة يستعصي اقتحامهاء فلا تسمح لنا 
*“بقول شيء* دون نقل موقف من هذا الشيء حين نتكلم أو 
نكتبء » فالكلمات أو الجمل التي نختار ترجع الصدى لمستمعينا 
أو قرائنا وتصدر مغازي ممكنة»©»: وهو البعد الذي يمكن النظر 
من خلاله إلى التركيب الأسلوبي العام للرحلة. 

2. . الرحلة والتجربة: لكل رحلة آثار في الواقع والنفس» 
وطريقبة خماصة للادراك وخلق المسافة مع هذا الواقع. فتتحول 
الرحلة بكل أسرارها ومعطياتها إلى تجربة تكتنز تجارب متفرقة» 
ضمنها معطيات وآراء ومسبقات. وبين الرحلة والتجربة يحضر 
الراوي في بعده الذاتي بصفته متلقيا وراويا لهذه التتعجارب من بينها 
تجربته المنصهرة باعتبار أن الرحلة تؤشر لشكل الحيا: بتعبير جان 
كلود بريخت 7 ولشكل الكتا؛ . كما يحضر الآخر في بُعدم 
المقايرثم الأنكة م فضاءات للتجربة وتفاعل بُعد الذات بالآخر. 

1-2 يُعد الذات يجسد الراوي في هذا القطب الأوامر 
والرؤى والمشاهدات التي عاشهاء وهو رحالة» في نص رحلي 
ذي بناء واضح يتضمن معطيات وبنيات تخييلية من خلال حضور 
الذاكرة التي اتتقت تفاصيل وأحداث وحوارات في مسيرة دامت 
إحدى عشر شهرا. 

إن التجربة التي بصوغها الراوي هي التحقق الفعلي للحقائق 
المادية المتصلة بالمتخيل المتجسد في الكتابة عبر الانتقاء 
والتحويل والتعديل والحجب والإضافة؛ لذلك فبُّعد الذات 
الراوية لا يطابق- بالفسرورة-ذات الرحالة الذي عاش متتدبا في. 

















360 


مهمة القراءة والإهداء والإشراف. من هنا فيان تأمل حضور 
الضمير في النص يكشف عن هذه المسافة وتجليهاء فانون الجماعة» 
5 الحكي وتقوده لمدة طويلة قبل أن يطفو ضمير 
المتكلم بعد الاستثناس بالأنا داخل #النحن؟» والتذويت الذكي 
لهما في البداية إذ يرتبط ضمير المتكلم الجمع بأفعال سفر العبور 
والارتحال دون التوقف» في حين سيبرز ضمير المتكلم المفرد 
المعبر عن ذات الرحالة في بخارا مرتبطا بفعل الرؤية ثم الوصف. 
إن الفسمائر في رحلة ابن فضلان هي وسائط دالة للتويع 
وتأكيد جنس الرحلة وخلق التراوح الممكن بين الذات الجمعية 
والذات الفردية له باعتباره ممثلا للخليفة وللجماعة ثم لنفسه ؟ 
فقد تحدث في حواراته وهو فقيه ومسؤول من طرف المقتدر 
بالله؛ وحكى مارآه واصفا ومعلقا من منطلق كونه رحالة مسلم» 
وكأن الرحلة التي هي مدرسة للتجارب”" في نهاية المطاف» 
تقرير تم انجازه لهذه النحن والأناء مختطا أسلوبين متوازيين : 
أسلوب الأديب الواصف ويعتمد الايجاز بدون تكلف ؛ وأسلوب 
الفقيه الواعظ, فلا غرابة أن يكون الأسلوب والضمير في نفس 
الكفة لتأدية مدلول وا: ١‏ 
«ونزلنا مع الملك منزلاء فدخلت أنا وأصحابي تكين 
وسوسن ويارس» ومعنا رجل من أصحاب الملك بين الشجر 
فرأينا عودا صغيرا أخضر» ص . 128. 
ويغدو التراوح بين الاسلوبين تشكيلا لمسافة ضرورية تنضد 
التجربة وتضطلع برسم الأوعاء وإدراك الأحاسيس المرافقة في 














5261 


كل الرحلة» والتي يعبر عنها الراوي باسمه ونيابة عن مرافقيه : 
الخوفء والفزعء والتعجبء والدهشة؛ والحيرة. . . وهي 
مشاعر مختلفة تختزن تعليقا وموقفا من المشاهدات وبالتالي 
توجيهاء فالمسافة بين الرحالة والراو: بالأساس تدفعه لأن 
"يبني أثره بطريقة تملي * الوضع الرائي ' الذي يتعين على المشاهد 
تبنيه على نحو متناظر مع النصوص الأدبية» وعلى المؤلف توجيه 
نفسه وقارئه في ما يتعلق بمضمون عالمه المتمثل [. . . ] ويتضمن 
هذا التوجيه تموضعا في المكان والزمان» قد يبدو المؤلف أو 
راويه بعيدا أو قريبا جداء محرا لمادة تاريخية أو شاهد عيان»©. 

يحضر راوي الرحلة قويافي مواقع مسحددة مع الوصف 
والحكي والحوارات سالكا ثلاثة سبل في الحديث : الرؤية 
والسماع من الآخر ثم المزج بينهما في الحوار مع إدراك أهمية 
حضور الترجمان الوسيط في نقل وترجمة المحاورات» بدليل أن 
من مرافقيه من يعرف الروسية واللغات التركية؛ كما يتمثل عبر ثنايا 
الرحلة من خلال أؤصاف ضمنية أو صريحة من قبيل : (كان شديد 
الإيمان بالله. عظيم التمسك بدينه وأخلاقه وتقواه. لايخون 
الأمانة . ينهي عن الفواحش ويأمر بالمعروف. يتقزز من 
٠‏ الأوساخ . يرهبه رؤية النساء عاريات . يرتجف لسماع أسئلة الكفر 
والشرك) . 

تبرز هذه المعطيات المشكلة لصورة الراؤي الرحالة مقومات 
الذات الاسلامية في أبعادها عندابن فضلان الفقيه والأديب 
والسفير. 














362 


2-. بعد الشخصية والآخرء ويتحقق صورا ممُتشكلة 
في رسالة ابن فضلان لاستعراض الرؤى والأوعاء. وحضور ثنائية 
المسلم والكافر متجلية بين الذات والآخر والاوصاف التي 
ألصقهابه من خلال رصد بعض عاداتهم وتقاليدهم في الزواج 
والموت والتوحش وعدم الاحتشام» فيرجع كل ذلك إلى ماهم 
فيه من كفر . 

وإذا كان النص الرحلي لابن فضلان لم يعرف اتجاها نحو 
المناقب أو نحو سرد حيوات من لقيهم أو شخصيات تاريخية 
مستعادة» فمرد ذلك إن الرحلة هي سفارة لا تتطلب هذا النوع من 
التخليلات من جهة» ثم عدم معرفته بلغات البلدان التي عبرها من 
انية» بالإضافة إلى الإحساس بالتفوق العربي الاسلامي على 
الآخرين» من هذا المنطلق فإن المرافقين لابن فضلان يتم نعتهم 
بصفاتهم الأولى قبل إسلامهم (سوسن الرسي» تكين التركي » 
بارس الصقلابي) أو بصفاتهم العملية الموكولون بها في السفارة : 
الفقيه» المعلم والغلمان. . . فلا دور لهم باستثناء ما جاء من 
حديث عن أحمد بن موسئ الخوارزمي الذي كان مننظرا أن يلحق 
بهم ويتسلم ما أوصي به من الفضل بن موسى النصراني وكيل ابن 
الفرات » لكنه اعتقل لتفويت الأمر عليهم وعلى السفارة؛ وامتداد 
ذلك في حوارات مع ملك الصقالبة . 

وقد تحدث أيضا عن ملوك وجنود وشخصيات ذات نفوذ في 
البلدان التي مر منها بينما كان يحكي عن أشخاص حدثوه عن أمرء 
أو حاورهم في شيء» أويصفهم للتمثيل لشيء عجيب أثار انتباهه 








363 


دون أن يذكر أسماءهم أو صفاتهم» وإنمايشير إليهم بضمير 
الغائب أو المجهول أ بتعبير : «فلان» فلانة» الرجل» المرأة. . .». 

لم يكن اهتمام ابن فضلان بالآخر في رحلته بشكل مباشرء 
وإنماعبر سرد مشاهداته للامألوف والغرائبي في السلوك 
الحياتي؛ وفي الممارسات الطقوسية المشكلة لصورة الآخر 
خصوصا في أربعة مواقع هي بلاد الشرك والخزز والصقالبة 
والروس ثم صورة الآخر من خلال سّلطه العليا السياسية والد: 

إن الآخر هو المغاير الذي وصفه بالتّوحش لتأكيد رؤيته الثنائية 
لبلاد السلام وبلاد الكفر» في حين يمكن لهذا الآخر المغاير أن 
يصبح مماثلا في حال إسلامه وتقيده بمواصفات وضوابط المسلم 
؛ وفي اصطحاب ابن فضلان لثلاثة من المسلمين غير العرب دليل 
على التعايشٍ . 

32 بعد الفضاف حيث تمر مسارات الرحلة عير الأمكنة 
بأزمنتها وبأحدائهاء مما يجعل المكان الأكثر دينامية 2 
؛ وقد كان ابن فضلان أشد حرصا على تقييد أسماء الأماكن من 
بلدان ومدن وقرى وقبائل ورباطات ومنازل ومفازات وأنهار. . . 
واختيار دليل اهتم له كثيرا وقال فيه : #واستدف أمر القافلة» 
واكترينا دليلا يقال له قلواس» من أجل الجرجانية ثم توكلنا على 
الله-عز وجل وفوضنا أمرنا إليه»» ص . 88. 

إن بعد المكان في الرحلة فضاء متعدد التجليات» الانطلاق 
فيه من مدينة السلام (بغداد) والعبور عبر عدة نقط عربية وأجنبية 
قبل الوصول إلى المدن الكبرى التي سيتوقف عندهاء فهناك 




















5364 


أمكنة عبور فارغة من أية دلالة» يعتبرها ابن فضلان فقط جسرا " 
يشوقف عنده من أجل الاستراحة والتزوّد» في حين هناك أمكنة 
ية للعبور أيضا وهي دينامية تحولت ,إلى سجل حي بكل ما نقله؛ 

من الأحداث والتحولات لدى الاتراك والخزرٌ والروس والصقالبة. 

وقد وقف ابن فضلان في التقاطه لهذه الأمكنة على تصوير ما 
يقع ومايرى من وقائع وأخسبار تخص اللا مألوف من السلوك 
والعادات والمعاملات بينما غض النظر عن الوصف الجغرافي 
لهذه الأمكنة ومواقعها. : 

مثلما توقف الراوي عند المحن التي عاشها هو ومن معه في 
أمكنة معينة» سواء ببعض المدن أو الأنهار من جراء معاملات 
أهالي: 'وحكام تلك المناطق» أو الطقس الذي لم يألفه ابن فضلان 
فنظر إليه بعين الرهبة والتعجب ٍ 

وداخل هذا المسار كان بُعد الزمن حاضرا في ذهن الراوي 
على مدى أحد عشر شهراء مسجلا تاريخ خروجه ووصوله 
ومكتفيا بذكر عدد الأيام التي توقف عندهاء حتى ان بنية الزمن 
كانت حاضرة في بنيات السرد حضورا متنوعا : 

فأقمنا بالجرجانية أياماء وجمد نهر جيجون من أوله إلى 
آخرهء وقد سمك الجمد سبعة عشر شبراء وكانت الخيل والبغال 
والحمير والعجل تجتاز عليه كما تجتاز على الطرق وهو ثابت لا 
يتخلخل» فأقام على ذلك ثلاثة أشهر»؛ ص . 83. 

«وتطاول مقامنا بالجرجانية؛ وذاك أنا أقمنابها أيامامن 
رجب وشعبان وشهر رمضان وشوال» وكان طول مقامنا من جهة 
البرد وشدته»» ص . 84. 








3265 





-«فلما اتتصف شوال من سنة تسع وثلائماثة أخذ الزمان في 
التغير وأخذنا نحن فيما بحتاج إليه من آلة السفر [. . . ] وتزودنا 
الخبز والجاورس والنمكسوذ لثلاثة أشهر»؛ ص . 86. 

«وكان وصولنا إليه [ملك الصقالبة] يوم الاحد لاثنتي عشرة 
ليلة خلت من المحرم سنة عشر وثلائمالة» فكانت المسافة من 
الجرجانية إلى بلده سبعين يوماء» ص . 113. 

هذه التحديدات المؤطرة للرحلة تعكس الوعي بها صفتها 
رسالة وتقريراء وتؤسس للمبدأ الؤاقعي في النص ولصدقية 
الأحداث والمشاهدات. 

إن رسالة ابن فضلان في المحصلة » بكل أبعادها المتداخلة : 
الذات والآخر والفضاءء فضلا عن بنيات السرد والحكاية. . 
تطرح أسئلة تخص الرحلة السفارية ونصيتها والتأطير الديني الذي 
احتواهاء وشعريتها من حيث عناصرها الأدبية المت اوت 
مع الاشكال الرحلية وأنواعها وأيضا خطاب المتخيل المتشكل 
مما أفرزته مشاهدات الراوي من لا مألوف وعجيبٌ لدى 
الآخر/ الغيرء وبعض البنيات الصغرى الحافزة» 
خوفاء والحيلة» والحوارات ثم التحذيرات والمشاعر المتنوعة. 

هذه المعطيات وغيرهاء كانت صيغا لتدعيم الشعرية وسبيلا 
لانبناء الرؤية وصيرورتها في سبيل كيل مرجع للمتخيل الأصلي 
بامتزاج مبدأين عامين في النص بدأوا بحضرعير الس 
المحاكة للأمككة وبعض الأححداث ؛ ومبداًلحتمالي يتمثل في 
المشاهدات والمرويات التي تحكي عن المحن وتشخيضها . 

















366 


إحالات 


1 وهو على ارادهالارقام والاعداد في ذكرالتواريغ والمسافات والابعاد 
والايام» لا يبتعد عن أسلوب الأديب ولا يتقرب من اسلوب الجغرافي . 
فلا نرى له ذكرا لدرجات الطول والعرض ومواقع البلدان؛ ودرجآت 
الحرارة وموازنة الاقاليم بعضها يبعض كما يصنع الجغرافيون. ويعتمد 
في حكايته للأحداث التي مرت به والاشخاآص الذين لقيهم على 
المحاورة المباشرة» كقصة كتبت لأيامنا . . .© 
من مقدمة المحقق سامي الدهان : رسالة بن فضلان. ص. 28 
-29. 

2 يدرولا سل عمسوة هل . فلاعسه لمع ,عل/مه بعمتتعامقك عتفماز 
,للط.5 8) كعمتحصسا! وععمعاء3 مغل عبحعم. مد ,95 .م ,عمتهمممتكواقة 

97 ختعاة - سول 205 30 











3-ابن وهب الكاتب : 'البرهان في 





ا مص 1960 :8.06 ادع عق حي سح 
شرف]. 
4 رسالة ابن خضلا. انظر صفسمات 114 -115 118-17 








5 ستيفان أولمان : 0 
والنشر والتوزيعء الطبعة 12 1977 ص . 134 [ترجمة وتقديم 
وتعليق كمال بشر]. 

6 روجر فاولر : اللسانيات والرواية. الدار البيضاءء دار الثقافة» ط. 
1 1997 ص . 98 [ترجمة لحسن أحمامة] عن مؤلف : 01" عه 

1983 ,وملدما ,معسطاعلة ,اعرولة عط لمع أنومنا :ع 

7.م ,1997 كمس .اممز ,245 *ل! ,(.5.11.) كعمتقسيط كمممعاعز عمل عنيعم 

130 

3-8 امعسععمامكة عا ببعهمرولا عق غممانة : وماده لممدمملر 

بوط بعلفنها غاتمعرلمنا'! عل كعكممم دعا .ععطغد) ,عموتعممك عهة"1 
.1995 عع نساعمال ,وأ 

9 روجر فاولر : اللسانيات والرواية. الدار البينها. 

7 ص . 95 [ترجمة لحسن أحمامة]. 





367 


القسم الثالث 
خطاب المتخيل 


؟ - الرحللة فى الأدب العربى 


تحتل أسثلة خطاب المتخيّل الرحلي موقعا وسط أسئلة 
المتخيل السردي العربي وذلك انطلاقا من السمات المشتركة 
وبعض الخصوصيات المميزة لكل شكل تعبيري داخل دائرة 
السردء حيث تبدو التقاطعات الجوهرية اللاحمة للمتخيل كمالو 
أنها نهر يروي الشرايين الخلفية لهذه النصوص وغيرها . 

ثم ان انفتاح السؤال في هذا الصدد والسياق» يدعم الوعي 
بالرحلة في الأدب العربي ويستوضح فهم آليات تركيبها ودلالاتها 
انطلاقا من التّساؤل عن كيف 1 
محسوب على النصوص «الناء 






وات مين أي مسجعة تاف م رحاة اوه 
ثقافية وفكرية لأخرى؛ بن 
رؤى وانطباعات ذاتية تتبني ثم تتعدل قبل أن تستفر 

اتصير «معرفة» عند راوي الرحلة» خصوصا في اللحظة التي يفكر 
فيها بتقييد رحلته أو بالأحرى: خط سيره «انطلاقا من؛ و «وصولا 


371 


إلى»» ثم الوقائع والمشاهدات المتضمنة لأحكام ورؤى ومعارف 
صريحة أو مقتعة. 
رتحول واقعية الرحلة؛ المفرطة أحيانا النص إلى شهادات 
تميل لأن تصير رسائل في التاريخ والجغرافيا والاجتماع 
برع عنهاء وذلك بالتركيز على الأوصاف والأمكنةء وعلى 
قائع ؛ ورغم ذلك تحتفظ النصوص هذهء 

بتضميئات تحتسب تحتسب على الخياا؛ مبشوتة في سرد التجربة 
والمتشاهدة. 

وعليه فإن تحول التجربة من وقائع ومشاهدات إلى تذكر ثم 
إلى فعل الكتابة تتشكل باعتبارها فنا وعملية في صميم بناء 
المتخيل» لأن هذا الأخمير #يساهم في بناء الموضوع وعنصر 
مؤسس 26 مثل غيره من العناصر البنائية الأخرى التي تحقق نصية 
النص الرحلي (أدبيا وفنيا 

وتظل العوالم التي صورتها النصبوص الرحلية حالات 
الممكن فيها حاضرة» رغم الاستثناء الواقعي» لأن المتخيل 
متجذر في طبيعة الحكي والتذكر» بشكل مواز للإبداع كمقدرة» 
يعمل على تطوير الموضوع©؛ ووصله بآفاق أخرى. فعملية 
التحويل لائتم إلا عبر قنوات» منها قناة الخيال الذي يجعله ابن 
عربي أتم علوم المعرفة©». وهكذاء يصبح أي نص رحلي خليطا 
منصهرا للواقعي والإستيهامي والمحتمل» وعناصر شذرية لمّسير 
ومشاهدات وتأويلات وانطباعات وتأملات وأحلام... والرحلةٌ 
بهذا المعنى» هي نص حامل للسيري والبيوغرافي ونصيصات في 


















372 


شكل حكايات مُشاهّدة أو مسموعة ومقروءة» ببنما رؤية الراوي 
المحملة بكل تلك العناصر والأشكال هي رؤية احتمالية تلتقط 
اللامألوف والعجيبء والذي رفضه العديد من النقاد والمحللين 
سمو بالخرافي والأسطوري والشعبي7): باعتباره مشوشا على 
* الحقائق' التي ينشدونها . في حين تقول الثقافة الإغريقية إن كل 
رحالة هو كاذب وبالمقابل يخلص بعض الباحثين إلى أن 
النص الرحلي «عليه أن يمارس الكذب حتى يقول الحقيقة» © 
فيما أن المنظور الأسلم هو كون المخيل في الرحلة ليس كذبا 
وإنما هو عنصر فني ورؤية للأشياء تتضمن صيغا للتعبير والتأويل 
وموقف امن العوالم التي يراهاء فتصطدم بتصوارته القبلية 
وتتداخل» وبالغالي تصبح الرحلة ذريعة للتعبير عن آراء الرحالة 
وتأملاته الموصولة بأحلامه وخيالاته . 
ويتمظهر مفهوم المتخيل في الرحلات من خلال 
٠‏ قطبين متسعين يضمَان عدة عناصر صغرى تندرج ضمن محور 
الواقعي والخيالي؛ أو كما يقسم الغزالي السفر في قوله : «السفر 
سغران. سفر بظاهر البدن عن المستقر والوطن إلى الصحارى 
والفلوات. وسفر يسير القلب عن أسفل السافلين إلى ملكوت 
السموات. وأشرف السفرين السفر الباطن!8). ومن منظور آخر 
وقريب» فإن المتخيل يحضر في النوعين معا بنسب متفاوتة 








تنطلق من تصورات فلسفية أو تأملات في 
الوجود» ذات خلفية دينية أو أدبية تُعتمد البناء الغيبي ‏ الماورائي» 


373 


وذلك بالرجوع إلى الماضي الغائبء أو اختراق المستقبل على 
غرار ' رسالة الغفران* لأبي العلاء المعري التي هي رحلة إلى عالم 
الآخرة. وكأن هذا النوع من الأسفار الذهنية هو بحث عن حلم 
ويقين ضائعين . 










واختراق الواقع والمستقبل» فإن متعة || 
شأن الرحلات المسماة واقعية» إذ يحضر 
وفي مواقف تجعل المتخيل والمعرفي يتقاطعان ويُخصبان 
بعضهما البعض 

-من بين تمظهرات المتخيل في الرحلات ' الواقعية أن 
الخلفية الأساسية لبعض الرحلات» جاءت في إطار حكائي 
يتدخل فيه الغيب أو يدفع إليه تأويل معين مثل الحلم بالإرتحال» 
أو البحث عن حلم/ وهم*» أو التكفير عن ذذ مثلما وقع لابن 
جبير في رحلته الأولى حيث «ذكر ابن الر: الذي دفع ابن 

إلى رحلته الأولى.والتي دوّن أخبارها أن الأمير أبا سعيد 
عثمان بن عبد المومن استدعاه ليكتب له رسالة» فقدم عليه فوجده 
في مجلس شرابه فمد إليه الأمير يده بكأس» فأظهر الانقباض 











وقال: «ياسيدي ما شربتها قط» فقال : «والله لتشرين منها سبعاة» 
فلما رأى العزيمة اضطر أن يشرب سنبعة كؤوس» فلما فرغ منها ملا 





له الأمير الكأس من الدنازير سبع مرات وصبّها في حجره؛ ثم 
حسمله الى منزله. وأرادد محمد أن يكفر عن هذا الإثم الذي 
أرغم على اقترافه» فرأى أنه لايكفر عنه سوى الحجء 


فاستأذن الأميرء فأذن له» فباع أملاكا وضم ثمنها الى ماناله من 
الأمير وحج:00. 

إن النص الرحلي ليس نصا يتيما وإنما متضمن لأصوات 
وأوعاء ورؤى تنصهر داخل قناة صوت ووعي ورؤية الراوي الذي 
يفرز متخيّلا موسوما بخصوصيته وسماته» وأيضا تنوعه من حيث 
مصادره وصيغ حكيه. 0 

وقد ساهمت النصوص السردية القديمة في تغذية المتخيل 
الرحلي بالأحاديث والأخبار والرحلات الخيالية الغنية!!!»: كما 
أثرت هذه الرحلات» بدورهاء في كتابات بعض المؤرخين 212 
وغيرهم» فضلاعن التأثيرات الشخصية في بناء المتخيل ؟ 
فالباحثة رنا قبائي ترد المتخيل والمبالغات في تلك الكتب إلى 
الرغنة في إمتاع القراء2!3» بينما يؤكد محمود إسماعيل©21ان 
تشكئل المتخيل كان في الزوايا والخوانق والتكايا والأربطة . 

ما يمكن استخلاصه؛ أن خطاب المتخيل يتمظهر عبر تنوع 
حضوره وتشكيلاته بالنص الرحلي في مهيمنين أساسيين هما 
الحلم والعجائبي باعتبارهما تجليا للمتخيل؛ يهيمنان ويُلحمان 
ويصهران السرود بباقي المكونات؛ كما يكسران علاقة الراوي 
بواقعية|/ والأحداث» ويعملان على تنضيد الحكي 
وتفاعلاته؛ ويطععمان الواقعي: بالمحتمل لاستيلاد نص رحلي 
سردي مفتوح ٠‏ 





375 


إحالات 


-١‏ سلمان العطار : الحخيال عند ابن عربي (النطرية والمجالات). القاهرة: دار الثقاة 
للنشر والتوزيع 1991 ص145. 
2--مما عل بك #بلممتهمسة! بأعزسك مه معقمة6 ها : مسق35 علعامطمه - 
.559 ملتمسنالون له ,1981 ,15 1“( عمفومرط عبحيع. مد معسوتاعمم عمو 
3- 560 ,م10 لم80 .6 - 
4- سالمان العطارء م180 
5- انظر : أحمد الحسين : أدب الكدية في العصر العباسي سورياء دار 
الحواره طاء 1986 صن صن188-179. 
[ريا) شاكر عيك : في الجغرافية'العربية؛ ييروت. دار الحدائة: طاء 
98 - 
يقول الكن حراس الراث العربي والإسلاي من البحالة العرب لوا ينظرون الى 
«الرحلة» على أنها نوع من الآدب الشعبي الأسطوري نظرا لازدحامها بالحكايات 
ذات الطابع الخرافي؟ ص10 
31-6 2 سملا مهد" .1ه - 
7مك 6اتمع امال ذ لمعم بعهمرهر عل كافام ممية : ادبعلللا متملم - 
:552 يعمس بمعامم 
أزرد الاستشهاد عند : يوسف تاوري : صورة الآخر في رحلة ابن بطوطة؛ مرجع 
سابق. ص65. 
8- الإمام الغزالي : إحياء العلوم . ج11 باب السفرء ص 244. 
وقد وردت تعريفات قريية من دلالات السفر عند الغزالي في مؤلف : شهاب الدين 
السهرودي : عوارف المعارف؛ مصرء دار الكتب الحديثة (ج1) 1971 ص 
ص 307-276 [تحقيق عيد الحليم محمود بن الشريف]. 
كذلك في كتاب اصطلاحات العصوفية لكمال الدين القاشاني (ق8ه)؛ مصر 
الهيثة المصرية العامة للكتاب 1981 شن 104-103 5 
9- كراتشكوفسكي :تاريخ الأدب الجغرافي العربي. بيروت؛ لبنان» دار الغرب 
الاسلامي: ط2. 1987 ص157 (نقله الى العريية عن الروسية صلاح الدين 











376 


10- حسين تصار ٠‏ أدب الرحلة. بيروت - القاهرة» الشركة المصرية العالمية للنشرء 
طاء 1991 ص20. 

1 |- انظر . - كتاب التيجان في ملوك حيمر. القاهرة» سلسلة الدخائر 10. عدد 
أكتوير ١1996‏ الهيئة العامة لقصور الثقافة.. 
- ألف ليلة وليلة «القاهرة؛ سلسلة الذخائر 11 » عدد نوبير 1996 ط2؛ (طبعة 
1839 يكلنا الهتدية). 

12- يقول حسين فهيم إن كتابات الرحالة المسلمين «تزخر بالقصص والحكايا 
كما تنقل لنا الكثير مى الأساطير علاوة على الفرائب والطراتف» والثادت أن بعض ما 
ذكرتا من أساطير أو عجائب ومعتقدات شعبية في كتابات بعض المؤرخين مثل 
المسعودي والقزويني يرد أصلا إلى كتب الرحالة ورواباتهم؛ 
نظر * حسين محمد مهيم ٠‏ أدب الرحلات؛ الكريت سلسلة عالم المعرفة؛ عدد 
138 -يونيو 1989 ص76. 

13-رنا قباتي : أساطير أورناعن الشرق» سورياء دار طلاس؛ ط! 1988: ص14 
[ترجمة صباح قباقي] ٠‏ 

14- محمود اسماعيل ٠‏ رحلة ابن بطوطة مصدر هام لدراسة الطرق الصوفية 
في الشرق الإسلامي؛ ص93 [غسس مؤلف جماعي : أدب الرحلة والتواصل 
الحضاري؛ مكداس» جامعة المولى اسماعيل: سلسلة الندوات 5 1993 











37 


الفصل الأول 





#الأحلامهي رسائل يسعث ٠‏ 
بها لبر الى نقسية 


هاملت 


1 - مقدمات أولية 

1 مقدمة أولى :انتبه العديد من الفقهاء والمعبرين في 
الثقافة العربية الى الحلم باعتباره فعلا إنسانياء مقيدين المتكرر منه 
بحثا عن وضع أصوله وآلياته لتأطير خطابه وتوجيه تأويلاته ؛ 
وترجع أسباب هذا الإهتمام الذي وردت فيه عشرات الكتب(3!, 
إلى ارتباط الظاهرة بالإنسان» ثم لاعتبار الحلم/ الرؤيا :من بقايا 


379 


النبوة وأجزائه!. بل هي أحد قسمي النبوة»©')» مرتبطة بالأنبياء 
ومعجزاتهم: كما سترتبط بالصلحاء والأولياء والمسجاذ 
وكراماتهم» مندامت الأحلام وسيلة للإدراك والكشفء. ومقدرة 
على الة- بير والتأويل وفك الرموزء الأمر الذي لايتأتى لجم بع 
الناس» فضلا عن كون المشتغلين بعلم التأويل ركزوا على أنه علي 
له أصل في الشريعة» ويخستلف عن الكهانة وعلم الغيب”7١‏ 
معتمدين في ذلك على حجج أجلاها تبَجذر الحلم في حَيّوات 
الرسل والأنبياء مندآدم حتى محمد (ص)» وأيضا تغلغله وهو 
وسيلة وتقنية في قصص الأنبياء» والدراجم والسير والمناقب 
والحكايات وباقي السرودء وانيناؤه قويا ومتخصبا في المتخيلن 
الجمعي لأنه عنصر «مقدس؛م له امتداد في الحياة والنصوص » 
متصل بالغيب وفوف الطبيعي . 

وفي ضء» كل هذاء كان الحلم ضرورة في حياة الأنيياء 
والرسل والإنسان عامة من جهة؛ ثم الأبطال في الحكايات وفي 
السير من جهة ثانية . وبالتالي فإن العلم الذي سيتبنى التأويل بدورء 
مقدس» «ومن العلوم الرفيعة المقام وهو العلم الأول منذ ابنداء 
العالم ولم يزل عليه الأنبياء»”*!»» حتى أن الذين جادلوا في الحلم 
وأبطلوه» اعتبرشم الفقهاء؛ المشتغلون بعلم التعبير؛ من 
الملحدين. لأن الله بتعبير ابن سيرين هو الخالق لجمبع ما نرى 
في المنام من خير وش ر(ص؟5). فيما يستشهد النابلسي وغيرء في 
مواضع مختلفة دقوله عليه السلام» ومن لم يؤمن بالرؤيا الصالحة 
لم يؤمن بالله وباليوم الآخر (ص3). 














380 


وإذااكان هذا هو موقع الحلم في الثقافة العربية» وهو موقع 
ثابت حرص المشتغلون بعلمه على ريطه بالديني والمقدس» فإن 
الحلم في الشقافات الأخرى القديمة شكّل جزءا من اهتسمام 
الفلاسفة_ على الخصوص-_ذلك أن أرتيمدوروس كنهمفاسنامة 
ألف كتاباعن الأحلام» اعتبر من أشهر الكتب في القرن الثاني 
ق .م بعده ألفت عدة كتب من نوع ممائل له وتستند إليه”"", لكنها 
غير ذات مرجعية دينية ؛ وإقرار أرسطو بأن الأحلام هي مجرد 
بقايا أو ممخلفات من الإنطباعات الحسية "هو طموح يبحث عن 





وملغزة في حياة الإنسان» لهذا فإن جل الت 
الديني أولاء ثم العرف الإجتماعي والثقافي ثانيا. 
لح لي 0 





بالروح ويفهمها بالعقل ومستقر الروح نطفات دم في وسط القلب 
ومستقر القلب في رسوم الدماغ والروح معلق بالنفس» فإذانام 
الإنسان امتد روحه مثل الراح أو الشمس فيرى بنور الله وضيائه 
تعالى مايريه ملك الرؤيا وذهابه ورجوعه إلى النفس مثل الشمس 
إذا غطّاها الس حاب وانكشف عنهاء فإذا عادت الحواس 
باستيقاظها إلى أفعالها ذكر الروح ما أراه ملك الرؤيا وخيل له 
وقال بعضهم إن الحس الروحانيأشرف من الحس 


381 


الجسماني » لأن الروحاني دال على ما هو كائن» والجسماني دال 
002 

2 مقدمة ثانية : قضلاعن الموقع الذي صاغته الثقافة 
العربية للحلم في ارتباطاته» وفي الهدف المتوخى» فإن شروطا 
وقيودا شكلت الإطار العام الذي يرسم للحلم وتعبيراته الحدود» 
وهي شروط دققت في كل شيء-تقريبا ‏ وشرعت للحلم والتأويل 
انطلاقًا من اجتهادات علمية أو غيبية . 

وقد أجمع الفقهاء المعبرون على أهمية المكان وتأثيره في 
إنتاج الحلم وتأويله» لأن «تربة كل بلد تخالف غيرها من البلاد 
الاختلاف الماء والهواء والمكان؛ فلذلك يختلف تأويل كل طائفة 
من المعسبرين من أهل الكفر والإسلام لاختلاف الطبائع 
والبلدان»2©, 

ويتيح هذا الموقف المنفتح تعدد التأويلات» وضمنيا تعدد 
الأحلام وسط حرية تؤمن بالاخستلاف وتؤسس لهء كذلك في 
اختلاف مجيء الحلم في أوقات معينة دون أخرى» أهمية في 
اعتبار الحلم إنطلاقا من الأصدق وعدم الأصدق . فابن شاهين 
يعبر أن أصدق ما تكون الرؤيا في الربيع والصيف (ص؛)؛ دون 
تحديد زمني معين؛ فيما يقول ابن سيرين بأن رفيا الليل أقوى من 
رفيا النهار» وأصدق ساعات الرؤيا بالأسحار ؛ أما النابلسي 
(ص5)»فيقول بأن أصدق الرؤيا بالنهار ما كانت بالقيلولة» دون أن 
ينفي صدق رؤيا الأستحار . 











5382 


يؤكد هذا الاختلاف المؤسس على تجارب أهمية البحث عن 
تأطير حقل شذيد الحساسية وصعب التأطير» حتى أن الفقهاء 
والمعبرين قلبوافي شروط كيفية النوم وشروط الحلم المكره 
وطريقة مواجهته23©: وآداب حكي الحلم والإلتزام يعدم 
الكذب» لأن الغش والكذب في الرؤيا من الإثم» وعلى الرائي 
الاحتراز من الكذب والنميمة والغيبة في الرؤياة©, 

وتكتمل الشروط الخاصة بالرائي عبر تحذيره أن لايقص 
رؤياء إلا على عالم أو ناضج وليس على جاهل أوعدو5©. أما 
شروط المؤول فيلخصها النابلسي في أن يكون المؤول عالما ذكيا 
تقيا نقيا عالما بكتاب الله وحديث النبي (ص) ولغة العرب وأمثالها 
ومايجري على ألسنة الناس» ولا يعبر الرؤيا في وقت الإضطرار 
وهي ثلاثة : طلوع الشمس وغروبها وعند الزوال60©. 

هذه الشروط وغيرها جعلت ابن سيرين يُعبّر من كل أربعين 
حلما واحدا فقط؛ وهو يشرح الطريقة التي يسلكها في التأويل : 
«وتفهم كلام صاحب الرؤيا وتبيثه» ثم اعرضه على الأصول فإن 
رأيته كلاما صحيحا يدل على معان مستقيمة يشبه بعضه بعضا 
عبرت الرؤيا بعد مسألتك الله تعالى أن يوفقك للصواب وإن 
وجدت الرؤيا تحتمل معنيين متضادين تُظرت أيهما أولى بألفاظها 
وأقرب من أصولها فحملتها عليه ... »«7©. 

إن موقع الحلم وتعبيره في تراث ثقافي عربي واسع هو الذي 
دعا الى البحث عن آليات وأسس عبرهاتَمْ تخليق قواعد مفتوحة 


383 


للقضايا المتكررة من الأحلام» مما ساهم في ضرورة إفراز أنواع 
وأقسام للأحلام داخل إطارات كبرى . 

د- مقدمة شالثف : تنوعت تقسيمات الجلم إلى إجراء من 
خخلاله تم الفصل بين الخلم والرؤياء فاع تبرت الرؤيا من الله 
والحلم من الشيطان28؛ وهو منظور دعته التقسيمات المتعمدة 
في الفكر العربي على الثنائيات» لأن الرؤيا والحلم في مسحصلة 
الفهم العام» تخلص إلى شيء واحد» خحصوصاء إذا استبعدنا 
ثنائية الصحيح والفاسد. 

يُقسدم بن سيرين تقسيما يخص نسبة الحلم للنفس أو 
للآخر29 ؛ بمعنى أن الأحلام لا يمكن أن تخرج في مضمونها عن 
كونها ذاتية متعلقة بالرائي نفسه وتفسر له أو أن يراها الرائي ولكن 
تفسيرها يكون لآخر : 

«واعلم أن الإنسان قد يرى الشيء لنفسه وقد يراه بنفسه وهو 
العغيره من أهله وأقاربه أو شقيقه أو والده أو شبيهه وسميه أو 
صاحب صنعته أو بلدته أو زوجته أو مملوكه0©؛ وفي الحالتين 
يجيء هذا الحلم مفسرا وظاهر التأويل؛ أو مكنيا مضمرا يحتاج 
إلى بديهة وحسن تقليب» وهو ما أعطى للمفسرين سلطة الحكم 
القبلي قبل التأويل» وذلك انطلاقا من مقياس الباطل والصحيح» 
فالرؤيا #الصحيحة في.الأصل منبئة عن حقائق الأعمال» منبهة 
على عواقب الأمور إذ منها الآمرات والزاجرات؛ ومنها المبشرات 
والمنذرات1©؛ وتتوزع على ضربين : حق وياطل» وعلى ثلاثة 





384 


أنواع 32 : الصالحة من اللهء وحديث النفس» ثم التحزينية من 
الشيطان . ويقف النابلسي مُدققا في الرؤيا الباطلة والصالحة لأنه 
تحديد يشكل عتبة علم التعبير» فيرى ”أن الرؤيا الباطلة سبعة 
أقسام : الأول حديث النفس والهم والتمني والأضغاث» والثاني 
الحلم الذي يوجب الغسل لا تفسيره وإلثالث تحذير من الشيطان 
وتخويف» وتهويل لا نصرهء والرابع مايّربه سحرة الجن والإنس 
فيتكلفون منها مثل ما يتكلفه الشيطان» وآلخامس الباطلة التي 
يريها الشيطان ولا تعد من الرؤياء والسادس رؤيا تريها الطبائع إذا 
اخمتلفت وتكدرت والسابع الرجع وهو أن يرى الرؤيا صاحبها في 
زمن هو فيه وقد مضت منه عشرون سنة)(033. 

يحدد النابلسي مقابل هذاء الرؤيا البشرى الحق» فيجدها في 
خممسة أقسام : الصادقة الطاهرة وهي جزء من النبوة؛ الصالحة 
وهي بشرى من الله وما يريكه ملك الرؤيا واسمه صديقون ثم 
الرؤيا المسرموزة وهي من الأوراح؛ وأخسيرا الرؤيا التي تصح 
بالشاهد©6, 

إن هذه الأشكال والأنواع من الأحلام بشروطها وتشريعاتهاء 
كما وصدها المعبرون في الثقافة العربية 
طبيعة الحلم في ارتباطاته بوعي وذ 
والمهتمين بالحلم عالجوا الأحلام :!| 
حقيقيا يرويها بنقسه. ومقابلتها بماجاء 
الحديث من مشابهات» أي مقابلة الحقيقي بالنصي» دون اللجوء 






385 
م10 -الرحلة ف الأذب العريس. 


الى ذخائر الأحلام المبثوتة في النصوص التخييلية» سواه 
بتحليلها أو بمقابلتها. 

1]- انتماءات الحلم 

إن ثقافة الأحلام وما أفرزته من مؤلفات تضمنت نقاشات 
واجتهادات» شكلت دائرة مفتوحة وسط دوائر ثقافية أخرى 
تتفاعل في إطار نسق ثقافي متنوع ومحكوم بثوابت كبرى موجهة» 
اتجهت نحو ما هو واقعي ومحتمل» وتركت المتخيل ينمو في 
حرية طبيعية» ضمنها الأحلام النصية في التراث السردي . فقد 
كانت #شعوب الحضارات القديمة» البابليون والمصريون والهنود 
واليهود» ترى في الحلم نبؤية» وتعتبر الحلم أقوى من 
الواقع» بل هو أقوى حجة من أقوال الشهود»39» وهككذاء إذا 
كانت الأحلام في العموم (إنتاجا نفسيا»!36©: فهي أيضا انعكاسات 
للهامشي والمقصي ذي المعنى في الحياة اليومية؛ خصوصاء في 
النص الرحلي حيث «الأحلام تجري في عالم خاص مغلق على 
نفسه70)» داخل مشيرة رحلية مفتوحة على متناقضات لا 
محدودة. من ثمة» ينطبع النص الحلمي بالرمزي والغسيبي 
والخارق ككل نص لا يقدم جمّيع أسرار«68» لأنه بنية ذات 
لون يرتعي وكواصل مع بات لصنية أخرقء وخضوميا 
داخل الرحلة التي هي بؤرة دينامية لصهر الواقعي الخام بالحلمي 
وبالاحتمالي؛ ممايؤسس لبنية غير مغلقة؛ تصبح معها الرحلة 
تجسيدا لحلم أكبر» يستولد أحلاما صغرى متفرقة تضيء مواقع 
أزمة الذات» وملامح الانفراج عند الآخر. 

















386 


ولا يمكن لمقاربة الحلم في الرحلة أن يستقيم دون الفهم 
الدقيق بأنه نص لغوي متحول من اللاشعور إلى الشعور؛ مليء 
بالألغاز» ينتج معه نصوصا أخرى استفهامية وتفسيرية» مما 
يستوجب معه احترام اليعد النصي للحلم؛ بعيدا عن نسائج 
التحليل النفسي والقراءات الموازية» المنبثقة عنه ؟ فلا فرق بين 
الرؤيا والحلم في نص الحلم الرحلي؛ كمالااعتبارلمسألة 
الصدق أو عدمه؛ انطلاقا من أن النص الرحلي هو مجموع 
إدراكات» منها إدراكات اليقظة المسماة حسا (رؤية)؛ وإدراكات 
النوم وتُسمى حسا مشتركا (رؤيا)!39©» وكل الإدراكات في علاقتها 
الزمنية» الماضي والحاضر والمستقبل» تتفاعل فتأتي أهميتها 
الفنية من كون هذه الإدراكات التي هي نسغ الحلم في النص» تعيد 
صِومٌ الواقع من خلال رؤيته مرة أخرى بطريقة تعمد إلى تعديله أو 
تكسيره وخلخلته ودمج تلوينات أخرى مغايرة للنسيج النصي 
العام» من خلال تجذير البعد الإحتمالي لإضعاف الخلفيات 
الواقعية للنص» حتى أنه يصبح أحيانا ذاكرة للنص ومرجعيته رغم 
أنه يبدو ضائعا في ثنايا الرحلة» يلتقطه اللاشعور ليرتق شرايينه 
وشرايين الشعور ‏ والواقعي» فيتدمي النص إلى الحلم شأن نص 
' التحفة " لابن بطوطة ورحلات أخرى. 

ويكون انتماء الحلم الى الذات الحالمة بشكل خاص والنسق 
الثقافي والديني بشكل عام» فيجيء «نص الحلم من نفس كلمات 
باقي النص406) ليشير الى خصوصية هامة ؤهي التداخل البنائي 














37 


لكافة البنيات والنصيصات» رغم احتفاظ كل بنية ببعدها الدلالي 
والتلويني؟ وفي المحصلة فإن الرحلة برمتها هي تحقيق لحلم 
وبحث عن حلم؛ يمكن أن يمظهر في رغبة أو رسالة مرتبطة 
بالدنيوي أو بالأخروي . 

الحلم في الرحلة بنية تُحفيزية مؤثرة» رغم أن رحلات أخرى 
لاايحصر فيها الحلم بالشكل الطبيعي (أبو دلف» ابن فضلان؛ ابن 
جبير) ؛ والحلم في الرحلة هو سفرء يخضع بدوره للتذكر ثم 
للكتابة ومعناودتها وفق مقتضيات التحويل من الشفوي المتذكر 
إلى المكتسوب المكثف_مثل تحويل البخار المجرد إلى ماء 
ملموس-من ثمة» تبقى أبخرة الشفوي والذاكرة ورسوم الطروس 
حاضرة لتخصيب التأويل» وتعميق المسار العام للنص الرحلي ؟ 
وبالتمالي فإن الحلم لا يمتلك صيغة واحدة في الرحلة الواحدة» 
فبالأحرى التعدد النصيالأنواعي للرحلاتء الأمر الذي يقود 
إلى الخلاصة السابقة بانفتاح الحلم باعتباره نصا على التعدد . 

1- مستويات الحلم في الرحلة 

تتعدد صيغ حضور الحلم في النص الرحلي؛ سواء على 
مستوى الصياغة أو الدلالة» حيث ترد صيغتان أوليتان : 

- حلم مسرتبط بأحداث الرحلة : إذهناك أحلام الراوي- 
الرحالة الرائي التي تخصه وتخص سير رحلته. 

- حلم غير مرتبط بسياق الرحلة وتفاصيلها يرأه الراوي أيضا. 

فكل حلم هو ابناء لرغبة واستكمال لها4!0؛ من أجل 


388 





تحقيق رغبات دفينة في المستقبل 
وتمّحي الحدود بين الحلم والحقيقة 
رحلاته الفهلية والذهنية؛ من جراء الضضغط والقضابا التي كان 
“ماخر نبهاة نيه كاذ يتف ذي دار اتيرب وللاتلرف 





والخارق» لديه الحلمي بالواقعي 
«فقاللي ؛ قم فاركع أريع ركعات أو اثنين شكراثل تعالى . 
وصل على النبي (ص) كذا وكذاء ثم نم في موضعك إلى صلاة 





العصرء فما وسعني إلا طاعته» غير أني لا أعلم تأويل قوله شكرا_ 
لله إذ لم يبيّن لي ما أشكره عليه خصوصا وإن كانت نعمه تعالى 
على عبيده لا تحصى . فنمت كما أمرني قهرا أفي يقظة 
أنا أم في منام»420. 

كما نتجذر الرغبة في الازتباط بمعطيات أخرى (دينية 
وسياسية)؛ فيتحول الواقع حلما وبحثا عن الجنة الموعودة» 
بإلغاء الفواصل بين الواقعي والحلمي؛ كما في رحلة عبد الله بن 
قلابة. برواية الغرناطي في تحفة الألباب الذي سيخبر معاوية 
برؤيته خلال رحلته لسور إرم ذات العماد وكل العجائب الخارقة 
بداخلهاء فيسأله : «أريت هذه المدينة في الحلم؟36». إن 
الرحالة الراوي- الرائي هو الذي يجمع الواقعي بالحلمي؛ فيبدو 
استيهاما وتخيلاء خصوصا حينما يولد الحلمي من الحقائق» 
بحيث الحلم صيغة عجيبة مشبعة بالأمل والمبشرات» في حين لا 
يمحتفظ الواقع إلا بضغوطاته وعتفه وقهره ؛ الأمر الذي يطرح هذا 





389 


الجدل المستمر ب بين الواقع والحلم» والتبادل بينهما من أجل خلق 
توازن متعادل للنفس . 3 

وقد حفلت الرخلات بنصوص حلمية» شديدة الاختلاف 
والتنوع»ء خصوصا في ارتباطهآ بالرحلة والرحالة الذي هو الراوي 
والرائي في آن. لذلك رصدنا ثلاثة مستويات لانتتساب الحلم في 
النص الرحلي 5 وهي مستويات أولية يمكنها توليد عناصر أخرى 
في نفس الإطار : 1 

1- المستوى الأول» حيث الراوي هو الرائي الذي يرى 
النفسه ماله علاقة برحلته ومسار حياته فيهاء وهو أمر طبيعي إذا 
اعتبرنا أن الأحلام هي انعكاس للرغائب وتحققات حلمية لأشياء 
لمتتحقق في الواقع؛ وتعد رحلة(ناصر الدين على القوم 
الكافرين) لأفوقاي نموذجا لإيراد أحلام الراوي-الرحالة» وهي 
أربعة رؤيات جاءت كالتالي : 

أ-يرى في النوم أنه يتلو سورة الإخلاص تقوية للنفس 
(ص5ه). 

ب يوم سفره يرى في نومه جماعة من الشياطين تدور من 
كل جانب فيجعل يقرأ «قل هو الله أحد؟؛ وهي تهسرب وترجع 
(ص84). 

ج - رأ في النوم شيثا ضاع منهء قام فوجده. (ص134). 

د - رأى في نومه فقيها تحدث معه في شأن كتابه (الرحلة) 
ص137136. 


390 


تُشكل هذه الأحلام ضورة لذات الراوي الرائي في علاقته 
بأحلامه واستيهاماته ؛ وفضلا عن ارتباط الحلم بالذات والغيب 
والصراع » يوجد هناك وجهان في هذه العلاقة : وجه الجدلية بين 
الحلم والواقع ورفد بعضهما البعض (ج-د)؛ ففي النص (ج) 
يتحول الحلم إلى مكاشفة وبوابة لإختراق غيوب الصحو بمعرفة 
الغائب والمغييب» وهي أحلام تبوح بكون الرائي شخصا قريبا من 
' الكرامة» في حين يجيء الحلم (د) ليُعطي الصيغة التقديسية على 
تقبيده لرحلته عبر حديث في الحلم مع فقيه له مكانته ‏ 

وهذا الاستحضار في الرحلة لأحلام متتسجة مع الواقع ؛ عو 
من أجل تخليق حقائق تقدم لقارئ الرحلة بقصد استكمال 
التتصديق التام عليهاء كما ان أفوقاي في الحلمين» يقدم التفسير 
الضمني الذي يؤول للإعلاء من شأنه في (ج) ومن شأن كتابه 
(رحلته) في (د) . أما الحلمان الأولان (أب)» فهما يقدمان وجه 
الصراع الداخعلي في نفسية الرائي الراوي بين قوى الخير وقوى 
الشرء وانتصار الخير لحضور الديني والتمسك به ؛ وقدبسعى 
أفوقاي إلى تقديم تفسير لحُلميْه» بقي ملتبسا لأن هواجس الرائي 
وعنف صراعه الداخلي يغطي على كل تفسيرء لكن المفسرين 
العرب هيأوا لمثل هده الأحلام تأويلاتها ووجوهها المحتملة . 

ففي الحّلم الأول() يفسر الشيخ النابلسي مل هذه الرؤية 
بقوله : «ومن قرأ في المنام *سورة الإخلاص' أو شيشا منها أو 
قرئت عليه» فإنه يوحد الله تعالى ولا يرزق ولدا أبدا ولايموت 


5291 


.حتى يدفن جميع أهله» وقيل إن كان تحائفا أمن أو مظلوما نصره 
الله تعالى: وربما قد فني عمره وانقطع أجله؛ وقيل ينال التوبة 
النصوح والإيمان الصادق»©©. 

يفتح النابلسي لرائي سورة الإخلاص أربعة احتمالات تأويلية 
متقاربة: وفي كل اجتمال تعدد غير منغلق» فضلا عن كون ثلاث 
احتمالات مسندة لقائل مبني للمجهول» وعلى ما يبدو أن معطيات 
النابلسي (ق18م)» هي تلخيص لتأويلات ابن سيرين (ق8م) وابن 
شاهين الظاهري (ق15م): هذا الأخير الذي قدم تفسيرا 

انه المثبتة : 





«سورة الإخلاص من قرأها فإنه يُسلك طريق التوحيد وتجنب 
البدعة والضلالة بعد هذا المنام» ولم يُرزق ولدّاء وقال الكرماني: 
يكون صاحب ديانة خمالص الإعتقاد وقيل : توبة نصوح وايمئان 
٠‏ صادق وربما لايعيش لصاحب الرؤيا ولذ» وقال جعفر الصادق 
يعلو قدره ويحصل مرامه في الدنيا والآخرة459». 
وإذا كان حلم أفوقاي يبوح بتقوية النفس وحثها على الصبر 
ظاهريا فإن المعطيات التفسيرية الأخرى التي تشير إلى التوحيد 
والتوبة النصوح والإيمان الصادق وعلو القدرء كلها "حقائق؛ كان ٠‏ 
الرائي يبحث عنهاء مما رسّبها في لا وعيه وواعيهء فرأى في حلمه 
سورة الإخلاص دون سور أإخرى . 
وتتكرر الأحلام المتتعلقة بالراوي الذي يرى نفسه يتلو آية 
قرآنية» الأمر الذي يدفع بالمعبسرين إلى ملء هذا الجانب 


392 


واستعراض التأويلات المتعلقة بهذه الأحلام. أما الحلم الثاني 
(ب) حول الشياطين التي سيتغلب عليها أفوقاي بالدين» فذلك 
تشخيص مطابق لصراعه على أرض الواقع مع الرهبان والأعداء؛ 
وهونفس التفسير الذي قدمته أدبيات التعبير والتأويل منها «من 
رأى إبليس مسه وهو مشتغل بذكر الله تعالى فإنه يؤول بأن له أعداء 
كشيرة يريدون هلاكه فلا ينالون منه مرادا».#ومن رأى أنه يعادي 
ابليس أو يحاربه فإنه يدل على صحة دينه؛©». وبالتالي فإن 
الشيطان في كل التآويل عدوء كذاب» ضال؛ جاسوسء وهي 
الصفات التي يمكن أن يتمثل فيها أعداء أفوقاي على المستوى 
الديني والسياسي» حيث إن أحلام الرائي هي إفراز لا شعوري لما 
هو شعوري يتتمي إلى الوعي والواقع؛ بقصد دمج كل العناصر 
لإستخلاص «الحقائق واليقينيات» في ارتباطها بذات الرحالة 
ومسار حياته المنبني على الصراع وحضور الديني والغيبي انطلاقا 
من الذات. 

إن الحلم عند أفوقاي هو حلم مُدْوّت وعلامة نصية تتصل 
ببنية النص من بخلال المحن التي عاشها والمآزق التي وجد نفسه 
فيها في بلاد الكفر وهو يجادل ويساجل. وفي المقابل؛ يسجل 
ابن بطوطة العديد من الأحلام التي يراها ويوردها في سياق رحلته 
ضمن أحلامه الكثيرة والمتنوعة» ففي رؤيته الأولى المرتبطة بذاته 
يقول : 

"رأيتني ليلتي تلك وأنا نائم بسطح الزاوية» كأني على جناح 











393 


'طائر عظيم يطير بي في سمت القبلة يتيامن ثم يشرق» وينزل في 
أرض مظلمة خضراء ويتركني بها فعجبت من هذه الرؤيا»!47. 

: حلم تلخيصي واستباقي لكل مراحل الرحلة يرسم أمشاجهاء 
فهو يستحضر كل عناصره الضرورية» من زمن الليل» إضافة إلى 
فضاء النوم بسطح الزاوية بصفته مكانا مقدساء ثم حضور الحلم 
وعناصره المبشرة مثل عظمة الطائر والقبلة والتيامن» والأرض 
المظلمة الخضراء. ولن يتأخر ابن بطوطة في إيراد تفسير الشيخ 
لهذا الحلم بقوله له : «ستحج وتزور (ص) وتجول في يلاد اليمن 
والعراق وبلاد الترك وتبقى بها طويلا وستلقى بها دلشاد الهندي» 
يخلصك من شدة تقع فيها»!48. 

4 يدم الحلم في البداية مل لأنهييختزل رحلته بي متها وبعض 
اتجاهاتها» » لهذا جاء الحلم إسراء محمولا على الععجائبي» يحدد 
الجهة والألوان» وهذإن العنصران هما مفتاح التفسيرء وكأنه 
سيعلم بالتفاضيل المستقبلية الكبرى لرحلته المجهولة؛ مع العلم 
أن حلمه هذاء مثل أحلامه الأخرى وتأويلاتهاء دونه بعد انتهاء 
رحلته بحوالي ثلاثة عقودء أي بعد اكتمال حلقات الرحلة . 

وتقترب الأحلام الأخرى المدونة. شأن غيرها في الكثير من 
الأحيان من الاستيهام» نيصح هذا الأخير قكرةالنص المرجهة 
بإنتمائه للمتخيل!»؛ والتصاقهه بالنص المحكي» فهو يغذي 
النص باعتباره خطابا وكشفاله» يخضع لمنطق النص ودلالاته» 
ويتضمن مرايا راهئية شفافة ذات انعكاسات في غيوب الماضي 





394 


والمستقبل تساهم في التخفيف من القلق النفسئي والصراع 
الداخلي» وإذا كان «مجيء الاستيهام للتعديل من الواقع الذي لا 
يُقنع501: فلأنه حلم أتجته ضغوط الواقع والمجهول» 
.خصوصا والرحالة يخوض سفرا لايعرف مساراته» ولكنه حينما 
يدون حلمه في سياق الرحلة» فإنه يخدم النص الرحلي والرحالة 
لتحقيق ذاته والإعلاء من شأنها؛ وفي حلم آخر يرويه قائلا : «في 
أيام إقامتي بهذء البلدة رأيت ليلة فيما يرى النائم كأن إنسانا يقول ' 
لي: يامحمد بن بطوطة لماذا لاتق رأسورةيس في كل يوم» 
(ص201) وعن هذه السورة يقول ابن سيرين : ومن قرأ سورة 
يس رزق محبة أهل رسول الله؛!ا؟, أماابن شاهين الظاهري 
فيؤكد على أن «من قرأها تكون عاقبته خيراء وقال الكرماني يطول 
عمره ويرزقه الله تعالى الغفران» وقيل يرزقه الله سعة وافرة يُحسد 
عليهاء وقيل تكون محبة النبي (ص) عنده مؤكدة5206) ؛ في حين 
يقول النابلسي «ومن قرأ في المنام (سورة يس) أو شيا منها أو 
قُرئت عليه؛ حشره الله تعالى في زمرة محمد (ص) وآله» وقيل 
ينال نعمة من نعم الدنيا يحسن بها عند الخلائق وقيل إنه من 
المتظهرين ودينه بلا رياء وقيل يعطي من الأجر بعدد من قرأ القرآن 
اثنتي عشبرة مرة لأن "يس ' قلب القرآن»!63. 
وتجد كل هذه التآويل نفسها في حلم ابن بطوطة الذي , 

يستعمل أسلوب الحكا: أيت فيما ى النائم»» ثم مستعملا 
أداة تشبيهية ' كأن إنسانا* ولم يقل مباشرة إنساناء أي أن الآمر بأمر 














395 


كل نصه الرحلي ثمانية أحلام كلها للآخرين يرويها وينقلها باعتباره 
راوية دون أن يدخل وعيه المثقف ويفسر دلالات هذه الأحلام؛ 
أولكنه في سرده للحلم لا ينسى التفاصيل المؤطرة له والأهداك 
التي يتضمنهاء مثل التركيز على فاعلية السلطة المعنوية لبعض 
الأموات» حيث يبقى الحلم وسيطا بذاته وصيغة للتواصل 
والتبليغ» والحالم» المرسل إليه يتفذ ويحقق رغبة المحلوم به 
الآمر والطالب. 

ولاشك أن الشيخ النابلسي كان يعي الهدف من تضمين أحلام 
الآخرين وحضور الموتى وكراماتهم للنهي والأمر وتحقيق رغبات 
معينة داخل نص رحلته . 

وتتمظهر أساليب وردود *حلم الآخر* المتخلل في السياق 
الرحلي على لسان الراوي الرحالة بعدة مظاهر خصوصية؛ أهمها 
الصيغة الافتتاحية للخبر ومنها : ذكر لي؛ أخبرني: مما 
ذكر أخمبرناء سمعت... وكلها أساليب تدأرجح بين البناء 
للمجهولء واليقين» والإحالة على أسماء محددة حاضرة مع 
الرحالة أو مستعادة من الماضي القريب والبعيد» تكون معروفة أو 
مجهولة- 5 

'17- أشكال وعلاقات الحلم 

تفرع أشكال الحلم في النص الرحلي وترتبط علائقه 
ببكوناته النصية من زمن ومكان وشخوص مستعادة وحاضرة» 
واقعية وعجائبية؛ فضلا عن عنصر الغرابة والعجيب والكرامة» 








399 


حيث «الحالم يجد نفسه في ظروف كثيرا ما تتغير تغيرا مفاجثاء 
ويحدث في بعض الأحيان أن يتغير المشهد بصورة تدريجية» 
كذلك تطفو في الأحلام مشاهد وأقوام من الماضي البعيد أو 
القريب» فمن الواضح أن قوانين المكان والزمان تصبح معلقة 
عاطلة عن العمل»59) وهو أمر نسبي» للتنوع الذي يطبع الأحلام» 
باعشبارها نصوصا ملتحمة وغير مففصولة عن النص الر. 
ولكنها تشكل عالمها المصغر الذي يؤسس لبلاغته وبعض 
خصوصياته مثل التركيز على إيراد الأحلام المتعلقة بالذات من 
أجل تأكيد علاقة الفعل بالفاعل» والتفاعل بينهما ؛ ولتكرار فعل 
' رأى' قوة تأكيدية. وبديهية في نص الحلم. 

كما يحضر الحوار داخل بنية الحلم لأنه صلب التخطاب» 
فعبره يتم التأسيس لأمر وني أو بلاغ بين شخصيات مُقدسة أو 
أولياء أو أقرباء وغيرهم», وبين الرائي أو من يرى له الحلمء فضلا 
عن تجذر الغيبي في الحلم الرحلي عبر الاستحضارات 
والحوارات؛ وأيضا الغلاية الاستكشافية بين الحلم والواقع 








فالهاتف باعتباره صوتا غيييا فوق طبيعيا يعوض الحوار 
الذي يعرف فيه المحاور. 

إنبنية الحلم مثل أي بنية نصية تحغل بمكونات تصوغ 
بناءهاء لكن الحلم يحقق اختلافه» فعناصره البنائية متحولة لا 


40 


تخضع للمقاييس المألوفة» ويمكن تمحيص أربعة منها لمقاربة 
كيفية ودرجة حضورها والتغيرات التي تطرأ عليها : 

1 أبعاد الزمن في الحلم : يلخص ابن سيرين تعدد 
وامتداد حضور الزمن في الحلم قائلا 
ولا واتقضى. وقد تأتي عما الإنسان فيه وقد تأتي عن 
المستقبل »0560 وهوامتداد في بنية الأحلام كما هي الرحلة التي 
يخوضها الرحالة» تتوجه من الماضي إلى المستقبل» دون أن تبقى 
صيغة الزمن ثابتة على حالها لأنها متحولة ويخضع الزمن في 
الحلم الرحلي بدوره إلى هذه التحولات وأحيانا لإمتساخات» 
فهو يأتي من الماضي والغيب اللامحدود إلى المستقبل القريب» 
وكأن مسألة الزمن هي ذريعة لاختراق الغيوب في وقائع ستقعء 
فيتنوع الزمن إلى زمن عاديي وخارق متحول؛ وكلاهما يندرج في 
إطار الزمن الحلمي شسأن الزمن في الحلم الذي أورده الغسرناطي 
العبد الله بن قسلابة» والذي قال برؤيته للجنة ودخعولها!57 ؟ 
والنص الرحلي هو نص زمني بامتيّازء كذلك الأحلام الواردة فيه 
تنجه نحو المستقبل» لأن الزمن في علاقته بالإنسان العادي هو 
الشيء المجهول والمرعبء وبالنسبة للمتصوف والفقيه هو 
الحقل الذي يبحث عن الإقتراب من أسراره؛ وكما جاءت العديد 
من الأحلام في نفس المسار فإن كرامات الأولياء حاولت تأسيس 
قواعدها على ااختراق المستقبل أو تكسير زمنية الحاضر. 

ولعبة الزمن في نصوص الحلم هي بناء رياضني يخضع 








401 
م1 - الرحلة فى الأدب العري 


لتحويلات تخرق المنطق وُؤسس لعمليات زمنية حلمية تمتثل 
لنظام الخرق والتركيز على الغيب والكشف» لأن وظيفة الحلم في 
البيوغرافيا الروحية تقود إلى دراسة العلاقات نالحلم 
والزمن58). يورد ابن بطوطة نص ا حلميا مسموعا يقول فيه : 

«يذكر أن سراج الدين هذا أقام في خطة القضاء بالمدينة 
والخطابة بها نحو أربعين سنة» ثم أنه أراد الخروج بعد ذلك إلى 
مصرء فرأى رسول الله (ص) في النوم ثلاث مرات» وفي كلى مرة 
ينهاه عن الخروج منهاء وأخبره باقتراب أجله فلم ينته عن ذلك » 
وخرح» فمات بموضع يقال له سويس596©. 

المؤشرات الزمئية في هذا النص الحلمي هي في قسمين : 
زمن عادي تمثله #نحو أربعين سنة في خطة القضاء؛؛ وزمن 
حلمي متكرر يتضمن إنذارا ونهيا ثم إخبارا بحدث سيقع في 
٠‏ المستقيل القرييا» وهودن و أجل الرائي» خصوصا وأن 
المخاطبء في الحلم المتكرر ثلاث مرات؛ هو الرسول (ص)» 
وفي ذلك دلالة مزدوجة على أن الناهي هو نبي يسَوَعْ تصديق 
الرؤياء ثم الحلم ثلاث مرات؛ علامة على النهي المتكرر؛ لكن 
الرائي حينما غض الطرف عن تلك المعطيات مات . 

يأنى الحلم بعد رغبة أو ضغطء باع تبار «دوره في 
الانعتاق»600» والتحررء ورغبة سراج الدين متضمنة لضغط نففسي 
عليه وعلى أهل المدينة بعدما قضى معهم عمرا كاملا في موقع 
حساسء أبان فيه عن عدله وتُضجهء فكان الحلم سبيلا للحسم 





402 


في الرغبة والضغطء» وسيلته هي النهي في انتظار حدث انتهاء 
الأجل الريب» أي الصراع بين زمنين» زمن الماضي والحاضر 
والتضحية بهماء وزمن المستقبل المجهول الذي أراد له الرائي أن 
يكون في مصرء وجاء الحلم لتكسير هذه المعادلة -عبر تحذير 
متكرر- بامتداد الماضي ونبذ المستقبل الدنيوي لأن المستقبل 
الأخروي قريب . 
بنية الزمن في النص الحلمي داخل الرحلة» هي بنية منشطرة 
غير أحادية» متوزعة في أبعاد متعددة لتحقيق انتماء الغيب لزمني' 
الماضي والمستقبل. 
2 . جذرالمكان في الحلم : المكان في الحلم جذر مشتعل ' 
الغافي ويلغم علاقات الرائي بالحلم وبالرحلة في 
اشتباك النفسير مقابل التأويل» وبتقابل معطيات الحلم؛ التي 
صيغت بتوجيه معطيات مترسبة في الذاكرة» من جراء تفكير وتأمل 
وضغوطات واقعية» بحقائق الواقع وتمحيصاته؛ هذا الواقع الذي 
عالجته وعدلته وساهمت في رسْم ملامحه الأحلام والاسينهامات. 
وقد شكل المكان في الرجلة عنصرا قويا لأنه الصفحة التي 
يتم عليها تسويد الأحداث ونموهاء وبالتالي فهر في نص الحلم 
المتخلل في هذا السياق يحضر استراتيجيا مولداء لأنبعض 
الأحلام الواردة ف رحلات معينة تستدعيها أمكئة النوم؛ والتي 
حضرت بكثرة مع ابن بطوطة الحريص على ذكر اسم المكان في 
البداية (سطح الزاوية (ص48)» المدينة المنورة (ص!14)؛ مكة 














403 


المكرمة؛ المدرسة المظفرية (صة16)» سجن القلعة 
(ص55)). أمكنة تؤرخ للحلم ويؤرخ لهاء كونها أمكنة مقدسة أو 
استثنائية ُجِور صدقية الحلم وامتداده في الصحو بعد النوم» 
وتحقق وعوده وإلزاماته . 

وترد الأمكنة في الحلم ورودا واضحا ومتعينا حينما يكون 
القصد منه التبئير» وهو أمر بلغ حدا من التعجيب والأسطرة في 
الأحلام المتتخللة» في كتب الأخبار بشكل خاصء ثم باقي 
السرود العربية الأساسية . كما اهتمت كتب تفسير الأحلام أيضا 
. بتخصيص فصول وأبواب لتفسير الرؤيا الخاص بالأمكنة!!6». 

في النص الرحلي يرد المكان في بعض الأحلام صورة 
لليوتوبيا المفقودة والمحلوم بها في الصحو. عند الغرناطي في 
حديثه عن الجنة التي رآها عبد الله بن قلابة» ومع النابلسي في 
الحلم المعين للموضع الذي رآى منه إبراهيم الخليل الكوكب» 
وابن بطوطة في عدة أحلام تربط المكان بالكرامة وبالعسجائبي 
(ص42: 134:48). ويقترن المكان المقدس بالغيبي ويفوق 
الطبيعي» فيصبح مزاراء كما عند عند النابلسي أثناء رحلته ومروره 
على قري ةإلنبك : «وفي القرية المذكورة أيضا مسجد صغير 
لطيف» يقال له مقام فاطمة الزهراء؛ رضي الله تعالى عنهاء لكونها 
رأت فيه مناما فأتينا إليه وزرناه وتبركنا به ودعونا الله تعالى 
هناك462, ولأن المرأة الرائية غير عادية» فإن الحلم الذي تم به 
العأريخ للمكان بدوره خخارق» بدليل أن زيارة الرحالة ليست ' 








404 


للمسجد في حد ذاته» وإنما لأنفاطمة الزهراء رأت فيه 
حُلمًا مصدقا. 

ويُبثر النابلسي المكان عبر إدراجه لجلم #بعض الشيوخ جاء 
من مكة فصلى في الموضع الذي فوق الشق. الموضع الذي يقال 
أنه رأى ابراهيم الكوكب فيه وذكر أنه رأى في نومه إن أحببت أن 
ترى الموضع الذي رأى فيه ابراهيم الكوكب فاقصد دمشقء 
واقصد موضعايقال لهبرزة» وند تخد اراهيم فوقالجبل». ١‏ 





الموضع !60 . الحلم الذي بورد النابلسي تقب لاعن كاب 
"الإشارات إلى أماكن الزيارات '؛ هو صيغة أخرى لتضمين 
الحلمء استنادا إلى قراءات الرحالة لتشبيت حقائق وتقويض 
افتراضات حول مكان معين» لأن الحلم هنا يستند إلى ' الهائف" 
الذي هو صوت الغيب وقد حدد خطابه بأمر اختياري للرائي حول 
مكان ' مقدس " ؛ ولكنه مجهول عند الناس. 

وترتبط القدسية بالمكان في كل الحلم؛ حيث مكة هي 
الفضاء العام ثم *الموضع ' الذي صلى فيه والإعتقاد» حوله سائد 
ان ابراهيم الخليل قد رأى منه الكوكب لكن الحلم في ذلك 
الفضاء وحول ذلك الموضع سيّصحح من هذا الإعتقاد ويدل -عبر 
الهاتف الغيبي على المكان الصحيح الموجود يدمشق» وتحديدا 
بموضع يسمى برزة» عند مسجد ابراهيم. 


إن المكان في الحلم متصل بتيمة السفر وانبنائها على الأمكنة 


405 


والإنتقال منها بحثاعن شيء ماء لأهداف محددة» ولاشك أن 
أحلام الرحالة»' أوما يستدعي من أحلام يجيء المكان فيها 
متفاعلا مع عناصر الرحلة وأمكتتها . فالراوي -الرحالة يورد 
أحلامه أو أحلام الآخرين» في سياق الحديث عن وقائع في مكان 
معين» شأن النابلسي» وهو يزور قرية #برزة؛ أثناء رحلته» فيدرج 
عدة استشهادات تاريخية ودينية» ضمنها يُدمج حلما لفائدة مكان 
٠‏ مبارك ' نافع لقسوة القلب وكثرة الذنوب * (ص82)» حيث يعزز 
موقف الرحالة من الأمكنة في كل مراحل نصه الرحلي» والتيْ 
تشكل لديه جزءا من المقدسات وقد بنى رحلاته عليها. 
وتحمل الأمكنة الرحلية في النص الحلمي بعض السمات 
العجائبية الواردة في الوصف المكاني داخل خط سير الرحلة» 
فضلا عن الخصوصنيات التي يفرزها كل حلم ومعالجته للمكان . 
3- تمظههرات الآخرفي النص الحلمي : تبثر النصوص 
الرحلية الآخر في أبعاد ومستويات جعلت من هذه النصوص 
ممختبرا مهيمنا من حقول مختلفة تبجث في التجليات والطبائع» 
وحضور هذا الآخر في النص الحلمي المتخلل باعتباره سفرا ذهنيا 
لاشعوريا في الرحلة يجيء بدوره في أبعاد متنوعة؛ لكن 
المهيمن والمتكرر هو حضور الآخر الموتى: «ذلك أننا.في 
أحلامنا بتعبير الكسندر بوريلي- نلقى أناسا كان قد انقضت على 
وفاتهم سنوات وسنوات06». ولاستتدعاء السوتى في الحلم 
أهمية خاصة في ربط الأحلام بالغيب والهاتف والمحاورات 








406 


والتوجيهء وعبر الحلم يحضر الماضي» والذي كثيرا ما يلجأ إليه 
الإنسان باعتباره متنفسا من ضيق الواقع وإكراهاته ؛ لهذا اتجهت 
كتب تفاسير الحلم إلى تأويل رؤية الموتى بشكل عام» وإيراد عدد 
من التفسيرات في الموضوع9». 

وبخصوص رؤية الموتى» يورد النابلسي في رحلته رؤية 
الشيخ حسنء جد الرحالة» وهو ينهيه عن قول الشعر (ص66): 
وني موقع آخر» ومن خلم عحجاتي در أحد الأشخاص والهده 
الذي يؤنبه ويتدخل في الواقع (ص455). 

* في الحلمين مما يتحكم الميت المحلوم بهبالأمروالتهي 
ويتدخل في المعلوم» وإذا كان الحلم الأول يبدو طبيعيا ويجد له 
تفسيرا معيناء فإن الحلم الثاني يندرج ضمن الأحلام العجائبية 
التي يراد من خلالها إثبات كرامة الشنخص الميت عبر التمهيد 
بحكاية البهيمة؛ فقد «كان لوالده؛ الولي العبارف صاحب 
الكرامات والعوارف؛ الشيخ عبد الله النخال» بهيمة عزيزة علية» 
فطلب منه ولده الشيخ عسبد الكريم الإذن في ركوبها إلى الكرمء 
فأذن ل وشرط عليه أن لايُركب معه أحداء فلماركبها أردف 
خلفه واحدا من أصحابه . ولما عاد بهنا البينت ربطهافي محلهاء 
فجاء الشيخ على عادته» ووضع لها العلفء فلم تأكل» فقال لها : 
كلي يا مباركة . فقالت له : أنت أبرك مني ولكن ولدك أتعبني 
وأردف خلفه من أذاني وضريني . فدخل إلى ولده وسأله عن ذلك 
فأكرة فمسكه من يده وجاء به إلى البهيمة وقال لها : هذا أنكر 


407 





مناقالته أولاء فلما سمع الغلام 
ل والدته الى البيت ومكث ثلاثة أيام 
الاي كسجناء لم تمأ عرض ليخ برض السوث: أرعى ول 
المذكور أن البهيمة إذا ماتت يدفنها. فتوفي الشيخ إلى رحمة 
الله تعالى؛ ثم بعد مدةماتت البهيمة: فألقاهاعلى 
المزابل؛ ولم يدفنهاء فرأى والده في المنام وقال له : أنت لم 
تقبل الوصية ونحن كفيناك مؤونتها - فلما أصبح توجه فلم يجدها 
ولم يجد لها أثرا»69, 

حضور كرامة تكجليم الحيوانات وامتدادها بعد الموت في 
الحلم ثم التدخل في الواقع وخرقه؛ وتغيير بعض أحدائه : 
سمات يعرضها النابلسي بكثير من الإيمان والتأكيدية. 
اتررؤية النبي محمد يفي أحلام عديدة بأشكال 
متفاوتة» فالغرناطي يورد حلما جماعيا لجماعة يرون النبي في 
يرشدهمء ولما يعترض أحد الفقهاء على ذلك يرى بدوره 
كل شيء في الحلم © ويورد النابيلسي حلما يأمره فيه 
النبي ولو بإثبات نسب الشيخ صبيح الحبشي إليه(268: فيما يرى 
شيخ آخرء النبي و الذي يجعل على لسانه بلاغا وحكمة للناس 
(ص262). 

يفسر النابلسي» الذي يكتفي بتضمين أحلام الآخرين» رؤية 
النبي في مؤلفه * تعطير الأنام ' قائلا : «فمن رأى نبينا محمد يلل 
لم يزل خفيف الحال وان كان مهموما فرج عنه أو مسجونا خرج 












408 


من سجنه وإذا ري في مكان حصار أو غلاء فرج عنهم ورخصت 
أسعارهم وإن كانوا مظلومين نصروا أو خائفين أمنوا»(©». 

ولا تختلف دلالات الأحلام التي يقدمها النابلسي في رحلته 
عن دلالة تأويلها في مؤلفه 'تعطير الأنام' ؛ ونفس الأمر عند ابن 
بطوطة الذي يقدم أحلاما تستحضر النبي محمد يك270: الهدف 
منها ارتباط الحالم بالدين الإسلامي وتثبيت كرامة معيئة أو تسويغ 
عجيبة ماء وهو ما يجعل الأحلام المدمجة في الرحلة متواصلة 
مع الكرامة والعجائبي» مما يؤكد تغلغل الديني والمقدس في هذه 
الأحلام؛ وتجذر ذلك -مرتبطا بطلب التوجيه والإطمثنان: في 
الوعي واللاوعي. 
4- الحلم بين الكرامة والعجائبي : قاعدة الحلم أنه 
إق القاعدة ويعمل «باعتباره نقطة بؤرية يتمركز فيها تفاعل 
القوانين المختلفة» !7 بحمولاتها الاحتمالية والترميزية» 
واستدعائها للمسخ والتعجيث. فيبدو أن من أهم دعائم الأحلام 
في الرحلات العربية هو : ناع تذكري على الموضوعات 
الحساسة»72 وتأكيد الغرابة وتعميقها وإعطائها أبعاداعن طريق 
المسنخ والرمز والتعجيبء الأمر الذي يفتح إث ركل حلم سجلا 
لفك الرموز وإيجاد تفسيرات تربط هذه التنكرات 
والمجردة أحيانابعا هو ملموس في الماضي والراهن والمستقيل . 

فكل ما يبدو مثرموزا وعجيبا في الحلم يُصبح مألوفافي 
التفسير» كما في الحلم :الذي رآه ابن بطوطة» وهو على جناح طائر 








409 


عظيم يتيامن ثم يشرق وينزل على أرض مظلمة خضراء ؛ هذا 
الحلم الذي يقول عنه الراوي انه عَجِب منه . وهو مصدر التعجب 
من الطائر والانجاهات التي كان يطير نحوهاء ثم في الأرض التي 
نزل فيهاء لكن التفسير الذي قدمه له أحد الشيوخ سيترجم 
المفردات الرمزية في شكل مكاشفة : 

الطائر الضخم :جره 

اتجاه سمت :| 

يتيامن ثم يشرق : التجوال في بلاد اليمن والعراق والترك. 

كما يكون الحلم أيضا سبيلا لإظهار كرامة معينة» شأن ابن 
بطوطة الذي جاء حلمه لإثبات كرامة الشيخ الذي كاشفه في 
رؤياه» وتجيء أحلام أخرى لإثبات كرامة الرحالة الرائي» مثلما 
وقع لأفوقاي» وقد رأى:في منامة له ما ضاع منه في الواقع» وبعد 
الحلم وجده(ص134) ؛ أوفي حلم يُورده النابلسي حول 
شخصية مستعادة من الماضي» وارتباط الحلم بالكرامة والدين 
خصوصافي الرحلات الحجية والزيارية» الرائي أو الشخصية 
المستحضرة هما المبأران فيما تطال الإضاءة الشخصية المفسرة 
في أحيان أخرى» مثلماوقع لبخت نصر الذي رأى حلماة©, 
ونسيه فسجاء نبي الله دائيال وتذكر له حلمه الذي لم يره هؤء ثم 
يؤوله لغير صالح بخت نصر الحالم . 

. 7- ثلاث سمات 

تنبثق الأحلام متنوعة لغناها وانفتاحهاء مما يجعل سمة التعدد 











410 


بالإسكتدرية» وفي سياق إيراده لكرامات الغديد من الأولياء 
والصلحاء سمع بالشيخ ابن عبد الله المرشدي «وهو من كبار 
الأولياء المكاشفين؟ (ص46)» فخرج غير بعيد عن الإسكندرية 
يطلب زاوية الشيخ : 

- في لقائه الأول أراد الراوي النوم» فأمره الشيخ المرشدي 
بالصعود إلى سطح الزاوية» وهو توجيه سيرىء عبره» خلال نومه 
حلما يركب فيه طائرا وينزل أرضا مظلمة وخضراء. 

- يكاشفه الشيخ المرشدي ويختم له تأويله قائلا : «وستلقي 
بها دلشاد الهندي ويخلصك من شدة تقع فيها»(ص48) . 4 

تنواصل بعد ذلك أحداث الرحلة ويتحقق كل ما كاشفه فيه 
الشيخ إلى حين وصوله الهندء حيث سيلقى محنة رواها بأسلوب 
حكائي ممتع» مصوراعذاب الأسر والخلاص والهروب» ثم 
إشرافه على الموت خلال ثمانية أيام من الإختبارات المتنوعة 
والقاسية» حتى اللحظة التي سيحضر فيها الجزء الثاني من حلمه 
الأول» وتفسير المرشدي له ؛ وسيظهر له شخص يتكلم 
الفارسية؛ اسمه القلب الفارح» يقدم له الأكل والشرب» ويُصليا 
معا ويحمله فوق كتفه (ص549-544) . 

لكن» هل يتكرر الحلم مرة ثانية ويستعيد الراوي -أمام ضغط 
وقساوة الأيام الشمانية- الحلم السابق وتفسيره؛ فيستهيم؟ : 
اوغلبتني عيني فلم أفق إلا لسقوطي على الأرض؛ فاسبتيقظت 
ولم أر للرجل أثراء وإذا أنا في قرية عامرة»(ص548) . 


413 


وأثناء عودة وعيهء وبعد خروجه من تلك الشدة عاد يفسر 
تلك الأحداث ويربطها بالحلم : «وفكرت في الرجل الذي 
حملني على عنقه» فتذكرت ما أخبرني به ولي الله تعالى أبو عبد 
الله المرشديء حسبما ذكرناه في السفر الأول إذ قال لي : 
ستدخخل أرض الهند وتلقى بها أخي ويخلصك من شدة تقع فيهاء 
وتذكرت قوله» لما سألته عن اسمه فقال : القلب الفارح وتفسيره 
بالفارسية دلشادء فعلمت أنه هو الذي أخبرني بلقائه وأنه من 
الأولياء» (ص549) . 

إن الراوي ‏ الرحالة يرى حلما في بداية الرحلة؛ وسيمتد على 
كل متتار ومراحل رحلته» وأثناء د الاستيهام بالحلم 
وبالواقع» بحشاعن الخروج من الأزمة في بلاد الهند. إنه حلم 
ورحم لكافة العناصر الحكائية الأخرى» يدخل في دائرة بين 
الحلم الأول وتفسيره» وب اته التي تتتهي بلقاء موعود 
يتحول إلى حلم واستيهام إغماءات ورعب وقهر وجوع 
وعطش لأيام متتالية» ولن يحتمي بتفسير غير ذاك الذي كاشفه به 
المرشدي في بداية الرحلة . 

ا للا 
الشعور واللاشعورء بين نعومة الحلمي وعنف الوا 
الوهمي والإستيهامي والعجائبي ... وكلها عناصر تنداخل 9 
مكونات أخرئ في الرحلة . 

11 نصية الحلم الرحلي 

نص الحلم هو بنية لغوية ظلت بفضل التراث الديني والأدب 









414 


الشعبي تعبيرا حيا متصلا”””2؛ يستافم في خلق وتكوين نصية 
الرحلة وأدبيتها حيث يندمج الحلم نصيا ببنيات أخرى مجاورة» 
حافزة ومحفزة» تؤسس لتفاعل كلي» يسمح بتحقيق شروط 
النصية والأدبية؛ وبالتالي المتعة التي يحفل بها النص الرحلي من 
خلال تقديمه لأوعاء مختلفة وأماكن أحلام أيضاء متبايئة 
ومتعددة» وفي أثناء الحلم تكون الرحلة قد أناحت للراوي 
والقارئ الضمني والفعلي معاء تكسير الإيهام الواقعي باستيهامات 
واحتمالات وحدوس» وأيضا تكسير الالتصاق باللحظة الراهنة . 
وإذا كانت الرحلة بناء مفتوحاعلى "الخارج' بمرآة تعكس 
من حين لآخر الجانب الباطني؛ فإن تجسيد الباطن يكمن في 
تضمين الحلم الذي يتوسع ويبني عوالمه المشتركة مع العوالم 
الخارجية فيخلق التكامل حيناء والتعديل حينا آخرء ذلك أن بنية 
الحلم في اعتمادها على الترميز والعجائبي تحقق التوازن 
المفروض بين سرود تع تمد المشاهدات المرئية والمسموع 
والمقروء؛ من ثمة» يدخل النص الحلمي ضمن المتخيل الكلي 
للرحلة والمرتبط بالماضي وترائه» والمستمر في الحاضر ٠‏ 
وشدائده للوصول إلى أفق المجهول في المستقبل؛ لهذا جاء هذا 
المدخيل متجذرا في التاريخي والديني والغييي» بحيث الغيب في 
الأحلام الرحلية مُغاير لفوقٌ الطبيعيء لأنه مرتبط بالمعيش 
وانعكاس لليومي وللصراع الداخلي وللاشعوري ؛ إنه إفضاء 
ونتيجة للجدل الدائم بين الرغائب والطموحات والواقع . 





415 


وتعتمد بنية نص الحلم على مقومات تتفاوت درجات حضور 
مكوناتها من حلم لآخرء وإن كان الراجح أن الأحلام الواردة في 
الرحلات الحجية والزيارية تنبني على شاكلة متقاربة. ولا يمكن 
لهذه المقومات أن تحدد دقة الفاصل بين الحلم والاستيهام!28 
وتشكل الأوهام» ذلك أن إيراد جزء من الأحلام وجزء آخر عن 
آخرين؛ سمعه منهم شخصيا أو عبر غيرهم متواتراء يجعل هذه 
مفتوحة وثرية تلتقط غرابة الصور وتعمد الى الخرق وتعطيل 
القوانين الطبيعية واللجوء إلى الخلط بين الأزمنة واخحتزالهاء 
واتخاذ الاستحضار وسيلة للكشف عن الحاضر والمستقبل» 
وتأكيد قيم وقناعات وعلامات وترسيم فكرة الإصلاح والإمتداد» 
من خلال حضور العجائبي والكرامة والمكاشفة» باشاعطاب 
الأمر والنهي والتوجية لتحقيق رضبة معينة . 











إحالات 


15- ابن شأهين الظاهري : الإشارات في علم العبارات [بهامش 
كتاب الشيخ عبد الغني النابلسي : تعطير !١‏ ني 
تعبير المنأم (في مجلدين): بيروت: دار الكتب العلمية؛ د 
ص3 
16- ابن سيرين : متتخب الكلام في تفسير الأحلام [بهامش 
المسجلد الأول من كتاب || بد الغني | : تعطير الأنام في 
تعبير المنام (في مجلدين) بيروت» دار الكتب العلمية» د 35 
7 اين شامله ص3. 








416 


18- عبد الغني النابلسي : تعطير الآنام في تعبير المنام (في 
مجلدين)؛ بيروت» دار الكتب العلمية» د.ت: ض322. 

٠‏ 19- الكسندر بوريلي : أسرار النومء الكويت» سلسلة عالم المعرفة» 
رقم 163» يوليوز 1992: ص89 [ترجمة أحمد عبد العزيز سلامة]. 

0- نفس المرجع السابق» ص 83. 

21- الشيخ عبد ألغني النابلسي» تعطير الآنام صن5. 

2 الشبخ 






1 6) بقوله أن 
المسؤول» في علم الرؤيا لا بد من استناده على ثلاثة أصناف : حقظ 
الأصول -تأليف الأصول- شدة الفحص والتثييت» ص : 13-12. 
27 ابن سيرين ص 10 » ويتحدث أيضا عن ضرورة تقليب وجبرء الحلم 
والستر . 
28- ابن سيرين» ص2 . يناقش توفيق فهد في دراسته عن الكهانة عند 
العرب مسألة الحلم والرؤياء |: 
1966 أالم8.ل8 ,معناعا ,عطوعط4 مملاهمتواق هآ ,لطم" غ0٠‏ 
.522 (00269-273) 














29- ابن سيرين» صن5. 

0- أبن سيرين» ص6. 

سيرين» ص14 . 

سيرين ص14 » ابن شاهينء ص 5» الشيخ النابلسي ص 3. 
ب4. 







. بيروت؛ دار العلم» 
1 5 أبراهيم» مراجعة عز 
الدين إسماعيل]. ويتحدث دير لاين عن أهمية الاحلام في الحكاية 








417 
90؟ - الرحلة فى الأدِب العربى 


الخرافية (ص 101-100)» وتحولات الحلم إلى حكاية عسرافية 
(ص105). 
6- ,33*)! عمونفمه مذ بعوغه سل عموفمافظع القصرم6 اعطعلهخ - 
.590 ,انسعة له ,1978 





37- أسرار النوم» مرجع سابق» ص72. 

8- -ممطوو" كك علدعنة816 عمطدعلائة . أعطعنلز وعامقك ممعل-- 
,1990 عتسفعة ."لاءط ,ممتاتلع بععنعناا عنوتمتكء عمن نمم عورلم 

5475 : 

: الخيال عند ابن عربي (النظرية والمجالات)» 

ة» دار الثقافة للنشر والتوزيع» 1991 ص 140 . 

40- 590 ,صعل1 ,سا6 ا 

41- 6وع ,لسسساين 

42- ابن أبي محلي الفقيه الثائر. ورحلته الاصليت الخريت: الرباط» 
منشورات عكاظ. ط1 1991 ص 108 [تحقيق عبد المجيد قدوري]. 

43- أبو حامد الغرناطي : تحفة الألباب ونخية الاعجاب؛ الدار 
البيضاى» نوري ار اناق اجنين طلء 1993 م ٠.‏ [تحقيق 
اسماعيل 

44 لع لشي سيج ل اص 288: 289. 

وى الترج الاين جل ابن شاهين الظاهري» ص 40. 

46- النابلسي » ا 

7- ابن بطوطة : تحفة النظار» ص 48. 

8- ابن بطوطة» صن 48. 

49- تققم بمطعيةا معابمت صمل - 

0 5480 ,و10 - 

سيرين؛ ص 31. 











5- أسرار الثوم» مرجع سابق» ص 72. 


418 


6- ابن سيرين» ص9 . 
7- أبو حامد الغرناطي . ص58 
58- ا عمه7 0*211/1988-3! ,الك بكعمتقسسط معممعاعو كمل عندعه : مل - 


.227,28 بععمممة ,1لا 

59- ابن بطوطة» ص134. 

0- شيدقار: حول نشوء وأسلؤب السيرة الشعبية العربية» 
ضمن كتاب جماعي : بحوث سوفيتية جديدة في الأدب العربي؛ 
موسكوء دار رادوغاء ص72 [ترجمة محمد الطيار] 

61- انظر : ابن سيرين ج 1 بهامش النابلسي : ص40 و 174 ؛ وأيضا 
ابن شاهين الظاهري» ج11 بهامش التابلسي ص : 50 146 153 
3 166» وعند التابلسي بأمكان متفرقة. 

2- الشيخ النابلسي ص 102 . 

3 الشبخ النابلسي» ص82» 83. 

64- أسرآر النوم» مرجع سابق» ص71. 

65- حول رؤيا الموت والأموات» انظر: 

ين بهامش النابلسي» ج1» ص45» الفصل 16 . 

شاهين بهامش النابلسي» ج11 ص 140 باب 30. 

66- عبد الغني النابلسي» الرحلة» ص 455. 

67- أبو حامد الغرناطي» ص163» 164. 

لنابلسي؛ الرحلة؛ صر 2170 171. 

تعطير الأنام»ء ص 215 (جآ]) كما يقدم تأويلات أخرى؛ 
انظر صفحات : 216» 217: 218 ؛ وهي تقريبا نفس التأويلات عند 
بن ورين جآء ص25-22» وعند ابن شساهين الظاهري؛ جل1ء 
ص24. 

0- انظرء ابن بطوطة : صفحات : 42: 134 163. 

71- فدوى مالطي دوجلاس : بناء النص الترائي؛ دراسات في 
الأدب والتراجم. القاهرة؛ الهيئة المصرية العامة للكتاب» سلسلة 
: دراسات أدبية» 1985» صر 149 . 

2- أسرار النوم» مرجع سابق» ص92. 


























419 


3- انظر : الغرناطي» ص155» 156. 

4- أسرار التومء ص86 

5- نفس المرججع ٠‏ ص86 . 

6 ابن بطوطة » ص 559. 

7- فدوى مالطي دوجلاس : العناصر الترائية في الأدب العربي 
المعاصر. مجلة فصول» مرجع سابق»ء ص22. 

78- كلمة استيهام م«مدامهام في التقاليد اللاتينية تعني التمثيل الذهني 
للشيء؛ وأفلاطون يقارن الفانطازيا بالرسام الذي يرسم صورا وأشياء 
من الروح تسمى 1ه« كداهام أيقونات: ص 46. 
ومع فرويد 4«ه8.5 سيرتبط الاستيهام بالرغبات والكبت؛ ذلك أن 
«الاستيهام الأدبي يشكل نصا حاضرا -غائبا في النص» ص62 . 
أنظر المرجع : عله؟4لة864 عمسهف انا . امطعنة! عماممات ممول - 
عمطاعة .لاط رقت بعمتممعناذ! عنوتماك عم عنمط يعور لمممطووم عع 

1990 








420 


الفصل الثاني 





العجائبي 


1- حدود العجائبي 
1 - مقدمة أولى :اتخذت مفردة «عجيب؟ أشكالا في 





معان متقاطعة فيما بينهاء ذلك أن المفردة ترعرعت وتلاحت 
لفترات طويلة وسط حقول متعددة وداخل سياقات ثقافية 
وتحولات مشهودة» فابن منظور يعرفه انطلاقا من الركام السابق : 
«العجب والعجّب ما يرد عليك لقلة اعتياده» وأن أصل العجب 
في اللغة إن الإنسان إذ رأى ما ينكره ويقل مثله قال قد عجبت 
منكذا ...1 

«العجب : النظر إلى شيء غير مألوف ولا معتاد... 

«والتعجب أن ترى الشيء يعجبك تظن أنك لم تر مثله!21. 


421 


ولاتستجيب تعريفات ابن منظور التي استقتها المعاجم 
العربية الأخرى للدلالات الموسعة التي تُقدمها مفردة العجب 
والعجيب والعجائبي» نظرا لأن أفقها صار ضمن بناء الأثر الأدبي 
المرتبط بالفعل الإبداعي وفعل التلقي: إذ أن اهناك غنى واسعا 
للمعجم الخاص بالعجائبي في العالم الإسلامي:2: وأيضا في 
الشقافات الأولى ؛ فالقزويني يعرف العجب بأنه "حيرة تعرض 
للإنسان لقصوره عن معرفة سبب الشيء أو عن معرفة كي 





أثيره 


فيه22!6» وهو تعريف قريب من تعريف الجرجاني الذي يؤكد ان 
«العجب تغير النفس بما خفي سببه وخرج عن العادة مثله؛49. 





ا اير ةإضافة إلى أنه يتغير بتغيرا التسور: 
والشقافات» وتوجهات الرؤى والتحويلات الممكئة في النسق 
والمرجع» فما يُعتبر في #عصر ما من باب العجيب قد تُزال عنه هذه 
الصفة قيفقدها في عصر موال'29» كما يتخذ تلوينات مغايرة مع 
كل مؤلف جديد؛ حيث العجيب كذلك «حسب المسافة التي 
تفصل بينه وبين تصور مألوف للواقع» أقره المنظور الثقافي السائد 
في العصر©»؛ حتى أن النقاد الذين تناولوا البحث حول مفهوم 
العجائبي في الثقافة العربية القديمة» نظروا إليه من منظورات 
مختلفة أغنت الحقل المفاهيمي وأبانت عن جذر مشترك في كل 





422 


التعاريف ؛ فالعجائب من وجهة نظر مكسيم رودسون77 أشياء 
تثير الدهشة والإنبهار» بينما يرى أندريه ميكيل أن العجيب هو 
تشكيل تصاعدي أو تنازلي لمعطيات طبيعية© ؛ وينظر الباحث 
الشادلي بويحي إلى العجيب أنه لا يكون قابلا للتفسير©: فيما 
يخلص توفيق فهد إلى أن العجيب أساسا هو الغريب219. 

أما يُودوروف7!! الذي حاول تقديم خلاصات دقيقة» 
فيعرف العجائبي بحدوث أحداث طبيعية وبروز ظواهر غير طبيعية 
خحارقة (مثل نوم أهل الكهفء تكليم الحيوانات» الطيران في 
السماءء والمشي فوق الماء) تنتهي بتفسير فوق طببغي » وقد أسس 
تودوروف تصوراته انطلاقا من متون الثقافة الغربية ؛ وفي سياق , 
آخر يسمي محمد أركون العجائبي انه ليس سوى امتياز مؤقت 
لاستحضارات خيالية» مشكلا لذلك وعاء لفكرة الخلق؛ مثلما 
هو وعاء ضروري لكل تجربة هي انفتاح على الذات 12 وهذه 
مسألة أساسية حيث ينهض العجائبي من الإنفعال والإثارة 
والدهشة بوجود معطيات خارقة تتطلب تفسيرا موازيا بحضور 
الراوي» ووجود التعجب والتركيب اللغوي» وعلاقة كل ذلك 
بالإعتقاد والذات والمتلقي الضمني أو الصريح . 

إن كل التعاريف تُعمق ثراء المغهوم واتساعهء الناتج عن ثراء 
النصوص الزاخسرة بالعسجائبي في كل أشكاله؛ انطلاقا من 
النصوص الدينية : الانجيل والتوراة والقرآن الكريم ؛ وأيضا في 
السيرة كما في المؤلفات النثرية» وبشكل كبير في كتب الرحلة 
ومؤلفات التاريخ؛ وفي الشعر أيضا. 











428 


وتكمن أهمية العجائبي في ارتباطاته المتعددة وفي مفاهيم 
أخرى تَرْندهء وترسم أفقه وتشكلاته الدلالية» من أهمها وأشدها 
التصاقا به مفهوم الغريب والغرائبي» حتى أن استعمال العجيب 
يجيء؛ عادة» مقترنا بالغريب بشكل طبيعي» وكأنهما شكلان 
للإنفعال الذي يولده موقف أو مشهد ما . 

ومفهوم 'الغريب' هو أيضا أحد المفاهيم المرآة التي وقف 
عندها الباحثون بشكل كبير» فالقزويني يعرفه في المقدمة الثالثة» 
بأنه كل أمر عسجيب قليل الوقوع مخالف للعادات المعهودة 
والمشاهدات المألوفة؛ وذلك إما من تأثير نفوس قوية أو تأثير 
أمور فلكية أو أجرام عنصرية» كل ذلك بقدزة الله تعالى وإرادته 








(فمن) ذلك معسجزات الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين»012, 
' هذا التحديد هو من أجل استيضاح الفرق بين الغريب والعجيب 


امن 





وإقامة فواصل مضبوطة» وسيخنصص تودوروف جزءا 
حديثه عنهما معا للتمييز» فالغرائبي هو حدوث أحداث فوق بي 
تنتهي بتفسير طبيعي . في حين أن العجانبي هو حدوث أخداث 
طبيعية تنتهي بتفسير فوق طبيعي 0140. 

ويحدد تُودوروف ان الإنسان حينما يختار أحد التفسيرين 
يدل أحد الشكلين : الشكل الأول الذي يقرر فيه القارئ أن ' 
قوانين الواقع تظل سليمة وتسمح بتفسير الظواهر الموصوفة ؛ 
أما الشكل الثاني فهو حين يقرر القارئ أنه يتبغي قبول قوانين 
تمكنه من تفسير الظواهرء لأن الاتجاه فوق الطبيعي المفسر 








424 


يصب في الغريب في حين يقود الاتجاه فوق الطبيعي المقبول 
إلى العجيب25. 

ولا يكتفي تودوروف بهذه التحديدات المعتمدة على الغيبي 
والتفسيرء وإنما يلجأ إلى توليد الانفعال» فيحقق الغريب الخوف 
' لأنه مرتبط فقط بأحاسيس الشخصيات وليس بواقعة مادية 
تتحدى العقل » على عكس العجائبي الذي يتميز بوجود أحداث 
فوق طبيعية؛ دون افتراض رد الفعل الذي تسببه لدى 


الشخصيات©0, 
أن هذا التوسيع في تحليل الغريب عبر مقاباته 
بالعجيب» هو توسيع في ملامسة النصوص التي غرز دلالات كل 





شكل» إذ سيسلاحظ نفس الباحث أن إحدى منابع الغرائبي أنه 
يتشكل من المصلافات 117 والعناصر الأخرى التي تؤسسه. 
اقشته للتمييز بين العجيب والغريب» يعتبرهما أندري 





وتجاربه» إنه الإنسان الذي يسير إلى مابعد الصفات العادية للكائن 
الإنساني».في حين يقستحم الإنسان في العجيب حدود 
المحرم!8!». ويقارب جاك لاكوف المسألة من زاوية اعتبار الفرق 
بين العجيب والغريب يكمن في كون الغريب يمكن تفسيره بينما لا 
نصل مع العجائبي إلى تفسير غير التفسير فوق الطبيعي . 

كل هذه الخلاصات» هل تقدم تقابلا أم تكاملا بين شكلين 
متعجاورين يتكاملان ويغذيان بعضهما البعض؟ فما يميز الواحد عن 


425 


الآخر النهاية التي ينتهي إليها الحكي العجاتبي أو الغرائبي باختيار 
تفسير معين ومحدد لأحد الشكلين. 

لكن المسألة» رغم الإختلافات والاجتهادات المفتوحة 
تسجل في المحصلة» أن كل عجيب يتضمن غرائبية »؛ وكل غريب 
يتضمن عجائبية . وهو ما يقود المحكي الرحلي لأن يصبح عنصرا 
أركيولوجيا9'» ؛ كل هذه النقناشات والردود التتحديدية أفرزت 
بالغسرورة أنواعا وأشكالا تؤكد ثراء العسجائبي في كل الآداب 
الكونية» وقد تعددت الأنواع بتعدد النصوص واختلاف الحقول 
والعصور والمؤلفات أيضاء فتودروف يقسم العجائبي الى أربع 
خانات تجمع بين القديم والحديث00© : 

أ- العجائبي المبالغ فيه؛ ويوجد في الحكايات الشعبية 
والملاحم. 

ب العجائبي المثير» المدهش ويهم الرحلة؛ حيث يصف 
الرحالة شيئا للقارئ يجهله ولا يملك ما يطعن فيه 

ج- العجائبي الأداتي» وفيه تتبأر أدوات. , 

د- العجائبي العلمي» وفيه يكون فوق الطبيعي مفسرا 
بطريقة عقلانية. 

وب يعتمد تقسيم تُودوروف على الجانب التيماتي. أساساء 
بينما يحصر جاك لاكوف تقسيمه في الحديث عن العجائبي 
اليومي والعجائبي السياسي10©, بحيث تستحوذ على العجائبي 
ثلاثة أطراف : 














426 


- الاستحواذ المسيحي : والذي قاد العجائبي نحو المعجزة 
ثم الرمز . 

-الاستحواذ العلمي : حيث ربْط العجائبي بالعالم 
1 
- الاسحواذ التاريخي : وهو الرغبة في وصل العجائبي 
بالأحداث وبالتواريخ 22 

يقترن هذا التقسيم» ومايستتبعه» بالنصوص القديمة؛ إذ 
يخترق العجائبي مسجالات وحقولا دينية ورمزية ويومية وسياسية 
على مستوى الجذور الاسطورية والعلمية أيضاء وهذا الاختراق 
هو ما أفرز أنواعا لم يتتبه إليها تودوروف الذي حاول التقاط 

ني تفرزها التيمات ؛ فالنصوص السردية العربية 

القديمة» على اخنتلاف خطاباتهاء تضمنت عجائبيا رسميا وآخر 
غير رسمي ؛ بمعنى عجائبي عالم وآخر شعبي!27» وهو مايمكن 
فحصه بوضوح في رحلتي ابن بطوطة وأبي حامد الغرناطي . 

رؤية أخرى تستعير تقسيما أوليا للفزويني وتنظر إلى العجائبي 
من خلال ماهو قابل للتصغيرء وماهو متعذر تبسيطه؛ ذلك أن 
العسجائبي العادي يسقط في دائرة المصغر» في حين أن بحقل 
التمصورات التي تضم العجائبي الخارق والمتتضمن لمناهو 
تيولوجي وكوسمولوجي يسقط في دائرة العجائبي المتعذر 
تبسيطه*24)؛ ومن زاوية أخرى هناك عجاتبي ذاتي مرتبط بأفعال 
الراؤي وشسخصياته في إطار تذويت الكتابة؛ مقابل عجائبي 





47 


موضوعي متشكل من أفعال وظواهر موجودة في الطبيعة مما 
يخلق الإعجاب في مخيلتنا!5© . 

إن رصد هذه الأنواع ليس من أجل البحث عن ترسيمة 
موسعة» بقدر ما هو سبيل للانخراط في مسار العجائبي ورحلته» 
عبر السرود الشفوية والمقيدة» وتنوعها بتنوع الأوعاء والحقول 
المعرفية والأنساق الثقافية» فالنص الرحلي» تحديداء يتضمن 
أكثر من عجائبي في النصوص الحجية وحدهاء فبالأحرى الانتقال 
إلى خصوصيات الرحلات الزيارية أو الثقافية أو السفارية من جهة 
أولى» أو الرحلات المتخيلة من جهة ثانية . 

وتمثل البحذيدات التي منيقلمها يني في مؤلفه «عجائب 
اتْ وغرائب الموجودات» دائرة لتطارح قضايا أساسية» 
تنتاج خخلاصات مهمة تؤطر الفهم العام للعجائبي بحيث أنه ميّر 
بين نوعين من العجائبي : العادي والخارق-الغريب ؛ فالأول 
العادي هو ما يعبر عن يقين الإنسان تجاه كل الظواهر الطبيعية أو 
الأحداث فوق الطبيعية» فيما أن العجائبي الخارق-الغريب هو ما 
يجعلنا نشعر بأفعال غير منتظرة وغير مفسرة. 

ويتموضع العجيب عند القزويني بين العادي المتصل بالطبيعة 
والتاريخ» وبين الخارق الغنيبي المرتبط بالكرامات والمعجزات»» 
وفني كل الحالات يفرز:حيرة تعرض للإنسان, ولكنه في النهاية 
يخلص إلى جعل الغريب هو كل شيء عجيب قليل الوقوع 
مخالف للعادات المعهودة والمشاهدات المألوفة9© ؛ وهوبهذه ٠‏ 











428 


التعاريف يضعنا في المسار الصحيحء نسبياء والذي نرى من 
خلاله النصيصات العجائبية في النص الرحلي العربي» لأنه ينطلق. 
من بعض النصوص الواردة مثل معتجزات الأنبياء وكرامات 
الأولياء وأخبار الكهنة والكهانة والوقائع الغريبة في الطبيعة 
والإنسان» وهي لديه حقائ ق6ستثنائية وليست 
يؤسس لعجائبي لا يناقض الطبيعي؛ وإنما ينجز طبيعة ثانية» تنطلق 
عناصره من الغيب وفوق الطبيعي واللامرئي» أو من عناصر 
. الطبيعة الموجودة -بتعبير أندري ميكيل: مثل الشجرة الحاملة 
لأوراق مكتوب فيها الغيب» وعجائبي الحيوان والنبات والمعادن 
والإنسان -كما عند الغرناطي في رحلته- إضافة إلى عناصر الأحلام 
والرؤى والامتساخات والسحر. 1 

وإذا كان تودوروف قد قدم خلاصات مركزة من نصوص 
عجائبية غريبة تعود الى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر» حيث 
العجائبي يجيء غير مفسر ويحتمل وجود فوق الطبيعي» فإن هذا 
التعريف غير مطابق للعجائبي القرسطوي7©؛ فتودوروف يقول 
بوجود قارئ ضمنئ يبحث عن أحد التفسيرين . في حين؛ وكما 
يقرر بول زيمتور2) ذلك فإن العجائبي القرسطوي يقصي القارئ 
الضمني بتغييبه الببحث عن تفسيرات» وهي نفس المسألة الني 
يناقشها أندري ميكيل بخصوص النصوص المسيجية9©. 

قضايا كثيرة تشكل للعجائبي مسارا معرفياء يصير معهافي 
النص سمة نصية مشبعة» وعنصرا ديناميا يؤظر الصور الفنية» 
وكذا المرجع لإنتاج معرفة تصب في المتخيل الخاص والعام . 

















كل الأسئلة السابقة» من تحديدات وتقاطعات وأنواع 
العجائبي يمكن اختبارها في الرحلة» وفي نفس السياق : كيف 
يفهم الرحالة العجيب وبأي استعمال ينهض في نصه؟ 

2- مقدمة ثانية ؛ لا تخلو الرحلات العربية» في الغالب» 
من التعبير بمفردات التعجبء الى اللقاء مع العجائبي والتصادم 
معه ويمكن الجزم بخصوص الرحلة انها تجميع لعجائب 
وغرائب الآخرء إنسانا وعمرانا وتاريخاء لاعتبارات يلتقطها 
الراوي-الرحالة أو ينسجها ؛ فهي شيء غير مألوف يوضع دائما في 
المقارنة مع المألوف ؛ والرحلة هي خروج من دائرة ما هو مألوف 
إلى انفتاح على اللامألوق رف وتجلياته . 

وقد حفلت " ابن بطوطة بالجمع بين العجيب 
والغريب شأن ابن جرِي الذي عبّر عن ذلك بقوله : «فأملى ذلك ما 
فيه نزهة الخواطر» وبهجة المسامع والنواظر» من كل غريبة» أفاد 
. باجتلائها وعجيبة أطرف بانتحائها»!0©. 

يربط ابن جزي العجائبي والغرائبي بأشياء يتم البحث عنها لما 
تنتجه من نزهة الخواطر وأبتهاج المسامع والنواظرء وكأنه يهيء 
القسارئ للإستمتاع برحلة تتشكل كل مفاصلها من العجيب 
والغريب» لهذا لم يفتأ الرحالة» من حين لآخخرء التعبير عن انبهاره 
انطلاقا من العنوان» إِذ قرت ما رآه في الأمصار عند الآخر بالغريب 
وربط العجائب بوقائع السفر والمشاهدات المترتبة» وكأن الثابت 
هوالغريب؛ أما المتغير هو العجيب. 








420 


عند ابن بطوطة» وفي أزيد من ثلاثين موضعا ترد مفردتا 
العجيب والغريب» معبّرا من خلالهماء عن اندهاشه وانبهاره أكثر 
من حيرته » مركزا انفعالاته تجاه بعض الأمكنة والمعالم : 

- «ورأيت من الععجائب عند باب الجامع فيما بينه وبين السوق 
رأس سمكة كأنه رابية وعيناه كأنهما بابان» ص 281. 

- «وعلى باب ابراهيم قبة عظيمة مفرطة السمو قد صنع في 
داخلها من غرائب صنع الجص ما يعجز عنه الوصف» ص153. 

هذا فضلا عن استعمالات أخرى متنوعة؛ وفي سياق الدهشة 
التي تولدها المنشاهدات ؛ يكثر وبشكل كبير ورود النعجب 
وتنويعاته عند ابن جبير وهو يربط استعجابه بالمعالم العمرانية 
والآثار والأمكنة والطبيعة : 











- «ومن أعسجب ما اختبرناء من فواكهها البطيخ والسفرجل 
وكل فواكهها عجب. لكن للبطيخ فيهاخاصة من الفضل 
عجيبة!61, 


- وشأن هذا الجبل عسجيب فمن العجب ومن الغريب أن 
تكون فيه المتفجرة ما تقدم ذكره؟ ص428. 

بينما يؤطر النابلسي العجيب ضمن الكرامة والمعسجزة 
والخوارق والأحلام المرتبطة بالإنسان مثل قوله : «"ويحكون 
عنه عجائب وغرائب وكرامات شهيرة»!02. وفي تعجبه تشبّع كبير 
بالإعتقاد والإيمان بالخوارق والعجائبي. 

إن سياق استدعاء مفردات التعبير عن الانفعال تختلف من 





431 


ترجمة رغبة وإشباعها باللامألوف والقدرة التي ولّدته» إلى ترجمة 
الإيمان والإعتقاد الراسخ بهذا اللامألوف. 

وهكذا تبلور العجائبي في الرحلة العربية وسط متاخ ثقافي 
عام وضمن متخيل متنوع يرتكز على طبيعة إدراك مزدوج للمألوف 
واللامألوفء أو للطبيعي وفوق الطبيعي» وبين المرئي والغيبي» 
وهي عناصر مشتركة تكمل بعضها البعض لتجسير المجهول 
بالمعلوم..ويتغذى العجائبي في الرحلة من قنوات متعددة فيخلق 
ظلالا تنعكس وتؤثر في باقي مفاصل النص الرحلي» لأن الرؤية 
التي يُشيّدها الراوي تنطلق من معرفة محكومة بتوجهات معينة 
ومشبعة بشقافة وأحكام تنعالق في مسار الرحلة معرفة بالذات 
وبالعالم» فتولد فعلا تجسيريا يتضمن لغة تواصلية بين الوعي 
واللاوعي؛ بين الواقع والغيب» المعلوم والمجهول؛ بين المكان 
الأم والأمكنة الأخرى داخل فضاء المتخيل الذي هو «مسلاحة 
واسعة تغطي واقعا متعدداء حيث العجائبي ليس إلاهدبا 
منه233!6 فيصير بذلك مرآة وعيارا في آن يستدعي ما قد (يرفضه» 
العقل والمنطق ومعيار الصدق» ويكسر النمطية التي يمكن إدراج 
نص رحلي ضمنهاء وتحرير متخيله مما يجعله في دائرة المتخيل 
مع عسجائبي التاريخ والحكايات الشعبية والسير... قاسمهما 
المشترك هو فوق الطبيعي والخارق والغيبي» مما يعطي القناعة بأن 
العجيب متجذر في النثر العربي القديم تجذرا يجعل منه سمة بارزة 
وشكلا يحضر مرة بهذه الصغة» ومرة أخرى يحضر باعتياره عنصرا 





432 


تحفيزيا وفاعلا يوسع الدلالات» ويقوم بوظيفة التشخيص 
والتحويل. لكن خصوصية العجائبي في النص الرحلي تكمن في 
كونه ينطلق من اليومي: والاجتماعي» مرتبطا بالمتخيل الكلي 
والمعتقد العام» في اتجاه تعزيز الإدراك وخخلق التوازن» وأيضيا 
التطهير عبر التكسير والمسخ والتحول. مثلما يحضر الوعظ 
والتقويم والانتقاد والسخرية فضلا عن المعرفة والمتعة ذ 
طبيعتين : مألوفة ولا مألوفة لا تتناقضان ؛ 
يمكن استنتاجها من جراء حضور العجائبي: نسبية وملتبسة» 
وأحيانا ناقصة وغير صائبة؛ لأن درجة || 
والمكتوبء قوية ذات أثر يخلق نسيجا صوتيا ايتغذ 

الخرابة»(04©: في إطار لعبة تبادلية» فالراوي يتتقل من الداخل إلى 
الخارج» ومن الأنا الى الآخرء فتكون المشاهدات والاستيهامات 
والأحلام في حركة مستبادلة بين الأزمنة وبشكل خاص بين 
الحقيقي والوهمي أو بين الطبيعي وفوق الطبيعي. والعجائبي 
هناء مثل الفانتاستيك ١لا‏ يضعنا في الواقع اليومي إلا من أجل 
إقحامنا في الخيبي»!05: لأن العلاقة بينهما (اليومي والغيبي) 
حميمية:؛ تلاقحية ومرجغية. وأيضاء فنظرة الراوي للأشياء 
المسحيطة به -في الواقع- هي المسؤولة والمنطلق لتأسيس 
العجائبي ؛ إضافة الى طبيعة الفهم والاستيعاب والتفسير في إطار 
نسق ثقافي عام» ولا يمكن بأي حال إقصاء العجائبي من اليومي, 
ومن المألوف والطبيعي» وكما يعبر عن ذلك تؤفيق فهد : «في 













433 


يد -الرحلة ف الأدب العريس 


الفكر الديني الشرقي القرسطوي ليس الإسلام فقط وإنما 
المسيحم واليهودي أيضاء كل شيء في الإبداع هو عجائبي:60© 

فته جزءا أساسياء يعكس تأملات الإنسان والاعتمالات 
المتناقضة بداخله من هواجس وأحلام وحدوس» خصوصا في 
كتب الرحلات والتاريخ العام'2©37. حيث تنميز تمظهرات العجائبي 
قوة في الأشياء التي أثارت إعجاب الرحالة العرب ودهشتهم» 
باعتبارها اختلافا عن وعيهم وعن ثقافتهم أو تكميلاً لها. وصيغ 
رصد العجائبي وتخليله متعددة في صيغ حكائية يمكن النظر إليها 
أولياء من ثلاث زوايا متواترة في النصوص الرحلية : 

أ- المرئي المشاهد : وفيه يكون الراوي-الرحالة حاضرا 
وفاعلا شأن النابلسي الذي يؤكد أنه «اتفق أن دخولنا إلى هذه , 
القرية كان قبيل غروب الشمس» فدعونا الله تعالى أن يمسك لنا 
الشمس حتى نصلي العصر فكان كذلك بركة يوشع عليه السلام 
الذي ردت له الشمس» (ص198)» فالعجائبي هنا يرتبط بذات 
الراوي الذي يذو ب أناه في أنوات الرحالة الآخرين» كما يتصل 
بكراماتهم في إيقاف غروب الشمس مؤقتا لإنجاز فعل ديني مقابلة 
مع فعل معجزة تي الله بوش اللي أوتف الذروب لإنججاز فعل 
ديني موكول إليه. 

إن السجاتبي المرثي المشاهد يؤطره الشيبي والكرامة 
والتقابل مع المعجزة» حيث #تتشكل المعرفة بالعجائبي من طرف 
نصوص الرحالة»08 بهذه الطريقة ويغيرها أيضا. وفي مواقع 











434 


أخرى يكون الراوي الرحالة شاهدا منفعلا شأن النابلسي الذي 
دخل مغارة الشيخ زايد المجذوب وهو يسقي الناس القهوة فعرف 
اسم الخادم الذي يمسك الفرس دون رؤيته أو السماعيه 
(ص302) . 

والحكاية هذه تصب في خانة مسج سوعمة من النصوص 
العجائبية التي أوردها النابلسي» وهو شاهد عليهاء متشابهة؛ مثل 
نسيان أحد أصدقاء الرحالة لدواة له من النحاس» وهم في زيارة 
الشسيخ علي بن عليم؛ وفي مصر وجد رجلا أعطاه دواته 

٠‏ (ص46). فمكاشفة الغيب هي سبيل للكرامة وللعسجائبي. 
والراوي يشبت تقيبداته التي رآها وعايشهاء وكلما كان العجائبي 
مرئيا بشكل شخصي جاء قريبا الى الحكي والبوح. 

ب - المسموع - المسروي : ويتعلق بالعجائبي الذي 
يصادفه الراوي الرحالة ويسم عه من أناس لقيهم أثناء رخلته» 
فيسجل على لسانهم ما أخبروه به من عجائب مستعملا في ذلك 
صيغ : أخبرني» ذكر لي» حدثني» روى لي... وغيرهاء حتى ان 
البناء للمجهول يحل محل هذه الصيغ حينما لا يراد تحديد هل 
الخبر مسموع أم مقروء؟ : 

الولقد حدثني بعض التجار أنهم خرجت إليهم سنة من السنين 
سمكة عظيمة فثقبوا أذنها وجعلوا فيها الحبال وجروها فانفتحت 
أذنها وخرج من داخلها جارية حسناء جميلة بيضاء سوداء الشعر» 
حمراء الخدين عجزاء» من أحسن مايكون النساء ومن مسُرتها إلى 





نصف ساقها جلد أبيض كالثوب خلفه يتصل بجسدها يستر حيها 
وجسدها كالإزار دائر عليها. فأخذها الرجال إلى البر وهي تلطم 
وجهها وتنتف شعرها وتعض ذراعها وثديهاء وتصيح وتفعل كل ما 
تفعل النساء في الدنيا حتى ماتت في أيديهم» فتبارك الله» ما أكثر 
عجائبه وخلقه ومالم نشاهد أكثر ومالم نسمع به أكثر»!9©. 

وتنواتر هذه الصيغة إلى جانب الصيغة الأولى حيث تقتربان 
من بعضهماء فالراوي حاضر في الصيغة الأولى بالفعل أو 
بالانفعال ؛ أما في الثانية» فإنه حاضر بالإستماع من المعني بالأمر 
الذي رأى العجائبي فعلا أو انفعالا أو بدوره سماعا. 

ج- المقروء - المستذكر: ويلجأ خلاله الراوي-الرحالة 
الى هذا النمط الثالي من النصوص العجائبية البعيدة عن الرؤية 
ولكنها مستدعاة بالقراءة والذاكرة والتخيل نتيجة رؤية قريبة أو 
حإفز جزئي , وفي هذا الجانب يكون العجائبي أقرب إلى التاريخ 
منه إلى البوح وهو ما ميز رحلة الشيخ النابلسي الذي كان كير 
الرجوع إلى المقروء لربط أحداث نص هيعجائب التاريخ؛ فهو 
يرجع إلى مؤلف «الزيارات» للهروي» بقصد استرجاع عجيبة 
متعلقة بنبي الله يوشع الذي أمره الله بقتل الجبابرة فذهب وهزمهم 
يوم الجمعة وكادت الشمس تغرب «فقال اللهم آردد الشمس 
علي» وسأل الشمس أن تقفء والقمر أن يقيم حتى يتتقم الله من 
أعدائه قبل دخول السبث» فوقفت الشمس وزيد في النهار ساعة 
حتى قتلهم أجمعين»40. 





436 


إنه العجائبي المتعلق بالمعجزة والني رويت بالسند» في حين 
يستدعي النابلسي أيضاء العسجائبي الكرامساتي عن قراءاته 
المتنوعة» فينقل عن الحافظ الذهبي في * التذهيب' مارواء 
القشيري عن أحد الأولياء» ابراهيم بن الأدهم في سياق ترجمته 
وايراد كراماته : «كان من أبناء الملوك فخرج متصيداء وأثار أرنبا 
وهو في طلبه؛ فهتف به هاتف : ألهذا خلقت أم بهذا أمرت؟ ثم 
هتف به من قربوس سرجه : والله مالهذا خلقت!1©, 

يرسم كل رجالة للعسجائبي مساراته بصيغة معينة» مثل 
النابلسي والغرناطي وقد اهتما بالمقروء والمستذكر بشكل أكبرء 
واهتم ابن بطوطة بالصيغة الأولى والثانية»؛ كمالجأ أفوقاي 
الى الصيغة الأولى ؛ واختار ابن فضلان وابن جبير التنويع بين 
الصيغ الثلاث . : 

ينضمن كل نص رحلي الصيغ كلهاء إذييقى المهيمن هو 
الشكل الموجه؛ وقد تركزت هذه الاستدعاءات حول تبثير 
الإنسان وقدراته؛ وأيضا حول العادات والتقاليد والعمران؛ 
انطلاقا من حضور التنويع على الخارق والغيي والمسخ والتحول 
والإختفاء والتضخيم» وهو ما يعطي للعجائب صورتين متكاملتين 
في ارتباظه بالديني ثم بالإجتماعي . 

- مسارات العجيب 

يصبح العسجائبي في النص الرحلي مولدا مرتبطا مع الذات 
والمرجع وطاقة للتكثيف والإنتاج والاستقطاب ونسج أثر خاص 





437 


يصبح بُعدا ومسارا لن يحيد عن قطبين» يصب وينطلق منهما 
العجيب وهما المجال الديني والاجتماعي وتفاعلهما وتداخلهما 
تداخلا يرفد الواحد الآخرء لكن حضور العجائبي المرتبط بالديني 
يظل مهيمنا لاعتبارات شتى منها هيمنة النصوص الرحلية الحجية 
والزيارية وتأثير الوعي الديني والمعسجزات وارتباط الرحالة بهذا 
الفضاء واعتمالاته سواء كان الرحالة فقيها أو متصوفا أو متأثراء 
فضلا عن تقاطب التيارات التصوفية وارتباط المجتمع العربي 
الإسلامي بكثرة الأولياء والصلحاء في سياق اجتماعي وتحولات 
سياسية مستمرة دعت إلى سيادة نمط من التفكير والسلوك 
والتأمل ... وغير ذلك من العوامل الاجتماعية الهجينة التي تخلق 
عجائبيا اجتماعيا يرسم التوازن مع العجائبي الديني . 

ويمكن رصدد هذا العسجائئي في الرحلة العسربية من منظور 
تيماتي مفتوحء لادراك طبيعة حضوره وتغلغله؛ والخطاب الذي 
يبلور معالمه ويعكسهء حيث تجلياته في أربع تيمات كبرى هي : 
الغيبي» الخارق» المسخ والتحول؛ الإختفاء. 

1- الغيبي :يتجسد الغيبي في العجائبي داخل النضوص 
الرحلية في حضور فوق الطبيعي» وهو تدخل قدرات وعناصر 
غيبية أخرى في الطبيعي المألوف والمتعارف عليه؛ مث ل الهاتف 
اللامرئي» والجن عبر الحوار أو التدخل أو المكاشفة. 

1-أ تلقي الغيب والتواصل : يشكل النص العسجائبي 
مجالا لخلق تواصل بين طبيعتين -تبدوان- متناقضتين من أجل 











458 


إثبات سلطة وقدرة معينة» في شكل كرامة» مع حضور الجن 
الذي هو قوي في الثقافة الدينية والإجتماعية حيث حضوره في 
أشكال السرود العربية باعتباره عنصرا لخلق تحويلات في البنية 
الحكائية بفعل فوق الطبيعي ومفاجآته ؛ ولعل وقوف الغرناطي في 
رحلته على مسألة خلق الجن والطابع العجائبي الذي يتخذه 
(ص47)» هو دليل على أن الاستمدادات في هذا الجانب» تعتمد 
على الديني والمتخيل الشعبي: حتى ان ابن بطوطة يورد حكاية 
عجائبية في مجابهة الغيب المتجلي في الجن اللامرئي» ذلك أن 
جزيرة هندية وكان سكانها كفاراء كل شهر يظهر لهم عفريت من 
يتركونها له في بيت الأصنام: وفي الصباح 
,مفتضة» فقّدم إليهم أبو البركات الذي حارب الجن 
بالقرآن» فأئقذ سكان تلك الجزيرة ة الذين أسلموا على يديه 
(ص590:589). فإبن بطوطة يروي هذا الخبر بأسلوب حكائي 
قريب جدامن الحكايات العسجائبية الواردة في ألف ليلة وليلة» 
وعنصر الصراع حاضر في عجائبي الغنيب مثل الصراع بين أبي 
البزكات والجن الكافرء على عكس أفوقاي في علاقته بالجن 
المؤمن وهو يرويها بأسلوب تشويقي : 

«ومما اتفق لي ببلاد الفرنج بعد أن جازت علينا السنين» 
ونحن فيهاء أني كنت أسمع حسا في البيت الذي أكون فيه وحدي 
في اليقظة» يضرب في الحايط شيثا أو قريبا مني في لوح أو غير 
ذلك» وبين الضربة والأخرى قدر ما يعد الإنسان ثلاثة من واحد 

















439 


إلى أربعة» ودخل في قلبي الخوف والرعب من ذلك حتى خفت 
من الجن أن يصرعني» واشتغلت نذكر الله تعالى بلا فترة» لعلي 
نتقوى بذلك وننجوا من الجن» وكان ذلك كل يومء ويضرب في 
البيت وغيره وإذا أكون وحديء ونغضب عليه ونضرب جهته» 





يزيد في الضرب. ورأيت أن الصبر أولى بي» ولاكنت أدري ماذا 
كان مراده؛ ثم فهمت أنه كان يريد أن أخسرج من بلاد الكفار» 
(ص129). 


العلاقة مع الجن هي علاقة مع الغيب ومواجهته؛ تجيء في 
شكل صراع أو استسلام» وفي المثالين السابقين يشكل الغيب 
انذارا في الأول للكافرين» وفي الشاني من الكافرين مما يعطي 
الإنطباع أن حضور الديني في هذا القطب هو القاعدة فلا يختلف 
عن العجائبي الغيبي في السرود العربية. 

ؤمن جهة أخرى» يحضر الغيب بصيغة الهاتف في شكل 
صوت لا متعين؛ يخبر ويبشرء أو ينذرء أويقدم معلومة؛ وهو في 
كل هذه التسجليات يؤكد كرامة الشخص الذي يتلقى الهاتف 
الغيبي » شأن أحد الصلحاء الذي كان يسمع صوتا يقول شعرا(42, 
أو النص الذي يورده ابن بطوطة عن أحد الشيوخ الصالحين : «أبو 
عبد الله الفاسي من كبار أولياء الله تعالى» لكر سيع رد البلا 
عليه إذا سلم في صلاته؛ (420). 

1 - ب تدخل الغيب ة أخرى للغيبي في العجائبي 
وهي حينما يتدخل ويصبح عنصرا فاعلا ومحركا للعناصر 





440 


الأخرى» من أجل إثبات كرامة الشخص المروي عنه» ففي رحلة 
ناصر الدين على القوم الكافرين» يحضر العجائبي مرتبطا بذات 
الراوي الرحالة لتأكيد قوة إيمانه وإسلامه» من خلال تدخل الغيب 
ومساعدته في أشياء لا يقدر عليها بشكل طبيعي : 

-«وإذا فرغت من القراءة في الليل قبل النوم» فنضع 
الجدول تحت رأسيء ويأتيني في النوم من يُخبرني بالجواب» 
(ص104). , 

2٠‏ وهذءإشارةإلى ارتباط الراوي بالغيب من أجل اييجاد حلول 
وأجوبة لإشباع المجهول الذي يملأ الواقع» وعلى هذا الغرار 
يتحدث نفس الرحالة عن الورقة التي كتبها وضاعت منه ثم 
عادت ونزلت في كفه فسجأة (ص127-126)؛ شأن الكتاب الذي 
ضاع منه وبعد قراءته لسور من القرآن الكريم عاد فوجده في الدار» 
ثم يخاطب القارئ : "ولا يتوهم قارئ هذا الكتاب أني تركته في 
الدار» (ص135). 

إن أفوقاني في العجائبي الذي صاغه انطلاقا من خلفية دينية 
وثقافية يخدم الرحلة وهي نص مكتوب باعتبار أن الوقائع 
العسجائبية التي حفلت بتدخل الغيب تخص الراوي وحله؛ 
وبالتالي: فإيرادها ضمن تقييد الرحلة هو تسجيل لبعض 
ملامح السيرة الروحية والوعي الذي يقوم على ثنائية 
الواقع-الغيب وخدمة هذا الأخير للراوي بقصد تملك الواقع 
والحقيقة والمجهول. 


441 


أما الشيخ النابلسي فيعمد إلى تسجيل تدخل الغيب في حياة 
الآخرين لاثبات كراماتهم» حتى أن حضور الغيبي يصبح شيثئا 
متجاوزا للكرامة» قريبا من المعجزة أو شبيها بها ؛ ففي حديثه عن 
كرامات «الأوزاعي» يصف موته في الحمام بعد تدخل الغيب. 
وإقفال الباب عليه؛ ثم انفتاحه بعد ذلك وهؤميت» وحين 
حضروا لتغسيله» وجدوه مغسلا مكفناء ولما وضعوه في النعش 
طار في السماء ودفنته الملائكة (صص248-247) . 

الغيب هنا واضح المعالم والجذوز أيضاء فالملائكة هي هذا 
الغيب المتتدخل في العجائبي» وبذلك تقترب «القصة؛ من 
البعجزة؛ انطلاقا من ثلاثة مؤثرات مرتبة بالتتابع : الغيب يتدخل 
في طريقة الموت» ثم في الغسل والكفن» وأتخيرا طيرانه ودفنه 
في السماء. لاشك أن التأثير الذيني في أوعاء الناس عامة والغققهاء 
خاصة:» قد جعل الكرامات العجائبية بديلا عن المعجزة التي 
تخص الأنبياء؛ فكانت الاستيهامات المصدقة» تقيس عليها 
وتجعل من الغيبي وتدخلاته جزءا من امتلاك هذا الغيب» 
وبالتالي» القدرة على,تحويل جزئي في الواقع . 

وتدخل الغيب في الواقع هو تأسيس ليقين جديد وتكسير 
لشبات المعلوم والمجهول: فالنابلسي يروي» في سياق آخر»ء 
حكاية قبر حسن الأغبر الذي طلب منهم دفنه قرب البحرء ولما 
مات وأرادوا دفنه بالجبانة » امتنع النعش ثم حملوه إلى المكان 
الذي قال لهم عنه (ص444). فالرغبة بعد الموت عند الأوزاعي 





442 


غير صريحة وتتحقق» وفي تحقق الرغبتين يتأكد العجائبي باقتحام 
عنصر الغيبي للطبيعي وتنفيذ الرغبة الضمنية والصريحة. 

٠‏ 1ج المكاشفة : تتضمن الرحلات بأنواعهاء مكاشفات 
تعلق بالراوي-الرحالة وتخص رحاته أو حياته كلهاء وهي 
مكاشفات تمزق حجاب المستقبل في شكل إخباري من طرف 
شخص آخخصر أو النفس الت ايخطر لها. وفي الحالتين تكون 
المكاشفة متعلقة بالمستقبل ,بشيء محدد ومعلوم وبدرجات ؟ 
أماكشف الماضي فهو قليل لأنه مرتبط باللحظة الراهنة» ولأن. 
المكاشفة في المحصلة هي إنباء بغيوب ووقائع وقعت أو ستقع » 
يقوم بهذا الإنباء «الآخر» الحامل للكرامة؛ ففي 'تحفة 
النظار... ' يروي ابن بطوطة حكاية الشيخ ياقوت عن شيخه أبي 
العباس المرسي ان الحسن سيعرف لحظة موته والتي تحققت 
بالفعل (صة4) . المكاشفة هنا ذاتية شأن حديث النفس الذي 
صادف ابن بطوطة أكثر من مرة : 

- حيئما رأى ابن بطوطة جبة بيضاء مبطنة فأعجبته وتحدث 
مع نفسه ولما دخل الشيخ كساه التوب الذي تمنى (ص!21): ثم 
بعد ذلك سيقوم من يكاشفه بأن سلطانا كافرا سيأخذ الجبة منه 
ويُعطيهاء بعد ذلك لأخ الشيخ برهان الدين (ص626) . 

وتمتد المكاشفة؛ في الرحلة» شأن الحلم عند ابن بطوطة» 
متراوحة بين الذاتي والغيري . 

- كان بيبعض المساجد بشيراز فخطر بخاطره لو كان عنده 











443 


مصحفء ثم فجأة دخل عليه غلام قويء وألقى في حجره» 
مصجفا (ص227). إنها أمنيات تتحقق بفعل تدخل الغيب ؛ وفي 
سياق آخر يروي صاحب التحفة "كرامة ' المكاشفة عند الغير : 
- كل من يجيء عند أبي عبد الله المرشدي يجد من الأكل ما 
ينوي دون تكلم حتى وإن كان في غير إبانه (صص46) . 
- حكاية الراوي الذي زار الشيخ لال الدين» فلقيه أربعة 
من أصحابه لاستقباله» لآن الشيخ كوف بسجينه (ج كمع ): 









ين با بة ومكاشفة الآخرء ويتعلق بالجمع بين 
الإثنتين» وهي مكاشفة الآخر للراوي» كما وقع لابن بطوطة 
بجدة» إذ وقف على بابه سائل أعمى» يطلب الماءء ثم يكاشفه 
في خاتم له (ص252). فالأمرء هناء يبدو أن الراوي لا يصدقه 
وهو يفتح خبره بجملة : «ومن غريب ما اتفق لي؟» ثم يورد النص 





كما لو أنه حكاية من حكايات ' ألف ليلة وليلة * ؛ ويقع أن يتكرر 
هذا النوع لابن بطوطة مرتين مع اخختلاف الزمان والمكان» حيئما 
ينذر المكاشف الراوي بأن الغلام الذي اش رام لاضع امد يلبلا 
يسمع بعد ذلك بأن الغلام قد قتل سيده!43, 

أماالمكاشفات الخاصة بالإخبار عن سير الرحلة فهي كثيرة: 
إذأن أحد المجاذيب يُنبئ النابلسي أنه سيسافر إلى الحج 
(ص202)» بينما سيخبر أحد الشيوخ الأولياء ابن بطوطة بمسار 
رحلته وماسيلقاه خلالها (ص43)؛ كما سيُعلمه آخر بطريق رحلته 





444 


الصائبة والحقيقية (ص0©). وكل مكاشفبة:؛ في بدايتهاء 

تجابة لرغبة وتحقيق لها بقدرة غيبية» تصبح علامة مرجعية 
عن الإنتشار والتأثير في كل العلامات النصية إلى جانب 
. الأحلام ؟ فالعجائبي» هناء ينتج مرجعه ومراجعه السردية في 
علاقتهاالطبيمية بماهو فوقطبيسي: والإنفتاح على الي 
والإجتماعي والنسق الثقافي وسجلات أخرى . 

2- الخارق :يلجأ العجائبي إلى عنصر الخارق المتجاوز 
للحدود والمؤاصفات المعلومة» وذلك من أجل بناء عجائبيته 
وإضفاء طابع المبالغة عليها. ويتحقق بدرجات و: لي 
هو خاص وماهو عام مثل الوقوف عند بلوغ الإنسان لعمر 
خحارق2440؛ ترافقه أفعال خخارقة تتجلى في الإمتناع عن فعل أشياء 
مسحددة؛ كمايرى» أيضاء من زاوية الفسخامة والقدرة على 
الإدهاشء مثل الشخص الذي يذكره أبن فضلان معتبرا إياه من 
شعب يأجوج ومأجوج في حكاية تشويقية طويلة (ص136- 

غرناطي وهويورد حكاية رجل ضخم وأختهء 
وهما من نسل «عاد» (ص153-152) أو أحد عبيد السلطان الذي 
يصفه ابن بطوطة؛ طويلاء ضخما يأكل الشاة عن آخرها في أكلة 
ويشرب نحو رطل ونصف من السمن (ص553-5528): أو القسوم 
الذين ألقوا أكل لحم الإنسان49»: أو الخارق الذي يطال الإنسان 
وهو قريب من الإمتساخ كما في المرأة ذات إلشدي الواحد -عند 
ابن بطوطة- (ص603): وذكر القرود التي لها لحى كالآدميين 
وتتصرف مثل تصرفهم (ص 0609 




















445 


والمكان الخارق كما أورد ذلك أب دلف : «ومن أعاجيب 
هذا البيت أيضا أن كانونه يوقد منذ سبعمائة سئة فلا يوجد فيه رماد 
البتة ولا ينقطع الوقود عنه ساعة من الزمن40©. 

وأيضا القدرة الخارقة المتجلية في ايقاف عنصر من الطبيعة» 
شأن تأخير غروب الشمس بوقت محدد عبر تمديد النهار؛ وقد 
أورد النابلسي ذلك بخصوصٍ نبي الله يوشع» وبخصوصه هو 
أيضا (ص198-196) ؛ أو تقليص الزمن» والطيران في السماء دون 
وسيلة (ص202)» أو الخارق المتعلق بالموت من خلال مايورده 
الغرناطي في رحلته من غار به رجال موتى؛ بعضهم قيام وبعضهم 
ركوع وبعضهم سبجود وعليهم ثياب لاتبلى (ص154): وكذلك 
الرجل الميت -منذ عهد عمر- حيث الدم يسيل منه رغم مرور كل 
تلك الفترة على موته (ص154) . 

تحضر هذه الخوارق وتنوعها لتدعيم العجائبي» ويمكن النظر 
إليها في أربعة تجليات : 

2-| الخوارق في السلوك والطباع : ؤيتعلق الأمرهنا 
بسلوك وطباع المجاذيب والأولياء والزهاد || اين تصدر عنهم 
الخوارق باعتبارها جزم من طبيعتهم وقدرتهم على الصبر 
والتحمل47: كأفراد أو طوائف مثل تلك التي سردها ابن 
بطوطة: 

- الطائفة الأحمدية ترقص داخل النار وتأكلهابفمها 
(ص195). 


- الطائفة الحيدرية والرقص على الثار (ص196) . 
- طائفة تعرف بالرابطة» تابعة للحُضر وإلياس» منهم "عابد" 
يخرج مرة واحدة في الشهر للبحر كي يصطاد (صص202-201) . 
- أهل الهند الذين يحرقون أنفسهم بالنار (ص423-422)., 
لكن حضور خوارق الأفراد هي المتواترة بكشرة وتحضر 
بقدرتها على الإشفاء من بعض الأمراض المستعصية . ويتماهى 
أفوقاي مع ذاته وإيمانه؛ الذي هو سلاحه الوحيد في البلاد 
المسيحية؛ فيعتقد في نفسه الخوارق عبر نفس السلاح» وذلك 
دث عن شفائه للمرأة السودانية (مباركة) من البرص» 
وامرأة أخرى بحرز ضمنه سورة قرآنية ؛ والرجل الذي جاءه من 
الأندلس مريضا بالإستسقاء والآخر الذي قرأ بعضا من القرآن على 
يده التي كانت تبطل أثناء الوضوء فشغاه الله (ص128, 129) ؛ كما 
يورد ابن بطوطة بدوره» حكاية أحد المساكين الذي مسح على 
بطون دواب شربت من ماء أصابها بالوجع؛ لكن يده جعلتها تريق 
. ما كان في أجوافها من ذلك الماء وبرئت (ص167). 
ويحضر عنصر التطويع ضمن الخوارق ويتجلى في الكرامة 
وطاعة حيوان مفترس لشخص معين ؛ فالكلاب الضخام امعد 
لأكل بني آدمء كما يصفها ابن بطوطة؛ بصبصت لقاضي شيراز 
وحركت أذنابها بين يديه بعدما رموه إليها إتفترسه (ص216) . 
افيلة التي حاصرت كل من أكل الفيل الصغير وقتلتهم 
جميعا إلا الشيخ الذي لم يأكله معهم (ص024). 








447 


2-ب تكليم الميت والجماد والحيوان : ويدخل هذا 
العجائبي في خانة الخارق المعجز حيث تنجاوز القدرة الإنسانية 
الطبيعة المألوفة إلى المعجزة التي لم تكتب إلا لبعض الأنبياء؛ 
وتحولها بصيغ أخرى إلى الصلحاء والأولياء والزهاد 
والمجاذيب» وهو استيهام عميق يرسم للعجائبي مسارا يكشف 
عن مدى تجذر الديني وأيضا الغيبي في الوعي» وانعكاس ذلك في 
النصوصء في شكل يقسين وحقائق؛ أو لحظة تحول في حياة 
الشخص ؛ فالقصة التي يوردها النابلسي عن الصائد الذي كلمه 
صوت من القربوس (ص175)؛ كانت فضلا عن هاتف قبلي» 
الحظة تحول من حياة البذخ الى الؤهد» وكأن العجائبي الخارق» 
هو جنر التحول والتطهر من زمن محددء للدخول في زمن آخرء 
كما أن البهيمة التي كانت تتكلم مع الشيخ واختفت حين موتها هي 
علامة على كرامة ذلك الشيخ (ص455)» في حين يستحضر ابن 
جبير في رحلته تكلم الجماد وهو من حجر مع الرسول بَللو: 
حينما قدم دار أبي بكر فنادى به» ولم يكن حاضرا فأنطق الله عز 
وجل الحجر المذكور قائلا : #يارسؤل الله. ليس بحاضر» 
(ص133) ثم يتتحدث أيضاء عن الجبل الذي نادى النبي [ فقال : 
إلي يا محمد! فقد آويت قبلك سبغين نبيا»!ة4» ؛ وفي الموقفين 
يكون تكليم الجماد جزءا من بنية المعجزة. وبالتالي فهو عنصر 
أساسي في بناء الكرامة ؛ ولأن ابن جبير يمر من مكان به قبر يسمى 
قبر الناطق» يورد الحكاية التي تقول إنه سمع عند وضعه في لحده 








448 


يقول : «اللهم انزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين؛ 
(ص44) . 

فالعجائبي الخارق حتئ الآنء خصوصاء فيمايتعلق 
بكرامات تتماس والمعسجزات؛ يرد سماعا أو قراءة من كتب 
تاريخية وليس رؤية ومشاهدة. 

#-ج السحر : يرد السحر باعتباره جزءًا من بناء لعبي يوهم 
بوقائع خارقة؛ ولكنها حيل ولعب يتأطر في قناعات وأنظمة ثقافية 
تندرج ضمن ثقافات بعض الطوائف» كما يورد ذلك ابن بطوطة 
في خمس حكايات تتعلق بالجوكية وأعمالهم السحرية» والتي 
حولها ابن بطوطة إلى نصوص عجائبية من ضمن مشاهداته 
ومروياته المسموعة : 

- الجوكي الذي يتصور في صورة سبع لأنه من السحرة» 
يدل من الأبواب المغلقة» يفترس الناس وقيل أنه يشرب الدم 
ولايأكل اللحم (ص554). 

- «ومنهم من ينظر الى الإنسان فيقع ميتا من نظرته» وتقول 
العامة إنه إذا قتل بالنظر وشق عن صدر الميت وجد دون قلبء 
ويقولون أكل قلبه وأكثر ما يكون من النساء» (ص554) . 

- حكاية حضرها ابن بطوطة عند السلطان وتتعلق بالجوكية 
الذين يلشتحفون بالملاحف ويغطون رؤوسهم لأنهم يتدفونها 
بالرماد فطار أحدهم في الهسواء حتى أدرك ابن بطوطة الوهم 
وخحاطبه السلطان بأنه لولا خوفه على عقله لأمرهم الإتيان بأعظم 
مما رأى (ص556-555). 


449 


يه - الرحلة فى الأذب العرين 


- مداواتهم للعاهات مثل البرص» الجدام» وصنعهم لحبوب 





التقوية (ص556) . 

- جوكي في جزيرة صاح صيحة فسقطت بين يديه جوزة من 
جوز النارجيل (ص556) . 1 

- «وفي تلك الليلة حضر أحد المشعوذة وهو من عبيد القان. 


فقال له الأمير : أرنا من عجائبك» فأخذ كرة من خشب لها ثقب 
فيها سيور طوال» فرمى بها الى الهواء فارتئعت حتى غابت عن 
الأبصار ...[ثم] أمر متعلما فتعلق به وصعد به في الهواء إلى أن 
غاب عن أبصارنا ودعاه[... ] وصعد متابعا ايا كما فعل وبيده 
سكين فقطعه ورماه ثم أخخذ أعضاءه وألصق بعضها ببعض» 
(ص 654-653 . 

إن ما يجعل هذا العجائبي ضمن السحري هو قناعة الراوي 
الرحالة في كل مايرويه عن الجوكية؛ كونه ليس إلا شعوذة 
وسحراء على عكس الشيخ النابلسي الذي يورد العسجائبي 
السحري دون إبداء موقف محدد في حكايتين: 

- حول خراب قرية الصالحية : «فأخبرنا رجل كان معناء ان ' 
سبب خرابها أنه مربها رجل من المغارية؛ فاستطعم أهلها فلم 
يطعموه شيئا فكتب ورقة فألقاها في الماء فغار الماء ولم يعد بعد 
ذلك» فخريت القرية وثقر أهلها منها؛ (ص101). 

-سبب تسميئة نهر الكلب : «وإنما سّمي بنهر الكلب لأن 
الفرنج في الزمان الأول صوروا هناك صورة كلب كبير من الحجر 








45 


وجعلوا فيه رصداء إذا جاء العدو ينبح عليه فيتسمعون ذلك التباح 
فيتأهبون لحرب العدو» (ص227). 

إن السحر لعبة وجزء من ثقافة تعتمد الغيبي وتؤسس لعجائبي 
منفتح تتقاطع فيه عناصر متحولة ضمنها السحري في أشكلهٍ 





52 عجائبي ١‏ 
الطبيعة وتَرصّد الوجوه التي تدهش وتوقظ حيرة الرحالة» ويمكن 
النظر إليه من منظور علاقته بالإنسان؛ فهناك عناصر من الطبيعة ترد 
للتعجيب فقط دون الإفادة أو الضرر مثل المناديل التي تُرمى إلى 
النار ولا تحترق: أو الحجر الذي نزل من السماء0». فيما 
هناك عجائبي يخدم الإنسان وهو مرتبط بالدين نموذج قصة 
الشجرة الخضراء بأوراق تُشبه أوراق التين» ورقها مكتوب عليه لا 
إله إلا الله محمد رسول اللهء وهي تداوي الأمراض (ص574). 

ويكثر ايراد عجائبي الطبيعة الفاعل لفعل خارق مثلما هو الماء 
الذي تدخله النساء فيحبلن والجميع لاذكور فيهن!!5: أو 
الأرض في بلاد التبت التي يُدخل السرور إلى قلوب الناس» حتى 
إذا مات عندهم ميت لا يحزنون (ص 73). 

وهناك عجائبي يبرز عنف الطبيعة مثل البركة التي بها سمك» 
كل من اصطاده وأكله يمرض52: أو ماء النهر المسموم الذي يمر 
على خشخاش مسموم57)؛ كما احتلت الريح إلى جانب الماء 
موقعا في سرد عجائبهاء فابن بطوطة؛ يذكر الرجل الذي إذا قتلته 


451 


الريح وأراد أصحابه غسله ينفصل كل عضو منه عن سائر الأعضاء 
(ص283)» أو ريح السموم القائلة التي تعفن الجسوم حتى أن 
الرجل إذا مات تنفسخ أعضاؤه كلها (ص 399 . 1 

3- المسخ والتحول ؛ إحدى دعامات العجائبي وجود عنصر 
المسخ الذي يطال الإنسان أو الطبيعة بقصد تبيان التغير الذي 
يدهش ويحير من حالة لأخرى؛ وذلك من أجل هدف معين هو 
استدعاء مسسوخ وقسعت في الماضيء ومازالت رؤيتها 
واستحضارها يؤديان نفس الهدف - العبرة الذي وجدت له أول 
مرة؛ فابن بطوطة سيرى مسجموعة من الحجارة على صورة 
الآدميين والبهائم في ذلك المكان الذي كان مديئة عظيمة» أكفرٌ 
أهلها من الفساد فمسخوا حجارة (ص413). ويجيء هذا المسخ 
عقابا بتحويل بعض الصفات الآدمية إلنى جماد أو كلها هو الأكثرء 
فالغرناطي يأتي بخبر مسخ إنسان -في صنعاء- نصفه إنسان 
والنصف الآخر نسناس (ص48) ؛ ويصف الناس في السودان 
بدون رؤوس (ص43)» ويطال هذا الإمتساخ أيضا الحيوان مثلما 
يروي ذلك ابن فضلان عن حيوان مختلط بين الجمل والشور 
والبغل (ص141)» وهو تحول مركب بدون تفسير للسبب. 

وإذا كانت هذه الإمتساخات بسبب غيبي وما هو فوق طبيعي » 
فإن هناك حكايات عجائبية تُبثر قدرة الإنسان على مس الآخر 
لتأكيد كرامته شأن المتصوف الهندي الذي يحول الحجر ذهبا50. 
أو الشيخ شهاب الدين الذي عقد التوبة فتحول الخمر» بين يديه 











452 


ماءا حلوا”" أو قصة جمال الدين» بعد جدال مع ابن العميدء 
تحول بلحية بيضاء ثم سوداءء ثم بدون لحية أثناء زعفة» فعجب 
القاضي ابن العميد وقبل يده وصار تلميذا له50. 

تستتخدم الكرامة المسخ الجزئي في ذات الفاعل لتبيان القدرة 

وتأكيد كرامته مثلما فعل الشيخ أحمد بن العجيل الذي جمّد أرجل 
بعض الفقهاء لما أراد بعضهم القيام -كما يروي ذلك ابن بطوطة- 
(ص393)» في حين يرد عسجائبي آخر يكون فيه المسخ جزئيا 
ومفسرا بشكل طبيعي ولكنه يحقق الإدهاش الذي يولده فوق 
الطبيعي مثل حكاية الذين أكلوا لحم الرخ فاسودت لحى المشايخ 
«ولم يشيبوا أبداء ويفسر الراوي مرد هذا إلى العود الذي حركوا به 
القدر وهو من شجرة الشباب57©. ' 

تنوع المسوخ كما وردت في النصوص الرحلية غلّت 
العجائبي بدم جديدء وملأت شجرة الغيبي وفوق الطبيعي بعناصر 
غريبة تحير وتقلق أحيانا . 

4- - الاختفاء :يتحقق الاختفاء بصفته عنصرا يؤجج 


العجائبي ويععمق مساربه شا آخر في جسم النص الرحلي 











للارتباط بالشرايين الأخرى التي تبقى غير بعيدة عن أفق النسق 





ناكا كرالة قنخي للدي أن وجزدعازفرقة بد 
مسسخرة من الغيب» وهو شكل يرد في بعض السرود العربية 


453 


(السيرية والشعبية) بمبرر مادي سحري يكون خاتما أو طاقية» 
لكنه في المتخيل الرحلي المؤسس» في هذا الجانب على الكرامة 
والإتصال الروحي مع عالم الغيب؛ تنتفي الأدوات ويصبح 
الاختفاء بدون وسيط #يلوث» كرامته. 






بالحمار لم يجدوا الرجل لاختفائه5». . والرج 
الراوي بسمكة ثم اختفى (ص202-201) ؛ وف الحالتين» ألويكن 
الحضور نفسه استيهاما وهواجس داخلية مهيأة لإفراز العجائبي 
قصد التخفيف من ضغطها؟ 

وفي هذه الحالة» فإن الاختفاء يجيء بعد تقديم مساعدة -في 
حالة الشدة- للآخر. في حين» هناك حالات اختفاء لخروج 
المختفي ذه من المأزق: فااشيع خليلالرفاعي الذي ذهير اي 
ليمسكوه اختفى ولم ييجدوه”” ؟ أو الاختفاء للدلالة على تحقيق 
كرامة أو شبه معجزة» كما جاء في نص ' تحفة النظار ' على لسان 
الراوي : «ووجدت في كتاب المعلم في شرح صحيح مسلم 
للقرطبي أن جماعة من الصحابة صحبهم أويس القرني من المدينة 
إلى الشام فتوفي في أثناء الطريق في برية لاعمارة فيها ولاماء 
فتحيروا في أمره» فتزلوا فوجدوا حنوطا وكفنا وماء فعجبوا من 
ذلك وغغسلوه وكفنوه وصلواعليه ودفنوه» ثم ركبواء فقال 
بعضهم» كيف نترك قبره بغير علامة» فعادوا للموضع فلم يجدوا 
للقبر أثرا» (ص1!4). 





454 


الاختفاء هنا يتحقق نتيجة تحصيل حاصل لعجائب وقعت في 
مكان قفر بوسائل مستحيلة حتى تكتمل الكرامة للميت» 
والاختفاء هو تأكيد لها ولحضور الغيب. 

يحضر العجائبي بهذه الأشكال متنوعا ومركبا باعتباره 
نواة تستقطب عناصر أخرى لتفعيله؛ منها الغيبي والخارق 
والمسخ والاختفاء» وكل عنصر من هذه المكونات المتحولة 
فيو الشابتة يخلق قوائينه دا قانون السجائبي الذي يضفيع 
لمبدأ الرحلة. 

فاع تماد العجائبي؛ مثلاء على السند التاريخي والديني» 
أساسي ليناء مسساره وترسيم خطابه والاختفاء هو عنصريولد 
عناصر أخخرى يحركهاء كما في قصة المدينة -الجنة- التي رآها عبد 
الله بن قلابة ثم اختفت بعد ذلك 400 , 

يمثل عنصر الاختفاء تقاطعا مع عنصر الخارق» نفس الشيء 
في الحديث عن مدينة النحاس التي يصفها الغرناطي وصفنا 
بشخصيات واقعية وأحداث لحضور الجن والاختفاء 
وخصوارق الأرض وكلام السكان الذي يشبه كلام الطيسر"25, 
فالعجائبي بهذا الحضور هو مسار استراتيجي في النص الرحلي 
متتجذر في الثقافة العربية ومرتبط بعناص ر/محفزات تستمد قوتها 
من التاريخ والدين لتدعيم الرؤية والخطاب. وتتموقع الكرامة عبر 
تجليات شتى ضمن العجائبي وهي إحدى أهم المحاور التي تقوم 
عليها باقي العناصر من أجل تأكيدها وتجليتها . 








455 


وإذا كان العجائبي عنصرا ديناميا في المتخيل الرحلي فإن كل 
نص رحلي يحاول أن يلون متخيله بمايتناسب مع الرؤية 
الموجهة للراوي-الرحالة . 

يعمد ابن جبير إلى الاختزال في إيراد العجائبي والإكتفاء 
بالصيغ المعبرة العامة والتلميحية غير المفصلة» في شكل مشاهد 
مثل قوله حول #مشهاد الرجل الصالح الزاهد والمعروف بصاحب 
الإبريق وقصته عجيبة في الكرامة» (ص44)» ويتوقف الراوي» 
هناء دون سرد مضمون الحكاية» فالعجيب عنده يرتبط بالعمران 
والتاريخ وبعض الصلحاء ومحن السفر. 

أما تمظهر العجائبي عند ابن بطوطة فهو متنوع في العمران 
والعادات والسلوك» يتراوح في تلويناته بين الوهمي والمحتمل 
لأحداث عاشها أو سمع بهاء يرويها شاهدا وفاعلا ووسيطا لإبراز 
عنصر الكرامة والولاية» وفي هذا السياق يدرج اب بطوطة رؤيته 
لمايورده» وهو يسو غ العجائبي للقارئ كما سوغته ظروفه 
ومعطياته لنفسه : #وسنذكر من أخباره من عجائب لم يسمع بمثلها 
عما تقدمه. وأنا اشهد بالله وملائكته ورسله أن جميع ماأنقله عنه 
من الكرم الخارق للعادة حق يقين بالله شهيداء واعلم أن بعض 
مآثره من ذلك لا يسوغ في عقل كثير من الناس » ويعدونه من قبيل 
المستحيل عادة» ولكنه شيء عاينته وعرفت صحته وأخذت بحظ 
وافر منه» لا يسعني إلا قول الحق فيه؛ (صص 453) . 

ويتجدد العجائبي عند ابن فضلان ويتبأر في الآخر والعادات» 








456 


خصوصاء في رصده للامألوف من خلال بعض سلوكات وتقاليد 
الآخر مركزا على الجنس والامتساخات. 
أما ابن أبي محلي فصورة الرحالة بداخله ظلتء بدورهاء 
أسيرة الفقيه الذي يؤمن أن له كرامة بتجلياتهاء لهذا فهو يلتفت 
للعجائبي » الذي في ذاته؛ خصوصاء التحول؛ المسخ والاختفاء. 
أبو حامد الغرناطي وهو مؤسس مدرسة العجائب2©. يتمثل 
العجائبي؛ في العمران والإنسان والحيوان والطبيعة» معتمدا 
التنويع عبر التضخيم والمسخ والتحول والقدرات الخارقة . 
مرجعيات الغرناطي في هذا الإتجاه دينية وتاريخية» من تم 
جاء متنوعا بين الاجتماعي والديني والغيبي والتاريخي. إِذْ يتم 
التأكيد على المسوخ والخوارق والغيبيات باعتبارها أشياء وأفعال 
مدهشة ومحيرة» وذلك لتأثر الراوي بالتواريخ والغيب؛ فكان 
العجائبي في نصه مُشاهدا وآخر مستدعى من مؤلفات متنوعة. 
ولا يختلف أفوقاي في نصه 'ناصر الدين على القوم 
الكافرين ' كثيراعن ابن أبي محلي» فهو بدوره يؤمن بالعجانبي 
الديني المرتبط بالغيبي المنطلق من ذاته المولدة للكرامة» باعتبار 
ما يفعله خارقا مدعوما من الغيب من خلال مداواته للأمراض 
المستعصية بدون أدوية» وإيجاده للضائع من الأشياء والأجوية . 
إن المتخيل عند أفوقاي» وضمنه العجائبي» له صبغة دينية» 
يبني خكاياته في شكل قصص ملغزة نتطلب بطلا وعققدة وحلا6 
يدخعل فيها فوق الطبيعي والتاريخي والخارق ‏ 





457 


وفي بناء مغاير للعجيب» يستيعد النابلسي في نصه الرحلي 
كل عجيبة عن ذاته» ويكتفي بسرد عجائب رآها أو استدعتها 
مشاهداته» فهو رحالة يقدس الأمكنة بآثارها أو قرائن منهاء وأيضا 
الأولياء من المجاذيب والمشايخ وكراماتهم التي مثلت العجائبي 
المقترن بعناصر من قبيل السحرء الاختفاءء الامتساخ» الغيب 
وتدخلاته وتكليم الحيوان والجماد. 

حضور العجائبي في النص الرحلي العربي ليس حضورا 
استثنائياء وإنما هو عنصر عضوي في النسيج السردي» فهو في 
الرحلة جزء من المتخيل الرحليء خصوصاء في تعميقه للارتباط 
بين الديني والاجمة_ماعي» وجنوحه إلى المبالغة والحلمي 
والاستيهامي بقصد تجذير الكرامة ضمن صورة الأنا والآخر. 

وقد تعددت صيغ تقديم هذه العجائب بشكل يوازي غناها 
وإن كان الراوي هو المحور والرؤية التي ترى أو تنقل» ذلك أن 
العجائبي يرد من طرف الراوي بصفته مشاركا فاعلا أو وسيطاء 
وفاعلا أو بصفته شاهدا مستمعا. 





إحالات 


.70-69 ابن منظور» ج ال ص‎ -١ 

2- جلك لأكوف في : عممة عتملاكصفم عا » عهمممفث - 
.62 8 ,1978 معبواقكة عصدز ل ,(عبوملادت) املق ك9 مامتا 

3- زكريا القزويتي (ق7ه) ؛ عسجائب المخلوقات وغرائب 


458 


التوجودات. مصرء مكتبة البابي الحلبي وأولاده؛ ط5ء 1980 
ص5 . 
4- الجرجاني : كتاب التعريفات. بيسروت» مكتبة لبنان» 1978 
ص152. 
5- حمادي المسعودي : العجيب في النصوص الديئية [مقال] مجلة 
العرب والفكر العالمي» بيروت» العدد 14-13 ربيع 1991 ص88 .' 
6- حسني زينة : جغرافية الوهم. لندن؛ رياض الريس؛ ط1ء 
199 ص197. 
7- حمادي المسعودي» ص87. 
8- نفس المرجعء ص 82. 
9- 42اظ ,معنا (منوملام) بسوالفبع اا عاك عوممننا - 
شأن لوي فاكس الذي يبني تصوره للعجائبي على التفسير وأنماطه» 
- انظر :8.لاء8 له بايد" : عهصدماة'! عل «مناعدففة سآ : عه دادما - 
:1987 بت مس2 بمو افتميو 
10- غذاط سعالكبجهم على عومسف! بوملا - 
١‏ | - يعسوتاعماسها مدقالا ها لذ ممتاسشوماصة : ملم - 
(تومط) 1970 (عامادم) اأنسعة له 
24-2 ,23 ,6 5 ,مهفا مسالفممم عاك عومصفنا - 
3- زكريا القزويني؛ مرجع سابق» ص 9. 
14 - (3 مم!) 61 .47 « ,وهنا ,بومله1 - 
5 - ك6 8 ,دعلا ,املك نف هماما ,1100009 - 
16- 52م بممفاطا - 
7- ذكه بمعلاطا - 
8- هذا بجعا بلمعنقةا! ماكة! عمل سس امعان عاك مومس فنا - 
9 - عاق عل عسوتوماممشعة دوثامافممعم افا : لمملوت8 كبمعلة - 
عقافلة) ##الدبعك لومصرمة : من) 241م ب#متصمسم د مسرم عق 
ععاعة) ب#تمعلماا امملامه؟! جنع مومه عل ك عممم0 ماعل عممعسانها (ممم 
.977 كتعلاعا ععااء8 كه له مكسه1 .انك عنمو (1975 عنومااف عل 
0- 61,62 :60 : 8 هنا اوممله 7 - 
21- 71ه يوعن! بسعالعبعاة عاك عهمدمفنا - 











459 


2- 873 بسعلاطا - 

3- 597,98 ,لاملها معلا - 

4 41 م بلطم بسعفاة1 - 

5- 149 < ,لظله:1 بسعواها - ١‏ 

6- زكريا القزويني» ص 38. 

7 وده ,انع5 بعلدعتة814 عسوتاعو" عق أمممظ : عمطاصد2 اسم - 
1972 

28- نفس المرجع ص 137» انظر أيضا لاكوف ص 74. 

29- 93,94 ,92 : 8 رصعف! سعااع بعالا عاك موممونا - 

0- ابن بطوطة؛ التحفةء ص 32 من | لتقديم. 

1-أ, : ص 140. 





3- 150 « بضعذا بتنسالفبععانا عاك عوممفئا - 

4- .58 ,1987 ,تابط فك بعهمسة'! عل «متعس هقد هآ : د" وأناما - 

5- 103 ه يسعهاما - 

36- 117 < بسهالف معلا علك عهمميهنا - 

7- 8142 بوعها - 

38- 46ا « ,(لطعك/ - () عسسالصحعالا عاك موممننا - 

9- الغرناطيء ص 139 

40 الشيخ التابلسي» ص 197-196 

41- الشيخ النابلسي» ص 175. 

42- ابن بطوطة» ص51 1 

43- ابن بطوطة. ص 395» وأيضا ض432. 

44- يرد عند ابن بطوطة أن أبا الأولياء عمره 350 سئة (ص397)» كما أن 
القطب حيدر الفرغاني عمره ينية عن ماه وتيستين سلا يعبوء ادن 
ويكثر الإعتكاف وريما أقام في خلوته أربعين يوما يقتات ف نْ 
تمسرة (ص551)» وفي موقع أخمر يذكر الرجل الذي أناف عن ما: 
سنة لايأكل ولايشرب ولا يحدث ولا اشر النساء مع قوته النامة 
(ص 647). 

5- يورد ابن بطوطة قصة السلطان منسي الذي قدمت عنده جماعة من 












460 


السودان أعطاهم خادمة بها وأكلوها 1 
0 0 لتخدمهم فذبحوها وأكلوها ولطخوا وجوههم 


46- ا : الرسالة الثانية. القاهرة؛ عالم النشرء 1970 
ص37» نشر وتحقيق بطرس بولغا كوفء أنس خالدوف» ترجمة 





مزير موسى :. 
7 ا را 0 : 329-324-314. 
48- ابن جبير» 
اي 0 
50- ابن بطوطة» ص 309 
51- أبو حامد الغرناطي » ض43. 
2 الشيخ النابلسي» ص201. 
3- ابن بطوطة ص537-536. 
54- » ص 106 . 
5ك ا ساك 
6- ابن بطوظة» ص 53. 
7- أبو حامد الغرناطى» ص131, 132. 
58- ابن بطوطة» ص١‏ واد ]ريده 
: 0 +648 


الغني النا! 
0 3 لمر نالل ا 1 
61- ل حامد الغ مك6 


















- انظر أيضا حكاية ابن بطوطة عن حسن المغربي المجنون وطيرائه من 
مكة الى آسفي » والعقاب الذي طاله لما أفشى السر العجيب (ص171- 
يا 


لها أإضاما بي الشيخ الي رحلته عن الشيخ 

عم صاحب اكرات ورف لم رجرعه؛ ارطلق. 1 

2- الغرناطي» من تقديم المحققء ص14 

3- انظر أفوقاي » م.س : حكاية هدم الصومعة ال 
الصندوق وما فيه من أشياء ملغزة تتطلب تة 
لكن» من أجمل مايرد عند أفوقاي حكاية المرأة ‏ 
لتصببح #باباء عمدم (ص 61-60). 






461 





1- شكلت النصوص الرحلية في الأدب العسربي مسارا 
مزدوجا داخل النسق الثقافي العام حيث حضرت نصا مكتوبا 
يروي وقائع وسير منقولة عن تجربة فعلية أو متخيلة» وتفرعت 
إلى أنواع ظلت منفتحة على الامتصاص من باقي الأشكال الأدبية 
والاجتماعية» مما أكسبها ذلك التعدد الذي هيمنت عليه الرحلات 
الحجية والسفارية والأدبية» والتي تلنقي في علامات مشتركة 
وخصائص جامعة لها . . 

المسار الآخر هو حضور الرحلة باعتبارها عنصرا محركا في 
الأشكال السردية» وبعض الأشكال الأخرى الاجتماعية» شي 
أداة لخلق الفعل والحدث؛ء ولإثراء للبعد الخيالي والتشويقي 

وقد خضع النص الرحلي؛ من هذا المظور لتحولات تابعة 





468 


للنسق الشقافي الذي كانت تندمج بداخله وتفاعل مع أشكاله 
القريبة والبعيدة» ذلك أن نظرتنا لهذه النصوص متغيرة» نقرأها 
بعيون مختلفة”'» ونعيد تقييم وتأويل الدلالات والمفاهيم 
المتحكمة في أنبنيات» لأن النصوص الرحلية التي لم يُفَكّر فيها 
في النقد القديم» عادت إلى واجهة النقد الحديث والتحليل من 
منظورات مختلفة وبأسثلة تريد فهم كل هذا التراث المتغلغل في 
عمق الأدب وعلى امتداده» وهو ما شفع لأحد الباحثين أن يتساءل 
عن الشي الذي ليس برحلة؟© فهي نص ممتد في كل الكتابات 
وفي الشفوي أيضاء تحضر من أجل وظيفة ودلالة؛ وتؤسس 
الرؤية ترتبط بالذات والتساريخ» إذهي من الأشكال والأساليب 
الأولى المصاحبة للتعبير الإنساني منذ أقدم العصور ؛ وكأن الرحلة 
هي نقطة الالتقاء بين الواقعي والحلمي» الثقافي والرؤيوي» وهي 
مثل كل كتابة تنحو دائما «نحو تحويل العابر إلى ضروريء وتغيير 
القدري إلى شيء مكشوف3©. بحيث تحتضن ماهو مألوف 
ومنسيء 'عادي ومفاجئ» وكل ذلك ينطلق من ذات الرحالة الذي 
-وهو يحول مشاهداته عبر قناة المخيلة المستندة إلى التذكر» 
بالإضافات والتعديلات- يتحول؛ بدوره؛ من فاعل ومسحرك إلى 
شخصية وراو-حكاء يصوغ ويعرض لأفعاله وردود الأفعال 
واكتشافاته المصحوبة باللذة وبالإمتعاض» مما يتيح لهذا العرض 
الاستعانة بالتقييمات والانطباعات وبناء:المقارنات . 

إن النص الرحلي بمساراته الأنواعية وتعدد خطاباته وفق 





464 


نمطية السفر والحس الواقعي والسجربة والأوصاف الخاصة 
بالأمكنة والوقائع يجعل منه تعبيرا لصيقا بالإنسان» ومتجذرا في 
التاريخ» وفي الشقافة الشفوية التي تنموبين أحضان العامة 
والخاصة» ووسط تعبيرات سائدة و: الحكايات الشعبية» . 
انه الشراجم» أدب المناقب؟ أدب١‏ يامة؛ والمسالك 
والتتاريخ والجغرافية الوه تكتسب -باعتبارها تجارب 
شخصية في إطار جمعي- قدرة الشفوي وانصهاره؛ ثم التحويل . 
وآلياته إلى المكتوب. 
وقد خمضع انبناء النص الرحلي لسسيرة طويلة من أجل 
التنشكل والتسجنسء وتحولت الرحلة من فعل إلى نص وإبداع 
يستقطب تعددا وتنوعا بمكونات وخصوصيات تكررت بحسب 
النوع ودرجات الاهتمام والوعي بالكتابة: والرحلة العربية وهي 
فعل ومتخيل قديم ارتبط بالإنسان وبأحلامه» وبمجازفاته في 
سبيل البحث عن الذات» وعْن مرآة للاكتشاف والتعلم «والارتماء 
نحو مطاردة الوحدة المفتقدة): والحفر عن المعرفة المادية 
والروحية. 
إن كل رحلة هي بحث صريح عن يقسين معينء لذلك فقد 
. شكل الدين في الرحلة -كما في كل الأدب العربي- مهيمنا قوياء 
وأساسًا استراتيجيا يحرك خلفيات الرحلة» غا: 
«من الديني يقبض الرحالة على حلم العالم الكوني»7)؛ وتصبح 
المرجعية الدينية حافزا قويا يؤطر المرجعيات الأخرى» ويسوغها 











465 


+ - الرحلة فى الأدب العربي 


أحيانا (الرحلات السفارية) ؛ مرجعيات فرضها قانون الجنس 
فضلا عن فنية الصوغ للتجارب والخبرات الإنسانية وكيفيات 
تقديمها داخل بنيات لغوية منهما بنيتان أساسيتان©؟ : بنية 
.التقريرء حيث اللغة وظيفية ورسم سريع للصورة واختصار كمي 
للملفوظ . ثم بنية المذكرات ؛ ومايتفرع من بينات غيرهما 
ضمن أبعاد تقاطع الأشكال والتعبيرات ووجودها في النص الأدبي 
بأنواعه » وفي النص التاريخي والهاجيوغرافي-المناقبي . فتّوسع 
هله الأشكال واتفتاحها هوه سمح لل حلة بحدرتها على الوك 
والخضور باعتبارها شكلا أو عنصرا في حقول أخرى . 

2- من أهم الاستنتاجات التي توصلنا إليها في هذا المؤلف» 
فضلا عماسبقء ان التراث العربي يحفل بنصوص رحلية ثرية 
وتأسيسية؛ راكمت إرثا متنوعا استطاع أن يجنسها ويميزهاء 
فسجاءت بعض النصوص تحمل سمات عالية من الخطاب 
والمحكي» وأخرى جافة وتقريرية أوتكرارية تندرجء كلهاء / 
ضمن المتخيل العربي » الأدبي والفني . والملفت للنظر أن الرحلة 
في الأدب العربي قد أهملت نقديا شأن الحكايات الشعبية» 
وألصقت بها صفة العجائبي ختى اعتبرت نوعامن الإختلاق. 
والمشاهدات . 

وقد هيمنت الرحلات الدينية» إلى الحجاز وبيت المقدسء ٠‏ 
أوإلى مزارات أخرى مرتبطة يما هو ديني». باعتبار أن الدين كان أداة 
فاعلة في التقييم والمقارنة» خصوصا بين صورتي الذات والغير. 








466 


ورغم الإلتبساس الذي يقع من خلال تجنيس الرحلات 
وتحديد انتسابها إلى التاريخ أو الجغرافياء أو إلى الأدب؛ فإن 
تأريخ الرحلة العربية المكتوبة؛ يميل إلى الأدبي» بصفته حكيا 
يروي عن الذات في سفرهاء والذي يقترب مماهو شخصي» 
سيري وبسوغرافي وتراجميء اعتمادا على تنويعات وصفية 
بأسلوب المؤرخ الهاوي والجغرافي والاثنوغرافي . 

وتصيح الرخلة نصا وعلامة لعدة تقاطعات؛ وشكلا دائريا 
منفتحا ؛ للوصف فيه قدرة على مزج الوعي التاريخي» بالجغرافي 
وبالخيالي-الإستيهامي من داخل دائرة الذات: والغيرء 
والعمران ... للوقوف عند رصيد القيم وأشكالها. 

وتنفتح الرحلة كذلك على سردية خطية-تقليدية ذات سمات 
كلاسيكية مرتبطة بالموروث الحكائي؛ حيث سلطة المتكلم» 
راويا وشخصية بؤرية» لأن قيم التذويت والدمثل تبرز عبر وعي 
الكتابة الرحلية في البناء المقدماتي والخاتمة؛ ثم السرود الوصفية 
والشأملات والتعليقات والمقارنة والتشخيصات المتنوعة 
والحوارات وأشاليب التقديم الذاتي والغيري سردا ووصفاء 
والمسبدأ الواقسعي والسجلات والمرجع وبنيات التذكر 
والتقرير والأبعاد العجائبية والحلمية وغيرها من التنويعات الني 
تستحضر المكونات تبعا للحضور التيماتي واستدعاءاته لمهيمنات 
دون أخرى. 

وتتشكل نصية الرحلة من هذه العناصر فيصبح المبدأ الواقعي 








467 


جزءا منصهرا داخل بناء نصي تحضر فيه تشكيلات العجائبي 
والحلمي لصياغة عالم متخيل من هيكل واقع ونسائج واقع ثان 
محلوم به أو مفتقد» وهو منحنى ينطبق على الرحلات «الفعلية- 
الحقيقية" أو الرحلات الخيالية القريبة من الايطوبيا وأدب 
القيامة-الأخروي . 

كما ساهم النص الرحلي في إفادة مياحث في العلوم الإنسانية 
والاجتماعية والسياسية؛ لأنه خلق تراكما اتفصحت منه بعض 
معالم ثلاثة أشكال كبرى والمؤطرة لعدد كبير من الأنواع ذات 
البنيات المشتركة والخصوصيات المميزة وأيضا الخطاب 
والمتخيل» وعنصر التحول والتحويل» وآثار المتتخيل والواقعي 
والشفوي والمكتوبء بالإضافة إلى الرحلة شكلا وعنصراء الأمر 
الذي جعل النص الرحلي في الأدب العربي يَملك أسثلته ويبلورها 
ضمن السؤال الجوهري العام للشقافة» حيث البحث عن هوية 
مشتركة أو متفردة» ومعرفة ذائبة في الذات والآخر والمعطيات 
الثابتة والمتغيرة 

3- إن الأفكار التي سعى هذا الكتاب إلى تجليتها ستظل 
مشرعة على أسثلة أخرى وعلى مقاربة نصوص رحلية إضافية» 
ذلك أن خصوصيات الرحلة وتنوعها دافع رئيسي للمزيد من 
البحث. فقد تم الوقوف عند أهم الأسئلة المطروحة في كل ثنايا 
الفصول؛ في ما يخص إبراز هذه الخصوصية؛ سواء على مستوى 
البنيات والمكونات النصية أو الخطاب ومقوله؛ وتجنس الرحلة 


26 





وأنواعها التي تم حصرها في رحلات لة وأخرى فعلية» 
والأنواع الثلاثة المترتبة» والآليات التي تشتغل بها في اطار أن 
الأنواع تنه على أشكال تعبيرية متعددة؛ وتمتح من صياغات 
أسلوب غير موحّدة» لذلك فإن إطار التلفظ والملفوظ والمتلقي 
وبناءات أخرى مثل الوصف والصورة والمكان؛ قد أفضى إلى 
درجة تالية من التحليل تعلق بخطاب المتخيل الذي يولد من رحم 
الواقعي إذْ يعمل الحلم والعجائبي على تخييله وتصنيف الأحلام 
والعجائب وورودهماء بعد تشكلها في صياغات متنوعة . 

وقد جادكل هلانانينا على تايل لشو رج للف 
فمن السغارية إلى الحجية والزيارية والأدبية؛ بقصد الوقوف على 
عمومية الخصوصية؛ وخصوصية الأنوا. 

وفي هذا السياق» كان نص «تحفة النظار في عجائب الأمصار 
وغرائب الأسفار» لابن بطوطة حاضرا منذ البداية للإختبار 
والإستنتاج لتميزه؛ ثم لكونه في المتناول باعتبار: 
مادة خصبة للتحليل» حيث إنه نص ينكتب بعد قرا 
من الزمن الفعلي الإرتحالي» ويجيء ذلك الغنى مستجيبا لنسيج 
جمالي يحتوي على تماسك فني يجلى في كون حلم واحد 
يتحكم في كل بنيات النص بما فيها جسور العجائبي والواقعي . 

إن هذه المزاوجة بين التحليل واستخلاص النتائج» بناء على 
' الخلفية النظرية والأسئلة المطروحة قاد إلى استيلاد أسثئلة موازية 
أخرى أشد إغرامًا وأبعد مجازفة: تنطلق من اعتبار النص الرحلي 























469 


شكلا مفتوحاتصهر بداخله عدة أشكال يتفاوت حضورها 
ودرجات هيمتتها بحسب النوع الرحلي وطبيعة الاتتساب الثقافي 
للرحلة . 

ورغم ذلك» فإن هذا السؤال مرتبط باستفهام آخر حول لماذا 
تلاشى جنس الرحلة مثل غيره من الأشكال السردية التراثية؟ هل 
لان ادال كني كبن الرخلة تس اوها وتبخلاعيها عد شت 
وتقهقرت مع ظهور جنس فني وأدبي سيمتص الرحلة؛ بدورهاء 
للتصبح جزءا من مكوناته, وهو جنس الرواية؟ ذلك أن الفشرة ما 

بين القرن التاسع عشر والقرن العشرين وُسمت يتحدثين خاصين 
بالرحلة؛ الأول هو تحويل اتجا. أغلب الرحلات نحو الغرب 
والبلدان الأجنبية وظهور رحلات المثاقفة بشكل كبير» كانت في 
ظاهرها تتماهى مع الشكل الرحلي القديمء وفي طموحها تحاكي 
شكل الروايات المترجمة أو الأساليب الصحفية التي شاعت مع 
ظهور الصحافة في بلاد الشام ومصر ثم المغرب العربي . 

الحدث الثاني هو المحاولات السردية الأولى في العقود 
الستة الأخيرة من القسرن التتاسع ع عشرء والتي سعت إلى كتابة 
رحلات دروائية؛ على غرار ما كُّتبٍ من مقاماتء لكن هذه 
الكتابات «أخفقت» فلم تستمر لأن التحولات العامة في الوضع 
العربي» ثقافيا وسياسيا واجتماعيا أصبحت في حاجة إلى شكل 
أدبي أشد مرونة وأكثر انفتاحا على المتخيل والواقعي . 

وإذا كانت الرواية جنسا أدبيا منف حا كما أكدت ذلك كل 


470 


التنظيسرات التي قاررتها منذ هيجل ولوكاتش إلى باخمتين 
وكريزنسكي وغيرهم » فإن استثمارها لعنصر الرحلة بداخلها مازال 
قائماء وفي حاجة إلى قراءة ضمن المكونات الأخرى» وضمن 
تشكل وتطور الرحلة في أدبنا العربي . 


إحالات 


-م ,لووا باعدكم6 ل بعمتماعلط"! عق كعلدعماة كما : 11016609 - 
104 

2- 895 ,طتعل! ,77066017 - 

3- 836 ,دمعلا ميد الم - 

4- ب 73ل( ,عسوتعمه مذ بمعوهر؟ عل أعمانا : ممتاوظ مممماة + 
.89 8 ,اأسعة له ,1988 

5- 89 م علاطا - 0 

6- انظر : عبد الرحيم مودن : أدبية الرحلة ., الدار البيضاء دار الثقافة» 

ط]. 1996» رك 


421 


قائمة بأسماء المراجع والمصادر 





1-1- باللغة العربية . 

- إبراهيم» عبد الله : السردية العربية» بحث في البنية السردية للموروث 
الحكائي العربي . بيروت» الدار البيضاء؛ المركز الثقافي العربي» ط1ء 
1992 





- إدال » ليون : فن السيرة الأدبية . بيروت» دار العودة: 1988 [ترجمة 
صدقي حطاب] . 

- ابن خلدون؛» بيروت؛ دار البيان (د. ت). 
- ابن سيرين : منتخب الكلام في تفسير الأحلام (بهامشن الجزء الأول من 
كتاب الشيخ عبد الغني النابلسي : تعطير الآنام في تعبير المنام) بيروت: 
دار الكتب العلمي» (د.ت). 

- ابن شاهين الظاهري : الإشارات في علم العبارات (بهامش الجزء الثاني 
من كتاب الشيخ عبد الغني النابلسي : تعطير الآثام في تعبير المنام) 
بيروت» دار الكتب العلمية (د.ت). 

- ابن عبد ربه : العنقد الفريد. بيروت,. دار الكتب العملية» ط1ء 
3 0 

- ابن منبه» وهب : كتاب التيجان (سلسلة ذخائر العرب 10) أكتوبر 
1996 .ء الهيئة العامة لقصور الثقافة بمصر. ط 3 (وضمنه أيضا أخبار 
عبيد بن شرية الجرهمي في أخباز اليمن). 





478 


- أبوبكرء أسماء محمد : ابن بطوطة» الرجل والرحلة» بيبروت؛ دار 
الكتب العلمية» 1 1992 

- أبو عبيدة» معمر : كتاب أيام العرب قبل الإسلام . عالم الكتبء 
مكتبة التهضة العربية» ط1» 1987 [جمع وتحقيق ودراسة:: عادل 
البياتي]. 

- أبوليوس» لوكيوس : تحولات الجحش الذهبي: طرابلس ليبياء المنشأة 
العامة للنشر والتوزيع والاعلانء ط2» 1984 [ترجمة : علي نهمي 
خشيم]. 

- أحمد محمود» عبد الحميد : الهجرات العربية القديمة . دمشق . دار 
طلاسء طكء 1988. 

- أولمان» ستيفان : الصورة في الروية» طنجة؛ منشورات مدرسة الملك 
فهد العليا للترجمة بطنجة؛ 1995 [ترجمة رضوان العيادي ومحمد 
مشبال]. 

- أولمان» ستيفان فير الكلنة في اللفةة التاهرةءٍ مريب للباعة 
والنشر والتوزيع» ط12» 1997 [ترجمة وتقديم و: 














- باخعتين» ميخائيل : شعرية دوستوفسكي» الدار البيضاء؛ دار توبقال» 
طل 1986 

- البغدادي» الخطيب : تاريخ بغداد (14مج). المديئة المنورة» المكتبة 
السلفية (د.ت). 1 


- البغدادي؛ الخطيب : الرحلة في طلب الحديث. بيروت: دار الكتب 
العلمية . [تحقيق نور الدين عنتر]. 

- البلاذري : فتوح البلدان. بيروت, دار الكتب العلمية 1978 [راجعه 
رضوان محمد رضوان]. 

- بوريلي؛ الكسندر : أسرار النوم» الكويت؛ سلسلة عالم المعرفة: عدد 
3 يوليوز 1992 . [ترجمة عبد العزيز سلامة]. 


474 


- ترحيني» محمد أحمد : المؤرخون والتأريخ عند العرب : بيروت؛ دار 
الكتب العلمية» ط1اء 1991. 

- التوحيدي؛ أبو حيان : كتتاب الإمتاع والمؤانسة (المجموعة الكاملة) 
بيروت» دار مكتبة الحياة» (د.ت) [صححه وضبطه وشرح غريبه : 
أحمد آمين وأحمد الزين]. 

- تودوروقف» تزفتان : الشعرية» الدار البيضاء؛ دار توبقال, 2 
90 . [ترجمة شكري المبخوت ورجاء بن سلاه 
- جاد المولى؛ محمد أحمد وآخرون : أيام العرب في الجاهلية 
دار إحياء التراث العربي . (د.ت). 

- الجزار» محمد فكري : العنوان وسميوطيقا الاتصال الأدبي» القاهرة» 
سلسلة دراسات أدبية» الهيئة المصرية العامة للكتاب» 1998 . 











بيروت» 











- الحسين» أحمد : أدب الكدية في العصر العباسي» سورياء دار الحوارء 
طل 1986. 

- خصباك» شاكر : في الجغرافية العربية؛ بيروت. دار الحداثة؛ ط1ء 
8 . 


- دوجسلاس» فدوى مالطي : بناء النص التسراثي» دراسات في الأدب 
والتراجم. القاهرة» الهيئة المصرية العامة للكتاب؛ سلسلة دراسات 
أدبية. 1985. 
- ديرلاين» فريد ريش فون : الحكاية والخرافة. بيروت؛ دار القلمء طاء 
جمة نبيلة إبراهيم: مراجعة عز اللدين اسماعيل]. 
- الذهبي : تاريخ الإسلام ووفيات المشاء .والأعلام. (4 أجزاء)ء 
بيروت» مؤسسة الرسالة ط1ء 1988 . [حققه وضبط نصهء بشار عواد 
معروف الشيخ شعيب الارناؤوط» صالح مهدي عباس]. * 
- روميةء وهب : الرحلة في القصيدة الجاهلية . بيروت؛ مؤسسة الرسالة» 
طق 1982. 














475 


- الزركشيء بدر الدين : الغرر السوافر عما يحتاج إليه المسافر . الأردن» 
نشر المكتب الإسلامي» دار عمارء ط1ء 1989 . 
- زكي أحمد كمال : الأساطير : دراسة حضارية مقارنة. بيروت» دار 


العودةء 2 1979 
- زهران» محمود : قصص من القرآن. مصرء دار الكتاب العربي؛ ط1ء, 
156 








- زيادة» نيقولا : الجغرافية والرحلات عند العرب» بيروت» الشركة 
العالمية للكتاب» 1987 . 

ازيئة» حسني : جغرافيا الوهم. لندن» رياض الريسء ط1ء 1989. 

- سركيس» إحسان : الآداب القديمة وعلاقتها بتطور المجتمعات» 
بيروت؛ دار الطليعة» ط1 1988. 

- السعافين» إبراهيم : أصول المقنامات . بيروت؛ دار المناهل؛ ط1ء 
7 


- سعد الله؛ أبو القاسم : تتجارب في الأدب والرحلة . الجزائرء المؤسسة 
الوطنية للكتاب» 1983 . 

- السكاكي» أبو يعقوب : مفتاح العلوم. بيروت؛ دار الكتب العلمية» 
ط1ء 1983 (ضبطه وشرحه نعيم زرزور). 

- السمعاني» أبو منصور : الأنساب (5 أجزاء)؛ بيروتء دار الخبان. 
٠‏ ط1ء 1988 [تقديم وتعليق : عبد الله عمر البارودي]. 

- السهرودي؛ شهاب الدين : عوارف المعارف» مصرء دار الكتب 
الحديثة 1971 (ج1)[تحقيق عبد الحليم محمود ومحمودبن 
الشريف]. 

- السواح» فراس : كنوز الأعماق؛ قراءة في ملحمة جلجامش. دمشق» 
العربي للطباعة والنشر والتوزيع» ط1ء 1987. 

-الشحادء أحمد محمد : الملامح السياسية في حكايات ألف ليلة وليلة. 
بغداد» دار الشؤون الثقافية العامقء ط2» 1986 . 





476 


- الشرباصي» أحمد : من أدب القرآنء مصرء دار المعارف» ط2» 
١دات).‏ 
- الشكعة؛ مصطفى : مناهج التأليف عند العلماء العرب» بيروت» دار 
العلم للملايين. ط3 1979 
- الشيخاني» يوسف : أصحاب الكدية الساسانيون. دمشق؛ دار البصائرء 
طل 1984. 
- سابايارد» نازك : الرحالون العرب وحضارة. ة الغرب في النهضة العربية 
فلء طاء 1979. 
- الطبري» أ اريخ الطبري (تاريخ الرسل والملوك)» القاهرة. 
دار المعارف» ط4. (د.ت) سلسلة ذخائر العرب» 30: [تحقيق محمد 
أبو الفضل إبراهيم]. 
- ضيف» شوقي : الرحلات» القاهرة» مصر. دار المعارف (د.ت)- 

: ومناهبه في الشعر العربي؛ القاهرة: دار المعارف 
بمصرء سلسلة مكتبة الدراسات الأدبية. ‏ * 
- عبد الحميد؛ علي عبد المنعم : النموذج الانساني في أدب المقامة» 
بيروت» مكتبة لبنان» لونجمان. ط! . 1994. 
- عبد الدايم؛ يحيى ابراء الترجمة الذاتية في الأدب العربي الحديث. 
بيروت» دار إحياء التراث العربي: 1978. 
- عبد ربه» عبد الحافظ : بحوث في قصص القرآن. بيروت؛ دار الكتاب 
اللبناتيء 1972 . 
- عسافء الشيخ أحمد : قصص من التنزيلء بيروت» دار لبنان للطباعة 
والتشرء طاء 1981. 
- العسقلاني ابن حجر : إنباء إلغمر بأنباء العمر في التاريخ. بيروت» دار 
الكتب العلمية» ط2: 1986 [تحت مراقية محمد عبد المفيد خان]. 
- عصفورء جابر : الصورة التراث القديم والبلاغي عند العرب» 
الدار البيضاء» المركز الثقافي العربيء ط 3 1992 . 























47 


- العطارء فريد الدين : منطق الطيسر. بيروتء دار الأندلس: 1996 
[دراسة وترجمة» بديع محمد جمعة]. 

- العطار سلمان : الخيال عند ابن عربي (النظرية والمجالات) القاهرة؛ دار 
الثقافة للنشر والتوزيعء 1991. 

- عطوان» حسين : مقدمة القصيدة العربية في العصر العباسي الثاني» 
بيروت» دار الجيلء ط1ء 1982. 

.-عويس محمد : العنوان في الأدب العربي : النشأة والتطورء القاهرة» 
مكتبة الانجلو المصرية . ط1ء 1988 

- الغزالي» أبو حامد : إحياء العلوم . 

- فاولر» روجر : اللسانيات والرواية؛ الدار البيضاء؛ دار الثقاقة ط1ا. 








الانيادة» بييروت؛ دار العلم للملايين» ط3: 1980 [ترجمة 

نبرة سلام الخالدي]. 

- فهيمء حسين محمد : أدب الرحلات» سلسلة عالم المعرفة» عدد 2138 
الكويت يونيو 1989. 

- القاشاني؛ كمال الدين (ق 8ه) : اصطلاحات الصوفية: مصرء الهيئة 
المصرية العامة للكتاب» 1981. 

- قسباني؛ رنا : أساطير أوربا عن الشرق. سورياء دار طلاسء ط1ء 
1988 [ترجمة صباح قباني]. 

- القزويني» زكريا : عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات. مصرء 

مكتبة بابي | العلى اراي طى 1980. 

- كراتشوفسكي» أغناطيوس : تاريخ الأدب الجغرافي العربي» بيزوت دار 
الغرب 9 ط2» 1987 [نقله الى العربية عن الروسية : صلاح 
الدين عثمان هاشم]. 

- كليطوء عبد الفتاح : المقامات: السرد والأنساق الثقافية. الدار البيضاءء. 
دار تويقال للنشرء ط1ء 1983 [ترجمة عبد الكبير الشرقاوي]. 


478 


- كليطوء عبد الفتاح : الحكاية والتأويل» دراسات في السرد العربي . الدار 
البيضاءء دار توبقال للنشرء ط1ء 1988. 

- الكانب» ابن وهب : البرهان في وصف 
69 [تقديم وتحقيق حنفي محمد شرف]. 

- المبخوت؛ شكري : سيرة الغائب؛ سيرة الآني. تونسء دار الجنوب 
للنشر 1992. 

- المحاسبي» الحارث : كتاب التوهم. حلب؛ دار الوعي :(دت). 

- محمدين» محمد مسحمود (تصنيف) : التراث الجغرافي الإسلامي. 
الرباط» السعودية» دار العلوم للطباعة والنشر. 2 1984. 

- المسعودي : مروج الذعب ومعادن الجوهر (4 أجزاء)؛ ييروت» دار 
الأندلس » ط6؛ 1984 [تحقيق يوسف أسعد داغر] . 

- المقدسي ؛ أنيس : تطور الأساليب النثرية في الأدب العربي بيروث : دار 
العلم للملايين» ط8ء 1989. 

- المقريء أحمد بن محمد : نفح الطيب في غصن الأندلس الرطيب. 
بيروت» دار الفكرء ط1: 1986 [تحقيق يوسف الشيخ البقاعي] . 
- المقريزي (زكريا) (ت 845ه) : كتاب المواعظ والإنمتبار بذكر الخطط 
والآثار (الخطط المقريزية]. القاهرة. مؤسسة الثقافة الدينية. : 
- الملاح؛ عبد الغني : رحلة في الف ليلة وليلة . ييروت» المؤصسة العربية 
للدراسات والنشرء ط1ء 1981. 

- مودن» عبد الرحيم : أدبية الرحلة؛ الدار البيضاءء حار الثقافة, طلا 
96 5 

- موروء فرانسوا : البلاغة» مدخخل لدراسة الصور البيانية» الدار البيضاءء 
منشورات الحوار الأكاديمي: ط1 1989 [ترجمة : محمد الولي وجرير 
عائشة]. 

- مؤنسء -حسين : تاريخ الجغرافية والجغرافيين في الأندلس» مدريدء 
إسبانياء المنظمة العربية للثقافة والعلوم» 1986-2 . 





القاهرة» مكتبة الشباب» 























479 


- النابلسيء عبد الغني : تعطير الآنام في تعبير المنام (في مجلدين) 
بيروت» دار الكتب العلمية» (دت) 
- النساج» سيد حامد : رحلة التراث العربي؛ القاهرة؛ دائرة المعارف» 
طق 1994. 

-نصارء حسين : أدب الرحلة؛ ببروت؛ القاهرة» الشركة المصرية 
العالمية للتشرء ط1ء 1991. 

- نصرء عاطف عودة + الاق نوما ووظاتقة. نع اليرة البضرية 
العامة للكتاب» ط1ء 1984 . 
- هاملتون» إديث : الميتولوجيا تنشقة منشورات إنطاد كاب العربة 
ط1ء 1990 . [ترجمة حنا عيود]. 

- الهمذاني: بديع الزمان : شرح مقامات بديع الزمان الهمذاني؛ بيروت» 
دار الكتب العلمية؛ ط2. (د.ت) [محمد محي الدين عبد الحميد] . 

- هورفيتش» يوسف : المغازي الأولى ومؤلفوها. القاهرةء مكتية 
مصطفى الحلبي» 1949 . [ترجمة حسين نصار]. 

-هوميسروس : الأوديسة. بيسروت» دار العلم للملايين ط3» 1977 
سلام الخالدي] . 

الإليافة. .. القاهرة» دار الفكر العربي . ط2» 1981 [ترجمة 


















أمين سلامة]. 
- اليازجي» كمال : الأساليب الأدبية في التثر العربي القديم. لبنان؛ دار 
الجيل» ط1ء 1986. 


2-1- مراجع باللغة الأجنبية ٠‏ 
-ناله0 كاد" بعلدطت؟ ومتادعى هل عل عدوت كطادع : اتمطلتقة بعمأنطلمم » 
: .1984 بلعقم 
.1988 بعناعاعوا! لت بععمدمة ركتعندكفانا ععفل1 وعل علأن0 : فمعك! ,عموع8 - 
لماعمل قه ,ععمم" ,كناء3 عا عمسهممط : وممو0 اأمعمنها ,تمعاامه + 
12 
عدو عكدك عيةا! ذ معسعمداوقل عا .بعودره؟ عل 0! : لمقدمما! «مملهه - 
.1995 علعمذواعم 1لا عدم علوينها غاتد«تمنذا عل كعدععمم كعنا ,عوطعنو 


480 





.1991 ,لاط .لك يكدمط بعموشات ها عل عسبونهما : كنمه0ا لجدم0 ,لرعمدظ] - 

,20 (عوفسنو) 0.7ب له حامده معومدية! عل ومتاعسلقة ها : كناما مسدظ؟ - 
17 

بعتو اهرك مشومت عدرلممة! لذ ومتعن هماما . علمدل ,ليدم - 
1988 ,لا 

:1987 اننه3 له بكائنت5 : مدع مملاعمم0 - 

ب ومامعالا لت بعسوسعمممم؟ ا#معامة! عل ومتاعسطمم : كماتملت بلرقر9 - 
1973 

2 ,ومنسماة فت بعمانا ل عسوجماة ها : از بعما مما - 

عل موتاعوه عمن سمه : عممعلاة ,امالا بعاممده : معطمملا ,إعبصمماة - 
.1985 قوم عوط اننا بممللمتعمممة1 

عمن عو" عذزل ممم روه اك علدنعال6ا! #مسمعايا : كعاتمقك ممعل ماعباا - 
.1990 (#مسامعة) .© لانم 6 ب#متسمساا وملام 

سمماط عسيغا" يلت ,مدوتفطيعة أعاقع! عل مأبمكيطا : #مسعةا عل ماع : 14 كما - 
9 .85 ,متهم 

لهالا ممصم عا سد تمع بكعمهاة عل سسماعصت : مصستقهانلا ,الممادرما - 
1981 ب#معاتلة «مادمانا بمترمقما بويع 

بك مأممقطا يعن عل امامم عل يه«قندكمو عتهدادميرا عل تمموع . مدل ااعجامنا - 
.1981 كأبده رارم وول وأءلهطتنا بعوراممم 

,مومس" ممه كنانا هأ كممل عدمما! دف عوموانا : اللدلاعلطة : أمممزاما - 
.1973 ,80لز3 لك بمعولم 

.(سفعظ) تابه لك ممصم بممسسمة مل ستسمعواط عا : أنمعا؟ بلمسعلاناة» 
6 ,200 

لك متعمس" بممعسة ذ عمتلدظ عل ,عتعالك ممتعسالئنا . أتمما؟ بلمسمسزاة - 
.1994 ,(#مسطاعة) الا 

عا عند معلسة) #متسعلانا سممويل 4 #مسايعظ : الصمواة خط ,اممشممااة - 
.1989 كتيده بصمطامسممة! له (مت ةكم مومع 

عم ذنا بعومومها عا عممل غالاثاءمزنايه دا عل موتلقاءمومانا . رأومطعمكم0 - 
:1980 كاده ,متام لمعم 

حنم بعتمدظ كنم رديه ك ملسكملت #مستمعنانا ها : أنىا! اعلموه ميد - 
.1994 .وا مدص 

-دمسانكحمم قمه يمناقب لعجهنا بعر لممقمها : عكرسما بركماةا مادم - 
.1992 .كوفع لم8 له بمولنمما بوملا 

.1992 :لاب : لت عممدة! بكصمد نك كمممعناندسعنها : أكمما؟ سا0 -. 

مه بععبرول بملايمه .براتميعهها! لمة ممتماتت : علاعفسات أوالهممة - 


لت ,كا 











481 


ما” ٠‏ الرحلة فى الأدب العربى 


.1993 كمعد" بمسمظماغة 6ه راكع امنا بممصمولة باطعممه 

.1965 بإأسعد لغ ععمم" #مسمقنان! ها عل علممك8]" : 17 ,ادوم له - 

,(مرو") امد لت عدوتاعمامة؟ معان ها ذ ممتاعل ممما : 7 ,مله - 
ْ1970 

“.1991 بتعععم0 لت بعمممة لماعلا عل وملفممم جما : 17 ,1040609 - 

.1988 مكتزنام0 لك بعفوهانا عت تسماعة ومسمعوال عا : كعجم06 ,سامموآلا - 

.1972 كيده ,اتنت3 لت بعلمبعتلكل! عبرورقهم عل تمعوع : انندم ,6مطاومينة - 





2 قائمة بأسماء المؤلفات الجماعية 


1-2- باللغة العربية , 

- أبحاث في اللسانيات العربية؛ الدار البيضاء؛ منشورات كلية الآداب 
والعلوم بنمسيك؛ مطبعة النجاح الجديدة» 1965. 

- ابن بطوطة . منشورات مدرسة الملك فهد العليا للترجمة بطنجة؛ طاء 
96 

- أدب الرحلة والتواصل الحضاري . مكناس» جامعة المولى إسماعيل» 
سلسلة الندوات 5 1993 . 

- الأدب ال عن الوحدة والتنوع. بحوث تمهيدية» مركز 

. جامعة الأمم المتحدة بيروت» ط1 مارس 








- الآدب والواقع : مراكشء نشر تانسيفت» ط1ء 1992 [ترجمة : عبد 
الجليل الازديء محمد معتصم]. 

- الآداب والأنواع الأدبية» سورياء دار طلاسء ط1 » 1985 [ترجمة طاهر 
حجار]. 

- بحوث سوفيتية جديدة في الأدب العربي . موسكوء دار رادوغاء 1986 
[ترجمة : محمد الطيار]. 

- بحوث المؤتمر الجغرافي الإسلامي الأول (المجلد الغالث)» الرياض» 


482 


تحت إشراف إدارة الثقافة والنشر بجامعة الامام محمدبن سعود 

الإسلامية, 1984 

- مجموعة من الباحثين السوفييت . نظرية الأدب» بغداد» منشورات وزارة. 

الثقافة والاعلام (سلسلة 92): 1980 [فصل خاص] : ف ف . كوزينوف 

: الرولية ملحمة العصر الحذيث [ترجمة. نصيف جميل التكريتي]. 

- دراسات طرائق تحليل السرد الأدبي» الرباط منشورات اتحاد كتاب 

المغرب» ط1992-1. 

- قضايا التلقي والتأويل» الرباط 

الآداب والعلوم الانسانية» الرباط . 

- اللغة والخطاب الأدبي (اختيار وترجمة : سعيد الغانمي) يروت 
اء» المركز الثقافي العربي» ط 1 1993. 

- نصوص الشكلانينين الروس : نظرية المنهج الشكلي (ترجمة ابراهيم 

الخطيب) بيروت؛ مؤسسة الأبحاث العربية؛ “1 1982 . 

- نظرية التلقي : اشكاليات وتطبيقات. الرباط. 

المخامس » كلية الآداب والعلوم الإنسانية الرباط . 


2-2- باللغة الفرنسية , 

,(عسومااف) تلقتنا عممقة : © بمسعطادة ل متعاعمم8 .1 باممعومم - 
:1989 السامع مقو" بالا لع 

غالمعه ولدلا بعممس"! باثي اتعممل بل #ملمما : (عم عمأميعة) مول بمتعاعمم8 - 
:1988 80.15 بعللممعاط 6ل 

عددمه عل ك ممعرن ها عل #ممعسالما . (ممم عقاف _لممطرمة بتوالمهوت - 
,85 ,كتيده ,(1975 يعقل معسوماامه عن كماعة) بعسعلها! اممفتعمه! عرد 
.1977 كععلاء! كماع جما ران ,قكناو7 

.981 عناماعماط لك مامد" ,(ممتنه مطماافم 35 جنيو عق عامملائ - 

بمعمسةا (عسوولاف) لمعف كاز سحلع"! عممل عبعالفبكاا عاك عومدانا - 
:97 مكنوقكم عمدهز له 

1977 النع3 له باك عل عسوتقهم - 








ررات جامعة محمد الخامس» كلية 








ررات جامعة محمد 





483 


نك كعاعة باتممومسعامم محصم؟ عا عند ممااتعومرة كك مولاتدمم - 
,1979 علعتئاعمتل! لت ركمسمطعمماة ,8ل( منروواامه 


3 - المعاجم والموسوعات 
1-3- باللغة العربية , 

- ابن دريد» أبو بكر الحسين 
للملايين» ط1ء 1987 [تحقيق وتقديم رمزي بعلبك]. 
- ابن منظور : لسان العرب» بيروت» دار صادر (د.ت). 

- الأبياري» ابراهيم. (جبمع وتصديف) : الموسوعية الفقهية؛ مؤسسة 
سجل العرب (د.ت). 

- بزرك» أقا الطهراني : معجم الدريعة؛ بيروت؛ دار الأضواء (د. 
- البستاني» بطرس : دائرة المعارف» بيروت»؛ دار المعرفة (د 
- الجرجاني : كتاب التعريفات» بيروت» مكتبة لبنان» 1988 . 
يفة» حاجي : كشف الظنو عن أسامي الكتب والفنون؛ بيروت» دار 
الفكر 1982 

- دائرة المعارف الاسلامية» بيروت» داز الفكر (د. ت) . 

-رضاء الشيخ أحمد : معجم متن اللغة؛ بيروت» دار مكتبة الحياق؛ 
1958 

- العسكريء أبو هلال:: الفروق اللغوية؛ بيروت: دار الكتب العلمية» 
1981 (حققه وضبطه حسام الدين القدسي). 

- معسجم اللغة العربية : معجم ألفاظ القرآن الكريم . القاهرة» دار 
























وزارة الأوقاف الإسلامية. الكويت ط1 . 1983 . 
- وهبةء مجدي والمهندس» كامل:: معجم المصطلحات العربية في اللغة 
والأدب» بيروت»؛ مكتبة لبنان» ط2ء 1984 . 


484 


2-3- باللغة الفرنسية : 


كاتني لك بععممة كفده .ععتمومم؟ عسهمها ها عل بكعااان0 #متممومتملم - 


1975 
جدلك80 لت ,كمد" عكتمومم؟! عدهمها ها عل كه سمدتعسر| قعل عمتقمممتماه -. 


.1984 
,عمد" (متعدمدءط كمسوعدط عل ممتتععميل ها خنامة) كتملك قعل #اتقصممتاء9 -. 


:1986 ب#تعنممها له 
بجوو ,140 بعتا مكمدط بكمسعنان! معل أعوع جهن #جتمممم تمزه - 
1980 عفد ذ سعاقت بعمممة! ,والمومع امن #دلكوماء رمم8. - 
1958 ,(7 06ه1) علاعطعما! 60 ممصم" موامدط كمنافا - 


4 - المجلات والدوريات 

1-4- باللغة العربية ؛ 

ية؛ (أمحور : أدب الرحلة) بغداد» العراق: السنة التاسعة » 
العدد الثالث» 1989 

- درسات سميائية» أدبية؛ لسائية» (ملف حول جمالية التلقي) العدد 6. 
خريف» شتاء 1992 فاس» المغرب.. 

- دراسات سميائية؛ أدبية؛ لسانية» العدد 7: 1992» المغرب. 

- عالم الفكر؛ الكويت» عدد4؛ يناير» فبراير» مارس 1983 [عدد خاص 
جول "أدب الرحلات*]. 

- فصول . القاهرة . المجلد الثاني» العدد الثاني 1982 . 

- فصولء القاهرة» الهيئة المصرية العامة للكتاب» المجلد الثاني عشرء 
العدد 4 محور ألف ليلة وليلة» الجزء 1 . 

- الفكر العربي : بيروت معهد الإنماء العربي» عدد 9 يونيو 1988 (عدد 
اص حول : الرحصلات العربية والرحسالات : الأنواع والأغسراض 
والتأثيرات) . 

- الكرمل» قبرص» عدد 35, 1990 . 











485 


- المجلة العربية للعلوم الإنسانية» جامعة الكويت . العدد الثاني عشرء 
المجلد الثالث. خريف 1983 . 
- مواقف» بيروت» خريف 1981 عدد 43. 
2-4- باللغة الفرنسية ٠‏ 

1 .995 ب«ولة 8)*82 .انامالا لك ممم" بعسولاات - 

.لعقصنالد0 نع ١981,‏ ,15 ثلا .عمعومط ١‏ 

.اأبعة ل 1978 ,33ل( .عدوتفمم .. 

.اأنع3 لك 1988 ,673ل( .عنوناكمط -. 

.اسعق ل 1993 ارخ 94"( عنولهمم - 

.اندعة لع 1995 وول( ,104 *لة .عنولكمط - 

قلاط ل ,1987 ,7*ل8 عقو عالعوولة ,عنويف طقال عنومم ١‏ 


:1986 همالا مهل ١0201,‏ ,[لكلكئنا عدمه؟ كممتمسهة! معممعاءة عمل عنايمم - 
.1997 بكتدلا-ممل ك24كم عتمم ممعمعن3 جل عنصم - 


5 - ملحق بيبلوغرافي 

هذا الملحق البيبلوغرافي» الذي يهدف» أساسا تتسيب الرؤية» وفتح 
آفاق أخرى للقراءة والتحليل؛ يتضمن جردا بأهم النصوص الرحلية 
العربية القديمة في الفترة ما بين القرنين... ونصوص رحلية كتبت خلال 
القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرينء' ثم نصوص أج ١‏ 
الى العربية . 

وقد تم الاعتماد في تجميعها على المراجع التالية : 
- سابايارد» نازك : الرحالون العرب وحضارة الغرب في النهضة العربية 
الحديثة. بيروت» لبنان» مؤسسة نوفل» ط1ء 1979. 
- فهيم» حسين محمد : أدب الرحلات. الكويت» سلسلة عالم المعرفة. 
رقم 138 عدد يوثير1989. 
- نصارء حسين : أدب الرحلة» القاهرة» الشركة المصرية العالمية للنشرء 
لونجمان» ط1ء 1991. 3 















486 


- مجلة الفكر العربي. بيروت» معهد الانماء العربي» يونيوء العدد 51 
السنة التاسعة؛ مسحور (الرحلات العسربية والرحّالات : الأنواع 
والاغراض والتأثيرات). 

- مجلة الثقافة الأجنبية . بغداد. العراق» السنة التاسعة» العدد الثالث» سنة 
82 (محور أدب الرحلات). 

- الحياة الدولية (جريدة يومية) لندن؛ الاثنين 3 غشت 1992؛ العده 
768 (محمود السيد الدغيم : كشاف أولي بالكتب المطبوعة 
المتضمنة لرحلات قام بهناعرب مسلمون الى أصقاع العالم 
/ ة). 

1-5- ملحق بأهم الرحلات القديمة, 

- ابن أبي ماحلي : الأصليت الخريت؛ الرباطء منشورات عكاظ؛ ط1ء 
1 [تحقيق عبد المجيد قدوري]. 

- ابن بطوطة (1377-1304) : تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب 
الأسفار ؛ أو رحلة ابن بطوطة. ييروت» دار إحياء العلرم؛ 2 1992 
[قدم له وحققه الشيخ محمد عبد المنعم العريان]. 

- ابن جبير (1217-1145) : تذكرة بالإخبار عن اثقافات الأسفارء أو 

جبير» القاهرة؛ مكتبة مصر 1992 [تحقيق حسين نصار]. 

ن الجيعان (ق15م) : الول المسستظرف في سفر مولانا الملك 

؛ أو رحلة قايتباي إلى بلاد الشام 1477 . تحقيق عبد السلام 
تدمري» منشورات جروس-برسء ليبياء ط1ء 1984. 
ري (ق14م) : فيض العباب وإفاضة قداح الآداب في 












ديدة إلى قسطنطيئة والزاب. دراسة واعداد محمد ابن شقرون 

(دوث معلومات مرجعية) الإيداع القانوني رقم 1984-85 . 

- ابن حمادوش» عبد الرزاق (ق15م) : رحلة ابن حمادوش الجزائري ؛* 
أو لسان المقال في النب! عن النسب والحسب والحال. تقديم ونحقيق 


487 


وتعليق أب و القاسم سعد الله إصدارات المكتبة الوطنية؛ الجزائر 
83 

- ابن خلدون (1406-1332) التعريف بابن خلدون ورحلته غربا وشرقاء 
بيروت» القاهرة. دار الكتاب اللبناني» دار الكتاب المصري» 1979 . 
-ابن رشيد الفهري (1229 -1321) : مل» العييجة؛ فيما جمع بطول 








ابن شساهين الظاهري (1468-1410) : زيدة كشف الممالك. وبيان 
الطرق والمسالك؛ باريس» المطبعة الجمهورية 1894 . 

- ابن فضلان, أحمد (922م) : رسالة ابن فضلان. بيروت» مكتبة الثقافة 
العالمية» ط2» 1987. [تحقيق سامي الدهان]. 

- ابن قنفد (ق15م) : أنس الفقير وعز الحقير . اعتنى بنشره وتصحيحهء 
محمد الفاسي وأدولف فور. منشورات المركز الجامغي للبحث العلمي؛ 
سلسلة الرحلات 2» زيارية 1: الرباط 1965 

-ابن محاسن» يحيى (1643م) : المنازل المسحاسنية في الرحلة 
الطرابلسية؛ بيروت؛ دار الآفاق الجديدة» 1981 . 4 

- أبو دلف» الينبعي (1000م) : الرسالة الشانية؛ نشر وتحقيق بطرس 
بولغاكوف؛ أنس خالدوف 'ترجمة وتعليق محمد منير مرسي» الناشر 
عالم الكتب» القاهرة 1970 

- أفوقاي : ناصر الدين على القوم الكافرين. الدار البيضاءء منشورات كلية 
الآداب 1ء الدار البيضاء طلء 1987. 

- البغدادي؛ عبد اللطيف (1239-1162),: الإفادة والإعتبار في الأمور 
المشاهدة والحوادث المعاينة بأرض مصرء القاهرة؛ مطبعة وادي الثيل 
1869 1 

- البيروني» أبو الريحان (440ه) : تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في 
العقل أو مرذولة . عالم الكتب» بيروت ط2؛ 1983 . 








488 


- التيجاني» عبد الله (1321-1276م) : رحلة النجاني. قدم لها حسن 
حسني عبد الوهابء الدار العربية للكتاب» ليبيا- تونس 1981 . 

- التجيبي السبتي » القاسم (1329-1271م) : مستفاد الرحلة والإغتراب» . 
تونس» الدار العربية للكتاب» 1975 

- التلمساني» أحمد بن هطال : رحلة محمد الكبير (باي الغرب الجزائري) 
إلى الجنوب الصحراري الجزائري. تحقيق:وتقديم محمد بن عبد 
الكريمء الناشر عالم الكتب» القاهرة. ط1ء 1969. 

- الجزيري الأنصاري» عبد القادر (1570-1506م) : درر الفرائد المنظمة 
في أخمبار الحاج وطريق مكة المعظمة؛ القاهرة؛ المطبعة السلفية» 
4ه 

- الحسني» يوسف (ق16م) : ملتقط الرحلة من المغرب إلى حضر موث. 
تحقيق وتقديم وتعليق أمين توفيق الطيبي؛ شركة النشر والتوزيع» الدار 
البيضاء 1988 . 

- الحسيني الموسويء العباس (1766-1699م) : نزهة الجليس» و 
الأديب الأنيس . التجف»؛ المطبعة الحيدرية. 1967. 

- الحلبي » فتح الله : رحلة فنتح الله الحليي. تحقيق يوسف شلحد؛ دار 
طالاس» ط1ء سوريا 1991. 

- الحيمي الكوكباني: الحسن (1660م) : سيرة الحبشة؛ أو حديقة النظر 
وبهجة الفكر في عجائب السفر . القاهزة: الهيئة العامة لشؤون المطابع 
الأميرية, 1958. 

ابرع لكات ٠‏ ابراهيم (1672-1628م) : تحفة الأدباء وسلوة 

بغداد؛ طبع مديرية الثقافة العامة بوزارة الثقافة والإعلام 











ا 
- الدرعي » أحمد (1717-1647م) : الرحلة الناصرية. فاش» 1902 (2 
1 
ات 


489 


- زين السابدين» الشيخ محمد ابن علي : رحلة السودان» تونس. بيت 
الحكمة:؛ قرطاجء ط1ء 1993 [نقلها إلى العربية عبد الله 
معاوية]. 

- عبد الله أبو العباس (161,3-1560) : في بلاد الحجاز وجزيرة 
“العرب. القاهرة» 1919. 

- العبدري: محمد (1300م) : رحلة العبدري المسماة الرحلة المغربية . 
الرباطء جامعة محمد الخامس» سلسلة الرحلات 4: حجازية ل» 
1968 

- العطيفي؛ رمضان (1684-1610م) : رحلة من دمسشق الشسام إلى 
طرابلس. بيروت» 1979. 

- العسياشيء أب و سالم (1679-1627م) : ماء الموائد ؛ أو الرحلة 
العياشية . (في جزأين) مطبوعات دار المغرب للتأليف والترجمة والنشر 
(سلسلة الرحلات 1) ط2» مصورة بالاوفسيط» فهرسها محمد حجيء 
الرباط 1977. 

- العزال الحميري» أحمد (1777م) : ننيجة الإجتهاد في المهادنة 
والجهاد. بيروت؛ دار الغرب الإسلامي 1980 . 

- القلصاديء علي (1486-1412) : تمهيد الطالب ؛ أو رحلة 
القلصادي» تونسء الشركة التونسية» 1978 . 

- القيسي» أبو عبد الله محمد (ق17م) : أنس الساري والسارب من أقطار 
المغارب إلى منتهى الآمال والمآرب سيد الأعاجم والأعارب (1630- 
3"). حققه وقدم له محمد الفاسي» المركز الجامعي للبحث 
العلمي . سلسلة الرحلات 5» حجازية 2؛ فاس 1968 . 

- المدني» ابن معسصوم (ق11ه) : رحلة ابن معصوم المدني أو سلوة 
الغريب وسلوة الأريب. تحقيق شاكر هادي عالم الكتب» مكتبة 
النهضة العربية» بيروت 1988. 








490 


- المعري» أبو العلاء : رسالة الغفران» بيروت الشزكة اللبنانية للكتاب. 
(د.ت) [نحقيق وتقديم فوزي عطوى]. 

- المقدسي» شمس الدين : أحسن التقاسم في معرفة الأقالينم [تحقيق دي 
جوجي . مطبعة بريل» ليدن؛ ط2» 1909] التاشر مكتبة مدبولي» 
القاهرةء ط3ء 1991 . 

- النابلسي» عبد الغني : الحقيقة والمجاز في رحلة بلاد الشام ومصر 
والحجاز. دمشق» سورياء دار المعرفة» ط1ء 1989 [تحقيق رياض 
عبد الحميد مراد]. 

- الهروي؛ علي (1215م) : الإشارات إلى معرفة الزيارات؛ دمشق» 
المعهد الفرنسي بدمشق للدراسات العربية. 1953. [عنيت بنشره : 
جانين سورديل طومين]. 

- الورئيلاني» الحسين (1779-1713) : نزهة الأنظار في فضل علم 
التاريخ والأخبارء أو الرحلة الورثيلانية» ييروت» ط1974-2. 

2-5- ملحق بأهم الرحلات العربية خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن 
العشرين : 

- ابراهيم رفعت (1935-1857م) : مرآة الحرمين. مطبعة دار الكتب 
المصرية» القاهرة (1344ه). 

- ابراهيم» عبده : السندباد العربي في الكويت» مؤسسة سجل العرب 
القاهرة» (1965م) : 

- أبوبكر» سعسيد التونسي (ت 1948م) : دليل الأندلسء أو 
الأندلس كأنك تراها (في رحلته إلى اشييلية وقرطية عام 1929) تونس 
3 

- أبو الجمال» الفاسي : الرحلة الإبريزية إلى الديار الإنجليزية؛ مطبعة 
جامعة محمد المخامس» فاس» 1967. 

-ابن عشمان»ء محمد السنوسي : الإستطلاعات الباريسية؛ تونس» 
91 








491 





- أبو الفتوح» علي (ت 1913م) : ية» سياحة مصري في أورويا سنة 
0 القاهرة 1900 . 
- بن محمدء محمد الميارك : بهجة الرائح والغادي في أحاسن محاسن 
٠‏ الوادي. بيروت 1895 
- أبو الفتح» أحمد: شهر في نيويورك؛ مطابع جريدة المصريء القاهرة 
1952 
- أبي فاضل» وديع : دليل لبنان» بيروت 1909 . 
- أبو نظارة» يعقوب صنوع (1912-1839) : محامد الفرنسيس ووصف 
باريس» 1890. 

* رحلة أبي نظارة إلى القسطنطينية شن 1891 7 

* كتاب الكواكب السيارة في ترجمة حال السائح أبو نظارة (في رحلته 
إلى باريس والقسطتطينية ولندن وبروكسيل وامسستردام وسويسراء 
القاهرة 1896 . 

* البدايع المعرضية بباريس البهية 1899. 
- أحمد؛ حسين : مشاهداتي في جزيرة العرب؛ مطبعة مصرء'القاهرة 
0 

* من وحي الجنوب: دار المعارف» القاهرة 1958 . 
- أحمد؛ حسين شرف الدين : رحلة إلى المغرب العربي» دار الثقافة؛ 
القاهرة 1977. 
- أحمد زكي : الدنيا في باريس أو أيامي الثالثة في أورباء القاهرة 1900 . 

* السفر إلى المؤتمرء المطبعة الكبرى القاهرة» 1894 . 
- أحمد شفيق : مذكرات عن زيارة الى دير طورسيناء وطواف بالسيارة في 
'صحراء شبه جزيرة سيناءء المطبعة الأميرية؛ القاهرة 1927 . 

* مذكرات عن واحات مصر والصحراء الغربية . المطبعة الأميرية» 
القاهرة 1929 . 











492 


- أحمدء الصاوي محمد : باريسء مطبعة دار الكتب المصرية» القاهرة 
13م 
- أحمدء عبد المجيد : سندباد دبلوماسي» دار المعارف» سلسلة اقرأء عدد 
6 القاهرة 1973 1 
- أحمد ممطية الله : برلين. مطبعة البابي الحلبي» القاهرة. 1936 . 
* على الدانوب. مكتبة الأنجلو المصرية؛ القاء 
* لندن. مطبعة عيسى بابي الحلبي» القاهرة 1934. 
* يوم في أوربا مكتبة الأنجلو مصرية» القاهرة 1937 
- أحمد فريد رفاعي : رحلتي إلى اليمن السعيدة؛ مطبعة محمد علي 
صبيح» القاهرة 1950 . 
رحلة إلى بلاد العرب؛ طبع قسم تربية الحيوانات 
القاهرة 1938 
ن : في صحراء ليبياء القاهرة 1926-1924 (2ج). 
- أحمدء معوض أحمد : لبنان» القاهرة 1952 . 
- أرسلانء شكيب : الحلل السندسية في الرحلة الأندلسية. 
* الإ رتسامات اللطائف في خاطر الحاج إلى أقدس مطاف ؛ أو الرحلة 
الحجازية» مطبعة المنارء القاهرة 1350ه. 
- الألوسيء شهاب الدين (1270-1217) : رحلة الشمول في الذهاب إلى 
إسلامبول (1262ه) بغداد 1291ه. 
* غرائب الإغتراب ونزهة الألباب في الذهاب والإقامة والإياب» 
بغدادء مطبعة الشاهين 1317ه.. 
* نشوة المدام في العود إلى مدينة داز السلام؛ بغداد» مطبعة الولاية». 
23 . 
- إلياس إدوار (ت 1948) : مشاهد أوريا وأمريكاء مطبعة المقتطف 
90 
















493 


* مشاهد الممالك» مطبعة المقطمء القاهرة 1910 . 

- أسماء» حليم : 8 أيام في الصعيد» مطبعة الإعتمادء القاهرة 1944 . 

- إسماعيل» سرهنك : حقائق الأخبار عن دول البحارء بؤلاق» القاهرة 
123 

- إسماعيل» صدقي : رسالة البحرء القاهرة 1938 . 

- الأعسمء النجفي : الرحلة الأعسمية في الديار الهندية؛ أو الزهور في 
رامبورء المطبعة الحجازية؛ بومبي» الهندء 1346ه. 

- الأعظمي» الأزهري : الكهف والرقيم في ملخص رحلة المصلح العظيم» 
المطبع الأحمدي؛ عليكرة» الهندء 1912 . 

- الأسود. إبراهيم : الرحلة الإمبراطورية في الممالك العثمانية؛ عبداء 
188 

- إلياس» الغضبان : الرحلة المقدسة؛ دار المعارفء القاهرة 1949 . 

- أماني» فريد : مصرية في ريوع الشامء مطبعة العلوم» القاهرة 1948 . 
* رحلات أخرى. 

- الأسين» حسسن : من بلد إلى بلدء رحلات في الشرق والغرب. دار 
التراث الإسلامي » بيروت 1974 . 

- أميثة السعيد : مشاهدات في الهند» دار المعارف» القاهرة 1946 (سلسلة 
اقرأعدد 45). 

- أمين محمد : رحلة سياسية؛ مطبعة المدارس» 1923. 

- الأندونيسي, أنور عبد القادر : جولتي في أرض الكنانة» دار ممصر 
للطباعة» القاهرة» 1951 

- إلياس؛:ابن صفنا الموصلي : رحلة أول شرقي إلى أمريكاء بيسروت 
06 


- أنطاكي؛ عبد المسيح (ت1917) : رحلة عظمة السلطان حسين في 
رياض البحرين . مطبعة توفيق» القاهرة 1916 . 
* رحلة عظمة السلطان حسين كامل في وادي النيل» مطبعة توفيق» 
القاهرة 1917 














494 


* الرياض المزهرة بين الكويت والمحمرة؛ مطبعة العرب» القاهرة 
25 . 
- أنيس» منصور : حول العالم في 200 يوم دار المعارف» ظ9؛ القاهرة 
174 : 
- الباجوري» محمد عمر (ت 1905) : الديار البهية في الرحلة الأوروباوية 
(1889) القاهرة مطبعة مصطفى محمد 1891م. 
- بأخس» يوسف حبيب (ت1882) : عشرون يوما في روما. 
- باشرى» عبد الرحمن : مذكرات رحالة ورحلة بالأريترياء مطبعة 
عبأس» القاهرة 1936 . 
- الببلاوي» محمود علي محمد : الرحلة الحجازية: القاهرة 1328 ه.. 
* رحلة الصي ف إلى أورياء مطبعة اللواء» القاهرة 1901 . 
ني» محمد لبيب (ت 1938) : رحلة الصيف إلى أورويا (1900): 
القاهرة 1901. 
* الرحلة الحسجنازية لولي النعم عباس حلمي باشا خديوي مصر 
(1910) القاهرة 1911 . 
٠‏ * رحلة الأندلس (1926) القاهرة 01927 
* الرحلة إلى أمريكاء مكتبة الخانجي» القاهرة 1930 . 
- البدريء أبوالب البقناء عبد الله : نزهة الأثام في محاسن الشام؛ دار الرائد. 
العربي» بيروت طلء 1951 
- بدوي» مصطفى بهجت : رحلات جادة مرحة؛ مطابع شركة الإعلانات 
الشرقية» بيروت 1972. 
- بركات» داود : رحلاته إلى نشورية ولبنان» الأهرام 1932: 1933 و 
1934 
' - البركاتي» شرف عبد المحسن : الرحلة اليمائية» مطبعة السعادة» مصر 
' 1912. 








495 


- البرنوصي» محمد علي باشا : رسائل مصرية فرنسية» القاهرة 1910 . 
* الرحلة اليابانية» القاهرة 1910 . 

- البستاني» نجيب بن بطرس (1919-1862) : ذكرى ومشاهدات فئ 
الآستانة (1903) القاهرة 1904 . 

- باشاء علي محمد : الرحلة الأمريكية» القاهرة 1913 . 

- البستاني» يوسف توما : الرحلة السورية في الحرب العمومية . 

- بسترس» سليُم موسى (ت1883) + التزمة ألشهية في الرحلة السليميةة 
بيروت 1856 . 
- بقطرء أمير في أمريكاء المطبعة العصرية» القاهرة 1926 . 

- البكري؛ محمد توفيق (ت1933) : صهاريج اللؤلؤ (في رحلته عام 
6 إلى القسطنطينية وقيينا وباريس) القاهرة 1907 الطبعة الثائية 
927 

- بنت بطوطة : المغامرات البحريةء مطبعة الإعتمادء القاهرة 1951. 

بنت الشاطئ (عائشة عبد الرحمن) : رحلاتها إلى إسبانيا وأورونا 

(نشرت في الأهرام) . 

















- بهاء الدين» أحمد : شهر في روسياء القاهرة؛ دار النديم . 1955 . 
-باي؛ فريد محمد : من مصر إلى مصرء القاهرة 1902,(رحلة إلى 
إيطاليا) . 
* محكي رحلة عربي (بالفرنسية) سان بتروسيورغ 1902 (رحلة إلنى 
روسيا. 





اثيل : غرائب الأخبار عن شرق إفريقيا وزنجبار» مطبعة 
نء القاهرة 1910 

التونسي» أبو بكر سعيد : دليل الأندلس» تونس 1932 . 

- التونسي» خمير الدين : أقوم المسالك في معرفة الممالك. تونس» 
187 











496 


- التونسي» علي الورداني : الرحلة الأندلسية؛ نشرت في *الحاضرة" 
التونسية» اعداد متفرقة من 3 إلى 103 

* رحلته إلى تركيا وإسبانيا وفرنسا سنة 1887. 
- التونسي » محمد بن عمر (1857 يذ الأذهان في سيرة بلاد العرب 
والسودان؛ المؤسسة المصرية العامة» القاهرة 1965 . 
- التونسي» محمد بيرم : السيد ومراته في باريس؛ المطبعة المصرية 
الحديثة »' القاهرة . 
- الونسي» نور الدين بن عبد الكريم : الرحلة المذينية في سبيل إحياء 
الجامعة الإسلامية (تتضمن رحلة الأمير سعيد الجزائري إلى المديئة 
المنورة سنة 1332ه) دمشق 1332ه. 
-تيمور» محمد (ت 1921م) : ماتراه العيون (مذكراته في ليون 1918) 
القاهرةء ط2 1927. 
- ثابت محمد : جولة في ربوع العالم الإسلامي (1926) مكتبة النهضة. 
المصرية القاهرة 1939 . 

* رحلاتي في مشارق الأرض ومغاربهاء دار الفكر العربي: القاهرة. 
46 

* جولة في ربوع آسيا (نين مصر واليابان) مطبعة لجنة التأليف 
والترجمة والنشر» القاهرة؛ ط2, 1936. 

* جولة في ربوع إفريقية بين مصر ورأس الرجاء الصالح؛ مطبعة لجنة 
التأليف والترجمة والنشر القاهرة» 1936-2. 

* جولة في ربوع الشرق الأدنى بين مصر وأفغانستان» مكتبة النهضة 
المصرية».القاهرة» 2  .1936‏ . 

© جسولة في ريوع أوربايين مصر وإيسلتداء طبعة لجة العأليف 
والترجمة والنشزء القاهرة؛ ط2 1936. 

*جولة في ربوع الشرق الأدني» العالم كمارأيته مكتبة النهفة 
المصرية» القاهرة؛ ط2, 1952. 
- ثيودري» قسطنطين : بين مصر وفلسطين: مطبعة بيت المقدس 1928 . 

















457 
م01 الرحلة فى الأدب العرين 


- جاماتي؛ حبيب أغرب مارأيت» الدار الققومية للطباعة والنشرء 
القاهرةء 1962 . 

- الجرجاؤي؛ أحمد : الرحلة اليابانية. القاهرة» مطبعة جريدة الشورى» 
15م 

' - جريديني» سامي : أحسن ماكتبت» فصل : من وحي شاموني ٠‏ 
* خمسة في سيارة» مطبعة المقتطف والمقطمء القاهرة 1930 . 

- الجمال» علي حمدي : العملاق الأصغرء المطبعة العالمية؛ القاهرة 
1956 

- جصيل» خخانكي : مشاهدات سائح في دول الشمالء مكتبة الأنجلو 
المصرية» القاهرة 1938 (اسبانيا). 

- جلال؛ عشمان المصري (1898-1822) : السياحة الخديوية في الأقاليم 
البحرية» المطبعة الأميرية: بولاق 1880 
- الجندي» نجيب حسين (ولد 1300ه) : 
رحلة نجيب؛ مطبعة الهداية» القاهرة 1911 . 

- جورج» عزيز : أمريكا بيت جحا : دار المعارف» القاهرة 1955 . 

جوزيف» رعد : العالم بين يديك؛ دار الكتاب اللبناني» بيروت 1974 . 

- جموليان» الأب ميخائيل اليسوعي : سياحة حديثة في بلاد الصعيد 
السفلي. بيروت 1884 . 

- جيد» رياض : دليل الأسفارء أو مرشد الشرقي في دول أورويا. المطبعة 
المصريةء ط2» القاهرة 1928 . 

- حافظ محمد (ت 1916) : فثرة من الزمان في السياحة ببلاد اليونان» 
القاهرة 1906 

- الحايك؛ إسكندر يوسف : رحلة في البادية» الطبعة الأول 1936 . 

بفيق (الصحافي العجوز) (ت1941) : رحلة صيف الى تركيا 

. والبوناث ويوغوسلائا ييا مطبعة الهلال» القاهرة 1933 











أوروبا العجيب وملخص 











- حبيبء اتوة 





498 


* رحلة الصحافي العجوزء صيف 1935» القاهرة 1935 

* شهران في لبنان وبلاد اليونان وطرابلس الغرب» مطبعة الأمالة» ' 
القاهرة 1938 

* رحلة إكسبريس بين الإسكندرية وإستاميول مع المسترأتول. 
- الحجي » يوسف : رحلة العزيز. طبع في إسيانيا 1984. 
- الحرائري» سليمان (ت1870 أرض البضائع العام (زيارته لباريس 
عام 1867)» باريس 1867 
- حسن» فريد : سحر أمريكاء المطبعة العصرية» القاهرة 1945 . 
- حسن» محمد جوهر : حياة الناس في البلاد الأخرى؛ مطبعة الشعب» 
القاهرة (د. ت). 

* في ربوع السودان وفي ربوع أخرى؛ مكتبة نهضة مصر»ء القاهرة 
50 . 





- حسني , عبد الحميد : الزعيم في الصعيد؛ مطبعة النهضة؛ القاهرة 
35 . 

- حسنئ » عطا باشا : النهضة الشرقية (في رحلته إلى القسطنطينية عام 
906]) القاهرة 1906 . 

- الحسني» عبد الرزاق, : رحلة في العراق أو مخاطرات الحسني» المطبعة 
العصرية» بغداد 1343ه. 

أحمد (ت1946) في صحراء ليبا (سنة 1923) مطبعة مصر 





حسلين 
26 
- حسين؛ القباني : حول العالم على كرسي متحرك» عكاظ للنشر 

والتوزيع» الرياض 1981 . 
- حسين» اليماني : رحلة سمو الأمير سيف الإسلام ولي عهد اليمن أحمد 





بن أمير المؤمنين في أنحاء اليمن» مطبعة أنصار السئة المحمدية؛ 
القاهرة 1358ه. 


رحلة الباخرة المصرية مباحث إلى المحيط الهندي؛ 





* سنذباد إلى الغرب» دار المغارف» القاهرة 1950 
* ستدباد في سيارة» دار الهلال» القاهرة 1972 . 
- حسين» مؤنس : رحلة الأندلس» حديث الفردوس المفقودء مطابع 
كوستاتوماس» القاهرة 1963 . 
- حسونة» محمد أمين : وراء البحار» مطبعة الشمسء القاهرة 1936 . 
الحقيل» عبد الله بن حمد : رحلاث وذكريات» مطبوعات تهامة؛ جدة» 
3 
- الحكيم» عبد المؤمن كامل (ت 1925) : رحلة مصري إلى فلسطين 
.ولبنان وسورية (سنة 1933) المطبعة السلفية» القاهرة 1934 . 
- الحلبي؛ محمود خير الدين : عشر سنوات حول العالم؛ مطبعة ابن 
زيدون» دمشق 1937. 
- حلميء مراة: رأيت وسمعت لك في أوروباء دار النشر للجامعات» 
القاهرة 1955 
* رأيت وسمعت لك في فلورنساء دار النشر للجامعات» القاهرة 
5 
*رأيت وسمعت لك في النمساء دار النشر للجامعات؛ القاهرة 
5 
-حلمي» عبد الحليم بن اسماصيل : الرحلة السلطانية (2مج)؛ مصر 
21 
- حمد؛ الجاسر : رحلات» دار اليمامة: الرياض 1980 . 
امد وزهران» مطبعة المثتى» بيروث 1971. 
* في شمال غرب الجزيرة» مطبعة المثنى» بيروت 1970 . 
- جما عياس متولي : مشاهدتي في الحجاز؛ مطبعة الإستقلا ٠.‏ 














- حمزة» فؤاد (ت1951) : البلاد العربية السعوديةء مطبعة أم القرى» مكة 
93 


500 


* قلب جزيرة العرب» القاهرة 1933 
* في بلاد عسير. مكتبة النصر | الرياضء ط2, 1968 
- حناء نخباز (ت 1955) : حول الكرة الأرضية» سانتياغو 1922 .. 
* لطائف أخباري في متاحف أسفاري. حمص 1923. 
* البرج القديم أو خبليا أخباري في زوايا أسفاري . . حخمصء 1923. 


- حورية» جلال : السندباد العربي في البحرين؛ مؤسسة سجل العرب» 
القاهرة, 1974 


- الخالدي» محمد روحي (ت 1913) : رحلة إلى الأندلس (مخطوطة). 


ري (ت1934) : سفر السفر إلى معرض الحضر (1889) 
المقتطف» 1891 


-خلاطء» نسيم (ت1901) سياحة غربي أورويا (1900) القاهرة» 
مطبعة المقتطف 1901 . 


: الرحلة السيناية في الدار اش اميهة (1901) ملبعسة 
1001 











- الخوجة. شحمد بن (ت1862) : الرحلة الناصرية (رحلة باي تونس 
الناصر إلى فرنسا عام 1895) تونس 1895 

* الرحلة الفليارية في الديار التونسية؛ المطبعة الرسمية العربية؛ توبس 
12 

<أعريري: علوي الرحلة السونة في الحو امبومية (1916)» تكب 
العرب» القا. 

- الخيار» محمد ري ترنس 1895. 

- درية» شفيق : رحلتي دول العالم. دار بنت النيل» القاهرة 956!. 

- الدسوقي؛ محمد : رياض المديئة في الحضارة الإسلامية. المطبعة 
اليرسفية طنطا 1934. 

- الدمرداش» محمد : من سير الرحلات. المطبعة الأميرية؛ القاهرية 
1944 . 

- الدهان» سامي (ت1971) : درب الشوك؛ دار صادرء بيروت 1969 





501 


- الديواني» مصطفى : رحلات العمر. دار النهضة العربية» القاهرة 
169 . 

- رشادء محمد : سياحة في روسيا (1915)» القاهرة 1915 . 
* رسائل مصري من أوروياء الأهرام» فبراير 1932 

-رضاء محمد رشيد (ت 1935) جمعها يوسف أبيش تحت عنوان : 
«#رحلات الإمام رشيد رضاء وهي ست رحلات ما بين 1909 و 1922 
المؤسسة العربية للدراسات والنشرء يوت 1971. 

- رضاء محبي الدين : رحلتي الى الحجاز قي عام 1935 . مطبعة المنار» 


القاهرة 1936 
* صور ومشاهدات من الحجاز, المطبعة التجارية الحديثة؛ القاهرة 
3 
* في موطن جبران ليل جبران؛ صور ومشاهدات من ماضي لبنان. 





وحاضره. المطبعة التجارية» القاهرة 1951 . 
- رضعت؛ الجوهري : أسرار من الصحراء الغربية : نواح مجهولة من 
اليلاد المصرية؛ دار المعارف» القاهرة 1947 . 
* جنة الصحراء : سيوه أو واحة أمونء دار المعارف» القاهرة 1946 . 
- الرويشد؛ عبد الله : أيام في تونس» طبع رابطة الأدب الحديث القاهرة 
(دءت). 


- الريحائي» أمين (ت 1940) : المغرب الأقصىء دار المعارف» القاهرة 








في جبالناء القاهرة 1948 . 
* ملوك العرب ؛ أو زحلة في البلاد العربية» بيروت 1934 . 

- الزرقاني» اعمتقاد أمين : السندباد العربي في المغرب» مؤسسة سجل 
العرب» القاهرة 1974. 

أيت وماسمعت (1923)) المطبعة العربية» 





502 


* عامان في عمان (1925) يوسف توما البستاتي 1925. 
- زكرياء أحمد وصفي : جولة أثرية في بعض البلاد الشامية» المطبعة 
الحديثة» دمشقء 1934. 
-الزعيمء بحمد سعيد : رحلة إلى الشمال الإفريقي ووقفة على أطلال 
الأندلس» حلب 1958 . 
- الزيائي» أبو القاسم (ت 1833) الترجمانة الكبرى في أخبار المعمور برا 
وبحراء مطبعة فضالة» المحمدية 1967. 
- سامي؛ عبد الرحمن (ت 1309ه) : سفر السلام في بلاد الشام (1890). 
مطبعة المقتطفء القاهرة 1892 . 
- سامي الكيالي : سائح في أوروباء القاهرة 1935 . 
- سركيس» خليل (1915-1842) : رحلة مدير اللسان إلى الأستانة 
وأوروبا وأمريكا (1892) القاهرة 1893. 
* رحلة الإسبراطور غليوم الشاني إلى فلسعطين وسورية (1898) 

بيروت» المطبعة الأدبية. 

- سركيس» يوسف (1856. -1932) : دلي الأمين للسياحة البهية في 
الأقطار المقدسة الشامية» بولاق 1291ه. 

* الكنز المخبأ للسياحة في أورويا. القاهرة 1876 . 

* أنفس الآثار في أشهر الأمصار (1902). » المطبعة الشرقية؛ بيروت 
104 . 

- سعادة» سجعان : الدليل المغيد على العالم الجديد: لمن يريد السفر 
إليه. لبنان 1896 . 
- سعودي؛ محمد : ملخص عن رحلة محمد سعودي إلى بلاد الحجاز 
وجزيرة العرب (1916) القاهرة 1919 . 
- سعيدء أمين محمد : رحلات إلى العراق» مجلة البلاغ» نوثير 1933 . 
- سكسك» حنا (ت 1895) : رحلة الى دمشق» 1851 . 








503 





- السلاويء أبو عبد الله (ت 1860) والشرقي أبو عبد الله : يحكيان 
إقامتهما كسفيرين عند نابليون الثالث 1865 في كتاب «الإستقصاء 
للناصريء القاهرة 1894 . 

ليم؛ محمد شريف (ت1925) رحلة إلى اوروبا (من 1898 الى 

0 ؛» نظارة المعارفء القاهرة 1890 

- سليم؛ موسى : التزهة الشامية في الرحلة السلافية» بيروت 1856 . 

- سليمان» الحكيم : مشاهدتي في الخارج. شبين الكوم؛ مطبعة مؤسسة 
اتربية البنين. 1950 . 

- سليمان؛ محمذ(ت 1936) : رسائل سائر من بلاد العرب إلى بلاد 
اليونان» المطبعة السلفية» القاهرة 1933 . 

-سليمان؛ محمدبن (ت 1899) : الرحلة الحجازية:» الإسكندرية 
7ه 

- السمعاني» بؤلس عيد 








: السياحة المنصورية في الأمصار الغربية؛ مطبعة 


- السنوسي» ابو عبد الله : رحلة سفارة إلى نابليون» القاهرة 1894 . 
- السئوسي» محمد (ت 1900) : الإستطلاعات الباريسية؛ تونس 
82 
- سومرء عبد الرحمن : الرحلة الباريسية (1932). تونس 1933. 
- سيام» سليمان بن : كتاب الرحلة إلى بلاد فرنسا (1852) الجزائر 
2 
- السيد: فرج : في ربوع السودان؛ مطبعة مخيمرء القاهرة. 1969. 
* في شمال إفريقياء مطبعة المعارف» القاهرة 1944 . 
- شاكرء فؤاد : رحلة الربيع» دار إحياء الكتب العربية» مصر 1946 . 
- الشدياق» أحمد فارس (ت1887) : كشف المخبأ عن فنون أورياء 
مطبعة الجوائب» الأستائة 1299ه. 








504 


* الواسطة في أحوال مالطة؛ مطبعة الجوائب؛ الآستانة» 1299ه.. 
- شرف» عبد المحسن : الرحلة اليمانية» مصر مطبعة السعادة» 1912 . 
- الشرماني؛ أحمد محمد : الجناح المحلق في سماء الشرق (ج1) الطباعة 
المنيرية» القاهرة 1950» (ج2) مطبعة السعادة؛ القاهرة 1951. 
- شفيق » صبري : بين البحر والصحراء؛ دار'المعارف» القاهرة 1946. 

* أمير سوري في إيطالياء مطبعة الإستقامة القاهرة 1934 . 
م » الأموي : ققصة رحلة إلى الشرق الأقنصىء الدار السعودية 
107 

* مفاتن» الصحراء؛ دار الفكر العربي» القاهرة 1955 
- شكري؛ ناعمة : دليل الإستانة . الاسكندرية 1909. 
نيطي» ابن التلاميذ (ت 1906) : الحماسة السنية الكاملة؛ المزية 
الرحلة العلمية الشتقيطية التركزية» القاهرة 1901 . 
الشنقيطي؛ محمد الأمين (ت 1973) : رحلة الحج إلى بيت الله الحرام؛ 
دار الشروق» جدة 1973 . ١‏ 
- الشهابي» المخزومي محمد سليم : الرحلة الحجازية؛ المطبعة 
جارية؛ الإسكندرية؛ 1317ه. 
- شوقي؛ أحمد (ت1932) : أعمالي في المؤتمر (1895-1894) بولاق. 
895 

* الرحلة الأندلسية (1919-1915) في الشوقيات 2 : 52 - 60 الطبعة 
الثالثة» القاهرة 1929 
- صابنجي؛ لويس (ت1931) : الرحلة النحلية (رحلته حول العالم سنة 
1 دامت ثلاث سئوات) اسطنيول (د. ت). 
-صادق» محمد باشا(ت 1902) : مشعل المحمل؛ مطعبة وادي الثيل 
القاهرة 1881 

* كوكب الحج في سفر المحم ل بحرا وسيره برا (1885) بولاق 
886 
* دليل الحج للوارد إلى مكة من كل فجء بولاق 1885. 
















505 


بذة سياحية إلى الآستانة ألعلمية» القاهرة 1309ه. 

استكشاف طريق الأرض الحجازية من الوجه وينبوع البحر الى 
المدينة التبويةء القاهرة 1877 . 

- صالح. ن لة (ت 1899) : الدليل الأمين للسياحة البهية في الأقطار 
المقدسة الشامية (1874) بولاق 1291ه. 

- صباغ» قيصر : رحلة قيصر أفندي صبا: ريتته نجلة مطران صباغ إلى 
الولايات المتحدة الأمريكية وسورية ولبنان» بيروت 1911 . 

- صبري» حسني : يانفس لاتراعي؛ دار الكاتب العسربي» القاهرة 
1968 

- صدقي» اسماعيل (ت 1950) : رسالة البحر . القاهرة 1938 . 

- صروف: فبؤاد (ت1927) : الرواد»ء مطبعة المقتطف» ط3» القاهرة 
1 . 

* مشاهد العالم الجديد» المطبعة العربية . القاهرة» 1925 . 

- صلاحء البكري : في جنوب الجزيرة العربية» مكتبة مصطفى البابي 
الحلبي» القاهرة 1949 . 

- صلاح» ذهني : صور من أوروياء مكتبة الآداب» / لقاهرة 1949 . 

- صلاحء عزام.: 8 أيام في المملكة العربية السعودية؛ دار التراث العربي» 
القاهرة (د.ت). 

- الطنطاوي» محمد عياد (ت1861) : تحفة الأذكياء بأخبار بلاد روسيا 
(1850): مخطوطة في القسطنطينية 1850 

- طيارء الدكتور : لبناث» أمس واليوم (رحاته سنة 1930): المطبعة 
الفنية» القاهرة 1930 . 

- طاهرء الزمخشري : المهرجان ؛ أو ذكرى الرحلة الفيصلية الأولى 
للدنيا الجديدة» مطبعة عيسى البابي الحلبي» القاهرة 1945 . 

- طلعت؛ محمد : السير والنظرء مطبعة التقدم. 1907 









506 


- طهء حسين : رخلة الربيع والصيف» دار المعارف» سلسلة (اق رأ 69)» 
القاهرة 1948 . 

- الطهطاوي» رفاعة راقع (ت 1873) : تخليص الإبريز في تلخيص 
باريز ؛ أو الديوان النسيس بإيوان باريس. مطبعة التقدمء القاهرة 
05 

- عباس» متولي حمادة : مشاهدتي في الحجاز مطبعة المستقبل» 
القاهرة» 1937 . 

- عبد الرحمنء حمدي : ذكريات دبلوماسي غير مدونة» دار المعارف» 
القاهرة» 1977. 

- عبد الرحسان؛ سامي : القسو ل الحق في بيسروت ودسشقء دار الرائد 
العربي» بيروت» 1981 

- عبد السلام» محمد : دليل الحيران؛ مصرء مطبعة الامامء 1903 

- عبد السلام؛ العجيلي : دعوة إلى السفر؛ دار عويدات؛ بيروت 1963 . 
- عبد القادرء حمزة : ليلتان في اليمنء دار البلاغ» القاهرة. 1948. 

- عبد الكريم» الجهيمان : دورة مع الشمسء مطابع الفرزدق: الرياض 
(دءت). 

- عبد اللطيف؛ اسماعيل (ت1921) : رحلة إسماصيل في جميع 
المحافظات وعواصم المديريات: مطبعة هندية في القاهرة 1346ه.. 








- عبد اللطيف» واكد : مريوط جنة الصحاري الإفريقية مطبعة المقتطف» 
القاهرة 1947 . 

- عبد الله؛ بيد : سوداني في الصين الشعبية دار الفكرء القاهرة» 
956 

- عبد المسيح: ابراهيم : دليل وادي النيل (رحلته مايين 1892-1891 
القاهرة 1892 . 

- عبد المسيحء الأنطاكي : رحلة السلطان حسن في رياض البحرين» 
مطبعة التوفيق» القاهرة 1916 . 


57 


* الرياض المز 
القاهرة. 1325ه. 
- عبد المنصف» محمود : على ضفاف بحيرة الرننة ائر 1841 


بين الكويت والمحمرة» مطبعة العرب. ط2» 







اف بحيرة 0947 

- عبد المنعم» حسين : مغامراتي في أوروبا المحتلة. 
ط2» القاهرة 1944 . 

- عبد المنعم؛ رياض : من فوق السحاب» مطبعة أبو فاضل» القاهرة 
51 

- عبد المنعم: الصاوي : في الصين» دار الجمهوزية» القاهرة 1956 . 

- عيد الوهابء أبو العيود : مشاهدت سائح في الممالك الأوروبية» 





دار الكتب الأهلية» 






- عبد الوهاب. خضير : مشاهداتي في بلاد الحجاز: 1930 . 

- عبد الوهاب» عزام : رحلا . مطبعة الرسالة» القاهرة 1939 . 

- عبده؛ ابراهيم : في السودان. مطبعة مجلتي» 'القاهرة 1938 . 

-عيده؛ الشيخ محمد (ت 1905 : رحلة إلى أورويا وجنزيرة صقلية 
وتونس والجزائر سنة 1902 لم ينشر منها إلا ما كتبه عن رحلته إلى 
:تاريخ الأستاذ الإمام الشيخ محمد رشيد رضاء 2 : 473- 
4. القاهرة 1925. 

- عيده» الشامي. : رحلة الصيف في ربوع أوروباء مطبعة جريدة الصباح» 
القاهرة, 1955. 

- العبودي» محمد بن ناصر : رحلة إلى جزر مالديف» دار العلوم» ' 
القاهرة,' 1981 

- العدل» حسن توفيق (ت 1904) : الرحلة البرلينية؛ القاهرة (1887- 
89). 











508 


* وسائل البشرى في السياحة بألمانيا وسويسرا سنة 1889» بولاق 
11 
* محاسن العصرء القاهرة 1327ه. 
- عدنان» حسني تللو : حول العالم على دراجة نارية؛ مطبعة الإتحاد؛ 
دمشق (ط7)(د.ت). 
- عرفي» محمد بن عثمان : الانصار عن فوائد الأسفار (رحلة إلى أوروبا 
سنة 1893): مطبعة الرأي العام» القاهرة 11 13ه. 
- عزمي» سنية : الرحلة الملمية أناظرات المدارس العلمية إلى أورويا مي 
'صيف 1928 » المطبعة || القاهرة 1927 . 
- عزمي» محمود(ت 1954) : رحلات إلى سورية ولبنان. السياسة 
الأسبوعية 1933؛ رحلات إلى العراق. 
- عطية» الله أحمد : لندن عام 1934 . القاهرة 1934 
.* برلين. القاهرة مطبعة عيسى البابي الحلبي 1936 . 
* على الدانوب. القاهرة» مكتبة الأنجلو المصرية 1939 . 
* يوم في أورويا .١‏ القاهرة» مكتبة الأنجلو المصرية 1937. 
- العظم» نزيه مؤيد البلاد العربية السعيدة من مصر الى 
صنعاءء مطبعة البابي الحلبي» القاهرة 1930 . 
- علي: الأمير محمد (ت 1955) : رحلة الصيف إلى البسنك والهرسك؛ 
القاهرة 1907 . 
* الرحلة الأمريكية لحضرة صاحب السمو الأمير محمد علي باشاء 
نقحها عثمان باشا مرتضى . المطبعة الأميرية» بولاق 1913 . 
+ع عقر سلف لسر لاتير عمد علي ل جرب متكا 
مطبعة شركة مصر. القاهرة 8 
- علي الطنطاؤي للم نيد كذ الأصالة»الرياض 18983 
- علي؛ يوسف : أيام الجناب الخديوي عمياس الثاني في دار السعادة. 
مطبعة الآدابء القاهرة 1311ه. 

















509 


- عمر» عبد الرحمن : الرحلة الباريزية: تونس 1932. 

- العمروسي؛ أحمد فهيم : رحلته إلى مراكش (1922) مجلة الرابطة 

الشرقية 1930. 

- العوامري» محمد حقي : الرحلة الأسطنبولية في وصف الأستانة العلية 

(1912) الإسكندرية 1912 (زجل). 

- عميسىء الناعوري : في ربوع الأندلسء الدار العربية للكاتب» توس 

8 

-غسان؛ محمد : رحلة إلى إسبانيا. طنجة 1940 

بن المهدي : رحلة إلى إسبانياء العرائش 1941 . 

- الغال» أبو علي : رحلة لانكلترة» الخزانة العامة الرباط 1324 . 

- غربال» شفيق : أمي ربسوري في ايطالياء مطبعة الإستقامة» القاهرة. 

1934 

- الغ محمد : رحلة الوزير في افتكاك الأسيرء المغرب 1940 . 

- فصن؛ فؤاد : الرحلة العلمية إلى العواصم الشرقية والغربية» بيروت 

1929 

- فارسء: بشر . كيف صدمتني باريس (1934) الهلا ل42 (1934) 

.)462-460( 

- فاروق» جويدة : بلاد السحر:والخيال. مكتبة غريب» القاهرة 1981 . 

- الفتال» خليل (ت 1772) : الرحلة الهنية في محروسة القسطنطينية . 

(مخطوطة). 

- فتح اللهء أنطاكي : الهند كما رأيتهاء مطبعة أبو فاضلء القاهرة 1933 . 

- فتح اللهء حمزة (ت 1918) : المواهب الفتحية في علوم اللغة العربية (في 
فيينا 1886 وإلى استوكهولم 1889) القاهرة 1908-1894 . 

جبران : تعال معي إلى أمريكاء المطبعة التجارية ألحديثة» القاهرة 



















* تعال معي الى أمريكا اللاتينية» المطبعة التجارية الحديثة؛ القاهرة 
54 . 
* رحلات أخرى. 
- فرانسيس» مراش الحلبي (ت 1873) : رحلة إلى باريس» مطبعة 
الشرقية» بيروت 1867. 
بره : سباي رمه إن سيد شنقر1ماز1386) يزيت 
- فريد»ء محمد (ت 1919) : رحلة محمد فريد بك سئة 1901 إلى بلاد 
الأندلس والجزائر ومراكش ؛ وأخرى سنة 1902 إلى إيطاليا وتونس 
والجزائر وطرابلس الغرب ومالطة ؛ والثالثة سنة 1903 إلى تريستاء» 
والرابعة سنة 1904 إلى بلاد الترويج . الإسكندرية؛ مطبعة الموسوعات 
بمصر (دات). 
- فهمي» منصور : خطرات النفس (1930) مطبعة المعارف 1930 
- فهمي» عطا الله : أيامي. ج1ء مطبعة الفكرة» القاهرة 1947 . 
- فؤادء حمزة : في بلاد عسيرء مكتبة النصر الحديثة» الرياض 1968 . 
- فؤاد» شاكر : رحلاتي في ميادين العمل والجهاد؛ دار ا لكتاب العربي» 
القاهرة, 1945. 
* رحلة الربيع» دار احياء الكتب العربية» القاهرة 1946 . 
- فوزي» عبد الرحيم دليل لندرة (لندن) مصر مطبعة الجمالية 1 191. 
٠‏ سلمان بن الحاج : التحفة الإيقاظية في الرحلة الحجازية؛ 
البصرة 1331ه. 
اسمء رؤوف : ماشهنت وصورت» مطبعة البصرة؛ البصرة 











0 
- قاسمء محمد : الطالع السعيد في رحلة الخديوي توفيق إلى أقاليم 
الصعيد المطابع الأميرية بولاق 1927ه. 


51 


* الكوكب الدري في رحلة الخديوي توفيق إلى أقاليم الوجه ابحري 
المطبعة الأميرية» بولاق 1297 ه.. 
- القاضي» أحمد : الرحلة القاضية في مدح فرنسا وتبصير أهل البادية 
(1878) الجزائر 1878 
- القاياني؛ محمد عبد الجواد : نفحة البشام في رحلة الشام؛ مطبعة جريدة 
الإسلام» القاهرةء 1319ه. 
- قبعين» سليم : سياحة في روسيا (1901) القاهرة (د.ت). 
- القنوجي» الحسسيني (ت 1889) رحلة الصديق إلى الببيت العستسيق 
(1285ه) طبع بالهند 1289ه. 
- كامل» زهيري : العالم من ثقب الباب: المؤسسة العربية للدراسات 
والنشرء بيروت 1973. 
- كامل» مصطفى (ت 1908) : رسائل مصرية (تولوز 1891- ثم 
باريس وانجلترة» وألمانيا 1905-1904) القاهرة 1909 . 

* دليل السلام القاهرة 1909 . 
- كاملء عبد المجيد يبلا لفان وله الضف والفحارء ييزوضة 
3 
- كحيل» ن : رحلة إلى معاهد العميان في أوربا (1912) مطبعة 
الأهرامء القاهرة 1912. 
-كرد» علي محمد (1953-1876) : غرائب الغرب (فرنسا) مطبعة 
المقتبس» دمشق 1910. 

* الرحلة الأنوارية إلى الأصقاع الحجارية والشامية بيروت» المطبعة 
العلمية 1916. 
- الكردودي» أبو العباس (ت 1900) : التحفة السنية للحضرة الشريفة 
الحسنيةبالمملكة الإصبنيولية (1885). 
- كركوكي محمد : رحلة مصر والسودان» مطبعة الهلال» القاهرة 1914. 











512 


- كمال» يوسف بن أحمد : سياحتي في بلاد الهند الإنكليزية وكشمير . 
مصرء مطبعة المعارف 1925 . 
- الكيالي» سامي : شهر في أوروبا (1935) المطبعة العصرية؛ القاهرة 
5 

* في الربوع الأندلسية» مكتية الشرق» حلب 1963. 
- الكوراني؛ علي سيدو من عممان إلى العمادية ؛ أو جولة في كرد ستان 
الجنوبية . مطبعة السعادة» القاهرة 1939 . 
- لبيب» سالم : صورء مطبعة نهضة مصرء القاهرة 1957 . 
+النصري» لين قري : إرشاد الخليفة إلى محاسن أوروباء القاهرة 


“اموي فس داو بس بف ميته 








القاهرة 1929 . 
- مسبارك؛ زكي (ت 1952) : ذكريات باريس (من 1927 إلى 1931) 
القاهرة 1931 . 
* وحي بغداد» القاهرة, 1938. 
* ملامح المجتمع العراقي» القاهرة (د.ت). 


- المبارك» محمد (ت 1945) : بهجة الرائح والغادي في أحاسن محاسن 
الوادي (رحلة إلى دمشق عام 308إه) بيروت 1313ه. 

- مبروك» أحمد : رحلة إلى بلاد العربء القاهرة 1938 , 

- مجدي» محمد (ت 1920) : ثمانية عشر يوما بصعيد مصر (1310ه) 
مطبعة الموسوعات 1319ه. 

- (مجهول المؤلف) : السير السليم في يافا والرملة وأورشليم . القدس . 
10 

- محمدء الخضر حسين : الرحلات» المطبعة التعاونية» ييروت » 
6 

- محمد أمين حسونة : وراء البحارء مطبعة الشمسء القاهرة 1936 . 








513 
م1 - الرحلة فى الأذب الزين 


- محمدء أمين فكري : ارشاد الألبا إلى محاسن أوروباء مطبعة المقتطف» 
القاهرة, 1892 3 
- محمدء بيرم التونسي (ت 1889) : صفوة الإعتبار بمستودع الأمصار 
والأقطارء المطبعة الإعلامية» القاهرة 1311-1302ه. 
- محمد» حسين هيكل : عشرة أيام فني السودان» المطبعة العصرية» 
القاهرة 1927 . 

* في منزل الوحي» دار الكتب الحضرية» القاهرة ٠.1937‏ 
- محمدء رفعت : 50 يوما في باريس»ء دار ألكتساب العربي» القاهرة 
1952 . 
- محمودء تيمور : الأيام الماثة ومشاهد أخرى (أربع رحلايت) المكتبة 
العصرية» بيروت (د.ت). 
- المدورء جميل نخلة : حضارة الإسلام في دار السلام» وزارة المعرفة 
العمومية , القاهرة 1937 
- مراد؛ كامل : في بلاد الننجاشي : دار المعارف (سلسلة اقرأ 81) القاهرة 
1949 
- مرزوق» إبراهيم : رحلة السلامة ونحلة الكرامة؛ مصرء 1869 . 
- مرغني : رحلة إلى غرب إفريقيا وانجلتراء القاهرة 1927. 
- مروه؛ محمد نجيب (ت1957) : ثمرات الأسفارء 1935 . 
- مسعدء نزيه : حول العالم» أمريكا بلاد العجائب» إيطاليا الفاشستية» 
لجنة الإخاء, القاهرة  .1936‏ ”7 

* ليالي باريس» مذكرات صحفي عن أسرار باريس وخفاياها. مطبعة 
الإخاء» القاهرة 1934 





- مشيل» سليم يمين : سحر لبنان: دار المعارفء القاهرة 1955 . 
-مصطفى؛ محمد شفيق : في قلب نجد والحجاز. مطبعة المنار 
17 


514 


- المنصوري».عبد الرحمن : رحلة الشتاء الصيف» بغداد؛ مطبعة الآداب 
9ه 

- مهديء محمد : رحلة مصر والسودان» مطبعة الهلال» القاهرة 1914. 

- الموقت» محمد : الرحلة المراكشية أو مرآة المساوئ الوقتية» البابي» 
القاهرة 1341ه. 

- المويلحي» ابراهيم (ت 1906) : ما هنالك» القاهرة 1896 . 

- ميناء موسي در لطت لراري انلخ الدريز 19090 اللاي 
المتوسطة» القاهرة 1902 . 

- الناظرء السيد أحمد : مشاهداتي ثلاث سنوات في روسيا السوقيتية» 
شركة فن الطباعة؛ القاهرة 1953. 

- الناقص» أحمد': آسيا » المطبعة المستقلة» القاهرة 1927 . 
* إفريقيا » المطبعة المستقلة: القاهرة 1928. 

- النجار ابراهيم : مصباح الشاري وناهة القاري (رحلة إلى أورويا سنة 
189) بيروت 1273ه. . 

- نجيب»: أحمد (ت 1958) : الأثر الجليل لقدماء وادي الثيل المطبعة 
الأميرية» بولاق 1312ه. 

- نجيب» فرج : جولة بين آثار الأقصرء المطبعة التوفيقية: القاهرة 
3 

- الندوي» علي : مذكرات سائح في الشرق العربي: مطبعة الرسالة, 
القاهرة 1954 . 

* من نهر كابل إلى نهر البرموك؛ دار الهلال» القأهرة 1974 

- نصر الله عزيز : الرحلة العراقية (1926) مطبعة التقدمء القاهرة 
27 

- الهاشمي؛ الشيخ غريب بن عجيب (ت 1892)؛ سياحتي إلى الحجاز 
سنة 1309هء القاهرة 1915م. 


55 


- هيامء سليمان :كتاب الرحلة إلى بلاد فرنساء الجزائر 1852 . 

- واصف؛ عوض : سياحة في القطر المصريء مطبعة مصرء القاهرة 
06 

- الورتداني» محمد مقداد : البرنس في باريس (وهي رحلة من الفيروان 
إلى فرنسا وسويسرا عام 1913): تونس 1914 . 

- الوليلي . ابراهيم : ماراء حزان أصوان؛ أو بلاد النوبة» مطبعة الصباح» 





اهرة 

يوشف: يسي : الرحلة الذاكيةء مطايع جاتمة الإمام محمد ين سعوذ 
الاسلامية» الرياض 1313ه. 

3-5- رحلات أجنبية مترجمة الى العربية 

- أبو طالب خحان : رحلة أبي طالب إلى العراق وأوربة؛ ترجمة مصطفى 
جواد» بغداد» مطبعة الإيمان: 1389ه/ 1969م. 

- أبونتي» سلقادور : مسملكة الإمام يحسيى ؛ رحلة في بلاد العسربية 
السعودية: تعريب طه فسوزي. القاهرة؛ مطبسجة السعادة» 
9م / 1947م. 

- إرفنج» واشنجتن قصص الحمراء؛ ترجمة إبراهيم الأبياري؛ القاهرة» 
دار المعارف (د.ت). 

- إسحاق الأقدم أو اليهودي المتجول : رحلاته» عريها بتصرف عبده 
الشامي» القاهرة» مطبعة الشباب (د.ت). 

- إيشاء هريك سنوات في اليمن وحضر موت؛ ترجمة خيري حماد. 
بيرؤت» دار الطليعةء 1382ه/ 1962م 

-بكتعهام؛ جميس : رحلتي إلى السراق» ترجسمة سليم طه التكريتي؛ 
بغداد» دار البصريء 1969 . 

- بلاروين» روجيه : في بلاد العراة؛ ترجمة مختار الجوهري. القاهرة؛ 
دار الجوهري للنشرء د.ت (المكتبة الصحفية) . 








516 


- بلنت» آن : رحلة إلى بلاد نجدء ترجمة محمد أنعم غالب. الرياض» 
دار اليمامق» 1389ه/ 1967م 

- بوركهارت؛ جون لويس : رحلاته في بلاد النوبة والسودان» ترجمة فؤاد 
أندراوس . القاهرة» مطبعة المعرفة» د. 





* رحلاته في بلاد سورية الجنوبية؛ ترجمة أنور عرقات. .. المطبعة 
الأردنية, 1969 

- بولو» ماركو : رحلاته ترجمة عبد العزيز توفيق جاويد. القاهرة» 
الهيئة المصرية العامة للكتاب» 1977 





ديتع ولقزيد : قوق الرمال العربية؛ عربه بتصرف محمد محمد عبد 
القادر . القاهرة» القومية. 
- ثرولد» اوبير : سياحة الهند؛ ترجمة ابراهيم أفندي مصطفى . بولاق 


65م 
- تيمودري» قسسطنطين : بين مصر وفلسطين؛ مطبعة بيت المندس 
28 1 


- جوليان؛ الأب ميخائيل اليسوعي (كان حا قبل 1884) : سياحة حديثة 
في بلاد الصعيد السفلي؛ بيروت 1884 . 
- الحاج 0 : لاف الت ةوس لوكي وا 





- دوماس» الكسندر : الرحة الكاا 
الاسكندرية 1892 . 

- دي نرشال» جيرار : رحلة إلى الشرق؛ ترجمة كوثر عبد السلام 
البحيري. القاهرة» الدار المصرية للتأليف والترجمة (د.ت). 

تبوتو وإليزابيث مادوكس : مغامرة العمر؛ ترجمة طاهر 





رنية» تعريب عفيفة الدمشقية» 








517 


عبد الرحيم. القاهرة» دار الكرنك للنشر والطبع والشوزيع» 
- ديولافوا : رحلة مدام ديولافوا إلى كلدة - العراق سنة 1881/ 1299ه» ' 
عربها علي البصري . بغداد» مطبعة أسعد 1377ج/ 1958م. 
- الربى بنيامين بن يونة التطيلي النباري الأندلسي (569-561ه/ 1165- 
3 :رحلة بنيامين» ترجمة عزرا حداد. بغداد» المطبعة الشرقية» 
14م 1945م. 
- ريج» كلودنوس جيمس : رحلة ريج في العراق عام 1820 ترجمة بهاء 
الدين نوري . بغداد» مطبعة السكك الحذيدية: 1956 . 
- رفايج» ستيان : ماجلان قاهر البحارء القاهرة» دار الهلال»؛ 
1 
- سلامش بن كندغي : البنتان في عسجائب الأرض والبلدان. روما 
85 
- سميث» ولتر بيدل : لاب امتوفخافي موسكوء جم ة محمد المعلم: 
القاهرة» مطبعة عيسى البابي الحلبي» 1954,. 
- شريف» حكمت : الفوائد الكبرى في السياحات الصغرى» مترجمة عن 
التركية العثمانية؛ بيروت» المطبعة الأردنية 1325ه:. 
- طافور : رحلة طافور في عالم القرن الخامس عشر الميلادي» ترجمة 
حسن حبشي . القاهرة؛ دار المعارف» 1968 . 
- العرابي» محمود حسني : 89 شهرا في المنفى» ترجمة جمال العرابي . 
القاهرة» دار المستقبل» ط2, 1941. 
فق سال قسني رجه اق 1 عرب ريك كالبل نزي 

تاية البرية, 1305 01908 


















- فيرن» جول : حول العالم في ثمانين يوماء ترجمة فاروق أبوشرا. 
بيروت» مطابع معتوق إخوان» (د.ت). 

- فيرن جون : الرحلة الشتوية في الجهات الثلجية. عربها توفيق دوبريه. 
مطبعة الجامعة بالموسكي 1894 . 

- فرن» يوليوس : الطواف حول الأرض في ثمانين يوما. عربها يوسف بن 
همام (ولد 1859). لبنان» المطبعة العمومية 1898. 

- فرن» يوليوس : الرحلة الجوية في المركبة الهوائية. ريه يوسف 
سركيس الدمشقي (1932-1856) بيروت . مطبعة البسوعيين 1875. 

- كارن» جون : رحلة لبنان في الثلث الأول من القسرن التساسع عشرء 
تعريب رئيف خوري. بيروت» دار المكشوف» 1948 . 

- كاسونء ليونيل : رواد البحارء ترجمة جلال مظهر . القاهرة» دار نهضة 
مصرء 1966. 

- لامنس» الأب هئري : الرحلة السورية في أمريكا الوسطى والجنوبية 
عربها رشيد الشرتوني» بيروت» مطبعة الآباء السوعيين 1903 
(2مج). 
*المذكرات الجغرافية في الأقطارالسورية. . بيروت. مطبعة الآباء 
اليسوعيين (د. ت). 

- المنشئ البغدادي : رحلة المنشئ البغدادي السيد محمد بن السيد أحمد 
الحسيني؛ ترجمة عباس العزاوي. بغداد» طبع شركة التجارة والطباعة» 
7ه 48وام. 

- ناصر خسرو علوي : سفر نامة» ترجمة يحبى الخشاب. القاهرة؛ لجنة 
التأليف والترجمة والنشرء 1945. 

- نيبور رحلعه إلى العراق في القن الشامن عشر» ترجمة محمود حسين 
الأمين . بغداد؛ دار الجمهورية للنشر والطبع؛ 1385ه/ 1965م. 

- هاوء سونياي : في طلب التوابل: تؤجمة محمد عزيز رفعت. القاهرة؛ 
نهضة مصر 1957 











59 


- هايردل؛ ثور : رحلات رع؛ تلخيص ميشيل تكلا. القساهرة؛ دار 
المعارف» 1973 . (اقرأ 362). 


- هيمنج ايلين : مغامرات في إفريقياء ترجمة فاروق خورشيد . القاهرة» 


مكتية مصرء 1956. 

- هيرودوت : هيرودوت في مصرء ترجمة وهيب كامل . القاهرة؛ دار 
المعارف. 1946. 0 0 

- وطسن» إليزابيث ج : قصص الرحالة والكشافين» ترجمة أحمد خاكي 





وإدوارد رياض . القاهرة» مطبعة شركة الإعلانات الشرقية» 1953. 
- ولسن» أندرو : في قلب أفغانستان؛ تعريب عمر الديراوي. بيروت٠‏ 
دار الشمالي (د. ت). 

- وليامس» أ.د : أميركي في البلاد العربية» تعريب عمر أبو النصر. 
بيروت» مكتبة المعارف (د.ت). 





520 


الفهرس 








القسم الأول ٠تجنس‏ الرحلة . 
الفصل الأول ١‏ العا الما ان 








الكتابة في النص الرحلي 
الفصل الأول : عتبات النص الرحلي 
العنوان العلامة السردية 


العصورة 


521 





الفصل الرابع : المبدأ الواقعي .. 
بنية الفضاء والز. 








آليات تلقي الأ. 332 
الفصل الخامس : شعرية النص الرحلي .. اك3 
القسم الثالث ٠:‏ خطاب المتخيل 

الفصل الأول : الحلم 





2 قائمة بأسماء المؤلفات الجماعية 
3-المعاجم والموسوعات . 
4-المجلات والدوريات 
5 ملحق بيبلوغرافي 








522 


صدر فى السلسلة 
















١‏ - الحلقة اللفقودة فى القصة اللصرية اد. سيد حامد النساج 


. فزاد درارة 


ه - روائيات عربية معاصرة .... 
- الببطل فى المسرح الشعرى المعاصر 





٠١‏ - إشكاليات الفراءة وا 
ل -ماددة فى تقر الآذب .. 0 





.. الوتر والعارفون‎ -١ 
 ةدراطملاو -الإنسان بين الغربة‎ ١ 
ملاحظات نا‎ -1 4 
فى القصة العربية‎ -١6 

-نجيب محفوظ - صداقة جيلين 
7 - النقد المسرحى فى مصر 
١‏ -قضابا المسرح المصرى المعاصر . 
14 در افرئسية الوب العرض ٠‏ 
-٠٠‏ الأدب والجنون 














523 


د. رمضان بسطاويسى 
د. رشيد العدانى 
د. صلاح فضل 











المعنى المراوغ . 
8؟- إنساج الدلالة الأدبية 
















































:14- كلاسيكيات السيدما على أبو شادى 
8- من الصمت إلى العمرد . ... إذوار الختراط 
- مدخل إلى ما بعد الحداثة .. ....أحمد حسان 
7- مراجعات فى القصة والرواية . عبد الرحمن أبو عوف 
8 الختطاب المسرحى . أحمد عبد الرازق أبو العلا 
14- قراءات فى ابداعات معاصرة .. محمود عبدالوهاب 
-"٠‏ نقد الشعر العربى من منظور يهودى .... د. محمد نجيب التلاوى 
1"- تقابلات الحداثة د . محمد عبدالمطلب 
1- دعوة يوسف إدريس المسرحية . ابراهيم حمادة 
7" أبحاث مؤتمر أدباء مصر فى الأقاليم . مجموعة من الكعاب 
4 - مدخل الى علم القراءة الأدبية مجدى أحمد توفيق 
ه"- أغنية للاكتمال .. . دراسات فى أدب الفيوم 
"- أساليب السرد فى الرواية العربية . د. صلاح فضل. 
0" - أفق النص الروائى .. . عبد العزيز موافى 
8" - القصة تطورا وتمرداً .... يوسف الشارونى 
4" - الحقول الخضراء ... محمد محمود عبد الرازق 
4٠‏ - السيئما المصرية 1454 . . على أبو شادى 
١‏ - أحزان الشعراء . محمود حثقى كساب 
4 - لسانيات الاختلاف . د. محمد فكرى الجزار 
44 - دراسات فى المسرح المعاصر محمد السيد عيد 
© 4- تقابلات الحداثة ... د. محمد عبدالطلب 
5 - دراسات مؤتمر الأقاليم ٠‏ (الجزء الأول 
4 - دراسات مؤتمر الأقاليم (الجزء الغانى). 





524 


م4 - المخلص والضحيه 








محمود نسيم 
4 - العرض ال مسرحى حمادة ابراهيم 
. 6 - من الصوت الى النص .. مراد عبد الرحمن مبروك 
١ه‏ - الأفلام الممرية . كمال رمزى 





ه- آزمة الشعر 
8ه- من أسالبيب السرد العربى المعاصر 
4- أساليب الشعر, 
وه - تقافة المقاومة 
5 - دراسات فى الدراما والقد 
باه - الحسراك الأدبى ... 
مه - ثورة الأدب . 
9ه - تيار الوعى فى الرواية اللصرية 
٠‏ - آلوان من النقد الفرنسى المعاصر .. 
- قراءة الأدب عبر الثقافات 
9 الأفلام المعرية لعام 45 ... 
1 - تحطيم الشكل - خلق الشكل 
4 - البحث عن طريق جديد 
١6‏ - الثقافة والاعلام . 
+ - رحلة الموت فى أدب نميب محفوظ . 
10 - مقدمة فى نظرية الأدب .... 

8" - ما وراء الواقع 
8- بسر العل 





















. د. عبد الدعم تليمة 











٠‏ - الأفلام المصرية 4/4 كمال رمزى 
- مصر المكان . محمد جبريل 
- بين الفلسفة والأدب .. علي أدهم 
م - هوامش من الأدب والنقد. ... علي أدهم 





525 


حمدى عبد العزيز 


4 المسرح المصرى الحديث 















6 - الاستهلال .. ... ياسين النصير 
- ظلال مضيئة . محمد ابراهيم أبو سنة 
/ال/ا - العراث النقدى .. د. أحمد درويش 
- الخطاب الثقافى للإبداع . رمضان بسطاويسى 
- استراتيجية المكان . مصطفى الضيع 
٠‏ - علم الجمال الأدبى سامى اسماعيل 
- سرادقات من ورق .د. صبرى حافظ 
87 - المأزق العربى ومواجهة التطبيق . محموعة من المؤلفين 
م - أدب الدقهلية . . مجموعة من المؤلفين 
4 - بوابة جبر الخواطر محمد مستجاب 
6م - شفرات النص د. صلاح فضل 
5 - التناص فى شعر السيعينيات ... فاطمة قنديل 
م - فقه الاختلاف . د. محمد فكرى الجزار 


8 - الأفلام الصرية /5 
- بلاغة الكذب ٠‏ 
4٠‏ - العراث والقراءة 
1 - مسيرة الرواية فى مصر 
47 -“الص المشكل . 
4 - الصورة الفنية فى شعر على الجارم.. د. محهد حسن عبد الله 
44> دراسات عربية فى الأدب والفكر د. محمد على الكردى 
46- مدرسة البعث عبد العزيز الدسوقى 
4- تحولات النظرة وبلاغة الانفصا ...عبد العزيز موافى 
/1- شعر الحداثة فى مصر 
4- سايكولوجية الشعر 
4 رواية التحولات الاجعماعية 


. كمال ربزى 














526 


000 ديات الخبرو مي الرواية التريتة مره 
-- تأويل العا 
- الفل_طينيوة والادث القارن. 
10- أنساق القيم. .. 
-٠١ 4‏ الوجدان فى فلسفة سوزان لا 
التجريب فى القصة . 
لغة الشعر الحديت 








عنز الدين المناصرة. 
طلعت رضوان 
.. السيدة جابر خلاف 
هيشم الحاج على 
د. مصطفى رجب 


























































-١7‏ الوعى الخصارى وآساطور التصور اناجى رشوان 
8- كبرياء الرواية . . محمود حنفى كساب 
١٠١9‏ - الرواية والمديه ذ. حسين حمودة 
الحصور والحضور المضاد... عبد الناصر هلال 
- الراوى فى روابات محمد البساطى.... شخات محمد عبد انجيد 
- بلاغة التوصيل وناسيس الد د. ألفت الروبى 
1١‏ -ءروانى من بحرى. . حسنى سيد أبيب 
4 بلاغة السرد . . محمد عبد اللطلب 
6- مسرح صلاح عبد الصبرر- ج١1‏ د. أحمد مجاهد 
- مسرح صلاح عبد الصبور - ح؟ . أحمد مجاهد 
7- وجهة النطر فى روابات الآصوات العربية ... د. محمد نجيب التلارى 
- القصيدةالحد عبد العم عواد يوسف 
- الإبداع والحرية رمضان بسطاويسى 
٠‏ ؟١-‏ أورافٍ ومسافاء . خسن ا جو 
0 الرحلة فى الآدب العربى. د. شعيب حليفى 


527 


للمؤلف 


د. شعيب حليفي من المغرب 
أستاذ محاضر بكلية الآداب والعلوم الإنسانية 
بنمسيك» الدار البيضاء. 
صدرت له : 
اه مساء الشوق (رواية) ط . 1 المغرب» 1992 
(نفذت) 
ه زمن الشاوية (رواية)؛ ط. اء المغرب» 
+وولء ط. 2 القاهرة, 1999 
ه رائحة الجنة (رواية)؛ ط. 1 المغرب» 
نينا 
ه شعرية الرواية الفائتاستيكية (كتاب نقدي)؛ 
ط. اء القاهرة» 1997 
ه الرحلة في الآدب العربي (كتاب نقدي)؛ ط. 
القاهرة 2000